البحث

  • وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ( 80 )

    والله سبحانه جعل لكم من بيوتكم راحة واستقرارًا مع أهلكم,
    وأنتم مقيمون في الحضر,
    وجعل لكم في سفركم خيامًا وقبابًا من جلود الأنعام,
    يَخِفُّ عليكم حِمْلها وقت تَرْحالكم,
    ويخف عليكم نَصْبها وقت إقامتكم بعد التَّرْحال,
    وجعل لكم من أصواف الغنم, وأوبار الإبل, وأشعار المعز أثاثًا لكم
    من أكسية وألبسة وأغطية وفرش وزينة,
    تتمتعون بها إلى أجل مسمَّى ووقت معلوم.

    وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ( 81 )

    والله جعل لكم ما تستظلُّون به من الأشجار وغيرها,
    وجعل لكم في الجبال من المغارات والكهوف أماكن تلجؤون إليها عند الحاجة,
    وجعل لكم ثيابًا من القطن والصوف وغيرهما, تحفظكم من الحر والبرد,
    وجعل لكم من الحديد ما يردُّ عنكم الطعن والأذى في حروبكم,
    كما أنعم الله عليكم بهذه النعم يتمُّ نعمته عليكم ببيان الدين الحق;
    لتستسلموا لأمر الله وحده, ولا تشركوا به شيئًا في عبادته.

    فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ( 82 )

    فإن أعرضوا عنك - أيها الرسول- بعدما رأوا من الآيات فلا تحزن,
    فما عليك إلا البلاغ الواضح لما أُرْسِلْتَ به,
    وأما الهداية فإلينا.

    يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ( 83 )

    يعرف هؤلاء المشركون نعمة الله عليهم بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم,
    ثم يجحدون نبوته,
    وأكثر قومه الجاحدون لنبوته, لا المقرون بها.

    وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ( 84 )

    واذكر لهم - أيها الرسول- ما يكون يوم القيامة,
    حين نبعث من كل أمة رسولها شاهدًا على إيمان من آمن منها,
    وكُفْر مَن كَفَر,
    ثم لا يُؤذن للذين كفروا بالاعتذار عما وقع منهم,
    ولا يُطْلب منهم إرضاءُ ربهم بالتوبة والعمل الصالح,
    فقد مضى أوان ذلك.

    وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ ( 85 )

    وإذا شاهد الذين كفروا عذاب الله في الآخرة فلا يخفف عنهم منه شيء,
    ولا يُمْهلون, ولا يؤخر عذابهم.

    وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ( 86 )

    وإذا أبصر المشركون يوم القيامة آلهتهم التي عبدوها مع الله,
    قالوا: ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا نعبدهم مِن دونك,
    فنطقَتِ الآلهة بتكذيب مَن عبدوها,
    وقالت: إنكم - أيها المشركون- لَكاذبون,
    حين جعلتمونا شركاء لله وعبدتمونا معه,
    فلم نأمركم بذلك,
    ولا زعمنا أننا مستحقون للألوهية,
    فاللوم عليكم.

    وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ( 87 )

    وأظهر المشركون الاستسلام والخضوع لله يوم القيامة,
    وغاب عنهم ما كانوا يختلقونه من الأكاذيب,
    وأن آلهتهم تشفع لهم.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ( 80 ) والله سبحانه جعل لكم من بيوتكم راحة واستقرارًا مع أهلكم, وأنتم مقيمون في الحضر, وجعل لكم في سفركم خيامًا وقبابًا من جلود الأنعام, يَخِفُّ عليكم حِمْلها وقت تَرْحالكم, ويخف عليكم نَصْبها وقت إقامتكم بعد التَّرْحال, وجعل لكم من أصواف الغنم, وأوبار الإبل, وأشعار المعز أثاثًا لكم من أكسية وألبسة وأغطية وفرش وزينة, تتمتعون بها إلى أجل مسمَّى ووقت معلوم. وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ( 81 ) والله جعل لكم ما تستظلُّون به من الأشجار وغيرها, وجعل لكم في الجبال من المغارات والكهوف أماكن تلجؤون إليها عند الحاجة, وجعل لكم ثيابًا من القطن والصوف وغيرهما, تحفظكم من الحر والبرد, وجعل لكم من الحديد ما يردُّ عنكم الطعن والأذى في حروبكم, كما أنعم الله عليكم بهذه النعم يتمُّ نعمته عليكم ببيان الدين الحق; لتستسلموا لأمر الله وحده, ولا تشركوا به شيئًا في عبادته. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ( 82 ) فإن أعرضوا عنك - أيها الرسول- بعدما رأوا من الآيات فلا تحزن, فما عليك إلا البلاغ الواضح لما أُرْسِلْتَ به, وأما الهداية فإلينا. يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ( 83 ) يعرف هؤلاء المشركون نعمة الله عليهم بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم, ثم يجحدون نبوته, وأكثر قومه الجاحدون لنبوته, لا المقرون بها. وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ( 84 ) واذكر لهم - أيها الرسول- ما يكون يوم القيامة, حين نبعث من كل أمة رسولها شاهدًا على إيمان من آمن منها, وكُفْر مَن كَفَر, ثم لا يُؤذن للذين كفروا بالاعتذار عما وقع منهم, ولا يُطْلب منهم إرضاءُ ربهم بالتوبة والعمل الصالح, فقد مضى أوان ذلك. وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ ( 85 ) وإذا شاهد الذين كفروا عذاب الله في الآخرة فلا يخفف عنهم منه شيء, ولا يُمْهلون, ولا يؤخر عذابهم. وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ( 86 ) وإذا أبصر المشركون يوم القيامة آلهتهم التي عبدوها مع الله, قالوا: ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا نعبدهم مِن دونك, فنطقَتِ الآلهة بتكذيب مَن عبدوها, وقالت: إنكم - أيها المشركون- لَكاذبون, حين جعلتمونا شركاء لله وعبدتمونا معه, فلم نأمركم بذلك, ولا زعمنا أننا مستحقون للألوهية, فاللوم عليكم. وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ( 87 ) وأظهر المشركون الاستسلام والخضوع لله يوم القيامة, وغاب عنهم ما كانوا يختلقونه من الأكاذيب, وأن آلهتهم تشفع لهم. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلا يَسْتَطِيعُونَ ( 73 )

    ويعبد المشركون أصنامًا لا تملك أن تعطيهم شيئًا من الرزق من السماء كالمطر,
    ولا من الأرض كالزرع,
    فهم لا يملكون شيئًا,
    ولا يتأتى منهم أن يملكوه; لأنهم لا يقدرون.

    فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ( 74 )

    وإذا عَلِمتم أن الأصنام والأوثان لا تنفع,
    فلا تجعلوا - أيها الناس- لله أشباهًا مماثلين له مِن خَلْقه تشركونهم معه في العبادة.
    إن الله يعلم ما تفعلون,
    وأنتم غافلون لا تعلمون خطأكم وسوء عاقبتكم.

    ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ( 75 )

    ضرب الله مثلا بيَّن فيه فساد عقيدة أهل الشرك:
    رجلا مملوكًا عاجزًا عن التصرف لا يملك شيئًا,
    ورجلا آخر حرًا, له مال حلال رزَقَه الله به,
    يملك التصرف فيه, ويعطي منه في الخفاء والعلن،
    فهل يقول عاقل بالتساوي بين الرجلين؟
    فكذلك الله الخالق المالك المتصرف لا يستوي مع خلقه وعبيده,
    فكيف تُسَوُّون بينهما؟
    الحمد لله وحده,
    فهو المستحق للحمد والثناء,
    بل أكثر المشركين لا يعلمون أن الحمد والنعمة لله,
    وأنه وحده المستحق للعبادة.

    وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 76 )

    وضرب الله مثلا آخر لبطلان الشرك رجلين:
    أحدهما أخرس أصم لا يَفْهَم ولا يُفْهِم,
    لا يقدر على منفعة نفسه أو غيره,
    وهو عبء ثقيل على مَن يَلي أمره ويعوله,
    إذا أرسله لأمر يقضيه لا ينجح,
    ولا يعود عليه بخير,
    ورجل آخر سليم الحواس, ينفع نفسه وغيره,
    يأمر بالإنصاف, وهو على طريق واضح لا عوج فيه,
    فهل يستوي الرجلان في نظر العقلاء؟
    فكيف تُسَوُّون بين الصنم الأبكم الأصمِّ وبين الله القادر المنعم بكل خير؟

    وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 77 )

    ولله سبحانه وتعالى عِلْمُ ما غاب في السموات والأرض,
    وما شأن القيامة في سرعة مجيئها إلا كنظرة سريعة بالبصر,
    بل هو أسرع من ذلك.
    إن الله على كل شيء قدير.

    وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 78 )

    والله سبحانه وتعالى أخرجكم مِن بطون أمهاتكم بعد مدة الحمل,
    لا تدركون شيئًا مما حولكم,
    وجعل لكم وسائل الإدراك من السمع والبصر والقلوب;
    لعلكم تشكرون لله تعالى على تلك النعم,
    وتفردونه عز وجل بالعبادة.

    أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( 79 )

    ألم ينظر المشركون إلى الطير مذللات للطيران في الهواء بين السماء والأرض بأمر الله؟
    ما يمسكهن عن الوقوع إلا هو سبحانه بما خَلَقه لها, وأقدرها عليه.
    إن في ذلك التذليل والإمساك لَدلالات لقوم يؤمنون بما يرونه من الأدلة على قدرة الله.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلا يَسْتَطِيعُونَ ( 73 ) ويعبد المشركون أصنامًا لا تملك أن تعطيهم شيئًا من الرزق من السماء كالمطر, ولا من الأرض كالزرع, فهم لا يملكون شيئًا, ولا يتأتى منهم أن يملكوه; لأنهم لا يقدرون. فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ( 74 ) وإذا عَلِمتم أن الأصنام والأوثان لا تنفع, فلا تجعلوا - أيها الناس- لله أشباهًا مماثلين له مِن خَلْقه تشركونهم معه في العبادة. إن الله يعلم ما تفعلون, وأنتم غافلون لا تعلمون خطأكم وسوء عاقبتكم. ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ( 75 ) ضرب الله مثلا بيَّن فيه فساد عقيدة أهل الشرك: رجلا مملوكًا عاجزًا عن التصرف لا يملك شيئًا, ورجلا آخر حرًا, له مال حلال رزَقَه الله به, يملك التصرف فيه, ويعطي منه في الخفاء والعلن، فهل يقول عاقل بالتساوي بين الرجلين؟ فكذلك الله الخالق المالك المتصرف لا يستوي مع خلقه وعبيده, فكيف تُسَوُّون بينهما؟ الحمد لله وحده, فهو المستحق للحمد والثناء, بل أكثر المشركين لا يعلمون أن الحمد والنعمة لله, وأنه وحده المستحق للعبادة. وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 76 ) وضرب الله مثلا آخر لبطلان الشرك رجلين: أحدهما أخرس أصم لا يَفْهَم ولا يُفْهِم, لا يقدر على منفعة نفسه أو غيره, وهو عبء ثقيل على مَن يَلي أمره ويعوله, إذا أرسله لأمر يقضيه لا ينجح, ولا يعود عليه بخير, ورجل آخر سليم الحواس, ينفع نفسه وغيره, يأمر بالإنصاف, وهو على طريق واضح لا عوج فيه, فهل يستوي الرجلان في نظر العقلاء؟ فكيف تُسَوُّون بين الصنم الأبكم الأصمِّ وبين الله القادر المنعم بكل خير؟ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 77 ) ولله سبحانه وتعالى عِلْمُ ما غاب في السموات والأرض, وما شأن القيامة في سرعة مجيئها إلا كنظرة سريعة بالبصر, بل هو أسرع من ذلك. إن الله على كل شيء قدير. وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 78 ) والله سبحانه وتعالى أخرجكم مِن بطون أمهاتكم بعد مدة الحمل, لا تدركون شيئًا مما حولكم, وجعل لكم وسائل الإدراك من السمع والبصر والقلوب; لعلكم تشكرون لله تعالى على تلك النعم, وتفردونه عز وجل بالعبادة. أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( 79 ) ألم ينظر المشركون إلى الطير مذللات للطيران في الهواء بين السماء والأرض بأمر الله؟ ما يمسكهن عن الوقوع إلا هو سبحانه بما خَلَقه لها, وأقدرها عليه. إن في ذلك التذليل والإمساك لَدلالات لقوم يؤمنون بما يرونه من الأدلة على قدرة الله. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • #غريب_الألفاظ
    66- { نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ } ذهب إلى النَّعَم. والنّعم تؤنث وتذكر.
    و (الْفَرْثُ) ما في الكَرِش.
    وقوله: { مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا } لأن اللبن كان طعامًا فخلص من ذلك الطعام دم، وبقي منه فَرْثٌ في الكرش، وخلص من الدم لبن.
    { سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ } أي: سهلا في الشراب لا يَشْجَى به شاربه ولا يَغَصّ.

    67- { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا } أي: خمرًا. ونزل هذا قبل تحريم الخمر.
    { وَرِزْقًا حَسَنًا } يعني: التمر والزبيب.
    وقال أبو عبيدة: السَّكَرُ: الطُّعم. ولست أعرف هذا في التفسير.
    وقد فصل الله عز وجل بين (سَكَرا) و(رزقا حسنا)، لأن المسكرات ليست من الرزق الحسن.

    68- { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ } [أي: ألهمها. وقيل:] سخَّرها.
    { وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } كل شيء عُرِشَ من كَرْم أو نبات أو سقف: فهو عَرْش ومَعْرُوش.
    { ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ } أي: من الثمرات.
    وكلّ هاهنا ليس على العموم.
    ومثل هذا قوله تعالى: { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا }.

    69- { فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا } أي: منقادة بالتَّسْخِير. وذُلُل: جمع ذَلُول.

    70- { وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ } وهو الهَرَم؛ لأن الهرم أسوأ العمر وشرّه.
    { لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا } أي: حتى لا يعلم بعد علمه بالأمور شيئا لشدة هرمه.

    71- { وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ } يعني: فضّل السادة على المماليك.
    { فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا } يعني: السادة.
    { بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ } أي: لا يجعلون أموالهم لعبيدهم حتى يكونوا والعبيد فيها سواء.
    وهذا مَثَل ضربه الله لمن جعل له شركاء من خلقه.

    72- { بَنِينَ وَحَفَدَةً } الحفدة: الخدم والأعوان.
    ويقال: هم بنون وخدم.
    ويقال: الحفدة الأصهار.
    وأصل الحَفْد: مُدَارَكَةُ الخطو والإسراع في المشي.
    وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة.
    ومنه يقال في دعاء الوِتْر: وإليك نَسْعَى ونَحْفِد.
    .
    #غريب_الألفاظ 66- { نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ } ذهب إلى النَّعَم. والنّعم تؤنث وتذكر. و (الْفَرْثُ) ما في الكَرِش. وقوله: { مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا } لأن اللبن كان طعامًا فخلص من ذلك الطعام دم، وبقي منه فَرْثٌ في الكرش، وخلص من الدم لبن. { سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ } أي: سهلا في الشراب لا يَشْجَى به شاربه ولا يَغَصّ. 67- { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا } أي: خمرًا. ونزل هذا قبل تحريم الخمر. { وَرِزْقًا حَسَنًا } يعني: التمر والزبيب. وقال أبو عبيدة: السَّكَرُ: الطُّعم. ولست أعرف هذا في التفسير. وقد فصل الله عز وجل بين (سَكَرا) و(رزقا حسنا)، لأن المسكرات ليست من الرزق الحسن. 68- { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ } [أي: ألهمها. وقيل:] سخَّرها. { وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } كل شيء عُرِشَ من كَرْم أو نبات أو سقف: فهو عَرْش ومَعْرُوش. { ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ } أي: من الثمرات. وكلّ هاهنا ليس على العموم. ومثل هذا قوله تعالى: { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا }. 69- { فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا } أي: منقادة بالتَّسْخِير. وذُلُل: جمع ذَلُول. 70- { وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ } وهو الهَرَم؛ لأن الهرم أسوأ العمر وشرّه. { لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا } أي: حتى لا يعلم بعد علمه بالأمور شيئا لشدة هرمه. 71- { وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ } يعني: فضّل السادة على المماليك. { فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا } يعني: السادة. { بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ } أي: لا يجعلون أموالهم لعبيدهم حتى يكونوا والعبيد فيها سواء. وهذا مَثَل ضربه الله لمن جعل له شركاء من خلقه. 72- { بَنِينَ وَحَفَدَةً } الحفدة: الخدم والأعوان. ويقال: هم بنون وخدم. ويقال: الحفدة الأصهار. وأصل الحَفْد: مُدَارَكَةُ الخطو والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه يقال في دعاء الوِتْر: وإليك نَسْعَى ونَحْفِد. .
    0
  • وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ( 65 )

    والله أنزل من السحاب مطرًا,
    فأخرج به النبات من الأرض بعد أن كانت قاحلة يابسة,
    إن في إنزال المطر وإنبات النبات لَدليلا على قدرة الله على البعث وعلى الوحدانية,
    لقوم يسمعون, ويتدبرون, ويطيعون الله, ويتقونه.

    وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ( 66 )

    وإن لكم - أيها الناس- في الأنعام
    - وهي الإبل والبقر والغنم- لَعظة,
    فقد شاهدتم أننا نسقيكم من ضروعها لبنًا خارجًا من بين فَرْث - وهو ما في الكَرِش-
    وبين دم خالصًا من كل الشوائب,
    لذيذًا لا يَغَصُّ به مَن شَرِبَه.

    وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( 67 )

    ومِن نِعَمنا عليكم ما تأخذونه من ثمرات النخيل والأعناب,
    فتجعلونه خمرًا مُسْكِرًا - وهذا قبل تحريمها- وطعامًا طيبًا.
    إن فيما ذكر لَدليلا على قدرة الله لِقومٍ يعقلون البراهين فيعتبرون بها.

    وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ( 68 )

    وألْهَمَ ربك - أيها النبي- النحل
    بأن اجعلي لك بيوتًا في الجبال, وفي الشجر,
    وفيما يبني الناس من البيوت والسُّقُف.

    ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ( 69 )

    ثم كُلي مِن كل ثمرة تشتهينها,
    فاسلكي طرق ربك مذللة لك;
    لطلب الرزق في الجبال وخلال الشجر,
    وقد جعلها سهلة عليكِ,
    لا تضلي في العَوْد إليها وإن بَعُدَتْ.
    يخرج من بطون النحل عسل مختلف الألوان مِن بياض وصفرة وحمرة وغير ذلك,
    فيه شفاء للناس من الأمراض.
    إن فيما يصنعه النحل لَدلالة قوية على قدرة خالقها لقوم يتفكرون, فيعتبرون.

    وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ( 70 )

    والله سجانه وتعالى خلقكم ثم يميتكم في نهاية أعماركم,
    ومنكم مَن يصير إلى أردأ العمر وهو الهرم,
    كما كان في طفولته لا يعلم شيئًا مما كان يعلمه,
    إن الله عليم قدير,
    أحاط علمه وقدرته بكل شيء,
    فالله الذي ردَّ الإنسان إلى هذه الحالة قادر على أن يميته, ثم يبعثه.

    وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ( 71 )

    والله فَضَّل بعضكم على بعض فيما أعطاكم في الدنيا من الرزق,
    فمنكم غني ومنكم فقير,
    ومنكم مالك ومنكم مملوك,
    فلا يعطي المالكون مملوكيهم مما أعطاهم الله ما يصيرون به شركاء لهم متساوين معهم في المال,
    فإذا لم يرضوا بذلك لأنفسهم,
    فلماذا رضوا أن يجعلوا لله شركاء من عبيده؟
    إن هذا لَمن أعظم الظلم والجحود لِنعم الله عز وجل.

    وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ( 72 )

    والله سبحانه جعل مِن جنسكم أزواجا;
    لتستريح نفوسكم معهن,
    وجعل لكم منهن الأبناء ومِن نسلهنَّ الأحفاد,
    ورزقكم من الأطعمة الطيبة من الثمار والحبوب واللحوم وغير ذلك.
    أفبالباطل من ألوهية شركائهم يؤمنون,
    وبنعم الله التي لا تحصى يجحدون,
    ولا يشكرون له بإفراده جل وعلا بالعبادة؟
    .
    التفسير المُيَسَّر
    وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ( 65 ) والله أنزل من السحاب مطرًا, فأخرج به النبات من الأرض بعد أن كانت قاحلة يابسة, إن في إنزال المطر وإنبات النبات لَدليلا على قدرة الله على البعث وعلى الوحدانية, لقوم يسمعون, ويتدبرون, ويطيعون الله, ويتقونه. وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ( 66 ) وإن لكم - أيها الناس- في الأنعام - وهي الإبل والبقر والغنم- لَعظة, فقد شاهدتم أننا نسقيكم من ضروعها لبنًا خارجًا من بين فَرْث - وهو ما في الكَرِش- وبين دم خالصًا من كل الشوائب, لذيذًا لا يَغَصُّ به مَن شَرِبَه. وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( 67 ) ومِن نِعَمنا عليكم ما تأخذونه من ثمرات النخيل والأعناب, فتجعلونه خمرًا مُسْكِرًا - وهذا قبل تحريمها- وطعامًا طيبًا. إن فيما ذكر لَدليلا على قدرة الله لِقومٍ يعقلون البراهين فيعتبرون بها. وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ( 68 ) وألْهَمَ ربك - أيها النبي- النحل بأن اجعلي لك بيوتًا في الجبال, وفي الشجر, وفيما يبني الناس من البيوت والسُّقُف. ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ( 69 ) ثم كُلي مِن كل ثمرة تشتهينها, فاسلكي طرق ربك مذللة لك; لطلب الرزق في الجبال وخلال الشجر, وقد جعلها سهلة عليكِ, لا تضلي في العَوْد إليها وإن بَعُدَتْ. يخرج من بطون النحل عسل مختلف الألوان مِن بياض وصفرة وحمرة وغير ذلك, فيه شفاء للناس من الأمراض. إن فيما يصنعه النحل لَدلالة قوية على قدرة خالقها لقوم يتفكرون, فيعتبرون. وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ( 70 ) والله سجانه وتعالى خلقكم ثم يميتكم في نهاية أعماركم, ومنكم مَن يصير إلى أردأ العمر وهو الهرم, كما كان في طفولته لا يعلم شيئًا مما كان يعلمه, إن الله عليم قدير, أحاط علمه وقدرته بكل شيء, فالله الذي ردَّ الإنسان إلى هذه الحالة قادر على أن يميته, ثم يبعثه. وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ( 71 ) والله فَضَّل بعضكم على بعض فيما أعطاكم في الدنيا من الرزق, فمنكم غني ومنكم فقير, ومنكم مالك ومنكم مملوك, فلا يعطي المالكون مملوكيهم مما أعطاهم الله ما يصيرون به شركاء لهم متساوين معهم في المال, فإذا لم يرضوا بذلك لأنفسهم, فلماذا رضوا أن يجعلوا لله شركاء من عبيده؟ إن هذا لَمن أعظم الظلم والجحود لِنعم الله عز وجل. وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ( 72 ) والله سبحانه جعل مِن جنسكم أزواجا; لتستريح نفوسكم معهن, وجعل لكم منهن الأبناء ومِن نسلهنَّ الأحفاد, ورزقكم من الأطعمة الطيبة من الثمار والحبوب واللحوم وغير ذلك. أفبالباطل من ألوهية شركائهم يؤمنون, وبنعم الله التي لا تحصى يجحدون, ولا يشكرون له بإفراده جل وعلا بالعبادة؟ . التفسير المُيَسَّر
    0
  • لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ( 55 )

    ليجحدوا نعمنا عليهم,
    ومنها كَشْفُ البلاء عنهم,
    فاستمتعوا بدنياكم,
    ومصيرها إلى الزوال,
    فسوف تعلمون عاقبة كفركم وعصيانكم.

    وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ( 56 )

    ومِن قبيح أعمالهم أنهم يجعلون للأصنام التي اتخذوها آلهة,
    وهي لا تعلم شيئًا ولا تنفع ولا تضر,
    جزءًا من أموالهم التي رزقهم الله بها تقربًا إليها.
    تالله لتسألُنَّ يوم القيامة عما كنتم تختلقونه من الكذب على الله.

    وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ( 57 )

    ويجعل الكفار لله البنات,
    فيقولون: الملائكة بنات الله,
    تنزَّه الله عن قولهم,
    ويجعلون لأنفسهم ما يحبون من البنين.

    وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( 58 )

    وإذا جاء مَن يخبر أحدهم بولادة أنثى اسودَّ وجهه;
    كراهية لما سمع,
    وامتلأ غمًّا وحزنًا.

    يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ( 59 )

    يستخفي مِن قومه كراهة أن يلقاهم متلبسًا بما ساءه من الحزن والعار؛
    بسبب البنت التي وُلِدت له,
    ومتحيرًا في أمر هذه المولودة: أيبقيها حية على ذلٍّ وهوان,
    أم يدفنها حية في التراب؟
    ألا بئس الحكم الذي حكموه مِن جَعْل البنات لله والذكور لهم.

    لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 60 )

    للذين لا يؤمنون بالآخرة ولا يعملون لها,
    الصفة القبيحة من العجز والحاجة والجهل والكفر,
    ولله الصفات العليا من الكمال والاستغناء عن خلقه,
    وهو العزيز في ملكه, الحكيم في تدبيره.

    وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ( 61 )

    ولو يؤاخذ الله الناس بكفرهم وافترائهم ما ترك على الأرض مَن يتحرَّك,
    ولكن يبقيهم إلى وقت محدد هو نهاية آجالهم,
    فإذا جاء أجلهم لا يتأخرون عنه وقتًا يسيرًا, ولا يتقدمون.

    وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ ( 62 )

    ومن قبائحهم: أنهم يجعلون لله ما يكرهونه لأنفسهم من البنات,
    وتقول ألسنتهم كذبًا: إن لهم حسن العاقبة,
    حقًا أن لهم النار, وأنهم فيها مَتْروكون مَنْسيون.

    تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 63 )

    تالله لقد أرسلنا رسلا إلى أمم مِن قبلك - أيها الرسول-
    فحسَّن لهم الشيطان ما عملوه من الكفر والتكذيب وعبادة غير الله,
    فهو متولٍّ إغواءهم في الدنيا,
    ولهم في الآخرة عذاب أليم موجع.

    وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( 64 )

    وما أنزلنا عليك القرآن - أيها الرسول-
    إلا لتوضح للناس ما اختلفوا فيه من الدين والأحكام;
    لتقوم الحجة عليهم ببيانك ورشدًا ورحمة لقوم يؤمنون.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ( 55 ) ليجحدوا نعمنا عليهم, ومنها كَشْفُ البلاء عنهم, فاستمتعوا بدنياكم, ومصيرها إلى الزوال, فسوف تعلمون عاقبة كفركم وعصيانكم. وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ( 56 ) ومِن قبيح أعمالهم أنهم يجعلون للأصنام التي اتخذوها آلهة, وهي لا تعلم شيئًا ولا تنفع ولا تضر, جزءًا من أموالهم التي رزقهم الله بها تقربًا إليها. تالله لتسألُنَّ يوم القيامة عما كنتم تختلقونه من الكذب على الله. وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ( 57 ) ويجعل الكفار لله البنات, فيقولون: الملائكة بنات الله, تنزَّه الله عن قولهم, ويجعلون لأنفسهم ما يحبون من البنين. وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( 58 ) وإذا جاء مَن يخبر أحدهم بولادة أنثى اسودَّ وجهه; كراهية لما سمع, وامتلأ غمًّا وحزنًا. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ( 59 ) يستخفي مِن قومه كراهة أن يلقاهم متلبسًا بما ساءه من الحزن والعار؛ بسبب البنت التي وُلِدت له, ومتحيرًا في أمر هذه المولودة: أيبقيها حية على ذلٍّ وهوان, أم يدفنها حية في التراب؟ ألا بئس الحكم الذي حكموه مِن جَعْل البنات لله والذكور لهم. لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 60 ) للذين لا يؤمنون بالآخرة ولا يعملون لها, الصفة القبيحة من العجز والحاجة والجهل والكفر, ولله الصفات العليا من الكمال والاستغناء عن خلقه, وهو العزيز في ملكه, الحكيم في تدبيره. وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ( 61 ) ولو يؤاخذ الله الناس بكفرهم وافترائهم ما ترك على الأرض مَن يتحرَّك, ولكن يبقيهم إلى وقت محدد هو نهاية آجالهم, فإذا جاء أجلهم لا يتأخرون عنه وقتًا يسيرًا, ولا يتقدمون. وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ ( 62 ) ومن قبائحهم: أنهم يجعلون لله ما يكرهونه لأنفسهم من البنات, وتقول ألسنتهم كذبًا: إن لهم حسن العاقبة, حقًا أن لهم النار, وأنهم فيها مَتْروكون مَنْسيون. تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 63 ) تالله لقد أرسلنا رسلا إلى أمم مِن قبلك - أيها الرسول- فحسَّن لهم الشيطان ما عملوه من الكفر والتكذيب وعبادة غير الله, فهو متولٍّ إغواءهم في الدنيا, ولهم في الآخرة عذاب أليم موجع. وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( 64 ) وما أنزلنا عليك القرآن - أيها الرسول- إلا لتوضح للناس ما اختلفوا فيه من الدين والأحكام; لتقوم الحجة عليهم ببيانك ورشدًا ورحمة لقوم يؤمنون. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ( 43 )

    وما أرسلنا في السابقين قبلك - أيها الرسول-
    إلا رسلا من الرجال لا من الملائكة, نوحي إليهم,
    وإن كنتم - يا مشركي قريش- لا تصدقون بذلك فاسألوا أهل الكتب السابقة,
    يخبروكم أن الأنبياء كانوا بشرًا,
    إن كنتم لا تعلمون أنهم بشر.
    والآية عامة في كل مسألة من مسائل الدين,
    إذا لم يكن عند الإنسان علم منها أن يسأل من يعلمها من العلماء الراسخين في العلم.

    بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( 44 )

    وأَرْسَلْنا الرسل السابقين بالدلائل الواضحة وبالكتب السماوية,
    وأنزلنا إليك - أيها الرسول- القرآن;
    لتوضح للناس ما خفي مِن معانيه وأحكامه,
    ولكي يتدبروه ويهتدوا به.

    أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ( 45 ) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ( 46 ) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ( 47 )

    أفأمن الكفار المدبِّرون للمكايد أن يخسف الله بهم الأرض كما فعل بقارون,
    أو يأتيهم العذاب من مكان لا يُحِسُّونه ولا يتوقعونه,
    أو يأخذهم العذاب, وهم يتقلبون في أسفارهم وتصرفهم؟
    فما هم بسابقين الله ولا فائتيه ولا ناجين من عذابه;
    لأنه القوي الذي لا يعجزه شيء,
    أو يأخذهم الله بنقص من الأموال والأنفس والثمرات،
    أو في حال خوفهم من أخذه لهم,
    فإن ربكم لرؤوف بخلقه, رحيم بهم.

    أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ( 48 )

    أَعَمِيَ هؤلاء الكفار,
    فلم ينظروا إلى ما خلق الله من شيء له ظل, كالجبال والأشجار,
    تميل ظلالها تارة يمينًا وتارة شمالا تبعًا لحركة الشمس نهارًا والقمر ليلا
    كلها خاضعة لعظمة ربها وجلاله,
    وهي تحت تسخيره وتدبيره وقهره؟

    وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ( 49 )

    ولله وحده يسجد كل ما في السموات وما في الأرض مِن دابة,
    والملائكة يسجدون لله,
    وهم لا يستكبرون عن عبادته.
    وخصَّهم بالذكر بعد العموم لفَضْلهم وشرفهم وكثرة عبادتهم.

    يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ( 50 )

    يخاف الملائكة ربهم الذي هو فوقهم بالذات والقهر وكمال الصفات,
    ويفعلون ما يُؤْمرون به من طاعة الله.
    وفي الآية: إثبات صفة العلو والفوقية لله على جميع خلقه,
    كما يليق بجلاله وكماله.

    وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ( 51 )

    وقال الله لعباده:
    لا تعبدوا إلهين اثنين,
    إنما معبودكم إله واحد,
    فخافوني دون سواي.

    وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ ( 52 )

    ولله كل ما في السموات والأرض خلقًا وملكًا وعبيدًا,
    وله وحده العبادة والطاعة والإخلاص دائمًا,
    أيليق بكم أن تخافوا غير الله وتعبدوه؟

    وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ( 53 )
    وما بكم مِن نعمةِ هدايةٍ, أو صحة جسم, وسَعَة رزقٍ وولد, وغير ذلك, فمِنَ الله وحده, فهو المُنْعِم بها عليكم, ثم إذا نزل بكم السقم والبلاء والقحط فإلى الله وحده تَضِجُّون بالدعاء .

    ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ( 54 )
    ثم إذا كشف عنكم البلاء والسقم, إذا جماعة منكم بربهم المُنْعِم عليهم بالنجاة يتخذون معه الشركاء والأولياء.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ( 43 ) وما أرسلنا في السابقين قبلك - أيها الرسول- إلا رسلا من الرجال لا من الملائكة, نوحي إليهم, وإن كنتم - يا مشركي قريش- لا تصدقون بذلك فاسألوا أهل الكتب السابقة, يخبروكم أن الأنبياء كانوا بشرًا, إن كنتم لا تعلمون أنهم بشر. والآية عامة في كل مسألة من مسائل الدين, إذا لم يكن عند الإنسان علم منها أن يسأل من يعلمها من العلماء الراسخين في العلم. بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( 44 ) وأَرْسَلْنا الرسل السابقين بالدلائل الواضحة وبالكتب السماوية, وأنزلنا إليك - أيها الرسول- القرآن; لتوضح للناس ما خفي مِن معانيه وأحكامه, ولكي يتدبروه ويهتدوا به. أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ( 45 ) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ( 46 ) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ( 47 ) أفأمن الكفار المدبِّرون للمكايد أن يخسف الله بهم الأرض كما فعل بقارون, أو يأتيهم العذاب من مكان لا يُحِسُّونه ولا يتوقعونه, أو يأخذهم العذاب, وهم يتقلبون في أسفارهم وتصرفهم؟ فما هم بسابقين الله ولا فائتيه ولا ناجين من عذابه; لأنه القوي الذي لا يعجزه شيء, أو يأخذهم الله بنقص من الأموال والأنفس والثمرات، أو في حال خوفهم من أخذه لهم, فإن ربكم لرؤوف بخلقه, رحيم بهم. أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ( 48 ) أَعَمِيَ هؤلاء الكفار, فلم ينظروا إلى ما خلق الله من شيء له ظل, كالجبال والأشجار, تميل ظلالها تارة يمينًا وتارة شمالا تبعًا لحركة الشمس نهارًا والقمر ليلا كلها خاضعة لعظمة ربها وجلاله, وهي تحت تسخيره وتدبيره وقهره؟ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ( 49 ) ولله وحده يسجد كل ما في السموات وما في الأرض مِن دابة, والملائكة يسجدون لله, وهم لا يستكبرون عن عبادته. وخصَّهم بالذكر بعد العموم لفَضْلهم وشرفهم وكثرة عبادتهم. يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ( 50 ) يخاف الملائكة ربهم الذي هو فوقهم بالذات والقهر وكمال الصفات, ويفعلون ما يُؤْمرون به من طاعة الله. وفي الآية: إثبات صفة العلو والفوقية لله على جميع خلقه, كما يليق بجلاله وكماله. وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ( 51 ) وقال الله لعباده: لا تعبدوا إلهين اثنين, إنما معبودكم إله واحد, فخافوني دون سواي. وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ ( 52 ) ولله كل ما في السموات والأرض خلقًا وملكًا وعبيدًا, وله وحده العبادة والطاعة والإخلاص دائمًا, أيليق بكم أن تخافوا غير الله وتعبدوه؟ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ( 53 ) وما بكم مِن نعمةِ هدايةٍ, أو صحة جسم, وسَعَة رزقٍ وولد, وغير ذلك, فمِنَ الله وحده, فهو المُنْعِم بها عليكم, ثم إذا نزل بكم السقم والبلاء والقحط فإلى الله وحده تَضِجُّون بالدعاء . ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ( 54 ) ثم إذا كشف عنكم البلاء والسقم, إذا جماعة منكم بربهم المُنْعِم عليهم بالنجاة يتخذون معه الشركاء والأولياء. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ( 35 )

    وقال المشركون:
    لو شاء الله أن نعبده وحده ما عبدنا أحدًا غيره,
    لا نحن ولا آباؤنا مِن قبلنا,
    ولا حَرَّمَنا شيئًا لم يحرمه,
    بمثل هذا الاحتجاج الباطل احتج الكفار السابقون, وهم كاذبون;
    فإن الله أمرهم ونهاهم ومكَّنهم من القيام بما كلَّفهم به,
    وجعل لهم قوة ومشيئة تصدر عنها أفعالهم,
    فاحتجاجهم بالقضاء والقدر من أبطل الباطل من بعد إنذار الرسل لهم,
    فليس على الرسل المنذِرين لهم إلا التبليغ الواضح لما كُلِّفوا به.

    وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ( 36 )

    ولقد بعثنا في كل أمة سبقَتْ رسولا آمرًا لهم بعبادة الله وطاعته وحده
    وتَرْكِ عبادة غيره من الشياطين والأوثان والأموات
    وغير ذلك مما يتخذ من دون الله وليًا,
    فكان منهم مَن هدى الله, فاتبع المرسلين,
    ومنهم المعاند الذي اتبع سبيل الغيِّ,
    فوجبت عليه الضلالة, فلم يوفقه الله.
    فامشوا في الأرض,
    وأبصروا بأعينكم كيف كان مآل هؤلاء المكذبين,
    وماذا حلَّ بهم مِن دمار; لتعتبروا؟

    إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ( 37 )

    إن تبذل - أيها الرسول- أقصى جهدك لهداية هؤلاء المشركين
    فاعلم أن الله لا يهدي مَن يضلُّ,
    وليس لهم من دون الله أحد ينصرهم, ويمنع عنهم عذابه.

    وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ( 38 )

    وحلف هؤلاء المشركون بالله أيمانًا مغلَّظة
    أن الله لا يبعث مَن يموت بعدما بَلِيَ وتفرَّق,
    بلى سيبعثهم الله حتمًا, وعدًا عليه حقًا,
    ولكن أكثر الناس لا يعلمون قدرة الله على البعث, فينكرونه.

    لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ( 39 )

    يبعث الله جميع العباد;
    ليبين لهم حقيقة البعث الذي اختلفوا فيه,
    ويعلم الكفار المنكرون له أنهم على باطل,
    وأنهم كاذبون حين حلفوا أنْ لا بعث.

    إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( 40 )

    إنَّ أمر البعث يسير علينا,
    فإنَّا إذا أردنا شيئًا فإنما نقول له: « كن »،
    فإذا هو كائن موجود.

    وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ( 41 )

    والذين تركوا ديارهم مِن أجل الله,
    فهاجروا بعدما وقع عليهم الظلم,
    لنسكننهم في الدنيا دارًا حسنة,
    ولأجر الآخرة أكبر; لأن ثوابهم فيها الجنة.
    لو كان المتخلفون عن الهجرة يعلمون علم يقين ما عند الله من الأجر والثواب للمهاجرين في سبيله,
    ما تخلَّف منهم أحد عن ذلك.

    الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ( 42 )

    هؤلاء المهاجرون في سبيل الله هم الذين صبروا على أوامر الله وعن نواهيه وعلى أقداره المؤلمة,
    وعلى ربهم وحده يعتمدون,
    فاستحقوا هذه المنزلة العظيمة.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ( 35 ) وقال المشركون: لو شاء الله أن نعبده وحده ما عبدنا أحدًا غيره, لا نحن ولا آباؤنا مِن قبلنا, ولا حَرَّمَنا شيئًا لم يحرمه, بمثل هذا الاحتجاج الباطل احتج الكفار السابقون, وهم كاذبون; فإن الله أمرهم ونهاهم ومكَّنهم من القيام بما كلَّفهم به, وجعل لهم قوة ومشيئة تصدر عنها أفعالهم, فاحتجاجهم بالقضاء والقدر من أبطل الباطل من بعد إنذار الرسل لهم, فليس على الرسل المنذِرين لهم إلا التبليغ الواضح لما كُلِّفوا به. وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ( 36 ) ولقد بعثنا في كل أمة سبقَتْ رسولا آمرًا لهم بعبادة الله وطاعته وحده وتَرْكِ عبادة غيره من الشياطين والأوثان والأموات وغير ذلك مما يتخذ من دون الله وليًا, فكان منهم مَن هدى الله, فاتبع المرسلين, ومنهم المعاند الذي اتبع سبيل الغيِّ, فوجبت عليه الضلالة, فلم يوفقه الله. فامشوا في الأرض, وأبصروا بأعينكم كيف كان مآل هؤلاء المكذبين, وماذا حلَّ بهم مِن دمار; لتعتبروا؟ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ( 37 ) إن تبذل - أيها الرسول- أقصى جهدك لهداية هؤلاء المشركين فاعلم أن الله لا يهدي مَن يضلُّ, وليس لهم من دون الله أحد ينصرهم, ويمنع عنهم عذابه. وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ( 38 ) وحلف هؤلاء المشركون بالله أيمانًا مغلَّظة أن الله لا يبعث مَن يموت بعدما بَلِيَ وتفرَّق, بلى سيبعثهم الله حتمًا, وعدًا عليه حقًا, ولكن أكثر الناس لا يعلمون قدرة الله على البعث, فينكرونه. لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ( 39 ) يبعث الله جميع العباد; ليبين لهم حقيقة البعث الذي اختلفوا فيه, ويعلم الكفار المنكرون له أنهم على باطل, وأنهم كاذبون حين حلفوا أنْ لا بعث. إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( 40 ) إنَّ أمر البعث يسير علينا, فإنَّا إذا أردنا شيئًا فإنما نقول له: « كن »، فإذا هو كائن موجود. وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ( 41 ) والذين تركوا ديارهم مِن أجل الله, فهاجروا بعدما وقع عليهم الظلم, لنسكننهم في الدنيا دارًا حسنة, ولأجر الآخرة أكبر; لأن ثوابهم فيها الجنة. لو كان المتخلفون عن الهجرة يعلمون علم يقين ما عند الله من الأجر والثواب للمهاجرين في سبيله, ما تخلَّف منهم أحد عن ذلك. الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ( 42 ) هؤلاء المهاجرون في سبيل الله هم الذين صبروا على أوامر الله وعن نواهيه وعلى أقداره المؤلمة, وعلى ربهم وحده يعتمدون, فاستحقوا هذه المنزلة العظيمة. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ( 27 ) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 28 )

    ثم يوم القيامة يفضحهم الله بالعذاب ويذلُّهم به,
    ويقول: أين شركائي من الآلهة التي عبدتموها من دوني;
    ليدفعوا عنكم العذاب,
    وقد كنتم تحاربون الأنبياء والمؤمنين وتعادونهم لأجلهم؟
    قال العلماء الربانيون:
    إن الذل في هذا اليوم والعذاب على الكافرين بالله ورسله,
    الذين تقبض الملائكة أرواحهم في حال ظلمهم لأنفسهم بالكفر,
    فاستسْلَموا لأمر الله حين رأوا الموت,
    وأنكروا ما كانوا يعبدون من دون الله,
    وقالوا: ما كنا نعمل شيئًا من المعاصي,
    فيقال لهم: كَذَبْتم, قد كنتم تعملونها,
    إن الله عليم بأعمالكم كلها, وسيجازيكم عليها.

    فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ( 29 )

    فادخلوا أبواب جهنم,
    لا تخرجون منها أبدًا,
    فلبئست مقرًا للذين تكبَّروا عن الإيمان بالله وعن عبادته وحده وطاعته.

    وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ( 30 )

    وإذا قيل للمؤمنين الخائفين من الله:
    ما الذي أنزل الله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
    قالوا: أنزل الله عليه الخير والهدى.
    للذين آمنوا بالله ورسوله في هذه الدنيا,
    ودَعَوْا عباد الله إلى الإيمان والعمل الصالح,
    مَكْرُمَة كبيرة من النصر لهم في الدنيا,
    وسَعَة الرزق,
    ولَدار الآخرة لهم خير وأعظم مما أُوتوه في الدنيا,
    ولَنِعْم دارُ المتقين الخائفين من الله الآخرةُ.

    جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ( 31 ) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 32 )

    جنات إقامة لهم, يستقرون فيها, لا يخرجون منها أبدًا,
    تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار,
    لهم فيها كل ما تشتهيه أنفسهم,
    بمثل هذا الجزاء الطيب يجزي الله أهل خشيته وتقواه
    الذين تقبض الملائكةُ أرواحَهم, وقلوبُهم طاهرة من الكفر,
    تقول الملائكة لهم: سلام عليكم,
    تحية خاصة لكم وسلامة من كل آفة,
    ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون من الإيمان بالله والانقياد لأمره.

    هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ( 33 )

    ما ينتظر المشركون إلا أن تأتيهم الملائكة;
    لتقبض أرواحهم وهم على الكفر,
    أو يأتي أمر الله بعذاب عاجل يهلكهم,
    كما كذَّب هؤلاء كذَّب الكفار مِن قبلهم,
    فأهلكهم الله,
    وما ظلمهم الله بإهلاكهم, وإنزال العذاب بهم,
    ولكنهم هم الذين كانوا يظلمون أنفسهم بما جعلهم أهلا للعذاب.

    فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ( 34 )

    فنزلت بهم عقوبة ذنوبهم التي عملوها,
    وأحاط بهم العذاب الذي كانوا يسخرون منه.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ( 27 ) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 28 ) ثم يوم القيامة يفضحهم الله بالعذاب ويذلُّهم به, ويقول: أين شركائي من الآلهة التي عبدتموها من دوني; ليدفعوا عنكم العذاب, وقد كنتم تحاربون الأنبياء والمؤمنين وتعادونهم لأجلهم؟ قال العلماء الربانيون: إن الذل في هذا اليوم والعذاب على الكافرين بالله ورسله, الذين تقبض الملائكة أرواحهم في حال ظلمهم لأنفسهم بالكفر, فاستسْلَموا لأمر الله حين رأوا الموت, وأنكروا ما كانوا يعبدون من دون الله, وقالوا: ما كنا نعمل شيئًا من المعاصي, فيقال لهم: كَذَبْتم, قد كنتم تعملونها, إن الله عليم بأعمالكم كلها, وسيجازيكم عليها. فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ( 29 ) فادخلوا أبواب جهنم, لا تخرجون منها أبدًا, فلبئست مقرًا للذين تكبَّروا عن الإيمان بالله وعن عبادته وحده وطاعته. وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ( 30 ) وإذا قيل للمؤمنين الخائفين من الله: ما الذي أنزل الله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: أنزل الله عليه الخير والهدى. للذين آمنوا بالله ورسوله في هذه الدنيا, ودَعَوْا عباد الله إلى الإيمان والعمل الصالح, مَكْرُمَة كبيرة من النصر لهم في الدنيا, وسَعَة الرزق, ولَدار الآخرة لهم خير وأعظم مما أُوتوه في الدنيا, ولَنِعْم دارُ المتقين الخائفين من الله الآخرةُ. جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ( 31 ) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 32 ) جنات إقامة لهم, يستقرون فيها, لا يخرجون منها أبدًا, تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار, لهم فيها كل ما تشتهيه أنفسهم, بمثل هذا الجزاء الطيب يجزي الله أهل خشيته وتقواه الذين تقبض الملائكةُ أرواحَهم, وقلوبُهم طاهرة من الكفر, تقول الملائكة لهم: سلام عليكم, تحية خاصة لكم وسلامة من كل آفة, ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون من الإيمان بالله والانقياد لأمره. هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ( 33 ) ما ينتظر المشركون إلا أن تأتيهم الملائكة; لتقبض أرواحهم وهم على الكفر, أو يأتي أمر الله بعذاب عاجل يهلكهم, كما كذَّب هؤلاء كذَّب الكفار مِن قبلهم, فأهلكهم الله, وما ظلمهم الله بإهلاكهم, وإنزال العذاب بهم, ولكنهم هم الذين كانوا يظلمون أنفسهم بما جعلهم أهلا للعذاب. فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ( 34 ) فنزلت بهم عقوبة ذنوبهم التي عملوها, وأحاط بهم العذاب الذي كانوا يسخرون منه. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( 15 )

    وأرسى في الأرض جبالا تثبتها حتى لا تميل بكم,
    وجعل فيها أنهارًا; لتشربوا منها,
    وجعل فيها طرقًا; لتهتدوا بها في الوصول إلى الأماكن التي تقصدونها.

    وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ( 16 )

    وجعل في الأرض معالم تستدلُّون بها على الطرق نهارًا,
    كما جعل النجوم للاهتداء بها ليلا.

    أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ( 17 )

    أتجعلون الله الذي يخلق كل هذه الأشياء وغيرها
    في استحقاق العبادة كالآلهة المزعومة التي لا تخلق شيئًا؟
    أفلا تتذكرون عظمة الله, فتفردوه بالعبادة؟

    وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ( 18 )

    وإن تحاولوا حَصْرَ نِعَم الله عليكم لا تَفُوا بحَصْرها; لكثرتها وتنوعها.
    إن الله لَغفور لكم رحيم بكم؛
    إذ يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكر النعم,
    ولا يقطعها عنكم لتفريطكم,
    ولا يعاجلكم بالعقوبة.

    وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ( 19 )

    والله سبحانه يعلم كل أعمالكم,
    سواء ما تخفونه منها في نفوسكم وما تظهرونه لغيركم,
    وسيجازيكم عليها.

    وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ( 20 )

    والآلهة التي يعبدها المشركون لا تخلق شيئًا وإن صَغُر,
    فهي مخلوقات صنعها الكفار بأيديهم,
    فكيف يعبدونها؟

    أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ( 21 )

    هم جميعًا جمادات لا حياة فيها
    ولا تشعر بالوقت الذي يبعث الله فيه عابديها,
    وهي معهم ليُلقى بهم جميعًا في النار يوم القيامة.

    إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ( 22 )

    إلهكم المستحق وحده للعبادة هو الله الإله الواحد,
    فالذين لا يؤمنون بالبعث قلوبهم جاحدة وحدانيته سبحانه;
    لعدم خوفهم من عقابه,
    فهم متكبرون عن قبول الحق, وعبادة الله وحده.

    لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ( 23 )

    حقًا أنَّ الله يعلم ما يخفونه مِن عقائد وأقوال وأفعال,
    وما يظهرونه منها,
    وسيجازيهم على ذلك,
    إنه عز وجل لا يحب المستكبرين عن عبادته والانقياد له,
    وسيجازيهم على ذلك.

    وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ( 24 )

    وإذا سُئِل هؤلاء المشركون عمَّا نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم
    قالوا كذبًا وزورًا: ما أتى إلا بقصص السابقين وأباطيلهم.

    لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ( 25 )

    ستكون عاقبتهم أن يحملوا آثامهم كاملة يوم القيامة
    - لا يُغْفَر لهم منها شيء –
    ويَحْملوا من آثام الذين كذبوا عليهم; ليبعدوهم عن الإسلام
    من غير نقص من آثامهم.
    ألا قَبُحَ ما يحملونه من آثام.

    قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ( 26 )

    قد دبَّر الكفار من قَبْل هؤلاء المشركين المكايد لرسلهم,
    وما جاءوا به من دعوة الحق,
    فأتى الله بنيانهم من أساسه وقاعدته,
    فسقط عليهم السقف مِن فوقهم,
    وأتاهم الهلاك مِن مأمنهم,
    من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون أنه يأتيهم منه.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( 15 ) وأرسى في الأرض جبالا تثبتها حتى لا تميل بكم, وجعل فيها أنهارًا; لتشربوا منها, وجعل فيها طرقًا; لتهتدوا بها في الوصول إلى الأماكن التي تقصدونها. وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ( 16 ) وجعل في الأرض معالم تستدلُّون بها على الطرق نهارًا, كما جعل النجوم للاهتداء بها ليلا. أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ( 17 ) أتجعلون الله الذي يخلق كل هذه الأشياء وغيرها في استحقاق العبادة كالآلهة المزعومة التي لا تخلق شيئًا؟ أفلا تتذكرون عظمة الله, فتفردوه بالعبادة؟ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ( 18 ) وإن تحاولوا حَصْرَ نِعَم الله عليكم لا تَفُوا بحَصْرها; لكثرتها وتنوعها. إن الله لَغفور لكم رحيم بكم؛ إذ يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكر النعم, ولا يقطعها عنكم لتفريطكم, ولا يعاجلكم بالعقوبة. وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ( 19 ) والله سبحانه يعلم كل أعمالكم, سواء ما تخفونه منها في نفوسكم وما تظهرونه لغيركم, وسيجازيكم عليها. وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ( 20 ) والآلهة التي يعبدها المشركون لا تخلق شيئًا وإن صَغُر, فهي مخلوقات صنعها الكفار بأيديهم, فكيف يعبدونها؟ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ( 21 ) هم جميعًا جمادات لا حياة فيها ولا تشعر بالوقت الذي يبعث الله فيه عابديها, وهي معهم ليُلقى بهم جميعًا في النار يوم القيامة. إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ( 22 ) إلهكم المستحق وحده للعبادة هو الله الإله الواحد, فالذين لا يؤمنون بالبعث قلوبهم جاحدة وحدانيته سبحانه; لعدم خوفهم من عقابه, فهم متكبرون عن قبول الحق, وعبادة الله وحده. لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ( 23 ) حقًا أنَّ الله يعلم ما يخفونه مِن عقائد وأقوال وأفعال, وما يظهرونه منها, وسيجازيهم على ذلك, إنه عز وجل لا يحب المستكبرين عن عبادته والانقياد له, وسيجازيهم على ذلك. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ( 24 ) وإذا سُئِل هؤلاء المشركون عمَّا نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم قالوا كذبًا وزورًا: ما أتى إلا بقصص السابقين وأباطيلهم. لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ( 25 ) ستكون عاقبتهم أن يحملوا آثامهم كاملة يوم القيامة - لا يُغْفَر لهم منها شيء – ويَحْملوا من آثام الذين كذبوا عليهم; ليبعدوهم عن الإسلام من غير نقص من آثامهم. ألا قَبُحَ ما يحملونه من آثام. قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ( 26 ) قد دبَّر الكفار من قَبْل هؤلاء المشركين المكايد لرسلهم, وما جاءوا به من دعوة الحق, فأتى الله بنيانهم من أساسه وقاعدته, فسقط عليهم السقف مِن فوقهم, وأتاهم الهلاك مِن مأمنهم, من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون أنه يأتيهم منه. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • #تأملات_قرآنية
    ﴿ هَلۡ أَتَاكَ حَدِیثُ ٱلۡغَـاشِیَةِ ١ ﴾
    " الغاشية "

    💡القاسمي
    ( : أي خَبَرُها وقِصَّتُها..
    وأصْلُ الغاشِيَةِ الدّاهِيَةُ الَّتِي تَغْشى النّاسَ بِشَدائِدِها.
    والِاسْتِفْهامُ لِلتَّعْظِيمِ والتَّعَجُّبِ..)

    💡ابن الجوزي
    ( وَفِي " الغاشِيَةِ " قَوْلانِ .
    1️⃣ أنَّها القِيامَةُ تَغْشى النّاسَ بِالأهْوالِ..
    2️⃣ أنَّها النّارُ تَغْشى وجُوهَ الكُفّارِ..)

    💡مركز تفسير للدراسات القرآنية
    ( ‏ •نزلت بعد سورة الكهف.

    •الارتباط بين سورة الغاشية وقراءتها يوم الجمعة
    لأن السورة تتحدث عن أهوال يوم القيامة وفي يوم الجمعة تقوم الساعة .)

    💡د.رقية المحارب
    ( ‏القرآن يأمر بتقليب البصر والتفكر في كل أرجاء الدنيا.
    اقرأ "سورة الغاشية"
    واعلم أنه لا بد من تقليب الفكر فيها وانعم بأثر ذلك في زيادة إيمانك ! )
    #تأملات_قرآنية ﴿ هَلۡ أَتَاكَ حَدِیثُ ٱلۡغَـاشِیَةِ ١ ﴾ " الغاشية " 💡القاسمي ( : أي خَبَرُها وقِصَّتُها.. وأصْلُ الغاشِيَةِ الدّاهِيَةُ الَّتِي تَغْشى النّاسَ بِشَدائِدِها. والِاسْتِفْهامُ لِلتَّعْظِيمِ والتَّعَجُّبِ..) 💡ابن الجوزي ( وَفِي " الغاشِيَةِ " قَوْلانِ . 1️⃣ أنَّها القِيامَةُ تَغْشى النّاسَ بِالأهْوالِ.. 2️⃣ أنَّها النّارُ تَغْشى وجُوهَ الكُفّارِ..) 💡مركز تفسير للدراسات القرآنية ( ‏ •نزلت بعد سورة الكهف. •الارتباط بين سورة الغاشية وقراءتها يوم الجمعة لأن السورة تتحدث عن أهوال يوم القيامة وفي يوم الجمعة تقوم الساعة .) 💡د.رقية المحارب ( ‏القرآن يأمر بتقليب البصر والتفكر في كل أرجاء الدنيا. اقرأ "سورة الغاشية" واعلم أنه لا بد من تقليب الفكر فيها وانعم بأثر ذلك في زيادة إيمانك ! )
    0
شاهد المزيد
  • (الوجوه والنظائر - حرف التاء)
    (الوجوه والنظائر - حرف التاء) معاني الكلمات المتماثلة في القرآن - حرف التاء   إعداد مركز المحتوى القرآني   كلمة (التسبيح)   ورد لفظ (التسبيح) في القرآن ما يقارب (87) مرة، وأصل معناه: الاستمرار في التنزيه من السوء على جهة التعظيم. ومعنى (التسبيح) في القرآن جاء على ستة وجوه: أولاً: جاء بمعنى (الصلاة)، كقوله: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) [الروم:...
    1
    0
  • (الوجوه والنظائر - حرف الحاء)
    (الوجوه والنظائر - حرف الحاء) معاني الكلمات المتماثلة في القرآن - حرف الحاء   إعداد مركز المحتوى القرآني   كلمة (الحرام)   ورد لفظ (الحرام)في القرآن ما يقارب (29) مرة ، وأصله المنع، ومنه حرمته عطاءه حرمانا أي: منعته إياه. ومعنى (الحرام) في القرآن جاء على (3) وجوه: أولاً: جاء بمعنى (لمنع بالنهي)، كقوله:(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)[ سورةالمائدة: 3] ثانياً: جاء بمعنى...
    2
    1
  • آدم عليه السلام في القرآن
    آدم عليه السلام في القرآن الكريم   إعداد مركز المحتوى القرآني   خليفة في الأرض مُكرّم في السماء   يحكم الله أن يجعل خليفة في الأرض، ولا معقّب لحكمه، فكرّم هذا الخليفة، وأمر ملائكته بالسجود له؛ تشريفاً، وإجلالاً، وهذا الخليفة هو: آدم عليه السلام، أول أنبياء الله تعالى، وأبو البشر كلّهم. قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً...
    2
    1
  • أصحاب الأخدود
    أصحاب الأخدود   إعداد مركز المحتوى القرآني   أصحاب الأخدود يصور القرآن الكريم في قصصه العظيم، حال المؤمنين، وحال الكافرين، والصراع القائم بين الحق والباطل، وما يبذله المؤمنون في سبيل المحافظة على العقيدة الصحيحة، والثبات على الدين القويم.وكيف يجابَه موقفهم الصامد، وإصرارهم على الحق؛ بتشريد، وتعذيب، وترهيب.ومن هذه القصص العظام: قصة أصحاب الأخدود.قال تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ...
    0
  • أصحاب الجنة
    أصحاب الجنة   إعداد مركز المحتوى القرآني   بين جنة وصريم ضرب الله تعالى قصة أصحاب الجنة: " لكفار قريش فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة وأعطاهم من النعم الجسيمة، وهو بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إليهم فقابلوه بالتكذيب والرد والمحاربة. ([1]) "قال تعالى: ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ۝ وَلَا يَسْتَثْنُونَ ۝...
    1
  • أصحاب القرية
    أصحاب القرية   إعداد مركز المحتوى القرآني قصة أصحاب القرية من القصص القرآني العظيم التي صورت حال الأقوام مع أنبيائهم، قصة أصحاب القرية.قال تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ۝ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ﴾ [يس: 13- 14]."يقول تعالى ذكره: ومثل يا محمد...
    1
  • أصحاب الكهف
    أصحاب الكهف   إعداد مركز المحتوى القرآني   أصحاب الكهف والرقيم من القصص القرآني العظيم، قصة أصحاب الكهف والرقيم.قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ۝ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ۝ فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ...
    0
  • أيوب عليه السلام في القرآن
    أيوب عليه السلام في القرآن   إعداد مركز المحتوى القرآني   أيوب عليه السلام مع الابتلاء   وصف الله ابتلاء أيوب عليه السلام، والضرّ الذي أصابه، وما مسه من النصب، والعذاب. قال تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ۝ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ...
    1
    0
  • إبراهيم عليه السلام في القرآن(1)
    إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم (1)   إبراهيم عليه السلام (نبيٌّ أمّة) ما هي صفاته التي حدثنا عنها القرآن الكريم؟   من أكثر القصص وروداً في القرآن الكريم، قصة نبيّ كريم، اصطفاه الله، واصطفى آله، وجعل في ذريته النبوة والكتاب، هو إبراهيم عليه السلام. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ۝ ذُرِّيَّةً...
    0
  • إبراهيم عليه السلام في القرآن(2)
    إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم (2)   تهيئة البيت الحرام للشعائر العظام ولضيوف الرحمن الكرام   قال تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: 125]. قال تعالى: ﴿وَإِذْ...
    0

لا توجد نتائج لإظهارها

لا توجد نتائج لإظهارها

  • وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ( 80 )

    والله سبحانه جعل لكم من بيوتكم راحة واستقرارًا مع أهلكم,
    وأنتم مقيمون في الحضر,
    وجعل لكم في سفركم خيامًا وقبابًا من جلود الأنعام,
    يَخِفُّ عليكم حِمْلها وقت تَرْحالكم,
    ويخف عليكم نَصْبها وقت إقامتكم بعد التَّرْحال,
    وجعل لكم من أصواف الغنم, وأوبار الإبل, وأشعار المعز أثاثًا لكم
    من أكسية وألبسة وأغطية وفرش وزينة,
    تتمتعون بها إلى أجل مسمَّى ووقت معلوم.

    وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ( 81 )

    والله جعل لكم ما تستظلُّون به من الأشجار وغيرها,
    وجعل لكم في الجبال من المغارات والكهوف أماكن تلجؤون إليها عند الحاجة,
    وجعل لكم ثيابًا من القطن والصوف وغيرهما, تحفظكم من الحر والبرد,
    وجعل لكم من الحديد ما يردُّ عنكم الطعن والأذى في حروبكم,
    كما أنعم الله عليكم بهذه النعم يتمُّ نعمته عليكم ببيان الدين الحق;
    لتستسلموا لأمر الله وحده, ولا تشركوا به شيئًا في عبادته.

    فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ( 82 )

    فإن أعرضوا عنك - أيها الرسول- بعدما رأوا من الآيات فلا تحزن,
    فما عليك إلا البلاغ الواضح لما أُرْسِلْتَ به,
    وأما الهداية فإلينا.

    يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ( 83 )

    يعرف هؤلاء المشركون نعمة الله عليهم بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم,
    ثم يجحدون نبوته,
    وأكثر قومه الجاحدون لنبوته, لا المقرون بها.

    وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ( 84 )

    واذكر لهم - أيها الرسول- ما يكون يوم القيامة,
    حين نبعث من كل أمة رسولها شاهدًا على إيمان من آمن منها,
    وكُفْر مَن كَفَر,
    ثم لا يُؤذن للذين كفروا بالاعتذار عما وقع منهم,
    ولا يُطْلب منهم إرضاءُ ربهم بالتوبة والعمل الصالح,
    فقد مضى أوان ذلك.

    وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ ( 85 )

    وإذا شاهد الذين كفروا عذاب الله في الآخرة فلا يخفف عنهم منه شيء,
    ولا يُمْهلون, ولا يؤخر عذابهم.

    وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ( 86 )

    وإذا أبصر المشركون يوم القيامة آلهتهم التي عبدوها مع الله,
    قالوا: ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا نعبدهم مِن دونك,
    فنطقَتِ الآلهة بتكذيب مَن عبدوها,
    وقالت: إنكم - أيها المشركون- لَكاذبون,
    حين جعلتمونا شركاء لله وعبدتمونا معه,
    فلم نأمركم بذلك,
    ولا زعمنا أننا مستحقون للألوهية,
    فاللوم عليكم.

    وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ( 87 )

    وأظهر المشركون الاستسلام والخضوع لله يوم القيامة,
    وغاب عنهم ما كانوا يختلقونه من الأكاذيب,
    وأن آلهتهم تشفع لهم.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ( 80 ) والله سبحانه جعل لكم من بيوتكم راحة واستقرارًا مع أهلكم, وأنتم مقيمون في الحضر, وجعل لكم في سفركم خيامًا وقبابًا من جلود الأنعام, يَخِفُّ عليكم حِمْلها وقت تَرْحالكم, ويخف عليكم نَصْبها وقت إقامتكم بعد التَّرْحال, وجعل لكم من أصواف الغنم, وأوبار الإبل, وأشعار المعز أثاثًا لكم من أكسية وألبسة وأغطية وفرش وزينة, تتمتعون بها إلى أجل مسمَّى ووقت معلوم. وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ( 81 ) والله جعل لكم ما تستظلُّون به من الأشجار وغيرها, وجعل لكم في الجبال من المغارات والكهوف أماكن تلجؤون إليها عند الحاجة, وجعل لكم ثيابًا من القطن والصوف وغيرهما, تحفظكم من الحر والبرد, وجعل لكم من الحديد ما يردُّ عنكم الطعن والأذى في حروبكم, كما أنعم الله عليكم بهذه النعم يتمُّ نعمته عليكم ببيان الدين الحق; لتستسلموا لأمر الله وحده, ولا تشركوا به شيئًا في عبادته. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ( 82 ) فإن أعرضوا عنك - أيها الرسول- بعدما رأوا من الآيات فلا تحزن, فما عليك إلا البلاغ الواضح لما أُرْسِلْتَ به, وأما الهداية فإلينا. يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ( 83 ) يعرف هؤلاء المشركون نعمة الله عليهم بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم, ثم يجحدون نبوته, وأكثر قومه الجاحدون لنبوته, لا المقرون بها. وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ( 84 ) واذكر لهم - أيها الرسول- ما يكون يوم القيامة, حين نبعث من كل أمة رسولها شاهدًا على إيمان من آمن منها, وكُفْر مَن كَفَر, ثم لا يُؤذن للذين كفروا بالاعتذار عما وقع منهم, ولا يُطْلب منهم إرضاءُ ربهم بالتوبة والعمل الصالح, فقد مضى أوان ذلك. وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ ( 85 ) وإذا شاهد الذين كفروا عذاب الله في الآخرة فلا يخفف عنهم منه شيء, ولا يُمْهلون, ولا يؤخر عذابهم. وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ( 86 ) وإذا أبصر المشركون يوم القيامة آلهتهم التي عبدوها مع الله, قالوا: ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا نعبدهم مِن دونك, فنطقَتِ الآلهة بتكذيب مَن عبدوها, وقالت: إنكم - أيها المشركون- لَكاذبون, حين جعلتمونا شركاء لله وعبدتمونا معه, فلم نأمركم بذلك, ولا زعمنا أننا مستحقون للألوهية, فاللوم عليكم. وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ( 87 ) وأظهر المشركون الاستسلام والخضوع لله يوم القيامة, وغاب عنهم ما كانوا يختلقونه من الأكاذيب, وأن آلهتهم تشفع لهم. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلا يَسْتَطِيعُونَ ( 73 )

    ويعبد المشركون أصنامًا لا تملك أن تعطيهم شيئًا من الرزق من السماء كالمطر,
    ولا من الأرض كالزرع,
    فهم لا يملكون شيئًا,
    ولا يتأتى منهم أن يملكوه; لأنهم لا يقدرون.

    فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ( 74 )

    وإذا عَلِمتم أن الأصنام والأوثان لا تنفع,
    فلا تجعلوا - أيها الناس- لله أشباهًا مماثلين له مِن خَلْقه تشركونهم معه في العبادة.
    إن الله يعلم ما تفعلون,
    وأنتم غافلون لا تعلمون خطأكم وسوء عاقبتكم.

    ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ( 75 )

    ضرب الله مثلا بيَّن فيه فساد عقيدة أهل الشرك:
    رجلا مملوكًا عاجزًا عن التصرف لا يملك شيئًا,
    ورجلا آخر حرًا, له مال حلال رزَقَه الله به,
    يملك التصرف فيه, ويعطي منه في الخفاء والعلن،
    فهل يقول عاقل بالتساوي بين الرجلين؟
    فكذلك الله الخالق المالك المتصرف لا يستوي مع خلقه وعبيده,
    فكيف تُسَوُّون بينهما؟
    الحمد لله وحده,
    فهو المستحق للحمد والثناء,
    بل أكثر المشركين لا يعلمون أن الحمد والنعمة لله,
    وأنه وحده المستحق للعبادة.

    وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 76 )

    وضرب الله مثلا آخر لبطلان الشرك رجلين:
    أحدهما أخرس أصم لا يَفْهَم ولا يُفْهِم,
    لا يقدر على منفعة نفسه أو غيره,
    وهو عبء ثقيل على مَن يَلي أمره ويعوله,
    إذا أرسله لأمر يقضيه لا ينجح,
    ولا يعود عليه بخير,
    ورجل آخر سليم الحواس, ينفع نفسه وغيره,
    يأمر بالإنصاف, وهو على طريق واضح لا عوج فيه,
    فهل يستوي الرجلان في نظر العقلاء؟
    فكيف تُسَوُّون بين الصنم الأبكم الأصمِّ وبين الله القادر المنعم بكل خير؟

    وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 77 )

    ولله سبحانه وتعالى عِلْمُ ما غاب في السموات والأرض,
    وما شأن القيامة في سرعة مجيئها إلا كنظرة سريعة بالبصر,
    بل هو أسرع من ذلك.
    إن الله على كل شيء قدير.

    وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 78 )

    والله سبحانه وتعالى أخرجكم مِن بطون أمهاتكم بعد مدة الحمل,
    لا تدركون شيئًا مما حولكم,
    وجعل لكم وسائل الإدراك من السمع والبصر والقلوب;
    لعلكم تشكرون لله تعالى على تلك النعم,
    وتفردونه عز وجل بالعبادة.

    أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( 79 )

    ألم ينظر المشركون إلى الطير مذللات للطيران في الهواء بين السماء والأرض بأمر الله؟
    ما يمسكهن عن الوقوع إلا هو سبحانه بما خَلَقه لها, وأقدرها عليه.
    إن في ذلك التذليل والإمساك لَدلالات لقوم يؤمنون بما يرونه من الأدلة على قدرة الله.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلا يَسْتَطِيعُونَ ( 73 ) ويعبد المشركون أصنامًا لا تملك أن تعطيهم شيئًا من الرزق من السماء كالمطر, ولا من الأرض كالزرع, فهم لا يملكون شيئًا, ولا يتأتى منهم أن يملكوه; لأنهم لا يقدرون. فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ( 74 ) وإذا عَلِمتم أن الأصنام والأوثان لا تنفع, فلا تجعلوا - أيها الناس- لله أشباهًا مماثلين له مِن خَلْقه تشركونهم معه في العبادة. إن الله يعلم ما تفعلون, وأنتم غافلون لا تعلمون خطأكم وسوء عاقبتكم. ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ( 75 ) ضرب الله مثلا بيَّن فيه فساد عقيدة أهل الشرك: رجلا مملوكًا عاجزًا عن التصرف لا يملك شيئًا, ورجلا آخر حرًا, له مال حلال رزَقَه الله به, يملك التصرف فيه, ويعطي منه في الخفاء والعلن، فهل يقول عاقل بالتساوي بين الرجلين؟ فكذلك الله الخالق المالك المتصرف لا يستوي مع خلقه وعبيده, فكيف تُسَوُّون بينهما؟ الحمد لله وحده, فهو المستحق للحمد والثناء, بل أكثر المشركين لا يعلمون أن الحمد والنعمة لله, وأنه وحده المستحق للعبادة. وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 76 ) وضرب الله مثلا آخر لبطلان الشرك رجلين: أحدهما أخرس أصم لا يَفْهَم ولا يُفْهِم, لا يقدر على منفعة نفسه أو غيره, وهو عبء ثقيل على مَن يَلي أمره ويعوله, إذا أرسله لأمر يقضيه لا ينجح, ولا يعود عليه بخير, ورجل آخر سليم الحواس, ينفع نفسه وغيره, يأمر بالإنصاف, وهو على طريق واضح لا عوج فيه, فهل يستوي الرجلان في نظر العقلاء؟ فكيف تُسَوُّون بين الصنم الأبكم الأصمِّ وبين الله القادر المنعم بكل خير؟ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 77 ) ولله سبحانه وتعالى عِلْمُ ما غاب في السموات والأرض, وما شأن القيامة في سرعة مجيئها إلا كنظرة سريعة بالبصر, بل هو أسرع من ذلك. إن الله على كل شيء قدير. وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 78 ) والله سبحانه وتعالى أخرجكم مِن بطون أمهاتكم بعد مدة الحمل, لا تدركون شيئًا مما حولكم, وجعل لكم وسائل الإدراك من السمع والبصر والقلوب; لعلكم تشكرون لله تعالى على تلك النعم, وتفردونه عز وجل بالعبادة. أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( 79 ) ألم ينظر المشركون إلى الطير مذللات للطيران في الهواء بين السماء والأرض بأمر الله؟ ما يمسكهن عن الوقوع إلا هو سبحانه بما خَلَقه لها, وأقدرها عليه. إن في ذلك التذليل والإمساك لَدلالات لقوم يؤمنون بما يرونه من الأدلة على قدرة الله. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • #غريب_الألفاظ
    66- { نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ } ذهب إلى النَّعَم. والنّعم تؤنث وتذكر.
    و (الْفَرْثُ) ما في الكَرِش.
    وقوله: { مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا } لأن اللبن كان طعامًا فخلص من ذلك الطعام دم، وبقي منه فَرْثٌ في الكرش، وخلص من الدم لبن.
    { سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ } أي: سهلا في الشراب لا يَشْجَى به شاربه ولا يَغَصّ.

    67- { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا } أي: خمرًا. ونزل هذا قبل تحريم الخمر.
    { وَرِزْقًا حَسَنًا } يعني: التمر والزبيب.
    وقال أبو عبيدة: السَّكَرُ: الطُّعم. ولست أعرف هذا في التفسير.
    وقد فصل الله عز وجل بين (سَكَرا) و(رزقا حسنا)، لأن المسكرات ليست من الرزق الحسن.

    68- { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ } [أي: ألهمها. وقيل:] سخَّرها.
    { وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } كل شيء عُرِشَ من كَرْم أو نبات أو سقف: فهو عَرْش ومَعْرُوش.
    { ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ } أي: من الثمرات.
    وكلّ هاهنا ليس على العموم.
    ومثل هذا قوله تعالى: { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا }.

    69- { فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا } أي: منقادة بالتَّسْخِير. وذُلُل: جمع ذَلُول.

    70- { وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ } وهو الهَرَم؛ لأن الهرم أسوأ العمر وشرّه.
    { لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا } أي: حتى لا يعلم بعد علمه بالأمور شيئا لشدة هرمه.

    71- { وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ } يعني: فضّل السادة على المماليك.
    { فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا } يعني: السادة.
    { بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ } أي: لا يجعلون أموالهم لعبيدهم حتى يكونوا والعبيد فيها سواء.
    وهذا مَثَل ضربه الله لمن جعل له شركاء من خلقه.

    72- { بَنِينَ وَحَفَدَةً } الحفدة: الخدم والأعوان.
    ويقال: هم بنون وخدم.
    ويقال: الحفدة الأصهار.
    وأصل الحَفْد: مُدَارَكَةُ الخطو والإسراع في المشي.
    وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة.
    ومنه يقال في دعاء الوِتْر: وإليك نَسْعَى ونَحْفِد.
    .
    #غريب_الألفاظ 66- { نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ } ذهب إلى النَّعَم. والنّعم تؤنث وتذكر. و (الْفَرْثُ) ما في الكَرِش. وقوله: { مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا } لأن اللبن كان طعامًا فخلص من ذلك الطعام دم، وبقي منه فَرْثٌ في الكرش، وخلص من الدم لبن. { سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ } أي: سهلا في الشراب لا يَشْجَى به شاربه ولا يَغَصّ. 67- { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا } أي: خمرًا. ونزل هذا قبل تحريم الخمر. { وَرِزْقًا حَسَنًا } يعني: التمر والزبيب. وقال أبو عبيدة: السَّكَرُ: الطُّعم. ولست أعرف هذا في التفسير. وقد فصل الله عز وجل بين (سَكَرا) و(رزقا حسنا)، لأن المسكرات ليست من الرزق الحسن. 68- { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ } [أي: ألهمها. وقيل:] سخَّرها. { وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } كل شيء عُرِشَ من كَرْم أو نبات أو سقف: فهو عَرْش ومَعْرُوش. { ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ } أي: من الثمرات. وكلّ هاهنا ليس على العموم. ومثل هذا قوله تعالى: { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا }. 69- { فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا } أي: منقادة بالتَّسْخِير. وذُلُل: جمع ذَلُول. 70- { وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ } وهو الهَرَم؛ لأن الهرم أسوأ العمر وشرّه. { لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا } أي: حتى لا يعلم بعد علمه بالأمور شيئا لشدة هرمه. 71- { وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ } يعني: فضّل السادة على المماليك. { فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا } يعني: السادة. { بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ } أي: لا يجعلون أموالهم لعبيدهم حتى يكونوا والعبيد فيها سواء. وهذا مَثَل ضربه الله لمن جعل له شركاء من خلقه. 72- { بَنِينَ وَحَفَدَةً } الحفدة: الخدم والأعوان. ويقال: هم بنون وخدم. ويقال: الحفدة الأصهار. وأصل الحَفْد: مُدَارَكَةُ الخطو والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه يقال في دعاء الوِتْر: وإليك نَسْعَى ونَحْفِد. .
    0
  • وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ( 65 )

    والله أنزل من السحاب مطرًا,
    فأخرج به النبات من الأرض بعد أن كانت قاحلة يابسة,
    إن في إنزال المطر وإنبات النبات لَدليلا على قدرة الله على البعث وعلى الوحدانية,
    لقوم يسمعون, ويتدبرون, ويطيعون الله, ويتقونه.

    وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ( 66 )

    وإن لكم - أيها الناس- في الأنعام
    - وهي الإبل والبقر والغنم- لَعظة,
    فقد شاهدتم أننا نسقيكم من ضروعها لبنًا خارجًا من بين فَرْث - وهو ما في الكَرِش-
    وبين دم خالصًا من كل الشوائب,
    لذيذًا لا يَغَصُّ به مَن شَرِبَه.

    وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( 67 )

    ومِن نِعَمنا عليكم ما تأخذونه من ثمرات النخيل والأعناب,
    فتجعلونه خمرًا مُسْكِرًا - وهذا قبل تحريمها- وطعامًا طيبًا.
    إن فيما ذكر لَدليلا على قدرة الله لِقومٍ يعقلون البراهين فيعتبرون بها.

    وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ( 68 )

    وألْهَمَ ربك - أيها النبي- النحل
    بأن اجعلي لك بيوتًا في الجبال, وفي الشجر,
    وفيما يبني الناس من البيوت والسُّقُف.

    ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ( 69 )

    ثم كُلي مِن كل ثمرة تشتهينها,
    فاسلكي طرق ربك مذللة لك;
    لطلب الرزق في الجبال وخلال الشجر,
    وقد جعلها سهلة عليكِ,
    لا تضلي في العَوْد إليها وإن بَعُدَتْ.
    يخرج من بطون النحل عسل مختلف الألوان مِن بياض وصفرة وحمرة وغير ذلك,
    فيه شفاء للناس من الأمراض.
    إن فيما يصنعه النحل لَدلالة قوية على قدرة خالقها لقوم يتفكرون, فيعتبرون.

    وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ( 70 )

    والله سجانه وتعالى خلقكم ثم يميتكم في نهاية أعماركم,
    ومنكم مَن يصير إلى أردأ العمر وهو الهرم,
    كما كان في طفولته لا يعلم شيئًا مما كان يعلمه,
    إن الله عليم قدير,
    أحاط علمه وقدرته بكل شيء,
    فالله الذي ردَّ الإنسان إلى هذه الحالة قادر على أن يميته, ثم يبعثه.

    وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ( 71 )

    والله فَضَّل بعضكم على بعض فيما أعطاكم في الدنيا من الرزق,
    فمنكم غني ومنكم فقير,
    ومنكم مالك ومنكم مملوك,
    فلا يعطي المالكون مملوكيهم مما أعطاهم الله ما يصيرون به شركاء لهم متساوين معهم في المال,
    فإذا لم يرضوا بذلك لأنفسهم,
    فلماذا رضوا أن يجعلوا لله شركاء من عبيده؟
    إن هذا لَمن أعظم الظلم والجحود لِنعم الله عز وجل.

    وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ( 72 )

    والله سبحانه جعل مِن جنسكم أزواجا;
    لتستريح نفوسكم معهن,
    وجعل لكم منهن الأبناء ومِن نسلهنَّ الأحفاد,
    ورزقكم من الأطعمة الطيبة من الثمار والحبوب واللحوم وغير ذلك.
    أفبالباطل من ألوهية شركائهم يؤمنون,
    وبنعم الله التي لا تحصى يجحدون,
    ولا يشكرون له بإفراده جل وعلا بالعبادة؟
    .
    التفسير المُيَسَّر
    وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ( 65 ) والله أنزل من السحاب مطرًا, فأخرج به النبات من الأرض بعد أن كانت قاحلة يابسة, إن في إنزال المطر وإنبات النبات لَدليلا على قدرة الله على البعث وعلى الوحدانية, لقوم يسمعون, ويتدبرون, ويطيعون الله, ويتقونه. وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ( 66 ) وإن لكم - أيها الناس- في الأنعام - وهي الإبل والبقر والغنم- لَعظة, فقد شاهدتم أننا نسقيكم من ضروعها لبنًا خارجًا من بين فَرْث - وهو ما في الكَرِش- وبين دم خالصًا من كل الشوائب, لذيذًا لا يَغَصُّ به مَن شَرِبَه. وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( 67 ) ومِن نِعَمنا عليكم ما تأخذونه من ثمرات النخيل والأعناب, فتجعلونه خمرًا مُسْكِرًا - وهذا قبل تحريمها- وطعامًا طيبًا. إن فيما ذكر لَدليلا على قدرة الله لِقومٍ يعقلون البراهين فيعتبرون بها. وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ( 68 ) وألْهَمَ ربك - أيها النبي- النحل بأن اجعلي لك بيوتًا في الجبال, وفي الشجر, وفيما يبني الناس من البيوت والسُّقُف. ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ( 69 ) ثم كُلي مِن كل ثمرة تشتهينها, فاسلكي طرق ربك مذللة لك; لطلب الرزق في الجبال وخلال الشجر, وقد جعلها سهلة عليكِ, لا تضلي في العَوْد إليها وإن بَعُدَتْ. يخرج من بطون النحل عسل مختلف الألوان مِن بياض وصفرة وحمرة وغير ذلك, فيه شفاء للناس من الأمراض. إن فيما يصنعه النحل لَدلالة قوية على قدرة خالقها لقوم يتفكرون, فيعتبرون. وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ( 70 ) والله سجانه وتعالى خلقكم ثم يميتكم في نهاية أعماركم, ومنكم مَن يصير إلى أردأ العمر وهو الهرم, كما كان في طفولته لا يعلم شيئًا مما كان يعلمه, إن الله عليم قدير, أحاط علمه وقدرته بكل شيء, فالله الذي ردَّ الإنسان إلى هذه الحالة قادر على أن يميته, ثم يبعثه. وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ( 71 ) والله فَضَّل بعضكم على بعض فيما أعطاكم في الدنيا من الرزق, فمنكم غني ومنكم فقير, ومنكم مالك ومنكم مملوك, فلا يعطي المالكون مملوكيهم مما أعطاهم الله ما يصيرون به شركاء لهم متساوين معهم في المال, فإذا لم يرضوا بذلك لأنفسهم, فلماذا رضوا أن يجعلوا لله شركاء من عبيده؟ إن هذا لَمن أعظم الظلم والجحود لِنعم الله عز وجل. وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ( 72 ) والله سبحانه جعل مِن جنسكم أزواجا; لتستريح نفوسكم معهن, وجعل لكم منهن الأبناء ومِن نسلهنَّ الأحفاد, ورزقكم من الأطعمة الطيبة من الثمار والحبوب واللحوم وغير ذلك. أفبالباطل من ألوهية شركائهم يؤمنون, وبنعم الله التي لا تحصى يجحدون, ولا يشكرون له بإفراده جل وعلا بالعبادة؟ . التفسير المُيَسَّر
    0
  • لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ( 55 )

    ليجحدوا نعمنا عليهم,
    ومنها كَشْفُ البلاء عنهم,
    فاستمتعوا بدنياكم,
    ومصيرها إلى الزوال,
    فسوف تعلمون عاقبة كفركم وعصيانكم.

    وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ( 56 )

    ومِن قبيح أعمالهم أنهم يجعلون للأصنام التي اتخذوها آلهة,
    وهي لا تعلم شيئًا ولا تنفع ولا تضر,
    جزءًا من أموالهم التي رزقهم الله بها تقربًا إليها.
    تالله لتسألُنَّ يوم القيامة عما كنتم تختلقونه من الكذب على الله.

    وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ( 57 )

    ويجعل الكفار لله البنات,
    فيقولون: الملائكة بنات الله,
    تنزَّه الله عن قولهم,
    ويجعلون لأنفسهم ما يحبون من البنين.

    وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( 58 )

    وإذا جاء مَن يخبر أحدهم بولادة أنثى اسودَّ وجهه;
    كراهية لما سمع,
    وامتلأ غمًّا وحزنًا.

    يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ( 59 )

    يستخفي مِن قومه كراهة أن يلقاهم متلبسًا بما ساءه من الحزن والعار؛
    بسبب البنت التي وُلِدت له,
    ومتحيرًا في أمر هذه المولودة: أيبقيها حية على ذلٍّ وهوان,
    أم يدفنها حية في التراب؟
    ألا بئس الحكم الذي حكموه مِن جَعْل البنات لله والذكور لهم.

    لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 60 )

    للذين لا يؤمنون بالآخرة ولا يعملون لها,
    الصفة القبيحة من العجز والحاجة والجهل والكفر,
    ولله الصفات العليا من الكمال والاستغناء عن خلقه,
    وهو العزيز في ملكه, الحكيم في تدبيره.

    وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ( 61 )

    ولو يؤاخذ الله الناس بكفرهم وافترائهم ما ترك على الأرض مَن يتحرَّك,
    ولكن يبقيهم إلى وقت محدد هو نهاية آجالهم,
    فإذا جاء أجلهم لا يتأخرون عنه وقتًا يسيرًا, ولا يتقدمون.

    وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ ( 62 )

    ومن قبائحهم: أنهم يجعلون لله ما يكرهونه لأنفسهم من البنات,
    وتقول ألسنتهم كذبًا: إن لهم حسن العاقبة,
    حقًا أن لهم النار, وأنهم فيها مَتْروكون مَنْسيون.

    تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 63 )

    تالله لقد أرسلنا رسلا إلى أمم مِن قبلك - أيها الرسول-
    فحسَّن لهم الشيطان ما عملوه من الكفر والتكذيب وعبادة غير الله,
    فهو متولٍّ إغواءهم في الدنيا,
    ولهم في الآخرة عذاب أليم موجع.

    وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( 64 )

    وما أنزلنا عليك القرآن - أيها الرسول-
    إلا لتوضح للناس ما اختلفوا فيه من الدين والأحكام;
    لتقوم الحجة عليهم ببيانك ورشدًا ورحمة لقوم يؤمنون.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ( 55 ) ليجحدوا نعمنا عليهم, ومنها كَشْفُ البلاء عنهم, فاستمتعوا بدنياكم, ومصيرها إلى الزوال, فسوف تعلمون عاقبة كفركم وعصيانكم. وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ( 56 ) ومِن قبيح أعمالهم أنهم يجعلون للأصنام التي اتخذوها آلهة, وهي لا تعلم شيئًا ولا تنفع ولا تضر, جزءًا من أموالهم التي رزقهم الله بها تقربًا إليها. تالله لتسألُنَّ يوم القيامة عما كنتم تختلقونه من الكذب على الله. وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ( 57 ) ويجعل الكفار لله البنات, فيقولون: الملائكة بنات الله, تنزَّه الله عن قولهم, ويجعلون لأنفسهم ما يحبون من البنين. وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( 58 ) وإذا جاء مَن يخبر أحدهم بولادة أنثى اسودَّ وجهه; كراهية لما سمع, وامتلأ غمًّا وحزنًا. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ( 59 ) يستخفي مِن قومه كراهة أن يلقاهم متلبسًا بما ساءه من الحزن والعار؛ بسبب البنت التي وُلِدت له, ومتحيرًا في أمر هذه المولودة: أيبقيها حية على ذلٍّ وهوان, أم يدفنها حية في التراب؟ ألا بئس الحكم الذي حكموه مِن جَعْل البنات لله والذكور لهم. لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 60 ) للذين لا يؤمنون بالآخرة ولا يعملون لها, الصفة القبيحة من العجز والحاجة والجهل والكفر, ولله الصفات العليا من الكمال والاستغناء عن خلقه, وهو العزيز في ملكه, الحكيم في تدبيره. وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ( 61 ) ولو يؤاخذ الله الناس بكفرهم وافترائهم ما ترك على الأرض مَن يتحرَّك, ولكن يبقيهم إلى وقت محدد هو نهاية آجالهم, فإذا جاء أجلهم لا يتأخرون عنه وقتًا يسيرًا, ولا يتقدمون. وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ ( 62 ) ومن قبائحهم: أنهم يجعلون لله ما يكرهونه لأنفسهم من البنات, وتقول ألسنتهم كذبًا: إن لهم حسن العاقبة, حقًا أن لهم النار, وأنهم فيها مَتْروكون مَنْسيون. تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 63 ) تالله لقد أرسلنا رسلا إلى أمم مِن قبلك - أيها الرسول- فحسَّن لهم الشيطان ما عملوه من الكفر والتكذيب وعبادة غير الله, فهو متولٍّ إغواءهم في الدنيا, ولهم في الآخرة عذاب أليم موجع. وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( 64 ) وما أنزلنا عليك القرآن - أيها الرسول- إلا لتوضح للناس ما اختلفوا فيه من الدين والأحكام; لتقوم الحجة عليهم ببيانك ورشدًا ورحمة لقوم يؤمنون. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ( 43 )

    وما أرسلنا في السابقين قبلك - أيها الرسول-
    إلا رسلا من الرجال لا من الملائكة, نوحي إليهم,
    وإن كنتم - يا مشركي قريش- لا تصدقون بذلك فاسألوا أهل الكتب السابقة,
    يخبروكم أن الأنبياء كانوا بشرًا,
    إن كنتم لا تعلمون أنهم بشر.
    والآية عامة في كل مسألة من مسائل الدين,
    إذا لم يكن عند الإنسان علم منها أن يسأل من يعلمها من العلماء الراسخين في العلم.

    بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( 44 )

    وأَرْسَلْنا الرسل السابقين بالدلائل الواضحة وبالكتب السماوية,
    وأنزلنا إليك - أيها الرسول- القرآن;
    لتوضح للناس ما خفي مِن معانيه وأحكامه,
    ولكي يتدبروه ويهتدوا به.

    أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ( 45 ) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ( 46 ) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ( 47 )

    أفأمن الكفار المدبِّرون للمكايد أن يخسف الله بهم الأرض كما فعل بقارون,
    أو يأتيهم العذاب من مكان لا يُحِسُّونه ولا يتوقعونه,
    أو يأخذهم العذاب, وهم يتقلبون في أسفارهم وتصرفهم؟
    فما هم بسابقين الله ولا فائتيه ولا ناجين من عذابه;
    لأنه القوي الذي لا يعجزه شيء,
    أو يأخذهم الله بنقص من الأموال والأنفس والثمرات،
    أو في حال خوفهم من أخذه لهم,
    فإن ربكم لرؤوف بخلقه, رحيم بهم.

    أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ( 48 )

    أَعَمِيَ هؤلاء الكفار,
    فلم ينظروا إلى ما خلق الله من شيء له ظل, كالجبال والأشجار,
    تميل ظلالها تارة يمينًا وتارة شمالا تبعًا لحركة الشمس نهارًا والقمر ليلا
    كلها خاضعة لعظمة ربها وجلاله,
    وهي تحت تسخيره وتدبيره وقهره؟

    وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ( 49 )

    ولله وحده يسجد كل ما في السموات وما في الأرض مِن دابة,
    والملائكة يسجدون لله,
    وهم لا يستكبرون عن عبادته.
    وخصَّهم بالذكر بعد العموم لفَضْلهم وشرفهم وكثرة عبادتهم.

    يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ( 50 )

    يخاف الملائكة ربهم الذي هو فوقهم بالذات والقهر وكمال الصفات,
    ويفعلون ما يُؤْمرون به من طاعة الله.
    وفي الآية: إثبات صفة العلو والفوقية لله على جميع خلقه,
    كما يليق بجلاله وكماله.

    وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ( 51 )

    وقال الله لعباده:
    لا تعبدوا إلهين اثنين,
    إنما معبودكم إله واحد,
    فخافوني دون سواي.

    وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ ( 52 )

    ولله كل ما في السموات والأرض خلقًا وملكًا وعبيدًا,
    وله وحده العبادة والطاعة والإخلاص دائمًا,
    أيليق بكم أن تخافوا غير الله وتعبدوه؟

    وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ( 53 )
    وما بكم مِن نعمةِ هدايةٍ, أو صحة جسم, وسَعَة رزقٍ وولد, وغير ذلك, فمِنَ الله وحده, فهو المُنْعِم بها عليكم, ثم إذا نزل بكم السقم والبلاء والقحط فإلى الله وحده تَضِجُّون بالدعاء .

    ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ( 54 )
    ثم إذا كشف عنكم البلاء والسقم, إذا جماعة منكم بربهم المُنْعِم عليهم بالنجاة يتخذون معه الشركاء والأولياء.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ( 43 ) وما أرسلنا في السابقين قبلك - أيها الرسول- إلا رسلا من الرجال لا من الملائكة, نوحي إليهم, وإن كنتم - يا مشركي قريش- لا تصدقون بذلك فاسألوا أهل الكتب السابقة, يخبروكم أن الأنبياء كانوا بشرًا, إن كنتم لا تعلمون أنهم بشر. والآية عامة في كل مسألة من مسائل الدين, إذا لم يكن عند الإنسان علم منها أن يسأل من يعلمها من العلماء الراسخين في العلم. بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( 44 ) وأَرْسَلْنا الرسل السابقين بالدلائل الواضحة وبالكتب السماوية, وأنزلنا إليك - أيها الرسول- القرآن; لتوضح للناس ما خفي مِن معانيه وأحكامه, ولكي يتدبروه ويهتدوا به. أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ( 45 ) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ( 46 ) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ( 47 ) أفأمن الكفار المدبِّرون للمكايد أن يخسف الله بهم الأرض كما فعل بقارون, أو يأتيهم العذاب من مكان لا يُحِسُّونه ولا يتوقعونه, أو يأخذهم العذاب, وهم يتقلبون في أسفارهم وتصرفهم؟ فما هم بسابقين الله ولا فائتيه ولا ناجين من عذابه; لأنه القوي الذي لا يعجزه شيء, أو يأخذهم الله بنقص من الأموال والأنفس والثمرات، أو في حال خوفهم من أخذه لهم, فإن ربكم لرؤوف بخلقه, رحيم بهم. أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ( 48 ) أَعَمِيَ هؤلاء الكفار, فلم ينظروا إلى ما خلق الله من شيء له ظل, كالجبال والأشجار, تميل ظلالها تارة يمينًا وتارة شمالا تبعًا لحركة الشمس نهارًا والقمر ليلا كلها خاضعة لعظمة ربها وجلاله, وهي تحت تسخيره وتدبيره وقهره؟ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ( 49 ) ولله وحده يسجد كل ما في السموات وما في الأرض مِن دابة, والملائكة يسجدون لله, وهم لا يستكبرون عن عبادته. وخصَّهم بالذكر بعد العموم لفَضْلهم وشرفهم وكثرة عبادتهم. يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ( 50 ) يخاف الملائكة ربهم الذي هو فوقهم بالذات والقهر وكمال الصفات, ويفعلون ما يُؤْمرون به من طاعة الله. وفي الآية: إثبات صفة العلو والفوقية لله على جميع خلقه, كما يليق بجلاله وكماله. وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ( 51 ) وقال الله لعباده: لا تعبدوا إلهين اثنين, إنما معبودكم إله واحد, فخافوني دون سواي. وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ ( 52 ) ولله كل ما في السموات والأرض خلقًا وملكًا وعبيدًا, وله وحده العبادة والطاعة والإخلاص دائمًا, أيليق بكم أن تخافوا غير الله وتعبدوه؟ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ( 53 ) وما بكم مِن نعمةِ هدايةٍ, أو صحة جسم, وسَعَة رزقٍ وولد, وغير ذلك, فمِنَ الله وحده, فهو المُنْعِم بها عليكم, ثم إذا نزل بكم السقم والبلاء والقحط فإلى الله وحده تَضِجُّون بالدعاء . ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ( 54 ) ثم إذا كشف عنكم البلاء والسقم, إذا جماعة منكم بربهم المُنْعِم عليهم بالنجاة يتخذون معه الشركاء والأولياء. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ( 35 )

    وقال المشركون:
    لو شاء الله أن نعبده وحده ما عبدنا أحدًا غيره,
    لا نحن ولا آباؤنا مِن قبلنا,
    ولا حَرَّمَنا شيئًا لم يحرمه,
    بمثل هذا الاحتجاج الباطل احتج الكفار السابقون, وهم كاذبون;
    فإن الله أمرهم ونهاهم ومكَّنهم من القيام بما كلَّفهم به,
    وجعل لهم قوة ومشيئة تصدر عنها أفعالهم,
    فاحتجاجهم بالقضاء والقدر من أبطل الباطل من بعد إنذار الرسل لهم,
    فليس على الرسل المنذِرين لهم إلا التبليغ الواضح لما كُلِّفوا به.

    وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ( 36 )

    ولقد بعثنا في كل أمة سبقَتْ رسولا آمرًا لهم بعبادة الله وطاعته وحده
    وتَرْكِ عبادة غيره من الشياطين والأوثان والأموات
    وغير ذلك مما يتخذ من دون الله وليًا,
    فكان منهم مَن هدى الله, فاتبع المرسلين,
    ومنهم المعاند الذي اتبع سبيل الغيِّ,
    فوجبت عليه الضلالة, فلم يوفقه الله.
    فامشوا في الأرض,
    وأبصروا بأعينكم كيف كان مآل هؤلاء المكذبين,
    وماذا حلَّ بهم مِن دمار; لتعتبروا؟

    إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ( 37 )

    إن تبذل - أيها الرسول- أقصى جهدك لهداية هؤلاء المشركين
    فاعلم أن الله لا يهدي مَن يضلُّ,
    وليس لهم من دون الله أحد ينصرهم, ويمنع عنهم عذابه.

    وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ( 38 )

    وحلف هؤلاء المشركون بالله أيمانًا مغلَّظة
    أن الله لا يبعث مَن يموت بعدما بَلِيَ وتفرَّق,
    بلى سيبعثهم الله حتمًا, وعدًا عليه حقًا,
    ولكن أكثر الناس لا يعلمون قدرة الله على البعث, فينكرونه.

    لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ( 39 )

    يبعث الله جميع العباد;
    ليبين لهم حقيقة البعث الذي اختلفوا فيه,
    ويعلم الكفار المنكرون له أنهم على باطل,
    وأنهم كاذبون حين حلفوا أنْ لا بعث.

    إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( 40 )

    إنَّ أمر البعث يسير علينا,
    فإنَّا إذا أردنا شيئًا فإنما نقول له: « كن »،
    فإذا هو كائن موجود.

    وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ( 41 )

    والذين تركوا ديارهم مِن أجل الله,
    فهاجروا بعدما وقع عليهم الظلم,
    لنسكننهم في الدنيا دارًا حسنة,
    ولأجر الآخرة أكبر; لأن ثوابهم فيها الجنة.
    لو كان المتخلفون عن الهجرة يعلمون علم يقين ما عند الله من الأجر والثواب للمهاجرين في سبيله,
    ما تخلَّف منهم أحد عن ذلك.

    الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ( 42 )

    هؤلاء المهاجرون في سبيل الله هم الذين صبروا على أوامر الله وعن نواهيه وعلى أقداره المؤلمة,
    وعلى ربهم وحده يعتمدون,
    فاستحقوا هذه المنزلة العظيمة.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ( 35 ) وقال المشركون: لو شاء الله أن نعبده وحده ما عبدنا أحدًا غيره, لا نحن ولا آباؤنا مِن قبلنا, ولا حَرَّمَنا شيئًا لم يحرمه, بمثل هذا الاحتجاج الباطل احتج الكفار السابقون, وهم كاذبون; فإن الله أمرهم ونهاهم ومكَّنهم من القيام بما كلَّفهم به, وجعل لهم قوة ومشيئة تصدر عنها أفعالهم, فاحتجاجهم بالقضاء والقدر من أبطل الباطل من بعد إنذار الرسل لهم, فليس على الرسل المنذِرين لهم إلا التبليغ الواضح لما كُلِّفوا به. وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ( 36 ) ولقد بعثنا في كل أمة سبقَتْ رسولا آمرًا لهم بعبادة الله وطاعته وحده وتَرْكِ عبادة غيره من الشياطين والأوثان والأموات وغير ذلك مما يتخذ من دون الله وليًا, فكان منهم مَن هدى الله, فاتبع المرسلين, ومنهم المعاند الذي اتبع سبيل الغيِّ, فوجبت عليه الضلالة, فلم يوفقه الله. فامشوا في الأرض, وأبصروا بأعينكم كيف كان مآل هؤلاء المكذبين, وماذا حلَّ بهم مِن دمار; لتعتبروا؟ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ( 37 ) إن تبذل - أيها الرسول- أقصى جهدك لهداية هؤلاء المشركين فاعلم أن الله لا يهدي مَن يضلُّ, وليس لهم من دون الله أحد ينصرهم, ويمنع عنهم عذابه. وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ( 38 ) وحلف هؤلاء المشركون بالله أيمانًا مغلَّظة أن الله لا يبعث مَن يموت بعدما بَلِيَ وتفرَّق, بلى سيبعثهم الله حتمًا, وعدًا عليه حقًا, ولكن أكثر الناس لا يعلمون قدرة الله على البعث, فينكرونه. لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ( 39 ) يبعث الله جميع العباد; ليبين لهم حقيقة البعث الذي اختلفوا فيه, ويعلم الكفار المنكرون له أنهم على باطل, وأنهم كاذبون حين حلفوا أنْ لا بعث. إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( 40 ) إنَّ أمر البعث يسير علينا, فإنَّا إذا أردنا شيئًا فإنما نقول له: « كن »، فإذا هو كائن موجود. وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ( 41 ) والذين تركوا ديارهم مِن أجل الله, فهاجروا بعدما وقع عليهم الظلم, لنسكننهم في الدنيا دارًا حسنة, ولأجر الآخرة أكبر; لأن ثوابهم فيها الجنة. لو كان المتخلفون عن الهجرة يعلمون علم يقين ما عند الله من الأجر والثواب للمهاجرين في سبيله, ما تخلَّف منهم أحد عن ذلك. الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ( 42 ) هؤلاء المهاجرون في سبيل الله هم الذين صبروا على أوامر الله وعن نواهيه وعلى أقداره المؤلمة, وعلى ربهم وحده يعتمدون, فاستحقوا هذه المنزلة العظيمة. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ( 27 ) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 28 )

    ثم يوم القيامة يفضحهم الله بالعذاب ويذلُّهم به,
    ويقول: أين شركائي من الآلهة التي عبدتموها من دوني;
    ليدفعوا عنكم العذاب,
    وقد كنتم تحاربون الأنبياء والمؤمنين وتعادونهم لأجلهم؟
    قال العلماء الربانيون:
    إن الذل في هذا اليوم والعذاب على الكافرين بالله ورسله,
    الذين تقبض الملائكة أرواحهم في حال ظلمهم لأنفسهم بالكفر,
    فاستسْلَموا لأمر الله حين رأوا الموت,
    وأنكروا ما كانوا يعبدون من دون الله,
    وقالوا: ما كنا نعمل شيئًا من المعاصي,
    فيقال لهم: كَذَبْتم, قد كنتم تعملونها,
    إن الله عليم بأعمالكم كلها, وسيجازيكم عليها.

    فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ( 29 )

    فادخلوا أبواب جهنم,
    لا تخرجون منها أبدًا,
    فلبئست مقرًا للذين تكبَّروا عن الإيمان بالله وعن عبادته وحده وطاعته.

    وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ( 30 )

    وإذا قيل للمؤمنين الخائفين من الله:
    ما الذي أنزل الله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
    قالوا: أنزل الله عليه الخير والهدى.
    للذين آمنوا بالله ورسوله في هذه الدنيا,
    ودَعَوْا عباد الله إلى الإيمان والعمل الصالح,
    مَكْرُمَة كبيرة من النصر لهم في الدنيا,
    وسَعَة الرزق,
    ولَدار الآخرة لهم خير وأعظم مما أُوتوه في الدنيا,
    ولَنِعْم دارُ المتقين الخائفين من الله الآخرةُ.

    جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ( 31 ) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 32 )

    جنات إقامة لهم, يستقرون فيها, لا يخرجون منها أبدًا,
    تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار,
    لهم فيها كل ما تشتهيه أنفسهم,
    بمثل هذا الجزاء الطيب يجزي الله أهل خشيته وتقواه
    الذين تقبض الملائكةُ أرواحَهم, وقلوبُهم طاهرة من الكفر,
    تقول الملائكة لهم: سلام عليكم,
    تحية خاصة لكم وسلامة من كل آفة,
    ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون من الإيمان بالله والانقياد لأمره.

    هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ( 33 )

    ما ينتظر المشركون إلا أن تأتيهم الملائكة;
    لتقبض أرواحهم وهم على الكفر,
    أو يأتي أمر الله بعذاب عاجل يهلكهم,
    كما كذَّب هؤلاء كذَّب الكفار مِن قبلهم,
    فأهلكهم الله,
    وما ظلمهم الله بإهلاكهم, وإنزال العذاب بهم,
    ولكنهم هم الذين كانوا يظلمون أنفسهم بما جعلهم أهلا للعذاب.

    فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ( 34 )

    فنزلت بهم عقوبة ذنوبهم التي عملوها,
    وأحاط بهم العذاب الذي كانوا يسخرون منه.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ( 27 ) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 28 ) ثم يوم القيامة يفضحهم الله بالعذاب ويذلُّهم به, ويقول: أين شركائي من الآلهة التي عبدتموها من دوني; ليدفعوا عنكم العذاب, وقد كنتم تحاربون الأنبياء والمؤمنين وتعادونهم لأجلهم؟ قال العلماء الربانيون: إن الذل في هذا اليوم والعذاب على الكافرين بالله ورسله, الذين تقبض الملائكة أرواحهم في حال ظلمهم لأنفسهم بالكفر, فاستسْلَموا لأمر الله حين رأوا الموت, وأنكروا ما كانوا يعبدون من دون الله, وقالوا: ما كنا نعمل شيئًا من المعاصي, فيقال لهم: كَذَبْتم, قد كنتم تعملونها, إن الله عليم بأعمالكم كلها, وسيجازيكم عليها. فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ( 29 ) فادخلوا أبواب جهنم, لا تخرجون منها أبدًا, فلبئست مقرًا للذين تكبَّروا عن الإيمان بالله وعن عبادته وحده وطاعته. وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ( 30 ) وإذا قيل للمؤمنين الخائفين من الله: ما الذي أنزل الله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: أنزل الله عليه الخير والهدى. للذين آمنوا بالله ورسوله في هذه الدنيا, ودَعَوْا عباد الله إلى الإيمان والعمل الصالح, مَكْرُمَة كبيرة من النصر لهم في الدنيا, وسَعَة الرزق, ولَدار الآخرة لهم خير وأعظم مما أُوتوه في الدنيا, ولَنِعْم دارُ المتقين الخائفين من الله الآخرةُ. جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ( 31 ) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 32 ) جنات إقامة لهم, يستقرون فيها, لا يخرجون منها أبدًا, تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار, لهم فيها كل ما تشتهيه أنفسهم, بمثل هذا الجزاء الطيب يجزي الله أهل خشيته وتقواه الذين تقبض الملائكةُ أرواحَهم, وقلوبُهم طاهرة من الكفر, تقول الملائكة لهم: سلام عليكم, تحية خاصة لكم وسلامة من كل آفة, ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون من الإيمان بالله والانقياد لأمره. هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ( 33 ) ما ينتظر المشركون إلا أن تأتيهم الملائكة; لتقبض أرواحهم وهم على الكفر, أو يأتي أمر الله بعذاب عاجل يهلكهم, كما كذَّب هؤلاء كذَّب الكفار مِن قبلهم, فأهلكهم الله, وما ظلمهم الله بإهلاكهم, وإنزال العذاب بهم, ولكنهم هم الذين كانوا يظلمون أنفسهم بما جعلهم أهلا للعذاب. فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ( 34 ) فنزلت بهم عقوبة ذنوبهم التي عملوها, وأحاط بهم العذاب الذي كانوا يسخرون منه. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( 15 )

    وأرسى في الأرض جبالا تثبتها حتى لا تميل بكم,
    وجعل فيها أنهارًا; لتشربوا منها,
    وجعل فيها طرقًا; لتهتدوا بها في الوصول إلى الأماكن التي تقصدونها.

    وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ( 16 )

    وجعل في الأرض معالم تستدلُّون بها على الطرق نهارًا,
    كما جعل النجوم للاهتداء بها ليلا.

    أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ( 17 )

    أتجعلون الله الذي يخلق كل هذه الأشياء وغيرها
    في استحقاق العبادة كالآلهة المزعومة التي لا تخلق شيئًا؟
    أفلا تتذكرون عظمة الله, فتفردوه بالعبادة؟

    وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ( 18 )

    وإن تحاولوا حَصْرَ نِعَم الله عليكم لا تَفُوا بحَصْرها; لكثرتها وتنوعها.
    إن الله لَغفور لكم رحيم بكم؛
    إذ يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكر النعم,
    ولا يقطعها عنكم لتفريطكم,
    ولا يعاجلكم بالعقوبة.

    وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ( 19 )

    والله سبحانه يعلم كل أعمالكم,
    سواء ما تخفونه منها في نفوسكم وما تظهرونه لغيركم,
    وسيجازيكم عليها.

    وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ( 20 )

    والآلهة التي يعبدها المشركون لا تخلق شيئًا وإن صَغُر,
    فهي مخلوقات صنعها الكفار بأيديهم,
    فكيف يعبدونها؟

    أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ( 21 )

    هم جميعًا جمادات لا حياة فيها
    ولا تشعر بالوقت الذي يبعث الله فيه عابديها,
    وهي معهم ليُلقى بهم جميعًا في النار يوم القيامة.

    إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ( 22 )

    إلهكم المستحق وحده للعبادة هو الله الإله الواحد,
    فالذين لا يؤمنون بالبعث قلوبهم جاحدة وحدانيته سبحانه;
    لعدم خوفهم من عقابه,
    فهم متكبرون عن قبول الحق, وعبادة الله وحده.

    لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ( 23 )

    حقًا أنَّ الله يعلم ما يخفونه مِن عقائد وأقوال وأفعال,
    وما يظهرونه منها,
    وسيجازيهم على ذلك,
    إنه عز وجل لا يحب المستكبرين عن عبادته والانقياد له,
    وسيجازيهم على ذلك.

    وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ( 24 )

    وإذا سُئِل هؤلاء المشركون عمَّا نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم
    قالوا كذبًا وزورًا: ما أتى إلا بقصص السابقين وأباطيلهم.

    لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ( 25 )

    ستكون عاقبتهم أن يحملوا آثامهم كاملة يوم القيامة
    - لا يُغْفَر لهم منها شيء –
    ويَحْملوا من آثام الذين كذبوا عليهم; ليبعدوهم عن الإسلام
    من غير نقص من آثامهم.
    ألا قَبُحَ ما يحملونه من آثام.

    قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ( 26 )

    قد دبَّر الكفار من قَبْل هؤلاء المشركين المكايد لرسلهم,
    وما جاءوا به من دعوة الحق,
    فأتى الله بنيانهم من أساسه وقاعدته,
    فسقط عليهم السقف مِن فوقهم,
    وأتاهم الهلاك مِن مأمنهم,
    من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون أنه يأتيهم منه.
    .
    التفسير المُيَسَّر
    وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( 15 ) وأرسى في الأرض جبالا تثبتها حتى لا تميل بكم, وجعل فيها أنهارًا; لتشربوا منها, وجعل فيها طرقًا; لتهتدوا بها في الوصول إلى الأماكن التي تقصدونها. وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ( 16 ) وجعل في الأرض معالم تستدلُّون بها على الطرق نهارًا, كما جعل النجوم للاهتداء بها ليلا. أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ( 17 ) أتجعلون الله الذي يخلق كل هذه الأشياء وغيرها في استحقاق العبادة كالآلهة المزعومة التي لا تخلق شيئًا؟ أفلا تتذكرون عظمة الله, فتفردوه بالعبادة؟ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ( 18 ) وإن تحاولوا حَصْرَ نِعَم الله عليكم لا تَفُوا بحَصْرها; لكثرتها وتنوعها. إن الله لَغفور لكم رحيم بكم؛ إذ يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكر النعم, ولا يقطعها عنكم لتفريطكم, ولا يعاجلكم بالعقوبة. وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ( 19 ) والله سبحانه يعلم كل أعمالكم, سواء ما تخفونه منها في نفوسكم وما تظهرونه لغيركم, وسيجازيكم عليها. وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ( 20 ) والآلهة التي يعبدها المشركون لا تخلق شيئًا وإن صَغُر, فهي مخلوقات صنعها الكفار بأيديهم, فكيف يعبدونها؟ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ( 21 ) هم جميعًا جمادات لا حياة فيها ولا تشعر بالوقت الذي يبعث الله فيه عابديها, وهي معهم ليُلقى بهم جميعًا في النار يوم القيامة. إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ( 22 ) إلهكم المستحق وحده للعبادة هو الله الإله الواحد, فالذين لا يؤمنون بالبعث قلوبهم جاحدة وحدانيته سبحانه; لعدم خوفهم من عقابه, فهم متكبرون عن قبول الحق, وعبادة الله وحده. لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ( 23 ) حقًا أنَّ الله يعلم ما يخفونه مِن عقائد وأقوال وأفعال, وما يظهرونه منها, وسيجازيهم على ذلك, إنه عز وجل لا يحب المستكبرين عن عبادته والانقياد له, وسيجازيهم على ذلك. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ( 24 ) وإذا سُئِل هؤلاء المشركون عمَّا نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم قالوا كذبًا وزورًا: ما أتى إلا بقصص السابقين وأباطيلهم. لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ( 25 ) ستكون عاقبتهم أن يحملوا آثامهم كاملة يوم القيامة - لا يُغْفَر لهم منها شيء – ويَحْملوا من آثام الذين كذبوا عليهم; ليبعدوهم عن الإسلام من غير نقص من آثامهم. ألا قَبُحَ ما يحملونه من آثام. قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ( 26 ) قد دبَّر الكفار من قَبْل هؤلاء المشركين المكايد لرسلهم, وما جاءوا به من دعوة الحق, فأتى الله بنيانهم من أساسه وقاعدته, فسقط عليهم السقف مِن فوقهم, وأتاهم الهلاك مِن مأمنهم, من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون أنه يأتيهم منه. . التفسير المُيَسَّر
    0
  • #تأملات_قرآنية
    ﴿ هَلۡ أَتَاكَ حَدِیثُ ٱلۡغَـاشِیَةِ ١ ﴾
    " الغاشية "

    💡القاسمي
    ( : أي خَبَرُها وقِصَّتُها..
    وأصْلُ الغاشِيَةِ الدّاهِيَةُ الَّتِي تَغْشى النّاسَ بِشَدائِدِها.
    والِاسْتِفْهامُ لِلتَّعْظِيمِ والتَّعَجُّبِ..)

    💡ابن الجوزي
    ( وَفِي " الغاشِيَةِ " قَوْلانِ .
    1️⃣ أنَّها القِيامَةُ تَغْشى النّاسَ بِالأهْوالِ..
    2️⃣ أنَّها النّارُ تَغْشى وجُوهَ الكُفّارِ..)

    💡مركز تفسير للدراسات القرآنية
    ( ‏ •نزلت بعد سورة الكهف.

    •الارتباط بين سورة الغاشية وقراءتها يوم الجمعة
    لأن السورة تتحدث عن أهوال يوم القيامة وفي يوم الجمعة تقوم الساعة .)

    💡د.رقية المحارب
    ( ‏القرآن يأمر بتقليب البصر والتفكر في كل أرجاء الدنيا.
    اقرأ "سورة الغاشية"
    واعلم أنه لا بد من تقليب الفكر فيها وانعم بأثر ذلك في زيادة إيمانك ! )
    #تأملات_قرآنية ﴿ هَلۡ أَتَاكَ حَدِیثُ ٱلۡغَـاشِیَةِ ١ ﴾ " الغاشية " 💡القاسمي ( : أي خَبَرُها وقِصَّتُها.. وأصْلُ الغاشِيَةِ الدّاهِيَةُ الَّتِي تَغْشى النّاسَ بِشَدائِدِها. والِاسْتِفْهامُ لِلتَّعْظِيمِ والتَّعَجُّبِ..) 💡ابن الجوزي ( وَفِي " الغاشِيَةِ " قَوْلانِ . 1️⃣ أنَّها القِيامَةُ تَغْشى النّاسَ بِالأهْوالِ.. 2️⃣ أنَّها النّارُ تَغْشى وجُوهَ الكُفّارِ..) 💡مركز تفسير للدراسات القرآنية ( ‏ •نزلت بعد سورة الكهف. •الارتباط بين سورة الغاشية وقراءتها يوم الجمعة لأن السورة تتحدث عن أهوال يوم القيامة وفي يوم الجمعة تقوم الساعة .) 💡د.رقية المحارب ( ‏القرآن يأمر بتقليب البصر والتفكر في كل أرجاء الدنيا. اقرأ "سورة الغاشية" واعلم أنه لا بد من تقليب الفكر فيها وانعم بأثر ذلك في زيادة إيمانك ! )
    0
  • التفسير المصور
    التفسير المصور
    7 الأعضاء
  • التفسير وعلوم القرآن
  • (الوجوه والنظائر - حرف التاء)
    (الوجوه والنظائر - حرف التاء) معاني الكلمات المتماثلة في القرآن - حرف التاء   إعداد مركز المحتوى القرآني   كلمة (التسبيح)   ورد لفظ (التسبيح) في القرآن ما يقارب (87) مرة، وأصل معناه: الاستمرار في التنزيه من السوء على جهة التعظيم. ومعنى (التسبيح) في القرآن جاء على ستة وجوه: أولاً: جاء بمعنى (الصلاة)، كقوله: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) [الروم:...
    1
    0
  • (الوجوه والنظائر - حرف الحاء)
    (الوجوه والنظائر - حرف الحاء) معاني الكلمات المتماثلة في القرآن - حرف الحاء   إعداد مركز المحتوى القرآني   كلمة (الحرام)   ورد لفظ (الحرام)في القرآن ما يقارب (29) مرة ، وأصله المنع، ومنه حرمته عطاءه حرمانا أي: منعته إياه. ومعنى (الحرام) في القرآن جاء على (3) وجوه: أولاً: جاء بمعنى (لمنع بالنهي)، كقوله:(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)[ سورةالمائدة: 3] ثانياً: جاء بمعنى...
    2
    1
  • آدم عليه السلام في القرآن
    آدم عليه السلام في القرآن الكريم   إعداد مركز المحتوى القرآني   خليفة في الأرض مُكرّم في السماء   يحكم الله أن يجعل خليفة في الأرض، ولا معقّب لحكمه، فكرّم هذا الخليفة، وأمر ملائكته بالسجود له؛ تشريفاً، وإجلالاً، وهذا الخليفة هو: آدم عليه السلام، أول أنبياء الله تعالى، وأبو البشر كلّهم. قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً...
    2
    1
  • أصحاب الأخدود
    أصحاب الأخدود   إعداد مركز المحتوى القرآني   أصحاب الأخدود يصور القرآن الكريم في قصصه العظيم، حال المؤمنين، وحال الكافرين، والصراع القائم بين الحق والباطل، وما يبذله المؤمنون في سبيل المحافظة على العقيدة الصحيحة، والثبات على الدين القويم.وكيف يجابَه موقفهم الصامد، وإصرارهم على الحق؛ بتشريد، وتعذيب، وترهيب.ومن هذه القصص العظام: قصة أصحاب الأخدود.قال تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ...
    0
  • أصحاب الجنة
    أصحاب الجنة   إعداد مركز المحتوى القرآني   بين جنة وصريم ضرب الله تعالى قصة أصحاب الجنة: " لكفار قريش فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة وأعطاهم من النعم الجسيمة، وهو بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إليهم فقابلوه بالتكذيب والرد والمحاربة. ([1]) "قال تعالى: ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ۝ وَلَا يَسْتَثْنُونَ ۝...
    1
  • أصحاب القرية
    أصحاب القرية   إعداد مركز المحتوى القرآني قصة أصحاب القرية من القصص القرآني العظيم التي صورت حال الأقوام مع أنبيائهم، قصة أصحاب القرية.قال تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ۝ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ﴾ [يس: 13- 14]."يقول تعالى ذكره: ومثل يا محمد...
    1
  • أصحاب الكهف
    أصحاب الكهف   إعداد مركز المحتوى القرآني   أصحاب الكهف والرقيم من القصص القرآني العظيم، قصة أصحاب الكهف والرقيم.قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ۝ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ۝ فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ...
    0
  • أيوب عليه السلام في القرآن
    أيوب عليه السلام في القرآن   إعداد مركز المحتوى القرآني   أيوب عليه السلام مع الابتلاء   وصف الله ابتلاء أيوب عليه السلام، والضرّ الذي أصابه، وما مسه من النصب، والعذاب. قال تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ۝ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ...
    1
    0
  • إبراهيم عليه السلام في القرآن(1)
    إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم (1)   إبراهيم عليه السلام (نبيٌّ أمّة) ما هي صفاته التي حدثنا عنها القرآن الكريم؟   من أكثر القصص وروداً في القرآن الكريم، قصة نبيّ كريم، اصطفاه الله، واصطفى آله، وجعل في ذريته النبوة والكتاب، هو إبراهيم عليه السلام. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ۝ ذُرِّيَّةً...
    0
  • إبراهيم عليه السلام في القرآن(2)
    إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم (2)   تهيئة البيت الحرام للشعائر العظام ولضيوف الرحمن الكرام   قال تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: 125]. قال تعالى: ﴿وَإِذْ...
    0