أصحاب الكهف

 

إعداد مركز المحتوى القرآني

 

أصحاب الكهف والرقيم

من القصص القرآني العظيم، قصة أصحاب الكهف والرقيم.
قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ۝ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ۝ فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا۝ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾ [الكهف: 9- 12].
"يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أم حسبتَ يا محمد أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً، فإنَّ ما خلقتُ من السماوات والأرض، وما فيهنّ من العجائب أعجب من أمر أصحاب الكهف، وحجتي بكل ذلك ثابتة على هؤلاء المشركين من قومك، وغيرهم من سائر عبادي. ([1]) "
الكهف والرقيم:
"أما الكهف، فإنه كهف الجبل الذي أوى إليه القوم الذين قصّ الله شأنهم في هذه السورة.
وأما الرقيم، فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنيّ به، فقال بعضهم: هو اسم قرية، أو وادٍ على اختلاف بينهم في ذلك. ([2]) "
"وقال آخرون: الرقيم: الكتاب. ([3]) "
"وقال آخرون: بل هو اسم جبل أصحاب الكهف. ([4]) "
"وأولى هذه الأقوال بالصواب في الرقيم أن يكون معنياً به: لوح، أو حجر، أو شيء كتب فيه كتاب، وقد قال أهل الأخبار: إن ذلك لوح كتب فيه أسماء أصحاب الكهف وخبرهم حين أووا إلى الكهف. ([5]) "

فرار الفتية المؤمنين بالدين:
"يخبر تعالى عن أولئك الفتية الذين فروا بدينهم من قومهم؛ لئلا يفتنوهم عنه، فهربوا منهم فلجأوا إلى غار في جبل ليختفوا عن قومهم، فقالوا حين دخلوا سائلين من الله تعالى رحمته ولطفه بهم: (ربنا آتنا من لدنك رحمة) أي: هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها وتسترنا عن قومنا، (وهيئ لنا من أمرنا رشداً) أي: وقدر لنا من أمرنا هذا رشداً، أي: اجعل عاقبتنا رشداً. ([6]) "
والمراد بالضرب على آذانهم في الكهف سنين عدداً:
أي ألقى الله تعالى عليهم النوم سنين معدودة، ثم بعثهم من رقدتهم؛ لينظر عباده فيعلموا بالبحث أي الطائفتين المختلفتين كانت أصوب في مدة مكث الفتية في الكهف. ([7])

فتية آمنوا بربهم


القصص القرآني العظيم خبر حق؛ لأنه من الله تبارك وتعالى علام الغيوب.
قال تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ۝ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾ [الكهف: 13- 14].
فما وصف هؤلاء الفتية الذين قص الله خبرهم على نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم؟
وكيف زادهم هدى وربط على قلوبهم؟
"بالحق، يعني: بالصدق واليقين الذي لا شك فيه.
(إنهم فتية آمنوا بربهم) يقول: إن الفتية الذين أووا إلى الكهف الذين سألك عن نبئهم الملأ من مشركي قومك، فتية آمنوا بربهم.
(وزدناهم هدى) يقول: وزدناهم إلى إيمانهم بربهم إيماناً، وبصيرة بدينهم، حتى صبروا على هجران دار قومهم، والهرب من بين أظهرهم بدينهم إلى الله، وفراق ما كانوا فيه من خفض العيش ولينه، إلى خشونة المكث في كهف الجبل.
وقوله: (وربطنا على قلوبهم) يقول عز ذكره: وألهمناهم الصبر، وشددنا قلوبهم بنور الإيمان حتى عزفت أنفسهم عما كانوا عليه من خفض العيش. ([8]) "
ما حكمة بيان أنهم فتية؟
قال ابن كثيراً مبيناً الحكمة من ذلك: " ذكر تعالى أنهم فتية وهم الشباب، وهم أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عتوا وانغمسوا في دين الباطل، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم شباباً، وأما المشايخ من قريش، فعامتهم بقوا على دينهم ولم يسلم منهم إلا القليل.
وهكذا أخبر تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شباباً. ([9]) "
"(لقد قلنا إذا شططاً) يقول جل ثناؤه: لئن دعونا إلهاً غير إله السماوات والأرض، لقد قلنا إذن بدعائنا غيره إلهاً، شططاً من القول: يعني غالياً من الكذب، مجاوزاً مقداره في البطول والغلو. ([10]) "
فكيف فر الفتية بدينهم؟
وما كان مأواهم؟
وكيف عصموا أنفسهم من فتنة قومهم؟

عزلة في الكهف

قال تعالى: ﴿هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ۝ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا﴾ [الكهف: 15- 16].
"يقول عز ذكره مخبراً عن قيل الفتية من أصحاب الكهف: هؤلاء قومنا اتخذوا من دون الله آلهة يعبدونها من دونه (لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن) يقول: هلا يأتون على عبادتهم إياها بحجة بينة. ([11]) "
وأنى لهم ذلك؟ ولا رب غيره سبحانه، ولا إله سواه، ولا مستحق للعبادة إلا هو.
فلا حجة لهؤلاء المشركين في شركهم، ولا عذر لهم في كفرهم، وإن احتجوا فحجتهم داحضة، ولا ينفعهم عذرهم يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
فكيف اعتزل الفتية قومهم؟ وما كان هدفهم؟ وما المراد بقوله تعالى: (وإذ اعتزلتموهم)؟
"أي: وإذ فارقتموهم وخالفتموهم بأديانكم في عبادتهم غير الله، ففارقوهم أيضاً بأبدانكم، فأووا إلى الكهف؛ ينشر لكم ربكم من رحمته، أي: يبسط عليكم رحمة يستركم بها من قومكم ويهيئ لكم من أمركم الذي أنتم فيه مرفقاً، أي: أمراً ترتفقون به، فعند ذلك خرجوا هراباً إلى الكهف فأووا إليه، ففقدهم قومهم من بين أظهرهم وتطلبهم الملك، فيقال: إنه لم يظفر بهم وعمى الله عليه خبرهم، كما فعل بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وصاحبه الصديق حين لجئا إلى غار ثور، وجاء المشركون من قريش في الطلب، فلم يهتدوا إليه مع أنهم يمرون عليه، وعندها قال النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى جزع الصديق في قوله: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى موضع قدميه لأبصرنا، فقال: (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟) [صحيح مسلم، 2381] وقد قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 40]. ([12]) "

آية الشمس في قصة أصحاب الكهف والرقيم

قد يتساءل بعضهم: كيف بقي الفتية أحياء وهم رقود سنين طويلة؟
إنها حكمته تعالى، وقدرته على تسخير ما حولهم من آيات؛ لتحفظهم بمشيئته تعالى.
قال تعالى: ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾ [الكهف: 17].

الشمس تزاور عن كهفهم ذات اليمين:
"يقول تعالى ذكره: (وَتَرَى الشَّمْسَ) يا محمد (إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ) يعني بقوله: (تَزَاوَرُ): تعدل وتميل، من الزور: وهو الْعَوج والميل، يقال منه: في هذه الأرض زَوَر: إذا كان فيها اعوجاج، وفي فلان عن فلان ازورار، إذا كان فيه عنه إعراض. ([13]) "

الشمس تقرضهم ذات الشمال:
"يقول تعالى ذكره: وإذا غربت الشمس تتركهم من ذات شمالهم، وإنما معنى الكلام: وترى الشمس إذا طلعت تعدل عن كهفهم، فتطلع عليه من ذات اليمين، لئلا تصيب الفتية؛ لأنها لو طلعت عليهم قبالهم لأحرقتهم وثيابهم، أو أشحبتهم، وإذا غربت تتركهم بذات الشمال، فلا تصيبهم.([14]) "

"ذلك من آيات الله حيث أرشدهم إلى هذا الغار الذي جعلهم فيه أحياء والشمس والريح تدخل عليهم فيه؛ لتبقى أبدانهم، ولهذا قال تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ﴾ [الكهف: 17]، ثم قال: ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ﴾ الآية [الكهف: 17].
أي: هو الذي أرشد هؤلاء الفتية إلى الهداية من بين قومهم، فإنه من هداه الله اهتدى، ومن أضله فلا هادي له. ([15]) "
وهذا الميزان الدقيق لحركة الشمس ليس خبط عشواء – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً- بل هو تقدير الخلاق العليم.

وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود

في قصة أصحاب الكهف من العجائب، ودلائل الرحمة والتسخير والعناية الربانية، ما يوقظ القلوب من غفلاتها، ويحيي البصائر بعد فواتها.

قال تعالى: ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾ [الكهف: 18].

"يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وتحسب يا محمد هؤلاء الفتية الذين قصصنا عليك قصتهم، لو رأيتهم في حال ضربنا على آذانهم في كهفهم الذي أووا إليه أيقاظاً.
والأيقاظ: جمع يقظ. ([16]) "
"وقوله: (وهم رقود) يقول: وهم نيام، والرقود: جمع راقد، كالجلوس: جمع جالس، والقعود: جمع قاعد، وقوله ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) يقول جل ثناؤه: ونقلب هؤلاء الفتية في رقدتهم مرة للجنب الأيمن، ومرة للجنب الأيسر([17])"

ما هي الحكمة في كون الحال التي كان عليها الفتية مسببة للرعب موجبة للهرب؟
"قوله: (لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً) يقول: لو اطلعت عليهم في رقدتهم التي رقدوها في كهفهم، لأدبرت عنهم هارباً منهم فاراً.
(ولملئت منهم رعباً) يقول: ولملئت نفسك من اطلاعك عليهم فزعاً، لما كان الله ألبسهم من الهيبة؛ كي لا يصل إليهم واصل، ولا تلمسهم يد لامس حتى يبلغ الكتاب فيهم أجله، وتوقظهم من رقدتهم قدرته وسلطانه في الوقت الذي أراد أن يجعلهم عبرة لمن شاء من خلقه، وآية لمن أراد الاحتجاج بهم عليه من عباده؛ ليعلموا أن وعد الله حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها. ([18]) "

العودة


بعد بعث أصحاب الكهف من رقدتهم؛ لم يقدّروا طول المدة التي مكثوها على تلك الحال، فظنوا أنهم لبثوا يوماً أو بعض يوم.
قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ۝ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا﴾ [الكهف: 19- 20].
"يقول تعالى ذكره: كما أرقدنا هؤلاء الفتية في الكهف، فحفظناهم من وصول واصل إليهم، وعين ناظر أن ينظر إليهم، وحفظنا أجسامهم من البلاء على طول الزمان، وثيابهم من العفن على مرّ الأيام بقدرتنا، فكذلك بعثناهم من رقدتهم، وأيقظناهم من نومهم؛ لنعرّفهم عظيم سلطاننا، وعجيب فعلنا في خلقنا، وليزدادوا بصيرة في أمرهم الذي هم عليه من براءتهم من عبادة الآلهة، وإخلاصهم لعبادة الله وحده لا شريك له، إذا تبيَّنوا طول الزمان عليهم، وهم بهيئتهم حين رقدوا، وقوله: (لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ) يقول: ليسأل بعضهم بعضاً (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ) يقول عزّ ذكره: فتساءلوا فقال قائل منهم لأصحابه: (كَمْ لَبِثْتمْ) وذلك أنهم استنكروا من أنفسهم طول رقدتهم (قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) يقول: فأجابه الآخرون فقالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم، ظناً منهم أن ذلك كذلك كان، فقال الآخرون: (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ) فسلِّموا العلم إلى الله.
وقوله: (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ) يعني مدينتهم التي خرجوا منها هِراباً، التي تسمى أفسوس (فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ) ذكر أنهم هبوا من رقدتهم جِياعاً، فلذلك طلبوا الطعام. ([19]) "
واختلف في المراد بقوله تعالى: (أزكى طعاماً)، وقال ابن جرير الطبري: " وأولى الأقوال عندي في ذلك بالصواب: قول من قال: معنى ذلك: أحل وأطهر؛ وذلك أنه لا معنى في اختيار الأكثر طعاماً للشراء منه إلا بمعنى إذا كان أكثرهم طعاماً، كان خليقاً أن يكون الأفضل منه عنده أوجد، وإذا شرط على المأمور الشراء من صاحب الأفضل، فقد أمر بشراء الجيد، كان ما عند المشتري ذلك منه قليلاً الجيد أو كثيراً. ([20]) "
"وقوله: (وليتلطف) يقول: وليترفق في شرائه ما يشتري، وفي طريقه ودخوله المدينة (ولا يشعرن بكم أحداً) يقول: ولا يعلمن بكم أحداً من الناس، وقوله: (إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم) يعنون بذلك: دقينوس وأصحابه، قالوا: إن دقينوس وأصحابه إن يظهروا عليكم، فيعلموا مكانكم، يرجموكم شتماً بالقول. ([21]) "
" وقوله: (أو يعيدوكم في ملتهم) يقول: أو يردوكم في دينهم، فتصيروا كفاراً بعبادة الأوثان.
(ولن تفلحوا إذا أبداً) يقول: ولن تدركوا الفلاح، وهو البقاء الدائم والخلود في الجنان، إذن: أي إن أنتم عدتم في ملتهم أبداً: أيام حياتكم. ([22]) "

تنازع القوم في أمر أصحاب الكهف

كان أصحاب الكهف – قبل عزلتهم- مقيمين بين ظهراني قوم مشركين.
وكان هؤلاء المشركون ينكرون البعث بعد الموت، وقيام الساعة.
فكان بعث أصحاب الكهف بعد طول رقاد؛ دليل على قدرة الله تعالى على إحياء الناس بعد فنائهم، وبعثهم بعد موتهم.
قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: 21].
" يقول تعالى ذكره: وكما بعثناهم بعد طول رقدتهم كهيئتهم ساعة رقدوا، ليتساءلوا بينهم، فيزدادوا بعظيم سلطان الله بصيرة، وبحسن دفاع الله عن أوليائه معرفة.
(وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ) يقول: كذلك أطلعنا عليهم الفريق الآخر الذين كانوا في شكّ من قُدرة الله على إحياء الموتى، وفي مِرْية من إنشاء أجسام خلقه، كهيئتهم يوم قبضهم بعد البِلَى، فيعلموا أن وَعْد الله حق، ويُوقنوا أن الساعة آتية لا ريب فيها. ([23]) "
البنيان والمسجد:
" (قالوا ابنوا عليهم بنياناً ربهم أعلم بهم) أي: سدوا عليهم باب كهفهم، وذروهم على حالهم.
(قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً) حكى ابن جرير في القائلين ذلك قولين أحدهما: إنهم المسلمون منهم.
والثاني: أهل الشرك منهم، فالله أعلم. ([24]) "

ما حقيقة عددهم؟ ومن الأعلم بأمرهم؟

قال تعالى: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾ [الكهف: 22].
"يقول تعالى ذكره: سيقول بعض الخائضين في أمر الفتية من أصحاب الكهف: هم ثلاثة رابعهم كلبهم، ويقول بعضهم: هم خمسة سادسهم كلبهم.
(رَجْمًا بِالْغَيْبِ): يقول: قذفاً بالظنّ غير يقين علم، كما قال الشاعر:
وأجْعَلُ مِنِّي الحَقَّ غَيْباً مُرَجَّمَا ([25]) "
" وقوله: (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) يقول: ويقول بعضهم: هم سبعة وثامنهم كلبهم.
(قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ) يقول عزّ ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لقائلي هذه الأقوال في عدد الفتية من أصحاب الكهف رجماً منهم بالغيب: (رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ) يقول: ما يعلم عددهم (إلا قَلِيلٌ) من خلقه. ([26]) "
مراء ظاهر:
"(مراء ظاهراً): أي سهلاً هيناً، فإن الأمر في معرفة ذلك لا يترتب عليه كبير فائدة ولا تستفت فيهم منهم أحداً، أي: فإنهم لا علم لهم بذلك إلا ما يقولونه من تلقاء أنفسهم رجماً بالغيب، أي: من غير استناد إلى كلام معصوم، وقد جاءك الله يا محمد بالحق الذي لا شك فيه ولا مرية فيه، فهو المقدم الحاكم على كل ما تقدمه من الكتب والأقوال. ([27]) "
والأعلم بحقيقة أمرهم، وعددهم هو الله عز وجل، لا أحد سواه.

كم مدة لبثهم في كهفهم؟

أرشد المولى عز وجل رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: "إلى الأدب فيما إذا عزم على شيء ليفعله في المستقبل أن يرد ذلك إلى مشيئة الله عز وجل، علام الغيوب الذي يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون. ([28]) "

قال تعالى: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا ۝ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ۝ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ۝قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 23- 26].

وقد ناسب هذا الإرشاد الرباني، ما ورد في شأن أهل الكهف، ومدة لبثهم، وعددهم، فلا علم لأحد بحقيقة أمرهم إلا الله عز وجل علام الغيوب.
"ومعنى الكلام: إلا أن تقول معه: إن شاء الله. ([29]) "

ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً:
"اختلف أهل التأويل في معنى قوله: (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً) فقال بعضهم: ذلك خبر من الله تعالى ذكره عن أهل الكتاب أنهم يقولون ذلك كذلك، واستشهدوا على صحة قولهم ذلك بقوله: (قل الله أعلم بما لبثوا) وقالوا: لو كان ذلك خبراً من الله عن قدر لبثهم في الكهف، لم يكن لقوله (قل الله أعلم بما لبثوا) وجه مفهوم، وقد أعلم الله خلقه مبلغ لبثهم فيه وقدره. ([30]) "
"وقال آخرون: بل ذلك خبر من الله عن مبلغ ما لبثوا في كهفهم. ([31]) "
"وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال كما قال الله عز ذكره: ولبث أصحاب الكهف في كهفهم رقوداً إلى أن بعثهم الله، ليتساءلوا بينهم، وإلى أن أعثر عليهم من أعثر، ثلاث مئة سنين وتسع سنين، وذلك أن الله بذلك أخبر في كتابه. ([32]) "

هدايات وعبر من قصة أصحاب الكهف

في قصة أصحاب الكهف الذين سميت باسمهم سورة قرآنية عظيمة، هدايات وعبر، وتربية ربانية، ومن هذه الهدايات والعبر والآداب:

أولاً: تغيير البيئة للفرار بالدين من تأثير القوم الكافرين:
قال تعالى: ﴿هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ۝ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا﴾ [الكهف: 15- 16].

ثانياً: من الآداب التربوية الربانية تقييد الأمور والأعمال المستقبلية بالمشيئة الإلهية:
قال تعالى: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا ۝ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الكهف: 23- 24].

ثالثاً: ذكر الله تعالى عند النسيان:
قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا﴾ [الكهف: 24].

رابعاً: لا يحيط بدقائق الأمور وبواطنها إلا علام الغيوب:
قال تعالى: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾ [الكهف: 22].

خامساً: طلاقة القدرة الإلهية في بعث أصحاب الكهف وتسخير الآيات الكونية:
قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: 21].
وقال تعالى: ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾ [الكهف: 18].

 

إعداد: 
جمانة بنت خالد

مراجعة وتدقيق:
عادل الشميري 

إشراف: 
الشيخ غازي بن بنيدر العمري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 17/ 600- 601، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

[2] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 602.

[3] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 603.

[4] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 603.

[5] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 604.

[6] تفسير القرآن العظيم: ابن كثير، 5/ 126، تحقيق: محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1419 هـ.

[7] انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 613.

[8] جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 17/ 615، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

[9] تفسير القرآن العظيم: ابن كثير، 5/ 127، تحقيق: محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1419 هـ.

[10] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 615.

[11] جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 17/ 616، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

[12] تفسير القرآن العظيم: ابن كثير، 5/ 128- 129، تحقيق: محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1419 هـ.

[13] جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 17/ 619، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

[14] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 621.

[15] تفسير القرآن العظيم: ابن كثير، 5/ 130، تحقيق: محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1419 هـ.

[16] جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 17/ 623، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

[17] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 624.

[18] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 626.

[19] جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 17/ 627، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

[20] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 638.

[21] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 639.

[22] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 639.

[23] جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 17/ 639- 640، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

[24] تفسير القرآن العظيم: ابن كثير، 5/ 133، تحقيق: محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1419 هـ.

[25] جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 17/ 641، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

[26] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 641.

[27] تفسير القرآن العظيم: ابن كثير، 5/ 135، تحقيق: محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1419 هـ.

[28] تفسير القرآن العظيم: ابن كثير، 5/ 135، تحقيق: محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1419 هـ.

[29] جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 17/ 645، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

[30] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 647.

[31] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 648.

[32] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 17/ 648.