اليسع عليه السلام

 

من الأنبياء الكرام الذين امتدحهم الله تبارك وتعالى وأثنى عليهم، كما أثنى على أنبيائه ورسله:

اليسع عليه السلام.

قال تعالى: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ۝وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ۝ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 86 – 90].

"واليسع، هو اليسع بن أخْطُوب بن العجوز.

واختلفت القرأة في قراءة اسمه.

فقرأته عامة قرأة الحجاز والعراق: (وَالْيَسَعَ) بلام واحدة مخففة.

وقد زعم قوم أنه (يفعل)، من قول القائل: وسِعَ يسع، ولا تكاد العرب تدخل الألف واللام على اسم يكون على هذه الصورة - أعني على يفعل- لا يقولون: رأيت اليزيد، ولا أتاني اليَحْيَى، ولامررت باليشكر، إلافي ضرورة شعر، وذلك أيضاً إذا تُحُرِّي به المدح، كما قال بعضهم:

وَجَدْنَا الْوَليدَ بْنَ الْيَزِيدَ مُبَارَكًا شَدِيدًا بِأَحْنَاءِ الْخِلافَةِ كَاهِلُهْ

فأدخل فياليزيد الألف واللام؛ وذلك لإدخاله إياهما في الوليد، فأتبعها ليزيد بمثل لفظه.

وقرأ ذلك جماعة من قرأة الكوفيين: (وَاللَّيْسَعَ) بلامين، وبالتشديد، وقالوا: إذا قرئ كذلك، كان أشبه بأسماء العجم، وأنكروا التخفيف. وقالوا: لا نعرف في كلام العرب اسماً على (يفعل) فيه ألف ولام.

قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندي، قراءةُ من قرأه بلام واحدة مخففة؛ لإجماع أهل الأخبار على أن ذلك هو المعروف من اسمه، دون التشديد، مع أنه اسم أعجمي، فينطق به على ما هو به. وإنما يُعْلَم دخول الألف واللام فيما جاء من أسماء العرب على يفعل.

وأما الاسم الذي يكون أعجميّاً، فإنما ينطق به على ما سَمَّوا به، فإن غُيِّرَ منه شيء إذا تكلمت العرب به، فإنما يغيّر بتقويم حرف منه من غير حذف ولا زيادة فيه ولا نقصان، والليسع إذا شدد، لحقته زيادة لم تكن فيه قبل التشديد، وأخرى، أنه لم يحفظ عن أحد من أهل العلم علمنا أنه قال: اسمه (ليسع)، فيكون مشدداً عند دخول الألف واللام اللتين تدخلان للتعريف." ([1])

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 11/ 510 - 512، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.