معترك الأقران في ترجمة معاني القرآن

دراسة تحليلية للألفاظ القرآنية ذات الوجوه وتعامل مترجمي معاني القرآن الكريم معها

 

الكاتب: أ.د وليد بن بليهش العمري

 

ومضة

إن أول ما يحتاج أن يُشتغل به من علوم القرآن، العلوم اللفظية... وليس ذلك نافعاً في علم القرآن فقط، بل هو نافع في كل علم من علوم الشرع، فألفاظ القرآن هي لب كلام العرب وزبدته، وواسطته وكرائمه، وعليها اعتماد الفقهاء والحكماء في أحكامهم وحكمهم، وإليها مفزع حذاق الشعراء في نظمهم ونثرهم.

 (الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، ص 6)

      

مقدمة وفيها تحديد الهدف من البحث

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على خير المرسلين، محمد الأمين، ومن اقتفى أثره واستن بسنته واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: فأهدف من هذه الدراسة إلى تتبع ظاهرة المشترك اللفظي أو ما يعرف في كتب علوم القرآن بعلم أو نوع الوجوه والنظائر، وذلك بمحاولة الإجابة عن أسئلة مثل: ما هو تعريف هذا النوع؟ وما هي حدوده؟ وما هي المصنفات التي صُنفت فيه والدراسات التي خصصت له وما منهجيتها؟ وما هي جوانب القصور فيها إن وجدت؟ بغية الوصول إلى فهم تقعيدي لظاهرة المشترك اللفظي؛ لما له من أهمية كبرى في فهم القرآن الكريم. ومن ثم التعرف على كيفية تعامل المترجمين مع هذه الظاهرة وتحسس مواطن الضعف والقوة في الطرق التي اتبعوها في ترجمة المشتركات اللفظية، إن كانوا فطنوا لها بداية. كل هذا للخروج بفهم أفضل لهذه الظاهرة اللغوية الكبيرة خاصة وأننا نتعرف عليها من خلال هذا البحث عن طريق التطبيق اللغوي في الترجمة بين ثقافتين متغايرتين، ونظامين لغويين متباينين، ونهدف من هذا إلى الوصول إلى فهم أفضل لممارسة لغوية هي من أقدم الممارسات، تختص في هذا البحث بأقدس النصوص وأكثرها حساسية، ترجمة معاني القرآن الكريم.

فهذا البحث ذو شقين: فهم ظاهرة الاشتراك اللفظي، والتعرف على كيفية تعامل مترجمي معاني القرآن الكريم معها. ووفقاً لهذا فهو موزع بين بابين:

الباب الأول: يُعرَّف الاشتراك اللفظي ويسرد أهم ما صُنف فيه سرداً تاريخياً، يبدأ بالحديث عن مصنفات الأوائل في هذا العلم، ثم يتتبع دراسات المُحْدثين في علم الوجوه والنظائر. وينصبُّ هذا العرض التاريخي على خدمة هدف رئيس من أهداف البحث، وهو التعرف ملامح هذا العلم، ومنهج التصنيف فيه، ولذا يلحق هذا العرض التاريخي استقراء لمنهج التصنيف في علم الوجوه والنظائر، أخرج بعده بخلاصة تفيد المعنيين من الشق الثاني من البحث وهم مترجمو معاني القرآن الكريم.

والباب الثاني عنونته ب‍: الوجوه والنظائر في ترجمة معاني القرآن الكريم: التطبيق والاستقراء. وهو مُقسَّم إلى عدد من المباحث، أبدأها بالحديث عن الدراسات التي تعرضت للألفاظ ذات الوجوه في مجال ترجمة معاني القرآن الكريم، وأبين أهم جوانب النقص فيها وأحاول تفاديها في هذا البحث، ثم أعرِّف بعينة البحث والدراسة التطبيقية، وتحت هذا أذكر معايير اختيار الترجمات المدروسة، وأُعرف بها وبالألفاظ ذات الوجوه التي أدرسها في هذه الترجمات.

وطلباً للفائدة التي أرجو، أختم هذا البحث بخاتمة تتضمن عدداً من النتائج والتوصيات.

 

أولاً: تعريف وسرد تاريخي([1])

عرّف ابن الجوزي الوجوه والنظائر في كتابه نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر بقوله: «واعلم أن معنى الوجوه والنظائر: أن تكون الكلمة الواحدة قد ذُكرت في مواضع من القرآن الكريم على لفظ واحد وحركة واحدة، وأُريد بكل مكان معنى للكلمة غير معناها في المكان الآخر، وتفسير كل كلمة بمعنى يناسبها غير معنى الكلمة الأخرى، هذا ما يسمى "الوجوه"، أما النظائر: فهو اسم للألفاظ، وعلى هذا تكون الوجوه اسماً للمعاني، ومن هنا كان الأصل في وضع كتب الوجوه والنظائر»([2])، ويعد هذا التعريف أشمل التعريفات وقد صاغه ابن الجوزي بناء على قراءته فيما صنّف في هذا العلم قبله، إلا أنه لم يسلم من النقد من ناحية التفريق بين الوجوه والنظائر، إذ يعرّف الزركشي الوجوه والنظائر بقوله: «فالوجوه: اللفظ المشترك الذي يُستعمل في عدة معانٍ كلفظة "الأمة"، والنظائر كالألفاظ المتواطئة»، ثم يقول: «وقيل: النظائر في اللفظ، والوجوه في المعاني... وضُعِّف لأنه لو أريد هذا لكان الجمع في الألفاظ المشتركة، وهم يذكرون في تلك الكتب اللفظ الذي معناه واحد في مواضع كثيرة، فيجعلون الوجه نوعاً لأقسام، والنظائر نوعاً آخر كالأمثال»([3])، ويتابع السيوطيُ الزركشيَ في نقده لتعريف ابن الجوزي([4])، إلا أن حاجي خليفة يؤيد ابن الجوزي فيما ذهب إليه([5]).

والأسلم هو ما ذهب إليه سليمان القرعاوي من عدم الوقوف عند اختلاف التعريف فالمراد بالوجوه والنظائر يظهر جلياً من منهج من صنفوا في هذا العلم وهو أن المصنفين: «يوردون الكلمة الواحدة، ثم يذكرون معانيها المتعددة، ويستدلون على كل معنى بالآيات القرآنية، ثم يشيرون إلى الكلمة ويقولون: فيها سبعة عشر وجهاً، وفيها أربعة وجوه. وهكذا نجد أنهم يريدون بهذا الوجه معنى يختلف قرباً وبعداً عن معنى آخر مراداً من آية أخرى»([6]) وبهذا يحدد القرعاوي نطاق هذا العلم، وهذا مفيد في هذا البحث الذي أدرس فيه علم الوجوه والنظائر لأغراض تطبيقية، أكثر من اهتمامي فيه بالنواحي النظرية، وفي كتب المحْدَثين التي أرصدها فيما بعد ما يغني في هذا الباب.                       

والتنبُّه إلى أن الألفاظ في القرآن الكريم قد تحمل على أكثر من وجه ليس أمراً حديثاً، فقد اعتنى الصحابة رضوان الله عليهم بتفسير القرآن الكريم وبيان معانيه، فحُكي عنهم وجوه متعددة في تفسير الآية الواحدة، واللفظة القرآنية الواحدة من باب التنوع وليس من باب التضاد، وصحَّ في الأثر عن أبي الدرداء t أنه قال: «لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوهاً كثيرة»([7]).

ومن أبرز الأمثلة على إدراك الصحابة رضوان الله عليهم لتعدد وجوه الألفاظ في القرآن الكريم ما رواه ابن عباس t عن علي t أنه قال له عندما أرسله لمحاجّة النفر الذين خرجوا عليه: «اذهب إليهم فخاصمهم ولا تحاجهم بالقرآن فإنه ذو وجوه، ولكن خاصمهم بالسنة»، وقال له ابن عباس: «يا أمير المؤمنين فأنا أعلم بكتاب الله منهم. في بيوتنا نزل»، قال: «صدقت، ولكن القرآن حمّال ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن خاصمهم بالسنن، فأنهم لن يجدوا عنها محيصاً» فخرج إليهم، فخاصمهم بالسنن، فلم تبق بأيديهم حجة([8]).   

فالبحث في وجوه القرآن كان نتيجة مباشرة لتفسير القرآن الكريم ومحاولة الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم الكشف عن معاني ألفاظه، فقد نما البحث في وجوه ألفاظ القرآن مع نمو التفسير، ومن ثم استقل عن كتب التفسير بكتب خاصة، مثله في ذلك مثل العلوم القرآنية المختلفة.

إلا أنه لم تظهر دواعي تدوين الوجوه والنظائر في عهد الرسول r وأصحابه وتابعيهم، ذلك لأن القرآن الكريم نزل بألسنتهم، وكانوا من القدرة على إدراك معاني ألفاظ القرآن الكريم في حال لا تحوجهم إلى تدوين وجوهها، ومعاصرتهم للتنـزيل ومعرفتهم مناسبة النـزول مما ساعدهم على فهم المراد من اللفظ في كل موضع من المواضع التي ورد فيها وإن تعددت هذه المواضع.

ومن أسباب تدوين هذا العلم حفاظاً عليه من الضياع: تقادم الزمن بين تابعي التابعين والتنـزيل مما أخفى عليهم بعض أسباب النـزول، ودخول غير العرب في الإسلام وما لقلة فهمهم للعربية من تأثير على فهمهم للقرآن الكريم، ومن الأسباب أيضاً ظهور الفرق والنحل ومحاولة كل منها دعم مزاعمه بحمل ألفاظ القرآن على المعاني الموافقة لعقائدهم، وكذلك انتشار تدوين العلوم، كل هذه الأمور أدت إلى تدوين هذا العلم حفاظاً على كتاب الله الكريم([9]).            

ووجد العلماء في عنايتهم بألفاظ القرآن الكريم «لفظاً يدل على معنى واحد ولفظاً يدل على معنيين، ولفظاً يدل على أكثر، فأجروا الأول على حكمه، وأوضحوا معنى الخفي منه، وخاضوا في ترجيح محتملات أحد ذي المعنيين والمعاني وأعمل كل منهم فكره، وقال بما اقتضاه نظره»([10])، ولاحظ المفسرون أن عدداً غير قليل من ألفاظ الكتاب الكريم ورد في مواضع مختلفة في القرآن الكريم بحيث يختلف معناه باختلاف المواضع التي يرد فيها، فصنَّف كثير من المفسرين المتقدمين كتباً خصصوها لجمع هذه المفردات وبيان وجوهها، أي المعاني المقصودة في كل موضع من المواضع التي وردت فيها. ثم توسّع المتأخرون في التأليف، حتى ظهر بحث لغوي كبير في الألفاظ متعددة الدلالة سمي بالاشتراك اللفظي.

وشغل الاشتراك اللفظي العلماء واختلفت آراؤهم في تعريفه، ووقوعه، وأسبابه، وأثر السياق في تحديد المعنى المراد من بين المشتركْين، وغير ذلك من المسائل المتصلة به([11])، ويرصد محمد نور الدين المنجد ثمانية عشر كتاباً أفردت لجمع الألفاظ المشتركة في اللغة عامة([12])، إضافة إلى عدد كبير من الكتب التي عُنيت بهذا العلم في القرآن الكريم خاصة.

 

1-1: المصنفات في الوجوه والنظائر        

وصلنا من كتب الوجوه والنظائر في القرآن حوالي خمسة وثلاثين مؤلفاً([13])، ولكن أشهرها سبعة، وأقدمها كتاب مقاتل بن سليمان البلخي، جمع فيه ألفاظاً من القرآن فُسّرت بأكثر من معنى، فكان يذكر اللفظ متبعاً إياه بمعانيه المختلفة متوالية دون تفصيل إلا فيما ندر، ويسوق بعد أكثر المعاني رجوحاً الآيات الشاهدة عليه، ثم يتبعه معنى آخر وشواهده وهكذا، إلى آخر معنى رجح عنده، ومن ثم ينتقل إلى لفظ آخر، وهذه المعاني المتعددة هي التي يقصد بها الوجوه، فكل معنى للفظ وجه له، فيقول في لفظ الروح مثلاً:

«تفسير الروح على خمسة وجوه:

فوجه منها: روح يعني رحمة، فذلك قوله في المجادلة  )وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ( (المجادلة: 22) يعني وقاهم برحمة منه.

والوجه الثاني: الروح يعني ملكاً من الملائكة في السماء السابعة، وجهه على صورة الإنسان وجسده على صورة الملائكة، فذلك قوله في عمّ يتساءلون: }يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ { (النبأ: 38)، يعني ذلك الملك، وهو أعظم من كل مخلوق غير العرش، وهو حافظ على الملائكة يقوم على يمين العرش صفاً واحداً والملائكة صفاً، وقوله في بني إسرائيل: }وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ{ (الإسراء: 85)، يعني ذلك الملك، }قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي{ (الإسراء: 85) يعني ذلك الملك.

والوجه الثالث: الروح يعني جبريل. فذلك قوله في النحل: }قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ{ (النحل: 102)... ثم يكمل بقية وجوه هذا اللفظ عنده»([14]).       

          وتابع مقاتلاً المصنفون من بعده، وكان التغيير في منهج التأليف بطيئاً محدوداً، وإن بدأ أثر الدرس اللغوي يظهر تدريجياً، على ما سنرى من تطور المؤلفات في القرون التي تلته.

          وكان من مصنفات المفسرين في القرن الثاني كتاب هارون بن موسى وهو بعنوان الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، وقد توسع محققه كثيراً في النسخة المطبوعة، فخرج بذلك كتاب كبير الحجم يتسم بالشمول والإحاطة أكثر مما يعبر عن صنيع مؤلفه نفسه([15]).

ومما جاء في كتابه تفسيره للفظ الظلم على أربعة وجوه:

«فوجه منها: الظلم يعني: الشرك، فذلك قوله عز وجل في الأنعام )الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ( (الأنعام: 82) يعني بشرك. وقال لقمان لابنه: )يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ( (لقمان: 13)، يعني لذنب عظيم.

          الوجه الثاني: الظلم، ظلم العبد نفسه، فذلك قوله في البقرة: )وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ( (البقرة: 231)، بمعصية من غير شرك.... وقال في الملائكة([16]): )فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ( (فاطر: 32)، يعني أصحاب الكبائر من أهل التوحيد، ظلموا أنفسهم بالذنوب من غير شرك.

          الوجه الثالث: الظلم الذي يظلم الناس، فذلك قوله عز وجل في عسق([17]): )وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ( (الشورى: 40) يعني من بدأ بالظلم للناس.

          الوجه الرابع: الظلم يعني: النقص، فذلك قوله عز وجل في الكهف: )كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً( (الكهف: 33) يعني: ولم تنقص منه شيئاً. وقال في الأنبياء: )وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً( (الأنبياء: 47)، يعني لا تنقص نفس شيئاً. وقوله عز وجل في مريم: )وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئاً( (مريم: 60)، يقول: ولا يتقصون من أعمالهم»([18]).     

          وفي القرن الثاني أيضاً خرج كتاب التصاريف([19]) ليحيى بن سلام وهو كتاب يتكون من فقرات، تحتوي كل فقرة على كلمة قرآنية تناولها المؤلف بالدرس عن طريق ذكر وجوهها، واستشهد على كل وجه بآياته من القرآن الكريم، ولا يتبع الترتيب الهجائي، كما أنه لم يذكر في مقدمته منهجه في الترتيب أو في اختيار الكلمات المدروسة، وتلاحظ محققة الكتاب هند شلبي: «الاتفاق في ترتيب مجموعات من الكلمات بين كتاب التصاريف وكتاب الأشباه والنظائر لمقاتل بن سليمان»([20])، كما تلاحظ أن الكتاب مرتب على سور القرآن بحسب ترتيب ورود اللفظ في السورة.

          وتفسير ابن سلام للألفاظ أو شرحه لها موجز إيجازاً شديداً، ونادراً ما يتعرض لأسباب النـزول أو لذكر القراءات أو غيرها مما يؤثر على معنى اللفظ، فنراه يفسر كلمة هُدى مثلاً على النحو التالي:

«تفسير هدى على سبعة عشر وجهاً:

الوجه الأول: هدى يعني بياناً، وذلك قوله في البقرة }أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ( (البقرة: 5)، يعني على بيان. وتصديق ذلك في حم السجدة قوله }وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ ( (فصلت: 17)، يعني بيَّنا لهم، وقال في هل أتى }إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ { (الإنسان: 3)، يعني بينا لهم السبيل....

والوجه الثاني: هدى يعني دين الإسلام، وذلك قوله في الحج }إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ{ (الحج: 67)، يعني دين مستقيم حق وهو الإسلام، ومثلها في البقرة }قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى{ (البقرة: 120)، يعني دين الله وهو الإسلام، هو الدين وهو الحق»([21]) إلى آخر وجوه هذا اللفظ.

          والملاحظ أن صاحب التصاريف يحرص بعد كل آية على أن يُدخل المعنى الذي بيَّنه في البداية في سياق الآية، ليؤكد المعنى الذي يراه في سياق الكلام، وهذا الحرص، وإن بدا مجرد شرح أو تفصيل للشرح، فإنه ينم عن شعور إدراك للفرق بين اللفظ مفرداً واللفظ في سياقه، وما للسياق من دور في توجيه المعنى، وكأنه يستدل على صحة فهمه للوجه بملاءمته بين السياق واللفظ.

          ومن القرن الثالث وصلنا كتاب الحكيم الترمذي، تحصيل النظائر([22])، مخالفاً فيه فكرة الوجوه، ومصرحاً بالمنحى اللغوي في التفسير، ومفسراً بالرأي، بعد أن كان الأمر من قبل يعتمد في معظمه على التفسير بالمأثور.

          ويُصدِّر الحكيم الترمذي كتابه بقوله: «فإذا نظرنا في هذا الكتاب المؤلف في نظائر القرآن، فوجدنا الكلمة الواحدة مفسرة على وجوه، فتدبرنا ذلك، فإذا التفسير الذي فسره إنما اختلفت الألفاظ في تفسيره، ومرجع ذلك إلى كلمة واحدة، وإنما انشعبت حتى اختلفت ألفظها الظاهرة الأحوال، التي إنما نطق الكتاب بتلك الألفاظ من أجل الحادث في ذلك الوقت» أ. ه‍.، مشيراً بهذا إلى سبب تأليفه الكتاب إذ أراد الاعتراض على فكرة الوجوه.

          فالكتاب جاء بتغيير شامل في اتجاه التفكير، إذ ينفي تعدد المعاني، لوجود علاقة واضحة بينها جميعاً، وهذا الرأي مثل فيما بعد عصر الحكيم الترمذي مذهباً من مذاهب اللغويين، ولكنه فيما يخص الوجوه والنظائر في تلك المرحلة، كان نظرةً لم يسبقه إليها أحد ممن صنَّف في هذا الفن.

          وقد حاول تطبيق نظريته هذه على كثير من الألفاظ ذات الوجوه، فبلغ عددها في كتابه واحد وثمانين لفظاً، وهو بهذا لم يطبقها على جميع الألفاظ التي بلغ عددها في بعض المصنفات خمسمئة لفظ.

          وعلى أية حال فإن هذا المنهج الجديد لم يؤدِ إلى توقف حركة التصنيف وفق المنهج القديم، ويبدو أن الفكرة لم تلق رواجاً بين المفسرين خلاف لبعض اللغويين كما ذكرنا.

          ومن نماذج الألفاظ التي درسها الحكيم الترمذي في كتابه، لفظ الهدى، ويقول: «لقد جاءت على ثمانية عشر وجهاً، فالحاصل من هذه الكلمة كلمة واحدة فقط، وذلك أن الهدى هو الميل، ويقال في اللغة: رأيت فلاناً يتهادى في مشيته، أي يتمايل، ومنه قوله تعالى: }إنا هدنا إليك {(الأعراف: 56)، أي إنا ملنا إليك، ومنه سميت الهدية هديةً لأنها تميل بالقلب إلى مهديها، وإن القلب أمير على الجوارح، فإن هداه الله لنوره أي أماله لنوره، اهتدى أي استمال، وقد قال في تنـزيله }يهدي الله لنوره من يشاء{ (النور: 35)، فهذا أصل الكلمة، ثم وجدنا تفسير الهدى:

البيان: فإنما صار الهدى بياناً في ذلك المكان، لأن البيان إذا وضح على القلب بنور العلم، مدّ ذلك التنوُّر إلى القلب إلى ذلك الشيء وأماله إليه.

الإسلام: وإنما صار الهدى في المكان الآخر الإسلام لأنه إذا مال القلب بذلك النور إلى ذلك الشيء الذي تبين له، انقاد العبد واسلم، ومدّ عنقاً إلى قبوله.

التوحيد: وإنما صار الهدى التوحيد في المكان الآخر، لأنه إذا مال القلب إلى ذلك النور سكن عن ذلك التردد واطمأن إلى ربه فوحّد...»([23]).  

          وهكذا يستمر على هذا النهج في إرجاع المعاني جميعا إلى أصل واحد، يظن أنه أصل المعنى حتى يأتي على الوجوه الثماني عشر للفظ الهدى ثم يقول مؤكداً نظريته: «فمرجع هذه الأشياء التي صُيِّرت وجوهاً ذات شعب على كلمة واحدة، لأن الهدى هو ميل القلب إلى الله بذلك النور الذي أشرق به الصدر، فانشرح وانفسح وهو قوله تعالى: }أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه{ (الزمر: 22)» ([24]).

          ويسير على هذا النهج في مناقشته الألفاظ كلها، ويفتقر طرحه أحياناً إلى عمق الربط اللغوي بين المعاني، فهو على ما رأينا في لفظ الهدى قد أرجع كل الوجوه إلى معنى الميل، لكنه بعد ذلك جعل الميل سبباً في انصراف اللفظ على الوجوه الأخرى، ولم يبين لنا الرابط اللغوي بين لفظ التوحيد ولفظ الميل الذي قد يكون مثلاً الميل عن الباطل أو الشرك، فهو إذاً لم ينف وجود أكثر من وجه للفظ، كما يفهم من تصديره النظري، بل جعل المعنى اللغوي للفظ سبباً في حصول المعاني الأخرى.

          وفي القرن الثالث الذي عاش فيه الحكيم الترمذي بدأ اللغويون ينتبهون إلى ظاهرة التعدد الدلالي ويرصدونها في مؤلفات خصصوها لذي المعنى والمعنيين، بعضها اختص بألفاظ القرآن الكريم دون غيرها، ككتاب المبرد (ت 286 هـ) ما اتفق لفظه وأختلف معناه في القرآن الكريم، واتسع الجمع في بعضها ليشمل كثيراً من ألفاظ اللغة مثل كتاب المنجَّد في اللغة لكراع النمل (ت 310 هـ)، ومن قبلهما كتاب الأجناس من كلام العرب وما اشتبه في اللفظ واختلف في المعنى، لأبي عبيد القاسم بن سلاّم (ت 224 هـ).

          ولكن تصانيف المفسرين في الوجوه والنظائر لم تنقطع، بل تابعوا تأليفهم على المنهج القديم، منهج مقاتل بن سليمان، إلى أن ظهر في القرن الخامس كتاب وجوه القرآن لإسماعيل الحيري النيسابوري الضرير([25]). يليه في القرن نفسه كتاب الدامغاني، الوجوه والنظائر في القرآن، ويحتوي على نحو خمسمئة كلمة مرتبة هجائياً بحسب الحرف الأول لا بحسب الجذر، ولم يمتز الكتاب عن غيره من التصانيف في الموضوع إلا في الإيجاز الشديد([26]).

          وفي أواخر القرن السادس ظهر كتاب نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر([27]) لابن الجوزي وفي مقدمته ينتقد ابن الجوزي مناهج سابقيه ممن صنفوا في هذا العلم، ويقدم تعريفاًً بمصطلحات هذا النوع لم يسبقه له من سبقوه، ويقول ابن الجوزي عن منهجه: "لما نظرت في كتب الوجوه والنظائر ألتي ألفها أرباب الاشتغال بعلوم القرآن، رأيت كل متأخر عن متقدم يحذو حذوه، وينقل قوله مقلداً من غير فكرة فيما نقله ولا بحث عما حصله.... والذي أراد العلماء بوضع كتب الوجوه والنظائر أن يعرفوا السامع لهذه النظائر أن معانيها تختلف وأنه ليس المراد بهذه اللفظة ما أريد بالأخرى، وقد تجوَّز واضعوها وذكروا كلمة واحدة معناها في جميع المواضع واحد، كالبلد والقرية والمدينة والرجل والإنسان ونحو ذلك، إلا أنه يراد بالبلد في هذه الآية غير الذي يراد في الآية الأخرى وبهذه القرية غير القرية في الآية الأخرى، فحذوا بذلك حذو الوجوه والنظائر الحقيقية، فرأيت أن أذكر هذا الاسم كما ذكروه، ولقد قصد أكثرهم كثرة الوجوه والأبواب فأتوا بالتهافت العجاب، مثل أن ترجم بعضهم فقال: باب الذرية وذكر فيه ذرني وتذروه الرياح ومثقال ذرة. وترجم بعضهم فقال: باب الربا وذكر فيه أخذة رابية وربيون وربائبكم وجنة بربوة. وتهافتهم إلى مثل هذا كثير يعجب منه ذو اللب إذ رآه. وجمعت في كتابي هذا أجود ما جمعوه، ووضعت عنه كل وهم ثبتوه في كتبهم ووضعوه، وقد رتبته على الحروف ترتيباً وقربته إلى الاختصار المألوف تقريباً»([28]).

          والمطلع على المصنفات في الوجوه والنظائر يرى مصداق كلام ابن الجوزي واضحاً، وهو نفسه على الرغم من ذلك لم يتخلص تماماً من كل زيادة في الوجوه ولم يختصر كثيراً وفقا لشرطه على ما نرى في كتابه. ومع هذا نجده في كثير من الألفاظ، بعد أن يذكر وجوهها، يعلق ناقداً نفسه أو أحد الوجوه التي ذكرها، وفي أول كتابه باب الاتباع مثال لهذا، إذ يقول:

«الأصل في الاتباع أن يقفو المتِّبع أثر المتَّبع بالسعي في طريقه، وقد يستعار في الدين والعقل والفعل. وذكر أهل التفسير أنه في القرآن الكريم على هذين الوجهين:

فمن الأول قوله تعالى في طه }فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ{ (طه: 78)، وفي الشعراء }فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ{ (الشعراء: 60).

ومن الثاني قوله تعالي في البقرة }إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ{ (البقرة: 166)، }لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً{ (الأعراف: 50)، وفي إبراهيم }إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً{ (إبراهيم: 21)، وفي الشعراء }وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ{ (الشعراء: 111).

ولا يصح هذا التقسيم إلا أن تقول إن الإتباع والاتّباع بالتخفيف والتشديد بمعنى واحد» ([29]).      

          فهو إذن يلغي بهذه الجملة الأخيرة كل ما ذكره عن وجهي اللفظ، فلماذا لم يقم ابن الجوزي بحذف اللفظ من كتابه لأنه كما يذكر تعدد المعنى لا يكون إلا في صيغة واحدة الشكل مختلفة المعنى.

          وفي باب الأذان نراه أيضاً يذكر شيئاً من هذا القبيل، إذ يقول:

«الأذان يقصد به إعلام المنادى بما يراد منه، ومنه الأذان للصلاة، فإذا أصغى إليه المنادى بالاستماع والاستجابة قيل: قد أذِن.

 ومنه قوله تعالى }وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ{ (الانشقاق: 2)، يريد سمعت، وكذلك قول النبي t: «ما أذن الله لشيء، ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به»([30])، أي ما استمع. وذكر أهل التفسير أن الأذان في القرآن على وجهين:

أحدهما: النداء، ومنه قوله تعالى في الأعراف }فأذّن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين{ (الأعراف: 44)، وفي يوسف }فأذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون{ (يوسف: 70)، وفي الحج }وأذن في الناس بالحج{ (الحج: 27).

والثاني: الإعلام، زمنه قوله تعالى في براءة }وأذان من الله ورسوله{ (التوبة: 3)، وفي فصّلت }قالوا آذناك ما منا شهيد{ (فصلت: 47)... ويجوز أن يعد هذان الوجهان وجهاً واحداً» ([31]).

          وعلى هذا النحو نرى نقد ابن الجوزي كثيراً من الوجوه بعد ذكرها، كما نراه أحياناً يذكر وجوهاً لا يجوز اعتبارها وجوهاً، ولا يعلق عليها بشيء.

          ويختم ابن الجوزي كتابه بقوله:

«فهذا آخر ما انتخبت من كتب الوجوه والنظائر التي رتبها المتقدمون، ورفضت منها ما لا يصلح ذكره، وزدت فيها من التفاسير المنقولة ما لا بأس به، وقد تساهلت في ذكر كلمات نقلتها عن المفسرين، لو ناقش قائلها محقق لجمع بين كثير من الوجوه في وجه واحد، ولو فعلنا ذلك لتعطل أكثر الوجوه، ولكنا تساهلنا بذكر ما لا بأس بذكره من أقوال المتقدمين، فليعذرنا المدقق في البحث»([32])، وهذه العبارة تضيف إلى ملاحظاتنا أنه لم يقصد بلوغ درجة التحقيق بل انتخب انتخاب المتساهل، واقتصر في الحذف على ما لا يصح ذكره، تاركاً ما لا بأس به خشية تعطل أكثر الوجوه. ورغم هذا فبالإضافة إلى سبق كتاب ابن الجوزي بالنقد على هذا النحو، فإنه يعد سابقاً بإعمال النظر اللغوي في الوجوه، وتأصيل معنى اللفظ المدروس، ويقول في شأن هذا النظر اللغوي للوجوه في القرآن الكريم: «وما ذكرت في كتابي هذا من الكلمات اللغوية في اشتقاق الكلمة وما يتفرع منها ويتعلق بها ويواتيها، فهو ملقح للأفهام ومنبه على أصول الكلام»، وهذا تنظير لفكرة جديدة من نوعها في مجال هذا التأليف، وهو أن النظر على أصل استعمال الكلمة في اللغة وما تدل عليه سياقاتها يوّلد مزيداً من الأفكار في فهم النص.

          ومن مصنفات الوجوه في القرن الثامن، كتاب بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروزابادي([33])، وهو كتاب لم يخصص للوجوه والنظائر بل قصد به صاحبه «جمع أشتات العلوم وضم أنواعها على تباين أصنافها في كتاب مفرد»([34])، ورؤية الفيروزابادي أوسع من رؤية كتب الوجوه المختصة بالوجوه فقط، ومنهجه في بحث المعنى مختلف عنها كذلك، ولكنه فيما يخص وجوه اللفظ المدروس سار على نهج سابقيه.

          هذه هي أشهر وأهم الكتب التي وصلت إلينا فيما يخص الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، ويظهر أن مناهج المؤلفين فيها لم تتطور كثيراً، بعد المصنف الأول، وقد اعترى ألفاظ وجوهها زيادة أحيانا ونقص أحيانا، ورتب بعضها هجائياً بمخالفة الترتيب الأول لها على سور القرآن الكريم، إلا أن الأمر لم يتغير كثيراً اللهم إلا في كتابَي الحكيم الترمذي وابن الجوزي كما رأينا.     

 

1-2: كتابات المُحْدَثين في علم الوجوه والنظائر

والعصر الحديث لم يخل من الاهتمام بالوجوه والنظائر، فقد تناولت هذا العلم بالدرس والتحليل والتنقيح قراءة منهج المتقدمين عدد من الكتب وهي:

1- المشترك اللفظي في الحقل القرآني، للدكتور عبد العال سالم مكرم، إصدار مؤسسة الرسالة، صدرت الطبعة الأولى عام 1996م.

          يبدأ عبد العال مكرم فصله الأول بنبذة عن المشترك اللفظي في الحقل اللغوي بتعريف للمشترك اللفظي، ويعرج على اختلاف العلماء فيه، ثم يتحدث عن أهمية السياق في تحديد المعنى، ويختم هذا الفصل بذكر أهم مؤلفات علماء اللغة في المشترك اللفظي.

          والفصل الثاني المعنون ب‍ «المشترك اللفظي في الحقل اللغوي»، يذكر فيه المؤلف بداية اهتمام المفسرين في التصنيف في هذا باب المشترك اللفظي أو ما تعارفوا على تسميته بعلم «الوجوه والنظائر»، ويذكر أهم الأسباب التي أدت إلى ظهور التأليف في هذا الباب.

          أما الفصل الثالث المعنون ب‍ «دراسة موجزة لمؤلفات المشترك اللفظي» فهو أكبر فصول الكتاب على الإطلاق، ويدرس فيه المؤلف أبرز الكتب المصنفة في علم الوجوه والنظائر، ويبدأ دراسته لكل مصنَّف بنبذة عن حياة المؤلف، ثم يعرِّج على الكتاب ويذكر نبذة عنه، ومن أهم ما يطرح عبد العال مكرم هو ذكره لمنهج المؤلف في مصنَّفه إلا أنه لا يسهب كثيراً في هذا، ويختتم المؤلف دراسته لكل كتاب بذكر نماذج من الكلمات المذكورة فيه.    

ويعتبر كتاب الدكتور مكرم قراءة منظمة وسريعة في تاريخ المشترك اللفظي في الحقل القرآني.

2- الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، لسلوى محمد العوّا، إصدار دار الشروق بالقاهرة، صدرت الطبعة الأولى عام 1419ه‍.

          وهذا الكتاب في أصله رسالة جامعية، تحاول فيه المؤلفة الوصول إلى فهم أكبر لكلمات القرآن الكريم ذات الدلالات المتعددة المتشابكة، متخذة بعض الكلمات القرآنية ذات الوجوه والنظائر نماذج للتحليل والتطبيق النظري.

          تبدأ المؤلفة الكتاب بتحليل علمي لتاريخ علم الوجوه والنظائر، مارة على التشعبات المختلفة لتاريخ درس المشترك اللفظي بين العلماء المسلمين المتقدمين سواء في علم اللغة، أو في أصول الفقه، أو في التفسير، ثم تعرض المؤلفة لتعدد دلالة اللفظ في علم اللغة الحديث عربيِّه وغربيِّة، محاولة بذلك التأصيل لدور السياق بشقيه الثقافي العام والموضوعي في تحديد المعنى المراد من الكلمة في موضعها، وتفصِّل المؤلفة الحديث عن السياق من حيث فهمه والتعرف على وظائفه. وتجمع جمعاً لا بأس به بين درس السياق عند المتقدمين وفي نظريات علم اللغة الحديثة ذات العلاقة.

إلا أن المؤلفة لا تكتفي بدراسة الكلمات ذات الوجوه ولكن تلحق بها الأضداد والألفاظ المشكلة وتتتبَّع دراسة كل من هذه الظواهر اللغوية بشيء من التفصيل في استقراء الأمثلة، وتقرن النظرية بالتطبيق.

3- الاشتراك اللفظي في القرآن الكريم: بين النظرية والتطبيق، لمحمد نور الدين المنجد، إصدار عن دار الفكر بدمشق، صدرت الطبعة الأولى عام 1999م

ينقسم الكتاب إلى قسمين رئيسين يفرد المؤلف في الفصل الأول تفريعات المشترك اللفظي من حيث التعريف والتاريخ بشيء من التفصيل والشمول، وفي القسم الثاني يدرس المؤلف كلمات الوجوه والنظائر التي أجمع على ذكرها خمسة من المصنفين فأكثر. وللكتاب خاتمة مركزّة يلخص فيها الباحث ما جاء فيه ويبين ما يرى أنه أهم الأسباب التي أدت إلى توهم وقوع المشترك اللفظي ذلك أنه لا يقول بوقوع المشترك اللفظي، أو على الأقل يحد من وقوعه من خلال تعريف صارم لهذه الظاهرة.

4- الوجوه والنظائر في القرآن الكريم: دراسة وموازنة، للدكتور سليمان بن صالح القرعاوي، إصدار عن مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، صدرت الطبعة الأولى عام 1410ه‍.

          أصل هذا الكتاب رسالة تقدم بها المؤلف لنيل درجة الدكتوراه، وهي دراسة علمية جادة، وينقسم الكتاب إلى قسمين، يعرض المؤلف في القسم الأول لتاريخ هذا النوع في مصنّفات المفسرين مع التعريفات اللازمة، وأما القسم الثاني، وهو لب الكتاب، فقد قام المؤلف فيه بجمع ألفاظ الوجوه والنظائر مرتباً إياها حسب حروف المعجم، ويفرد كل كلمة في باب مستقل يعرج فيه على ذكر اشتقاقها ومعناها اللغوي، ثم يذكر أقوال المصنّفين في هذا الباب، ثم يقارن بين هذه الأقوال ويميز بن اختلافاتهم فيها، ويرجح ما بدا له ترجيحه بحسب الدليل الذي يظهر له. ويختم المؤلف كتابه بأهم النتائج التي خلص إليها. وهذا الكتاب من أميز كتب المحدثين المكتوبة في هذا الباب.

 

1-3: دراسة لمنهج التصنيف في الوجوه والنظائر وعرض لمنهج هذه الدراسة       

لا أدعي هنا التطاول بذكر ما يُستدرك على أولى الفضل من علماء القرآن الكريم واللغة العربية، ولكني أعرض بعض ما عَنَّ لي من ملاحظات، أقصد منها خدمة ميراثهم، بمتابعة البحث فيما خلَّفوا من مصنفات جليلة، وأذكر في هذا المبحث، ما يُلاحظ على منهج المصنفين في علم الوجوه والنظائر في حمل الألفاظ على هذه الوجوه كما جاء في كتبهم، وأستخلص هذه الملاحظات وأرتبها من كلام المتقدمين والمحدثين، وأختم هذا المبحث بملاحظاتي الخاصة من خلال قراءتي في هذه المصنفات. والغرض من هذا العرض النقدي هو الخروج بعدد من النتائج التي من شأنها أن تفيد المترجم في تعامله مع الألفاظ القرآنية ذات الوجوه، كما من شأنها أن تجعل من قراءتنا في ترجمات المعاني القرآنية المدروسة في هذا البحث أكثر تقنيناً وبصيرة.

وأود التنبيه هنا قبل عرض الملاحظات على كتب الوجوه والنظائر، أنه رغم أنها قد يختص بها كتاب دون غيره، فإنها عامة ذلك أن أغلب المصنفات كما رأينا سارت على النهج نفسه، وهذا ما لاحظه ابن الجوزي إذ قال: «لما نظرت في كتب الوجوه والنظائر التي ألفها أرباب الاشتغال بعلوم القرآن، رأيت كل متأخر يأخذ عن متقدم يحذو حذوه، وينقل قوله مقلداً له من غير فكرة فيما نقله ولا بحث فيما حصّله»([35])، ومع هذا فإن ابن الجوزي نفسه لم يسلم من هذه الملاحظات، كما سبق وبيَّنا.

وتنقسم الملاحظات إلى ملاحظات عامة ثم تتفرع، وهي:

أولاً: تخصيص العام، ومنه:        

1- تخصيص العام بمخصِّص، إما من القرآن الكريم أو من السنة أو مما أثر عن السلف أو من ديوان العرب. يُمثَّل على هذا بالبلد، والقرية، والمدينة، والرجل، والإنسان. ومن هذه الألفاظ أيضاً لفظ "أحد"، الذي ذكر المصنفون له الوجوه في الجدول رقم (1) ([36]):

المؤلف

 

الشاهد

مقاتل

هارون

الدامغاني

ابن الجوزي

الثعالبي

عدد الوجوه

3

3

8

4

4

1.      

)أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ` يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً `  أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ[ (البلد: 5-7)

هو الله تبارك وتعالى

هو الله تبارك وتعالى

هو الله تبارك وتعالى

هو الله تبارك وتعالى

هو الله تبارك وتعالى

2.      

)إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ [ )آل عمران: 153)

محمد صلى الله عليه وسلم

محمد صلى الله عليه وسلم

محمد صلى الله عليه وسلم

محمد صلى الله عليه وسلم

محمد صلى الله عليه وسلم

3.      

]وَمَا لأِحَدٍ عِندَهُ مِن نّعْمَةٍ تُجْزَىٰ[ (الليل: 19)

بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم

بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم

بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم

بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم

بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم

4.      

]فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ[ (الكهف: 19)

__

__

تلميخا

الواحد

الواحد

5.      

)مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ( (الأحزاب: 40)

__

__

زيد ابن حارثة

__

__

6.      

)وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً( (الكهف: 110)

__

__

من الخلق كله الملائكة والناس والجن

__

__

7.      

)وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً( (الكهف: 19)

__

__

دقيانوس

__

__

8.      

)قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً( (يوسف: 36)

__

__

ساقي الملك

__

__

جدول رقم (1) وجوه لفظ أحد

 

فلفط أحد لفظ عام خُصّص – كما رأينا في الجدول- من قبل تفسير ما يعود عليه اللفظ وإبانته، وليس من قبيل المعنى المترتب على حروف اللفظ وحركاته.

 

2- تخصيص العام من غير مخصِّص مما سبق. وأُمثِّل على هذا بوجه من الوجوه التي زادها الدامغاني على وجوه لفظ "أحد"، وهو: تلميخا، واستشهد بقوله تعالى: ]فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ[ (الكهف: 19)، وتلميخا كما يذكر ابن جرير الطبري هو: «صاحب نفقتهم الذي كان يبتاع لهم طعامهم وشرابهم من المدينة»([37])، وإلى مثل هذا ذهب القرطبي فيما ذكره عن الغزنوي([38])، ويعلق القرعاوي على هذا الوجه بقوله: «لم يذكر أصحاب الوجوه والنظائر في القرآن الكريم هذا الوجه في كتبهم، ولعل عدم ذكرهم أن هذه الأسماء وردت في الإسرائيليات التي اتخذوا منها موقفاً محدداً: وهو أن لا يذكروا ما لا فائدة من ذكره... فهذه الزيادة من الدامغاني لا محل لها ولا فائدة منها»([39]).        

3- تخصيص العام بمعنى رمزي مرده إلى الهوى، يخالف ما قاله المفسرون المعتبرون، وهو قليل، ومن هذا المعنى ذكر الدامغاني أن للأرض ثلاثة عشر وجهاً وعدَّ منها القلب كما في قوله تعالى: ]وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى ٱلاْرْضِ[ (الرعد: 17). وقد علّق محقق كتاب الدامغاني عبد العزيز سيد الأهل على هذا الوجه بقوله: «وهو أليق بكلام المتصوفة»([40]). ويذكر القرعاوي ملاحظته من أن كتب المتأخرين زادت في الوجوه على كتب المتقدمين، ويُرجع ذلك إلى أن المتأخرين قد زادوا وجوهاً رأوا في اللفظ احتمالاً لها، وغالب النظر والبحث والدراسة تكون في هذه الزيادة([41]).

ومن باب تخصيص العام تأتي أغلب الوجوه التي ذكرها المصنفون، وهي من قبيل ذكر المراد من اللفظ وليس هو معنى اللفظ فقد ساق المفسرون أوجهاً كثيرة للفظ "أرض" مثلاً، ولكنها جميعاً لا تدل على معانٍ مختلفة بل تشير إلى المراد من اللفظ بناء على التفسير، ولعل ذكرهم لهذه الوجوه يأتي من باب حشد لطائف التفسير.

ثانياً: تعيين المبهم. وهو كتخصيص المجمل فنجد كتب الوجوه والنظائر تذكر معانٍ معينة لألفاظ مبهمة. وتذكر كتب الوجوه والنظائر للفظ "حين" ستة وجوه كما في الجدول رقم (2) ([42]):

المؤلف

 

الشاهد

مقاتل

هارون

الدامغاني

ابن الجوزي

الثعالبي

ابن العماد

عدد الوجوه

4

4

4

5

6

4

1.          

)تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا( (إبراهيم: 25)

سنة

سنة

السنة

ستة أشهر

ستة أشهر

ستة أشهر

2.          

) وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ( (البقرة: 36)

منتهى الآجال

منتهى الآجال

منتهى الآجال

منتهى الآجال

منتهى الآجال

منتهى

3.          

)فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ( (الروم: 17)

الساعات

الساعة

ساعات الليل والنهار

الساعات

الساعات

الساعات

4.          

)وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ( (ص: 88)

زمان لم يؤقت

زمان

زمان لم يؤقت

وقت منكر

وقت منكر

الزمان

5.          

)هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ منَ الدَّهْرِ( (الإنسان: 1)

__

__

__

أربعين سنة

أربعين سنة

__

6.          

)وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ منْ أَهْلِهَا( (القصص: 15)

__

__

__

__

نصف النهار

__

جدول رقم (2) وجوه لفظ حين

 

وكل هذه الوجوه يجمعها الدلالة على الزمان قصر أو امتد. وهذه الوجوه هي أيضاً من قبيل ذكر المراد من اللفظ وليس معناً مختلفاً له. فالمعاني المذكورة جاءت من التفسير من خارج اللفظ ولم تأت من حروف اللفظ وحركاته.   

وهناك عدد من الملاحظات الأخرى التي أدت إلى كثرة الوجوه للألفاظ في هذه المصنفات منها: عدم مراعاة اشتقاق الألفاظ واختلاف معانيها نظراً لاختلاف الحركة والاشتقاق. ويمثّل ابن الجوزي على هذا بالألفاظ التي أوردها المصنفون في باب «الذرية» حيث ذكروا: ذرني، وتذروه الرياح، ومثقال ذرة، وفي باب "الربا" أوردوا: أخذة رابية، ربيِّون، وربائبكم، وجنة بربوة([43]).

وتبرز أمامنا ناحية مهمة من البحث يجب أن لا نغفل عنها وهي أن كل لفظ كانت بنية حروفه ثابتة، وعلامات حروفه مميزة، تختلف دلالة لفظه ومعناه عن غيره من الألفاظ جاء بمعنيين أو أكثر عُدَّ من الألفاظ ذات الوجوه، ويجب عدم الجمع بين الألفاظ المختلفة في الحركات والمعنى، المتفقة في مباني جذر اللفظ، على أنها وجوه مختلفة للفظ نفسه.

          وجُل هذه الملاحظات تدخل في كتب الوجوه والنظائر من باب رغبة المصنفين – رحمهم الله- في جمع كل ما له علاقة باللفظ من حيث المعنى المراد تحت مداخل هذه الألفاظ في مصنفاتهم، إذ إن كتب الوجوه النظائر مصنفات تركز اهتمامها على الناحية التفسيرية أكثر من الناحية اللغوية، فتبوب الألفاظ وتأتي بكل ما تدل من بناء على التفسير أحياناً والتأويل أحياناً أخرى، وإجمالاً لا تعد هذه المصنفات كتباً في علم اللغة تهتم بالدقة الدلالية للألفاظ في مواضعها.

 

1-4: خلاصة تهم مترجم معاني القرآن الكريم:

وما يهم مترجم معاني القرآن الكريم من هذا هو:

أولا: معرفة أن كثيراً من الوجوه المذكورة في كتب الوجوه والنظائر مرتبط بالتفسير من باب تحديد المراد باللفظ، بناء على قرينة معينة من السياق الخاص، وهو علاقة اللفظ بما حوله من الألفاظ، أو من السياق العام، من القرآن الكريم، أو من السنة الموضحة لمناسبة الآيات وأسباب نزولها، أو مما أُثر عن السلف الذين عاصروا نزول القرآن وفهموا معانيه، أو من لغة العرب التي نزل بها القرآن، والمراد باللفظ ليس هو معنى اللفظ. إذ تجب هنا مراعاة الفرق بين العام والخاص، والمجمل والمفصّل، والمبهم والمعيّن.

ويجب التنبيه على أن العام كلام مستغرق لجميع ما يصلح له، والخاص لفظ وضع لمعنى محصور، وقد درج كثير من السلف على حمل العام على الخاص وتفسير العام ببعض الألفاظ لا من باب الحصر في هذا البعض والتخصيص به، ولكن من باب المثال لتقريب المعنى، وقد بيّن ابن القيم أنه قد جرت عادة السلف في تفسير اللفظة بنوع أو فرد من أفراد مدلولها تقريباً، وتمثيلاً، لا حصراً، وإحاطة([44])، ومن هنا جاء اختلافهم في التفسير اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد. وإلا فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المعنى.

وقد نبه النبي r أمته إلى اعتبار العموم في الألفاظ العامة، وعدم تخصيصها كما في حديث أبي هريرة t وقد سُئل رسول الله r عن الحُمُر فقال: ما أُنزل عليَّ فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة: ]فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ` وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ[([45]) (الزلزلة: 7-8)، قال ابن حجر في شرحه لهذا الحديث: «وفيه تحقيق لإثبات العمل بظواهر العموم، وأنها ملزمة حتى يدل دليل على التخصيص»([46]). وقد أجمع الصحابة على الأخذ بعموماتِ الكتاب والسنة، ولم يكونوا يطلبون دليل التعميم([47]).

وقد أكثر أصحاب الوجوه والنظائر من تخصيص العام وبخاصة المتأخرون منهم، فنرى أنهم ذكروا للفظ «هدى» الوجوه المبيَّنة في الجدول الآتي([48]):

المؤلف

 

الآية

مقاتل

هارون

الدامغاني

ابن الجوزي

ابن العماد

عدد الوجوه

17

17

16

24

17

1.          

]أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مّن رَّبّهِمْ[ (البقرة: 5)

البيان

البيان

البيان

البيان

البيان

2.          

]وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبّكَ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ[ (الحج: 67)

دين الإسلام

دين الإسلام

دين الإسلام

دين الإسلام

دين الإسلام

3.          

]وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهْتَدَواْ هُدًى[ (مريم: 76)

الإيمان

الإيمان

الإيمان

الإيمان

الإيمان

4.          

]إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلّ قَوْمٍ هَادٍ[ (الرعد: 7)

داعياً

الداع

الداعي

الدعاء

الداعي

5.          

]وَعَلامَـٰتٍ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ[ (النحل: 16)

معرفة

معرفة

المعرفة

العرفان

المعرفة

6.          

]فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى[ (البقرة: 38)

كتباً ورسلاً

رسل وكتب

الرسل والكتب

الرسل والكتب

الرسل والكتب

7.          

]وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَاء ٱلسَّبِيلِ[ (القصص:22)

الرشاد

الإرشاد

الرشد

الإرشاد

الرشد

8.          

]إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَـٰتِ وَٱلْهُدَىٰ[ (البقرة: 159)

أمر محمد صلى الله عليه وسلم

أمر محمد صلى الله عليه وسلم

أمر محمد صلى الله عليه وسلم

أمر محمد صلى الله عليه وسلم

أمر محمد صلى الله عليه وسلم

9.          

]وَلَقَدْ جَاءهُم مّن رَّبّهِمُ ٱلْهُدَىٰ[ (النجم: 23)

القرآن

القرآن

القرآن

القرآن

القرآن

10.       

]وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ[ (غافر: 53)

التوراة

التوراة

التوراة

التوراة

التوراة

11.       

] أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوٰتٌ مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ[ (البقرة: 157)

هُدي إلى الاسترجاع

هُدي إلى الاسترجاع

الاسترجاع عند المعصية

التوحيد

الاسترجاع عند المعصية

12.       

]أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ كَمَنْ ءامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلاْخِرِ وَجَـٰهَدَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ[ (التوبة: 19)

لا يُهدى إلى الحجة ولا يُهدى من الضلالة إلى دينه

لا يُهدى إلى الحجة ولا يُهدى من الضلالة إلى دينه

لا يُهدى إلى الحجة

السنة

الانقطاع عند الحجة

13.       

]وَقَالُواْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا[ (القصص: 57)

التوحيد

التوحيد

التوحيد

الإصلاح

التوحيد

14.       

] إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءاثَـٰرِهِم مُّهْتَدُونَ[ (الزخرف: 22)

سنة

سنة

السنة

الإلهام

السنة

15.       

] ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنّى لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى كَيْدَ ٱلْخَـٰئِنِينَ[ (يوسف: 52)

لا يصلح

لا يصلح

لا يصلح

الثبات

الإصلاح

16.       

] قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِى أَعْطَىٰ كُلَّ شَىء خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ[ (طه: 50)

إلهام البهائم

إلهام البهائم

الإلهام

الاستبصار

الإلهام

17.       

] إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ[ (الأعراف: 156)

تُبنا

تبنا

__

الدليل

التوبة

18.       

] وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ[(النساء: 26)

__

__

__

التعليم

__

19.       

]وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَـؤُلاء أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ[ (النساء: 51)

__

__

__

الفضل

__

20.       

]فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرٰطِ ٱلْجَحِيمِ[ (الصافات: 23)

__

__

__

التقديم

__

21.       

]وَإِنّى لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ وَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ[ (طه: 82)

__

__

__

الموت على الإسلام

__

22.       

] إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ[ (الليل: 12)

__

__

__

الثواب

__

23.       

]وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَىٰ[ (الضحى: 7)

__

__

__

الأذكار

__

24.       

]أَرَءيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ[ (الفاتحة: 6)

__

__

__

الصواب

__

جدول رقم (3) وجوه لفظ هدى

و "هدى" لفظ عام مستغرق لأبعاضه، قد يحتمل أكثر من معنى، لاختلاف وضعه بالنسبة لما اقترن به من ألفاظ، أو لازمة من سبب أو مناسبة، وهذا هو سبب القول بهذه الوجوه، وهو في الغالب توسيع لدائرة التفسير بالرأي، وأغلبه مما لا يصح إذ إن مرده لفهم خاص من اللفظ حسب استخدامه، إلا أن المعنى العام يغني عن التخصيص، فالهدى عند ابن قتيبة هو الإرشاد، والإرشاد هو البيان([49]).

ويمكن للمترجم أن يخصص في الحاشية أو بين قوسين توضيحيين إذا ثبت أن التخصيص مأثور وليس مما قيل فيه بالرأي. وأرى أنه لا يلزم التخصيص في مثل هذا الألفاظ، ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أن هناك ألفاظاً عامة خصّصها رسول الله r منها قول بن مسعود t فيما أخرجه أحمد والشيخان وغيرهم: «لما نزلت هذه الآية: ]ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَـٰنَهُمْ بِظُلْمٍ[ (الأنعام: 82)، شق ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه؟ قال: إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قاله العبد الصالح: ]إِنَّ ٱلشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [ (لقمان: 13)، إنما هو الشرك». فخصص الظلم هنا بالشرك. ففي حالة كهذه وفي حالات أخرى كقول من يُقتدى بهم من الصحابة كالخلفاء الراشدين وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين، أو كقول اتفق عليه الجمهور وأكثر المفسرين، فكثرة القائلين بالقول تقتضي ترجيحه. ولعله من المناسب في مثل هذه الحالات أن يقوم المترجم بتوضيح المعنى الخاص في الحاشية أو بين قوسين توضيحيين مع الإبقاء على عمومية اللفظ في متن الترجمة.

وأنبه هنا على أن التزام المترجم بعموم اللفظ يبعده عن كثير من الزلات، فيما يتعلق باختلاف الآراء في التفسير. 

ثانياً: ومن المهم أن نذكر هنا أن هناك ألفاظاً لها وجوه حقيقية بخلاف هذه الوجوه التفسيرية التي ذكرنا، والوجوه الحقيقية هي التي تأتي حروف اللفظ وحركاته لا من معانيه المحمولة على التفسير والتأويل. منها مثلاً لفظ "حميم"، وهي على وجهين:

الوجه الأول: القريب ذا الرحم، كما في قوله تعالى: ]وَلاَ يَسْـئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً [ (المعارج: 10)، وقوله سبحانه: ]وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ[ (الشعراء: 101)، وقوله عز وجل: ]كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ[ (فصلت: 34).

الوجه الثاني: الحار،  كما في قوله تعالى: ]وَسُقُواْ مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ[ (محمد: 15)، وقوله جل شأنه: ]يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ[ (الحج: 19)، وقوله سبحانه: ]إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ[ (الصافات: 67).

ومن هذه الألفاظ لفظ «أمة»، وذكر أهل التفسير أن الأمة في القرآن على خمسة أوجه([50])، نذكر منها ما يلي:

الوجه الأول: الجماعة، كما في قوله تعالى: ]وَمِن ذُرّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ[ (البقرة: 128)، وقوله عز وجل: ]تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ[ (البقرة: 134)، وقوله سبحانه: ]مّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ[ (المائدة: 66).

الوجه الثاني: الحين، كما في قوله تعالى: ]وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ[ (هود: 8)، وقوله سبحانه: ]وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ [(يوسف: 45).

الوجه الثالث: الإمام، كما في قوله تعالى: ]إِنَّ إِبْرٰهِيمَ كَانَ أُمَّةً[ (النحل: 120).

فالأولى هنا أن تُترجم هذه الألفاظ بحسب المعنى المراد منها في الآية، ولا يُعتد باللفظ، حتى من حيث أصله وانتقال معناه، كما في الألفاظ المفردة ك‍ "بعل"، والألفاظ المتواطئة ك‍ "غرفة"، والألفاظ المنقولة اصطلاحاً ك‍ "إيمان" و "صلاة".    

          ثالثاً: أنه رغم المآخذ المنهجية على أصحاب كتب الوجوه والنظائر فلا بأس أن يستأنس بها المترجم، على أن يرجع للتفاسير التي يُعتدُّ بها في تحديد المعنى المراد من الألفاظ في موضعها في الآي. وهنا يجدر التنبيه على أن المترجم يختلف عن المفسر في أشياء رغم اتفاقهما في وجوه كثيرة، ومن أوجه الاختلاف أن المترجم مرتبط بالأصل ويقرأ القارئ ترجمته على أنها تنقل من الأصل مباشرة.

 

ثانياً: الوجوه والنظائر في ترجمة معاني القرآن الكريم: التطبيق والاستقراء

          أدرس في هذا الباب كيفية تعامل مترجمي معاني القرآن الكريم مع الألفاظ القرآنية ذات الوجوه، وأهدف من هذا إلى الوصول إلى إجابة موضوعية مستندة إلى الدليل التطبيقي الاستقرائي وبعيدة عن الفرضيات التي لا تقوم على الدليل، والسؤال المحوري هو: هل يخفق المترجمون في التعرف على وجوه الألفاظ القرآنية مما يؤثر سلباً على ترجماتهم، أو لا؟

          وقبل أن أبدأ في الدراسة أرى أنه من المفيد أن أذكر شيئاً عن الدراسات السابقة التي تناولت كيفية تعامل مترجمي معاني القرآن الكريم مع الألفاظ القرآنية متعددة المعاني، لما لهذا الاستعراض من علاقة مباشرة مع نتائج هذا البحث.         

 

2-1: الدراسات السابقة

لم أعثر في بحثي عن البحوث والكتابات التي درست تعامل المترجمين مع الوجوه والنظائر في ترجمتهم لمعاني القرآن الكريم إلا على بحثين وهما:

1- "المشترك اللفظي وترجمة معاني القرآن الكريم: دراسة وتمهيد لمعجم عربي-إنجليزي"، للدكتور المولودي بن إسماعيل عزيز، وهو بحث مقدم في ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي، وتخطيط للمستقبل، المنعقدة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، في الفترة من 10-12 صفر 1423ه‍، ويقع في (56) صفحة.   

يستهل الباحث بحثه بمقدمة مفيدة حول دراسة العلماء المسلمين للألفاظ في اللغة العربية عموماً، وفي القرآن الكريم على وجه الخصوص، ثم يعرِّج على علم الوجوه والنظائر ويعِّرفه بالاعتماد على تعريف الزركشي له ليبيّن للقارئ ما يقصده من هذا العلم، الذي يخوض في جوانبه التطبيقية في القسم الثاني من بحثه، ولكنه يكتفي بالتعريف والتمثيل عليه دون الخوض في تاريخ هذا العلم وتشعباته الكثيرة، ولم يؤصِّل الباحث لهذا العلم كما يجب ليتمكن من اختيار عينة البحث، واستقراء النتائج على نحو أفضل.        

          وفي القسم الثاني من بحثه، يختار الباحث عدداً من مترجمي معاني القرآن الكريم إلى الإنجليزية وهم كما يذكر مسلمون وغير مسلمين في الشرق والغرب وخرجت ترجماتهم في فترات زمنية مختلفة، إلا أنه لم يذكر شروط اختياره لهؤلاء المترجمين دون غيرهم وما هي النتائج التي يريد أن يصل إليها من هذا الاختيار خاصة وأن عدداً كبيراً من المترجمين قاموا بنقل معاني القرآن الكريم إلى الإنجليزية، ويدرس كيفية ترجمة عددٍ من الألفاظ ذات الوجوه في ترجمات هؤلاء وهي: الذل، الخوف، الأمة، الفتنة، الهدى. ويؤخذ عليه هنا أنه لم يذكر السبب الذي اختار على أساسه الألفاظ المبحوثة، كما أنه لم يلتفت إلى السياق في تحليل الترجمات.  

          وفيما بقي من بحثه، وبناءً على دراسته لهذه الألفاظ في عينة الترجمات التي اختارها، يقترح الباحث إعداد معجم عربي-إنجليزي للمشترك اللفظي في القرآن الكريم، ويذكر بشيء من التفصيل خطة هذا المعجم.

2- "ضرورة شناختِ وجوه ونظاير در ترجمه قرآن كريم"، أي "ضرورة التعرف على الوجوه والنظائر في الترجمة القرآنية"، ليعقوب جعفري، المنشور في العدد الرابع من مجلة ترجمان الوحي (ص 9-21)، الصادرة في مؤسسة ترجمة القرآن المجيد التابعة لمنظمة الأوقاف والشؤون الإسلامية الإيرانية([51]).

          ينقسم البحث إلى قسمين: نظري وتطبيقي، ويتناول الباحث في القسم الأول علم الوجوه والنظائر ويسرد معلومات مختصرة مفيدة عن: بعض أسباب وقوع المشترك في الألفاظ العربية، وتعريف الوجوه والنظائر، وبدايات هذا العلم، وعدد من الكتب المهمة في هذا الباب (ويُدخل فيها بعض الكتب المصنَّفة بالفارسية)، ويذكر في عرضه لهذه الكتب منهج المؤلف باقتضاب.

          وفي القسم الثاني من بحثه يدرس المؤلف ألفاظاً قرآنية ذات وجوه في عدد من الترجمات الفارسية، والألفاظ التي يدرسها هي: صلاة، فتنة، قضى، قرآن، قدر، ساق، يأس، يقين.

ورغم أن هذا البحث لم يذكر الشروط التي طبقها في اختيار الألفاظ والترجمات التي درسها فيها، فإنه يخلص إلى عدد من النتائج المفيدة للمترجم في ممارسة المترجمين وفيما يجب عليهم فعله عند ترجمة الألفاظ ذات الوجوه، تنم عن استقراء جيد في هذا العلم الواسع خاصة فيما يتعلق بمراعاة السياق، وإشكالية تخصيص العام، وعلاقة بعض ألفاظ الوجوه والنظائر بالتفسير.         

 

2-2: عينة البحث والدراسة التطبيقية:

2.2.1: الترجمات المدروسة:

تم اختيار الترجمات المدروسة ومترجميها وفقاً للمعايير التالية التي من شأنها أن تعطينا قراءة شاملة لكيفية تعامل مترجمي معاني القرآن الكريم إلى الإنجليزية مع الألفاظ القرآنية ذات الوجوه:

التوجُّه: فمنهم من هو مسلم (محمد تقي الدين الهلالي ومحمد محسن خان – محمد عبد الحليم)، ومنهم من هو أصحاب الهوى (محمد علي القادياني - عبد الله يوسف علي(يعزى للبُهَرَة) )، ومنهم من هو نصراني (توماس كليري)، وتوجهاتهم من شأنها أو تؤثر في اختياراتهم في ترجماتهم.

العروبة: فمنهم من هو عربي (محمد تقي الدين الهلالي ومحمد محسن خان([52]) - محمد عبد الحليم)، ومنهم من هو غير عربي (عبد الله يوسف علي – محمد عليتوماس كليري)، وأهدف من هذا المعيار إلى إثارة التساؤل: هل يصيب المترجمون العرب من حيث يخطئ الآخرون؟

الفترة الزمنية: تمتد الفترة الزمنية التي ظهرت فيها هذه الترجمات منذ عام 1917م وهو العام الذي صدرت فيه ترجمة محمد علي القادياني وحتى عام 2004م الذي صدرت فيه ترجمتا كل من محمد عبد الحليم وتوماس كليري. وفائدة هذا المعيار ذات علاقة بمدى استفادتهم من أخطاء بعضهم البعض؛ وتأثير الفترة في تطور فهم القرآن من خلال الدرس الاستشراقي، وإملاءات الفترة (كأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وفترة الحكم الشيوعي المعادي للأديان).

الشهرة: الترجمات المدروسة هي من أكثر الترجمات الإنجليزية لمعاني القرآن الكريم قبولاً وتأثيراً، لأنها هي المعَّول عليها في تحري أصحابها الدقة، واستقصائهم في البحث.

          ورغم هذه الشروط والمعايير فإن العدد المتبقي من الترجمات غير قليل، وإذ لا يمكن دراسته دراسة علمية مستفيضة في هذا البحث، اكتفيت بعدد من الترجمات هي من بين أكثر الترجمات انتشاراً، فيما يلي تعريف مقتضب بكل منها ومترجميها مرتباً إياها بحسب عام صدورها:

  • محمد علي (صدرت ترجمته عام 1917م) ([53]): اشتهر محمد عليبحكم كونه أبرز الداعين إلى القاديانية، وبإيعاز من ميرزا غلام أحمد مؤسس القاديانية بدأ محمد على ترجمة معاني القرآن عام 1909م وانتهى منها عام 1917م. وأعاد محمد علي مراجعتها مراجعة شاملة عام 1950م قبيل موته عام 1951م. ومنذ عام 1985م أعيد طبعها بانتظام في الولايات المتحدة بالتعاون مع المنظمة القاديانية بلاهور، ونتيجة لهذا فمئات النسخ من هذه الترجمة متوافرة في المكتبات الأمريكية. بذل المترجم جهداً كبيراً في الترجمة وضَمَّنها قرابة ثلاثة آلاف تعليق في الحاشية بغرض تفسير الألفاظ والمفاهيم القرآنية، ولسنوات عدة كانت هي الترجمة الوحيدة التي لم يقم بها مترجم إنجليزي، واغتر بها لهذا السبب عدد من القراء المسلمين الذين لم يكونوا واعين لميلها القادياني وحسبوها ترجمة إسلامية.
  • عبد الله يوسف علي (صدرت ترجمته عام 1934م)([54]): في إبريل 1934م خرج القسم الأول من مشروع ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الإنجليزية مع تعليقات مطولة، واكتملت الترجمة في 1937م. ومنذ ذلك الحين حققت ترجمته رقماً قياساً في عدد مرات الطبع في أغلب أنحاء العالم. وألحقت بالترجمة أكثر من 6000 حاشية تعليقية بغرض توضيح معاني الآيات وإعطاء الأمثلة، إلا أن حواشيه في أماكن عدة تعرض تفسيراً مخالفاً لفهم معاني القرآن المتعارف عليها كما وردت في كتب التفسير المعتبرة.
  • محمد أسد (صدرت ترجمته عام 1955م)([55]): خرج الجزء الأول من ترجمة محمد أسد المعنون ب‍ The Message of the Qur'an، أي «رسالة القرآن» عام 1964م وهو عبارة عن ترجمة وتفسير لمعاني السور التسع الأولى، وخرجت الترجمة كاملة عام 1980م، وتحتوي الترجمة على النص القرآني، وحواشٍ تعليقية مطولة، وملاحق متعلقة بمواضيع القرآن، وحاول المترجم بحكم كونه مسلماً جديداً فهم معاني القرآن الكريم بالاعتماد على المصادر المعروفة مثل التفاسير والمعاجم، ولكن بحكم كونه غربياً فهو ينظر بنقد وأحيانا يشكك في كتب التفسير، وبسبب تأثير الفكر العقلي والمعتزلي نراه ينكر المعجزات، ويجعل من الغيب شيئاً رمزياً مجرداً، كل هذا من أجل أن يجعل القرآن أكثر قبولاً للقارئ الغربي.     
  • محمد تقي الدين الهلالي ومحمد محسن خان (صدرت الترجمة عام 1977م) ([56]): ولد العالم المعروف محمد تقي الدين الهلاليفي المغرب وتعلم الإسلام وعلّمه في عدد من البلدان الإسلامية بما فيها الهند، وكان آخر ما عمل أستاذاً في العلوم الشرعية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، واشتهر بسعة علمه وورعه، وأما محمد محسن خان فهو طبيب ولد بباكستان ونال تعليمه الطبي في كل من باكستان وبريطانيا، وعمل لسنوات عدة في وزارة الصحة السعودية واهتم اهتماماً بالغاً بالكتابة عن الإسلام، وترجم صحيح البخاري إلى اللغة الإنجليزية، وتمتاز هذه الترجمة بجميع مزايا التفاسير المعتبرة لأنها نسخة إنجليزية مختصرة لتفاسير ابن كثير والقرطبي والطبري، قدَّم المترجمان بأمانة وصبر آراء أعلام المفسرين الطبري، والقرطبي، وابن كثير، وهذه المادة المأثورة تثري معرفة القارئ بالقرآن، والأهم من هذا أنها تعرفه بآراء أئمة التفسير في معاني الآيات.
  • توماس كليري (صدرت الترجمة عام 2004م([57])، وكانت أجزاء من الترجمة صدرت عام 1997م([58])): وكليري حاصل على درجة الدكتوراه في اللغات والثقافات الشرق آسيوية من جامعة هارفارد، وقام بترجمة عدد من الكتب الدينية لعدد من الأديان منها: الإسلام، والبوذية، والكنفوشية. وخلافاً لما عمد إليه في الأجزاء المختارة من كثرة الحواشي والتعليقات، خلت الترجمة الكاملة تماماً من أي حاشية أو تعليق، بل وحتى من مقدمة للناشر أو المترجم، وهذا من شأنه أن يوهم القارئ بعدم الاختلاف الكبير بين الأصل والترجمة، وبخاصة من حيث البيئة الثقافية.
  • محمد عبد الحليم: وهو أستاذ كرسي الدراسات الإسلامية بكلية الدراسات الشرق أوسطية والشمال إفريقية (SOAS) بجامعة لندن، وصدرت ترجمته عن مطبعة جامعة أكسفورد عام 2004م([59]). والترجمة كتبت بلغة إنجليزية سلسة وعصرية، إلا أنه يؤخذ على د/ عبد الحليم استجابته للقضايا المطروحة بقوة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وانعكاس هذا على ترجمته في بعض المواضع، خاصة وأنه يعيش في الغرب.

 

3.2.2: الألفاظ المدروسة:      

تنقسم الألفاظ التي أدرسها إلى قسمين وهما:

أولاً: الألفاظ ذات الوجوه التفسيرية، وهي تلك الألفاظ التي أكثر منها أصحاب كتب الوجوه والنظائر، وليست تدل على معنى مختلف للفظ، بل المختلف في الآيات القرآنية هو المراد منها. وأريد من هذا الوصول إلى إجابة على السؤال: هل عد مترجمو معاني القرآن الكريم الوجوه التفسيرية وجوهاً للفظ، مما انعكس على ترجماتهم؟ وهل أغفلوا هذه الوجوه تماماً أم أثبتوها في المتن دون إشارة، إما بين قوسين توضيحيين، أو في الحاشية؟

والألفاظ المدروسة في هذا القسم هي: أحد، صدق، هدى، حين.  

ثانياً: الألفاظ ذات الوجوه الحقيقية، أي الألفاظ ذات المعنيين فأكثر، والتي يكون الاختلاف بينها اختلاف في المعنى لا اختلاف في المراد منها. والسؤال الذي أود الإجابة عليه هنا هو: هل يخرج المترجمون الألفاظ عن وجوهها؟ وإن كانوا يفعلون ذلك فما السبب، هل هو مجرد عدم فهم للمعنى، أم أنه مقصود، ولماذا؟

والألفاظ المدروسة في هذا القسم هي: آية، قضى، أمة، محصنة، فتنة، الرجز. والحق بها ألفاظ الأفراد: بروج، بعل، حسبان.

 

3.2.2.1: دراسة الألفاظ ذات الوجوه التفسيرية:

تنبيهات منهجية:

  • مراعاة لعدم الإطالة، وتحاشياً للاختلافات التفسيرية، سأكتفي في دراستي للألفاظ على آية واحدة لكل وجه من وجوه الألفاظ، وهي أكثر الآيات دلالة على الوجه المقصود.
  • لا أكتفي بترجمة الألفاظ كما جاءت في الجداول، بل أناقشها في سياقها، وذلك بالرجوع ترجمة الآية الوارد فيها اللفظ، والسعي لاستكشاف المعاني التي ضمّنها المترجم اللفظ من خلال سياقها في متن الترجمة، والتحشيات عليها، ومن خلال معرفتي باتجاه المترجم والمؤثرات المحيطة به.
  • هناك ألفاظ عامة مستغرقة لأبعاضها ساق المفسرون الأمثلة عليها، ولا يعني هذا التمثيل حصر المعنى فيها، وغرض البحث لا يتأثر بهذا الحصر.
  • قد يلاحظ القارئ ويتنبّه إلى بعض الأمور في الترجمة، التي هي في حقيقتها خارجة عن حدود هذا البحث، وحرصاً على عدم التشعّب، وصب الاهتمام على الظاهرة المدروسة، أكتفي في المناقشة بما له علاقة مباشرة بالمشترك اللفظي وتعامل المترجمين معه وحسب.
  • أتحاشى الترجمة الراجعة (back translation)، أي ترجمة الترجمة إلى العربية، حتى أكون أكثر موضوعية في تحليلي ولا أحكم على الترجمة من خلال اللغة العربية، بل من خلال اللغة التي كتبت بها وفهم أهلها لها.     
  • أبدأ بذكر وجوه الألفاظ المدروسة، وأثني بجدول أرصد فيه الآيات التي ورد فيها اللفظ المدروس بحسب وجوهه، وترجمة كل مترجم للوجه بحسب الآية التي جاء فيها، ثم أحلل ترجماتهم للوجوه بإسهاب دون الاكتفاء بما جاء في الجدول بل آخذ سياقه في الاعتبار عند التحليل.  

 

3.2.2.1: دراسة الألفاظ ذات الوجوه التفسيرية:

أولاً:  

أ ح‍ د

الدراسة:

كما رأينا في الجدول رقم (1) فإن أصحاب كتب الوجوه والنظائر اتفقوا على ثلاثة وجوهٍ للفظة "أحد"، وانفرد بعضهم بعدد من الوجوه وبخاصة الدامغاني، والوجوه المتفق عليها هي:

أولاً: هو الله تبارك وتعالى: كما في قوله سبحانه: )أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ(.

ثانياً: هو النبي صلى الله عليه وسلم: كما في قوله تعالى: )إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ(.

ثالثاً: بلال رضي الله عنه: كما في قوله تعالى: )وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى(.

          ولعلنا نكتفي في دراسة ترجمة هذا اللفظ بهذه الوجوه، إذ إن ورود لفظ "أحد" في كتاب الله الكريم كثير، وتعدد المقصود به بحسب المواضع التي ورد فيها، إضافة إلى أن الغرض من هذه الدراسة هو معرفة ما إذا عدَّ المترجمون المقصود باللفظ وجهاً من وجوهه.    

الرقم

الشاهد

محمد علي

عبد الله يوسف علي

محمد أسد

الهلالي وخان

كليري

عبد الحليم

1.          

)أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ` يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً `  أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ[ (البلد: 5-7)

 (no) one

none

(no) one

none

(no) one

(no) one

2.          

)إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ [ )آل عمران: 153)

anyone

anyone

anyone

anyone

 No one

You fled without looking back.

3.          

]وَمَا لأِحَدٍ عِندَهُ مِن نّعْمَةٍ تُجْزَىٰ[ (الليل: 19)

none

anyone

…not as payment for favours received.

anyone

anyone

anyone

الجدول رقم (4) ترجمة لفظ أحد

          لم يترجم أي من المترجمين لفظ "أحد" بالمراد منها في هذه الأمثلة، بل ترجموها بحسب معناها المعجمي، وهو none، و anyone، و no one كل بحسب سياق الجملة في اللغة الإنكليزية. غير أننا نلاحظ أن محمد عبد الحليم لم يترجم الكلمة كلياً في الموضع الثاني بل احتواه في الجملة، بينا لم يترجم محمد أسد اللفظ في الموضع الثالث واكتفى باحتوائه في السياق، ورأي المترجمان أن الترجمة كما أتيا بها تغني عن التنصيص على كل لفظ في اللغة العربية وفيها غنية، وهذا منهجهما عموماً إذ يقدمان أحياناً اتساق الجملة الإنكليزية على الحرفية في الترجمة. وعلى أي فإن هذا المثال يوضح أن أي من المترجمين لم يترجم اللفظ المقصود منه.   

 

ثانياً:

ص‍ د ق (الصادقين)

الدراسة:

          يُجمع كل من مقاتل، وهارون، والدامغاني، وابن العماد على ثلاثة وجوه للفظ "الصادقون":

أولاً: هم النبيون، في قوله تعالى: )لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ( (الأحزاب: 8)، وقوله عز وجل: )هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ( (المائدة: 119).

ثانياً: هم المهاجرون خاصة، في قوله تعالى: )لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ( (الحشر: 8).

ثالثاً: هم المؤمنون، في قوله تعالى: )لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً( (الأحزاب: 24).

إلا أن الدامغاني ينفرد بوجه رابع وهو الصادقون في الجهاد، وحمل على هذا الوجه قوله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ( (التوبة: 119)، وقوله سبحانه: )إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ( (الحجرات: 15).    

ونلاحظ أن كل هذه الوجوه تأتي من باب حمل اللفظ على المراد به في من قبيل تفسيره وبيان معناه، ولا تأتي من اختلاف في معنى اللفظ حقيقة، فالصدق هو ضد الكذب ونقيضه.

وللنظر الآن إلى الطريقة التي تُرجم بها هذا اللفظ:  

الرقم

الشاهد

محمد علي

يوسف علي

محمد أسد

الهلالي وخان

كليري

عبد الحليم

1.          

)لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ( (الأحزاب: 8)

the truthful

the (Custodians) of Truth

 

…those men of truth

the truthfuls (Allah’s Messengers and His Prophets)

the truthful

the truthful

2.          

)لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ( (الحشر: 8)

the truthful

the sincere ones

it is they, they who are true to their word.

the truthful

They are the ones who are truly sincere.

-these are the ones who are true-

3.          

لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً( (الأحزاب: 24)

the truthful

the men of Truth

the truthful

the men of truth

the truthful

the truthful

4.          

)إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ( (الحجرات: 15)

the truthful ones

the sincere ones

it is they, they who are true to their word.

the truthful

They are the ones who are sincere.

they are the ones who are true.

الجدول رقم (5) ترجمة لفظ "الصادقون"

 

نرى في الموضع الأول أن المترجمين ترجموا لفظ "الصادقون" بحسب مقابله المعجمي في اللغة الإنكليزية وهو: the truthful، عموماً، إلا أن كل من ترجمة عبد الله يوسف علي، ومحمد أسد، والهلالي وخان حملت شيئاً من البعد التفسيري وتحتاج إلى وقفات:

فقد ترجم عبد الله يوسف علي اللفظ ب‍ the (Custodians) of the Truth، أي "رعاة الحقيقة"، ويوضح اختياره هذا في الحاشية بقوله: "الرجال الذين أعطوا حقيقة الله لينشروها، سيُسألون في الآخرة عن أمرها في هذه الدنيا: كيف استقبلها الناس، ومن عارضها، ومن أعان عليها. والله عليم بكل شيء ولن يضيف هذا السؤال لعلمه جديد، ولكن هذا سيكون حجة على الذين أتتهم الحقيقة، ولذا فإن مسؤولية من لم يقوموا بحملها ستتضاعف بحق، وأصحاب الحقيقة الروحية الأساسيون هم الأنبياء، ولكن جميع من بلغتهم رسالة الله يدخلون في هذا على اختلاف في الدرجة"([60])، ونرى نـزعة المترجم الفلسفية في فهمه العام لأمر الرسالة كما جاء في الحاشية، وعمّ بأصحاب الرسالة جميع من بلغتهم بدرجات متفاوتة إلا أنه مع هذا لم يبتعد كثيراً عن الإطار المعجمي في ترجمته للفظ في المتن.

وترجم محمد أسد اللفظ ب‍ those men of truth، أي "رجال (أصحاب) الحقيقة أولئك" في إشارة إلى الأنبياء المذكورين في الآية السابقة: )وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً( (الأحزاب: 7)، ووضح في الحاشية معنى الآية بالإحالة إلى قوله تعالى: )يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ( (المائدة: 109)، وبخاصة وقوله عز وجل: )فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ( (الأعراف: 6)، وفي هذا تفسير واضح لمراد المترجم من ترجمته.

أما الهلالي وخان فقد خصصا معنى الصادقين بين قوسين بقولهم: Allah’s Messengers and His Prophets، أي "أنبياء الله ورسله" معتمدين في ذلك على كتب التفسير، ومع هذا فقد احتفظا بالمعنى المعجمي للفظ (the truthfuls) وأضافا الشرح بعده مباشر.

ولم يخرج المترجمون عن هذا في الموضع الثاني إلا أننا نلاحظ استخدام عبد الله يوسف علي لعبارة: the sincere ones، أي "المخلصين"، وهي مناسبة لوصفه سبحانه وتعالى للمهاجرين في هذه الآية الكريمة، ويستخدم العبارة نفسها في ترجمة الموضع الرابع عند وصفه سبحانه وتعالى للمؤمنين، وهو لم يخرج بهذا اللفظ عن معناه، ولكنه نوَّع في استخدامه لألفاظ اللغة الإنكليزية بما يفيد المعنى المراد.

أما محمد أسد فقد استخدم عبارة: true to their word، وهي عبارة اصطلاحية في اللغة الإنكليزية، وتفيد المعنى المقصود تماماً، ويُجري الترجمة نفسها في الموضع الرابع. وهذه حساسية عالية من كلا المترجمين لسياق الآيات.

ورغم تنوع العبارات فإن المترجمين لم يبتعدوا كثيراً عن المعنى المعجمي للفظ.            

 

ثالثاً:

ه‍ د ي

الدراسة:

كما رأينا في جدول رقم (3) يذكر المصنفون في الجملة (16) وجهاً لهذا اللفظ، وانفرد بعضهم بوجوه أخرى أوصلوها إلى (24) وجهاً، ولفظ "هدى" لفظ عام مستغرق لأبعاضه، اللفظ قد يحتمل أكثر من معنى، إذ إن الهدى كما سبق أن ذكرنا عند ابن قتيبة هو الإرشاد، والإرشاد هو البيان، ووجوه اللفظ التي ذكروها هي : البيان، دين الإسلام، الإيمان، داعياً، معرفة، كتباً ورسلاً، الرشاد، أمر محمد r، القرآن، التوراة، هُدي إلى الاسترجاع، لا يُهدى إلى الحجة ولا يُهدى من الضلالة إلى دينه، التوحيد، سنة، لا يُصلح، إلهام البهائم.

الرقم

الشاهد

محمد علي

يوسف علي

محمد أسد

الهلالي وخان

كليري

عبد الحليم

1.          

]أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مّن رَّبّهِمْ[ (البقرة: 5)

right course

(true) guidance

guidance

(true) guidance

guidance

guidance

2.          

]وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبّكَ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ[ (الحج: 67)

right guidance

Right Way

 

right way

(true) straight guidance

guidance

the right path

3.          

]وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهْتَدَواْ هُدًى[ (مريم: 76)

guidance

guidance

…consciousness of the right way

guidance

the guidance

guidance

4.          

]إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلّ قَوْمٍ هَادٍ[ (الرعد: 7)

guide

guide

guide

guide

a guide

guide

5.          

]وَعَلامَـٰتٍ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ[ (النحل: 16)

find the right way

guide  themselves

find their way

guide  themselves

find their way

to guide people

6.          

]فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى[ (البقرة: 38)

guidance

Guidance

guidance

Guidance

guidance

guidance

7.          

]وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَاء ٱلسَّبِيلِ[ (القصص:22)

guide

show

guide

guides

show

guide

8.          

]إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَـٰتِ وَٱلْهُدَىٰ[ (البقرة: 159)

guidance

Guidance

guidance

guidance

guidance

guidance

9.          

]وَلَقَدْ جَاءهُم مّن رَّبّهِمُ ٱلْهُدَىٰ[ (النجم: 23)

the guidance

Guidance

right guidance

Guidance

guidance

guidance

10.       

]وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ[ (غافر: 53)

the guidance

the (Book of) Guidance

[Our] guidance

 

the guidance

guidance

guidance

11.       

] أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوٰتٌ مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ[ (البقرة: 157)

the followers of the right course

the ones that receive guidance

who are on the right path

the guided-ones

who are guided

who are rightly guided

12.       

]وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ[ (التوبة: 19)

guides not

guides not

grace his guidance

guides not

does not guide

does not guide

13.       

]وَقَالُواْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا[ (القصص: 57)

the guidance

the guidance

the guidance

the guidance

the guidance

guidance

14.       

] إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءاثَـٰرِهِم مُّهْتَدُونَ[ (الزخرف: 22)

we are guided

we do guide ourselves

we find our guidance

we guide ourselves

we find guidance

we are guided by

15.       

] ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنّى لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى كَيْدَ ٱلْخَـٰئِنِينَ[ (يوسف: 52)

guides not

will never guide

does not bless with his guidance

guides not

does not guide

does not guide

16.       

] قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِى أَعْطَىٰ كُلَّ شَىء خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ[ (طه: 50)

guides (it)

gave (it) guidance

guides it

guided it

provided direction

gave it guidance

الجدول رقم (6) ترجمة لفظ "هدى"

 

رغم اختلاف الأساليب إلا أن المترجمين عبَّروا عن الهدى بلفظ guidance ومشتقاتها، وهو اللفظ المقابل في اللغة الإنكليزية، ولم يخصص المعنى منهم أحداً إلا في الموضع العاشر نلاحظ ما يأتي:

          وفي الموضع العاشر ترجم عبد الله يوسف علي لفظ الهدى الوارد في الآية بعبارة: the (Book of) Guidance، وأضاف بين قوسين عابرة: Book of، أي "كتاب"، ولا شك أن في هذا تخصيص للمعنى معتمد على التفسير كما يذكر في الحاشية، إذ يقول: "أعطي موسى وحياً، ثم أورث لبني إسرائيل ليحفظوه، ويسيروا عليه في تعاملاتهم، ويعظموا رسالته، ولكنهم أخفقوا في جميع هذا الأمور"([61])، وبهذا يخصص المترجم في المتن بين قوسين توضيحيين وفي الحاشية.

 

رابعاً:

ح‍ ي‍ ن

الدراسة:

كما رأينا في الجدول رقم (2) فإن أصحاب كتب الوجوه يذكرون للفظ "حين" أربعة وجوه وهي: سنة، منتهى الآجال، الساعات، زمان لم يؤقت، وأضاف بعضهم: أربعين سنة، نصف النهار. وكل هذه الوجوه يجمعها الدلالة على الزمان قصر أو أمتد. وهذه الوجوه هي أيضاً من قبيل ذكر المراد من اللفظ وليس معناً مختلفاً له.

الرقم

الشاهد

محمد علي

يوسف علي

محمد أسد

الهلالي وخان

كليري

عبد الحليم

1.          

)تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا( (إبراهيم: 25)

in every season

at all times

at all times

at all times

at all times

constant

2.          

) وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ( (البقرة: 36)

for a time

for a time

for a while

for a time

for a while

for a time

3.          

)فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ( (الروم: 17)

when

when

when

when

in your evenings and in your mornings

in the evening and in the morning

4.          

)وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ( (ص: 88)

a time

a while

a lapse of time

a while

a while

In a time…

5.          

)هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ( (الإنسان: 1)

a time

a long period of Time

An endless span of time

a period of time

a time

a period of time

6.          

)وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا( (القصص: 15)

a time

a time

a time

a time

a time

Unnoticed by its people

الجدول رقم (7) ترجمة لفظ "حين"

 

عبَّر المترجمون عن لفظ "حين" في الغالب بألفاظ تفيد الوقت عموماً دون تخصيص كل بحسب سياقها، ألا أنه لنا وقفات مع بعض اختيارات المترجمين:

ففي الموضع الأول أجمع المترجمين على أن "حين" هنا تعني في كل وقت، دون تقييد لهذا الوقت بزمن معين، بل إن محمد عبد الحليم أكد على هذه الاستمرارية باختياره لفظ: constant، أي باستمرار، وهذا ما رجحه ابن كثير في تفسيره إذ قال: "قيل غدوة وعشياً، وقيل كل شهر، وقيل كل شهرين، وقيل كل ستة أشهر، وقيل كل سبعة أشهر، وقيل كل سنة، والظاهر من السياق أن المؤمن، مثله كمثل شجرة لا يزال يوجد منها ثمر في كل وقت من صيف أو شتاء، أو ليل أو نهار، كذلك المؤمن لا يزال يرفع له عمل صالح آناء اللي وأطراف النهار، في كل وقت وحين"([62]). ويؤخذ على المترجم القادياني في هذا السياق تخصيصه للفظ بقوله: in every season، أي "في كل موسم"، وأرى أن مناط التخصيص هنا يعود لاتجاه المترجم القادياني الذي هو عقلاني في كثير من مظاهره، وكأنه يريد بهذه الترجمة ينحو منحاً عقلانياً في التفسير وهو أن الشجرة لا تُثمر إلا في مواسم الإثمار، وفرض هذه الرؤية على الترجمة.

في الموضع الخامس نرى أن عبد الله يوسف علي يترجم "حين من الدهر" في الآية بعبارة: a long period of Time، أي "فترة طويلة من الوقت"، ومرد هذه الترجمة إلى فهمه للكلمة في سياقها، إذ يعلق في الحاشية بقوله: "الدهر هو الوقت عموماً، أو فترة طويلة"([63]). كما نجد أن محمد أسد يترجمها بعبارة:   an endless span of time، أي "قترة غير متناهية من الزمن"، ويعلق على ترجمته هذه في الحاشية بقوله: "يتضمن هذا، وفقاً لجميع المفسرين القدماء، أنه كانت هناك مدّة مديدة، أو غير متناهية، من الوقت"([64]).                   

وفي الموضع السادس نجد أن محمد عبد الحليم ترجم "على حين غفلة" ب‍: unnoticed by its people، أي "ولم يشعر به أهل المدينة"، وهذا ضرب من التفسير، قد يكون المترجم وقف عليه في كتاب من كتب التفسير، وقد يكون رآه هو بنفسه معتمداً على فهمه لمجموع ألفاظ "على حين غفلة".

نتيجة: في هذه الوجوه التفسيرية، نرى التزام المترجمين بعموم الفظ وعدم التخصيص، إضافة بعد تفسيري أحياناً إما في المتن أو بين قوسين توضيحيين أو في الحاشية، ومراعاة السياق في الفهم والترجمة.

 

3.2.2.1: دراسة الألفاظ ذات الوجوه الحقيقية:

تحاشياً للاختلافات التفسيرية، أكتفي في دراستي للألفاظ ذات الوجوه الحقيقية هنا بذكر الوجوه الأبرز للفظ التي لا خلاف فيها بين المفسرين غالباً، وأدلل بآية واحدة على كل وجه من هذه الوجوه، وذلك مراعاة لمساحة البحث المتاحة. ورغم أنني في دراستي لهذه الألفاظ لا ألتزم بما جاء في كتب أصحاب الوجوه والنظائر، للأسباب المنهجية التي ذكرنا، وبسبب الاختلاف بينهم في عدِّ الوجوه إلا أن في جملة ما ذكروا غنى للباحث عن تقصي وجوه ألفاظ القرآن الكريم بنفسه، لذا فأني أعرض الوجوه التي أثبتوا للألفاظ على كتب أئمة التفسير وأقر ما أقروهم عليه وهو الأغلب، مشترطاً في ذكر الوجه للفظ أن يكون معناه واضحاً لا شبهة فيه.              

 

أولاً:

آية

الدراسة:

للفظ "آية" الوجوه، الآتية:

1- بمعنى عبرة، كما في قوله تعالى: ]فأَنْجَيْنـٰهُ وأَصْحَـٰبَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلْنَـٰهَا ءايَةً لّلْعَـٰلَمِينَ[ (العنكبوت: 15)، يقول الطبري في تفسير قوله تعالى:]وَجَعَلْنَـٰهَا ءايَةً[ «جعلنا السفينة التي أنجيناه وأصحابه فيها عبرة وعظة للعالمين»([65]).

2- بمعنى علامة، كما في قوله تعالى: ]وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ[ (الروم: 20)، يقول القرطبي: «أي من علامات ربوبيته ووحدانيته»([66]).       

3- بمعنى آيات القرآن، كما في قوله تعالى: )أَلَمْ تَكُنْ ءايَـٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذّبُونَ( (المؤمنون: 105)، يقول القرطبي في تفسير هذه الآية: «الآيات يراد بها القرآن»([67])، ويقول الطبري: «يعني آيات القرآن»([68]).

4- بمعنى الجزء المحدد من القرآن، كما في قوله تعالى: ]مَا نَنسَخْ مِنْ ءايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا[ (البقرة: 106)، وهذا المعنى هو المثبت في كتب أئمة التفسير، كما أخرج الطبري في تفسيره بسنده الحسن عن قتادة قوله: «كان ينسخ الآية بالآية بعدها، ويقرأ نبي الله r الآية أو أكثر من ذلك ثم تنسى وترفع»([69]).

ونلاحظ هنا التشابه بين الوجهين الأول والثاني من جهة والثالث والرابع من جهة أخرى، لذا نكتفي في التحليل بالوقوف على آية واحدة من كل منهما.

التحليل:

ترجم لفظ "آية" في الآيات المدروسة على النحو الآتي:

الرقم

الشاهد

محمد علي

يوسف علي

محمد أسد

الهلالي وخان

كليري

عبد الحليم

1

فأَنْجَيْنـٰهُ وأَصْحَـٰبَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلْنَـٰهَا ءايَةً لّلْعَـٰلَمِينَ[ (العنكبوت: 15)

sign

a Sign

symbol [of Our grace]

Ayah (a lesson, a warning)

sign

sign

2

]مَا نَنسَخْ مِنْ ءايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا[ (البقرة: 106)

message (abrogate)

revelations (abrogate)

message (annul or consign to oblivion)

a Verse (revelation) (abrogate)

sign (cancel)

…revelation (superseded or forgotten)

الجدول رقم (8) ترجمة لفظ "آية"

 

نجد في ترجمة الموضع الأول أن أغلب المترجمين استخدموا كلمة: sign، التي هي مقابلة للفظ العربي وتؤدي الغرض، بينما قام الهلالي وخان بنقل اللفظ حرفياً (أي بنقحرته) إلى Ayah، ثم وضعا بين قوسين توضيحيين ما يمكن أن يعنيه اللفظ إذ قالا: a lesson, a warning، أي "درس أو تحذير"، وفي هذا برأيي شيء من تخصيص المعنى بتفسيره، ولفظ: sign، في اللغة الإنكليزية يؤدي الغرض بنقل المعنى.    

          كما نجد أن محمد أسد ترجمها بقوله: symbol [of Our grace]، أي "رمزاً (أو علامة) لفضلنا"، وهذا التأويل غير مستغرب على هذا المترجم ذو النـزعة الاعتزالية العقلانية، وعلى أي فإن أي من المترجمين لم يخرج باللفظ عن وجهه المراد من الآية.

          أما الموضع الثاني فقد أجمع أئمة أهل التفسير على أن الآية المقصودة هنا هي آية من آيات القرآن، ونجد أن بعض المترجمين تأوَّل المعنى، فنجد أن محمد علي القادياني يترجم آية ب‍: message، أي "رسالة" ويلحقها بالفعل: abrogate، أي "ينسخ"، ونجد من خلال سياق الترجمة المباشر تفسيراً يجدر الوقوف عليه، إذ يقول في الحاشية تعليقاً على هذه الآية: "بقراءة هذه الآية التي نناقشها هنا في ضوء سياقها، يتضح أن اليهود هم المخاطبون فيها، فالقسمين السابقين([70])، يتحدثان على نحو ما عن اعتراض يهودي معيَّن على نزول الوحي على النبي [محمد r]، وذلك أنهم لا يمكن أن يقبلوا وحياً جديداً لم ينـزل على واحد من غير بني إسرائيل، وهذا منصوص عليه بوضوح في الآيتين 90 و 91([71])، وهنا يستمر الحديث في الموضوع نفسه وذلك بما أن اليهود هم المخاطبون في هذه الآيات جميعها، فكان اعتراضهم لماذا تنـزَّل على محمد وحي جديد؟ ولماذا ينـزل دستور جديد به أوامر يُدعى إليها؟ وتحتمت الإجابة على هذا الاعتراض، وقد كان هذا في شق في الآية رقم 105، وفي الشق الآخر في الآية التي نناقشها هنا، ففي الآية السابقة قيل لهم إن الله يختار من يشاء ليوحي إليه، وفي الأخرى إن الدستور (أي الدستور اليهودي) نُسخ، فإنه جاء خير منه عن طريق النبي الكريم، وتجدر ملاحظة أنه منصوص هنا أن الدستور الجديد خير من المنسوخ أو مثله، ولا مراء أنه على الرغم من أن دستور القرآن أفضل من الدستور السابق وأشمل منه في أغلب الجوانب، فإن هناك نقاط تشابه بين الاثنين، ولهذا جاءت الألفاظ "أو مثلها" "([72]).       

إذن فاختياره لترجمة آية ب‍: message، بدلاً من verse، الأكثر انتشاراً يظهر من خلال هذا التأويل، وتتكرر النظرة بصياغة أخرى عند محمد أسد، إذ يستخدم  كلمة: message، أيضاً، ويعلل ذلك في الحاشية بقوله: "الحكم المنصوص عليه في هذه الآية – المتعلقة بإحلال منصوصات القرآن مكان تلك التي في الكتاب المقدس- تسبب في تفسير خاطئ من قبل عدد كبير من رجال الدين المسلمين. فالكلمة "آية" ("رسالة") كما جاءت في هذا السياق تستخدم لتعني آية من آيات القرآن (لأن كل آية من هذه الآيات تحتوي على رسالة). وأخذاً بهذا المعنى الضيق لمصطلح "آية"، يستنتج بعض العلماء من هذه الآية أن بعض آيات القرآن نُسخت بأمر الله قبل اكتمال وحي القرآن"، ثم يستطرد المترجم في إنكار وقوع النسخ في القرآن ويورد حججه العقلية على هذا، ليخلص إلى نتيجة مفادها: "...وصعوبة تفسير هذه الآية تختفي، إذا ما فُهم مصطلح "آية" على أنه "رسالة" بحق، وإذا ما قرأنا هذه الآية مقرونة بسابقتها، التي تنص على أن اليهود والنصارى رفضوا قبول أي وحي ينقض الكتاب المقدس، وبهذا القراءة فإن النسخ يختص بالرسالات الإلهية السابقة وليس بأجزاء من القرآن نفسه"([73]).

ويترجم عبدالله يوسف علي لفظ "آية" في هذا الموضع ب‍: revelation، أي "وحي"، ويعلِّق على اختياره هذا في الحاشية بقول: "الكلمة التي ترجمتها هنا بكلمة "وحي" هي "آية"... ولا يقتصر استخدامها  على آيات القرآن الكريم، ولكن بالمعنى العام لوحي الله ... ولعلامات الله الأخرى في التاريخ والطبيعة والمعجزات([74]).... وكذلك استخدمت للدلالة على العلامات ودلالات الإعجاز البشرية، مثل النصب والمعالم التي بناها قوم عاد القدماء. وما هو المقصود هنا؟ إذا ما أخذناها بالمعنى العام، تعني أن رسالة الله عبر العصور هي نفسها لا تتغير، ولكن شكلها يتغير بحسب حاجات العصر وإملاءاته، وهذا الشكل كان مختلفاً عندما أعطي لموسى، ثم عيسى، ثم محمد. وبعض المفسرين يطبقه على آيات القرآن، ولا غضاضة في هذا إذا ما آمنا بالطبيعة التطورية للوحي، ففي الآية السابعة من سورة آل عمران يتم إعلامنا بجلاء عن القرآن الكريم([75])، أن من آيات القرآن ما هو أساس، ومنها ما هو رمزي، وأنه من سوء الطوية أن التعامل مع الآيات الرمزية والعمل بها حرفياً، وفي المقابل فمن المستهجن نتعامل منع آيات مثل الآية 115 من سورة البقرة([76]) كما وأنها نسخت من قبل الآية 144 من سورة([77]) البقرة في حكم القبلة. فنحن نتوجه للقبلة ولكننا لا نؤمن بأن الله موجود في مكان واحد فقط، فهو في كل مكان"([78]).

ونجد أن الهلالي وخان ترجما اللفظ ب‍: Verse، وهو اللفظ المقابل لآية من آيات القرآن الكريم باللغة الإنكليزية، ولكن المرء يعجب من إيرادهما كلمة: revelation، أي "وحي" بين قوسين توضيحيين بعدها مباشرة، ونظراً في منهجهما في الترجمة فإنهما يشرحان معنى الألفاظ بعد ذكرها مباشرة بين قوسين، فهل يريان أن معنى "آية" هو "وحي"؟ وأرى أن هذه زيادة لا فائدة منها، بل قد يُفهم منها متابعتهما لما قال عبد الله يوسف علي خاصة وأن ترجمتهما تعتمد على ترجمته في جوانب منها.

ونجد أن توماس كليري آثر أن يبقي الكلمة على معناها العام للفظ وترجمها إلى: sign، أي "علامة" ولا يمكن الوقوف على علة اختيار المترجم هذه إذ إن ترجمته تخلو تماماً من الحواشي.     

وترجم محمد عبد الحليم لفظ آية ب‍:  revelation، أي "وحي" ولم يعلِّق على اختياره هذا، إلا أنني أرى من خلال تفرسي في منهج المترجم في الاعتماد على مناسبة الآيات وترجيح السياق أنه يريد بها ما أوحي إلى بني إسرائيل. وعلى أي فقراءة عبد الحليم هذه مرجوحة ولكنها غير خاطئة تماماً، والراجح عند أئمة المفسرين أن الآية تتحدث عن نسخ آيات من القرآن الكريم آيات أخرى، إلا أن الطبري يذكر في تفسيره للآية التي تلي هذه من باب الإشارة ما نصه: «وهذا الخبر وإن كان من الله عز وجل خطاباً لنبيه محمد r على وجه الخبر عن عظمته، فإنه منه جل ثناؤه تكذيب لليهود الذين أنكروا نسخ أحكام التوراة، وجحدوا نبوّة عيسى ومحمد صلى الله عليهما، لمجيئهما بما جاءا به من عند الله بتغيير ما غيَّر الله من أحكام التوراة، فأخبرهم الله أن له ملك السماوات والأرض وسلطانهما»([79])، ولكن هذا الفهم لا يبرر لأي كان إنكار النسخ في القرآن، وهو أمر ثابت لا مراء فيه.                   

 

ثانياً:

ق‍ ض‍ ي

الدراسة:

للفظ "قضى" عند المصنفين في باب الوجوه والنظائر خمسة عشر وجهاً انفرد بعض المصنفين ببعض منها إلا أنهم أجمعوا على عشر منها([80])، نختار منها الوجوه الحقيقية الآتية:

1- بمعنى أخبر، كما في قوله تعالى: ]وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ فِى ٱلْكِتَـٰبِ لَتُفْسِدُنَّ فِى ٱلاْرْضِ مَرَّتَيْنِ[ (الإسراء: 4)، يقول ابن كثير في تفسيره: «أي تقدم إليهم وأخبرهم في الكتاب الذي أنزله عليهم»([81]) وذهب القرطبي إلى هذا([82]).

2- بمعنى فَرَغَ من الشيء (إذا انتهى منه)، قال تعالى ]فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَـٰسِكَكُمْ[ (البقرة: 200)، قال ابن كثير: «يأمر الله تعالى بذكره والإكثار منه بعد قضاء المناسك والفراغ منها»([83])، وقال القرطبي: «قضيتم هنا بمعنى أديتم وفرغتم»([84]).

3- بمعنى  حَكَمَ، قال تعالى: ]ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مّمَّا قَضَيْتَ[ (النساء: 65)، قال ابن كثير: «أي إذا حكَّموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجاً مما حكمت به»([85]).

4- بمعنى فعل الفعل وأنجزه، قال تعالى: ]فَٱقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِى هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا[ (طه: 72)، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: «فافعل ما شئت وما وصلت إليه يدك»([86])، ويروي القرطبي في تفسيره عن ابن عباس t قوله أن معنى قوله تعالى هو: «فاصنع ما أنت صانع»([87]).

5- بمعنى أمر وألزم وأوجب، قال تعالى: ]وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّـٰهُ وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً[ (الإسراء: 23)، قال القرطبي في تفسيره: «"قضى" أي أمر وألزم وأوجب، قال ابن عباس والحسن وقتادة: وليس هذا قضاء حكم بل قضاء أمر، وفي مصحف ابن مسعود "ووصى" وهي قراءة أصحابه، وقراءة ابن عبَّاس أيضاً وعلي وغيرهما، وكذلك عند أبي ابن كعب»([88]).

التحليل:

الرقم

الشاهد

محمد علي

يوسف علي

محمد أسد

الهلالي وخان

كليري

عبد الحليم

1.          

]وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ فِى ٱلْكِتَـٰبِ لَتُفْسِدُنَّ فِى ٱلاْرْضِ مَرَّتَيْنِ[ (الإسراء: 4)

made known

gave (clear) warning

made known

decreed

decreed

declared

2.          

]فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَـٰسِكَكُمْ[ (البقرة: 200)

performed

accomplished

performed

accomplished

completed

completed

3.          

]ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مّمَّا قَضَيْتَ[ (النساء: 65)

decidest

decisions

decision

decisions

decide

decisions

4.          

]فَٱقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِى هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا[ (طه: 72)

decide

decree

decree

decree

decree

decide

5.          

]وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّـٰهُ وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً[ (الإسراء: 23)

decreed

decreed

ordained

decreed

decreed

commanded

الجدول رقم (9) ترجمة لفظ "قضى"

 

لم يُخرج أيّ من المترجمين اللفظ عن معناه في الموضع الأول، رغم اختلافهم في العبارة فقد اختار كل من محمد علي، ومحمد أسد عبارة: made known، أي "أعلمنا"، واختار كل من الهلالي وخان، وتوماس كليري الفعل: decreed، أي "قررنا (أو قضينا)"، واختار محمد عبد الحليم الفعل: declared، أي "أعلنا"، ولم يبد هذا اللفظ مشكلاً عند أي من المترجمين ليعلق عليه إلا عبد الله يوسف علي إذ تأوله بقوله: gave (clear) warning، أي " أنذرناهم إنذاراً واضحاً"، ويعلِّق في الحاشية قائلاً: «يبدو أنه [أي الإنذار] يعود هنا على الكلمات الحارقة لأنبياء مثل إشعياء»([89])([90]).

وتُظهر اختيارات المترجمين جميعاً في المواضع الأخرى فهمهم للمراد من اللفظ في الآية، ولم يُخرج أيّ منهم اللفظ عن وجهه المقصود فيها.

      

ثالثاً:

أمة

الدراسة:

للفظ "أمة" الوجوه، الآتية:

  • بمعنى الجماعة، كما في قوله تعالى: )كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ( (آل عمران: 110)، وهذا هو المعنى العام للفظ، ويعرِّف الراغب الأصفهاني الأمة بقوله: «كل جماعة يجمعهم أمر ما إمّا دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان واحد، سواء كان ذلك الأمر الجامع تسخيراً أو اختياراً»([91]).   
  • بمعنى الطريقة والمذهب، كما في قوله تعالى: )بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ( (الزخرف: 22)، قال القرطبي: «أي على طريقة ومذهب؛ قاله عمر بن عبدالعزيز»([92]).
  • بمعنى الحين والأمد، كما في قوله تعالى: )وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ( (هود: 8)، قال ابن كثير: «والأمة تستعمل في القرآن والسنة في معانٍ متعددة فيراد بها الأمد كقوله في هذه الآية، )إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ(، وقوله في يوسف: )وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ( (يوسف: 45) »([93]).
  • بمعنى الإمام الذي يأتم به الناس، وذلك في قوله تعالى: )إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ( (النحل: 120)، قال ابن كثير: «فأما الأمة فهو الإمام الذي يُقتدى به»([94])، وجاء في تفسر القرطبي عن ابن مسعود t قوله: «إن الأمة الذي يعلم الناس الخير»([95]).  

التحليل:

الرقم

الشاهد

محمد علي

يوسف علي

محمد أسد

الهلالي وخان

كليري

عبد الحليم

1.          

)كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ( (آل عمران: 110)

nation

Peoples

community

peoples

community

[Believers] community

2.          

بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ( (الزخرف: 22)

a course

a certain religion

agreed on what to believe

a certain way and religion

a certain way of life

tradition

3.          

)وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ( (يوسف: 45)

after a long time

after (so long) a space of time

after all that time

at length

after a time

at last

4.          

)إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ( (النحل: 120)

a model (of virtue)

a model

a man who combined within himself all virtues

an Ummah (a leader having all the good righteous qualities)

a model

an example

الجدول رقم (10) ترجمة لفظ "أمة"

 

نجد في الموضع الأول أن المترجمين أثبتوا للفظ وجهه المقصود من الآية فقد استخدموا كلمات هي: nation, community، وجميعها يدل على الجماعة من الناس. ولنا هنا وقفتان:

الأولى قد يرى المدقق شيئاً في ترجمة عبد الله يوسف علي للفظ، فقد ترجمه إلى: Peoples، أي "شعوب"، وترجمته هذه فيها دخن إذ يقصد بها –كما يظهر- جميع الناس إذا ما آمنوا وعملوا بشروط الخيرية، ولا يخص بها أمة الإسلام القائمة لما تحقق فيها من شروط الخيرية، ويقول في الحاشية: «إن النتيجة المنطقية لتطور التاريخ الديني هي دين لا ينتمي لطائفة، ولا لعرق، ولا لمجموعة معتقدات [معينة]، ويمتاز بالعالمية، وهذا ما يراه الإسلام في نفسه، فالإسلام ليس إلا خضوع لإرادة الله، وهذا يعني (1) الإيمان، (2) فعل الخير، وأن يكون المرء قدوة للآخرين في فعل الخير، وامتلاك القدرة لأن يعمل المرء على نصرة الخير، (3) إنكار الباطل، وأن يكون المرء قدوة للآخرين في إنكار الباطل، وامتلاك القدرة على أن يعمل المرء على دحر الباطل والظلم. وبهذا لا يعيش الإسلام لنفسه، بل للإنسانية، ولو أن أهل الكتاب كان لديهم الإيمان لكانوا مسلمين، لأنهم أُعِدّوا للإسلام، ولسوء الحظ فإن هناك كفر، ولكنه لن يضر أولئك الذين يحملون لواء الإيمان والحق، الذين لا بد أن ينتصرا وماً»([96]).

أما محمد عبد الحليم فيترجم أمة إلى: community، أي "جماعة"، ولا حرج في هذا إلا أنه يقحم في ترجمته في بداية الآية بين قوسين معقوفين كلمة : Believers، أي "أيها المؤمنون"، ومنهج المترجم هو احتواء جميع من خضعوا لله بالعبادة، وبخاصة أصحاب الأديان السماوية (اليهودية، والنصرانية)، في دائرة المؤمنين سواء أكانوا ممن يشهدون بلا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله أم لا، ويتأوله في جميع المواضع هو ولفظ "الإسلام" على معناهما اللغوي العام، ويقول في مقدمته على الترجمة فيما يتعلق بمعنى لفظ "الإسلام" في القرآن الكريم: «علينا أن نعي أن لفظ "إسلام" في لغة القرآن العربية يعني التسليم والإخلاص التام لله [الرب، God]، غير مختلط بعبادة لآخر، وعليه وصف جميع الأنبياء السابقين بأنهم "مسلمين"، ومن يقرؤون "الإسلام" على أنه دين محمد يضعون الحواجز - المبنية بطريقة شرعية على هذه الآية([97]) – بين الإسلام والأديان التوحيدية الأخرى»([98])، ويقصد بها اليهودية والنصرانية. وربما هذا ما جعله يتحاشى استخدام كلمة: nation، الأكثر شيوعاً في اللغة الإنكليزية في الأوساط الإسلامية، ويقصد بها الأمة المحمدية، إلا أن كلمة: community، لم تخرج اللفظ عن وجهه المراد في هذا الموضع.

وتأويل كل من المترجمين هذا مجانب للصواب إذ عندنا في المقصود بالأمة في الآية حديث أخرجه الترمذي بسند حسن عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده أنه سمع النبي r يقول في قوله: )كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ( قال: «إنكم تُتِمّون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله»([99])، كما روى ابن كثير عن البخاري قوله: «حدثنا محمد بن يوسف، عن سفيان ابن ميسرة، عن أبي حاتم، عن أبي هريرة رضي الله عنه )كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ(، قال: خير الناس للناس تأتون بهم بالسلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام»([100]).    

وفي الموضع الثاني لم يُخرج أيّ من المترجمين اللفظ عن وجهه أي الطريقة والمذهب وإن اختلفوا في اختيار العبارات الإنكليزية.

وفي الموضع الثالث عبَّر المترجمون عن الأمة بالفترة الزمنية، ولنا وقفة مع ترجمة كل من عبدالله يوسف علي، ومحمد أسد:

ترجم عبدالله يوسف علي لفظ أمة هنا إلى: after (so long) a space of time، أي "بعد فترة طويلة جداً من الوقت، إذ يرى المترجم أن ذاكرة عاصر الخمر أُيقضت بعد فترة طويلة، وحتى عند طلب الملك تأويل رؤياه وتذكّره ليوسف u وقدرته على تأويل الرؤيا، لم يشأ أن يذكره للملك مباشرة لأنه أراد أن يجذب الانتباه لنفسه ويعزز من حضوره عند الملك، ولهذا طلب منه أن يرسله ليوسف u ويستعلم منه عن تأويل الرؤيا([101]).

ويرى محمد أسد أنها كانت مدة طويلة في ترجمة، إذ ترجم اللفظ إلى: after all that time، أي "وبعد كل ذلك الوقت"، إذ يقول في الحاشية: «وفقاً لأغلب المصادر المعتبرة، فإن الاسم "أمة" هنا تعني "وقتاً" أو "مدة طويلة من الوقت"»([102]).

وترجمة اللفظ في الموضع الرابع لم تخرج عند أي من المترجمين عن وجهها المقصود، ولهم تفصيلات على المعنى نقف معها:

أولاً: ترجم محمد علي اللفظ إلى: a model (of virtue)، أي "مثالاً للفضيلة"، ويذكر في الحاشية ما نصه: «"أمة" تعنـي في الأصل طريقة أو مذهب [أو: شرعة أو منهاج]، أو أمة أو مجتمع، ولكنها تعني أيضاً رجل صالح يُحتذي به، معروف بالخير، يجمع في شخصه جميع الصفات الحميدة، وليس له مثيل»([103])، ويذكر أنه استقى هذه المعاني من معجم إدوارد لين الذي هو في الأصل ترجمة إنكليزية لمعجم "تاج العروس" للزبيدي.     

ثانياً: ترجم عبدالله يوسف علي اللفظ إلى: a model، أي "مثالاً [وقدوة]"، وعلَّق في الحاشية بقوله: «"أمة" تعني القدوة، أو المثال الذي يُحتذى، ولكن لا نُغفل فكرة أنه كان أمة [الجماعة] في نفسه وقف لوحده في وجه العالم»([104]).

ثالثاً: ترجم محمد أسد اللفظ إلى: a man who combined within himself all virtues، أي "رجل جمع في شخصه الفضائل جميعها"، ويعلق في الحاشية قائلاً: «هذا واحد من المعاني العديدة لمصطلح "أمة"  وهو – بحسب ظني – الأنسب في هذا السياق»([105]).

رابعاً: نقل الهلالي وخان اللفظ حرفياً إلى اللغة الإنكليزية إلى: an Ummah ثم وضحا في متن الترجمة المعنى بين قوسين بقولهم: a leader having all the good righteous qualities، أي "قائد يمتلك كل الخصال الحميدة".

خامساً: ترجم توماس كليري اللفظ إلى: a model، أي "مثالاً [وقدوة]"، ولم يعلق بشيء.

سادساً: ترجم محمد عبد الحليم اللفظ إلى: an example، أي "مثالاً يُحتذى"، ولم يورد عِلّة اختياره هذا ولكنه من قبيل التفسير جعل بعد اللفظ علامة الترقيم النقطتين (:)، من قبيل توضيح المقصود، ثم أكمل ترجمة الآية والآية التي تليها التي فيها صفات إبراهيم u، ويُفهم من هذا أن علة كون إبراهيم أمةٌ هي تحليه بهذه الصفات.

وعلى الرغم من تباين المترجمين في اختياراتهم فقد فطنوا جميعاً للمعنى المقصود في هذه الآية.    

رابعاًً:

ح‍ ص‍ ن (المحصنات)

الدراسة:

اتفق أصحاب الوجوه والنظائر على أن للفظ المحصنات الوجوه الثلاثة الآتية:

  • بمعنى المتزوجات، كما في قوله تعالى: )وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء( (النساء: 24)، أستدِل بهذه الآية على أوجه: العفائف، ونساء أهل الكتاب، والحرائر، وذوات الأزواج، وأكثر المفسرين يرجِّح الوجه الأخير، وقد رجّح الطبري أنها بمعنى ذوات الأزواج وعلّل ذلك بتعليلات وجيهة([106]). ورغم هذا الاختلاف في تفسير اللفظ إلا أنه من المفيد أن نرى كيف تعامل المترجمون معه.
  • بمعنى الحرائر، كما في قوله تعالى: )وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ( (النساء: 25)، قال القرطبي: «يريد الحرائر؛ يدل عليه التقسيم بينهن وبين الإماء»([107]).
  • بمعنى العفيفات، كما في قوله تعالى: )مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ( (النساء: 25)، قال ابن كثير: «"محصنات" أي عفائف عن الزنا لا يتعاطينه»([108])، وعلى هذا إجماع المفسرين.

التحليل:

الرقم

الشاهد

محمد علي

يوسف علي

محمد أسد

الهلالي وخان

كليري

عبد الحليم

1.          

)وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء( (النساء: 24)

married women

women already married

married women

women already married

chaste married women

women already married

2.          

)وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ( (النساء: 25)

free believing women

free believing women

free believing women

wed free, believing women

free believing women

a believing free woman

3.          

)مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ( (النساء: 25)

chaste

chaste

Being women who give themselves in honest wedlock

chaste

chaste

[Make them] married women.

 

الجدول رقم (11) ترجمة لفظ "محصنات"

         

يترجم جميع المترجمين في هذا الجدول "المحصنات" بالمتزوجات: married، إلا أن توماس كليري يضيف إلى المتزوجات لفظ: chaste، أي "العفيفات"، ربما حملاً للفظ على معناه اللغوي، وهذا غير بعيد إذ ورد في مفردات الراغب، شرح لمعنى الإحصان يقول: «والإحصان في الجملة: المحصنة؛ إما بعفتها، أو تزوجها؛ أو بمانع من شرفها وحريتها»([109]). ومما يدل على تعمق بعض المترجمين في فهم المعنى ما جاء في ترجمة محمد أسد في الحاشية من شرح لمعنى المحصنة، إذ قال: «مصطلح "محصنة" يعني حرفياً: "المرأة المحصَّنة (ضد الرذيلة)"، وله ثلاثة معانٍ: (1) "المرأة المتزوجة"، و(2) "المرأة العفيفة"، و(3) "المرأة الحرة". ووفقاً لأغلب المصادر المعتبرة "المحصنات" تعني في سياق هذه الآية "المتزوجات"»([110]).

وفي الموضع الثاني يجمع المترجمون على استخدام لفظ: free، أي "حرائر"، وهذا هو المعنى المعتبر عند أئمة المفسرين.   

أغلب المترجمين على أن محصنات في الموضع الثالث تعني عفيفات (chaste)، ولكن علنا ندرس ترجماتهم بتدقيق أكثر.

          يترجم محمد علي لفظ "محصنات" هنا إلى: chaste، أي "عفيفات"، ويوضح فهمه لمعنى الإحصان في الحاشية بقوله: «وتجدر ملاحظة أن الإسلام لا يسمح بالزواج المؤقت، فهو يتعرف ب‍ "الإحصان" فقط، أي زواج المرأة زواجاً دائماً، من الجذر "حصُن"، أي "كان المكان حصيناً"، أو كانت المرأة عفيفة [مستعفّة] أي متزوجة، ف‍ "الإحصان" يعني "تحصين المكان" أو "الزواج"»([111]).       

          ويجدر الوقوف هنا عند ترجمة كل محمد أسد، ومحمد عبد الحليم لهذا اللفظ في هذا الموضع:

          فقد ترجمه محمد أسد إلى: they being women who give themselves in honest wedlock، أي "كونهن نساء يهبن أنفسهن في سبيل الزواج العفيف"، ويعلق في الحاشية بقوله: «هذه الآية تَنُص على نحو صريح أن العلاقات الجنسية مع الجواري مسموح بها في سياق الزواج وحسب، وفي هذا الأمر لا فرق بينهن والحرائر»([112]). فهو يرى أن الإحصان في هذا الموضع يعني الزواج. وهذا يتفق مع قول الإمام البغوي إذ قال في تفسره للفظ "محصنات" في هذا الموضع: «عفائف بالنكاح»([113])، ولكنه من باب آخر ينكر نكاح الجارية دون الزواج بها وهذا منحى عقلاني.

وذهب محمد عبد الحليم إلى: make them married women، أي "اجعلوا منهن نساءً متزوجات"، وهو إثبات للوجه المقصود.          

 

خامساً:

 ف‍ ت‍ ن (الفتنة)

الدراسة:

هذا لفظ مشكل، إذ مردّه إلى أصل واحد، ولكن تباينت مدلولاته في القرآن الكريم، يقول الراغب الأصفهاني: «أصل الفتن: إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته، واستعمل في إدخال الإنسان النار»، وقال صاحب عمدة الحفاظ: «وأصله من فتنت الفضة: إذا أدخلتها في النار ليتميز جديها من رديئها، ثم أطلق ذلك على الابتلاء والامتحان»([114])، وقال ابن عاشور «والفتنة أصلها الاختبار، من قولهم: فتن الذهب، إذا اختبر خلوصه من الغلْث. وتطلق على اضطراب الرأي من حصول خوف لا يُصبر على مثله، لأن مثل ذلك يدل على مقدار ثبات يناله، فقد يكون ذلك في حالة العيش؛ وقد يكون في البغض والحب؛ وقد يكون في الاعتقاد والتفكير وارتباك الأمور»([115]).  

 وذكر أهل التفسير لها أوجه:  

1 - (الاختبار) )وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً( (الأنبياء: 35)

2 – (الشرك، وصرف الناس عن دين الحق) )وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ( (البقرة: 191)

3 – (التلبيس) )فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ( (آل عمران: 7)

4- (العذاب) )ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ( (الذاريات: 14)

5- (شق الصف والفرقة) )لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ( (التوبة: 47)

6- (الدخول في الكفر) )وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً( (الأحزاب: 14)

7- (الحجة والمعذرة) )ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ( (الأنعام: 23)

التحليل:

الرقم

الشاهد

محمد علي

يوسف علي

محمد أسد

الهلالي وخان

كليري

عبد الحليم

1.          

وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً( (الأنبياء: 35)

trial

trial

trial

trial

a test

test (v)

2.          

)وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ( (البقرة: 191)

persecution

tumult and oppression

oppression

Al-Fitnah  

civil war

 

persecution

3.          

)فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ( (آل عمران: 7)

seeking to mislead

seeking discord

seeking out [what is bound to create] confusion

Al-Fitnah (polytheism and trials)

 

seeking discord

in their attempt to make trouble

4.          

)ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ( (الذاريات: 14)

persecution

trial

trial

trial (punishment, i.e. burning)

trial

punishment

5.          

)لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ( (التوبة: 47)

seeking (to sow) dissension

sowing sedition

Seeking to stir up discord

sowing sedition

looking to make trouble for you

trying to sow discord among you

6.          

)وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً( (الأحزاب: 14)

to wage war (against the Muslims)

incited to sedition

to commit apostasy

Al-Fitnah (i.e. to renegade from Islam to polytheism)

to dissent and join in civil war

to rebel

7.          

)ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ( (الأنعام: 23)

excuse

subterfuge

they will only be able to say

 

Fitnah (excuses or statements or arguments)

excuse

they will only say

الجدول رقم (12) ترجمة لفظ "فتنة"

في الموضع الأول نجد أن المترجمين لم يختلفوا على ترجمة اللفظ إلى: trial، أو test، أي "امتحان، واختبار".

وفي الموضع الثاني نجد أن اللفظ تطلَّب جهداً إضافياً من المترجمين وظهر فيه الدور التفسيري للمترجم، بجلاء. فقد ترجم محمد علي اللفظ إلى: persecution، أي "اضطهاد"، ويعلق على هذا الاختيار في الحاشية موضحاً: «اللفظ الذي ترجمتُه هنا إلى اضطهاد هو "فتنة"، ويعني في الأصل "الحرق بالنار"، ومن ثم "التعذيب" و "العنت" و "الشدة" و "الذبح" و"الإغواء" و"التسبب في الوقوع في الخطأ" و" الإغواء عن الدين بشتى الطرق"([116])، ونجد تفسير هذه الكلمات في الآية: )يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ( (البقرة: 217)، و"الفتنة" بهذا مترادفة مع صد الناس عن سبيل الله والمسجد الحرام، والكفر بالله وطرد الناس من المسجد الحرام، وهذا يوضح اضطهاد المسلمين. ووضَّح ابن عمر [رضي الله عنهما] معنى اللفظ "فتنة" بقوله: «كان الإسلام قليلاً، فكان الرجل يُفتن في دينه: إما قتلوه، وإما يعذبونه، حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة»([117])، أي اضطهاد»([118]).

وترجم عبدالله يوسف علي اللفظ إلى: tumult and oppression، أي "الاضطراب والاضطهاد"، ويوضح المترجم اختياره هذا في الحاشية بقوله: «يمكن فهم هذه الآية في ضوء الأحداث التي وقعت في الحديبية في العام السادس من الهجرة، ولكن ليس من المقر أن هذه الآية نزلت في هذه المناسبة، وكان المسلمون في ذلك الوقت مجتمعاً قوياً، مؤثراً، وكان كثير منهم خرجوا من مكة التي كوَّن فيها الوثنيون سلطة غير متسامحة، تضطهد المسلمين، وتمنعهم من زيارة منازلهم، بل وحتى تمنعهم بالقوة من أداء الحج خلال أشهر الهدنة المعترف بها في كل الشرائع، وكان هذا عدم تسامح، واضطهاد، وتسلط إلى أقصى درجة، واستعداد المسلمين لفرض حقوقهم كونهم مواطنين عرب نتج عن اتفاقية سلمية التزم المسلمون بها بأمانة، وفي المقابل لم يجد الوثنيون غضاضة في نقض الاتفاقية ... »([119]).  

ويترجم محمد أسد اللفظ إلى: oppression، أي اضطهاد، ويعلق في الحاشية بقوله: «ترجمة "فتنة" في هذا السياق إلى "اضطهاد"، يبررها تطبيق هذا المصطلح على كل نازلة قد تتسبب في ضلال المرء وتركه إيمانه بالقيم الروحية (انظر لسان العرب)»([120]).  

واختار الهلالي وخان نقحرة اللفظ إلى اللغة الإنكليزية ب‍: Al-Fitnah، ووضحا معناها في الحاشية بقولهم: «الفتنة: الشرك، والكفر بالله بعد الإيمان به، أو الاختبار، أو المصيبة، أو النازلة»([121])، ومن المعلوم أن هذه الترجمة تعتمد على كتب أئمة التفسير ولكن المترجمان وضعا أمام القارئ جميع المعاني المحتملة للفظ دون أن يرجحا معنى على آخر من خلال السياق كما فعل المترجمون الآخرون.    

ولم يُبعد أي من المترجمين النُجعة فيما ذهبوا إليه، إلا أن اختيار توماس كليري فيه شيء من الغرابة إذ ترجم اللفظ إلى: civil war، أي "الحرب الأهلية"، ويبدو أن المترجم انتحى منحى تفسيرياً في هذا، ولعدم وجود أي تعليق على اختياره هذا، لا يمكننا أن نقف على سبب اختياره هذا، ولكن بالرجوع إلى ترجمته لمعاني قوله تعالى: )يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ( (البقرة: 217)، نجده يترجم لفظ "فتنة" إلى: persecution، أي "الاضطهاد"، ويظهر من هذا أن المترجم يجتهد في فهم الألفاظ بحسب سياقها.

ويترجم محمد عبد الحليم اللفظ إلى: persecution، أي "الاضطهاد"، ويرى في حاشية على اختياره هذا الآتي: «"اضطهادهم لكم بغير حق أسوأ من قتلكم لهم عند المسجد الحرام من قبيل الدفاع عن النفس"، وتعمل الأداة "ال‍" في اللغة العربية أحياناً عمل الضمير كما في هذه الآية: "اضطهادهم" ، و "قتلكم لهم" (انظر تمَّام حسَّان، البيان، القاهرة، 1993م، ص 118-145)، وهي ليست أداة التعريف "ال‍"»([122])، ثم يحيل المترجم إلى الآية (217) من سورة البقرة، وفي تعليقه عليها يقول: «لأن يضطهد أناس لإيمانهم بالله أبشع جريمة من أن يدفع المضطهدون عن أنفسهم في الشهر الحرام. وفي هذا إيضاح للآية (191)»([123]).  

وفي الموضع الثالث نرى أن محمد علي ترجم اللفظ إلى: seeking to mislead، أي "طلباً للإضلال"، ويوضح معنى "الفتنة" في الحاشية قائلاً: «"الفتنة" هي "إضلال" الناس (انظر: معجم إدورد لين، وتاج العروس) أو "بثُّ الفرقة"، أو "اختلاف الرأي" (انظر: القاموس المحيط، ومعجم إدورد لين)، وذلك بتفسير شيء من القرآن تفسيراً ينقضه موضع آخر من القرآن»([124]).

ويترجم عبدالله يوسف علي اللفظ في هذا الموضع إلى: seeking discord، أي "طلباً لاختلاف الرأي".

أما محمد أسد فيترجم اللفظ إلى: seeking out [what is bound to create] confusion، أي "طلباً [لما ينتج عنه] اضطراب الرأي"، ويعقل في الحاشية قائلاً: «"اضطراب الرأي" المشار إليه في الآية ينتج عن تفسير الآيات الرمزية [يعني بها المتشابهة] "بطريقة اعتباطية" (انظر: الزمخشري)» ([125])، ليظهر بذلك تأثره بالمذهب الاعتزالي في التفسير. 

وينقحر الهلالي وخان لفظ "فتنة" ثم يوضحان معناه بين قوسين كما يلي: polytheism, trials، أي "الشرك، المحن"، ثم يذكران في آخر الآية أنهما اعتمدا على تفسير الطبري في فهم معنى هذه الآية، وهذا تعميم غريب كان الأولى بهما تحديد المعنى بحسب مراد الآية، وبالرجوع إلى الطبري نجده ذكر أقوال أهل التفسير وهما قولان، أولهما: ابتغاء الشرك، وثانيهما: ابتغاء الشبهات، ويرجِّح الطبري المعنى الثاني بقوله: «قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب قول من قال: معناه: "إرادة الشبهات واللبس"»([126]).

ويترجم توماس كليري اللفظ تماماً كما فعل عبدالله يوسف علي.

ويترجم محمد عبد الحليم اللفظ إلى: in their attempt to make trouble، أي "في سعيهم لخلق المشاكل"، وإن لم تبعد هذه الترجمة اللفظ عن وجهه في الآية، إلا أنها فيها تعميم له فالمراد هنا التلبيس على الناس.

في الموضع الرابع نجد أن المترجمين اختلفوا في ترجمة اللفظ، فترجمه محمد علي إلى: persecution، أي "اضطهاد"، ويوضح مراده في الحاشية بقوله: «وللوقوف على "فتنة" بمعنى الاضطهاد انظر الحاشية رقم 241 [وهي التي ترجمناها في الموضع الثاني من هذا الجدول]، وتذوُّق الاضطهاد يعني نزول العقاب بهم لاضطهادهم المسلمين»([127]).وهذه محاولة من المترجم لتعميم معنى اللفظ، رغم فهمه للمراد منه في سياق الآية الكريمة كما يظهر من الحاشية.

 ويترجم كل من عبدالله يوسف علي، ومحمد أسد، وتوماس كليري اللفظ إلى: trial، وهو لفظ يؤدي معنى الاختبار والامتحان، وكذا فعل الهلالي وخان إلا أنهما وضَّحا المراد بين قوسين هكذا: punishment, i.e. burning، أي: "العقاب وهو الحرق". وترجم محمد عبدالحليم اللفظ إلى: punishment، أي "عقاب".  

وفي الموضع الخامس، يترجم محمد علي )يبغونكم الفتنة( إلى: seeking (to sow) dissension، أي "طلباً لنـزغ الخلاف". وترجمها محمد علي إلى: sowing sedition، أي "ينـزغون الفتنة (الفرقة والاقتتال)". ويترجمها محمد أسد إلى: seeking to stir up discord، أي "طلباً لإثارة الخلاف". ويتبع الهلالي وخان ترجمة عبدالله يوسف علي . أما ترجمة توماس كليري وهي: looking to make trouble for you، أي "يبحثون عمّا يسبب لكم المشاكل"، فهي ترجمة عامة وغير محددة، وإن كان فيها مراعاة لسياق الآية. ويترجم محمد عبدالحليم )يبغونكم الفتنة( إلى: trying to sow discord among you، أي "يحاولون نزغ الخلاف بينكم".

ونرى في الموضع السادس أن محمد علي ترجم )سئلوا الفتنة( إلى: to wage war (against the Muslim)، أي "ليشنوا حرباً (على المسلمين)"، ويُعلِّق في الحاشية بقوله: «هذه الآيات تصف حال المنافقين الذين قدموا الأعذار لكي لا يقاتلوا أعداء المسلمين، ولو دخل عدوٌ المدينة من جانب آخر وطلب منهم الاتحاد معه لمحاربة المسلمين لأبدوا استعدادهم»([128]).

ويترجم عبدالله يوسف علي اللفظ إلى: incited to sedition، أي "دُعُوا إلى الفتنة (الفرقة والاقتتال)"، ويعلق على الآية قائلاً: «لو استطاع أي من الأعداء اختراق المدينة، لتمرد العنصر المنشق... على المسلمين بدون تردد أو تأخير، إلا ما كان ضرورياً لارتداء دروعهم وحمل أسلحتهم»([129]). فكل من محمد علي وعبدالله يوسف علي يرى أن الفتنة هنا تعني قتال المسلمين، وكذا يفعل كل من توماس كليري ومحمد عبد الحليم، إذ يترجم كليري اللفظ إلى: to dissent and join in civil war، أي "ليتمردوا ويشاركوا في حرب أهلية"، أما عبد الحليم فيترجمها إلى: to rebel، أي "ليتمردوا". 

ويترجم محمد أسد الفظ إلى: to commit apostasy، أي "ليرتدوا"، وترجم الفتنة هنا بالردة. وتقارب هذا ترجمة الهلالي وخان إذ – على عادتهما - ينقحران لفظ فتنة ثم يوضحان المعنى بين قوسين كالتالي: to renegade from Islam to polytheism، أي "الرجوع عن الإسلام إلى الشرك".

أما الموضع السابع كما قال الطبري: «والصواب ثم لم يكن قيلهم عند فتنتنا إياهم اعتذارا مما سلف منهم من الشرك بالله» ([130])، والمترجمون لم يخرجوا في الجملة عن هذا المعنى، فاختار محمد علي وتوماس كليري كلمة: excuse، أي معذرة، واختار عبدالله يوسف علي: subterfuge، أي قولهم الذي يريدون به المخادعة، وهذه إضافة في المعنى من عند المترجم، وكل من محمد أسد ومحمد عبد الحليم فقد ترجموها إلى: they will only be able to say، و they will only say، أي «لا يسعهم إلا أن يوقوا»، يريدون به إضافة معنى أنه أُسقط في أيديهم، وهو معنى تحتمله الآية. وهنا اتبع الهلالي وخان منهجهما في النقحرة ووضحا بين قوسين المراد بالفتنة في الآية بقولهم: excuses or statements or arguments، أي: أعذار، أو مقولات، أو جدال، وعلى أي هي جميعها ألفاظ مترادفة تتوافق والمراد مع المراد من اللفظ في الآية.

وهنا يجدر التنبيه إلى أن مرد هذا الاختلاف، يعود في أصله إلى أن لفظ "فتنة" لفظ عام مستغرق لأبعاضه، وأنه يحمل شيئاً من التفسير الذي يرجحه السياق.    

                           

سادساً:

ر ج‍ ز (الرِّجز)

الدراسة:

جاء لفظ الرجز في القرآن الكريم على ثلاثة وجوه:

1 – بمعنى العذاب، كما في قوله تعالى: )وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ( (الأعراف: 134).

2- بمعنى الوساوس، في قوله تعالى: )وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ( (الأنفال: 11)، قال ابن كثير: «أي من وسوسة وخاطر سيئ»([131]).

3- بمعنى الأوثان، أو المعصية في قوله تعالى: )وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ( (المدثر: 5)، ويروي ابن كثير هذان المعنيان عن كبار المفسرين من الصحابة وتابعيهم([132]).

ويجدر التنبيه إلى أن هناك خلاف بين المفسرين حول المقصود تماماً بهذا اللفظ في المواضع التي ورد فيها، وهو في غالبه اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، ومردّه إلى أن هذا لفظ عام، وسياق الآية ومعطياتها ترجح معنى على آخر، وأغلب أقوال المفسرين تأتي من باب تخصيص هذا العام، ومن هنا يأتي الخلاف بين المترجمين كما سنرى.    

التحليل:

الرقم

الشاهد

محمد علي

يوسف علي

محمد أسد

الهلالي وخان

كليري

عبد الحليم

1.          

)فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ( (الأعراف: 135)

plague  

The Penalty

plague

punishment

plague

plague

2.          

)وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ( (الأنفال: 11)

the uncleanness of the devil

the stain of Satan  

Satan’s unclean whisperings

Rijz (whispering, evil-suggestions, etc.)

the taint of Satan

Satan’s pollution

3.          

)وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ( (المدثر: 5)

Uncleanness  (relates this to the previous âyah. Cf. p. 1114, fn. 2598)

Abomination (Cf. p. 1640, fn. 5780)

defilement

Ar-Rujz (the idols)

filth

Filth

الجدول رقم (13) ترجمة لفظ "رجز"

في الموضع الأول نجد أن كلاً من محمد علي، ومحمد أسد، وتوماس كليري، ومحمد عبد الحليم الرجز ب‍: plaque، أي: نازلة ومصيبة، وهو اللفظ نفسه الذي يطلق في الإنكليزية على العقاب الذي حل بقوم فرعون في زمن موسى u([133])، ولكل من محمد علي ومحمد أسد تعليق على هذا يذكر فيه أين ذكرت هذه النوازل في الكتاب المقدس. وحتى عبدالله يوسف علي الذي ترجم اللفظ ب‍: the Penalty، أي عقوبة، نجده يذكر لفظ plague في الحاشية مرادفاً للفظ الذي اختاره.

وأما الهلالي وخام فيترجمانه ب‍: punishment، أي عقاب.

وفي الموضع الثاني يترجم محمد علي }رجز الشيطان{ ب‍: the uncleanness of the devil، أي "قَذَرَ/نجس الشيطان"، ويعلق قائلاً: «قبل هطول المطر كان موقف المسلمين في غاية الضعف، فقد كان العدو مسيطراً على الماء وكان المسلمون في مكان رملي منخفض، ولذا ساور البعض الشك، وهو كما ما قيل هنا أنه بسبب نجس الشيطان. ولما كان العدو مستحوذاً على ماء الشرب، خشي المسلمون أن يؤثر عليهم العطش، الذي يسمى ب‍ "شيطان الصحراء"، فأتى المطر معززاً لموقف المسلمين، ومطمئناً لقلوبهم، وكان هذا تطهير، لأنهم بعد المطر تأكدوا من نصر الله لهم وانتصارهم على عدوهم"([134]). وهنا تظهر عقيدة المترجم القاديانية التي ينكرون فيها وجود الجان، ولكنه لم يحدد لنا بالضبط ما المقصود بكلمة uncleanness (قَذَرَ/نجس).

وذهب عبدالله يوسف علي إلى: the stain of Satan، أي "لطخة/بقعة الشيطان"، ويعلق قائلاً: « "لطخة الشيطان" حرفياً ومجازياً، فالوسخ الحسي يرمز للشر، وقد كان المسلمون يتحرزون في أمر الوضوء للصلاة. ولكن المطر أيضاً أنعش أرواحهم وأزال الشك العالق في أذهانهم (إيهامات الشرير [الشيطان]) من أن النصر قد يكون مستحيلاً في ظل هذه الظروف غير المواتية»([135]).    

ومحمد أسد ذهب إلى: Satan’s unclean whisperings، أي: "وسوسة الشيطان غير النظيفة"، ويعلق على اختياره هذه بقوله: «حرفياً هي: "يذهب عنكم تلويث الشيطان". وقبل بداية المعركة مباشرة، استحوذ الجيش المكي على آبار بدر، وبذلك حرموا المسلمين من الماء، وبتأثير العطش، وقع بعض المسلمين ضحية ليأس مطبق (يرمز له هنا ب‍"وسوسة الشيطان غير النظيفة")، وإذ ذاك نزل مطر غزير فجأة ومكنهم من إرواء عطشهم (الطبري فيما يروي عن ابن عباس)» ([136])، وهنا يظهر المذهب العقلاني للمترجم الذي يرى أن اليأس المطبق –على حد قوله- هو "رجز الشيطان" أو وسوسته غير النظيفة، لينكر بذلك وجود الشيطان حساً.

  وذهب الهلالي وخان إلى نقحرة كلمة رجز ثم التعليق عليها هكذا: Rijz (whispering, evil-suggestions, etc.)، أي: "الرجز (الوسوسة، والإيهامات الشريرة، إلخ)".

وأما تواس كليري ومحمد عبد الحليم فلم يعلقا على ما ذهبا إليه فقال أولهما: the taint of Satan، أي: "تلطيخ الشيطان"، وقال الآخر: Satan’s pollution، أي: "تلويث الشيطان".

واختلف أهل التأويل في معنى "الرجز" في الموضع الثالث، فمنهم من قال هي الأوثان، ومنهم من قال هي النجاسة، ومنهم من قال هي المعصية، وقال البغوي تعليقاً على هذا الاختلاف: «ومجاز الآية: اهجر ما أوجب لك العذاب من الأعمال»، فهو لفظ عام مستغرق لأبعاضه، ولذا اختلف المترجمون، فقال محمد علي: Uncleanness، أي: "النجاسة"، وفي تعليق على الآية السابقة يقول: «تطهير الثياب لا يلزم منه فعل التطهير الخارجي وحسب، بل يلزم منه أيضاً تطهير القلب، كما يظهر من الآية التالية، التي تحتوي على أمر بتحاشي جميع أفعال النجاسة" ([137]).

 ويترجمه عبد الله يوسف علي ب‍: Abomination، أي: "كل ما هو مُعيّر"، ويعلق قائلاً: «الرُّجز أو الرِّجز، كل ما هو مُعيّر، وعادة ما يُفهم أنه يقصد به عبادة الأوثان، ومن المحتمل أنه كان هناك وثن يدعى رُجزاً، ولكن له معنى أوسع يشمل حال عقلية تتعارض والعبادة الحقّة، وهي حال شك واضطراب رأي»([138]).      

وذهب محمد أسد إلى ترجمته ب‍: defilement، أي: "الاتساخ، وما ينقص من القدر".

ويترجمه الهلالي وخان ب‍: Ar-Rujz (the idols)، أي: "الرجز (الأصنام)"، أما توماس كليري فيترجمه ب‍: filth، أي: "القذارة"، وكذا يفعل محمد عبد الحليم إلا أنه يعلق في الحاشية قائلاً: "أو من جميع الأفعال الوثنية"([139]). 

 

ألفاظ الأفراد

ومن الألفاظ ذوات الوجوه التي تدخل ضمن دائرة بحثنا ألفاظ "الأَفْراد"، وهي الألفاظ القرآنية التي تأتي على معنى واحد في جميع المواضع التي ترد فيها، إلا في موضع واحد فيختلف المعنى، ومن بعض أمثلتها التي أوردها السيوطي نقلاً عن ابن فارس([140]): البروج، البعل، حسبان.

ولا غرو في أنه من المفيد دراسة الألفاظ الأفراد هذه، لأن المعنى المنفرد فيها واضح الدلالة، ولا يسع المترجم إرجاعه إلى المعنى العام، ومن ناحية أخرى فإنه يشتبه في أن بعض المترجمين قد يغفل عنها لظنه أنها قد تحلق بالمعنى العام ولا تنفرد بمعنى خاص في موضع معيَّن. ونكتفي في دراستنا هنا بثلاث ألفاظ الأفراد، وهي:

أولاً: لفظ "البروج"، يذكر ابن فارس([141]) أن كل ما فيه ذكر البروج في القرآن الكريم فهي الكواكب إلا قوله تعالى: )وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ( (النساء: 78)، فهي القصور الطوال الحصينة. واختلف المفسرون في تحديد معنى بروج السماء([142]).

التحليل:

الرقم

الشاهد

محمد علي

يوسف علي

محمد أسد

الهلالي وخان

كليري

عبد الحليم

4.          

)وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ( (الحجر: 16)

strongholds

 

The Zodiacal Signs

great constellations

the big stars

constellations

Constellations

 

5.          

}وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ( (النساء: 78)

towers

towers

towers

fortresses

fortified towers

high towers

الجدول رقم (14) ترجمة لفظ "بروج"

 

في الموضع الأول ترجم محمد علي لفظ "بروج" إلى: strongholds، أي حصون، وهذا تأويل ليس بالشاذ ولا بالبعيد وعلته إرجاء الكلمة إلى أصلها اللغوي، قال ابن عاشور: «والبروج: جمع بُرج – بضم الباء – . وحقيقته البناء الكبير المتّخذ للسكنى أو للتحصّن. وهو يرادف القصر»([143])، وذكر كل من البغوي وابن كثير قولاً لعطية العوفي أن البروج هنا تعني قصوراً للحرس أو قصوراً عليها الحرس([144]).

وأما عبدالله يوسف علي فترجمها ب‍: The Zodiacal Signs، أي "أبراجاً" (أي الأبراج الاثنا عشر المعروفة)، ويورد حاشية يسرد فيها فائدة هذه البروج في معرفة أحوال الطقس، والفوائد التي تحصل للإنسان بسببها. وبهذا قال البغوي: «قوله عز وجل ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا) والبروج: هي النجوم الكبار, مأخوذة من الظهور, يقال: تَبَرَّجت المرأة أي: ظهرت. وأراد بها: المنازل التي تنـزلها الشمس, والقمر, والكواكب السيارة, وهي اثنا عشر برجًا: الحَمَل, والثَّور, والجَوْزاء, والسَّرَطان, والأسد, والسُّنْبُلة, والميزان, والعقرب, والقوس, والجَدْي, والدلو, والحوت»([145]).

واختر محمد أسد: great constellation، أي: "الكوكبات العظيمة"، ويعلق على هذا الاختيار بقوله: «ترجمتي للبروج بالكوكبات العظيمة مبنية على تاج العروس، ومن المفسرين المتقدمين ذهب إلى هذا كل من البغوي، والبيضاوي، وابن كثير، بينما يفسر الطبري (وفقاً لكل من مجاهد وقتادة) هذا اللفظ بالنجوم عموماً»([146]).

وترجمه الهلالي وخان إلى: the big stars، أي "النجوم الكبار، ووافق كل من توامس كليري ومحمد عبد الحليم محمد أسد فيما ذهب إليه وترجماه إلى: constellations، أي: "الكوكبات".

وفي الموضع الثاني لم تتباين الترجمات كثيراً واختاروا كلمتي: towers، أي: "أبراج"، و fortresses، أي: "حصون"، وانفرد توماس كليري ب‍: fortified towers، أي: "أبراج محصنة"، ومحمد عبد الحليم ب‍: high towers، أي: "أبراج عالية"، وهذا الاتفاق راجع إلى أن المراد من الآية واضح ومعروف.

ثانياً: لفظ "البعل"، يذكر ابن فارس([147]) أن كل ما فيه ذكر البعل في القرآن الكريم فهو الزوج إلا في  قوله تعالى: )أَتَدْعُونَ بَعْلاً( (الصافات: 125)، فهو الصنم.  

التحليل:

الرقم

الشاهد

محمد علي

يوسف علي

محمد أسد

الهلالي وخان

كليري

عبد الحليم

1.          

)وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً( (النساء: 128)

husband

husband

husband

husband

husband

husband

2.          

)أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ( (الصافات: 125)

Ba'l

Baal

Baal

Ba'l (a well- known idol of his nation whom they used to worship)

Baal

Baal

الجدول رقم (15) ترجمة لفظ "بعل"

في الموضع الأول أجمع المترجمون على ترجمتها ب‍: husband، أي "زوج"، وهو الوجه المراد من الآية.

وكذا في الموضع الثاني نجد أنهم ترجموا اللفظ على أنه اسم علم يعود على صنم معيّن، إلا أنهم اختلفوا في كتابة الاسم فمنهم من نقحره: Ba'l، مقارباً بذلك نطق الكلمة بالعربية، ومنهم من ذكره بمقابله في اللغة الإنكليزية: Baal، الذي هو جزء من قاموس هذه اللغة، وهو اسم علم يطلق فيها على: «إله فينيقي أو كنعاني، ويطلق في العموم على أي إله مزيف مزعوم»([148]).      

إلا أن بعض المترجمين يفصّلون في حواشيهم، ومنهم محمد علي الذي  يعلق بقوله: «بعل تعني الشمس أو آلهة الشمس»([149]). وعبدالله يوسف علي يوضح معنى بعل بآلهة الشمس المعبود في سوريا([150]).

ولمحمد أسد تفصيل في الموضوع، إذ يقول: «مصطلح بعل (الذي عادة ما يكتب Baal باللغات الأوربية) يعني "الرب" أو "السيد" في جميع فروع العربية القديمة، بما فيها العبرية والفينيقية، وهو لفظ تعظيمي يطلق على الذكور من الآلهة التي كان يعبدها الساميين القدماء، وبخاصة في سوريا وفلسطين. وفي العهد القديم يحتوي هذا المسمى على إيحاءات عامة تنطبق على عبادة الأوثان، وهي معصية عادة ما وقع فيها بني إسرائيل الأولين، بحسب ما جاء في الكتاب المقدس»([151]).     

ثالثاً: لفظ "حسبان"، يذكر ابن فارس([152]) أن كل ما فيه ذكر حسبان في القرآن الكريم فهو العدد، إلا قوله تعالى: )حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ( (الكهف: 40)، فهو العذاب. 

التحليل:

الرقم

الشاهد

محمد علي

يوسف علي

محمد أسد

الهلالي وخان

كليري

عبد الحليم

1.          

)الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ( (الرحمن: 5)

follow a reckoning

Follow courses (exactly) computed

 

run their appointed courses

run on their fixed courses (exactly) calculated with measured out stages for each (for reckoning, etc.).

follow calculated courses

follow calculated courses

2.          

)حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ( (الكهف: 40)

a reckoning

thunderbolts (by way of reckoning)

a calamity

Husban (torment, bolt, etc.)

A reckoning

thunderbolts

الجدول رقم (16) ترجمة لفظ "حسبان"

 

في الموضعين الأول والثاني اختار محمد علي لفظ: reckoning، ولهذا اللفظ في اللغة الإنكليزية معنيان يقاربان المعنيان المرادان في هذين الموضعين، فهو يعني الحساب أي العدد، ويعني العقاب أي المحاسبة على ذنب اُقترف، وسيتخدمون في اللغة الإنكليزية تعبير: a day of reckoning ، أي اليوم الذي يحاسب فيه المقصرين والمذنبين. وفي الموضع الأول نجد المترجم يعلق على ترجمته للآية التالية لهذه الآية بقوله: «هذه الآية والآية السابقة توضح أن كل مخلوق، من الكواكب المستديرة في السماء إلى العشب الصغير الذي ينمو على الأرض، تسير وفقاً لنظام»([153])، ولعل السياق في كلتا الآيتين يعزز المعنى المراد.

ونجد أن عبدالله يوسف علي ترجمه في الموضع الأول ب‍: Follow courses (exactly) computed، أي: "يتبعان مسارات محسوبة (بدقة)"، ويعلق قائلاً: «في الكون الفضائي العظيم هناك قوانين رياضية دقيقة، تدل على حكمة الله وكذا على نعمه على خلقه، لأننا جميعاً ننتفع بالحرارة والضوء، والفصول، والتقلبات المتعددة في مد الغلاف الجوي وجزره، التي يعتمد عليها تكوين كوكبنا والحفاظ على الحياة»([154])، وفي الموضع الثاني خصص الحسبان بقوله: thunderbolts (by way of reckoning)، أي: "صواعق (من قبيل الحساب)".

ومحمد أسد ترجم اللفظ في الموضع الأول ب‍: run their appointed courses، أي: "يجريان في مساريهما المحددين"، ويضيف في حاشية: «حرفياً: "وفقاً لحساب دقيق"»([155])، وفي الموضع الثاني اختار: a calamity، أي: نازلة، وواقعة.

وترجم الهلالي وخان الفظ في الموضع الأول ب‍: run on their fixed courses (exactly) calculated with measured out stages for each (for reckoning).، أي: "يجريان في مساريهما المحددين (بدقة)، محسوبان بمنازل محسوبة لكل منهما (من أجل الحساب)". وفي الموضع الثاني اختارا النقحرة بقولهما: Husban (torment, bolt, etc.)، أي: "حسبان (عذاب، صاعقة، إلخ).

وفي الموضع الأول توماس كليري اللفظ إلى: follow calculated courses، أي: "تسير في مسارات محسوبة"، وفي الموضع الثاني فعل كما فعل محمد علي. ووافقه في الموضع الأول محمد عبد الحليم، إلا أنه في الموضع الثاني اختار التخصيص فترجم حسبان إلى: thunderbolts، أي: صواعق.

 

رابعاً: الاستقراء والنتائج              

هدف هذا البحث إلى الوصول إلى إجابة موضوعية مستندة إلى الدليل التطبيقي الاستقرائي وبعيدة عن الفرضيات التي لا تقوم على الدليل، والسؤال المحوري هو: هل يخفق المترجمون في التعرف على وجوه الألفاظ القرآنية مما يؤثر سلباً في ترجماتهم، أو لا؟

ومن خلال دراسة الألفاظ ذات الوجوه عينة البحث تفسيريها، وحقيقيها، وما ألحق بها من ألفاظ الأفراد، وصلنا إلى إجابة إجمالية مفادها، أن المترجمين لم يخفقوا في التعرف على هذا الوجوه ولم يُخرجوها عن وجوهها. ولكن هذا القول يحتاج إلى تفصيل، حتى لا تتوهم أن هذا البحث يخرج بنتيجة تبسيطية، لظاهرة علمية معقدة.    

  • من الألفاظ ذات الوجوه ما هو واضح لا إشكال فيه كلفظ بعل (الزوج)، وبروج (الحصون)، وهذا لم يختلف فيه المترجمين وأثبتوا له الوجه المجمع عليه، ومنها ما هو مشكل، والغالب أنه بسبب كون اللفظ عامّاً مستغرقاً لأبعاضه، أو لأن استخدامه في الآية ينم عن معناه في أصل استخدامه اللغوي، رغم اختلاف الاستخدام القرآني له، كلفظ فتنة، ورجز، فاختلف فيه المفسرون واختلف فيه المترجمون أيضاً.
  • يعمل المترجمون عمل المفسرين أحياناً، فيأتون بمعان يرون أنها تتوافق والسياق، إما بالبحث عنها في أقوال المفسرين، أو في غيرها من المصادر، أو بالرجوع إلى اتجاههم ومواقفهم العقدية من المعاني القرآنية.
  • في مواضع يخرج المترجمون عن أقوال المفسرين المعتبرين عموماً، ترجيحاً لمعتقدهم كقولهم في لفظ "آية" الوارد النص فيها على النسخ، ولأن القول بالنسخ في القرآن الكريم لا يقبل به ذوو الاتجاه العقلاني ولكثرة ما جاء في نقده عند المستشرقين.        
  • اختلاف التفسير وعدم وضوح معنى المفردة أدى إلى اختلاف المترجمين، وأيضاً المعنى اللغوي وعلاقته بالمعنى الوضعي.
  • هناك دور للمذاهب الفاسدة في الإتيان بوجوه جديدة للألفاظ، مثل قول محمد علي ومحمد أسد في "رجز الشيطان" بأن الشيطان يعني العطش لأن العرب تكني عن العطش ب‍ "شيطان الصحراء"، وفي الغالب يعتمد المترجمون على الحواشي والتعليقات الإيضاحية في إضافة هذه الوجوه، وقليلاً ما يكون ذلك في المتن، وقد تكتسب الألفاظ وجوهاً جديدة من هذا عند قراء الترجمات.

 

خامساً: الخاتمة متضمنة التوصيات

تعدد المعاني للفظ الواحد أو الاشتراك اللفظي ظاهرة معروفة في جميع اللغات البشرية، وليست بالغريبة على الألسن البشرية، يقول السيوطي: «وكان الأصل أن يكون بإزاء كل معنى عبارةٌ تدل عليه، غير أنه لا يمكن ذلك؛ لأن هذه الكلمات متناهية، وكيف لا تكون متناهية ومواردها ومصادرها متناهية؟ فدعت الحاجة إلى وضع الأسماء المشتركة، فجعلوا عبارة واحدة لمسميات عدّة، كالعين والجون واللون»([156]). وهذه الظاهرة معروفة في المصطلح اللساني الغربي عموماً ب‍ polysemy، وهناك كثير من الدراسات حول هذه الظاهرة([157])، فهي ليست خاصة باللغة العربية عموماً، أو بالقرآن الكريم على وجه التعيين، حتى يُتَوهَّم ابتداءً أن المترجمين أخفقوا في التعرف عليها وفي نقلها، ولكن هي ذات خصوصية في القرآن الكريم؛ نظراً لخصوصية الأسلوب القرآني الرفيع وطريقته في توظيف الألفاظ لأداء المعاني. ثم إن الترجمة علم عملي تطبيقي ومن هنا تأتي أهمية المعنى الوضعي للكلمة غير ذاك النظري اللغوي، أي استخدام الكلمة في سياقها، ومن هذا المنطلق تبرز أهمية السياق، فالمترجم يقرأ الكلمة في سياقها الذي يحد كثيراً من دلالتها، ويساعد على تعيين معناها، وتوظيف السياق في فهم المعنى أيضاً معروف في لغة العرب وغيرها من الألسن البشرية، يقول ابن الأنباري: «إن كلام العرب يصحح بعضه بعضاً، ويرتبط أوله بآخره، ولا يُعرف معنى الخطاب منه إلا باستيفائه، واستكمال جميع حروفه»([158])، وفيما يخص القرآن الكريم فإن معرفة المعنى فيه يعتمد على قرينة سياق عامة غير تلك القرينة المحلية ولذا نرى القرآن يفسر بالقرآن، وبالسنة، وبلغة العرب، وبأقوال الصحابة وتابعيهم. والمترجم يعتمد على القرينة التي ترجح المعنى وهي في الغالب السياق، وما يهم المترجم في المقام الأول هو معنى اللفظة المقصود في موضوعها وليس تطور معناها وأصلها اللغوي -إلا أن هذا وارد وبخاصة عندما سون هناك ترابط بين المعنيين- إذ إن هذا ما يستخدمه الآن، وتبدأ الترجمة بالتحليل والفهم قبل الترجمة، ولهذا يرجع إلى الكتب التي تريه المعنى المراد، وبعد الإيضاح يرجح المترجم معنى معين، وقد يكون شاذاً لموافقته معتقده وهوى في نفسه. ومن الإنصاف القول بأن هناك إجادة من بعض المترجمين في فهم المعنى أحياناً.

ومن الإنصاف أيضاً عند نقد الترجمات أن ننظر في سياق الترجمة الذي له تأثير فيها (السباق، التعليقات التوضيحية، الحواشي، المقدمات، اتجاه المترجم) ولا نجتثها منه، وأن لا نحكم عليها من خلال عقلية اللغة العربية باعتماد الترجمة الراجعة في البحوث بل أن نحكم عليها من خلال لغة الترجمة وفهم أهلها لها.  

ودرأً لوقوع الخطأ، وحتى لا يتقوَّل أحد على القرآن برأيه ووفقاً لهواه وبما لا يعلم فلعل همة المتخصصين من طلبة العلم لا تعجز عن إخراج معجم جديد ومنظم لألفاظ الوجوه والنظائر يخدم مترجم معاني القرآن الكريم؛ تحقيقاً لرغبة بعض أئمة هذا العلم الذين منعتهم ظروف زمانهم، وممالاتهم لنظرائهم من هذا العمل الجليل.

 

ثَبَتُ المصادر

  • ابن الأثير، الكامل في التاريخ، تحقيق: عمر عبدالسلام تدمري، مكتبة الرشد، الرياض، 1417ه‍.   
  • ابن الأنباري، كتاب الأضداد، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، صيدا، 1407ه‍.
  • ابن الجوزي، نزهة العين النواظر في علم الوجوه والنظائر، تحقيق: محمد كاظم الراضي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1985م.
  • ابن القيم، شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، تحقيق: محمد بدرالدين الحلبي، المطبعة الحسينية، القاهرة، د.ت.
  • ابن حجر، فتح الباري، دار الريان للتراث، القاهرة، 1409ه‍.
  • ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، المكتبة العلمية، بيروت، 1402ه‍.
  • ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، المكتب الإسلامي، بيروت/ 1407ه‍.
  • ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: سامي بن محمد السلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1420ه‍.
  • ابن كثير، البداية والنهاية، تحقيق: عبدالله بن عبدالمحسن التركي، دار هجر، القاهرة، 1417ه‍.
  • أحمد مختار عمر، علم الدلالة، عالم الكتب، القاهرة، 1998 (الطبعة الخامسة).
  • البخاري، صحيح البخاري، تحقيق: قاسم الشماعي الرفاعي، دار القلم، بيروت، 1407ه‍.
  • البغوي، معالم التنـزيل، تحقيق: محمد عبدالله النمر، وعثمان جمعة ضميرية، وسليمان مسلم الحرش، دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، 1417ه‍.
  • حاجي خليفة، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، دار الكتب العلمية، 1413ه‍.
  • الحسين بن محمد الدامغاني، قاموس القرآن أو إصلاح الوجوه والنظائر، تحقيق: عبد العزيز سيد الأهل، بيروت، 1985 م.
  • حكمت بشير، التفسير المختصر الصحيح، دار المآثر، المدينة النبوية، 1425ه‍.
  • الحكيم الترمذي، تحصيل النظائر، تحقيق: حسني نصر زيدان، مصر، 1970م.
  • الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، دار القلم، دمشق، 1412ه‍.      
  • الزركشي، البرهان في علوم القرآن، تحقيق: يوسف المرعشلي، وجمال الذهبي، وإبراهيم الكردي، دار المعرفة، بيروت، 1410ه‍. 
  • سلوى محمد العوّا، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، دار الشروق، القاهرة، 1998م.
  • السمين الحلبي، عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، تحقيق: محمد التونجي، عالم الكتب، بيروت، 1414ه‍.      
  • السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، مكتبة دار التراث، القاهرة، د.ت.
  • السيوطي، الإكليل في استنباط التنـزيل، تحقيق: سيف الدين عبدالقادر الكاتب، دار الكتب العلمية، بيروت، 1405ه‍.
  • السيوطي، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، تحقيق: عبدالله بن عبدالمحسن التركي، دار هجر، القاهرة، 1424ه‍.
  • السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، دار التراث، القاهرة، د.ت.
  • الطاهر ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير.      
  • الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، تحقيق أحمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420ه‍.
  • الطبري، تاريخ الطبري (تاريخ الأمم والملك)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، د.ط.، بيروت، د.ت.   
  • الفيروزآبادي، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، تحقيق: محمد علي النجار، المجلس العلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، 1986م.
  • القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب العلمية، بيروت، 1413ه‍.
  • محمد صالح القرعاوي، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم: دراسة وموازنة، دار الرشد، الرياض، 1997م.
  • محمد نور الدين المنجد، الاشتراك اللفظي في القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق، دار الفكر، دمشق، 1998م.
  • مسلم، صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء التراث، بيروت، د.ت.
  • مقاتل بن سليمان، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، تحقيق: حاتم الضامن، مركز جمعة الماجد، دبي، 1427ه‍.
  • هارون بن سليمان، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، تحقيق حاتم صالح الضامن، وزارة الثقافة والإعلام، بغداد، 1988م، 1409ه‍.
  • هند شلبي في مقدمة تحقيقها لكتاب التصاريف ليحيى بن سلام، الشركة التونسية للتوزيع، 1980م.

 

الترجمات المدروسة:

  1. Ali, Muhammad. The Holy Quran: Containing Arabic Text with English Translation and Commentary, Woking, UK, Islamic Review Office, 1917, 1275 pp.
  2. Ali, Abdullah Yusuf. The Holy Quran: English Translation and Commentary, Lahore, Pakistan, Sh. Muhammad Ashraf, 1934-1937, pp.
  3. Asad, Muhammad, The Message of the Quran: Translated and Explained, Gibraltar, Spain, Dar al-Andalus,1980, pp.
  4. Al-Hilali, Mahammad Taqui al-Din and Khan, Muhammad Muhsin. Explanatory English translation of the Meanings of the Holy Quran: a summarized version of Ibn Kathir, supplemented by  At-Tabri with comments from Sahih-al-Bukhari, Chicago, USA, Kazi Publications, 1977, 604 pp. 
  5. Cleary, Thomas. The Qur’an: A New Translation, USA, Starlatch Press, 2004, 301 pp.  
  6. A.S., Abdel Haleem. The Qur’an: A New Translation, Oxford, UK, Oxford University Press, 2004, 464 pp.  

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) أفدت في هذا السرد التاريخي من الكتب التالية:

  • هند شلبي في مقدمة تحقيقها لكتاب التصاريف ليحيى بن سلام، الشركة التونسية للتوزيع، 1980م.
  • محمد صالح القرعاوي، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم: دراسة وموازنة، دار الرشد، الرياض، 1997م.
  • سلوى محمد العوّا، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، دار الشروق، القاهرة، 1998م.
  • محمد نور الدين المنجد، الاشتراك اللفظي في القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق، دار الفكر، دمشق، 1998م.

([2]) ابن الجوزي، نزهة الأعين النواظر، ص 83.   

([3]) الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 1/102.  

([4]) السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 2/121.  

([5]) حاجي خليفة، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، 2/2001.  

([6]) القرعاوي، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم: دراسة وموازنة، ص 13.  

([7]) وللدكتور سليمان القرعاوي تخريج لهذا الأثر أرى فيه الكفاية، انظر القرعاوي، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم: دراسة وموازنة، ص 20-21.  

([8]) أخرجه الطبري في تاريخه 5/64-65، وابن كثير في البداية والنهاية 7/304، وابن الأثير في الكامل 3/327، وغيرهم.  

([9]) القرعاوي، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم: دراسة وموازنة، ص 24.  

([10]) السيوطي، الإكليل في استنباط التنـزيل، ص 13.

([11]) انظر النوع الخامس والعشرون "معرفة المشترك" في المزهر في علوم اللغة وأنواعها للسيوطي، ومحمد المنجد، الاشتراك اللفظي في القرآن الكريم، وسلوى العوّا، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم.

([12]) محمد المنجد، الاشتراك اللفظي في القرآن الكريم، ص23-27. 

([13]) لمعرفة تفصيلات هذه المؤلفات انظر: محمد المنجد، الاشتراك اللفظي في القرآن الكريم، ص 75-82.

([14])مقاتل بن سليمان، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، ص 161.  

([15]) هارون بن سليمان، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، تحقيق حاتم صالح الضامن، وزارة الثقافة والإعلام، بغداد، 1988م، 1409ه‍.   

([16]) الملائكة اسم من أسماء سورة فاطر.    

([17]) عسق اسم من أسماء سورة الشورى، وهي الأحرف المقطّعة في أول السورة.    

([18]) هارون بن سليمان، المرجع السابق، ص 102-103.    

([19]) يحيى بن سلام، التصاريف، تحقيق هند شلبي، الشركة التونسية للتوزيع، 1980م.    

([20])  المرجع السابق، ص 61.     

([21])  المرجع السابق، ص 96.

([22])  الحكيم الترمذي، تحصيل النظائر، تحقيق: حسني نصر زيدان، مصر، 1970م. 

([23])  الحكيم الترمذي، تحصيل النظائر، ص 20.  

([24])  المرجع السابق، ص 24.

([25])  وقد حقق وطبع في رسالة علمية قدمت في جامعة أم القرى.

([26])  انظر: الحسين بن محمد الدامغاني، إصلاح الوجوه والنظائر، تحقيق عبد العزيز سيد الأهل، بيروت، 1985 م، وقد تصرف المحقق كثيراً في ترتيب الكتاب وفي عنوانه كذلك، وقد أعيد طبع هذا الكتاب مؤخراً بتحقيق: محمد حسن أبو العزم الزفيتي، ونشره المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، وتفادى محقق هذه الطبعة ما في الطبعة السابقة من عيوب فصلها في مقدمة التحقيق.

([27]) ابن الجوزي، نزهة العين النواظر في علم الوجوه والنظائر، تحقيق: محمد كاظم الراضي، مؤسسة الرسالة، بيروت 1985م. 

([28])  نزهة الأعين النواظر، ص 81 و84-85.

([29]) نزهة الأعين النواظر، ص 85-86.

([30]) أخرجه البخاري في صحيحه (حديث رقم 7544)، ومسلم في صحيحه (حديث رقم 792)، واللفظ له.

([31]) المرجع السابق، ص88.

([32]) المرجع السابق، ص 643.

([33]) الفيروزآبادي، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، تحقيق: محمد علي النجار، المجلس العلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، 1986م، ص 26.

([34]) الفيروزآبادي، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، تحقيق: محمد علي النجار، المجلس العلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، 1986م، ص 26.

([35]) المرجع السابق، ص 81.

([36]) مأخوذ بتصرف من القرعاوي، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم: دراسة وموازنة، ص 126.

([37])الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، 15/144.

([38])القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 10/375.

([39])القرعاوي، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم: دراسة وموازنة، ص 128.

([40])الدامغاني، إصلاح الوجوه والنظائر، ص 31.  

([41])القرعاوي، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم: دراسة وموازنة، ص 682.

([42]) مأخوذ بتصرف من القرعاوي، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم: دراسة وموازنة، ص 301.

([43]) يضيف المنجد إلى الملاحظات التي ذكرنا عدداً من الملاحظات وهي: عدم التفريق بين المفرد والمركب، والألفاظ المتواطئة، وزعم الاشتراك في ألفاظ منقولة اصطلاحاً، واختلاف اللغات، والتعابـير اللغوية، وتقدير حذف الكلام لمعرفة المزيد عن هذه الملاحظات المنهجية، إلا أنه يجب التعامل مع طرح المنجد بحذر إذ إنه ينطلق من منطلق تنظيري لغوي لا يرى من خلاله وقوع المشترك اللفظي في اللغة أصلاً. انظر: محمد المنجد، الاشتراك اللفظي في القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق، ص267-273. 

([44]) ابن القيم، شفاء العليل، ص 40.  

([45]) صحيح البخاري 6/64 مع الفتح، صحيح مسلم 2/682 رقم الحديث 987.  

([46]) ابن حجر، فتح الباري، 6/65.  

([47]) الشنقيطي، مذكرة أصول الفقه، ص 207.  

([48]) هذا الجدول مأخوذ بتصرف من كتاب القرعاوي، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم: دراسة وموازنة، ص 636. ويمكن ملاحظة بعض المآخذ المنهجية ومنها التجوز في سوق بعض الوجوه خاصة عند ابن الجوزي، وذكرهم للفظ "هاد" تحت مدخل "هدى"، مع أن جذرها هو "ه‍ و د" والهود هو الرجوع برفق. انظر: الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، كلمة "هَوَدَ".    

([49]) ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، ص 443، المكتبة العلمية، بيروت، 1402ه‍.

([50]) ابن الجوزي، نزهة الأعين النواظر، ص 143.

([51]) اعتمدت في فهمي لمحتويات هذا البحث، إذ إني لا أعلم اللغة الفارسية، على د/ ف عبد الرحيم مدير مركز الترجمات بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، فجزاه الله عني خير الجزاء وأعظم له المثوبة.  

([52])الشيخ محمد تقي الدين الهلالي عربي من أصل مغربي، أما د/ محمد محسن خان فهو من أصول أفغانية، وكان تعاونهما وتدارسهما للترجمة والمعاني إلى حد يجعل من فهمهما للنص فهماً عربياً عموماً.  

[53]Ali, Muhammad. The Holy Quran: Containing Arabic Text with English Translation and Commentary, Woking, UK, Islamic Review Office, 1917, 1275 pp.  

[54]Ali, Abdullah Yusuf. The Holy Quran: English Translation  and Commentary, Lahore, Pakistan, Sh. Muhammad Ashraf, 1934-1937, pp. 849.

[55]Asad, Muhammad, The Message of the Quran: Translated and Explained, Gibraltar, Spain, Dar al-Andalus,1980, pp. 998. 

[56] Al-Hilali, Mahammad Taqui al-Din and Khan, Muhammad Muhsin. Explanatory English translation of the Meanings of  the Holy Quran: a summarized version of Ibn Kathir, supplemented by  At-Tabri with comments from Sahih-al-Bukhari, Chicago, USA, Kazi Publications, 1977, 604 pp. 

[57] Cleary, Thomas. The Qur’an: A New Translation, USA, Starlatch Press, 2004, 301 pp.   

([58]) بعنوان:

The Essential Koran: An Introductory Selection of Readings from the Quran.

[59] M.A.S., Abdel Haleem. The Qur’an: A New Translation, Oxford, UK, Oxford University Press, 2004, 464 pp.   

([60]) ونص كلام المترجم هو:

The men to whom God’s Truth has been committed for promulgation will be asked in the Hereafter as to how the Truth fared in the world – how was it received, who opposed it, and who assisted it. Like all trustees, they will have to give full account of their trust. God knows all, it will not add to his information. But it will be evidence for and against those to whom it was preached, so that the responsibility of those who dishonored it may be duly enforced. The primary custodians of the spiritual truth are the Prophets, but in descending degrees all men to who God’s Message comes are included. (Abdullah Ali, p. 1105, fn. 3678)              

([61]) ونص كلام المترجم هو:

Moses was given a Revelation, and it was given in heritage to the Children of Israel, to preserve it, guide their conduct by it, and hold aloft its Message: but they failed in all these particulars. (Abdullah Ali, p. 1277, fn. 4426)

([62]) ابن كثير، تفسير ابن كثير، 4/494.           

([63]) ونص كلام المترجم هو:

Dahr is Time as a whole, or for a long period.  (Abdullah Ali, p. 1655, fn. 5831)

([64]) ونص كلام المترجم هو:

Implying, according to all the classical commentators, "there has indeed been an immensely long [or "endless"] span of time". (Muhammad Asad, p. 915, fn. 1)

([65]) الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، 18/29.           

([66]) الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، 18/29.           

([67]) الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، 18/29.           

([68]) الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، 18/29.           

([69]) الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، 18/29.            

([70]) يعتمد المترجم تقسيم ترجمته إلى أقسام بحسب الوحدات الموضوعية التي تجمع عدد من آيات القرآن الكريم على ما يرى، ويعنون كل قسم بعنوان خاص به يعبر عن موضوعه.           

([71]) وذلك في قوله تعالى: )بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ + وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ( (البقرة: 90-91).           

([72]) ونص كلام المترجم هو:

Reading the verse under discussion in the light of the context, it is clear that the Jews are addresses here. The two previous sections deal, more ore less, with a particular Jewish objection to the revelation of the Prophet, viz., that they could not accept a new revelation which was not granted to an Israelite. This is plainly stated in vv. 91 and 91. The same subject is continued, the Jews being addressed throughout. Their objection was: why another revelation sent down to Muhammad,  and why was a law containing new commandments promulgated? That objection was to be answered. The answer was given partly in v. 105, and partly in the verse under discussion. In the former of these they are told that Allah chooses whom He pleases for His revelation. In the latter, that if one law (i.e. the Jewish Law) was abrogated, one better than it was given through the Holy Prophet. It should be noted that the new law is here stated to be better than the one abrogated or like it. It is a fact that though the law of the Qur’an is decidedly superior to and more comprehensive than the previous laws in most respects, yet there are many points of likeness in the two. Hence the words one like it are added. (Muhammad Ali, p. 47, fn. 152)

([73]) ونص كلام المترجم هو:

The principle laid down in this passage – relating to the supersession of the Biblical dispensation by that of the Qur’ān  - has given rise to an erroneous interpretation by many Muslim theologians. The word āyah ("message") occurring in this context is also used to denote a "verse" of the Qur’ān  (because every on of these verses contains a message). Taking this restricted meaning of the term āyah, some scholars conclude from the above passage that certain verses of the Qur’ān have been "abrogated" by God’s command before the revelation of the Qur’ān  was completed….  [The] apparent difficulty in interpreting the above Qur’ānic passage disappears immediately if the term āyah is understood, correctly, as "message, and if we read this verse in conjunction with the preceding one, which states that the Jews and Christians refused to accept any revelation which might supersede that of the Bible: for. If read in this way, the abrogation relates to the earlier divine messages and not to any part of the Qur’ān itself. (Muhammad Asad, p. 23, fn. 87)

([74]) وذلك في قوله تعالى: )أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ( (الشعراء: 128).           

([75]) وذلك في قوله تعالى: )هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ( (آل عمران: 7).       

([76]) وذلك في قوله تعالى: )وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ( (البقرة: 115).           

([77]) وذلك في قوله تعالى: )قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ( (البقرة: 144).           

([78]) ونص كلام المترجم هو:

The word which I have translated by the word "revelations" is Ayāt…. It is not only used for verses of the Qur-ān, but in a general sense of God’s revelations as in ii. 39 and for other Signs of God in history or nature, or miracles, as ii. 61. it has even been used for human signs and tokens of wonder as, for example,  monuments and land marks built by the ancient people of  'Ad (xxvi. 128). What is the meaning of this? If we take it in a general sense, it means the God’s Message form age to age is always the same, but its form may differ according to the needs and exigencies of the time. That form was different as given to Moses and then to Jesus and then to Muhammad. Some commentators apply it to the Ayāt of the Qur-ān. There is nothing derogatory in this if we believe in progressive revelation. In iii. 7 we are told distinctly about the Qur-ān, that some of its verses are basic or fundamental, and others are allegorical, and it is mischievous to treat the allegorical verses and follow them literally. On the other hand, it is absurd to treat such a verse as ii. 115 as if it were abrogated by ii. 144 about the Qibla. We turn to the Qibla, but we believe that God is not only in one place. He is everywhere. (Abdullah Yusuf Ali, p. 46, fn. 107)

([79]) الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، 2/406.        

([80]) انظر القرعاوي، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم: دراسة وموازنة، ص 532.           

([81]) ابن كثير، تفسير ابن كثير، 5/47.           

([82]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 10/141.           

([83]) ابن كثير، تفسير ابن كثير، 1/557.           

([84]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 2/285.           

([85]) ابن كثير، تفسير ابن كثير، 1/533 .           

([86]) ابن كثير، تفسير ابن كثير، 1/533 .           

([87]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 12/158.           

([88]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 10/155.           

([89]) ونص كلام المترجم هو:

Here it seems to refer to the burning words of Prophets like Isaiah. (Abdullah Yusuf Ali, p. 694, fn. 2173)

([90]) وقد جاء في قاموس الكتاب المقدس (ص 82) ما نصه: "وكان إشعياء مصلحاً اجتماعيا. ففي الإصحاحات من 1-5 نراه يلوم شعبه أشد اللوم، ويوبخهم أقسى التوبيخ بسبب رشوتهم وتعويجهم القضاء وظلمهم للمسكين (ص 1: 23)، ولأجل بذخهم وترفهم  (ص 3: 16-24)، ولأجل طمعهم وجشعهم وسكرهم (ص 5: 11-12) ولأجل انعدام الإحساس الخلقي [هكذا] عندهم (ص 5: 20)".  

([91]) الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، لفظ "أمة".           

([92]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 16/50.           

([93]) ابن كثير، تفسير ابن كثير، 1/533 .           

([94]) ابن كثير، تفسير ابن كثير، 1/533 .           

([95]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 10/130.           

([96]) ونص كلام المترجم هو:

The logical conclusion of the evolution of religious history is a non-sectarian, non-racial, non-doctrinal, universal religion, which Islam claims to be. For Islam is just submission to the Will of God. This implies (1) Faith, (2) doing right, being an example to the others to do right, and having the power to see that the right prevails, (3) eschewing wrong, being an example to the others to eschew wrong, and having the power to see that wrong and injustice are defeated. Islam therefore lives, not for itself, but for mankind. The People of the Book, if only they had faith, would be Muslims, for they had been prepared for Islam. Unfortunately, there is Unfaith, but it can never harm those who carry the banner of Faith and Right, which must always be victorious. (Abdullah Yusuf Ali, p. 151, fn. 434)

([97]) وذلك في قوله تعالى: )وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ( (آل عمران: 85)

([98]) ونص كلام المترجم هو:

…it has to be borne in mind that the word islam in the Arabic of the Qur’an means complete devotion/submission to God, unmixed with worship of any other. All earlier prophets are thus described in the Qur’an as muslim. Those who read the word islam in the sense of the religion of the Prophet Muhammad will set up a barrier, illegitimately based on this verse, between Islam and other monotheistic religions. (M.A.S. Abdel Haleem, p. xxiv)

([99]) انظر: حكمت بشير، التفسير المختصر الصحيح، ص 79 (دار المآثر، المدينة النبوية، 1425هـ).

([100]) ابن كثير، تفسير ابن كثير، 2/94 .           

([101]) انظر: ترجمة عبدالله يوسف علي، ص 567، حاشية رقم: 1702 .

([102]) ونص كلام المترجم هو:

According to almost all the authorities, the noun ummah denotes here "a time" or "along period of time". (Muhammad Asad, p. 344, fn. 46)

([103]) ونص كلام المترجم هو:

Ummah means originally a way, course or mode of acting, a nation or a community,  but it also signifies a righteous man who is an object of imitation, one who is known for goodness, a man combining all kinds of good qualities, one who has no equal.   (Muhammad Ali, p. 541, fn. 1407)

([104]) ونص كلام المترجم هو:

Ummat: a model, pattern, example for imitation: but the idea that he was an Ummat in himself, standing alone against his world, should not be lost sight of. (Abdullah Yusuf Ali, p. 688, fn. 2156)

([105]) ونص كلام المترجم هو:

This is one of the many meanings of the term ummah and, to my mind, the one most appropriate in the above context. (Muhammad Asad, p. 415, fn. 144)

([106])الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، 8/151 .

([107]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 5/92.           

([108]) ابن كثير، تفسير ابن كثير، 2/260 .           

([109]) الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن.           

([110]) ونص كلام المترجم هو:

The term muḥṣanah signifies literally "a woman who is fortified [against unchastity]", and carries three senses: (1) "a married woman", (2) "a chaste woman", and (3) "a free woman". According to almost all authorities, al-muḥṣanāt denotes in the above context "married women". (Muhammad Asad, p. 106, fn. 26)

([111]) ونص كلام المترجم هو:

It should … be noted that Islām does not allow temporary marriage. It recognizes only iḥṣān, taking a woman impermanent marriage, from the root auna, it (a place) was inaccessible, or (a woman) was chaste or married, iḥṣān thus meaning fortifying a place or marrying.  (Muhammad Ali, p. 197, fn. 560a)

([112]) ونص كلام المترجم هو:

This passage lays down in an unequivocal manner that sexual relations with female slaves are permitted only on the basis of marriage, and that in this respect there is no difference between them and free women. (Muhammad Asad, p. 107, fn. 32)

([113]) البغوي، معالم التنـزيل، 2/197 .           

([114]) السمين الحلبي، عمدة الحفاظ في تفسير اشرف الألفاظ، 3/237 .           

([115]) الطاهر ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، 7/175 .           

([116]) بعد سرد هذه المعاني يُحيل المترجم القارئ إلى معجم إدورد لين الذي هو ترجمة إنكليزية لمعجم تاج العروس للزبيدي.           

([117]) جاء هذا الحديث في فتح الباري، 8/183-184،  في كتاب التفسير، باب قوله تعالى: )وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ( (البقرة: 193).           

([118]) ونص كلام المترجم هو:

The word which I have rendered as persecution is fitnah, which originally means a burning with fire, and then affliction, distress, and hardship, slaughter, misleading or causing to err, and seduction from faith by any means (LL). An explanation of these words is met in v. 217: "They ask thee about fighting in the sacred month. Say: Fighting in it is a grave offence. But hindering (men) from Allāh’s way and denying Him and the Sacred mosque and turning its people out of it are still graver with Allāh, and persecution is graver than slaughter." Fitnah is thus synonymous with hindering men from Allāh’s way and the Sacred Mosque, and denying Allāh and turning people out of the Sacred Mosque, and indicates the persecution of Muslims. Ibn 'Umar explained the word fitnah when he said: "And there were very few Muslims so a man used to be persecuted on account of his religion: they either murdered him or subjected him to tortures  until Islām became predominant, then there was no fitnah, i.e. persecution" (B. 65: ii, 30). (Muhammad Ali, p. 81, fn. 241)

([119]) ونص كلام المترجم هو:

This passage is illustrated by the events that happened at Hudaibiya in the sixth year of the Hijra, though it is not clear that it was revealed on that occasion. The Muslims were at this time a strong and influential community. Many of them were exiles from Mecca, where the Pagans had established an intolerant autocracy, persecuting Muslims, preventing them from visiting their homes, and even keeping them out by force from performing Pilgrimage during the universally recognized period of truce. This was intolerance, oppression, and autocracy to the last degree, and the mere readiness of  the Muslims to enforce their rights as Arab citizens resulted without bloodshed in an agreement which the Muslims faithfully observed. The Pagans, however had no scruples in breaking faith… (Abdallah Yusuf Ali, p. 76, fn. 205)

([120]) ونص كلام المترجم هو:

The translation, in this context, of fitnah as "oppression" is justified by the application of this term to any affliction which may cause man to go astray and to lose his faith in spiritual values (cf. Lisān al-cArab).  (Muhammad Asad, p. 41, fn. 168)

([121]) ونص كلام المترجمين هو:

Al-Fitnah: polytheism, to disbelieve after one has believed in Allâh, or a trial or a calamity or an affliction (Al-Hilali and Khan, p. 39, fn. 2)

([122]) ونص كلام المترجم هو:

'Persecuting you unlawfully is worse than you killing them in the precincts in self-defence.' The article al- in Arabic sometimes takes the place of a pronoun, as here 'their persecution' and 'your killing them' (Tammam Hassan, al-Bayan, Cairo, 1993, 118-45); it is not the generic al-, cf. 2: 217. See also 2: 217.  (M.A.S. Abdel Haleem, p. 21, fn. e)

([123]) ونص كلام المترجم هو:

To persecute people for believing in God is a worse offence than for the aggrieved party to fight back in the prohibited month. This further explains verse 191. (M.A.S. Abdel Haleem, p. 24, fn. a)

([124]) ونص كلام المترجم هو:

The fitnah is the misleading of the people (T, LL), or the sowing of dissension, or difference of opinion (T, LL). By giving to one an interpretation which is falsified by another. (Muhammad Ali, p. 130, fn. 388)

([125]) ونص كلام المترجم هو:

The "confusion" referred to here is a consequence of interpreting allegorical passages in an "arbitrary manner" (Zamaksharī) (Muhammad Asad, p. 67, fn. 7)

([126])الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، 6/197.

([127]) ونص كلام المترجم هو:

For fitnah meaning persecution, see 241. Tasting of persecution signifies receiving punishment for their persecution of the Muslims. (Muhammad Ali, p. 988, fn. 2348)

([128]) ونص كلام المترجم هو:

These verses describe the condition of the hypocrites, who advanced excuses for not fighting against the opponents of the Muslims. If an enemy had entered into the city from another side and invited them to join hands with him to fight against the Muslims, they would have been ready to fight.  (Muhammad Ali, pp. 803-4, fn. 1979)

([129]) ونص كلام المترجم هو:

If any of the enemy had been able to penetrate into the City, the disaffected element… would have risen against the Muslims at once – with no delay except what might have been necessary to put on their armour and arms. (Abdullah Yusuf Ali, p. 1107, fn. 3685)

([130]) الطبري، 11/300.

([131]) ابن كثير، تفسير ابن كثير، 1/533 .           

([132]) ابن كثير، تفسير ابن كثير، 1/533 .           

([133]) انظر:

Bowker, J. (2004) The Complete Bible Handbook. Dorling Kindersley: London. P. 49.     

([134]) ونص كلام المترجم هو:

Before the rain fell the Muslim position was very weak. The enemy had the command of the water and the Muslims were in a low sandy place. Therefore there were some who had misgivings, which, as is said here, were due to the devil's uncleanness. The enemy having taken position of the drinking-water, the Muslims feared being troubled by thirst, which is called the devil of the desert. The rain strengthened the position of the Muslims and consequently comforted their hearts. This was purification, for after the rainfall they all became certain of Divine help and so of their triumph over the enemy. (Muhammad Ali, p. 367, fn. 985)

([135]) ونص كلام المترجم هو:

"Stain of Satan": both literally and figuratively. Dirt is physically a symbol of evil, and the Muslims were particular about ablutions before prayer. But the rain also refreshed their spirits and removed any lurking doubts in their minds (suggestions of the Evil One) that victory might be impossible in such adverse circumstances. (Abdullah Yusuf Ali, p. 417, fn. 1188)

([136]) ونص كلام المترجم هو:

Lit., "take away from you the pollution of Satan". Immediately before the beginning of the battle, the Meccan army invested the wells of Badr, thus depriving the Muslims of water; and, under the influence of thirst, some of the latter fell prey to utter despair (here symbolized by "Satan's unclean whisperings") – when, suddenly, abundant rain fell and enabled them to satisfy their thirst (Tabari, on the authority of Ibn cAbbas). (Muhammad Asad, p. 417, fn. 12)

([137]) ونص كلام المترجم هو:

Purification of the garments does not relate only to the outward act of purification, but also to the purification of the heart, as is shown in the next verse, which contains a command to shun every kind of uncleanness. (Muhammad Ali, p. 1115, fn. 2598)

([138]) ونص كلام المترجم هو:

Rujz or Rijz: abomination: usually understood to refer to idolatry. It is even possible that there was an idol called Rujz. But it has a wider signification, as including a mental state opposed to true worship, a state of doubt or indecision. (Abdullah Yusuf Ali, p. 1640, fn. 5780)

([139]) ونص كلام المترجم هو:

Or "from all idolatry". (M.A.S. Abdel Haleem, p. 397, fn. b)

([140])السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 2/132-139 (مكتبة دار التراث – القاهرة- تاريخ النشر غير محدد) .

([141])المرجع السابق، ص 132 .

([142])انظر كلاً من تفاسير: الطبري، والبغوي، وابن كثير، للوقوف على أقوالهم فيها.

([143])انظر ابن عاشور، التحرير والتنوير، 14/28.

([144])وهو مروي أيضا عن ابن عباس. وقال ابن قتيبة: يقال هي اثنا عشر برجا, وأصل البرج: القصر والحسن. انظر: زاد المسير: 4/387, مشكل القرآن لابن قتيبة: (1 / 238) من القرطين لابن مطرف, الدر المنثور: 4/69.

([145])وهو قول ابن عباس، وأبي عبيدة. انظر: زاد المسير: 14/ 387, الدر المنثور: 4/ 69.

([146]) ونص كلام المترجم هو:

My rendering of buruj as "great constellations" is based on the Taj al-cArus; among the classical commentarors, Baghawi, Baydawi, and Ibn Kathir give the same interpretation, while Tabari (on the authority of Mujahid and Qatadah) explains this term as signifying "the stars" in general. (Muhammad Asad, p. 384, fn. 15)

([147]) المرجع السابق، ص 132 .

([148]) انظر:

The New Shorter Oxford English Dictionary.

([149]) ونص كلام المترجم هو:

Bacl stands for the sun, or the sun-god. (Muhammad Ali, p. 862, fn. 2119)

([150])انظر، .Abdullah Yusuf Ali, p. 1208, fn. 4112

([151]) ونص كلام المترجم هو:

The term bacl (conventionally spelt Baal in European languages) signifies "lord" or "master" in all branches of ancient Arabic, including Hebrew and Phoenician; it was an honorific applied to everyone of the many "male" deities worshipped by the ancient Semites, especially Syria and Palestine. In the Old Testament this designation has sometimes the generic connotation of "idol-worship" – a sin into which, according to the Bible, the early Israelites often relapsed. (Muhammad Asad, p. 689, fn. 49)

([152]) المرجع السابق، ص 132 .

([153]) ونص كلام المترجم هو:

This verse and the one preceding it show how everything created, from those large orbs in the heavens to the smallest herbs that grow on land, follows a law. (Muhammad Ali, p. 1014, fn. 2406)

([154]) ونص كلام المترجم هو:

In the great astronomical universe there are exact mathematical laws, which to God's Wisdom and also to His favours to His creatures; for we all profit by the heat and light, the seasons, and the numerous changes in the tides and the atmosphere, on which the constitution of our globe and the maintenance of life depend. (Abdullah Yusuf Ali, p. 1472, fn. 5174)

([155]) ونص كلام المترجم هو:

Lit., "according to a definite reckoning". (Muhammad Asad, p. 824, fn. 2)

([156]) السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، 1/37، دار التراث، القاهرة، د.ت.  

([157]) للاستزادة انظر: أحمد مختار عمر، علم الدلالة، عالم الكتب، القاهرة، 1998 (الطبعة الخامسة).  

([158]) ابن الأنباري، الأضداد، ص 2.