مفردات كلمات القرآن الكريم
(حرف التاء)
تبت
وردت مادة: (تب) 4 مرات في القرآن الكريم، ومنها: (تبّ، تبت، تباب، تتبيب).
قال تعالى: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد: 1].
وقال تعالى: ﴿أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ﴾ [غافر: 37].
وقال تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾ [هود: 101].
قال الراغب الأصفهاني: "التَبُّ والتَّبَابُ: الاستمرار في الخسران، يقال: تَبّاً له وتَبٌّ له، وتَبَبْتُهُ: إذا قلت له ذلك، ولتضمن الاستمرار قيل: اسْتَتَبَّ لفلان كذا، أي: استمرّ، و﴿تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ﴾ [المسد: 1].
أي: استمرت في خسرانه، نحو: ﴿ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ﴾ [الزمر: 15]، ﴿وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾ [هود:101]، أي: تخسير، ﴿وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ﴾ [غافر: 37]." ([1])
وقال أبو حيان: "تبب: (تبَّت): خسرت، مصدره تباب." ([2])
التوبة والمتاب
وردت التوبة في عدد كثير من الآيات الكريمة، وجاءت مادة: (توب) في عدد من الكلمات: (توبة، تاب، متاب، وغيرها).
قال الراغب الأصفهاني: " التَّوْبُ: ترك الذنب على أجمل الوجوه، وهو أبلغ وجوه الاعتذار، فإنّ الاعتذار على ثلاثة أوجه:
إمّا أن يقول المعتذر: لم أفعل.
أو يقول: فعلت لأجل كذا.
أو فعلت وأسأت وقد أقلعت.
ولا رابع لذلك، وهذا الأخير هو التوبة، والتَّوْبَةُ في الشرع: ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منه، والعزيمة على ترك المعاودة، وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالأعمال بالإعادة، فمتى اجتمعت هذه الأربع فقد كملت شرائط التوبة، وتاب إلى الله، فذكر (إلى الله) يقتضي الإنابة، نحو: ﴿فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ﴾ [البقرة:54].
﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً﴾ [النور:31]، ﴿أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ﴾ [المائدة:74].
وتَابَ الله عليه، أي: قبل توبته، منه: ﴿لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ﴾ [التوبة: 117].
﴿ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا﴾ [التوبة:118]، ﴿فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ﴾ [البقرة:187].
والتائب يقال لباذل التوبة ولقابل التوبة، فالعبد تائب إلى الله، والله تائب على عبده.
والتَّوَّاب: العبد الكثير التوبة، وذلك بتركه كلّ وقت بعض الذنوب على الترتيب حتى يصير تاركاً لجميعه، وقد يقال ذلك لله تعالى؛ لكثرة قبوله توبة العباد حالاً بعد حال.
وقوله: ﴿وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً﴾ [الفرقان:71]، أي: التوبة التامة، وهو الجمع بين ترك القبيح وتحري الجميل.
﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ﴾ [الرعد: 30]، ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة:54]." ([3])
وقال أبو حيان: "(متاب): توبة." ([4])
تفث
وردت مادة: (تفث) مرة واحدة في القرآن الكريم في كلمة: (تفثهم).
قال تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
فما هو التفث؟ وماذا يعني؟
قال الراغب الأصفهاني: " قال تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ [الحج: 29].
أي: يزيلوا وسخهم.
يقال: قضى الشيء يقضي: إذا قطعه وأزاله.
وأصل التَّفْث: وسخ الظفر وغير ذلك، مما شابه أن يزال عن البدن.
قال أعرابيّ: ما أَتْفَثَكَ وأدرنك." ([5])
وقال أبو حيان: "(تفثهم): تنظيفهم من الوسخ." ([6])
التّبر ودلالاته في القرآن الكريم
وردت مادة: (تبر) 6 مرات في القرآن الكريم، ومنها: (تبّرنا، ليتبّروا، تتبيراً، متبّر، تباراً).
قال أبو عبيدة: "(إِلَّا تَباراً): إلّا هلاكاً." ([7])
وقال: " ﴿وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً﴾ [الفرقان: 39] أي أهلكنا واستأصلنا." ([8])
وقال الراغب الأصفهاني: " التَّبْر: الكسر والإهلاك، يقال: تَبَرَهُ وتَبَّرَهُ.
قال تعالى: ﴿إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ﴾ [الأعراف:139].
وقال: ﴿وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً﴾ [الفرقان:39]، ﴿وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً﴾ [الإسراء: 7].
وقوله تعالى: ﴿وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً﴾ [نوح: 28]، أي: هلاكاً." ([9])
وقال أبو حيان: "تبر: (تباراً): هلاكاً.
(تتبير): تخسير، (وليتبروا): يخربوا." ([10])
ويتبين مما سبق دلالة (التبر) على:
- الإهلاك.
- التخسير.
- التخريب.
والله سبحانه أعلى وأعلم.
تلّه للجبين
صوّر القرآن الكريم موقف إبراهيم عليه السلام في استجابته للرؤيا، وكيف سلّم أمره لله، هو وابنه، وبادر بتحقيق ما رأى.
قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: 103].
فما معنى: (تلّه)؟
قال أبو عبيدة: "﴿فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: 103] أي صرعه، وللوجه جبينان والجبهة بينهما." ([11])
وقال الراغب الأصفهاني: " أصل التَّلِّ: المكان المرتفع، والتَّلِيل: العنق، ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: 103]، أسقطه على التل.
كقولك: ترّبه: أسقطه على التراب، وقيل: أسقطه على تليله، والمِتَّل: الرمح الذي يتل به." ([12])
وقال أبو حيان: "(وتله للجبين): صرعه على جبينه وكبه على الوجه." ([13])
تبع
قال أبو عبيدة: "﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ﴾ [الدخان: 37] ملوك اليمن كان كل واحد منهم يسمّى تبّعاً؛ لأنه يتبع صاحبه وكذلك الظل؛ لأنه يتبع الشمس.
وموضع تبّع في الجاهلية موضع الخليفة في الإسلام، وهم ملوك العرب الأعاظم." ([14])
وقال الراغب الأصفهاني: "يقال: تَبِعَهُ واتَّبَعَهُ: قفا أثره، وذلك تارة بالجسم، وتارة بالارتسام والائتمار، وعلى ذلك قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: 38]، ﴿قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً﴾ [يس: 20- 21]، ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ﴾ [طه:123]، ﴿اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الأعراف:3]، ﴿وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ﴾ [الشعراء:111]، ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي﴾ [يوسف:38]، ﴿ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية:18]، ﴿وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ﴾ [البقرة: 102]، ﴿وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ﴾ [البقرة:168]، ﴿إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ﴾ [الدخان:23]، ﴿وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [ص:26]، ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ﴾ [الكهف:66]، ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ﴾ [لقمان:15].
ويقال: أَتْبَعَه: إذا لحقه، قال تعالى: ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ﴾ [الشعراء:60]، ﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً﴾ [الكهف:89]، ﴿وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً﴾ [القصص:42]، ﴿فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ﴾ [الأعراف:175]، ﴿فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً﴾ [المؤمنون:44].
يقال: أَتْبَعْتُ عليه، أي: أحلت عليه، ويقال: أُتْبِعَ فلان بمال، أي: أحيل عليه، والتَّبِيع خصّ بولد البقر إذا تبع أمه، والتَّبَعُ: رِجْلُ الدابة، وتسميته بذلك كما قال:
كأنّما اليدان والرجلان طالبتا وتر وهاربان
والمُتْبِعُ من البهائم: التي يتبعها ولدها، وتُبَّعٌ كانوا رؤساء، سمّوا بذلك؛ لاتباع بعضهم بعضاً في الرياسة والسياسة، وقيل: تُبَّع ملك يتبعه قومه، والجمع التَّبَابِعَة قال تعالى: ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ﴾ [الدخان:37]، والتُّبَّعُ: الظل." ([15])
وقال أبو حيان: "تبع: (تُبَّع): اسم.
(تبيعاً): تابعاً." ([16])
ترف
وردت مادة: (ترف) 8 مرات في القرآن الكريم، ومنها هذه الكلمات: (أترفناهم، أترفتم، أترفوا، مترفوها، مترفين، مترفيها، مترفيهم).
قال أبو عبيدة: "﴿ما أُتْرِفُوا فِيهِ﴾ [هود: 116] أي ما تجبّروا وتكبّروا عن أمر الله، وصدّوا عنه وكفروا، قال:
تهدى رؤوس المترفين الصّدّاد إلى أمير المؤمنين الممتاد
الممتاد: من ماد يميد." ([17])
وقال الراغب الأصفهاني: "التُّرْفَةُ: التوسع في النعمة، يقال: أُتْرِفَ فلان فهو مُتْرَف.
﴿أَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ [المؤمنون:33]، ﴿وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ﴾ [هود: 116]، وقال: ﴿ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ﴾ [الأنبياء:13]، ﴿وأَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ﴾ [المؤمنون:64]، وهم الموصوفون بقوله سبحانه: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ﴾ [الفجر:15]." ([18])
وقال أبو حيان: "ترف: (أترفوا): نعموا." ([19])
تعس
وردت مادة: (تعس) مرة واحدة في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: 8].
فما هو المراد بالتعس؟
قال الراغب الأصفهاني: " التَّعْس: أن لا ينتعش من العثرة، وأن ينكسر في سفال.
وتَعِسَ تَعْساً وتَعْسَةً.
قال تعالى: ﴿فَتَعْساً لَهُمْ﴾ [محمد:8]." ([20])
وقال أبو حيان: "تعس: (فتعساً): عثاراً." ([21])
التيه
اقترن ذكر التيه في القرآن الكريم ببني إسرائيل، وجاءت في كلمة واحدة: (يتيهون).
قال تعالى: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ [المائدة: 24 – 26].
قال أبو عبيدة: "﴿يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ [المائدة: 26] أي يحورن ويحارون ويضلون." ([22])
وقال الراغب الأصفهاني: "يقال: تَاهَ يَتِيهُ: إذا تحيّر، وتاه يتوه لغة في تاه يتيه، وفي قصة بني إسرائيل: ﴿أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ [المائدة: 26].
وتوّهه وتَيَّهَهُ: إذا حيّره وطرحه.
ووقع في التِّيهِ والتوه، أي في مواضع الحيرة، ومفازة تَيْهَاء: تحيّر سالكوها." ([23])
وقال أبو حيان: "تيه: (يتيهون): يحارون." ([24])
يتلونه
(هل المراد من القراءة أم المتابعة؟)
قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [البقرة: 121].
قال الراغب الأصفهاني: "تَلَاهُ: تبعه متابعة ليس بينهم ما ليس منها، وذلك يكون تارة بالجسم وتارة بالاقتداء في الحكم، ومصدره: تُلُوٌّ وتُلْوٌ، وتارة بالقراءة وتدبّر المعنى، ومصدره: تِلَاوَة.
﴿وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها﴾ [الشمس:2]، أراد به هاهنا الاتباع على سبيل الاقتداء والمرتبة، وذلك أنه يقال: إنّ القمر هو يقتبس النور من الشمس وهو لها بمنزلة الخليفة، وقيل: وعلى هذا نبّه قوله: ﴿وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً﴾ [الفرقان:61]، فأخبر أنّ الشمس بمنزلة السراج، والقمر بمنزلة النور المقتبس منه، وعلى هذا قوله تعالى: ﴿جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً﴾ [يونس:5]، والضياء أعلى مرتبة من النور، إذ كل ضياء نور، وليس كل نور ضياء.
﴿وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ﴾ [هود:17]، أي: يقتدي به ويعمل بموجب قوله: ﴿يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ﴾ [آل عمران:113].
والتلاوة تختص باتباع كتب الله المنزلة، تارة بالقراءة، وتارة بالارتسام لما فيها من أمر ونهي، وترغيب وترهيب، أو ما يتوهم فيه ذلك، وهو أخصّ من القراءة، فكل تلاوة قراءة، وليس كل قراءة تلاوة، لا يقال: تلوت رقعتك، وإنما يقال في القرآن في شيء إذا قرأته وجب عليك اتباعه." ([25])
وقال أبو حيان: "تلو: (يتلونه): يتبعونه أو يقرءونه." ([26])
تخذ
قال تعالى: ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً﴾ [الكهف: 77].
وردت مادة: (تخذ) في عدد من الآيات الكريمة، فماذا تعني؟
قال أبو عبيدة: "﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً﴾ [الكهف: 77] الخاء مكسورة، ومعناها معنى (أخذت) فكان مخرجها مخرج فعلت تفعل، قال الممزق العبدي:
وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها نسيفاً كأفحوص القطاة المطّرق" ([27])
وقال الراغب الأصفهاني: "تَخِذَ بمعنى أخذ، قال:
وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها نسيفاً كأفحوص القطاة المطرّق
واتّخذ: افتعل منه، ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي﴾ [الكهف:50]، ﴿قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً﴾ [البقرة:80]، ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً﴾ [مريم:81]، ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: 125]، ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ﴾ [الممتحنة:1].
﴿لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً﴾ [الكهف: 77]." ([28])
وقال أبو حيان: "تخذ: (لَتَخِذْتَ): بمعنى اتخذت." ([29])
تارة
وردت كلمة: (تارة) مرتين في القرآن الكريم.
في قوله تعالى: ﴿أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا﴾ [الإسراء: 69].
وقوله تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ [طه: 55].
فماذا تعني؟
قال أبو عبيدة: "﴿تارَةً أُخْرى﴾ [الإسراء: 69] مرّة أخرى، والجميع تارات، وتير." ([30])
وقال الراغب الأصفهاني: " ﴿أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى﴾ [الإسراء: 69].
وقال تعالى: ﴿وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى﴾ [طه:55]، أي مرّة وكرّة أخرى، هو فيما قيل من تار الجرح: التأم." ([31])
الترك ودلالته في القرآن الكريم
وردت مادة: (ترك) 43 مرة في القرآن الكريم، ومنها هذه الكلمات: (تركتم، تركناها، تركنا، اترك، تارك، وغيرها).
فماذا تعني؟ وما هي دلالتها؟
قال أبو عبيدة: "﴿تَرَكْنا مِنْها آيَةً﴾ [العنكبوت: 35] مجازه: أبقينا منها علامة." ([32])
قال الراغب الأصفهاني: " تَرْكُ الشيء: رفضه قصداً واختياراً، أو قهراً واضطراراً، فمن الأول: ﴿وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ﴾ [الكهف:99]، وقوله: ﴿وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً﴾ [الدخان: 24].
ومن الثاني: ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ﴾ [الدخان:25]، ومنه: تَرِكَة فلان لما يخلفه بعد موته، وقد يقال في كل فعل ينتهي به إلى حالة ما تركته كذا، أو يجري مجرى جعلته كذا، نحو: تركت فلاناً وحيداً.
والتَّرِيكَة أصله: البيض المتروك في مفازته، ويسمى بيضة الحديد بها كتسميتهم إياها بالبيضة." ([33])
تترى
قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: 44].
قال أبو عبيدة: "﴿ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرى﴾ [المؤمنون: 44].
أي بعضهم في أثر بعض ومنه قولهم: جاءت كتبه تترى.
والوجه أن لا ينوّن فيها؛ لأنها تفعّل وقوم قليل ينونون فيه؛ لأنهم يجعلونه اسماً، ومن جعله اسماً في موضع تفعل لم يجاوز به ذلك فيصرفه." ([34])
وقال الراغب الأصفهاني: "تَتْرَى على فعلى، من المواترة، أي: المتابعة وتراً وتراً.
وأصلها واو فأبدلت، نحو: تراث وتجاه، فمن صرفه جعل الألف زائدة لا للتأنيث، ومن لم يصرفه جعل ألفه للتأنيث.
قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا﴾ [المؤمنون:44]، أي: متواترين.
قال الفرّاء: يقال: تترى في الرفع، وتترى في الجرّ وتترى في النصب، والألف فيه بدل من التنوين."([35])
ترب
وردت مادة: (ترب) 22 مرة في القرآن الكريم، ومنها هذه الكلمات: (تراب، تراباً، أتراب، أتراباً، الترائب([36])، متربة).
قال تعالى: ﴿أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ﴾ [البلد: 16].
وقال تعالى: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ﴾ [فاطر: 11].
قال أبو عبيدة: "﴿مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ﴾ [البلد: 16]: قد لزق بالتراب." ([37])
وقال الراغب الأصفهاني: "التُّرَاب معروف، قال تعالى: ﴿أَإِذا كُنَّا تُراباً﴾ [الرعد:5]، وقال تعالى: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ﴾ [فاطر: 11]، ﴿يالَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً﴾ [النبأ:40].
وتَرِبَ: افتقر، كأنه لصق بالتراب، قال تعالى: ﴿أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ﴾ [البلد: 16]، أي: ذا لصوق بالتراب لفقره.
وأَتْرَبَ: استغنى، كأنه صار له المال بقدر التراب، والتَّرْبَاء: الأرض نفسها، والتَّيْرَب واحد التَّيَارب، والتَّوْرَب والتَّوْرَاب: التراب، وريح تَرِبَة: تأتي بالتراب." ([38])
وقال أبو حيان: "ترب: (ذا متربة): فقر." ([39])
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (تب)، 162، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([2]) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: أبو حيان الأندلسي، 75، تحقيق: سمير المجذوب، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى، 1403 هـ - 1983 م.
([3]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (توب)، 169، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([4]) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: أبو حيان الأندلسي، 75، تحقيق: سمير المجذوب، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى، 1403 هـ - 1983 م.
([5]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (تبر)، 165، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([6]) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: أبو حيان الأندلسي، 76، تحقيق: سمير المجذوب، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى، 1403 هـ - 1983 م.
([7]) مجاز القرآن: أبو عبيدة معمر بن المثنى، 2/ 271، تحقيق: د.محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي بالقاهرة.
([9]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (تبر)، 162، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([10]) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: أبو حيان الأندلسي، 76، تحقيق: سمير المجذوب، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى، 1403 هـ - 1983 م.
([11]) مجاز القرآن: أبو عبيدة معمر بن المثنى، 2/ 171، تحقيق: د.محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي بالقاهرة.
([12]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (تلّ)، 167، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([13]) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: أبو حيان الأندلسي، 76، تحقيق: سمير المجذوب، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى، 1403 هـ - 1983 م.
([14]) مجاز القرآن: أبو عبيدة معمر بن المثنى، 2/ 209، تحقيق: د.محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي بالقاهرة.
([15]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (تبع)، 162 - 163، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([16]) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: أبو حيان الأندلسي، 77، تحقيق: سمير المجذوب، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى، 1403 هـ - 1983 م.
([17]) مجاز القرآن: أبو عبيدة معمر بن المثنى، 1/ 301، تحقيق: د.محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي بالقاهرة.
([18]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (ترف)، 166، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([19]) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: أبو حيان الأندلسي، 77، تحقيق: سمير المجذوب، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى، 1403 هـ - 1983 م.
([20]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (تعس)، 166، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([21]) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: أبو حيان الأندلسي، 77، تحقيق: سمير المجذوب، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى، 1403 هـ - 1983 م.
([22]) مجاز القرآن: أبو عبيدة معمر بن المثنى، 1/ 160، تحقيق: د.محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي بالقاهرة.
([23]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (التيه)، 169، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([24]) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: أبو حيان الأندلسي، 78، تحقيق: سمير المجذوب، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى، 1403 هـ - 1983 م.
([25]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (تلو)، 167، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([26]) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: أبو حيان الأندلسي، 78، تحقيق: سمير المجذوب، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى، 1403 هـ - 1983 م.
([27]) مجاز القرآن: أبو عبيدة معمر بن المثنى، 1/ 411، تحقيق: د.محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي بالقاهرة.
([28]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (تخذ)، 164 - 165، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([29]) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: أبو حيان الأندلسي، 76، تحقيق: سمير المجذوب، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى، 1403 هـ - 1983 م.
([30]) مجاز القرآن: أبو عبيدة معمر بن المثنى، 1/ 385، تحقيق: د.محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي بالقاهرة.
([31]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (تارة)، 168 - 169، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([32]) مجاز القرآن: أبو عبيدة معمر بن المثنى، 2/ 115، تحقيق: د.محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي بالقاهرة.
([33]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (ترك)، 166، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([34]) مجاز القرآن: أبو عبيدة معمر بن المثنى، 2/ 59، تحقيق: د.محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي بالقاهرة.
([35]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (تترى)، 163 - 164، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([36]) وقد جاء الحديث عنها في تدوينة مستقلة.
([37]) مجاز القرآن: أبو عبيدة معمر بن المثنى، 2/ 299، تحقيق: د.محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي بالقاهرة.
([38]) مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، كتاب التاء، مادة: (ترب)، 165، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، الطبعة الخامسة، 1433 هـ - 2011م.
([39]) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: أبو حيان الأندلسي، 75، تحقيق: سمير المجذوب، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى، 1403 هـ - 1983م.