موسى عليه السلام في القرآن (1)

 

موسى عليه السلام وأمه واليمّ

 

من أكثر القصص القرآنية وروداً في كتاب الله العزيز، قصة موسى عليه السلام، كليم الله.

وُلد موسى عليه السلام في عهد الطاغية فرعون، الذي كان يقتل أبناء بني إسرائيل، عاماً ويتركهم عاماً، ويصوّر لنا القرن الكريم كيف فارق موسى عليه السلام -وهو طفل- أمَّه، وكيف ردّه الله إليها بعد وعد أوحاه إليها.

قال تعالى: ﴿طسم ۝ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ۝ نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ۝ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ۝ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ۝ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ۝ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص: 1 – 7].

"يقول تعالى ذكره: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى) حين ولدت موسى (أَنْ أَرْضِعِيهِ).

وكان قَتادة يقول، في معنى ذلك (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى): قذفنا في قلبها." ([1])

واختلف في وقت إلقائها له في اليم، وقال الطبري: " وأولى قول قيل في ذلك بالصواب، أن يقال: إن الله تعالى ذكره أمر أمّ موسى أن ترضعه، فإذا خافت عليه من عدو الله فرعون وجنده أن تلقيه في اليمّ. وجائز أن تكون خافتهم عليه بعد أشهر من ولادها إياه، وأيّ ذلك كان، فقد فعلت ما أوحى الله إليها فيه، ولا خبر قامت به حجة، ولا فطرة في العقل لبيان أيّ ذلك كان من أيٍّ، فأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال كما قال جل ثناؤه، واليمّ الذي أُمِرَت أن تلقيه فيه هو النيل." ([2])

وعد وبشارة:

" قوله: (إِنَّا رَادًّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) يقول: إنا رادّو ولدك إليك للرضاع لتكوني أنت ترضعيه، وباعثوه رسولاً إلى من تخافينه عليه أن يقتله، وفعل الله ذلك بها وبه." ([3])

 

موسى في بيت الطاغية

 

قد لا يدرك العقل كثيراً من الحكم الربانية المتعلقة بأقدار حياتنا، وقد لا يتصور كثير من الناس أن النجاة تكمن أحياناً فيما نظنه ضرراً محتوماً.

وها هي قصة موسى عليه السلام خير شاهد على ذلك، وهو الذي كانت نجاته من الغرق، أن ساقه الله إلى عقر دار الطاغية الذي خافت الأم منه على ولدها؛ فالتقطه آل فرعون بمشيئة الله وأمره، ليكون لهم عدواً حزناً.

ولا عجب، هي أقدار ربنا العليم الحكيم القدير، وله في كل شيء حكمة، أدركناها، أم لم ندركها.

قال تعالى: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ۝ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [القصص: 8 – 9].

"يقول تعالى ذكره: فالتقطه آل فرعون فأصابوه وأخذوه، وأصله من اللقطة، وهو ما وُجد ضالاً فأخذ، والعرب تقول: لما وردت عليه فجأة، من غير طلب له ولا إرادة، أصبته التقاطاً، ولقيت فلاناً التقاطاً." ([4])

واختُلف في المراد بـ: آل فرعون هنا على أقوال:

  • قيل: المراد جواري فرعون.
  • وقيل: المراد ابنة فرعون.
  • وقيل: أعوان فرعون. ([5])

دور امرأة فرعون في رعاية موسى وتربيته:

"يقول تعالى ذكره: (وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ) له هذا: (قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) يا فرعون، فقرة عين مرفوعة بمضمر هو هذا، أو هو، وقوله: (لا تَقْتُلُوهُ) مسألة من امرأة فرعون أن لا يقتله، وذُكِرَ أن المرأة لما قالت هذا القول لفرعون، قال فرعون: أما لك فنعم، وأما لي فلا فكان كذلك." ([6])

 

فؤاد الأم 

 

قال تعالى: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [القصص: 10].

قلب الأم ممَ فرغ؟

حبّ الأم لأبنائها، وخوفها عليهم فطرة مراعاة معتبرة، و"اختلف أهل التأويل في المعنى الذي عنى الله أنه أصبح منه فؤاد أمّ موسى فارغاً، فقال بعضهم: الذي عنى جلّ ثناؤه أنه أصبح منه فؤاد أمّ موسى فارغاً: كل شيء سوى ذكر ابنها موسى." ([7])

"وقال آخرون: بل عنى أن فؤادها أصبح فارغاً من الوحي الذي كان الله أوحاه إليها، إذ أمرها أن تلقيه في اليمّ فقال: ﴿وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص: 7]. قال: فحزنت ونسيت عهد الله إليها، فقال الله عز وجل: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا) من وحينا الذي أوحيناه إليها." ([8])

" وقال بعض أهل المعرفة بكلام العرب: معنى ذلك: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا) من الحزن؛ لعلمها بأنه لم يغرق، قال: وهو من قولهم: دم فرغ أي لا قود ولا دية، وهذا قول لا معنى له؛ لخلافه قول جميع أهل التأويل.

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي، قول من قال: معناه: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا) من كلّ شيء، إلا من همّ موسى.

وإنما قلنا: ذلك أولى الأقوال فيه بالصواب؛ لدلالة قوله: (إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا) ولو كان عَنَى بذلك: فراغ قلبها من الوحي، لم يعقب بقوله: (إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ) لأنها إن كانت قاربت أن تبدي الوحي، فلم تكد أن تبديه إلا لكثرة ذكرها إياه، وولوعها به، ومحال أن تكون به ولعة إلا وهي ذاكرة.

وإذا كان ذلك كذلك، بطل القول بأنها كانت فارغة القلب مما أوحي إليها، وأخرى أن الله تعالى ذكره أخبر عنها أنها أصبحت فارغة القلب، ولم يخصص فراغ قلبها من شيء دون شيء، فذلك على العموم إلا ما قامت حجته أن قلبها لم يفرغ منه، وقد ذُكر عن فضالة بن عبيد أنه كان يقرؤه: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَازِعًا) من الفزع." ([9])

ومن رحمة الله تعالى أن ربط على قلب هذه الأم، "يقول تعالى ذكره: عصمناها من إظهار ذلك وقيله بلسانها، وثبتناها للعهد الذي عهدنا إليها (لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بوعد الله، الموقنين به." ([10])

 

رد الابن إلى أمه

 

وعد الله تعالى أمَّ موسى برد ابنها إليها، وأنه سيجعله من المرسلين، وصدق الحق تبارك وتعالى، فردّ الابنَ إلى أمه؛ كي تقر عينها ولا تحزن، هو وعد من الله، وعهد، ومن أوفى بعهده من الله؟

قال تعالى: ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ۝ وحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ۝ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [القصص: 11 – 13].

كيف رد الله موسى إلى أهله؟

أمرت الأم ابنتها أن تتبع أثر أخيها: "يقول: قصي أثر موسى، اتبعي أثره، تقول: قصصت آثار القوم: إذا اتبعت آثارهم." ([11])

ولأن الله تعالى له في كل شيء حكمة، حرّم على موسى المراضع من قبل.

"يقول تعالى ذكره: ومنعنا موسى المراضع أن يرتضع منهنّ من قبل أمه، ذكر أن أختاً لموسى هي التي قالت لآل فرعون: (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ)." ([12])

"يقول تعالى ذكره: (فَرَدَدْنَا) موسى (إِلَى أُمِّهِ) بعد أن التقطه آل فرعون، لتقرّ عينها بابنها، إذ رجع إليها سليماً من قَتل فرعون (وَلا تَحْزَن) على فراقه إياها (وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ) الذي وعدها إذ قال لها (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي) الآية، (حقّ)." ([13])

 

توالي النعم بالحكم والعلم

 

قال تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [القصص: 14].

"يقول تعالى ذكره: (وَلَمَّا بَلَغَ مُوسَى أشده)، يعني حان شدة بدنه وقواه، وانتهى ذلك منه، وقد بيَّنا معنى الأشدّ فيما مضى بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.

وقوله: (واستوى) يقول: تناهي شبابه، وتمّ خلقه واستحكم." ([14])

واختلف في مبلغ سني الاستواء على أقوال:

  • 40 سنة.
  • 33 سنة.
  • 30 سنة. ([15])

المراد بالحكم والعلم:

"وقوله: (آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا) يعني بالحكم: الفهم بالدين والمعرفة." ([16])

وعن مجاهد: " الفقه والعمل قبل النبوة." ([17])

"وقوله: (وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) يقول تعالى ذكره: كما جزينا موسى على طاعته إيانا وإحسانه بصبره على أمرنا، كذلك نجزي كلّ من أحسن من رسلنا وعبادنا، فصبر على أمرنا وأطاعنا، وانتهى عما نهيناه عنه." ([18])

 

رجلان يقتتلان

(أحدهما من شيعة موسى والآخر من عدوه)

 

 

قال تعالى: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ﴾ [القصص: 15].

" يقول تعالى ذكره: (وَدَخَلَ) موسى (الْمَدِينَةَ) مدينة منف من مصر (عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا) وذلك عند القائلة، نصف النهار.

واختلف أهل العلم في السبب الذي من أجله دخل موسى هذه المدينة في هذا الوقت، فقال بعضهم: دخلها متبعاً أثر فرعون؛ لأن فرعون ركب وموسى غير شاهد، فلما حضر علم بركوبه فركب واتبع أثره، وأدركه المقيل في هذه المدينة." ([19])

"وقال آخرون: بل دخلها مستخفياً من فرعون وقومه؛ لأنه كان قد خالفهم في دينهم، وعاب ما كانوا عليه." ([20])

" وقال آخرون: بل كان فرعون قد أمر بإخراجه من مدينته حين علاه بالعصا، فلم يدخلها إلا بعد أن كبر وبلغ أشدّه، قالوا: ومعنى الكلام: ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها لذكر موسى: أي من بعد نسيانهم خبره وأمره." ([21])

رجل من شيعته ورجل من عدوه:

"قوله: (فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ) يقول: هذا من أهل دين موسى من بني إسرائيل (وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ) من القبط من قوم فرعون (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ) يقول: فاستغاثه الذي هو من أهل دين موسى على الذي من عدوّه من القبط (فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ) يقول: فلكزه ولهزه في صدره بجمع كفه." ([22])

القتل من عمل الشيطان:

"قوله: (قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) يقول تعالى ذكره: قال موسى حين قتل القتيل: هذا القتل من تسبب الشيطان لي بأن هيَّج غضبي حتى ضربت هذا فهلك من ضربتي، (إِنَّهُ عَدُوٌّ) يقول: إن الشيطان عدو لابن آدم (مُضِلٌّ) له عن سبيل الرشاد بتزيينه له القبيح من الأعمال، وتحسينه ذلك له (مُبِينٌ) يعني أنه يبين عداوته لهم قديماً، وإضلاله إياهم." ([23])

 

لن أكون ظهيراً للمجرمين

(متى قالها موسى عليه السلام؟ وما علاقتها بما حدث مع الرجلين؟)

 

غفر الله تعالى لموسى عليه السلام ما أقدم عليه من قتل نفسٍ خطأ، دون قصد القتل، وهو سبحانه وتعالى أهل التقوى وأهل المغفرة.

قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ۝ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ [القصص: 16 – 17].

" يقول تعالى ذكره مخبراً عن ندم موسى على ما كان من قتله النفس التي قتلها، وتوبته إليه منه ومسألته غفرانه من ذلك (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) بقتل النفس التي لم تأمرني بقتلها، فاعفُ عن ذنبي ذلك، واستره عليّ، ولا تؤاخذني به فتعاقبني عليه." ([24])

"وقوله: (فَغَفَرَ لَهُ) يقول تعالى ذكره: فعفا الله لموسى عن ذنبه ولم يعاقبه به، (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) يقول: إن الله هو الساتر على المنيبين إليه من ذنوبهم على ذنوبهم، المتفضل عليهم بالعفو عنها، الرحيم للناس أن يعاقبهم على ذنوبهم بعد ما تابوا منها.

وقوله: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) يقول تعالى ذكره: قال موسى ربّ بإنعامك عليّ بعفوك عن قتل هذه النفس (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ) يعني المشركين، كأنه أقسم بذلك." ([25])

فكيف سيكون مقام موسى عليه السلام في تلك المدينة؟ وهل سيبقى فيها؟ أم سوف يغادرها؟

 

إقامة في خوف وترقب

 

قال تعالى: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ۝ فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ﴾ [القصص: 18 – 19].

"يقول تعالى ذكره: فأصبح موسى في مدينة فرعون خائفاً من جنايته التي جناها، وقتله النفس التي قتلها أن يُؤخذ فيقتل بها (يَتَرَقَّبُ) يقول: يترقب الأخبار: أي ينتظر ما الذي يتحدّث به الناس، مما هم صانعون في أمره وأمر قتيله." ([26])

إنك لغوي مبين:

"قوله: (فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) يقول تعالى ذكره: فرأى موسى لما دخل المدينة على خوف مترقباً الأخبار عن أمره وأمر القتيل، فإذا الإسرائيلي الذي استنصره بالأمس على الفرعونيّ يقاتله فرعونيّ آخر، فرآه الإسرائيلي فاستصرخه على الفرعونيّ.

يقول: فاستغاثه أيضاً على الفرعوني، وأصله من الصُّراخ، كما يقال: قال بنو فلان: يا صباحاه، قال له موسى: (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) يقول جل ثناؤه: قال موسى للإسرائيلي الذي استصرخه، وقد صادف موسى نادماً على ما سلف منه من قتله بالأمس القتيل، وهو يستصرخه اليوم على آخر: إنك أيها المستصرخ لغويّ: يقول: إنك لذو غواية، مبين، يقول: قد تبينت غوايتك بقتالك أمس رجلاً واليوم آخر." ([27])

رد الإسرائيلي على نصرة موسى عليه السلام:

"قوله: (إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأرْضِ) يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل الإسرائيلي لموسى: إن تريد ما تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض، وكان من فعل الجبابرة: قتل النفوس ظلماً، بغير حقّ. وقيل: إنما قال ذلك لموسى الإسرائيليّ؛ لأنه كان عندهم من قتل نفسين: من الجبابرة." ([28])

 

رجل يسعى

 

يسخر الله لأنبيائه المرسلين، ولعباده الطيبين من يسعى لما فيه صلاحهم وحمايتهم في كل حين.

قال تعالى: ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ۝ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص: 20 – 21].

"ذُكِرَ أن قول الإسرائيلي سمعه سامع فأفشاه، وأعلم به أهل القتيل، فحينئذ طلب فرعون موسى، وأمر بقتله، فلما أمر بقتله، جاء موسى مخبر وخبره بما قد أمر به فرعون في أمره، وأشار عليه بالخروج من مصر، بلد فرعون وقومه." ([29])

من هو هذا الرجل؟

"قوله: (وَجَاءَ رَجُلٌ) ذُكر أنه مؤمن آل فرعون، وكان اسمه فيما قيل: سمعان.

وقال بعضهم: بل كان اسمه شمعون." ([30])

خروج في خوف وترقب:

"قوله: (فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) يقول: فاخرج من هذه المدينة، إني لك في إشارتي عليك بالخروج منها من الناصحين." ([31])

قال تعالى: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص: 21].

كان مقام موسى في المدينة في خوف وترقب بعد ما حدث مع الرجلين، فسخر الله له من يسعى ويجد ليصل إليه فيحذره من مكر القوم به، وينصحه بالخروج من المدينة، فخرج كذلك خائفاً يترقب، كما كان فيها خائفاً يترقب، وهو في كل شأنه تحيطه عناية الرحمن، فمن سيسخره الله لموسى عليه السلام بعد خروجه من هذه المدينة؟

 

عسى ربي أن يهديني سواء السبيل

(يقين تام بتسخير الله وهدايته)

 

خرج موسى عليه السلام من مدينته خائفاً، يترقب، إلا أنه موقن يقيناً تاماً بأن الله تعالى سيهديه سواء السبيل.

فما هي أبواب التسخير التي ستُفتح أمامه؟ وما المراد بسواء السبيل؟

قال تعالى: ﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [القصص: 22].

"قوله: (ولما توجه تلقاء مدين) يقول تعالى ذكره: ولما جعل موسى وجهه نحو مدين، ماضياً إليها، شاخصاً عن مدينة فرعون، وخارجاً عن سلطانه.

(قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) وعنى بقوله: (تلقاء) نحو مدين، ويقال: فعل ذلك من تلقاء نفسه، يعني به: من قبل نفسه ويقال: داره تلقاء دار فلان: إذا كانت محاذيتها، ولم يصرف اسم مدين؛ لأنها اسم بلدة معروفة، كذلك تفعل العرب بأسماء البلاد المعروفة، ومنه قول الشاعر:

رهبان مدين لو رأوك تنزلوا               والعصم من شعف العقول الفادر

وقوله: (عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) يقول: عسى ربي أن يبين لي قصد السبيل إلى مدين، وإنما قال ذلك؛ لأنه لم يكن يعرف الطريق إليها.

وذكر أن الله قيض له إذ قال: (رب نجني من القوم الظالمين) ملكاً سدده الطريق، وعرفه إياه." ([32])

المراد بقوله: (سواء السبيل):

اختُلف فيه:

  • طريق مدين.
  • قصد السبيل.
  • الطريق المستقيم. ([33])

 

امرأتان تذودان غنمهما

 

اجتمعت في الأنبياء كرام عليهم السلام مكارم الأخلاق، والشهامة ونصرة الضعيف والمحتاج، وكذلك كان موسى عليه السلام، مع خروجه من مدينته خائفاً مترقباً، وكونه غريباً في المدينة التي توجه إليها، إلا أن ذلك لم يمنعه من مدّ يد العون والمساعدة لمّا وجد الداعي إلى ذلك.

قال تعالى: ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ۝ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: 23 – 24].

"يقول تعالى ذكره: (ولما ورد موسى ماء مدين وجد عليه أمة) يعني جماعة (من الناس يسقون) نعمهم ومواشيهم." ([34])

وقوله: "(ووجد من دونهم امرأتين تذودان) يقول: ووجد من دون أمة الناس الذين هم على الماء، امرأتين تذودان.

يعني بقوله: (تذودان) تحبسان غنمهما، يقال منه: ذاد فلان غنمه وماشيته: إذا أراد شيء من ذلك يشذ ويذهب، فرده ومنعه يذودها ذوداً.

وقال بعض أهل العربية من الكوفيين: لا يجوز أن يقال: ذدت الرجل بمعنى: حبسته، إنما يقال ذلك للغنم والإبل." ([35])

"وقوله: (قال ما خطبكما) يقول تعالى ذكره: قال موسى للمرأتين ما شأنكما وأمركما تذودان ماشيتكما عن الناس، هلا تسقونها مع مواشي الناس والعرب، تقول للرجل: ما خطبك؟ بمعنى: ما أمرك وحالك، كما قال الراجز:

يا عجباً ما خطبه وخطبي" ([36])

"وقوله: (قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء) يقول جل ثناؤه: قالت المرأتان لموسى: لا نسقي ماشيتنا حتى يصدر الرعاء مواشيهم؛ لأنا لا نطيق أن نسقي، وإنما نسقي مواشينا ما أفضلت مواشي الرعاء في الحوض، والرعاء: جمع راع، والراعي جمعه رعاء ورعاة ورعيان." ([37])

"وقوله: (وأبونا شيخ كبير) يقولان: لا يستطيع من الكبر والضعف أن يسقي ماشيته.

وقوله: (فسقى لهما) ذكر أنه عليه السلام فتح لهما عن رأس بئر كان عليها حجر لا يطيق رفعه إلا جماعة من الناس، ثم استسقى فسقى لهما ماشيتهما منه." ([38])

رب إني لما أنزلتَ إلي من خير فقير:

"قوله: (فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) محتاج.

وذكر أن نبي الله موسى عليه السلام قال هذا القول، وهو بجهد شديد، وعرض ذلك للمرأتين تعريضاً لهما، لعلهما أن تطعماه مما به من شدة الجوع.

وقيل: إن الخير الذي قال نبي الله: (إني لما أنزلت إلي من خير فقير) محتاج، إنما عنى به: شبعة من طعام." ([39])

 

بشارة وأجر

ونجاة من القوم الظالمين

 

قال تعالى: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص: 25].

كيف طمأن والد المرأتين موسى عليه السلام؟

"يقول تعالى ذكره: فجاءت موسى إحدى المرأتين اللتين سقى لهما تمشي على استحياء من موسى، قد سترت وجهها بثوبها." ([40])

"وقوله: (قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) يقول تعالى ذكره: قالت المرأة التي جاءت موسى تمشي على استحياء: إن أبي يدعوك ليجزيك: تقول: يثيبك أجر ما سقيت لنا.

وقوله: (فلما جاءه وقص عليه القصص) يقول: فمضى موسى معها إلى أبيها، فلما جاء أباها وقص عليه قصصه مع فرعون وقومه من القبط، قال له أبوها: (لا تخف) فقد (نجوت من القوم الظالمين) يعني: من فرعون وقومه؛ لأنه لا سلطان له بأرضنا التي أنت بها." ([41])

 

القوي الأمين

(الصفات المطلوبة في الأجير)

 

توفرت في موسى عليه السلام الصفات الملائمة للعمل، فما هي؟

وكيف تجلت هذه الصفات في موقفه مع المرأتين؟

قال تعالى: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: 26].

"(قالت إحداهما يا أبت استأجره) تعني بقولها: استأجره ليرعى عليك ماشيتك.

(إن خير من استأجرت القوي الأمين) تقول: إن خير من تستأجره للرعي القوي على حفظ ماشيتك والقيام عليها في إصلاحها وصلاحها.

الأمين الذي لا تخاف خيانته، فيما تأمنه عليه.

وقيل: إنها لما قالت ذلك لأبيها، استنكر أبوها ذلك من وصفها إياه فقال لها: وما علمك بذلك؟ فقالت: أما قوته فما رأيت من علاجه ما عالج عند السقي على البئر.

وأما الأمانة فما رأيت من غض البصر عني." ([42])

فكانت القوة والأمانة أهم الصفات المطلوبة للقيام بالأعمال، والمحافظة عليها.

وهذا من أبواب الخير التي فُتحت أمام موسى عليه السلام، فهل سيمضي في العمل؟

وهل هناك أبواب أخرى للخير لم تُفتح بعد؟

 

ثماني حجج

(موازنة بين الحقوق والواجبات)

 

قال تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ۝ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾ [القصص: 27 – 28].

"قال أبو المرأتين اللتين سقى لهما موسى لموسى: (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج) يعني بقوله: (على أن تأجرني): على أن تثيبني من تزويجها رعي ماشيتي ثماني حجج، من قول الناس: آجرك الله فهو يأجرك، بمعنى: أثابك الله، والعرب تقول: أجرت الأجير آجره، بمعنى: أعطيته ذلك، كما يقال: أخذته فأنا آخذه، وحكى بعض أهل العربية من أهل البصرة أن لغة العرب: أجرت غلامي فهو مأجور، وآجرته فهو مؤجر، يريد: أفعلته.

قال: وقال بعضهم: آجره فهو مؤاجر، أراد فاعلته، وكأن أباها عندي جعل صداق ابنته التي زوجها موسى رعي موسى عليه ماشيته ثماني حجج، والحجج: السنون.

وقوله: (فإن أتممت عشرا فمن عندك) يقول: فإن أتممت الثماني الحجج عشراً التي شرطتها عليك بإنكاحي إياك إحدى ابنتي، فجعلتها عشر حجج، فإحسان من عندك، وليس مما اشترطته عليك بسبب تزويجك ابنتي (وما أريد أن أشق عليك) باشتراط الثماني الحجج عشراً عليك (ستجدني إن شاء الله من الصالحين) في الوفاء بما قلت لك." ([43])

"(قال) موسى لأبي المرأتين (ذلك بيني وبينك) أي هذا الذي قلت من أنك تزوجني إحدى ابنتيك على أن آجرك ثماني حجج، واجب بيني وبينك، على كل واحد منا الوفاء لصاحبه بما أوجب له على نفسه.

وقوله: (أيما الأجلين قضيت) يقول: أي الأجلين من الثماني الحجج والعشر الحجج قضيت، يقول: فرغت منها فوفيتكها رعي غنمك وماشيتك (فلا عدوان علي) يقول: فليس لك أن تعتدي علي، فتطالبني بأكثر منه." ([44])

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 519، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([2]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 520.

([3]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 521.

([4]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 521، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([5]) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 522 - 523.

([6]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 524.

([7]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 526 - 527، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([8]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 527.

([9]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 528.

([10]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 530.

([11]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 531، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([12]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 533.

([13]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 534 - 535.

([14]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 535، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([15]) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 535 - 536.

([16]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 536.

([17]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 536.

([18]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 536.

([19]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 536 - 537، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([20]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 537.

([21]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 537.

([22]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 538.

([23]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 541.

([24]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 541، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([25]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 541 – 542.

([26]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 542، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([27]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 542 – 543.

([28]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 542 – 545.

([29]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 545، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([30]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 547.

([31]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 548.

([32]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 549، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([33]) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 550.

([34]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 551، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([35]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 551.

([36]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 553.

([37]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 554.

([38]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 555.

([39]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 556.

([40]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 558، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([41]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 559.

([42]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 562، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([43]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 19/ 565، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.

([44]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 565.