المرشد في ترجمة المحتوى الإسلامي (1)
مرشد تدريبي ومرجع تأطيري
الكاتب / د. وليد بن بليهش العمري
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله، محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ومن اقتفى أثره واستن بسنته واهتدى بهداه.
في مناسبة هذا المرشد:
هذا المرشد يكتسب أهميته من تعلقه بلازم من لوازم الدعوة إلى الدين الخاتم، الذي أتم الله تعالى به النعمة، وأعظم به المنة، ورضيه للبشرية دينا: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) ]المائدة: ٣[، ولزم الإيمان بهذا الشرع الحنيف من بلغه إلى يوم الدين: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران: 85)، والدعوة هنا تشمل المسلمين تبصرة لهم بأمور دينهم، ودفعاً للشبه والأوهام من عقولهم وقلوبهم، وتشمل أيضاً غير المسلمين من بابين: باب الدعوة، وباب رد الشبهة.
ولما كانت شعوب الأرض جميعا تلزمهم دعوة الإسلام، كانت الترجمة هي الباب الأرحب لتحقيق هذا الشرط، ولازماً عظيماً من لوازمها؛ ذلك أن البشر لا يتفقون على لسان واحد، وتختلف لغاتهم باختلاف المناطق التي يقطنون فيها إلى حد أن قدرت مصادر علمية لغات البشر الحية اليوم (٧٠٠٠) لغة[1]، وهذا أمر اقتضته حكمة الله عز وجل: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ) (الروم: ٢٢).
وقد وقع في عصر النبي صلي الله عليه وسلم ، وخلفائه الراشدين، ومن بعدهم ممن لنا فيهم أسوة حسنة، ما لنا فيه دليل قوي، وحجة بالغة على جواز الترجمة، بل والندب إليها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله-: «وأمَّا جُمَلُ مَا أمُر به الرسول صلي الله عليه وسلم ، والزكاة، والصوم، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وما حَرَّمَهُ من الشرك، والفواحش، والظلم، وغير ذلك، فهذا مما يمكن أن يعرفه كل أحد بتعريف من يعرفه، إما باللسان العربي، وإما بلسان آخر، لا يتوقف تعريف ذلك على لسان العرب»([2])، وقال: «إن الله تعالى إذا أوجب على العباد شيئاً واحتاج أداء الواجب إلى تعلم شيء من العلم كان تعلمه واجباً، فإذا كان معرفة العبد لما أمره الله به تتوقف على أن يعرف معنى كلام تكلم به بغير لغته وهو قادر على تعلم معنى تلك الألفاظ التي ليست بلغته أو على معرفة ترجمتها بلغته وجب عليه تعلم ذلك» ([3]).
وعلاوة على هذه الأهمية الكبيرة التي تكتسبها الترجمة، فهي تكتسب منزلة خاصة بارتباطها بشرط البلاغ المبـين: (ومَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) [يس: 17] وواجب البلاغ المبين يتطلب للوفاء به -على وجهه المرضي - الوعي التام بطبيعة الترجمة وحقيقتها، وأن يكون التركيز منصباً لا على إنجاز ترجمة أكبر قدر من النصوص الإسلامية، بل على مدى مناسبة هذه الترجمات، والرسالة التي نود إيصالها من خلالها للمتلقي، أي ألا يكون التركيز منصرفاً إلى منتج الترجمة (الشيء المطبوع والمتداول)، ولكن أن نركز بالقدر نفسه أو أكثر على عملية الترجمة (طبيعتها، ومراحلها، وأغراضها)، والخطر في هذا يأتي من باب: أننا قد نسيء من حيث نريد الإحسان، فلا نزيد بالترجمات غير الناضجة الأمور إلا تشويشاً.
والملاحظ أن كثيراً مما ينتج من ترجمات إسلامية لا يرقى إلى المستوى المأمول ولا يخدم المصلحة المنشودة، ولا يدفع عن أمة الدعوة تبعة أداء الواجب المناط بها، والسبب الرئيس هو -في زعمي- النظر إلى الترجمة على أنها مجرد نقل لكلمات أو لنص من لغة إلى لغة أخرى، دون الوعي بطبيعة هذا العمل، وإدارك مقتضياته، وأيضاً النظرة إلى المترجم على أنه عنصر ثانوي ودوره غير رئيس، يقتصر على مجرد نقل النص الأصل.
إن الاحساس بأهمية الترجمة من باب: تبليغ الدعوة، أو التبصرة بأمور الدين، أو إزالة الأوهام، حقيقي وملاحظ من خلال عدد المواد الإسلامية الكبير الذي تقوم على ترجمته جهات متعددة في شتى أنحاء المعمورة، إلا أن الملاحظ أيضاً النقص الكبير في التصور الحاصل عن طبيعة الترجمة، وحقيقتها، وهذا أمر سنتعرض له بإسهاب، وسنركز عليه في ثنايا هذا المرشد الذي يهدف إلى تقديم مادة علمية متقنة من شأنها أن تضع الأمور في نصابها، بعون الله.
هدف المرشد وطريقته
ما الهدف من المرشد؟
ثمة نوعان من الأهداف، هدف عام، وهو: "الخروج من ضيق المبنى إلى سعة المعنى". أي إرشاد المتدرب للخروج به من دائرة الترجمة الحرفية التـي لا تكاد تخرج عن إطار مبنى النص الأصل، وتتابعه متابعة جامدة لصيقة، إلى ترجمة المعنى الذي يحمله هذا المبنى، وأداء رسالته، وهذا مجال رحب، تبرز فيه طيعة الترجمة الحقة، وتكتسب تأثيرها وأهميتها، ويصبح التركيز منصبا على الحلول لا على المشكلات، وتدرس المعطيات من جميع أبعادها، حتى لا يغفل المهم منها فتضل الترجمة طريقها؛ ولتحقيق هذا الهدف العام صيغت أهداف إجرائية، هي:
- توضيح عقبات ترجمة المبنى، للوصول إلى إدراك الترجمة على أنا أداء للمعنى.
- مساعدة المتدرب على إدراك تشعب ومفهوم التطابق وتعقيده في الترجمة.
- التوعية بخطورة الترجمة في فراغ، التي لا يؤخذ فيها السياق في الحسبان.
- التعريف بمراحل الترجمة التي من شأنها أن تؤدي إلى الخروج بعمل متقن، يخدم عرضه.
- عرض عدد من الممارسات الخاطئة وأخرى سديدة ليتقي الأولى ويلتزم الأخرى.
من هم المستهدفون بالمرشد؟
المستهدفون هم: أولاً: المترجمون سواء المتمرسون والمبتدئون، فهم جميعا بحاجة إلى تأصيل نظري، وتأطير عملي، يضع الممارسة في خطوتها الأولى على الطريق الصحيح. ومن هؤلاء أخص من لهم حصيلة جيدة جدا من العلم الشرعي، أي ممن هم من طلبة العلم الشرعي الذين تكونت لديهم القاعدة المعرفية اللازمة؛ ليكونوا أهـلا لأداء هـذه الرسالة أصلا، وأخص من هؤلاء من كانت لغاتهم الأصلية اللغات المترجم إليها لا اللغة العربية. وثانيا: المبادرون بالترجمة، وأصحاب مشروعات الترجمة، ومن شأن هذا المرشد أن يلفت انتباههم إلى بعض خصائص الترجمة الإسلامية، ويدلهم على بعض الممارسات الجيدة، التي لا يسعهم الجهل بها، طالما أنهم اقتحموا هذه العقبة.
كيف يدرس هذا المرشد؟
هناك طريقتان لدراسة هذا المرشد: الأولى: أن يتولى التدريب مدرب متقن من أصحاب علم الترجمة، والثانية: أن تقوم مجموعة ذات زوجين لغويين (العربية- الولوفية، مثلا)، تتكون من فردين على أقل تقدير وإن كان الحد الأدنى المفضل هو ثلاثة أفراد، وأن يكون من بينهم مترجم متمرس يكون هو عمدتهم، لإثراء النقاش وليراجع بعضهم عمل بعض. ولا يستبعد أن يقوم شخص بدراسة المرشد بمفرده، بغية التوجيه والإرشاد العام. وقد يتخذ هذا المرشد مرجعا تطلب فيه المشورة في أي وقت دون الحاجة إلى دراسته دراسة مقننة من أوله إلى أخره.
كم عدد أيام الدرس وساعاته التدرببية؟
يدرس المرشد على مدى (١٥) يوماً، بواقع ساعتين في اليوم لكل جلسة من جلسات المرشد العشر، وأما خمسة الأيام المتبقية فهي للتطبيق العملي ونقاش المهام والنصوص المترجمة بواقع ثلاث ساعات تدريب يومياً (انظر: ملحق رقم (١): نصوص تدريبية مقترحة)، إضافة إلى الأوقات الإضافية التي يتم فيها أداء المهام التدريبية الأربع المطلوب أداؤها خارج الجلسات.
***
حدود المرشد وإطاره
أعتد هذا المرشد ضمن الأطر والحدود الآتية:
- أنه يعنى في المقام الأول بترجمة ما يطلق عليه النصوص الدينية، والإسلامية بخاصة، دون غيرها من أنواع النصوص: الأدبية، والقانونية، والإعلامية، والدعائية، والتجارية، والاقتصادية، والسياسية، والتقنية، وغيرها، فلكـل نوع من هذه الأنواع طبيعته المميزة ومتطلباته الخاصة. ومن المفيد الإشارة إلى وجود قواسم مشتركة في التعامل مع هذه الأنواع، وستطرح هذه القواسم المشتركة هنا، ولكن من خلال التعامل مع النصوص الإسلامية بخاصة وطبيعتها المميزة التي تفرض على من يترجمها قيودا ومتطلبات. ولعل هذا هو أهم ما يميز هذا المرشد عن غيره من دورات الترجمة والأدلة التدريبية في هذا المضار، إذ ليس ثمة - فيما وقفت عليه - مواد مخصصة للتدريب على ترجمة النصوص الإسلامية والإرشاد فيها.
- أنه يقدم مبادئ أكثر تعلقاً بالترجمة التحريرية (translation) منها بالشفوية (interpreting)، فكلتاها تختلف في طبيعتها عن الأخرى اختلافاً واسعاً، تمليه كل من وسيلة انتقال الرسالة، والضغوط الزمنية والمكانية، ويعد كل منها مجال بحث مستقلاً بذاته. علاوة على أن التدريب على الترجمة الشفوية، يحتاج إلى تجهيزات خاصة: حجرات (booths)، وأجهزة تسجيل، والمواد التدريبية الإرشادية المطروحة قد تغني في هذا الباب، علماً بأن الترجمة الشفوية لها متطلباتها الخاصة من الناحيتين النفسية، والذهنية.
- هناك طريقتان على وجه العموم للتدريب على الترجمة، وهما: الدورات التحسيسية (courses sensitization)، وورش العمل ( translation workshops)، فالدورات التحسيسية تقدم المبادئ التي يسار على أساسها لممارسة الترجمة ممارسة سليمة، وتكون عادة لغير المتخصصين، ومدتها أقصر، ومجمع متدربين يتقنون أزواجا لغوية متعددة، أما ورش العمل فهي تقوم على أن يناقش المدرب مع المتدربين نصاً معيناً، ثم تتم ترجمته، وبعد ذلك تناقش ترجمـاتهم لهذا النص، وهذا يتطلب أن يكون الجميع: المدرب والمتدربون متقنين للزوجين اللغويين المترجم منه وإليه (مثلاً: العربية- الإنكليزية)، وأن تستمر هذه الـورش على فترات طويلة، وأن يكون عدد الطلاب محدودا يتيح مناقشة أعمالهم جميعا في كل جلسة. وهذا المرشد يجمع بين عدد من ملامح الطريقتين، وسيكون فيه تنبيه خاص على كثير من مداخل الترجمة وخارجها، عبر التطبيق على النصوص.
- يقدم هذا المرشد المبادئ العامة للتعامل مع المتغيرات المختلفة في الترجمة، ولا يقدم جميع الحلول المتوافرة على وجه التخصيص، ولكن يعرض لأهمها ولأكثرها تعلقا بطبيعة النصوص الإسلامية، وللملامح السائدة في ترجمة النصوص الإسلامية، كما أنه لا يقدم حلولا عامة تنطبق في جميع الحالات يلجأ إليها المترجم كلما واجه المشكلة نفسها على اختلاف الظروف والسياقات، فهذه هي الترجمة في فراغ التي يحذر منها هذا المرشد.
- لا يختص هذا المرشد بزوج لغوي واحد كالعربية والإنكليزية مثلاً، بل يمكن تطبيقه على أي زوج لغوي تكون العربية طرف فيه بل تكون هي اللغة التي يترجم منها؛ لأن مصادر الإسلام العظمى نزلت أو كتبت بالعربية؛ ولأن العربية هي لغة الإسلام.
* * *
المهام التدريبية
نظراً لطبيعة الترجمة التي يمتزج فيه التقعيد بالممارسة، فإن في المرشد نوعين من المهام التدريبية: مهام تدريبية صفية، ومهام تقويمية:
المهام التدريبية الصفية: وهي التي يتم أداؤها ومناقشتها في خلال الجلسات، ومن شأن هذه المهام أن تثري النقاش، وأن تعزز فهم الأفكار المطروحة في الدرس وتطبيقها.
المهام التقويمية: تنفذ هذه خارج الجلسات، ويقوم الطالب وفقاً لأدائه فيها، إلا أن المقصود منها ليس التقويم بحد ذاته، فقد تمت صياغتها بحيث تسهم في تعزيز أهدف المرشد، وتحديد معالم الطريق للطالب فيما يقدم عليه مستقبلاً من مشروعات ترجمة.
***
الجَلْسَة التَّمْهِيدِيَّةُ
وَضعُ الأمُور في نِصَابهَا
تشمل الجلسة
- التعريف بالمرشد من خلال المعطيات الواردة في مقدمته.
- تقسيم المتدربين في مجموعات لغوية؛ بحيث يكون كل أصحاب لغة واحدة في حلقة تكون على شكل نصف دائرة، يتناقشون في التدريبات والقضايا المطروحة فيما بينهم.
- مناقشة المهمة التدريبية الصفية الأولى.
المهمة التدريبية الصفية (١)
يبتدئ العمل بترجمة هذا النص، وسيستخدم في سوق الأمثلة فيما يلي من جلسات، ويكون مقياساً على الفوائد التي تعلمها المتدربون خلال تدربهم في هذا المرشد، ويطلب إليهم نقد ترجماتهم للنص وإعادة صياغتها بعد الانتهاء من جميع الجلسات.
- ترجم النص الآتي إلى لغتك الأم.
- وعلق باللغة العربية على اختياراتك، والمشكلات التي واجهتها، وكيف تغلبت عليها.
- على أن تكون الترجمة مطبوعة بواسطة الحاسوب:
وذكر الدار قطني عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إذا أراد أن يحرم غسل رأسه بخطمى وأشنان، ثم طيبته عائشة بيدها بذريرة، وطيب فيه مسك في بدنه ورأسه، حتى كان وبيص المسك يرى في مفارقه ولحيته، ثم استدامه ولم يغسله، ثم لبس إزاره ورداءه، ثم صلى الظهر ركعتين، ثم أهل بالحج والعمرة في مصلاه». ولم ينقل عنه أنه صلى للإحرام ركعتـين غير فرض الظهر، وقلد قبل الإحرام بدنه نعلين وأشعرها في جانبها الأيمن، فشق صفحة سنامها، وسلت الدم عنها ([4]).
الجَلْسَة الأولى
لِمَاذَا نُتَرْجِمُ؟
أهداف الجلسة
- استكشاف أحكام المتدربين المسبقة عن الترجمة، وتصحيح ما وقع الخلل فيه.
- التنبيه على أغراض ترجمة النصوص الإسلامية وأهميتها.
مفردات الدرس
- هل تتقنون جميعاً لغتين؟
- هل سبق لأحدكم أن قام بمهمة ترجمة؟
- عرف الترجمة؟
- مناقشة المفاهيم الخاطئة السائدة عن الترجمة.
- أهمية ترجمة الإسلام.
تدرج الدرس
أولاً: يتم الاستعلام من المتدربين إن كانوا يتقنون جميعاً لغتين، فهذا هو المتطلب الأساس الذي لا بد منه لمن يريد أن يتولى أمر الترجمة. ونكتة السؤال في التالي:
- استثناء من لا يتقن لغتين، إذ إن إتقان لغتين هو الشرط الأساس للمترجم.
- كل من يتقن لغتين وعاش في بيئتي هاتين اللغتين، لا بد أنه مارس الترجمـة بقدر ما.
- من كانت هذه صفته فلا بد أنه يعي مدى صعوبة الترجمة وعدم التطابق بين اللغات (وهنا يطلب من المتدربين ذكر بعض الأمثلة).
ثانيا: يسأل المتدربون عن خبراتهم الفعلية السابقة في مجال الترجمة، للأسباب التالية:
- التعرف على من لديه خبرة سابقة، وسؤاله عن أعماله؛ بغية التعرف على حاجاته الخاصة من التدرب على هذا المرشد.
- استطلاع آراء هؤلاء عن الترجمة؟ ليكشفوا هم لزملائهم، عن صعوبة الترجمة، ومتطلباتها، في ضوء خبراتهم.
- يتم توزيع المدربين بحيث تشتمل كل مجموعة على مترجم متمرس.
ثالثا: تعريف الترجمة: ليس ثمة تعريف واحد معتمد لدى الباحثين للترجمة، فتعريفاتهم تختلف وفقاً لزاوية طرحهم ونظرية الترجمة التي يتبنونها. (يطلب هنا من المتدربين أن يعرفوا الترجمة بأنفسهم بغية الوصول إلى تعريف سائد مشترك متعارف عليه، وعله يكون:
..............................................................................................................................................................
ويطلب منهم إثباته في مذكراتهم، ولا يعقب على هذا التعريف الذي نعود إليه في آخر المرشد لنصوغ تعريفاً للترجمة، ولكن يطلب منهم في الأساس أن يقوموا هم بصياغة تعريف جديد للترجمة متوافق مع ما تعلموه من هذا المرشد).
رابعاً: بغرض التعرف على أحكامهم السابقة عن الترجمة، تتم مناقشة بعض المفاهيم الخاطئة عن الترجمة، ومنها:
- الترجمة يجب أن تكون أمينة. هذا قول في مجمله صحيح، ولكن: هل هذا يعني أنها يجب أن تكون حرفية، ولا مجال للتصرف فيها؟ وأين تقع الأمانة في الترجمة؟ ففي أغلب النصوص تكون الترجمة لرسالة النص لا لحرفه، ما لم نرد لها الإخفاق في أداء العمل. (يطرح هذا الموضوع للنقاش مع المتدربين). وكذا ينبهون على أننا سنناقش شروط الترجمة الجيدة في جلسة لاحقة مما سيضع الأمور في نصابها فيما يخص هذا الموضوع.
- الترجمة عمل آلي يتم تلقائيا بإبدال كلمات لغة بما يقابلها في لغة أخرى، ينحصر فيه دور المترجم على الناقل.
- ليس للمترجم التصرف إلا في حدود رصف المفردات، بحيث تتوافق مع مبني اللغة المستقبلة للنص.
- الترجمة فن: أي إنها لا تتطلب تدريبا على أسسها ومبادئها، ولا توجد حاجة إلى التخصص فيها ودرسها أكاديميا.
- هناك قواعد وشروط وقوانين عامة في الترجمة تنطبق في جميع الحالات (أي الترجمة في فراغ).
ومن نتائج هذه المفاهيم الخاطئة:
- عدم الرقي بثقافة الترجمة، لتنمية مفاهيم ولغة نقدية تتناسب مع الوفـاء بالحاجة الملحة في إظهار الصورة الحقيقة للآخر.
- بخس الترجمة حقها، والتقليل من دورها في التبادل الثقافي. وما لهذه النظرة القاصرة من أثر سلبي عميق في الرسالة المرغوب في إيصالها.
- التأثير في الممارسين الذين يخرجون ترجمات هزيلة، إذ لا يرون أهمية تذكر للدور الذي يؤدونه.
- إيكال أعمال الترجمة إلى غير أهلها ممن يتوافر فيهم شرط معرفة لغتين وحسب دون غيرها من المقومات المؤهلة.
- غمط المترجم حقه ماديا بإعطائه أقل مما يستحق، وأدبياً بإغفال ذكر دوره في العمل.
- شح المواد التدريبية، وقلة الجهات المعنية بتدريب المترجمين، وبخاصة المترجمون المتخصصون.
- خروج ترجمات لا تعي سياقاتها، وبالتالي تضر أكثر مما تفيد.
المهمة التقويمية (١)
ابحث في الإنترنت عن كتابات أعدت عن الترجمة عموما، وترجمة النصوص الدينية خاصة، وأكتب ملخصا عن الجديد الذي تعلمته عن الترجمة من خلالها، على ألا يقل عدد المواقع التي تقوم بزيارتها عن عشرة مواقع، وألا تكون ذات طابع تاريخي صرف، يصب اهتمامه على العرض التاريخي، بل تكون لها الصبغة التعليمية في مجال الترجمة.
فائدة!
هناك عدة مواقع شبكية يمكن الذهاب إليها والاستفادة منها، وهي مواقع متخصصة في الترجمة. بعضها باللغة العربية وأخرى بغيرها، ويمكن البحث عنها عن طريق محركات البحث العالمية.
أهمية ترجمة الإسلام
الأمة الإسلامية أمة رسالة، دعوة نبيهم صلي الله عليه وسلم شاملة لجميع البشر حتى قيام الساعة، لا تختص بها أمة دون أخرى على اختلاف لغاتهم وألوانهم، ومن مقتضيات القيام بواجب الدعوة تبليغها لهم باللغة التي يفهمون، وهذا لا يكون إلا عن طريق الترجمة، والقاعدة تقول: وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وعليه نتأمل أقوال رحمة الله للعالمين صلي الله عليه وسلم، الآتية:
(١ )
عن أي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَثَل مَا بعَثني اللَّه بِهِ منَ الْهُدَى والْعلْمِ كَمَثَلَ غَيْثٍ أَصَاب أَرْضاً فكَانَتْ طَائِفَةٌ طَيبَةٌ، قبِلَتِ الْمَاءَ فأَنْبَتتِ الْكلأَ والْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمسكَتِ الماءَ، فَنَفَعَ اللَّه بِهَا النَّاس فَشَربُوا مِنْهَا وسَقَوْا وَزَرَعَوا. وأَصَابَ طَائِفَةٌ مِنْهَا أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعانٌ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلا تُنْبِتُ كَلأ فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينَ اللَّه، وَنَفَعَه بمَا بعَثَنِي اللَّه بِهِ، فَعَلِمَ وعَلَّمَ، وَمثلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذلِكَ رَأْساً وِلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ)) (صحيح البخاري، كتاب: العلم، باب: فضل من علم وعلم، رقم الحديث: ٧٧)
(2)
عن أي أمامة الباهلي قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((إنَّ اللَّه وملائِكَتَهُ وأَهْلَ السَّمواتِ والأرضِ حتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلى مُعلِّمِ النَّاسِ الخَيْرْ)) (سنن الترمذي، باب: العلم، فصل: ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم الحديث: ٢٦٠٩ )
(٣)
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ((بلِّغوا عنِّي ولو آيةً وحدِّثوا عن بني إسرائيلَ ولا حرجَ ومن كذبَ عليَّ متعمِّدًا فليتبوَّأ مقعدَهُ ... آيَةً، وَحَدِّثُوا عن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) (صحيح البخاري، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل، رقم الحديث: ٣٢٠٢)
(٤ )
عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود يحدث عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه
وسلم قال:
((نَضَرَ اللهُ امرأً سَمِعَ مَقَالَتُي فَوَعَاُهَا وَحَفِظَهَا وَبَلَغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أُفُقُهُ مِنْهُ، ثَلاث لَا يَغَلُّ عَلَيْهُنَّ قَلْبُ مُسْلِمُ: إِخْلَاَصُ الْعَمَلِ لله، ومناصحة أئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومَ جَمَاعَتِهِمْ ؛ فَإِنَّ الدَّعْوَةَ تُحِيطُ مِنْ ورائهم )) (سنن الترمذي، باب: العلم، فصل: ما جاء في الحث على تبليغ السماع، رقم الحديث: ٢٥٨٢)
توجيه
تتم مناقشة ما يستفاد من هذه الأحاديث النبوية الشريفة
أسباب أهمية ترجمة النصوص الإسلامية
ترجمة النصوص الإسلامية مهمة، ولكن لماذا:
- تبصرة المسلمين غير الناطقين بالعربية بأمور دينهم.
- مواجهة التحديات التي تواجه المسلمين اليوم، والنقد الموجه إليه ممن لا يعرفونه، وأهمية تعريف غير المسلمين بالإسلام.
- مدافعة من يعبثون بالدين من خلال نشر ترجمات ذات مآرب.
- .......................................
- .......................................
تنبيه:
يقوم المتدربون بمناقشة الأسباب التي تضفي أهمية خاصة على ترجمة النصوص الإسلامية، فيما بينهم في مجموعاتهم اللغوية، إذ تقوم متطلباتهم الخاصة من الترجمة، ثم بعد ذلك تتم مناقشتها من خلال المجموعة ككل.
المهمة التقويمية (٢)
أكتب تقريراً مختصراً عن تاريخ ترجمة الكتابات الإسلامية إلى لغتك، وواقعها، متلمساً الأسئلة التالية:
- من ترجم،
- ولمن،
- وما النواقص والثغرات،
- وكيف يمكن أن تطور من الترجمة إلى لغتك؟
- هل هناك ما يكفي من المواد المترجمة؟
- هل الطرح باللغة المحلية يفي بالغرض ويسد الحاجة؟
الجَلْسَة الثانية
التّرجمَة الجيِّدَة وَالمترجم الجيِّد
أهداف الجلسة
- التعرف على مقومات الترجمة الجيدة.
- استكشاف المتطلبات التي يجب توافرها في المترجم.
مفردات الدرس
· شروط الترجمة الجيدة.
. المتطلبات التي يجب توافرها فيمن يتصدى للترجمة.
المهمة التدريبية الصفية (٢)
ترجم النص الآتي إلى لغتك الأم:
الزكاة طهارة للنفس والمال؛ تطهر النفس من دنس الشح والبخل، وتطهر المال فتزكيه وتنميه، وتجعل الخير والبركة فيه، وتغرس في قلب الإنسان، حب الخير والإحسان.
وما هذه الفوضى والاضطرابات العالمية، التي تعان منها المجتمعات البشرية، إلا نتيجة حتمية للإعراض عن هداية الله والتفريط في الحقوق التي أوجبها الله، ولهذا تكثر السرقات والجرائم، وتزداد يوما بعد يوم، وتسلب أموال الأغنياء، باسم العامل والفلاح، وتحت ستار المكر الخداع «الاشتراكية»؛ ليعم الفقر الجميع.
توجيه
تتم مناقشة السؤال التالي في ضوء التدريب السابق:
- ما شروط الترجمة الجيدة؟
شروط الترجمة الجيدة
الترجمة الجيدة هي الترجمة التي تفي بالغرض، ويمكن تحقيق ذلك من خلال توافر الشروط التالية:
- الترجمة الجيدة ترجمة صحيحة: أي موافقة من حيث المحتوى المعنوي للأصل، وتلتزم بحدوده المعنوية، ولا تتقول عليه، وتعكس المقصود في اللغة الهدف.
- الترجمة الجيدة ترجمة دقيقـة: أي إنها تفي بالمعنى لا على وجه العموم بل على وجه التدقيق.
- الترجمة الجيدة ترجمة صائبة: أي إنها خالية من الأخطاء المعنوية، والإملائية، والنحوية، والترجمية.
- الترجمة الجيدة ترجمة كاملة: أي ليس فيها سقط مخل وغير مسوغ.
- الترجمة الجيدة ترجمة متناسقة: أي إنها خالية من التضارب والاختلافات من المصطلحات، والعرض، والنقحرة (الكتابة الصوتية)، من باب، ومن باب آخر تكون مترابطة في تسلسلها المنطقي، وبين أوصالها.
- الترجمة الجيدة ترجمة واضحة: أي تسهل قراءتها ويسهل الوصول إلى معناها، ولا يكتنفها الغموض.
- الترجمة الجيدة تفي بالغرض منها: قد تتوافر جميع الشروط السابقة في ترجمة ما ولكنها قد لا تفي بغرضها، فقد لا تراعي قراءها المستهدفين ولا تفي بحاجاتهم المعرفية مثلا.
ويمكن اختصار مواصفات الترجمة الجيدة في كونها:
١ ) صحيحة، ٢) واضحة، ٣) سلسة، ٤ ) مراعية لسياقها .
المتطلبات التي يجب توافرها في المترجم
ليس كل من يتصدى للترجمة مؤهل لأداء المهمة على الوجه المأمول، فهناك عـدة شروط يجب توافرها في المترجم لينجح في أداء عمله، وهي:
- الكفاءة اللغوية والنصية: الكفاءة اللغوية هي القدرة على فهم لغة النص الأصل في مستوياتها المختلفة، واستيعاب معانيها المعجمية وما وراءها، والتمكن من اللغة الهدف. والكفاءة النصية هي معرفة أنواع النصوص وشروطها، وفي أي السياقات الاجتماعية تستخدم، وكذا التمكن من تطبيق هذه المعرفة في الترجمة.
- الكفاءة الثفافية: وهي المعرفة بثقافة الأصل، وثقافة الهدف.
- الكفاءة الترجمية: وهي القدرة على أداء المهمة على النحو المنشود، والتعرف على المشكلات التي يجب التعامل معها، واتخاذ القرار المناسب حيالها.
- الكفاءة البحثية (الوصول إلى المعلومة وتحليلها): وهي القدرة على الوصول إلى المعلومة اللازمة لفهم الأصل ولبناء الترجمة، والخبرة اللازمة في التعامل مع أدوات المترجم.
- الكفاءة التقنية: وهي اعتماد الحاسوب في فهم الأصل وتحليله، وأداء الترجمة.
- الكفاءة الاستراتيجية: القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة بشأن ما يحذف وما يضاف، وما يقدم وما يؤخر، وما يثبت في متن النص وما يذكر في الحاشية.
- هناك شرط عام يكاد يكون مجمعاً عليه وهو أن يترجم المترجم إلى لغته الأم: لأن له معرفة بها وبأساليبها، وأعرافها من حيث استخدامات مفرداتها، وأبعاد معانيها.
الجَلْسَة الثَالِثَة
التّرجَمَة لَيْسَت مجَّرد نقل
أهداف الجلسة
- استيعاب أن الترجمة تقتضي أكثر من مجرد النقل.
- التعرف على بعض مظاهر انعدام التطابق التام بين اللغات.
مقتضيات الترجمة
يمكن تصور الترجمة على أنها عملية يتم فيها التعبير عن رسالة النص الأصل بلغة أخرى، بحيث يستطيع قراء اللغة الهدف فهم الرسالة. وعليه فالترجمـة عملية اتصالية، يؤدي فيها المترجم دور الوسيط في إيصال الرسالة إلى المستهدفين بها بلغة أخرى، ويتركز عمله في التوسط بين نظامين لغويين وثقافيين مختلفتين، وهذا يتطلب من المترجم إدراك الفروقات بين اللغتين المعنيتين - كما تبرز في النص المراد نقله - ومن ثم اتخاذ القرارات المناسبة حيالها وكيفية التعامل معها؛ لينجح في أداء رسالته، وعليه يمكن عد الترجمة عملية اتصال تتطلب اتخاذ القرار.
هناك لغتان مختلفتان، تعيش كل منها في بيئتها الخاصة، لا تتصلان إلا من خلال الترجمة، وهنا يحدث التفاعل بينها، أي في نطاق الترجمة، وتؤثر إحداهما في الأخرى - عادة ما تكون اللغة المترجم منها - بإدخال بعض عناصرها اللغوية أو الثقافية فيها من خلال الترجمة، ونظرا لتباين اللغات وانعدام التطابق بينها، وحتى لا تدخل إحداهما الضيم على الأخرى، فلا بد للمترجم أن يعي هذا ويتخذ القرارات المناسبة لأداء الرسالة واضحة دون لبس.
ويمكن تمثيل عملية الترجمة بحسب هذا التعريف صوريا على النحو التالي:
ومن هنا تكون الفوارق بين المترجم والمؤلف، فالكاتب له حرية اختيار الموضوع الذي يكتب فيه، وعادة ما يكون من المتخصصين فيه، ولا يتعامل إلا في حدود نظامه اللغوي، الذي يتقاسم فيه مع قرائه شفرة لغوية واحدة، ومنظومة ثقافية واحدة، لذا يسهل عليه إيصال مراده لهم، أما المترجم فمحكوم بقيود: متعلقة باختلاف النظامين اللغويين اللذين يتعامل معهما، وبالمنظومة الثقافية للقراء المستهدفين، وبقيود أخرى: كالوقت المحدد لإنجاز العمل، ومتطلبات صاحب الترجمة المحددة التي نص عليها عند الإيعاز له بالقيام بالعمل، والمقابل المادي المستحق عليه، ومدى وضوح النص، ومدى ترابطه، ومدى وجود الأخطاء فيه، ومدى معرفة المترجم بموضوع النص.
كما أن الترجمة تكون أصعب من الكتابة أحيانا، فالمترجم يعبر عن أفكار غيره ورؤاه، وقد لا يتفق معه في جوانب منها، وقد ينظر إليه على أنه يروج لهذه الأفكار ومن جانب آخر هناك مشكلة مهمة، وهي مشكلة فهم الأصل الذي قد لا تكون جوانب منه مفهومة تماماً، أو تحتمل أكثر من تأويل.
إذن فالترجمة ليست نقلا مجردا، بل هي عملية توسط بين لغتين تحكمها كثير من القيود وتتطلب اتخاذ القرار، في مراحلها المختلفة.
حدود التطابق بين اللغات
ترجم الآتي إلى لغتك الأم:
- ضمائر المخاطب: أنتَ، أنتِ، أنتما، أنتم، أنتن.
- أسماء الإشارة: هذا، هذه، هذان، هاتان، هؤلاء، ذاك، ذلك، تلك، ذانك، تينك، أولئك.
- الحقل الدلالي (صلة القرابة): جد، جدة، أب، أم، أخ، أخت، خال، خالة، عمّ، عمة، حفيد، حفيدة، ابن أخ، ابنة أخت، ابن خال، ابنة خالة، ابن عمّ، ابنة عمة.
- الحقل الدلالي (أسماء الأجناس): فواكه، خضار، حمضيات، بقول، حبوب.
- المترادفات: أيد، آزر، عضد، نصر.
- السؤال وترتيب الكلمات فيه: كم لك من الولد؟
- فعل ماضي تام (قد تأتي لتقريب الماضي إلى الحال): كنت قد رأيته.
- فعل مبني للمجهول: أكل الطعام.
- تلازم لفظي: أخلد إلى لنوم.
- تلازم لفظي (معنى إيحائي إيجابي): فاضت روحه.
- تلازم لفظي (معنى إيحائي سلبي): زهقت روحه.
- الإضافة: كتاب ربي.
- اسم الصوت: غرغرت بالماء.
- صيغة مبالغة (موافقة الجنس): هذه امرأة عقول.
- فعل ماضي بسيط: فاتني القطار.
- مفعول مطلق: كرم المجتهد تكريما.
- بدل اشتمال: أعجبني الرجل خلقه.
- كناية عن الكرم (لها ارتباط بالثقافة): هذا رجل كثير الرماد.
- كناية عن الارتياح (لها ارتباط بالثقافة): أثلجت صدري.
- أسلوب تعبير (للتعبير عن ضياع الأمر): رغم أنفه.
بالوقوف على العبارات السابقة قد يجد المترجم صعوبة في التعبير عن هذه المعان البسيطة، وذلك لوجود عدد من الفروق بين لغته واللغة العربية على المستويات: الصوتية، والصرفية، والنحوية، والأسلوبية، والبلاغية، وكذا من حيث: التلازم اللفظي، والإضافة، والعدد، والجنس، والتثنية، وزمن وقوع الفعل، والبناء للمجهول والمعلوم.
ولو كانت المسألة عبارة عن مسميات لمفاهيم تتفق عليها اللغات جميعها، لأصبحت الترجمة من السهولة بمكان، بحيث يبدل مسمى مفهوم ما من لغة إلى لغة أخرى، كإبدال كلمة إنكليزية بمقابلها في العربية، ولكن هذا ليس هو الواقع، فاللغات تختلف في كيفية صياغتها للمفاهيم والتعبير عنها مما يؤدي إلى تحجيم مقدار التطابق بينها. وتختلف بعض اللغات عن بعض: نحويا، ومعجميا، ووظيفيا، ولكل لغة من اللغات آليتها اللغوية الخاصة في التعبير عن المعنى، وتغيير المعنى لا يكون من خلال تغيير الكلمات فحسب، بل أيضاً من خلال تغيير نظمها. والأبعد من ذلك أنه دون الحاجة إلى تخطى الحاجزين اللغوي والثقافي أي في حدود اللغة الواحدة لا تكـاد تجد كلمتين مترادفين ترادفا تاما.
ومفهوم التطابق (equivalence) في دراسات الترجمة مفهوم محوري، ولكنه في الوقت ذاته دار حوله جدل عريض، وتنوعت وجهات نظر المنظرين حول التطابق، فمن قائل بأنه شرط مهم من شروط الترجمة، إلى آخر يراه عائقا في سبيل تقدم دراسات الترجمة، وغيرهم ممن يرى فائدته في توصيف الترجمة. ولا يوجد هناك إجماع على تعريف محدد لمفهوم التطابق في الترجمة، وذلك لعدم وضوحه، ولذا نجد أن من المنظرين من دعا إلى ترك هذا المفهوم، ولكن أحدا لم يقدم بديلا عنه. وهذا الخلاف يرجع في أصله إلى اختلاف اللغات.
وقد حدا ببعضهم إلى القول باستحالة الترجمة كلية، ولكن هذا تفكير عقيم ويضر أكثر مما يفيد، إذ إن التركيز فيه على جانب النواقص والعيوب، ومن باب آخر فإن الشعوب لا زالت تتواصل عن طريق الترجمة منذ القدم. ولذا فالأولى التحول عن فكرة استحالة الترجمة (untranslatablity) إلى فكرة مدى إمكان الترجمة (translatability)، فالتركيز على إمكان الترجمة بين اللغات رغم التفاوت الكبير بينها يساعد مساعدة فاعلة على تنظيم عملية اتخاذ القرار في الترجمة، وفـتح آفـاق جديدة لطرح حلول لمشكلات الترجمة. فإمكان الترجمة ينظر إليه من خلال القدرة على نقل معنى ما من خلال الترجمة، رغم وجود عدم التطابق بين اللغات، وكذا الكيفية التي يتم بها أداء المعنى على أقرب نحو ممكن وفقا لمقتضى الحال، والتقليص من مقدار الخسارة في الترجمة.
ولذا طرحت فكرة المقاربة (approximation)، أي السعي إلى تحقيق أكثر المعان مقاربة للنص الأصل من خلال الترجمة. وذلك من منطلق كون وجود التطابق بين اللغات أمرا محدودا.
الجَلْسَة الرَابعَة
التّحليلُ والبنَاء في التّرجمَة
أهداف الجلسة
- التعرف على مبدأي الخسارة والتعويض في الترجمة.
- التعرف على مرحلتي عملية الترجمة ومتطلبات كل منها.
مبدأ الخسارة والتعويض في الترجمة
كما رأينا في الجلسة السابقة فإن التطابق التام غير متوافر، ويكاد يكون منعـدما، لاختلاف اللغات على مستويات متعددة: صرفيه، وصوتية، ونحويه، ومعجمية، وأسلوبية، ووظيفية، وثقافية. فخسارة شيء من النص الأصل أمر لا بد منه في الترجمة، ولذا - كما ذكرنا - أن عددا من المنظرين استعاضوا عن البحث عن التطابق التام في الترجمة بفكرة المقاربة، أي السعي إلى تحقيق أكثر المعاني مقاربة للنص الأصل من خلال الترجمة.
ومن متعلقات عدم وجود التطابق بين اللغات «مبدأ الخسارة والتعويض»، فطالما أن التطابق معدوم بين اللغات فلا بد من وجود خسارة في الترجمة، وطالما أن هناك خسارة في الترجمة، فلا بد من الحد منها بالقدر المستطاع بحسب مقتضى الحال، والمترجم يحاول أن يعوض إذا لم يكن هناك محيص عن الخسارة. وتكون الخسارة كبيرة جدا على مستوى المبنى، أما على مستوى المعنى فهي تقل عن هذا بكثير، ولذا فـإن التركيز في الترجمة يكون عادة على المعنى لا على المبنى مالم يكن للمبنى صلة وثيقة بالمعنى، أي إنه تم توظيفه لأداء معنى ما، من وجه، ومن وجه آخر ما لم يكن المبنى مقصودا على قدر من التساوي مع المعنى كالقصائد، واللغة المدبجة (كما في بعض الخطب مثلا).
ويمكن التمثيل على هذا المبدأ بالمفعول المطلق كما في الجملة : « كُرِّمَ المجتهد تكريما »
وهنا يجب التنبيه على أمور:
- الخسارة قد تأتي على جميع المستويات: الصرفي، والصوتي، والنحوي، والمعجمي، والأسلوبي، والوظيفي، والثقافي.
- يتعين على المترجم أن يحدد أهمية ما يمكن أن يخسره في النص، فمن خلال المعطيات يمكن التعرف على مدى الخسارة، فإن كانت مهمة وتؤثر في منتج الترجمة، فإنها تستحق العناء الذي يبذل في تعويضها، وكلما قلت أهمية الخسارة قل الجهد المبذول في تعويضها.
- التعويض قد لا يأتي في الموضع نفسه من الترجمة، كما كان في الأصل، وإنما قد يكون ذلك في موضع آخر.
- الوقوف على الخسارة وتحديد مدى أهميتها يتطلب تحليل النص تحليلا عميقا (انظر مراحل الترجمة أدناه).
مراحل عملية الترجمة
عملية الترجمة لها وجهان وهما: التحليل، والبناء. وإن أريد للترجمة أن تنجح في أداء الغرض منها فإنها يجب النظر إليها من خلال هذين العنصرين، وألا يشرع في بناء الترجمة - أي فيما يظن أنه الترجمة فعلا- دون تحليل النص أولاً لفهم معناه فهما واضحا، وهذه الخطوة لها تأثير بالغ في الخطوة التالية وهي خطوة البناء، ولعل الثانية تكون أسهل بكثير عند إيفاء الأولى حقها تماماً، ويكمن تمثيل عملية الترجمة بمرحلتيها على النحو التالي:
أولاً: مرحلة التحليل: ويتم فيها الانتقال من المعنى السطحي إلى المعنى العميق المراد أداؤه باللغة الأخرى، وتشتمل هذه المرحلة على:
- التعرف على سياق النص إن كان هذا له تأثير في استيعاب النص، ومن ذلك الفترة التاريخية التي كتب فيها النص، وما لها من تأثير على اللغة المستخدمة فيه، وأبعاد المفاهيم والمصطلحات الواردة فيه.
- فهم النص فهما تاما عن طريق التعرف على معناه الإجمالي، ومعاني مفرداته المشكلة، وذلك بالاستعانة بمعينات المترجم.
- الوقوف على ما يمكن أن يشكل خلال الترجمة: غريب الألفاظ، الصور البلاغية (المجاز)، التراكيب النحوية، العناصر الثقافية، ما يفهم ضمنا، حالات عدم التطابق بين اللغتين عموما، وغيرها.
- التعرف على المتطلبات الخاصة لترجمة النص فيما يخص سياقه المستقبل.
- التعرف على مواطن الخسارة المحتملة في الترجمة ودراسة طريقة تعويضها.
- صياغة الاستراتيجيات الخاصة بالتعامل مع ما يشكل عند ترجمة النص.
وعند القيام بتحليل النص على أكمل وجه، يمكن المترجم أن يؤدي عمله على النحو المأمول، وإلا فلا.
المهمة التدريبية الصفية (٣)
قم بتحليل النصين التاليين، لتقف على مواضع الإشكال في ترجمتها، وصياغة استراتيجية لكيفية التعامل معها:
- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : «كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا ، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا ، قَالَ : فَيُسْقَوْنَ » (رواه البخاري : برقم 1010).
- حدثنا علي بن عبدالله قال حدثنا سفيان بن عمرو قال أخبرني كريب عن
ابن العباس أن النبي صلي الله عليه وسلم نام حتى نفخ ثم صلي، وربما قال: «اضطجع حتى نفخ، ثم قام فصلي، ثم حدثنا سفيان مرة بعد مرة عن عمرو عن كريب عن ابن عباس قال بت عن خالتي ميمونة ليلة فقام النبي صلي الله عليه وسلم من الليل فلما كان في بعض الليل قام النبي صلي الله عليه وسلم فتوضأ من شن معلق وضوءا خفيفا، يخففه عمرو ويقلله وقام يصلي فتوضأت نحوا مما توضأ ثم جئت فقمت عن يساره، وربما قال سفيان عن شماله فحولني فجعلني عن يمينه، ثم صلي ما شاء الله، ثم اضطجع فنام حتى نفخ، ثم أتاه المنادي فآذنه بالصلاة، فقام معه إلى الصلاة، فصلي ولم يتوضأ».
ثانيا: مرحلة البناء: وهي المرحلة التي تنتهي بخروج الترجمة، وهي ذات أطوار، لا تبدأ بكتابة الترجمة ولا تنتهي بانتهاء المترجم منها. ولذا سنتطرق لها في جلسة لاحقة بعون الله.
تنبيه!
الضابط في التعليق والتدخل في الترجمة هو:
1. أن يكون التعليق لا بد منه لفهم الترجمة، أي أن الترجمة تكون مشكلة من دونه.
2. أن يساء الفهم من دونه، وأن يؤثر ذلك في الغرض من الترجمة (فقد يراد إيـصال رسالة ما للقراء، وتوصل رسالة أخرى، كالتبرك بالأولياء كما في الحديث السابق).
الجَلْسَة الخَامِسَة
التّرجمَة وَالسِّيَاق الثّقافي
أهداف الجلسة
- التعرف على علاقة اللغة مع سياقها الثقافي وارتباطها به.
- إدراك أهمية مراعاة السياق الثقافي عند الترجمة.
- معرفة العناصر الثقافية وتصنيفها.
علاقة اللغة بالثقافة
يبدأ بمناقشة السؤال الآتي جماعيا:
- هل هناك علاقة تربط اللغة بالثقافة؟
قال ابن فا رس: «كانت العربية في جاهليتها على إرث من إرث آبائهم في لغاتهم، وآدابهم، ونسائكهم، وقرابينهم. فلما جاء الله -جل ثناؤه- بالإسلام حالت أحوال، ونسخت ديانات، وأبطلت أمور، ونقلت من اللغة ألفاظ من مواضع إلى مواضع أخر بزيادات زيدت، وشرائع شرعت، وشرائط شرطت. فعفى الآخرُ الأولَ»(([5])، وهذا القول يبين أهمية الثقافة بالنسبة إلى اللغة، وارتباطها ببعضها، فهما لا يمكن بأي حال فصلها عن بعضهما، فاللغة عادة ما تكون محملة بالثقافة، على مستويات مختلفة، ولا يختص هذا بالألفاظ دون غيرها من المستويات، بل وتصل إلى مستوى النصوص، فالثقافات المتخلفة تعبر بالنصوص بما ينسجم مع هذه الثقافة.
أهمية الوعي بثقافة النص المترجم
تنشأ النصوص في البيئة الثقافية لصاحب النص ومستهدفيه المباشرين، ولا تفترق عنها، ولعلنا نستشهد بنصوص السنة المطهرة، إذ خرجت منذ ١٤٤١ عام في بيئة عربية ذات إرث ثقافي ومجتمعي متأصل، وتختلف عن الواقع الثقافي المعاصر، وعلينا أن نعي هذا، ولا سيما إذا ما أردنا أن نترجم السنة المطهرة لقراء اليوم الذين يتحدثون اللغة الإنكليزية مثلا، وهي لغة تختلف من حيث البيئة والمنشأ عن عربية ذاك الزمان والمكان، والبيئة التي خرجت فيها، لذا يتعين على المترجم أن يعي التباين في الخلفيات الثقافية المتمثلة في النص، لمستقبليه في تلك الحقبة الزمنية وفي تلك البيئة، ومستقبلي نصه المنشود في هذه البيئة وهذه الحقبة الزمنية، وأن يسعى إلى ردم هذه الهوة الثقافية، أي أن دوره في سياق كهذا يكون دور وسيط أو مستشار ثقافي يهدف إلى محو الأمية الثقافية لقرائه في النصوص التي يتولى ترجمتها.
إن توافر الخلفية المعرفية اللازمة شرط - على قدر كبير من الأهمية - ليصبح الاتصال بين صاحب الرسالة ومتلقيها ناجحا، وإذا لم تتوافر للقراء الخلفية المعرفية اللازمة لفهم نص ما، فإنه يمكن عدهم أميين بالنسبة إلى هذا النص، وأن المعلومات التي يصرح بها النص، لا تعدو كونا طرف الجبل الجليدي الظاهر للعيان، وما يخفيه النص أكثر بكثير.
تنبيه!
الجبل الجليدي ما يظهر منه أقل بكثير مما يخفيه
اقرأ النص التالي واذكر ما فهمته منه:
أنفذت هيئة استئناف فدرالية اليوم قرارا يمنع حبس الرهن عن مزرعة في ميسوري، وقالوا: إن وزير الزراعة جون ر. بلوك تخلي عن مسؤوليته عن بعض المزارعين المثقلين بالديون. ووجهت هيئة الاستئناف وزارة الزراعة الأمريكية إلى سن نظام لدراسة تأجيل سداد الديون والإعلان عنها، وهذه - في رأي الهيئة - هي رغبة الكونجرس. وقالت الهيئة: إن من مهام وزير الزراعة أن يعمل بهذه الرغبة، ليس على أنه مصرفي خاص، ولكن كونه سمسارا حكوميا.
القراء الأميون من الناحية الثقافية لن يفهموا المعنى العام للنص، وهو كامن في معرفة الإجابة عن الأسئلة التالية: من اتخذ القرار الذي أنفذته هيئة الاستئناف الفدرالية؟ ما هيئة الاستئناف الفدرالية؟ أين تقع ميسوري؟ ما هو وجه مناسبة ميسوري لقضية كهذه؟ لماذا يبرز عدد كبير من المزارعين المثقلين بالديون في ميسوري؟ من هو المصرفي الخاص؟ من هو السمسار الحكومي؟
وأيضاً معرفة الأنظمة الأمريكية: نظام الرهن الزراعي، والنظام الحكومي؛ من وجود حكومات محلية وحكومة فدرالية (اتحادية)، وهل للحكومة الفدرالية حق التدخل في شؤون الحكومة المحلية؟ وما هو دور الكونجرس في أمريكا؟ وأنى لهيئة الاستئناف الفدرالية أن تقرع وزير الزراعة وتملي عليه ما يجب فعله؟ وهل هي أعلى سلطة منه؟ وما نظام المصرفية الخاصة والسمسرة الحكومية؟ وما وجه الاختلاف والمفاضلة بينها في حالة كهذه؟
تنبيه!
لكى نعى معنى الكلمات المسطورة فإن علينا أن نعرف كثيرا من المعلومات التـي لا يأتي على ذكرها النص صراحة.
المهمة التدريبية الصفية (٤ )
ناقش ما يحتويانه هذان الحديثان الشريفان من إشارات ثقافية:
- عن أنس قال: «نهى النبي صلي الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل» (صحيح البخاري برقـم: ٥٣٩٨).
- عن ابن عمر رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «لا شِغارَ في الإسلام» (صحيح مسلم برقـم: ٢٥٣٩) .
العناصر الثقافية
العناصر الثقافية كثيرة جداً ، وموزعة في شتى مجالات الحياة ومناحيها، ولا تختص بها اللغة وحدها، وفيما يلي جدول فيه ذكر عدد من هذه العناصر؛ ليسهل فهمها والتعرف عليها.
أولاً: العناصر المادية:
وهذه العناصر يعبر عنها لغويا ويرد ذكرها في النصوص، لذا من الضروري أن يعيها المترجم ويعي بعدها الثقافي، وأهميتها في ثقافتها الأصل.
أولاً: العناصر المادية للثقافة:
العنصر | أمثلته |
العادات، والممارسات، والشعائر | النَّسيء، الشَّغار، الرَّفادة، السَّمر، التَّزعفر، الإيلاء، وأد البنات، الاكتحال، الكهانة والعرافة، زجر الطير، والتساهم، اتخاذ الأخدان، بيع العريَّة، الأزلام، بيع الحصاة، الفيء، حَبَل الحَبَلَة، الفضول (المرباع، الثنايا)، اللزام، المنيحة، المنابذة، النهد، النُصُب، القَسَامة. |
مؤسسات المجتمع | النوادي (دار الندوة)، الأسواق (عكاظ، الندوة، ذو المجاز). |
الخيال الاجتماعي | الهامة، الغُول، وادي عَبْقر، العوامر. |
المحسوسات المادية | السكن: بيوت المَدَر، وبيوت الحَجَر، المَشْربة، الرُّقبـى، العُمرى، الشُّفعة. اللباس: البُرْنس، المَعَافِرى، الإنبجانِيَّة، البُرْدة، الديباج، الاستبرق، الفَرُّوج، الخِمار، الخُفُّ، القِسَّي، السَّحُوليّة، السَّبْتية. الأكل: الخزير، الوَطبة، الحَيْس، العجوة، الجنيب، السويق، التَّلْبينة، الثَّريد. الشرب: الباذق، النبيذ، التلع، النقيع. الأدوات، والآنية، وما ينتفع به: العَنزَة (نوع من الرماح)، الحصير، الحميان، الخَلَوق، الخٌمرة، المِحْجَن، المِرْبَد، المقُيَرَّ، المُزَفَّت، القَصَب. الأوزان، والمقاييس، والمعايير: المُدُّ، الصَّاع، الذَّراع، البَاع، القامة، الوَسْق، الأُوقَّية، النَّشُّ، القِنْطار. العملات: الدرهم، الدينار. الدواب (البيئة الحيوانية): البَكْرةُ، النَّاضِح. البيئة النباتية: الأَراك، الحِنَّاء، الإِذْخِر، الكَتَم، السُّعْدان، السَّمَر، السَّدْر، العُرْفُط، الوَرْس، الزَّرْنب، الزَّعْفَران. العوامل الطبيعية: الصَّبا (الريح الشرقية). |
ثانياً: العناصر اللغوية
العناصر اللغوية للثقافة | |
العنصر | أمثلته |
التعبيرات الاصطلاحية (idioms) والأمثال (proverbs) | التعبيرات الاصطلاحية (وهي الألفاظ مجتمعة يشكل معنى مجموعها أكثر من معني أفرادها متفرقة): رَغِمَ أنفُه، تَرِبَتْ يداه، ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ، لله دُرْهُ، وَيْلُ أُمِّه، رُفِعَتِ الأَقلامُ وَجَفَّت الصحف. الأمثال (وهي ترتبط بالثقافة ارتباطا وثيقا، رغم عموم المفاهيم): فمثلا يقولون في الإنكليزية ( A cat has nine lives) أي: للقطة تسع أرواح، بينما تعبر العرب عن هذه الفكرة من خلال ثقافتها بقولهم: أَعْمرُ من حيَّة ، و أَعْمرُ من نَسْر، لزعمهم أن الحية لا تموت حتى تٌقتل، وأن النسر يعَّمرُ خمسمئة سنة. ومن هذا قوهم ( Fine words butter no parsnips) أي: الكلام المنمَّق لا يطهو الجزر الأبيض، بينما تقول العرب: كلام كالعَسَل، وفِعْل كالأَسَل. |
الكنايات والاستعارات والصور البلاغية | تمتدح العرب الكريم بقولها: رفيع العِماد، طويل النَّجاد، عظـيم الرَّماد، قريبُ البيت من النَّاد. ولهذه الكنايات علاقة مباشرة بالبيئة العربية. |
المعنى الإيحائي Connotative meaning)) (وهو المعنى الذي تكتسبه الأشياء والألفاظ، من خلال دخولها معترك المجتمع، وهو معنى مضاف إلى المعنى المعجمي المجرد) | الحياء: لفظ محبب في الثقافة العربية، وصفة مندوب إليها، ولكن في بعض الثقافات الأخرى - الغربية خاصة - يُفهم من الكلمات التي يعبرَّ بها عن الحياء شيء من تزعزع الثقة في النفس. وكذا الغَيْرة، والنهي عن الدياثة. الكنية: في مناداة الشخص بكنيته تكريم عند العرب، وهذا بعد غير متوافر في ثقافات أخرى. ومن هذا أيضاً إضافة الأسماء الخمسة (على الإجمال)، وبخاصة «ذو»، للمسميات: ذات النطاقين، ذو الفقار، ذو النورين. الهَرْج (القتل): في هذه التسمية إنكار شديد هذا الفعل. صبا (ارتدَّ): فيها إنكار شديد وتقال لمن يرتدّ عن دين آبائه. |
المعنى المقامي (الوظيفي) (pragmatic meaning) (وهو نطاق يدخل فيه البعـد الوظيفي للغة، ويركز على فعل القول لا على مفرداته) | ما بال أقوام: أسلوب نبوي رفيع في التنبيه على الأخطاء، لـيس فيه تخصيص ولا إفحاش . ورد في «تحفة الأحوذى»: «قَوله: (إِنَّ النَّبِيّ صِلِي الله عَلَيْهُ وَسَلَّم حَمِد الله تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهُ فَقَال: مَا بَال أَقْوَام قَالُوا كَذَا وَكَذَا) هُوَ مُوَافِق لِلْمَعْرُوف مِنْ خُطَبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فِي مِثْلُ هَذَا أَنَّهُ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا فَخَطَبَ لَهُ ذَكَرَ كَرَاهِيَتَهُ ،وَلَا يُعَيِّنُ فَاعِلَهُ ،وهذا مِنْ عَظِيمِ خُلُقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَجَمِيعُ الْحَاضِرِينَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَبْلُغُهُ ذَلِكَ وَلَا يَحْصُلُ تَوْبِيخُ صَاحِبِهِ فِي الْمَلَأِ ». عَقْرَى حَلْقَى: قالها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لصفية - رضي الله عنها وجاء في شرح الترمذي: « وَقَالَ صَاحِب الْمُحْكَم: يُقَال للمرأَةِ عَقْرَى حَلْقَى مَعْنَاَهُ مَعْنَاَهُ عَقَرَهَا الله وَحَلَقَهَا أَيْ حَلَقَ شَعْرَهَا أَوْ أَصَابهَا بِوَجَع فِي حَلْقهَا ،قَال فَعَقْرَى هَاهُنَا مَصْدَر كَدَعْوَى وَقِيلَ:مَعْنَاَهُ تَعْقِر قَوْمهَا وَتَحْلُقهُم بِشُؤْمهَا. وَقِيل: الْعَقْرَى الْحَائِض .وَقِيل :عَقْرَى حَلْقَى أَيْ عَقَرَهَا الله وَحَلَقَهَا .هَذَا آخِر كَلَاَم صَاحِب الْمُحْكَم . وَقِيل :مَعْنَاَهُ جَعَلَهَا الله عَاقِرا لَا تَلِد، وَحَلْقَى مَشْئُومَة على أهْلهَا. وَعلى كُلّ قَوْل فَهِي كَلِمَة كَانَ أَصْلهَا مَا ذَكَّرْنَاهُ، ثُمَّ اِتَّسَعَت الْعَرَبُ فِيهَا فَصَارَت تُطْلِقهَا وَلَا تُرِيد حَقِيقَةَ مَا وَضُعْت لَهُ أَوْ لَا ،وَنَظِيرهُ تَرِبَتْ يَدَاهُ ،وَقَاتَلهُ الله مَا أَشْجَعه وَمَا أَشَعَرَه ». بَخٍ بَخٍ: تطلق ويراد بها تفخيم الأمر وتعظيمه في الخير. يا هِنتاه: تستعملها العرب في نداء المرأة لا يريدون بذلك التصريح باسمها، ربما تحرجا من ذلك. لَبِّيكَ وَسَعْدَيْكَ: إجابة للنداء تدل على تكريم المنادي والسرعة في الاستجابة له والرغبة في تلبية طلبه. ما شاء الله: تدل على الإعجاب بالشيء. مَتَرّس: كلمة فارسية تستخدم لتأمين الرجل على حياته. مَهْ: كلمة فيها زجر. يا صاحباه: صرخة لطلب النجدة والنصرة. ومن قبيلها ويَحْكَ للزجر، وَوَيْلَكَ للإنكار. فلان وما فلان؟ سؤال لا يراد به الاستفهام؛ بل يراد به تعظيم أمر المتحدث عنه. |
الصيغ الإنشائية (genres)(صـيغ وقوالب محددة للنصوص توظف في مناسبات معينة: كالخطبة، والقصيدة، والحداء) | خُطْبة الحاجة: ولها صيغة محددة تقال في مناسبات معينة. الرَّجز: وهو نوع من الشعر لا يتقيّد بقافية واحدة، وهو خلاف النَّثْر. أما بعدُ: تأتي في الرسائل والخطابات لتفصل بين التقديم ولب الغرض من الرسالة. آمين: تأتي بعد الدعاء (طلبا للاستجابة). |
التسمية (للأسماء والألفاظ التي تطلقها اللغة على الأشياء صلة وثيقة بتعامل أهل اللغة مع الواقع وصياغتهم للمفاهيم) | الْبَرَكَةَ، التوفيق، التقوى، الحميَّة. |
ويلحق بها: الأحكـام الجماعية | أي الأحكام التي يجمع عليها المجتمع: مدح الكرم وذم البخل، ومدح الشجاعة وذم الجبن. هذه الأحكام لا تنطبق على الصفات والحلال وحسب، بل حتى على المحسوسات: الْبُرْدَة، حُمُر الـنَّعم: إضافة إلى معانيها المعجمية تكتسب هذه الألفاظ معان إيحائية مضافة من دخولها في معترك الحياة الاجتماعية، فالبردة تدل على المكانة الاجتماعية، وخلعها على الأشخاص تدل على تكريمهم، وحمر النعم نوع من الإبل ولكنها ليست كأي إبل. |
وجميع هذه العناصر مرتبطة بالثقافة ومتعلقة بها وتحتاج إلى وعي وإدراك خاصين عند ترجمتها.
المهمة التدريبية الصفية (٥)
انظر الملحق ذا الرقم (٣) وفيه حديث أم زرع، وتحليل عناصره الثقافية، وكيفية تعامل المترجمين معها، وناقش ما توصلت إليه مع زملائك.
الجَلْسَة السَّادسة
تَرجَمَةُ ذَوَات الخصُوصيَّة الثّقافيّة
أهداف الجلسة
- التعرف على الطرق التي يمكن بها التعامل مع ترجمة ذوات الخصوصية الثقافية.
- التعرف على أحوال ذوات الخصوصية الثقافية وكيفية التعامل معها.
خيارات ترجمة ذوات الخصوصية الثقافية
- إضافة السياق: ويكون هذا داخل النص، أي في المتن، وخارجه أي في الحواشي، ويضاف إلى هذا المقدمات، والمسارد. ففي النصوص التي تتطلب التركيز في الترجمة على فهم القارئ، فإن الخيار الأول للمترجم كونه مسهلا لعملية الاتـصال هو إضافة السياق ليعوض الفراغ في المحتوى المعنوي، وبخاصة إن كان القراء المستهدفون لا تتوافر لديهم المصادر المعينة على الفهم والكتب الشارحة، فمن شأن الحواشي أن تجلي اللبس وتقشع غشاوة الجهل، وقد ذكر كثير من منظري دراسات الترجمة فوائد الحواشي وفصلوا أوجه الترغيب في الاستعانة بها، ولكن يجب التنبيه هنا على عدة أمور تراعى في الحواشي، وهي:
- أن تكون ضرورية لا غنى عنها في فهم النص،
- وأن تكون الحاشية مناسبة لما جاء في المتن دون إطالة وتشعب لا يخدم فهم النص، إذ هذا من شأنه أن يكثر على القراء ويشتت أفكارهم،
- وأن يكون كل ما يؤتى به في الحواشي صحيحا وسليما من الجانب العلمي.
وقد يستغني المترجم بمسرد أو مسارد يضعها في آخر الكتاب، يوضح فيها معاني المفاهيم والعناصر الثقافية الواردة في الترجمة، وحتى في هذه فعلى المترجم أن يعرف قراءه بمقصود ما يضعه فيها على نحو يخدم الغرض الذي وظفت في متن النص من أجله، وأن يقصرها على ما يكثر تكراره. وأما الإيضاحات داخل النص أي بين أقواس اعتراضية فيجب قصرها على ما لا يفهم النص من دونه نزولا عند متطلبات اللغة المستقبلة، وبخاصة فيما يتعلق بالجانب المعنوي منها لا الجانب البنيوي الصرف.
- استعارة المفردة الثقافية كما هي، ونقحرتها بحرف اللغة المستقبلة: وهذا الحل كثـيرا ما يلجأ إليه المترجمون، ويفيد هذا الحل في تأكيد المحتوى الثقافي ونقله كما هو، وبخاصة إذا ما قرنت نقحرة اللفظ بتعريف له، وعلى أي حال فلهذا الحل محاذيره وتنبيهاته، وهي: عدم الإكثار من هذا الحل واللجوء إليه عند عدم وجود مطابق في اللغة المستقبلة؛ وأن يقرن بتعريف يحدد معناه بدقة؛ وأن يتنبه لجميع أبعـاد هذا اللفظ والمعان الإيحائية التي قد يكون اكتسبها أو سيكتسبها في اللغة المستقبلة؛ ويفضل أن يقصر هذا الخيار على العناصر المحورية المهمة في فهم النص، وعلى المترجم أن يعي أن اللجوء إلى هذا الحل يكون في المواضع التي تتطلب فهم المصطلح نفسه وتركز عليه.
- إبدال اللفظ بلفظ مقارب في اللغة المستقبلة: وأغلب ما يكون هذا في حالات التواطؤ الثقافي، إذ قد يكون العنصر المراد ترجمته غير معروف تماماً لدى أهل اللغة المستقبلة، ولكن قد يكون لديهم مسمى مشابه له، لا يتطابق معه في المعنى تماماً، ولكن يقابله في أمور. ومن فوائد هذا الحل أنه يضمن الشفافية اللغوية والثقافية، مما يسهل على القارئ. وعلى المترجم أن يبني قراره على تحليل مستفيض للغرض الاتصالي من العنصر المراد ترجمته، ويكون الإبدال ممكنا عندما يكون العنصر الثقافي ثانويا، وليس محوريا للرسالة، وعلى التنبه لأي شذوذ في المعنى ومحاولة تلافيه.
- الوصف والإيضاح: ونخص به هنا ما يكون في المتن، وعادة ما يقرن هذا الحل بالحل ذي الرقم (٢)، وهو استعارة اللفظ، إلا أن هذا لا يلزم، وكما في الحل ذي الرقم (٣) فإن على المترجم أن يراعي مقدار أهمية العنصر الثقافي في مقامه، ومن المهم أن يتنبه المترجم على أن قصر الوصف في المتن على ما يعطي المعنى المباشر دون إسهاب، وأما المعلومات في الحاشية فتكون مناسبة للمقام دون إطالة، تخرج المعنى عن نطاقه، فمن المساوئ التي عادة ما تلصق بهذا الحل هو الإطالة والتأثر في سلاسة الترجمة، فعلى المترجم أن يضع الوصف في سياقه بحيث لا يؤثر كثيرا في انسياب الحديث، ويشتت ذهن القارئ عن المعنى العام.
هذه هي أبرز الطرق للتعامل مع ذوات الخصوصية الثقافية في الترجمة، ويمكن الجمع بينها وبخاصة الحلول من ٢-٤، إلا أن هذا فيه تأكيد على العنصر، ولا يستخدم إلا في الحالات التي يكون فيها العنصر الثقافي ذا أهمية محورية في النص المترجم، وأي إهمال في التعامل معه قد يتسبب في إخلال بالمعنى العام للنص. وهناك طريقتان أخريان من المفيد التعرف عليها:
- إضافة ما من شأنه أن يعزز المعنى: فكان من الممكن إبراز المعنى الإيحائي السلبي للفظ «عشنق» الذي أرادته المتحدثة في حديث أم زرع، بما يعزز هذه القراءة عند متلقي الترجمة، إذ ليس ثمة لفظ واحد في الإنكليزية الفصحى يعبر عن الطول المذموم، فكان من الممكن ذكر المقابل المعجمي للطول بالإنكليزية، وإضافة صفة تفيد الإيحاء الذي أرادته المتحدثة.
- التمثيل بما له معنى أكثر تحديدا: إذا لم يكن في اللغة المستقبلة ما تعبر به عن شيء ما تحديدا، فيمكن ترجمة هذا الشيء وإعطاء أمثلة خاصة تدل عليه، ويقرن هذا الحل مع الحلول المذكورة.
أحوال ذوات الخصوصية الثقافية
- ألفاظ غير معروفة في اللغة المستقبلة، كلفظ «عقيقة»: وهي واضحة يسهل على المترجم التنبه لها، وتطبق عليها الحلول المقترحة.
- ألفاظ متطابقة من حيث الدلالة، مثل «بخور» (incense) في الإنكليزية: ويمكن ترجمتها مباشرة، بعد التأكد من مناسبة الترجمة المباشرة دون التنبيه.
- ألفاظ مشتركة بين اللغتين، ولكن تختلفان من حيث نظرة أصحاب كل لغة لها، نحو لفظ «محرم» (chaperon) في الإنكليزية، و«الرُّقى والتمائم» (amulets) في الإنكليزية: ففي هذه الحالة على المترجم أن يسأل: ما التصور الذهني المتصل باللفظ عند أهل الثقافتين كل على حدة؟ وما المعاني التي تطبق على هذا اللفظ؟ بحيث تنظر كل منهما بنظرة مختلفة إلى العنصر نفسه رغم تطابقه المعنوي الظاهر، وهذا ما يعرف بالأصدقاء غير الأوفياء ( false ,friends, false cognates,)، إحدى الحلول الجاهزة التي يلجأ لها كثير من المترجمـين، إلا أن عليهم توخي الحذر، ويمكن توضيح المعنى المراد تماماً وجلو اللبس بالاستعانة بالحلول المقترحة.
- ألفاظ تحمل معنيين لغوي واصطلاحي مثل «المِرْباع» ، وهو ما يفرض لسيد القوم من الفيء، ونسبته الربع منه، فعزز اللفظُ المستخدم المفهومَ الذي اصطلح العرب بتسميته به، ويمكن في هذه الحالة أن يترجم اللفظ بلفظ يقابله في اللغة المستقبلة، مع إضافة تعريف يجلي معناه الاصطلاحي.
- ألفاظ تم استيعابها في اللغة المستقبلة بإزاحة القاعدة المعنوية لألفاظ في اللغة المستقبلة أو توسيعها لتشمل المعاني المرادة من اللفظ الأصل، وهذا يكون عادة بكثرة استخدام هذا اللفظ في اللغة المستقبلة وتطبيقه على المراد منه في لغته الأصل، ففي الفارسية ألفاظ مثل «نماز» (صلاة)، و«درود» (الصلاة على النبى صلي الله عليه وسلم )، و«دوْزخ» (جهنم)، و«فَرِشته» (مَلك)، وهى في أصلها مأخوذة من مفاهيم تختص بها الديانة الزردشتية (المجوسية)، ولكن عند دخول الفرس في الإسلام فرغت هذه الألفاظ من معانيها وإيحاءاتها وطبقت تماماً على المعاني الإسلامية للألفاظ المقابلة لها وهذا يحصل في حال أن اللفظ تم استيعابه وتوطينه تماماً في اللغة المستقبلة، وتتطابق الألفاظ من حيث المعان المعجمية والإيحائية، فهذه تترجم مباشرة في الغالب.
- ومن هذا ألفاظ تم توطينها ولكن دون تطابق تام من حيث المعنى المعجمي من جهة والمعنى الإيحائي من جهة أخرى، فكلمة «جهاد» وطنت في الإنكليزية (jihad) وأخذ منها المعاني الخاصة بقتال غير المسلمين دون غيرها من المعـاني الخاصة بهذا المصطلح الواسع، وحُمِّلت بكثير من المعان الإيحائية السلبية. و«الحور» (huris) في اللغة الإسبانية مثلا -وهي كلمة موطنة تماماً في هذه اللغة- نعني أولئك النسوة مناط الشهوة في الجنة التي يقتل المسلمون أنفسهم من أجلهن، وهذا النوع من الألفاظ هو من أكثرها إشكالا على المترجم، وعليه دراستها ودراسة أبعادها بدقة قبل أن يطبق عليها أيا من الحلول المقترحة.
تنبيه هام!
ليس ثمة طريقة واحدة للتعامل مع ذوات الخصوصية الثقافية، يمكن تعميمها في جميع المواقف الاتصالية، ولا قرار عام واحد يتخذ في جميع الحالات، ولا يوجد حل واحد لنوع معين من العناصر الثقافية يلجأ إليه المترجم في جميع الحالات التي يواجه فيها هذا العنصر أو ذاك، وعلى المترجم أن ينظر إلى كل حالة على حدة فترجمة سنن ابن ماجه - مثلا - مشروع ضخم، يرجع الناس إليه على مدى أعوام عديدة، وتتوافر للمترجم المساحة الكافية ليستفيد من الحلول المتاحة التي من شأنها أن تردم الهوة الثقافية وتساعد على محو الأمية الثقافية، يختلف تماماً عن مهمة ترجمة مطوية صغيرة في أربعة أوجه يكلف المترجم بإتمامها في وقت محدد، ويستفاد منها في مناسبة معينة ثم يُستغنى عنها، ويرد فيها ذكر بعض العناصر الثقافية، ولذا على المترجم أن يكون واعيا بقراراته التي يتخذها وأن تكون مناسبة للعمل الذي بين يديه. وعلى المترجم أن يعـي في المقام الأول مناسبة قراره للمقام، وأن تكون رسالة الترجمة مفهومة.
وعلى المترجم أن يسأل:
1- هل المفردة الثقافية المراد ترجمتها محورية، ومهمة لفهم موضوع النص عموما، فالمفردات المحورية التي لا يفهم النص بدونها تولى أهمية أكبر في التحليل والتعامل والتعويض من الكلمات العرضية، غير المحورية.
2- هل يحتمل الموقف الاتصالي أن تولى جميع مفردات النص عناية خاصة؟
المهمة التقويمية (٣)
اختر ترجمة وانتقدها، مطبقا عليها معايير الترجمة الجيدة التي درست. (وكذا مناسبة اختيار المترجم للموضوع، والاستراتيجيات التي اتبعها، وهل ترجم في فراغ أو أنه راعى السياق؟).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] Raymond G. (ed.) (2005, 15th ed.) Ethnologue: Languages of the World. Dallas: SIL.
[2] الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: ١/ ١٩٥.
[3] المرجع السابق.
[4] حجة خير العباد المستخرجة من زاد المعاد في هدي خير العباد"، تحقيق د/ ناصر بن علي الشيخ، دار المأمون للتراث، دمشق، ١٤٢٨ ه، ص: ٧٩ -٨١.
[5] ابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة، تحقيق: السيد أحمد صقر، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، ص ٤٤.