المرشد في ترجمة المحتوى الإسلامي (3)
مرشد تدريبي ومرجع تأطيري
الكاتب / د. وليد بن بليهش العمري
مُلحَق رَقمْ (١ )
نُصُوص تَدْرِيبِيَّة مُقْتَرَحَة
تنبيه:
تتم مناقشة هذه النصوص مناقشة جماعية مستفيضة، تبحث جميع أبعاد النص، في بيئتيه: المنشأ والمستقبلة، قبل الشروع في ترجمته، ثم تتم بعد ذلك مناقشة الترجمة.
النص التدريبي الأول
يناقش هذا النص من حيث:
- حساسية موضوعه،
- وتوافره على ملامح للغة القانونية التي تكتب بها البيانات والقرارات، وبخاصة في الديباجة التي افتتح بها البيان قبل ذكر مواده.
- وعناصر الكتابات الإسلامية من استخدام اللغة الخطابية المزهرة، وكثرة المصطلحات الشرعية.
- والإشارة إلى وقائع وحقائق خارج إطار النص تحتاج إلى بحث وتقصي من قبل المترجم ليفهمها قبل أن يقوم بترجمتها.
- كما يكون تصور واضح عن المستهدفين بالترجمة، مع ملاحظة أنه لا مجال لاستخدام الحواشي في مثل هذه النصوص.
- ومراعاة الصيغة الإنشائية الخاصة ببناء البيانات في لغتك.
بيان مكة المكرمة
بشأن: التفجيرات والتهديدات الإرهابية ([1])
أسبابها - آثارها - حكمها الشرعي - وسائل الوقاية منها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه. أما بعد:
فإن مجلس الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من ١٩ - ٢٣/ ١٠/ ١٤٢٤ هـ الذي يوافقه: ١٣ - ١٧/ ١٢/ ٢٠٠٣ م، قد نظر في موضوع: (التفجيرات والتهديدات الإرهابية: أسبابها - آثارها - حكمها الشرعي - وسائل الوقاية منها) وقد قدمت فيه أبحاث قيمة. شخَّصت هذا الداء الوبيل، وحذَّرت مما ينجم عنه من الفساد العريض والشر المستطير، وأوضحت حكمه في شرع الله بالقواطع من الكتاب والسنة والحكمة والتعليل، ووصفت العلاج الناجع لقطع دابره، وقلع نبتته الخبيثة، مجتمعات المسلمين.
وقد عرضت ملخصات لهذه الأبحاث من مقدميها، وجرت حولها مناقشات مستفيضة أكدت الحاجة إلى بيان حكم الشرع المطهر فيه لعموم المسلمين، أفراداً وجماعات ودولاَ وشعوبا، ولغير المسلمين من مفكرين ومنظمات وهيئات ودول.
والمجلس إذ يدرك - بألم بالغ وحزن عميق - خطورة الأعمال الإرهابية والتفجيرات التدميرية في البلدان الإسلامية بخاصة، وفي أقطار العالم وأممه بعامة، وما خلفته من ضحايا بشرية بريئة، ومآس إنسانية خطيرة، وإتلاف للأموال التي بها قـوام حياة الإنسان، ودمار المرافق والمنشآت، وتلويث للبيئة التي ينتفع بها الإنسان والحيوان والطير.
وإذ يذكر المجلس ببيان مكة المكرمة بشأن الإرهاب الصادر عنه في دورته السادسة عشرة التي عقدت في مكة المكرمة في الفترة من ٢١ -٢٦/ ١٠/ ١٤٢٢ هـ الذي يوافقه ٥-10/١/ ٢٠٠٢ م.
وما اشتمل عليه من بيان لتحريمه وتجريم مرتكبيه في شريعة الإسلام، وشجب واستنكار لما يلبس به المغرضون والحاقدون من ربطه بدين الإسلام واتهامه زوراً وبهتاناً، فإنه يقرر إصدار هذا البيان باسم "بيان مكة المكرمة بشأن التفجيرات والتهديدات الإرهابية".
وذلك وفق ما يلي:
أولاً: إن الإرهاب مصطلح، لم يتفق دوليا على تعريف محدد له، يضبط مضمونه ويحدد مدلوله.
لذا فإن المجلس يدعو رجال الفقه والقانون والسياسة في العالم إلى الاتفاق على تعريف محدد للإرهاب تنزل عليه الأحكام والعقوبات، ليتحقق الأمن وتقام موازين العدالة، وتصان الحريات المشروعة للناس جميعا، وينبه المجلس إلى ما ورد في قوله تعالى: ((وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ)) (الأنفال: ٦٠).
يعني إعداد العدة من قبل المسلمين ليخافهم عدوهم، ويمتنع عن الاعتداء عليهم وانتهاك حرماتهم، وذلك يختلف عن معنى الإرهاب الشائع في الوقت الحاضر.
ويشير المجمع في هذا الصدد إلى ما ورد في بيان مكة الصادر عن المجمع بأن الإرهاب هو: العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغيا على الإنسان في دينه، ودمه، وعقله، وماله، وعرضه، ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق، وكل فعل من أفعـال العنف أو التهديد يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض أحد الموارد الوطنية، أو الطبيعية للخطر، فكل هذا من صور الإفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها، قـال تعالى: ((وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)) (القصص: ٧٧).
ثانيا: إن عدم الاتفاق على تعريف محدد للإرهاب اتخذ ذريعة إلى الطعن في أحكام قطعية من أحكام الشريعة الإسلامية، كمشروعية الجهاد والعقوبات البدنية من حدود وتعزيرات وقصاص، كما اتخذ ذريعة لتجريم من يدافع عن دينه وعرضه وأرضه ووطنه ضد الغاصبين والمحتلين والطامعين، وهو حق مشروع في الشرائع الإلهية، والقوانين الدولية.
ثالثا: استنكار إلصاق تهمة الإرهاب بالدين الإسلامي - دين الرحمة والمحبة والسلام - ووصم معتنقيه بالتطرف بالعنف، فهذا افتراء ظالم تشهد بذلك تعاليم هذا الدين وأحكام شريعته الحنيفية السمحة، وتاريخ المسلمين الصادق النزيه. قال تعـالى مخاطبا نبيه محمدا صلي الله عليه وسلم: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)) (الأنبياء: 107) وقال عز من قائل: ((آلر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)) (إبراهيم: 1-2)، وقال: ((خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)) (الأعراف: ١٩٩)، وقال: ((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)) (التوبة: ١٢٨). وقال صلي الله عليه وسلم: "بعثت بالحنيفية السمحة"، وقال لأصحابه: "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" رواه البخاري في صحيحه، وقال " يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا" متفق عليه، وقال: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطى على ما سواه" رواه مسلم في صحيحه، وقال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه" وقال: "من يحرم الرفق يحرم الخير كله" رواهما مسلم.
رابعا: لوجود الغلو والإرهاب في بعض المجتمعات الإسلامية أسباب عديـدة ومتنوعة، قد توجد جميعها في بيئة معينة أو زمن معين، وقد تختلف اختلاف البيئات والأزمان، منها ما يعود إلى المنهج العلمي، كالتأويل واتباع المتشابه، أو إلى النهج العملي، كالتعصب ونحوه، وتحديد الأسباب ومعالجتها، عمل علمي يجب أن يتوافر عليه مختصون، يدرسون الواقع عن علم، فلا تكون الأقوال ملقاة على عوانها، وقد لحظ المجلس كثرة الخلط في الكتابات عن أسباب الغلو والإرهاب، مما يستدعي دراستها بعلم ورشد ووضع السبل لمعالجتها، ويرى المجلس من مقدمة هذه الأسباب:
- اتباع الفتاوى الشاذة والأقوال الضعيفة الواهية، وأخذ الفتاوى والتوجيهات ممن لا يوثق بعلمه أو دينه، والتعصب لها. مما يؤدي إلى الإخلال بالأمن وشيوع الفوضى وتوهين أمر السلطان، الذي به قوام أمر الناس وصلاح أمور معاشهم وحفظ دينهم.
- التطرف في محاربة الدين وتناوله بالتجريح والسخرية والاستهزاء والتصريح بإبعاده عن شؤون الحياة، والتغاضي عن تهجم الملحدين والمنحرفين عليه وتنقصهم لعلمائه أو كتبه ومراجعه وتزهيدهم في تعلمه وتعليمه.
- العوائق التي تقام في بعض المجتمعات الإسلامية في وجه الدعوة الـصادقة إلى الدين الصحيح النقي المستند إلى الكتاب والسنة وأصول الشرع المعتبرة على وفق فهم سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة المعتبرين.
فإن التدين فطرة فطر الله عباده عليها، ولا غنى لهم عنه، فمتى حرموا من العلم بالدين الصحيح والعمل به، تفرقت بهم السبل وتلقفوا كل خرافة وتبعوا كل هوى مطاع وشح متبع.
- الظلم الاجتماعي في بعض المجتمعات؛ وعدم التمتع بالخدمات الأساسية، كالتعليم والعلاج، والعمل، أو انتشار البطالة وشح فرص العمل، أو تدهور الاقتصاد وتدني مداخيل الأفراد، فكل ذلك من أسباب التذمر والمعاناة، مما قد يفضي إلى ما لا تحمد عقباه من أعمال إجرامية.
- عدم تحكيم الشريعة الإسلامية في بلاد غالبية سكانها من المسلمين، وإحلال قوانين وضعية محلها مع وفاء الشريعة بمصالح العباد وكمالها في تحقيق العدالة للمسلمين وغيرهم ممن يستظل بظلها، ويتمتع برعايتها، كيف لا وهي شرع الله الذي ((لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)) (فصلت:٤٢).
- نزعة التسلط وشهوة التصدر التي تدفع ببعض المغامرين إلى نشر الفوضى وزعزعة أمن البلاد، تمهيدا لتحقيق مآربهم غير آبهين بشرع ولا نظام ولا بيعة.
خامسا: آثار الإرهاب:
إن أعمال الإرهاب عدوان على النفس والمال وقطع للطريق وترويع للآمنين، بل وعدوان على الدين، حيث تصور الدين بأنه يستبيح حرمة الدماء والأموال، ويرفض الحوار، ولا يقبل حل المشكلات والنزاعات مع مخالفيه بالطرق السلمية، كما يصور المسلمين بأنهم دمويون ويشكلون خطرا على الأمن والسلم الدوليين، وعلى القيم الحضارية وحقوق الإنسان، وهذا يؤدي إلى أضرار ومفاسد تنعكس على مصالح الأمة الإسلامية الأساسية، وتعوق دورها الرائد في نشر السلام والأمن وتبليغ رسالة الإسلام للناس، وحماية حقوق الإنسان، وتضر في نفس الوقت بعلاقات المسلمين السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والاجتماعية مع غيرهم من الشعوب، وتضيق على الأقليات الإسلامية التي تقيم في دول غير إسلامية وتعزلهم سياسيا واجتماعيا وتضر بهم اقتصاديا، سواء أكان هؤلاء مواطنين في هذه الدول، أم وافدين إليها لدراسة أو تجارة أو سياحة أو سفارة أو مشاركة في المؤتمرات والمحافل الدولية.
سادسا: الحكم الشرعي في الأعمال الإرهابية من تخريب وتهديد وتفجيرات:
الأعمال الإرهابية التخريبية من تفجير للمنشآت والجسور والمساكن الآهلة بسكانها الآمنين معصومي النفس والمال من مسلمين وغيرهم ممن أعطوا العهد والأمان من ولي الأمر بموجب مواثيق ومعاهدات دولية، وخطف الطائرات والقطارات وسائر وسائل النقل وتهديد حياة مستخدميها وترويعهم وقطع الطرق عليهم وإخافتهم وإفزاعهم، هذه الممارسات، تشتمل على عدد من الجرائم المحرمة التي تعتبر في شرع الإسلام من كبائر الذنوب وموبقات الأعمال، قد رتب الشارع الحكيم على مرتكبيها المباشرين لها والمشاركين فيها تخطيطا ودعما ماليا وإمداد بالسلاح والعتاد وترويجا إعلاميا يزينها ويعتبرها من أعمال الجهاد وصور الاستشهاد، كل ذلك قد رتب الشارع عليه عقوبات رادعة كفيلة بدفع شرهم ودرء خطرهم، والاقتصاص العادل منهم، وردع من تسول له نفسه سلوك مسلكهم، قال تعالى: ((إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) (المائدة: 33).
سابعا: وسائل الوقاية من التطرف وما ينجم عنه من أعمال الإرهاب والتخريب:
- المبادرة إلى إزالة الأسباب المؤدية للجريمة، والعمل على إحقاق الحق وإبطال الباطل، والاحتكام إلى شرع الله وتطبيقه في مختلف شؤون الحياة، فلا شرع أوفى ولا أكمل منه في جلب مصالح العباد ودفع المفاسد عنهم، ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) (المائدة:50)
- بيان فداحة الضرر العام والخاص الذي يصيب الدولة والأمة والمجتمع والأفراد من جراء أعمال العنف والتخريب والتدمير.
- التربية الواعية الهادفة المخطط لها من أهل العلم والصلاح والخبرة، ووضع منهاج عمل واضح سهل ميسر لتحقيق ذلك.
- تحرير المصطلحات الشرعية وضبطها بضوابط واضحة، وذلك كمصطلح الجهاد، ودار الحرب، وولي الأمر، ما يجب له وما يجب عليه، والعهود: عقدها ونقضها.
نسأل الله -عز وجل - أن يحمي بلاد المسلمين وأجيالهم من كل سوء.
والله ولي التوفيق، وصل الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
النص التدريبي الثاني
يناقش هذا النص المعد للترجمة مع مناقشة:
- حدوده الزمنية والمكانية من حيث الإشارة إلى أحداث وبلدان قد تكون بعيدة عن القراء المستهدفين زمانا ومكانا، ولا يملكون المعلومات الكافية عن الموضوع الذي يشير إليه الشيخ، وهنا تظهر أهمية مراعاة السياق الاتصالي والقراء المستهدفين.
- كثرة الاستشهاد بالآيات القرآنية، والتنبه لأن تُؤخذ ترجمة هذه من ترجمة معتمدة، وكون الترجمة تؤدي معنى الآية موضع الاستشهاد منعزلة عن سياقاه في أصل نص الترجمة.
- المواضع التي تحرز فيها الشيخ تحرز العلماء خشية الخوض في أمور يصعب على العامة فهمها.
- التعرف على الكلمات المفتاحية في النص نحو: مصيبة، ضراعة، توبة، وطريقة التعامل معها في الترجمة.
وجوب التوبة إلى الله والضراعة عند نزول المصائب ([2])
من عبدالعزيز بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين.
وفقني الله وإياكم للتذكَّر والاعتبار، والاتَّعاظ بما تجري به الأقدار، بالتوبة النصوح من بجميع الذنوب والأوزار... امين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإن الله عز وجل بحكمته البالغة، وحجته القاطعة، وعلمه المحيط بكل شيء، يبتلي عباده بالسراء والضراء، والشدة والرخاء، وبالنعم والنقم، ليمتحن صبرهم وشكرهم، فمن صبر عند البلاء، وشكر عند الرخاء، وضرع إلى الله سبحانه عند حصول المصائب، يشكو إليه ذنوبه وتقصيره، ويسأله رحمته وعفوه، أفلح كلّ الفلاح، وفاز بالعاقبة الحميدة.
قال تعالى: ((آلم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ)) (العنكبوت:١ – 3) والمقصود بالفتنة في هذه الآية: الاختبار والامتحان حتى يتبين الصادق من الكاذب، والصابر من الشاكر، كما قال تعالى: ((وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا)) (الفرقان: ٢٠).
وقال عز وجل: ((وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)) (الأنبياء: 35).
وقال سبحانه: ((وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) (الأعراف: ١٦٨).
والحسنات هنا هي النعم والخصب والرخاء، والصحة والعزة، والنصر على الأعداء، ونحو ذلك، والسيئات هنا هي المصائب، كالأمراض وتسليط الأعداء، والزلازل والرياح، والعواصف والسيول الجارفة المدمرة، ونحو ذلك، وقال عز وجل: ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) (الروم: ٤١)، والمعنى أنه سبحانه قدر ما قدر من الحسنات والسيئات، وما ظهر من الفساد، ليرجع الناس إلى الحق، ويبادروا بالتوبة مما حرم الله عليهم، ويسارعوا إلى طاعة الله ورسوله؛ لأن الكفر والمعاصي هما سبب كل بلاء وشر في الدنيا والآخرة.
وأما توحيد الله والإيمان به وبرسله، وطاعته وطاعة رسله، والتمسك بشريعته، والدعوة إليها، والإنكار على من خالفها، فذلك هو سبب كل خير في الدنيا والآخرة، وفي الثبات على ذلك، والتواصي به، والتعاون عليه، عز الدنيا والآخرة، والنجاة من كل مكروه، والعافية من كل فتنة، كما قال سبحانه: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)) ( محمد: ٧)، وقال سبحانه: ((وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)) ( الج: 40-41)، وقال تعالى: ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) (النور:55) وقال سبحانه: ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) ( الأعراف: 96).
وقد بين سبحانه في آيات كثيرات أن الذي أصاب الأمم السابقة من العذاب والنكال بالطوفان والريح العقيم، والصيحة والخسف، وغير ذلك، كله بأسباب كفرهم وذنو بهم، كما قال عز وجل: ((فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)) (العنكبوت: ٤٠).
وقال سبحانه وتعالى: ((وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)) (الشورى: 30).
وأمر عباده بالتوبة إليه، والضراعة إليه عند وقوع المصائب، فقال سبحانه: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)) (التحريم: 8).
وقال سبحانه: ((وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) (النور:٣١)،
وقال سبحانه: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ* فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) (الأنعام: 42-43)، وفي هذه الآية الكريمة حثٌّ من الله سبحانه لعباده، وترغيب لهم إذا حلت بهم المصائب، من الأمراض والجراح، والقتال والزلازل، والريح والعاصفة، وغير ذلك من المصائب، أن يتضرعوا إليه، ويفتقروا إليه، فيسألوه العون، وهذا هو معنى قوله سبحانه: ((فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا )) (الأنعام: ٤٣)، والمعنى: هلا إذا جاءهم بأسنا تضرعوا. ثم بين سبحانه أن قسوة قلوبهم، وتزيين الشيطان لهم أعمالهم السيئة كل ذلك صدهم عن التوبة والضراعة والاستغفار، فقل عز وجل: ((وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) (الأنعام: ٤٣ ).
وقد ثبت عن الخليفة الراشد -رحمه الله- أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز أنه لما وقع الزلزال في زمانه كتب إلى عمّاله في البلدان، وأمرهم أن يأمروا المسلمين بالتوبة إلى الله، والضراعة إليه، والاستغفار من ذنوبهم.
وقد علمتم أيها المسلمون ما وقع في عصرنا هذا من أنواع الفتن والمصائب، ومن ذلك تسليط الكفار على المسلمين في أفغانستان، والفلبين، والهند، وفلسطين، ولبنان، وأثيوبيا، وغيرها، ومن ذلك ما وقع من الزلازل في اليمن وبلدان كثيرة، ومن ذلك ما وقع من فيضانات مدمرة، والريح العاصفة المدمرة لكثير من الأموال والأشجار والمراكب وغيرها، وأنواع الثلوج التي حصل بها ما لا يحصى من الضرر، ومن ذلك المجاعة والجدب والقحط في كثير من البلدان، وكل هذا وأشباهه من أنواع العقوبات والمصائب التي ابتلي الله بها العباد بأسباب الكفر والمعاصي، والانحراف عن طاعته سبحانه، والإقبال على الدنيا وشهواتها العاجلة، والإعراض عن الآخرة وعدم الإعداد لها، إلا من رحم الله من عباده، ولا شك في أن هذه المصائب وغيرها توجب على العباد البدار بالتوبة إلى الله سبحانه من جميع ما حرم الله عليهم، والبدار، إلى طاعته وتحكيم شريعته، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والصبر عليه، ومتى تاب العباد إلى ربهم وتضرعوا إليه، وسارعوا إلى ما يرضيه، وتعاونوا على البر والتقوى، وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، أصلح الله أحواهم، وكفاهم شر أعدائهم، ومكن لهم في الأرض، ونصرهم على عدوهم، وأسبغ عليهم نعمه، وصرف عنهم نقمه، كما قال سبحانه وهو أصدق القائلين: ((ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ)) (الأعراف:55-56)وقال عز وجل:((وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ)) ( هود: 3)، وقال سبحانه: ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) (النور:55) ، وقال عز وجل: ((وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) ( التوبة: 71).
فأوضح عز وجل في هذه الآيات أن رحمته وإحسانه وأمنه وسائر أنواع نعمه، إنما تحصل على الكمال الموصول بنعيم الآخرة لمن اتقاه، وآمن به، وأطاع رسله، واستقام على شرعه، وتاب إليه من ذنوبه.
أما من أعرض عن طاعته، وتكبر عن أداء حقه، وأصرّ على كفره وعصيانه، فقد توعّده سبحانه بأنواع العقوبات في الدنيا والآخرة، وعجل له ذلك ما اقتضته حكمته ليكون عبرة وعظة لغيره، كما قال سبحان: ((فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ*فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) (الأنعام:44-45).
فيا معشر المسلمين! حاسبوا أنفسكم، وتوبوا إلى ربكم، واستغفروه، وبادروا إلى طاعته، واحذروا معصيته، وتعاونوا على البر والتقوى، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، وأقسطوا إن الله يجب المقسطين، وأعدوا العدة الصالحة قبل نزول الموت، وارحموا ضعفاءكم، وواسوا فقراءكم، وأكثروا من ذكر الله واستغفاره، وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر لعلكم ترحمون، واعتبروا بما أصاب غيركم، من المصائب بأسباب الذنوب والمعاصي، والله يتوب على التائبين، ويرحم المحسنين، ويحسن العاقبة للمتقين، كما قال سبحانه: ((فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ))(هود: ٤٩)،وقال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ)) (النحل: ١٢٨).
والله المسؤول بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرحم عباده المسلمين، وأن يفقههم في الدين، وينصرهم على أعدائهم من الكفار والمنافقين، وأن ينزل بأسه بهم الذي لا يرد عن القوم المجرمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مُلْحَق رَقْم (٢)
نَمَاذِجُ لِمَشْرُوعَاتِ تَرْجَمَةِ خُطَطِ لَهَا
تنبيه:
يراد من سَوْق هذه الأمثلة التنبيه على أهمية التخطيط لمشروعات الترجمة قبل الشروع فيها، إذا ما أريد لها النجاح - بعون الله- ولكيلا تخرج النصوص المترجمة فارغة من السياق.
المشروع الأول
«فتح الرحمن بترجمة القرآن» للشاه ولي الله الدهلوي ([3])
١ - تعريف بالترجمة: أهميتها وتاريخها:
هذه الترجمة من أدق ترجمات معاني القرآن الكريم في اللغة الفارسية، وهي مشتملة على عنصرين: الترجمة، وتعليقات وجيزة عليها، وقد أعدّها الدهلوي في فترات مختلفة من عمره، بدأت قبل رحلته لأداء فريضة الحج عام ١١٤٣ ه، ثم انقطع عنها أكثر من مرة إلى أن أكملها عام ١١٥١ هـ. وطبعت الترجمة مرات عديدة في الهند، وكانت من أكثر الترجمات انتشارا وتداولا في الهند قبل أن تحل اللغة الأردية محل اللغة الفارسية، وهي ما زالت كذلك بين الناطقين باللغة الفارسية من أهل السنة.
٢ - الهدف من إعداد هذه الترجمة:
تحدث الدهلوي عن دواعي قيامه بهذا العمل بشيء من التفصيل في مقدمة ترجمته، ويقول: «إن نصيحة المسلمين تتنوع أشكالها وصورها، وتتطلب مقتضيات مختلفة اختلاف الزمان والمكان، ومن ثم سلك علماء الدين وكبراء أهل اليقين منـاهج مختلفة في تأليف الكتب في التفسير والحديث، والفقه والعقائد، وألفوا كتبا متنوعة، فالسواد الأعظم منهم اختاروا طريقة الإطناب، وفرقة صغيرة اختارت طريقة الاختصار والإيجاز، وألَّف جماعة بلغة العجم بينما صنفت جماعة أخرى بلغة العرب، وتقتضي نصيحة المسلمين في هذه الديار التي نقطنها وهذه الفترة الزمنية التي نعيش فيها أن تكتب ترجمة للقرآن الكريم بلغة فارسية سهلة، متداولة بين العامة من غير تكلَّف، ومن غير إظهار للفضل، ومن غير تكلف في العبارة، ومن غير تعرض للقصص غير المناسبة، ومن غير إيراد للتوجيهات المتشعبة، ليفهمها العامة والخاصة سواء بسواء، وليتمكن الصغار والكبار من فهمها على حد سواء، ومن هنا وجد الباعث في قلب هذا الفقير للقيام بهذا العمل الخطير، واستعد للقيام به طوعا وكرهاً» أ. هـ.
واستمر فترة في فحص الترجمات المتوافرة في عصره، وكان غرضه من ذلك أن يعرضها على الميزان الذي وقع في قلبه، وقرر أنه إن وجدت ترجمة مناسبة بناء على ذلك الميزان فسوف يسعى إلى ترويجها ونشرها، وأن يرغب أهل عصره فيها بكل وسيلة ممكنة، إلا أنه وجد في بعضها تطويلا مملا، وفي بعضها الآخر تقصيرا مخلا، ولم يجد ترجمة واحدة مطابقة لذلك الميزان.
ومن هذا يظهر أن الباعث على قيام الدهلوي بترجمته هي الرغبة في تبليغ الدعوة وإسداء النصيحة للناطقين باللغة الفارسية بلغة متداولة ميسرة في عصره، لأنه لم يجد في الترجمات المتداولة إذ ذاك ما يؤدي هذا الغرض، ويقول: «لا جرم صحَّ العزم منـي على تأليف ترجمة جديدة، وأنجزتُ ترجمة الزهراوين بالفعل، ثم عرّضت رحلة إلى الحرمين، وانقطعت هذه السلسلة، وبعد سنوات من ذلك حضر أحد الأعزاء لدى هذا الفقير وشرع يقرأ عليه القرآن مع ترجمته، فأثارت هذه الحال تلك العزيمة السابقة، وتم الاتفاق على أن تكتب الدروس التي تتم دراستها كل يوم، ولما وصلنا إلى ثلث القرآن عرض لذلك العزيز سفر، فتوقفت الكتابة.
وبعد مدة حدثت حادثة أخرى ذكرت بالخواطر السابقة، وسحبتنا إلى ثلثى القرآن، ومن المقرر أن للأكثر حكم الكل فقلت لبعض الخلان أن يبيِّض تلك المسّودة، وأن يكتب الترجمة مقرونة بالآيات لتكتمل النسخة، وبدأ ذلك الأخ العزيز بتبييض النسخة يوم عيد الأضحى من عام ألف ومائة وخمسين، ولما تم تبيض النسخة تحرك العزم مرة أخرى، وتم تسويد الترجمة إلى نهاية القرآن الكريم» أ. هـ.
٣- المثال الذى احتذت به الترجمة؟
كتب الدهلوي هذه الترجمة لمن ليست لهم خبرة كبيرة بتفسير القرآن الكريم، ومن هنا احتذى مثال التفسير الوجيز للواحدي، وتفسير الجلالين في الاختصار والتوجيه عموما، ويقول في ذلك: «لقد تم التعبير عن مدلول النظم العربي باللغة الفارسية مع مراعاة الوجوه النحوية، وملاحظة تأخير ما حقه التأخير، وإظهار المقدر، ومطابقة الترجمة بالنظم القرآني في ترتيب الألفاظ إلا في مواضع يلزم من الالتزام بترتيب الألفاظ ركاكة في التعبير أو يلزم التعقيد في دلالة الألفاظ بسبب اختلاف اللغتين، وقد ذكرنا من أسباب النزول، وتوجيه المشكل بقدر الحاجة على أن تكون هذه الترجمة في مثل هذه الأمور مثل التفسير الوجيز وتفسير الجلالين» أ. هـ.
٤ - من يقرأ هذه الترجمة، ومتى يقرؤها؟
يرى الدهلوي أن هذه الترجمة يقرؤها كل من يشغله المعاش عن تحصيل العلم الشرعي، ومن لا يجد وقتا كافيا لتعلم العلوم الشرعية، ويكفيه أن يفهم القرآن بواسطة الترجمة، ولكن تتم قراءتها بعد أن يتأهل الإنسان لفهم اللغة الفارسية، وقبل أن يشتغل بتحصيل أي فن آخر لئلا تشوش أفكاره، ويقول في ذلك: «مرحلة قراءة هذا الكتاب بعد قراءة النظم القرآني([4]) وبعد قراءة كتيبات باللغة الفارسية، ليتمكن من فهم اللغة الفارسية من غير كلفة، ويجب على أولاد أصحاب الحرف، وأولاد المشتغلين بالفنون الحربية والعسكرية الذين لا يتوقع منهم استيفاء العلوم العربية، أن يتعلموا هذا الكتاب في بداية سن التمييز؛ ليكون أول ما يملأ قلوبهم معاني كتاب الله عز وجل، ولئلا يفقدوا سلامة الفطرة، ولئلا يغترّوا بكلام الملاحدة الذين يضلون العالم بتلوين كلامهم، ولئلا تلوث لوحة صدورهم أراجيف العقلانيين غير الناضجة، وأحاديث الهنود المضطربة.
وليقرأ هذه الترجمة كذلك من آب إلى رشده، ووفّق إلى التوبة بعد انقضاء شطر عمره، ولم يتمكن من تحصيل العلوم الشرعية، فليتعلم هذا الكتاب ليجد حلاوة في التلاوة، ويتوقع نفعه في حق عامة المسلمين إن شاء الله العظيم.
أما في حق الأطفال فواضح كما قلنا، وأما سائر الحرفيين والمنشغلين بمشاغل المعيشة فليُتحفوا في أوقات الفراغ، ومن يقدر على قراءة عبارات اللغة الفارسية، ولديه إلمام بسيط بعلم التفسير، أو قرأ هذه الترجمة على أحد فليقرأ - حسب سعة الوقت - سورة أو سورتين بالترتيل مع التبيين ومراعاة الوقف على مواضع الوقف، ليسمعها جميع الحضور، وليفرحوا بمعانيها، وليتشبهوا في هذا العمل بالصحابة الذين كانوا يجلسون حلقات، وكان قارؤهم يقرأ عليهم، مع الفارق بين هؤلاء وبين الصحابة رضي الله عنهم، فإن الصحابة كانوا يفهمون العربية بالسليقة والذوق، وهؤلاء سيفهمونها عن طريق الترجمة الفارسية» أ. هـ.
ويضيف قائلا: «إن أنصفت فإن الغرض الأساس من نزول القرآن الكريم هو الاتعاظ بمواعظ القرآن، والاهتداء بهدايته، وليس الغرض الحقيقي مجرد التلفظ بكلماته - وإن كان التلفظ بكلماته وتلاوته مكسب كبير ومغنم عظيم- فما المكسب الذي سيكسبه الإنسان إذا لم يفهم مدلول القرآن، وأية حلاوة سيجنيها إذا لم يدرك حلاوة كلام الله عز وجل؟
وأما من يفهمون اللغة العربية ودرسوا كتب التفسير على المشايخ فلا يحتاجون لقراءة هذه الترجمة، ومع ذلك إنا لنرجو من فضل الله عز وجل أن هؤلاء - كذلك - لو ألقوا نظرة على هذه الترجمة وقرؤوها لاتضحت لهم معاني الكلمات القرآنية، ولاطلعوا على الاختيارات النحوية والإعرابية، ورُب فائدة يستفيدونها كانوا يجهلونها قبل الاطلاع على هذه الترجمة.
كتبت هذه الترجمة شفقة على جمهور خلق الله فإنهم لا يتحملون استقصاء وجوه الإعراب، ولا يقدرون على تحمل استيفاء توجيهات الكلام ولا على استيعاب القصص والأسباب، إنهم وإن كلفوا بتحصيل علوم الآلة لا يُعرف هل سيتحقق بذلك المأمول؟ وإن تحقق وحصلوا بعض العلوم الشرعية يمكن في هذه الحال أن يكون ذلك باعثا لهم على التعمق في تلك العلوم، وأن يكون باعثا لهم على أن يفنوا أعمارهم بعد ذلك في تحقيق تلك الرغبة» أ. هـ.
٥- منهج الدهلوي في الترجمة:
اختار الدهلوي منهجه الخاص في هذه الترجمة، وقد بين ذلك المنهج في مقدمتها، يقول: «ومنهجي في كتابة هذه الترجمة أنه قد تمت كتابة كل آية لوحدها مقرونة بترجمتها، واستخدمت في الترجمة اللغة المتداولة المعروفة([5])، وكلما زادت الكلمات في الترجمة على الكلمات في النظم القرآني، فإن كانت الزيادة بكلمة أو كلمتين فتذكر بعـد كلمة: «يعنى»، أو مثلها، وإن كانت الزيادة كلاما مستقلا يميز بذكر عبارة: «يقول المترجم»، في بدايتها، وبذكر عبارة: «والله أعلم»، في اخرها ([6])» أ. هـ.
ويقول: «واعتبرت رعاية سياق الآيات أمرا حتما لازما([7])، وأما التفسير ـ فإذا كان معلما بالمأثور ـ فاستمدته من أصح تفاسير المحدثين؛ مثل تفسير البخاري، والترمذي، والحاكم (في كتبهم الحديثية)، وأحترز فيه - قدر المستطاع - عن إيراد الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وأما القصص الإسرائيلية فإذا وردت عن علماء أهل الكتاب فاحترزت عنها غير ما ورد في حديث خير البشر عليه وعلى آله الصلاة والتسليمات، إلا في أماكن لا يمكن كشف المراد بدون إيرادها وذكرها، والضرورات تبيح المحظورات»أ. هـ.
6 - أوجه تميز هذه الترجمة عن غيرها:
أشار الدهلوي إلى بعض تلك الوجوه في مقدمته، ومنها:
- ترجم النظم القرآني بمثل مقدار كلماته في اللغة الفارسية المتداولة، مع الإفصاح عن المعنى المراد ولطافة التعبير، واحترزـ قدر المستطاع ـ عمَّا في الترجمات الأخرى من الإطناب في العبارة، وركاكة التعبير، والعجمة في بيان المراد.
- إن الترجمات السابقة لا تخرج عن حالتين، أولاهما: إغفال ذكر أسباب النزول تماماً، والأخرى: استيفاء جميعها بالذكر، أما هذه الترجمة صار المترجم إلى التوسط بين الأمرين، فالمواضع التي يتوقف فيها فهم الآية على معرفة سبب نزولها ذكره باختصار على قدر الحاجة، والمواضع التـي لا يتوقف فيها فهم الآية عليه لم يذكر.
- تم اختيار الأرجح من التوجيهات من حيث قواعد اللغة العربية، والأصح باعتبار علم الحديث والفقه، والأقل من حيث التقدير وصرف الكلام عن الظاهر (التأويل).
- أنجزت هذه الترجمة بطريقة يمكن للعالم بالنحو أن يفهم منها وجوه الإعراب للنظم القرآني، ويتمكن من تعيين اللفظ المقدَّر في العبارة، ويتمكن عن طريقها من تحديد مرجع الضمير، ويمكن له عن طريقها تحديد موضع اللفظ المقدم أو المؤخر في العبارة، ومن لم يكن عالما بالنحو فروعي في هذه الترجمة ألّا يُحرم من أصل الغرض من الترجمة، وهو فهم المراد.
- الترجمات السابقة لا تخرج عن إما أن تكون ترجمة لفظية، وإما أن تكون ترجمة حاصل المعنى المراد، وفي الأسلوبين أنواع عديدة من الخلل ، وهذه الترجمة جامعة للأسلوبين، وقد عولج كل خلل ناجم عن الأسلوبين السابقين في هذه الترجمة([8]).
٧ - الأسلوب الذي اختاره الدهلوي في ترجمته:
تقرر عند علماء الترجمة أن الترجمة الجيدة والناجحة هي الترجمة التي يتم فيها نقل معنى النص الأصل، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل ترجمة القرآن الكريم لها خصوصية من ناحية الالتزام بالنظم؟ أو أنها مثل أية ترجمة أخرى يكون عمل المترجم فيها نقل معنى النص القرآني من غير تقيد بالنظم القرآني؟ يرى الدهلوي أن هناك عدة أساليب ممكنة لترجمة القرآن الكريم، لكنه يناقش هذه الأساليب ثم يختار أسلوبا معينا من بينها، ولا يرى الجمع بين أسلوب ترجمة لفظ بلفظ (الترجمة حرفية)، وأسلوب ترجمة حاصل المعنى (الترجمة المعنوية أو التفسيرية)؛ وهو أسلوب حاصل المعنى مع الاحتياط الشديد في عدم الخروج من ترتيب النظم القرآني، ومن غير إقحام كلمات إضافية إلا في أماكن نادرة لا يمكن تجاوزها، وبهذا جمع بين أسلوب الترجمة الحرفية وأسلوب ترجمة حاصل المعنى المراد أو ما يُسمى بالترجمة التفسيرية، لكـن بطريقة بديعة، فهذه الترجمة ترجمة تفسيرية أو ترجمة حاصل المعنى المراد من حيث توصيل المفهوم القرآني للقارئ، وهي في الوقت نفسه ترجمة لفظية أو الترجمة تحت اللفظ من حيث الالتزام بترتيب النظم القرآني في الترجمة، ومن حيث عدم زيادة الكلمات فيها على كلمات النظم القرآني، وإذا تعارض الالتزام بترتيب الكلمات في النظم القرآني مع توصيل المدلول القرآني للقارئ يترك الالتزام بالترتيب، ويرجح جانب الفهم على جانب الالتزام باللفظ، ولم يكن الالتزام بهذا الأسلوب في الترجمة سهلا، فقد واجه الدهلوي مشاكل وصعوبات كثيرة في الالتزام بمنهجه هذا.
ويعرفنا الدهلوي بأسلوبه الذي اختاره في الترجمة قائلا: «وعندما اطلع هذا العبد الفقير على هذه الأساليب الثلاثة في الترجمة، وما في كل واحد منها من نقص، عقد العزم على وضع أسلوب رابع يجمع مزايا الأساليب الثلاثة في الترجمة مع تفادي النقائص الموجودة فيها، فبدأت بـ «الترجمة اللفظية» أو «الترجمة تحت اللفظ» بصورة مستقلة من جانب، وتأملت في فنونها وسجلت النقائص والمشاكل المتوافرة فيها مع النظر في طريقة التخلص منها. وكتبت ترجمة «حاصل المعنى» بصورة مستقلة في جانب آخر، ودونت المواضع التي فيها صعوبة في فهم المراد، وسجلت طرق التغلب على هذه المشكلة ليكون التعبير عن المعنى سهلا وواضحا. وقد قيدتُ أولاً الترجمة اللفظية أو الترجمة تحت اللفظ حسب نظم القرآن الكريم نفسه، وذللت الصعوبات في اختلاف صلات الأفعال على نفسي، فقمت بوضع كلمات عربية مرادفة بدل الكلمات الفارسية في كل موضع يحدث فيه التعقيد أو الركاكة في الترجمة الفارسية، وفعلت نفس الشيء في المواضع التي ورد فيها تركيب عربي لا نظير له في اللغة الفارسية، فقمت في الحالتين بوضع كلمات عربية مرادفة للكلمة القرآنية وكتبت ترجمتها» أ. هـ.
٨ - موقف الدهلوي من بعض القضايا:
تتميز ترجمة الدهلوي بأنها ترجمة عالم، له حس لغوي رفيع، وهذا يظهر من مواقفه الآتية:
- إزالة الخفاء بإظهار المقدر في الترجمة: يشير في الترجمة إلى ما لا بد من تقديره لتصحيح المعنى، حيث يضيف كلمة في الترجمة يبيّن من خلالها معنى الآية بكاملها، وهذه التقديرات متنوعة فقد يكون المقدر مضافا، وقد يكون مفعولا، وقد يكون فعلا وقد يكون موصوفا وقد يكون غير ذلك.
- بيان المجمل وتوضيح الموهم من خلال الترجمة: فهو كلما مر في ترجمته على كلمة مُجملة غير واضحة المراد بسبب الاشتراك أو الإبهام أو بسبب تزاحم المعاني فيها، فإنه يضيف في الترجمة عبارة موجزة يرفع بها ذلك الإجمال من الآية، ويفعل ذلك من غير أن يشتت ذهن القارئ بذكر الاحتمالات المختلفة، ومن غير أن يضطر القارئ لقراءة عبارات طويلة، وهذا الوضع يتناسب مع الغرض الذي من أجله كتب هذه الترجمة، وهـي أن تكون متاحة للجميع.
- إزالة الإشكال الواقع بسبب خفاء مرجع الضمير: قد يشكل معنى الآية انتشار الضمائر، بأن ترد الضمائر من نوع واحد مع اختلاف في مراجعها، ويتم رفع هذا الإشكال عن طريق تحديد المرجع لكل ضمير في الترجمة، وأما إذا كان الضمير واحدا فيحدد له المرجع إذا كان في الكلام احتمال الرجوع إلى أكثر من مرجع.
- مراعاة السياق في ترجمة الألفاظ المتكررة: يختار ترجمة المصطلح القرآني في كل موضع بصورة مغايرة للموضع الآخر عندما يقتضي السياق ذلك، فإن المصطلح القرآني قد يكون في موضع بمعنى، ويكون في موضع آخر بمعنى آخر بناء على اختلاف السياق والسباق، وقد راعى الدهلوي ذلك بدقة في ترجمته للقرآن الكريم.
- التقديم والتأخير في الترجمة: يراعي ترتيب النظم القرآني في الترجمة، وهـذا ديدنه في الترجمة كلها، لكنه عندما يشعر أن الترجمة قد توهم غير ما يريده القرآن الكريم عندئذ يترك متابعة ترتيب النظم القرآني في الترجمة، وهذا يدل على أن إيصال مفهوم القرآن ومعناه أهم من أي اعتبار آخر، فـإذا أمكن مراعاة ترتيب النظم القرآني مع مراعاة المفهوم والمعنى راعاهما كليهما، وقد حاول في ترجمة القرآن الكريم عموما مراعاة الأمرين معا، وإذا تعذر ذلك كان المفهوم أولى بالاهتمام عنده.
- تميزه في اختيار الترجمة: قد يختار ترجمة للفظ في آية على غير ما يتبـادر من اللفظ نفسه في مواضع أخرى من القرآن الكريم، ويكون لهذا الاختيار أثره في قوة التفسير، وتوسيع مدلول الآية.
- إذا كانت الآية محتملة لأكثر من فهم أو تفسير: ولا يكون بين المفهومين تعارض فإن الدهلوي يختار أحد المفهومين في الترجمة ويذكر المفهوم الآخر في تعليقاته.
- التعامل مع مشكلات القرآن: توجد في القرآن الكريم آيات موهمة بالاختلاف والتعارض، ومثيرة للإشكال، وكلما مر الدهلوي على هذا النوع من الآيات يتناولها بالتوضيح، ويزيل الإشكال عنها، ويفعل ذلك في الغالب في تعليقاته.
- موقف الدهلوي من الإسرائيليات والموضوعات: وقف الدهلوي من الإسرائيليات والموضوعات موقف الناقد البصير، فإنه قد قرر من البداية ألا يذكر من الروايات الإسرائيلية شيئا، وأن يقلل من ذكر أسباب نزول الآيات إلا ما يتوقف عليه فهم الآية، وأن يقتصر على ذكرها بصورة مختصرة جدا.
- الاهتمام ببيان المناسبات بين الآيات: ومن ميزات هذه الترجمة وتلك التعليقات الوجيزة التي علق بها الله الدهلوي على بعض المواضع أنه اهتم من خلالها بإبراز المناسبات بين الآيات القرآنية في عدة مواضع، وبخاصة في الأماكن التي تكون المناسبة فيها غير واضحة.
المشروع الثاني
ترجمة الكتاب المقدس ([9]) إلى لغة الشيشوا الموسومة بـ «باكو لويرا
((Baku Loyera)([10])
أولاً: الأطر الاجتماعية والثقافية:
- عن فريق العمل واللغة: قام على العمل الذي امتد مدة (٣٠) عاما (من منتصف الستينيات وحتى منتصف التسعينات من القرن العشرين) ثلاثة مترجمين: اثنان منهم ينتسبون إلى الكنيسة المشيخية (presbyterian) والثالث راهب كاثوليكي، وقد أشار عليهم عدد من مستشاري التابعين لجمعيات الكتاب المقدس المتحدة (UBS) خلال هذه الأعوام، وراجع عملهم مراجعون أفرادا ولجان، منهم من رجال الدين، وغيرهم، من الأفارقة، ومن المغتربين، يمثلون أغلب الهيئات الكنسية الكبيرة في كل من ملاوي وزامبيا، وبخاصة الطوائف البروتستانتية التقليدية([11]). والشيشوا اللغة القومية في ملاوي (يتحدث بها حوالي ٧٠% من الشعب)، وواحدة من لغات البانتو (Bantu) السبع الرسمية في زامبيا (يتحدث بها لغة أولى أو ثانية حوالي ٤٠% من الشعب، وبخاصة في العاصمة والمنطقة المحادّة لملاوي)، وقد يتحدث بها نحو ٢٠% من القاطنين في موزمبيق، وبخاصة أيضاً في المناطق المحادة لملاوي.
- عن المستهدفين: الشريحة المستهدفة الرئيسة هي من الشبان الذين تتراوح أعمارهم من ٢٠ - ٣٥ سنة، من أهل لغة الشيشوا، الذين حصلوا على تعليم يوازي التعليم الثانوي، وسنة واحدة على الأقل في تعلم النصرانية. إضافة إلى مراعاة قدرات الفهم لدى النسوة الكبيرات في السن، ومتحدثي الشيشوا لغة ثانية، وأصحاب لهجات الشيشوا المختلفة، وأيضاً تمت مراعاة أن يفهم الترجمة غير النصارى.
ثانيا: الأطر التنظيمية:
- الكنائس: كانت هناك نسختان تبشيريتان منتشرتان باللغة الشيشوا عند الشروع في الترجمة، و هما: باكو لوباتوليكا (Baku Lopatulika ) نشرت عام ١٩٢٣ م وهي للبروتستانت، وماليمبو أويرا (Malembo Oyera) نشرت عام ١٩٦٦ م هي للكاثوليك. وكلاهما ترجمة حرفية تتبع منهج المقابلة الشكلية (formal correspondence) بين الأصل والترجمة، وعلتهما نبرة أجنبية، تعتمد اللغة القديمة في مواضع. وكثير من الطوائف البروتستانتية المتحفظة لم تَرَ حاجة إلى ترجمة جديدة، ولا يدعمونها، ولكن الطوائف البروتستانتية الإنجيلية (evangelical) متحمسون للترجمة الجديدة. وقد أوقفت الكنيسة الكاثوليكية طباعة ترجمتها، وتبنت الترجمـة الجديدة في جميع الأغراض الكنسية: الرسمية (العبادات العامة)، وغير الرسمية (التدبر الفردي). ووجود ترجمتين متعارضتين من حيث الاتجاه عند الشروع في الترجمة الجديدة فرض بعض التنازلات فيما يخص استخدام جميع المصطلحات الدينية المفتاحية، وكان هذا مهما حتى لا يظن أن الترجمة الجديدة تحابي هذه الكنيسة أو تلك في صياغة الكلمات، وفي بعض الأحيان لزم الأمر استحداث مصطلح جديد كلياً يقبله الفريقان.
- جمعيات الكتاب المقدس: تفاوت مقدار دعم الترجمة الجديدة والحماسة لها في جمعية الكتاب المقدس الملاوية بحسب قناعات الأمانات العامة المتعاقبة الآخذة بنصاب الأمور واتجاهاتها. وقد أيَد جميع مستشاري جمعيـات الكتاب المقدس المتحدة بقوة استخدام طريقة اللغة الشعبية في الترجمة الجديدة ورَّوجوا لها، وفي العقد الأخير من إعداد الترجمة عنى هذا توظيف الأساليب والملامح الأدبية المحلية على نحو أوسع في الترجمة.
- هدف الترجمة: هدفت هذه الترجمة إلى أن تنقل جوهر نص الكتاب المقدس ومعناه الأساس، بطريقة مفهومة قدر المستطاع لغالبية متحدثي الشيشوا، أى بطريقة المقابلة الوظيفية (functional equivalence)، أي إن نص الترجمة يجب أن يكون قريباً، وطبيعياً في اللغة الهدف، وكذا واضح ومفهوم عند قراءته جهرة على أسماع جميع شرائحه المستهدفة. ولغة الشيشوا المعيارية المستخدمة في الملاوي هي المعتمدة في الألفاظ، والنحو، والتهجئة، وطريقة كتابة حرف اللغة، وهي اللغة المستخدمة في المدارس، والنشرات الحكومية، والإنتاج الإعلامي.
- وحدة الترجمة الرئيسة: الوحدة الخطابية الرئيسة في التحليل والنقل ليست الآية المنفردة، بل هي وحدات النص المعنوية الأكبر وبخاصة الفقرة في النثر والشعر. ولذا وجب اعتبار النص وحدة متكاملة، أبعاضه أجزاء مترابطة ذات معان تخدم المعنى الكلي.
- الأسلوب: تم توحيد الأسلوب في الترجمة كلها قدر المستطاع، وتعكس في عمومها أسلوب المترجم الرئيس تحدثا وكتابة، وقد تم التدخل في الأسلوب مراعاة لأساليب النص الأصل، واستفادةً من تنوع الأنماط الخطابية المتوافرة في الفن اللفظي في لغة الشيشوا. ولكن التزام هذا الخط لم يكن متاحا في السنوات الأخيرة من المشروع لتردي الحالة الـصحية للمترجم الرئيس، الذي توفي بسبب مرض سرطان الدم قبل أن تطبع الترجمة.
- طريقة الترجمة: بما أن المترجمين لم يكونوا قادرين على الترجمة مباشرة من اللغتين اليونانية والعبرية لعدم معرفتهم بهما، فقد اتبعوا الطريقة المعروفة بطريقة «النموذج المحتذى»، وهذا الإجراء في أصله هو إجراء مقارن، يتم فيه اتخاذ ترجمة إنكليزية حرفية نموذجاً (كانت في هذه الحالة: النسخة المعيارية المراجعة (RSV) ) ويستفاد منه على أنه أداة لمعرفة بناء الأصل ولو على نحو غير مطابق، ثم تتم مقارنة هذا النموذج مع عدد من الترجمات الإنكليزية الأكثر معنوية، وترجمة بإحدى لغات البانتو، للوقوف على طريقة تعديل الترجمة الحرفية بطرق متعددة للتعبير على نحو أوضح عن معنى رسالة الكتاب المقدس بطريقة أكثر سلاسة. وعملية الترجمـة المتبعـة تنطوي على مراجعة ذات أربع مراحل (التحليل، والنقل، وإعادة البناء، والمقارنة). ومن الممارسات المتبعة في ترجمة نسخ الكتاب المقدس ذات اللغة الشعبية، تغيير تركيب ومفردات رسالة النص الأصل كلما دعت الحاجة حفاظا على المعنى المقصود في اللغة الهدف. وهذا هو هدف هذه العملية، والمعنى فيها لا يقف عند دلالة الألفاظ بل ويتخطاه إلى المراد من الحديث، والغرض الاتصالي للنص الأصل. ولكن لما هذا الإجراء من مخاطر فإنه لا يطبق إلا عندما تكون الترجمة الحرفية غير مفهومة، أو يصعب فهمها على القارئ المتوسط عند سماعها.
- قنوات الاتصال خلال العمل: في نطاق فريق العمل المكون من ثلاثة مترجمين تم اتباع نظام التدقيق والموازنة عند ترجمة كل نص من نصوص الكتاب المقدس، وتم اتباع طريقة مراجعة ذات أربع مراحل بانتظام، وهي تتألف على النحو التالي:
- أ) يتم إعداد نسخة أولية من ترجمة نص ما، وعادة ما يقوم بها أحد المترجمين، ثم يقوم بتدقيقها ومراجعتها جميع أفراد الفريق، وترسل للمراجعين.
- ب) يتم إعداد نسخة مراجعة من قبل الفريق كله، بناء على تعليقات المراجعين الرئيسيين جميعهم.
- ج) تم إعداد نسخة مراجعة ثانية مشتركة بناء على ورشة التدقيق التي يقوم بها مستشارو الترجمة التابعون لجمعيات الكتاب المقدس المتحدة، مع المترجمين.
- د) يتم إعداد نسخة نهائية وفقا للملحوظات على الترجمة كاملة، بناء على المراجعة الشاملة التي قام مركز الترجمة التابع لجمعيات الكتاب المقدس بلوساكا.
وتم رصد ملحوظات وآراء العامة على هذه الترجمة عن طريق نشر أجزاء متسلسلة من الترجمة، كبعض الأسفار، وكذلك العهد الجديد. كما تم عقد نشاطات ترويجية أخرى، مثل: المقابلات الإذاعية، والتقارير في الصحف الدينية والعامة، والمحاضرات في التجمعات الكنسية المختلفة. وتم الإقرار النهائي للترجمة نيابة عن جمعيات الكتاب المقدس المتحدة بواسطة مستشار الترجمة التابع لهم، بالتشاور مع الأمين العام لجمعية الكتاب المقدس الملاوية.
المشروع الثالث
ترجمتا صحيح البخاري وصحيح مسلم إلى اللغة الإنكليزية
عادة ما يضمن المترجمون -خاصة في المشروعات الكبيرة- ترجماتهم مقدمات يذكرون فيها الهدف من الترجمة ومنهجها. ومن المهم أن ينظر المترجم في هذه المقدمات؛ ليستفيد منها ويستخلص المفيد من الدروس، وهنا أقدم موجزا لمقدمتَيْ مترجمي صحيحي البخاري ومسلم إلى اللغة الإنكليزية، ولا شك أن هذين المشروعين كبيران، وتطلبا من المترجمين جهدا كبيرا استمر عدة سنوات على الأرجح، وصدق العزم منها على الإقدام عليه بناء على منطلق وقناعة.
أولاً: ترجمة صحيح البخاري
غير الكاملة لمحمد أسد([12])
١ - الهدف من الترجمة:
يقول المترجم في توطئته للطبعة الأولى من الترجمة وهي صادرة عام ١٩٣٨ م، ما نصه: «هذا العمل الذي يوضع الآن بين أيدي العامة يحتوي على الكتب التاريخية لأهم مؤلف في علم الحديث، وهو «كتاب الجامع الصحيح» للإمام محمد بن إسماعيل البخاري، ويروي بدأ الوحي على النبي (صلي الله عليه وسلم) وسنوات الإسلام الأولى حتى المرحلة الفاصلة في التاريخ الإسلامي، وهي معركة بدر. والدفعات الخمس التي يتكون منها هذا الكتاب ستتبعها بعون الله خمس وثلاثون دفعة أخرى فيها ترجمتي لصحيح البخاري كاملا وتعليقي عليها([13]).
وفكرة ترجمة صحيح البخاري إلى الإنكليزية -وهي مهمة لم يسبق لأحد أن قام بها قبلي- خطرت لي خلال فترة مكوثي في المدينة النبوية، عندما كنت أدرس علم الحديث في المسجد النبوي. في ذلك الجو المطمئن القرير، ظهرت لي الحاجة ملحة إلى أن نجد مرة أخرى طريقا للوصول إلى روح الإسلام الأصيلة([14])، وعرفت أنه لا يكفى أن نعرف ما يقوله هذا الرجل العظيم أو ذاك عن الإسلام، ولا يكفي أن نعيش في ظل أفكار حملها أصحابها في فترة زمنية بعيدة جدا عنا بحيث بالكاد تمت بصلة إلى ظروف عصرنا، وما نحتاج إليه اليوم بقوة هو فهم جديد ومعرفة مباشرة لتعاليم الإسـلام الحقَّة. وهذا فإن علينا أن نعي تماماً كلام رسول الإسلام (صلي الله عليه وسلم ) وكأنه يتحدث معنا مباشرة، ولا يمكن هذا إلا من خلال أحاديثه» أهـ.
٢ - منهج الترجمة:
يقول المترجم: «خلال ترجمتي لصحيح البخاري حاولت نقل المعنى على نحو حرفي قدر الاستطاعة، وكان هذا -في مواضع- على حساب سلاسة اللغة الإنكليزية، وعندما كان لدي ما أضيفه ضمنت ذلك الحواشي التعليقية، وعندما كانت الزيـادة لا محيص عنها داخل النص من أجل توضيحه، استخدمت الأقواس للتدليل على أن هناك زيادة منّي. وقد قسم كل حديث إلى سند ومتن وكتب السند بخط أصغر من خط المتن. وفيما بخص إيضاحات البخاري المعروفة بـ«تراجم الأبواب» التي صدرت بها بعض الأبواب كتبت بالحرف المائل، ووضع الحرف (T) قبل بعض الأسانيد لإيضاح أن الحديث «مُعلَّق»، والحرف (h) للإشارة إلى تحويل إلى سلسلة سند أخرى.
وقد تساءل بعض أصدقائي عن أهمية إيراد السند كاملا في الترجمة، إذ إن إيراد السند كاملا في رأيهم ليست له كبير علاقة بفهم الحديث، ولذا فأهميته للقارئ العادي قليلة، وهذا في رأيي قول مرجوح، فالإسناد جزء مهم جدا في الحديث، أهميته بمكان أهمية الهيكل العظمى في الإنسان، فبالإسناد تعرف مدى صحة الحديث وقبوله متوقف عليه، فلا قاعدة بدون الإسناد في قبول الحديث أو رفضه، وإذا وضع الإسناد بين يَدَي القارئ فإنه سيقف بنفسه على مدى العناية الفائقة في التأكد من درجه ثبوت الأحاديث النبوية» أ. هـ.
٣ - عن طباعة النص العربي بجانب الترجمة، والأصل المعتمد:
يقول محمد أسد: «في البلاد الإسلامية تلقى هذا النظام بالقبول، إذ يمكن القارئ من مقارنة الترجمة بالأصل في كل خطوة، ولكن بعض العلماء الأوربيين أشاروا علي بأن مثل هذا العمل يزيد من حجم الكتاب دون فائدة، مهما ينتج عنه زيادة في تكلفة إنتاجه، وأن طالب العلم يمكنه بسهولة أن يرجع إلى الكتاب في نسخته العربية، كلما دعته الحاجة إلى المقارنة والنقد الحر، إلا أني لا أقرهم على هذا، فالطريقة القديمة التي طبع به هذا الجامع وغيره من الكتب الجامعة، تجعل من الصعوبة بمكان التفريق بين متن الحديث وسنده، وفي بعض الأحيان تفضي إلى تداخل أقوال الأشخاص المختلفين، ووضع أقوال الراوي ضمن المتن. ولذا فالنص العربي في هذه الطبعة - وحيث نُظّم بالطريقة نفسها التي نظمت بها الترجمة - يقدم صحيح البخاري لأول مرة بطريقة مقروءة بسهولة، ويحتوي -علاوة على هذا- جميع التحسينات النصية (الطباعية) التي تم جمعها من عدد من أكثر الطبعات المتوافرة موثوقية.
وترجمتي بنيت على أكثر الطبعات المتوافرة صحة، وهي التي طبعت بأمر السلطان عبد الحميد في المطبعة الأميرية (القاهرة، ١٣١٣ ه)، وبالقطع راجع طبعات أخرى مشهورة»أ. هـ.
ثانيا: ترجمة صحيح مسلم الكاملة
لعبدالحميد صديقي ([15])
١ - عن الترجمة واختلاف اللغات:
يقول المترجم: «الترجمة في حد ذاتها عملٌ مضنٍ، وتزداد صعوبة عندما يكون البون بين عبقرية اللغتين شاسعا. اللغة العربية لغة غنية، وحيوية، ومزهرة، وتعـبر ببراعة عن الأفكار والمفاهيم أكثر من اللغات الآرية، بسبب المرونة الفائقة لأفعالها وأسمائها، والإنكليزية في المقابل، هي في أصلها لغة تميل إلى الاقتضاب والمباشرة، وعلاوة على هذا فإن كل لغة وعاء من الرموز تعبِّر عن قيم الحياة الخاصة بكل شعب، وبالطريقة الخاصة التي يفهمون بها الواقع، ولا تكون الترجمة جيدة وناجحة دون أن يُنتج المترجم داخل نفسه الرموز الإدراكية لكل لغة، فترجمة الكلمات البحتة لا تُنتج إلا القشرة الخارجية، وتفقد الجمال الداخلي للكلمات المترجمة. والمشكلة تصبح أكثر تعقيدا عندما نعي أننا لا نترجم أية كتاب من العربية إلى الإنكليزية، بل إننا نترجم كلام الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم، فقد كان ما يقوله وحيا، ولذا أتت كلماته ولغته في وعاء تعبيري نقي، لا يشاكله كلام في تاريخ البشرية، ولذا لا تعدو ترجمة كلماته وتعبيراته صدى بعيدا معيبا لمعنى الأصل وروحه.
ولا أدعى التمكن من كلتا اللغتين، العربية والإنكليزية، المترجم منها والمترجم إليها. والحقيقة المريرة، وهي أنه لم يترجم كتاب كامل واحد من الصحاح الستة إلى الإنكليزية، دعتني إلى حمل هذه المسؤولية العظيمة، على كاهل غير المهيأ، آملا في أن يأتي من لهم أهل ليحملوا اللواء، بعلمهم الواسع وبقدرتهم الكبرى، ويترجموا مجموعات الأحاديث إلى الإنكليزية، ويغسلوا تبعة الجهل المطبق عن المجتمع المسلم.
ولعلي أضيف شيئا هنا عن التعليقات، فقد حاولت قدر المستطاع تحاشي النقاشات الفقهية، وحاولت توضيح معاني الحديث في ضوء شروحات أئمة المحدثين، فقد حاولت جاهدا تتبعهم قلبا وقالبا، لأني أعتقد أنهم الوحيدون المؤهلون للحديث عن الموضوع على علم.
وفي كل خطوة من خطوات العمل، أشرت إلى المصدر، فإن أراد مهتمٌ أن يدرس أمرا ما فإن بإمكانه الرجوع إليه. وعند احتمال الحديث للتأويل فإني أبين تأويله ولكن من خلال أئمة علم الحديث، والتأويلات موجودة، ولكنها لم تكن أبداً مطية للاعتذار للعقل والفكر الغربيين، فإن هذا تحريف لكلام الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم، وهو اتجاه خطير جدا ومرفوض تماماً، فهو يقوّض أصول الإيمان بالله وبرسوله صلي الله عليه وسلم» أ. هـ.
مُلْحَق رَقمْ (٣)
نَصُّ تَمَّ تحليلُ عَنَاصِرِهِ الثَّقَافِيَّةِ
حديث أم زرع
نص الحديث: برواية البخاري:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، قَالاَ : أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : «جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً ، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا ،
قَالَتِ الأُولَى: «زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ : لاَ سَهْلٍ فَيُرْتَقَى وَلاَ سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ »
قَالَتِ الثَّانِيَةُ : « زَوْجِي لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لاَ أَذَرَهُ ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ »
قَالَتِ الثَّالِثَةُ : «زَوْجِيَ العَشَنَّقُ ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ »
قَالَتِ الرَّابِعَةُ : «زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ ، لاَ حَرٌّ وَلاَ قُرٌّ ، وَلاَ مَخَافَةَ وَلاَ سَآمَةَ »
قَالَتِ الخَامِسَةُ : «زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ ، وَلاَ يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ »
قَالَتِ السَّادِسَةُ : «زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ ، وَإِنِ اضْطَجَعَ التَفَّ ، وَلاَ يُولِجُ الكَفَّ لِيَعْلَمَ البَثَّ »
قَالَتِ السَّابِعَةُ : «زَوْجِي غَيَايَاءُ ( أَوْ عَيَايَاءُ ) طَبَاقَاءُ ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ »
قَالَتِ الثَّامِنَةُ : «زَوْجِي المَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ »
قَالَتِ التَّاسِعَةُ : «زَوْجِي رَفِيعُ العِمَادِ ، طَوِيلُ النِّجَادِ ، عَظِيمُ الرَّمَادِ ، قَرِيبُ البَيْتِ مِنَ النَّادِ »
قَالَتِ العَاشِرَةُ : « زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ ، مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ المَبَارِكِ ، قَلِيلاَتُ المَسَارِحِ ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ المِزْهَرِ ، أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ »
قَالَتِ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ : «زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ ، وَمَا أَبُو زَرْعٍ ، أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ ، وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي ، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ ، وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ ، أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ، عُكُومُهَا رَدَاحٌ ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ، مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ، طَوْعُ أَبِيهَا ، وَطَوْعُ أُمِّهَا ، وَمِلْءُ كِسَائِهَا ، وَغَيْظُ جَارَتِهَا ، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ، لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا ، وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا ، وَلاَ تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا ،
قَالَتْ : خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالفَهْدَيْنِ ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا ، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا ، رَكِبَ شَرِيًّا ، وَأَخَذَ خَطِّيًّا ، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا ، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا ، وَقَالَ : كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ ،
قَالَتْ : فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ ، مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ »
قَالَتْ عَائِشَةُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ»»
التحليل:
أولاً: أبعاد ثقافية عامة في النص:
- الصيغة الإنشائية (genre): يمكن تصنيف حديث النسوة هنا تحت نوع الأحجيات والألغاز، فكل امرأة من هؤلاء النسوة ترى غضاضة في خرق العرف الاجتماعي الذي يقتضي تحمل المرأة ما تقاسيه في بيت زوجها وكتمان سره وعدم إفشائه، وعدُّ نقد الزوج وتعديد مثالبه مما تُعاب به المرأة الحّرة، ولذا جاء التأكيد على إفشاء هذه الأسرار بالتعاهد والتعاقد بينهن على أن لا يكتمن شيئا، ولجأن إلى هذه الـصيغة وهي صيغة الألغاز والأحجيات، التي منطوقها قليل مقتضب، ولا يفهمها إلا من يشترك مع المتحدث في ثقافته وله من الذكاء ما يؤهله لفك محتوى قوله المركز وإدراك أبعاده، ومن هنا كانت الشروحات المتعددة لهذا الحديث استجلاء لأبعاد ما قيل فيه. ومن مميزات هذه الصيغة في العربية قصر العبارة وتركيزها، واعتمادها الإلماحات إلى ما يعرفه المتلقـي (أي إلى المشترك الثقافي)، وتوظيف السجع، وكثير من الصيغ البلاغية([16]). وعند النظر إلى خصائص هذه الصيغة الإنشائية وانعكاساتها على الترجمة نجد أن أيا من الترجمات لم تفلح في نقل هذا البعد الثقافي في النص الأصل، بل ولم تحاول تعويض هذه الخسارة بأي شكل من الأشكال، ولا حتى بحاشية أو ملاحظة تقديمية للترجمة، تضع القارئ في سياق الحديث، وتبين له ما فقدته الترجمة من الأصل.
- صفات الزوج (والرجل عموماً) الحميدة والسيئة في الثقافة العربية: قـد لا تكون هذه الصفات معتبرة في ثقافات أخرى، وجاء منها الكثير في النص، ولها أثر في فهمه، ولذا وجب التنبه لها عند التحليل والترجمة، كما سيظهر في بعض مفردات الجدول أدناه.
ثانيا: تنبيهات قبل الشروع في التحليل والاستقراء:
- قد يلحظ القارئ وجود ملاحظات في هذه الترجمات خارج نطاق البعـد الثقافي الذي يختصُّ به هذا البحث، وهذه لا آتي على ذكرها لعدم اختصاص البحث بها من جانب، وبهدف أن يبقى البحث في حدود المساحة المسموح بها.
- لمنهج كل مترجم انعكاسات على ترجمته وبالتالي على فهمها واستقرائها، فالأستاذة عائشة بيولي من أصحاب اللغة الإنكليزية الأصليين، إلا أن منهجها في الترجمة هو الحرفية، والتشبث اللصيق بالنص الأصل ونقل القارئ له، وهو ما يعرف في دراسات الترجمة بالتغريب (foreignizing) وبذلك تحد شريحة قرائها في عدد محدود ممن لهم معرفة إسلامية كافية
تؤهلهم للفهم([17])، بينما نجد على طرف النقيض عبد الحميد صديقي، وهو من أصل هندي، يعتمد ما يعرف بالتوطين ((domestication([18]) في ترجمته، فنراه يقرب النص من القارئ، فمثلا يبدل كلمة «نادي» المعروف في الثقافة العربية بكلمة (inn)، أي: نُزُل، وترجم «المُزهر» إلى (music)، أي: موسيقى، وهي القريبة من فهم القارئ الغربي. أما خان فهو يميل إلى الطريقة الأولى، إلا أنه راعى قراءه وحاول تقريبهم من النص بالشروحات والتعليقات.
ثالثاً: التحليل المفصل للبعد الثقافي في كل من النص وترجماته:
الرقم | العنصر | بيان البعد الثقافي فيه([19]) | بيولي | خان | صديقي | تحليل واستقراء |
1 | لَحْمُ جَمَلٍ | البيئة الحيوانية: لحم الجمل ليس كلحم الضأن فلحم الضأن أكثر قيمة عند العرب، وفي هذا إيغال في تعديد مثالب الزوج. | the meat of an | the meat of a | the meat of | لم يشر أي من المترجمين إلى هذا البعد في كلام المتحدثة، ربما لأنه وصف بال «غَثّ» فـرأى المترجمون أن هذا يغني في هذا السياق. |
2 | عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ | بعد مقامي: أصل معناها، عُقدٌ تكون ظاهرة في الجسم، وتعيبه، ثم انتقل معناهما للدلالة على عموم المعايب الظاهر منها والباطن. | his faults, | his defects and bad traits | faults-both visible and invisible completely | نرى أن المترجمـين حملوا هذا العنصر على معناه المقامي، ولم يحملوه على معناه الحرفي، هذا أداء جيد للمعنى. |
3 | العَشَنَّقُ | معني إيحائي: الطويل، ويضاف على هذا المعنى معنى آخر وهو ذم هذا الطول. | Tall | a tall man | long- statured fellow (i. e. he lacks intelligence) | ترجم كل من بيولي وخان هذا العنصر إلى مقابله المعجمي في الإنكليزية، وصفة الطول صفة محمودة في اللغة الإنكليزية، وهذا أرى أنه إخفاق من المترجمين لاسيما أنهما حملا كلام المتحدثة على الذم لزوجها. أما صدّيق فقد تنبه لهذا الإشكال، فتحاشى المقابل المعجمي الواضح واستعاض عنه بما يؤدي المعنى، وأكد المعنى الإيحائي للفظ بشرحه بين قوسين بقوله: «أي أنه يفتقد الذكاء». |
4 | تِهَامَةَ | البعد البيئي: تهامة بلاد حارة في غالب الزمان، وليس فيها ريح باردة، فإذا كان الليل كان وهج الحر ساكنا فيطيب الليل لأهلها بالنسبة إلى ما كانوا فيه من أذى حر النهار. | Tihama | Tihama | Tihama (the night of Hijaz and Mecca) | لم يلتفت أي من المترجمين إلى هذا البعد الجغرافي وما هو معروف عن هذه المنطقة، ربما لأن المقصود منها مشروح فـيما بعدها. إلا أن صديقي أضاف بين قوسين أن تهامة هي: «الحجاز ومكة»، وبغض النظر عن دقة هذا التعريف فإن من شأنه أن يفيد القارئ يوجه ذهنه ويقربه أكثر من المقصود. |
5 | دَخَلَ فَهِدَ ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ | البيئة الحيوانية: الفهد وماله من صفات كثرة النوم والتراخي، والأسد وماله من الشجاعة. تقويم جماعي: دعة الرجل في بيته، واستئساده بين الناس. | like a leopard when he comes in and a lion when he goes out | when entering (the house) is a leopard, and when going out, is a lion *She compares her husband with a leopard which is well known for being shy, harmless and fond of much sleep. She compares him with a lion when he is out for fighting. Besides, he does not interfere in the home affairs, e.g. he does not ask her how much she has spent, nor does he criticize any fault he may notice. | (like) a leopard as he enters the house, and behaves like a lion when he gets out * He enjoys sound sleep like a leopard and remains indifferent to the affairs of his wife and family. | تفاوت مترجمونا في تعاملهم مع هذه العناصر الثقافية: فنجد أن بيولي قدمت ترجمة حرفية ولم تخدم القارئ لـيفهم المعنى بأي شكل من الأشكال. بينما قام خان بإضافة حاشية مطولة يوضح فيها المعنى المراد وجَلّى أباعده. أما صديقي فقد وضح المراد في حاشية، إلا أنه حمل كلام المرأة على الذم، ولا أعلم من أين أتي بهذه القراءة، إلا أن الذهن ينصرف إل شراح الحديث الذين اعتمد المترجم عليهم، وهو كثيرا ما يحيل إلى كتاب «فتح الملهم» لشبير أحمد عثماني وهو شرح لصحيح مسلم بالأردية. |
6 | وَلاَ يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ | تقويم بجماعي: أكثـرت العرب من وصف الكرماء والسادة بالتغافل والحياء في بيوتها وأنديتها. | He does not ask about the state of things | He does not ask about whatever is in the house | he does not ask about that which he leaves in the house | هذه تلحق ما جاء في (٥) إذ إن الحاشية مشتركة. |
7 | إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ | تقويم جماعي: العرب تذم بالإكثار من الطعام والشراب والتخليط فيه. | If my husband eats, he eats too much and leaves nothing. If he drinks, he leaves nothing | If my husband eats. he eats too much (leaving the dishes empty), and if he drinks he leaves nothing | he eats so much that nothing is left back and when he drinks he drinks that no drop is left behind | وفق مترجمونا جميعهم في نقل المعنى المراد وتوضيح ذم الإكثار من الأكل والشرب، وربما هذه من المذمومات في جميع الثقافات. |
8 | المَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ | أدوات: الزرنب نبت طيب الرائحة تتخذه العرب طيبا. تقويم جماعي: عبّر بهذا اللفظ عن حسن عشرة الرجل. ولم يقصد بهذا المعنى الحرفي أي أنه ناعم الملمس طيب الرائحة، فبيئتهم لا تعزز لا هذا ولا ذاك، وثقافتهم تنبذ الرجل الناعم. | غفلت عن ترجمتها | soft to touch like a rabbit and smells like a Zarnab (a kind of good smelling grass) | as sweet as the sweet smelling plant, and as soft as the softness of the hare *He possesses fine qualities of both body and mind. | فيما يخص الزرنب، فبينما وضح كل من خان وصديقي معنى زرنب، إلا أن أغفلا ذكر أن العرب كانت تتخذه طيبا. وقد قام خان بذكر اسم هذه النبتة بالحروف اللاتينية، وهذا أوفق من اختيار صديقي الذي اكتفى بتعريفها بالمعنى. وفيما يخص البعد الاجتماعي في تحبيذ العرب للخشونة وذمهم، لم يفطن إليه أي من المترجمين بل أكدا على «مسّ الأرنب» هنا يعني نعومة الجسد، أي حمـلاه على المعنى الحرفي لا على كنايته عن حسن المعشر. |
9 | زَوْجِي رَفِيعُ العِمَادِ ، طَوِيلُ النِّجَادِ ، عَظِيمُ الرَّمَادِ ، قَرِيبُ البَيْتِ مِنَ النَّادِ | المسكن: بيوت الوبر، وأعمدتها. الأدوات: نجاد السيف (حمالته). الأدوات: إنضاج الطعام على الحطب. مؤسسة اجتماعية: النادي. تقويم جماعي: الكرم وهو خلة محمودة عند العرب، ويكنى عنه بطول أعمدة البيت ليكون بارزا يراه الزائر ويعرف كرم أهله بهذه العلامة، وبعظم الرماد والنار التي لا تنطفئ ليلا ولا نهارا ليراها الضيوف ويتجهوا صوبها، وقرب البيت من النادي تدل على موضع الرجل وكرمه، إذ الضيوف يتجهون عادة إلى النادي قبل غيره من البيوت، وكلما قرب البيت منه كان مظنة أن يقصدوه. الطول: العرب تمتـدح بالطول وتذم القصر
| has a high position, with a long sword strap (because of his height). He leaves abundant ashes and his house is close to the central gathering | a tall generous man wearing a long strap for carrying his sword. His ashes are abundant and his house is near to the people who would easily consult him. * He is noble and brave. **He is so generous that he always makes fires for his guests to entertain them, and hence, the abundant ashes he has at home. ***He lives near the people so that he is always at hand to solve their problems and help them in hardships and give them good advice. | the master of a lofty building, long statured, having heaps of ashes (at his door) and his house is near the meeting place and the inn *He is very warm and hospitable and the fire always burns in his kitchen. **He is also the chief and is always busy in entertaining guests. | تفاوت المترجمون في نقل هذه العناصر، إلا أنهم اتفقوا في حمل الكلام على المعنى، وبذلك طوعوا العناصر الثقافية المكنيّ عنها في قول هذه المرأة. وقد تفاوتوا في نقل المعنى المراد. ألا أن إحدى هذه الكنايات كانت أكثر إشكالا من غيرها النقل بالمعنى العام وهي:«عظيم الرماد»، لذا تعاملوا معها حرفيا وعلق عليها كل من خان وصديقي وبينا وجهة نظرهما من معناها. بينما أغفلت ذكر ذلك بيولي كلية. |
10 | مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ | بعد مقامي: استفهام يقصد به، التعظيم من قدر المتحدث عنه. | What can be said [about] Malik? | and what is Malik? | and how fine Malik is | عمدكل من بيولي وخان إلى ترجمة هذه السؤال إلى صـيغة سؤال إلى الإنكليزية، وقد يدرك القارئ المعنى المقامي، بحكم السياق، إلا أنه كان الأولي بهما أن يفعلا كما فعل صديقي بتأكيده على المعنى المقامي وإغفال صيغة السؤال كلية. |
11 | إِبِلٌ كَثِيرَاتُ المَبَارِكِ ، قَلِيلاَتُ المَسَارِحِ ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ المِزْهَرِ | بيئة حيوانية: الإبل، ومباركها ومسارحها. أدوات: المزهر، آلة عزف يضرب عليها احتفاء بالضيف تقويم جماعي: الكرم يكنى عنه بكثرة مبارك المزهر الإبل وقلة مسارحها أي حضورها الدائم واستعداد الرجل الدائم لإكرام الضيف. | camels, most of which are kept in pens while only a few are sent to graze. When they hear the sound of the lute | camels are kept at home (ready to be slaughtered for the guests) and only a few are taken to the pastures. When the camels hear the sound of the lute (or the tambourine) they realize that they are going to be slaughtered for the guests. | He has many folds of his camel, more in number than the pastures for them. When they (the camels) hear the sound of music *Camels are always slaughtered in his guest house, and, therefore, he does not require as many pastures to graze his camels as the folds to keep them. **In old Arab society there could have been no idea of feast without dance and music, so when the camels heard the music they came to know of the feast being held and were thus sure that they would be slaughtered and their meat would be served to the guests. | تفاوت المترجمون في هذه: فكانت عائشة بيولي حرفية، ولم تشر إلى أي من العناصر الثقافية في حديث هذه المرأة. بينما أدخل خان شيئا من الإيضاح في متن النص، بالإشارة إلى أن الإبل سيذبحن للضيف. إلا أنه لم يفعل كما فعل صديقي في إدراج حاشية ذكر فيها عادة العرب في إكرام الضيف بالمعازف، ومن هذا جاءت معرفة الإبل بأنهن هوالك إذا سمعن العزف. |
12 | أَهْلِ غُنَيْمَةٍ | بيئة حيوانية: الغنم. تقويم جماعي: العـرب لا تعتد بأصحاب الغنم، وإنما يعتدون بأهل الخيل والإبل. ولذا نرى القائلة تصغر لفظ غنيمة تقليلا من قدرها. | a people of a few sheep | my family who were mere owners of sheep | among the shepherds living in the side of the mountain | تنبه المترجمون إلى المعنى المضاف والذي رمت إليه القائلة بتصغير الغنم لتحقير أمرها وظهر هذا في ترجماتهم. إلا أن المثير للاهتمام من الناحية الثقافية أنهم لجؤوا إلى كلمة sheep وهي تعني ضأنا، وهذا في زعمي يأتي من باب التطويع الثقافي لأن في الثقافة الإنكليزية الرعي مرتبط بالضأن على نحو ألصق، وتقرب الصورة بذلك في أذهانهم على نحو أقرب. |
13 | مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ | مضجعه كمسل شطبة: كناية عن قلة اللحم، وخفة الجسم. بيئة حيوانية: الجفرة: الأنثى من أولاد المعز. تقويم جماعي: العرب تمدح الرجل بأنه مُهفف خفيف اللحم، قليل الأكل. | His bed is like a narrow unsheathed sword and the shoulder of a lamb satisfies him | His bed is as narrow as an unsheathed sword and an arm of a kid (of four months) satisfies his hunger | his bed is as soft as a green palm stick drawn forth from its bark, or like a sword drawn forth from its scabbard, and whom just an arm of a lamb is enough to satiate | اتفق كل من بيولي وخان في ترجمتها، وأضاف خان حاشية يوضح فيها المراد ولكن حاشيته لا تجلي للقارئ وجه المدح في هذا الوصف بل على العكس قد يفهم منها أنه رجل مريض مصاب بالهزال ولا يشتهي الطعام. وأبعد صديقي النجعة في أن في تشبيه مضجع ابن أي زرع بمسل الشطبة، دلالة على نعومة مضجعه، بل نجده أورد في متن الترجمة معنيا "المسل"وهما جريد النخل المستل منها، والسيف المسلول من غمده، ويضطرب معنى الترجمة إذ لا يمكن التوفيق بين وجه تشبيه المضجع بهما. وهذا ينبئ عن خلل في مرحلة تحليل النص قبل الشروع في ترجمته. |
14 | وَمِلْءُ كِسَائِهَا | حكم جماعي: ترى العرب أن امتلاء الجسم من صفات المرأة الجميلة. | She fills out her garment | She has a fat well-built body | wearing sufficient flesh | وفق المترجمون جميعا في التنبه للمعنى المضاف وهو أن صفة الامتلاء صفة محببة ولذا نقل كل منهم هذا المعنى بطريقته |
15 | الأَوْطَابُ | أدوات: وعاء بمخض اللبن لاستخراج الزبد. ومخض اللبن يكون في الصباح الباكر. | when the butter was | when the milk was being | when the milk was | تحاشت بولي ذكر الأوعية التي يمخض فيها اللبن لاستخراج الزبد منه، واكتفت بذكر فعل مخض اللبن، بينما لم يفعل خان لاهذا ولا ذاك وفسر هذا القول بفعل الحلب. أما صديقي فقد اهتدى لذكرهما جميعا. وعلى أي فإن أيا من المترجمـين لم يذكر فائدة ذكر أم زرع لهذا التفصيل في روايتها، وهي للتنبيه على أن الوقت كان باكرا. |
16 | مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالفَهْدَيْنِ | حكم جماعي: وصف الغلامين بأنها فهدان يدل على اعتدال خلقه واشتداد جسميها، وفي هذا تنبيه على سبب تزوج أبي زرع إياها لأن العرب كانت ترغب في المرأة التي تنجب، ولا يعبون العقيم. | two sons like leopards | two sons like two leopards | two children like leopards | تشابهت الترجمات جميعها كثيرا، وهي حرفية لا تعطي القارئ صورة واضحة عن أبعاد الحديث الثقافية. |
17 | رَكِبَ شَرِيًّا ، وَأَخَذَ خَطِّيًّا | بيئة حيوانية: الـشرّي: هو الفرس الفائق الخيار, أدوات: الخطي: الرمح منسوب إلى الخط، وهي قرية على ساحل البحر عند عمان والبحرين، وهو من جّيد الرماح. حكم جماعي: صفةفرس الرجل ونوع سيفه تدلان على مكانته العالية.
| a fast, tireless horse and a spear of al Khatt | ride a fast tireless horse and keep a spear in his hand | expert rider, and a fine archer | فيما يخص لفظ «شرّي» فقد تمكن كل من الهلالي وصديقي من نقل معناه بطريقة تؤدي الحكم الاجتماعي عليه. وأما «خطياً» فقد ترجمتها بيـولي صوتيا ورسمتها بالحرف اللاتيني ولكنها لم تعط أي معلومة خلفية توضح المعنى المراد وقيمة هذا الرمح عند العرب، وترجمه خان بالمعنى وأخفق أيضاً في إعطاء قرائه القيمة الاجتماعية للرمح الخطي. وفي المقابل قام صديقي بجعل هذه العناصر صفات للزوج المتحدث عنه، فهو عنده فارس خبير، ورامي سهام مسدد.
|
جدول رقم (٣) تحليل تفصيل للعناصر الثقافية في حديث أم زرع، وترجماته
رابعا: رأي مجمل في التحليل التفصيلي للعناصر الثقافية في حديث أم زرع وترجماته:
ليست الإشارات والعناصر الثقافية في حديث أم زرع على حد سواء من حيث الأهمية في فهم النص، ومن هذا أيضاً أن بعض هذه الإشارات كانت أظهر من بعضها الآخر وأجلى، ولعل كثرة الإشارات الثقافية وتغلغلها في النص تجعل من مهمة المترجم صعبة وتربكه خاصة إذا لم يطور منهجا محددا في التعامل معها، ولم يشبع النص تحلـيلا، و لطبيعة هذا النص وكثرة الإشارات الثقافية فيه نجد أن مقدار الخسارة فيما يتعلق بموضوع البحث - أي العناصر الثقافية في النص- كبير إلى حد ما، وبخاصة أن المترجمين لم يظهر لهم منهج محدد واضح المعالم في التعامل معها، وقد تفاوتوا في ذلك بين ترجمة بالمعنى لا اللفظ، واللجوء إلى الحواشي والأقواس الاعتراضية في متن النص، أو بدمج العنصر الثقافي كلية في النص، أو حمله على سياقه (وسباقه).
مَسْرَدٌ بِمُصْطَلَحَات التَّرْجَمَةِ وَتَعْرِيفَاتُهَا
هذا مسرد ببعض مصطلحات الترجمة، فمن المهم أن تستوعب هذه المصطلحات، فمصطلحات كل علم هي المفتاح إلى فهمه:
م | المصطلح وتعريفه | المصطلح باللغة الإنكليزية | |
1- | التحول إلى الثقافة: في دراسات الترجمة جاء هذا التحول بعد التركيز اللغوي البحت الذي طبع بدايات تشكل هذا العلم، ويؤكد التحول الثقافي على أمور أخرى تكمن خارج الحدود اللغوية الصرفة، فهي تشمل الثقافة، والأيديولوجية، ونظريات ما بعد الاستعمار. | Cultural turn | |
2- | الإرث الثقافي: مجموع الثقافة التي يرثها المجتمع الثقافي، بما فيها من مفردات وعناصر ثقافية. | Cultural heritage | |
3- | المفردة الثقافية، أو العنصر الثقافي: وهي العناصر أو الوحدات التي يتكون منها مجموع الثقافة. | Cultural entity (item) | |
4- | عدم التوافق الثقافي: يحدث هذا أكثر بين الثقافات ذوات الموروث الثقافي المتباين، وغير مشترك، مثل العربية والإنكليزية، بينما هناك توافق ثقافي أكبر بين اللغتين العربية والأردية أو العربية والفارسية مثلاً فالاختلافات الثقافية هي التي عادة ما تشكل مشكلات في الترجمة. | Cultural incompatibility | |
5- | الفجوة الثقافية (أو الفراغ الثقافي): وهي أن لا توجد في إرث ثقافي ما مقابل مطابق لمفردة ثقافية في ثقافة أخرى.
| Cultural gap (void) | |
6- | التواطؤ الثقافي: وهو عكس الفجوة الثقافية حيث توجد مفردة واحدة في ثقافتين متباينتين. | Cultural overlap | |
7- | المرشح الثقافي: وهي جميع العوامل التي تؤثر في الفرد، ورؤيته للأشياء، وطريقة تعامله معها، وهذه عادة ما تأتي من موروث الفرد الثقافي. | Cultural filter | |
8- | السياق الثقافي: في الترجمة، هو الإطار العام الذي تكون فيه النصوص، وتكون علاقة النصوص به وثيقة جدا، وتأثيره فيها لا يمكن إغفاله. | Context of culture | |
9- | الإشارات الثقافية: هي كل ما يرد في النص ويشي بالثقافة، ويجليها. | Cultural references | |
10- | التسييق (من: إضافة السياق): وهي استراتيجية تعتمد على أخذ السياق الثقافي في الاعتبار عند الترجمة. | Contextualization (translation strategy: taking context on board). | |
11- | الأصدقاء غير الأوفياء: وهي الوحدات الثقافية (الألفاظ) التي تبدو متطابقة، وهي في حقيقة الأمر غير ذلك. | False friends (cognates) | |
12- | أصدقاء المترجم غير الأوفياء: وهي الكلمات أو الوحدات الترجمية التي درج المترجمون على استخدامها مترادفات بين لغتين، مع وجود خلل في هذا الترادف من حيث المعنى والدلالة، وهي عادة ما تكون حلولا جاهزة مؤاتية يستسهل المترجمون العمل بها، وقد يؤدي الخروج عنها إلى النظرة إلى أداء المترجم وكأنه قاصر. | Translational false friends | |
13- | التناقل الثقافي: وهي حالة عامة يحدث فيها اتصال بين ثقافتين، وتنقل إحداهما عناصر الثقافة الأخرى. | Cultural interference | |
14- | التثقيف (أو التثقُّف): أي التدرب في معرفة الثقافة، وهي تتطلب الكثير من الدربة والتعايش مع أهل الثقافة المراد دراستها. | Enculturation | |
15- | ما بين الثقافات: وهو يختص بما حدث من اتصال ونقل بين الثقافات. | Intercultural; transcultural, cross cultural (communication) | |
16- | الفرض الثقافي: وهو مسمى عام لجميع أشكال التعامل مع العناصر الثقافية في الترجمة عند نقلها بين الثقافات، والتي يتم فيها تفضيل ومحاباة عناصر اللغة المستقبلة على عناصر اللغة الأصل، مما يقربها من السياق الثقافي المستقبل. | Cultural transposition | |
17- | التغريب: وهو الخيار الأكثر تطرفا في الإشارة إلى اختلاف ثقافة الأصل عن الثقافة المستقبلة، ولا يكون هناك أي محاولة من قبل المترجم لاستعارة أية مفردة ثقافية من الثقافة المستقبلة. والتغريب خيار واعٍ جداً وفي كثير من الأحيان يكون مقصودا لتحقيق غرض ما: مثل تأكيد الفروق بين الشعوب، أو لأن مثل هذا التغريب مطلوب عند القراء. وطبيعة بعض النصوص تجعل من تفادي التغريب أمرا مستحيلا، إذ هي موغلة في ثقافة الأصل. | Exoticism | |
18- | الإقحام الثقافي: وهي إقحام مفردة ثقافية من ثقافة أخرى من خلال الترجمة، لا تتناسب والبيئة الثقافية المستقبلة، وتتفاوت هذه الإقحامات من حيث قبلوها في الثقافة المستقبلة. وكثير من الإقحامات الثقافية تتحول إلى مفردات معيارية في اللغة المستقبلة، مع كثرة الاستخدام ومع مرور الوقت، واعتمادا أيضاً على عدم استهجانها من أصحاب اللغة المستقبلة ومدى تقبلهم لها، كعبارة: «غسيل الأموال» مثلاً، وهي إقحام في العربية لعبارة: money laundering)) ، ومصطلح: «صندوق أسود»، الذي هو إقحام للمصطلح: (black box)، وكلاهما له أصوله المتجذرة في الإنكليزية وليس كذلك في العربية إلا أن كليهما أصبح شائع في الاستعمال العربي. | Calque | |
19- | الغرس الثقافي: وهو على طرف النقيض من التغريب، إذ يعتمد على إبدال العناصر الثقافية في الأصل بما يقابلها في الثقافة المستقبلة، بحيث لا تشي بالاختلاف بين الثقافتين، وكأن المتلقي يستقبل نصا كتب في ثقافته أصلا. وقد يكون الغرس الثقافي لبعض المفردات ولا يستوجب أن يكون للنص بأكمله. | Cultural transplantation | |
20- | الاقتراض الثقافي: وهو استعارة مفردة ثقافية، وبعكس الإقحام الثقافي فإن القرار قد لا يكون خاطئ بالضرورة. وقد تصبح المفردات الثقافية المقترضة جزءا لا يتجزأ من حصيلة الثقافة المستقبلة. وقد يحدث في هذا ضرب من الانزياح المعنوي كأن تكتسب الكلمة معانٍ إيحائية غير تلك التي تمتاز بها الكلمة في بيئتها الأصل، وبهذا تصبح من أصدقاء المترجم غير الأوفياء. | Cultural borrowing | |
21- | النقحرة: وهي النقل الحرفي، وهي الكتابة الصوتية للكلمة، كأن تكتب كلمة: «صلاة»، هكذا: (salĀh)بالحرف اللاتيني، وعادة ما يُصار إلى النقحرة عندما لا تتوافر مفردة ثقافية في اللغة المستقبلة، فيُضطر إلى نقلها كما هي. | Transliteration | |
22- | المقام الاتصالي: وهو الموقف الاتصالي وأطرافه، والعوامل التي تدخل فيه، وما يحيط به من مؤثرات، ويتكون عادة من: مرسل، ومستقبل، ورسالة، وأداة اتصال، وفي الترجمة يصبح المترجم هو المرسل، وتتغير المستقبلين، وتتغير ظروفهم، مما يؤثر على الرسالة، وقد تتأثر أداة الاتصال أيضاً. وهناك عوامل كثيرة قد تؤثر في الموقف الاتصالي وبالتالي تؤثر في طريقة صياغة الرسالة، وقد تختلف هذه في أداء الرسالة عند الترجمة. | Communication situation | |
23- | الغرض (أو الهدف) الاتصالي: وهو الغرض الذي من أجله شرع المرسل في الاتصال، وقد يختلف في الترجمة فتختلف الرسالة وفقا له. | Communication purpose | |
24- | الترجمة المعانة بالحاسوب، (CAT اختصارا): وهي الترجمة المعانة بالبرامج الحاسوبية، كبرامج ذاكرة الترجمة، وبرامج إدارة المصطلحات، وأدوات التوطين، المصممة لتخفيف عبء المترجم وزيادة التوافق في الأسلوب والمصطلح. وهي ليست ترجمة آلية. | Computer aided translation (CAT); Machine aided translation | |
25- | الترجمة الآلية: وهي الترجمة التي ينتجها برنامج حاسوبي، دون تدخل بشري. وجودة الترجمة المنتجة آليا تتفاوت من حيث مراعاة دقة المصطلحات، والمعنى، وقواعد النحو، بناء على طبيعة الأصل ودرجة صعوبته، ولكنها لا تكون جيدة بحيث تنشر دون أن تحرر تحريرا دقيقا، وتستخدم عادة فى تسهيل عمل المترجم ولكنها لا يُستغنى بها إطلاقا عن المترجم البشري إلا في حالات نادرة كما يتم عند ترجمة نشرات الأحوال الجوية بين اللغتين الفرنسية والإنكليزية، فاللغة هنا لغة تقنية تغلب عليها المصطلحات، التي يمكن إدخالها حاسوبياً، وحتى في هذه فتراكيب اللغة تمر بمرحلة تحرير سابق للتأكد من عدم وجود سبب ما يؤدي إلى خلل في المنتج، كأن تكون العبارة محتملة لأكثر من معنى، ويمر بمرحلة تحرير لاحقة للتأكد من سلامة المنتج النهائي وخلوه من الأخطاء. كما أن جودة منتج الترجمة الآلية يعتمد على طبيعة اللغة ومدى معالجتها آليا، فكلما كانت اللغة ذات قواعد تركيبية محددة، سهل معالجتها آليا، وبالتالي يصبح منتج الترجمة الآلية أكثر جودة. | Machine translation | |
26- | ذاكرة الترجمة: وهو برنامج حاسوبي يقوم بتخزين النصوص المترجمة مع أصولها في قاعدة بيانات عادة ما تسمى "ذاكرة"، وكلما أراد المترجم ترجمة جملة ما يقوم البرنامج بمسح قاعدة البيانات المخزنة فيه، بحثا عن نصوص مشابهة تمت ترجمتها من قبل، وقد تكون مطابقة أو مقاربة للنص المراد ترجمته، ثم يقترح الترجمة بناء على ما وجد في ذاكرته، وللمترجم أن يقبل الترجمة المقترحة، أو أن يعدلها أو أن يرفضها كلية. | Translation memory | |
27- | استنباط المصطلحات (أداة استنباط المصطلحات): وهي عملية تكوين مسارد مصطلحات أحادية اللغة أو متعددتها تتم عن طريق استنباطها من المكانز، وهناك أدوات خاصة بهذا العمل. | Terminology extraction (TE); Terminology Extraction Tool (TET) | |
28- | أداة بيئة الترجمة: وهي عبارة عن برنامج حاسوبي، أو مجموعة برامج، توفر وظائف تساعد المترجم البشري، كذاكرة الترجمة، والترجمة المعانة حاسوبياً، والتوطين، وإدارة المصطلحات. | Translation Environment Tool (TET) | |
29- | الترجمة بالنظر: وهي التي تتم عندما تعرض مادة مكتوبة من خلال الشاشة أو الصفحة، ويطلب إلى المترجم ترجمتها مباشر. | On-sight translation | |
30- | الترجمة الشفوية: وهي التي تعتمد على الأداء الصوتي في إتمام مهمة الترجمة، ومنها عدة أنواع. | Interpreting | |
31- | الترجمة المُزامنة: وهي التي يؤدي المترجم فيها عمله مباشرة، بحيث تكون الترجمة مزامنة لما يقال باللغـة الأصل، يسمع المترجم ما يقال ويؤديه مباشرة. | Simultaneous interpreting | |
32- | الترجمة التتابعية: وهي التي تتم فيها الترجمة بعـد أن ينتهي المتحدث باللغة الأصل من كلامه، ويتيح للمترجم وقتا لأداء ترجمته، ولكي يتقن المترجم هذه المهارة فإنه يُدَّرب على تطوير ذاكرته قصيرة الأمد، ومهارة تدوين الملاحظات. وهي غالبا ما تتم في محيط رسمي مهم. | Consecutive interpreting | |
33- | ترجمة المؤتمرات: وهي التي تكون في المؤتمرات، وتحتاج إلى مترجمين ذوي كفاءة عالية، تم تدريبهم على ظروف هذا العمل، وعادة ما يجلسون في حجرات مخصصة للترجمة، يسمعون ما يُقال ويترجمونه ترجمة مزامنة. | Conference interpreting | |
34- | ترجمة القطاع الخدمي العام: كتلك التي تتم في أقسام الشرطة، والمحاكم، والمستشفيات، وعادة ما يتم توفير المترجمين من خلال مزودي خدمة الترجمة، وأداء المهام بنجاح في هذا القطاع يحتاج إلى مهارات خاصة وحسن تصرف من قبل المترجم. ولحساسية هذه الخدمة، ولما لها من متطلبات فإن هناك جهات معنية باعتمادهم، وقوانين خاصة بالممارسة الجيدة لهذه الخدمة، وتتفاوت الدول في تنظيمها هذه الخدمة. | Public services interpreting; community interpreting | |
35- | غرض النص: وهو الغرض الذي يراد تأديته من خلال الترجمة، كأن يراد من النص التوعية، أو الإعلان، فمن الضرورة بمكان أن يعلم المترجم بغرض النص لكي يتمكن من اختيار اللغة والأسلوب المناسبين. وغرض النص عادة ما تحدده طبيعة النص الأصل، والجهة التي تطلب الترجمة ومدى معرفة المترجم بطبيعة عملها. | Text function | |
36- | مذكرة المترجم: وهو بيان موجز بمعطيات النص المراد ترجمته وسياقاته، يبين الغرض الاتصالي من النص الهدف، وذلك لضمان تحقيق الترجمة للغرض منها، وتحتوي المذكرة على إجابات عن التالي: وظيفة النص (لماذا؟)، قراء النص (من؟)، وقت استقبال النص (متى؟)، مكان استقبال النص (أين؟)، وسيلة الاتصال (كيف؟). ومن شأن وجود تصور واضح عند المترجم تُحدِّد معالمه مثل هذه المذكرة، أن يجعله يتخذ قراراته بما يتوافق مع هذه المعطيات، مما يعزز فرص نجاح الترجمة في تأدية غرضها. وفي حال عدم تقديم مثل هذه المذكرة للمترجم فإنـه سيحاول بناء هذه المعطيات من عنده بناء على ما يتوافر لديه من معلومات، ويحاول استكشاف هذه المعطيات، إذ لا تو جد ترجمة خالية من السياق تماماً، ولا بد للمترجم من وجود إلماحات سياقية مهما قلت. | Translation brief | |
37- | تصميم الترجمة وفقا للمستهدفين: وهو من الضرورة بمكان لنجاح الترجمة، وهنا يسأل المترجم: هل هناك اختلافات بين قراء الأصل والقراء المستهدفين بالترجمة من حيث الحصيلة المعرفية؟ وهل هناك اختلاف بين المقامين الاتصاليين عما قد يؤثر في فهم المتلقي الجديد للترجمة؟ | Audience design | |
38- | الجمهور المستهدف: في الترجمة الشفوية، هم الذين يقوم الترجمان بالترجمة لهم، ويقوم عادة بحسب معلوماته عنهم بأداء الترجمة وفقا لمعرفتهم وظروفهم، أي على قدر عقولهم. | Target audience | |
39- | القراء المستهدفون: وهم طبقة القراء المستهدفة: المتخصصون، وغير المتخصصين، والراشدون، الصغار، ومن المهم تحديد طبقة القراء للمترجم ليترجم وفقا لقدرتهم المعرفية. | Target readership | |
40- | مزود خدمة الترجمة: وهي الجهة التي يتجه إليها لترجمة النصوص، وقد يكون وكالة ترجمة، وقد يكون شركة ترجمة. | Translation service provider | |
41- | وكالة ترجمة: وهي وكالة توفر خدمة الترجمة بنوعيها التحريري والشفوي، وعادة ما يكون المترجمين الذي تتعامل معهم الوكالات مترجمين أحرارا مدخلين في قاعد بيانات يتم الاتصال بهم وتكليفهم بالأعمال عند الحاجة. | Translation agency | |
42- | شركة ترجمة: وهي تعتمد على عدد من المترجمين الموظفين في المنشأة، وقد تتخصص في نوع معين من النصوص، وعند حصولها على عقود ترجمة كبيرة، تقوم شركات الترجمة بتوظيف المترجمين، وبهذا يوفرون كثيراً من المصروفات. | Translation company | |
43- | مدير مشروعات ترجمة: وهو الشخص الذي يوكل إليه أمر الإشراف على إنجاز العمل، ويكون مسؤولا عنه، ويقوم على تنسيق العمل، وإيصال النص الأصل إلى المترجم، والحصول على النص المترجم منه، والتأكد من تطبيق مراحل إدارة الجودة عليه إن لزم. | Translation project manager | |
44- | مزود خدمات لغوية: وهي جهة تقوم بتزويد خدمات لغوية قد تكون الترجمة من بينها، ومنها أيضاً: تنضيد النصوص، ونشرها، وإدارة المشروعات، والتدويل، وتعليم اللغة. | Language service provider | |
45- | مترجم معتمد: وهو المترجم الذي تقلي شهادة اعتماده من جهة مخولة بذلك، وعادة ما تقوم هذه الجهات باعتماد المترجمين بعد أن تجري لهم اختبارات لقياس مدى تمكنهم من الترجمة، ويعتمدون بناء على أدائهم فيها. ويدخل في التقويم أيضاً الخبرة والشهادات في مجال الترجمة. | Accredited translator | |
46- | مترجم مُحّلف: بعض البلدان تتبع إجراء أن يؤدي المترجم قسما على الممارسة الجيدة وعدم إفشاء الأسرار، وغيرها، مما يؤهله لإنجاز ترجمات معتمدة. | Sworn translator | |
47- | ترجمة معتمدة: وهي الترجمة التي تمت مراجعتها من قبل مترجم أو شركة ترجمة، وتعد ترجمة سليمة للأصل، ولكي يكون للترجمة المعتمدة صبغة قانونية، فإنه يجب اعتمادها من الجهات المسؤولة. | Certified translation | |
48- | المترجم المقيم: وهو المترجم الذي يتم تعيينه في المنشأة ويكون له جميع حقوق الموظفين، وعليه واجباتهم، بحسب القوانين المنظمة للعمل في البلاد. | In-house translator | |
49- | المترجم الحر: وهو المترجم غير المرتبط بالعمل في جهة معينة، وحضور الدوام المعهود، بما له من مميزات والتزامات، وقد ينجز المهام لصالح مزودي خدمة الترجمة، وقد يكلفه العميل بالعمل مباشرة، وهو عادة ما يكون متخصصا بمجال معين كالترجمة القانونية، أو الطبية، أو العلمية، أو التقنية، وغيرها. | Freelance translator | |
50- | نص مرجعي: وهو نص في اللغة المصدر أو الهدف يعطي معلومات مرجعية (خلفية) عن موضوع النص المراد ترجمته. | Background text | |
51- | معلومات مرجعية: وهي المعلومات المتعلقة بالنص المترجم، أو بموضوعه، ومن شأن هذه أن تسهل عمل المترجم، بتزويده بالسياق، والمصطلحات، والتعريفات، وغيرها. | Background information | |
52- | التحوير: وهو تحوير نص ما لجعله مناسباً لغرض آخر غير غرض الأصل، أو لقراء غير قرائه المعنيين، أو لدولة أو لمنطقة غير تلك التي عُني بها أساسا. وفي الترجمة يمكن أن يتم تحوير النص، من قبل المترجم، أو المحرر، وتعتمد أفضلية تحوير النص: أقبل الترجمة أم بعدها، على السياق الذي تتم فيه الترجمة. | Adaptation | |
53- | العولمة: وهي عملية يتم فيها تطوير المنتجات وتصنيعها لتوزع على نطاق عالمي، وفي الترجمة تطَّبق في الغالب على البرامج الحاسوبية، والمواقع الشبكية. وللعولمة وجهان: التدويل والتوطين. | Globalization | |
54- | التدويل: وهي عملية يتم فيها تصميم منتج (كبرنامج حاسوبي)، ليسهل توطينه لعدد الدول دون تغيير كبير في محتواه أو في برمجته، وفيما يخص البرامج الحاسوبية، فعند تدويلها، يتم تخزين النصوص في ملفات خارجية ويستخدم في تشفيرها بعض طرق التشفير (كالشفرة العالمية Unicode) التي تدعم أحرف عدد كبير من اللغات. | Internationalization | |
55- | التوطين: وهي عملية يتم فيها تطويع منتج ما (كالبرامج الحاسوبية، والموقع الشبكية)، ليتوافق مع مجموعة محدد من المستهدفين، كأن يكون موافقا للغتهم، وثقافتهم، ومعاييرهم، وقوانينهم، وحاجاتهم. | Localization | |
56- | ترجمة الفحوى: وهي ترجمة فحوى الأصل دون الحاجة إلى تتبعه الدقيق كما حدث عادة في الترجمة، وتهدف إلى الإحاطة بموضوع الأصل ومحتواه عموما، ويستعمل عادة في تعريف صاحب الترجمة بكون الأصل مهما لغرضه أم لا، فإن كان مهما شرع في الترجمة، وهذا المصطلح يستخدم أحيانا مربوطا بالترجمة الآلية، فيترجم النص ترجمة آلية وإن دعت الحاجة ترجم ترجمة دقيقة. | Gisting; Gist translation | |
57- | المسرد: وهو أداة لا غنى للمترجم عنها، وعلاوة على الإفادة من المسارد أحادية اللغة ومتعددتها المتوافرة على الإنترنت، يمكن المترجم بناء مسارده الخاصة به، وهذا من شأنه ألا يخفف من عبء الترجمة وحسب، بل ويقلل من الوقت الذي يصرفه في البحث عن المصطلحات المناسبة، ويُسرّع انجاز مشروعات الترجمة المستقبلة، وإضافة إلى هذا فـإن توافر هذه المسارد يضمن توحيد المصطلحات وصحتها في الترجمة. | Glossary | |
58- | عدد الكلمات: وهي طريقة معيارية لتحديد عدد كلمات النص الأصل ومن ثم تحديد المبلغ المستحق وفقا لعدد كلمات النص، وقديتم تحديد المبلغ المطلوب على الكلمة الواحدة. | Word count | |
59- | الصفحة المعيارية: وهي تستخدم في قياس النص المراد ترجمته، وتقدير المبلغ المقابل على أداء الخدمة، ويختلف قياس الصفحة المعيارية من دولة إلى أخرى. | Standard page; calibrated page | |
60- | السطر المعياري: وهو مقياس معياري لحجم النص، يكون السطر فيه هو المعيار، وهو كالصفحة المعيارية يختلف تقديره بين الدول. | Standard line | |
61- | الزوج اللغوي: أي اللغتين التين عادة ما يترجم المترجم بينهما، كالعربية والإنكليزية مثلاً. | Language pair | |
62- | مراجعة البروفات الطباعية: وهي آخر مراحل ما قبل الطباعة يتم فيها التأكد بدقة من خلو النص من الأخطاء. ومراجعة البروفات الطباعية تتطلب دقة عالية وحدة نظر لرصد الأخطاء والتعامل معها، وهي مفيدة جداً في الترجمة خاصة إذا ما كان النص قد تم تنضيده وصفه من قبل شخص من غير أهل اللغة. | Proofreading | |
63- | المراجعة: وهي عملية يتم فيها قراءة النص للوقوف علي: الأخطاء الإملائية والنحوية والطباعية، والتضارب، وعدم الاتساق، وضعف الأسلوب وفي الترجمة فالمراجعة لا غنى عنها للوقوف على موافقة النص المترجم لأصله. وعلى العموم فعـدد مرات المراجعة عادة ما يكون موافق لمدى أهمية جودة المنتج النهائي. | Revising | |
64- | الكفاءة المعرفية بالحقل الدقيق: وهي كون المترجم ملما بالحقل الدقيق الذي يترجم فيه، فمترجم النصوص الطبية مثلاً يملك كفاءة معرفية دقيقة إذا طُلب إليه أن يترجم مادة متخصصة بمرض السكري، وكان ملما إلماما شبه متخصص بما كتب عن هذا المرض وبالمصطلحات حتى الدقيق منها. | Specialized language competence | |
65- | الكفاءة الترجمية: وهي القدرة على ترجمة الأصل صحيحاً من حيث: اللغة، والإحاطة بالموضوع، ولغة النص، ومراعاة وظيفة النص، وموافقة قرائه المستهدفين. | Translation competence | |
66- | الكلمات المفتاحية: وهي الكلمات الرئيسة في النص التي تتعلق بموضوعه، فكل نص يتحدث عن موضوع ما يقوم على عدد من الكلمات التـي لا يكتمل بدونها، إذا كان النص يتحدث عن «الحج»، فإنه سيذكر كلمات مثل: إفراد، قران، تمتع، إحرام، سعي، طواف، الحجر الأسود، مقام إبراهيم، المشاعر المقدسة، منى، عرفة، مزدلفة، المشعر الحرام، رمي الجمرات، وهكذا، وهذه الكلمات يحتاج المترجم إلى الوقوف عليها أولاً، ثم التعرف على مقابلاتها المقرّة في اللغة الهدف، من خلال قراءة النصوص المرجعية بهذه اللغة. | Keywords | |
67- | المعنى اللصيق (المعجمي، الحرفي، الذهني، الفحوي): وهو المعنى الأولي أو الجامد للوحدة الترجمية، كذلك الذي نجده عادة في المعاجم، أي ذلك المعنى المنزوع السياق، ولكن عند وضع الكلمات في سياقها فإنها تصبح أكثر مرونة، وتكتسب معانٍ أكبر من ذلك المثبت في المعجم. والترجمة إذا أدت الكلام بمعناه اللصيق، أي بإدراج المقابلات الواردة في المعجم مباشرة، فإنها ستكون في الغالب غير ناجحة. وكل معنى يخرج عن نطاق المعنى اللصيق (denotative) هو إيحائي (connotative). | Denotative meaning; · dictionary meaning · literal meaning · cognitive meaning · propositional meaning | |
68- | المعنى الإيحائي: وهو المعنى أو المعاني الإيحائية العاطفية المضافة التي تلصق بالوحدة الترجمية وتضاف إليها من خلال تعامل المجتمع الثقافي معها، والمعاني الإيحائية تتشكل بحسب الثقافات، فالوحدة الترجمية قد تكون ذات معنى إيحائي إيجابي في ثقافة ما (ككلمة: الحياء) قد تحمل معاني إيحائية سلبية في ثقافة أخرى (ككلمة: shyness، ويُرَّكز فيها على عدم الثقة في النفس في هذه الثقافة)، ورغم أن المعاجم ثنائية اللغة قد تدون إحداهما مقابلة للأخرى فإن على المترجم أن يكون مدركا لهذا الفرق، وهذا يتطلب من المترجم معرفة بمجتمع اللغة والخروج من نطاق المعجم. وكل لغة تحمل من الكلمات المترادفة ما تتفق في المعنى الإشاري أو المعجمي الصرف، وتختلف في معانيها الإيحائية، التي اكتسبتها من خلال دخول المعترك اليومي لحياة مجتمعها اللغوي. | Connotative meaning | |
69- | المعنى الانطباعي: وهو المعنى الذي تكتسبه الوحدة الترجمية من خلال الانطباع الذي يودعه المجتمع اللغوي إياها، وقد تحمل الوحدة الترجمية انطباعاً سلبيا بحيث لا يمكن استخدامها في سياقات إيجابية، ويعول فيها على معرفة القارئ بأصلها اللغوي، مثل: «شاذ» و«لازلاوجة» و«بغي»- و «رائد»، و «متحفز». | Attitudinal meaning | |
70- | المعنى العاطفي: وهي المعاني التي تكتسبها الوحدة الترجمية من خلال الشحنة العاطفية التي يحملها إياها المجتمع اللغوي، فالوحدة الترجمية "شَجَن" العربية محمّلة بشحنة عاطفية كبـيرة لا تكاد تنفك عنها لإرجاع الوحدة الترجمية إلى معناه المعجمي. | Emotive meaning; | |
71- | المعنى المصاحب: وهي المعنى الذي يتوقع المجتمع اللغوي مصاحبته للوحدة الترجمية، إضافة إلى معناها اللصيق، فكلمة «مراهق» يصحبها المجتمع اللغوي العربي عموما بتصرفات المراهقة السلبية، إلا أن للسياق دور مهم في إبراز المعنى المراد في النص، وكلمة (jihad) الإنكليزية، تحمل معاني مصاحبة تستحضر في ذهن المجتمع اللغوي المتحدث بها التطرّف، والإرهاب. وقد تدعو الحاجة إلى استحداث كلمات جديدة تنأى عن المعانٍ المصاحبة لإيحاءاتها الشائعة. | Associative meaning | |
72- | المعنى الترابطي: وهو الذي يبرز في ذهن المتلقي عند سماع الوحدة اللغوية، لارتباطه بوحدة لغوية أخرى تكون خارج النص، وهو ينشأ عن وجود تناصّ بين الوحدتين. وهناك كثير من العبارات الدينية والمأثورة التي يتم اقتباسها عفوا أو عمدا في النصوص العربية، ويستحضر المتلقي سياقاتها عنـد تلقيه للنص الجديد. | Allusive meaning | |
73- | المعنى الضمني: وهو الذي يُفهم من الحديث ضمناً، يُعرّض به ولا يُصرّح، ويعتمد فهم المعنى الضمني على المشترك بين المرسل والمستقبل، وتعويل صاحب رسالة الأصل على فهم المستقبل للمعنى الضمني دون التصريح به. ولكن في الترجمة يتغير المقام الاتصالي ويتغير المستقبلون، وعليه يعمل المترجم رأيه في مدى أهمية المعاني المتضمنة والإشارات التعريضية، للغرض الاتصالي ومدى أهمية إبرازها، أي إخراجها من النطاق الضمني والتصريح بها، حتى تفهم الرسالة. ولا يكاد نص يخلو من المعاني والمعلومات المتضمنة لأنها جزء من مناسبة الحديث للمقام الاتصالي. | Implicit meaning | |
74- | المعنى التنظيمي: وهو الذي يُفهم من نحو اللغة وقواعد رصف الكلمات في جملها لتفيد المعنى، وبعض اللغات مُعربة كالعربية والعبرية واليونانية، وهي تؤدي المعنى عن طريق الإعراب، والحركات الإعرابية، وأما اللغات غير المعربة فتعتمد في فهمها على بناء الجملة، وعلى السياق في تحديد المعنى. | Organizational meaning | |
75- | المعنى المجازي: وهو المعنى الذي يخرج بالكلمات عن ظاهرها، وهي التي يستخدم فيها شكل من أشكال المجاز: كالتشبيه والاستعارة، وهذه المعاني مرتبطة بالسياق على نحو لصيق ولا تُفهم إلا من خلاله. وهذه المعاني مرتبطة بالثقافة، فإن قال عربي: «فلان حمار»، فإن لفظ «حمار» هنا استعير للدلالة على قلة فهم الشخص المقصود، ولكن قد لا يدل هذا اللفظ على هذا المعنى عند استعارته في اللغة الإنكليزية. | Figurative meaning | |
76- | المعنى الإشاري: وهو المعنى المعجمي الصرف، ويشار فيه إلى الكلمات مجردة من معانيها المضافة. | Referential meaning | |
77- | المعنى الأصلي: وهو المعنى الأولي الذي يتبادر إلى الذهن مباشرة عند سماع الوحدة الترجمية، مجردة من سياقاتها التي قد تخرجها عن حدود هذا المعنى. | Primary meaning | |
78- | المعنى السياقي: وهو المعنى الذي يُفهم من السياق الذي يرد فيه النص كاملا، فالكلام حين يرد في معرض المدح، يختلف مفهومه عنه عندما يرد في سياق الذم ولو لم تختلف عباراته، وعندما يكون سياقه جادا ورسميا يكسبه معاني غير تلك التي تفهم منه في سياق يسوده القرب والتآلف. وكذلك الصيغ الإنشائية (كالخطب المنبرية، والنشرات الإخبارية) والمواقف الاجتماعية المرتبطة بها تدخل من ضمن ما يُؤثر في المعنى السياقي للنص. والسياق الذي يرد فيه النص مهم جداً لفهمه في أصله، وكذا لاختيار الوحدة الترجمية المناسبة في الترجمة عند أدائها في سياق جديـد قـد يكون مغايرا لسياق الأصل. | Situational meaning | |
79- | المعنى الثانوي: وهو المعنى المكتسب الذي تكتسبه الوحدة الترجمية من خلال سباقها، وسياقها، كأن يُقصد بها معنى مجازي، ويكون مضافا على أصلها المعجمي. وقد يُقصد المعنى الثانوي عند إطلاق الكلمات وتكتسب بهذا أهمية توازي المعاني الأصلية أو تزيد بحسب المقام. | Secondary meaning | |
80- | المعنى الكامن: كل وحدة ترجمة - على تفاوت بينها - تحمل بداخلها عددا من المعاني الكامنة، يُبرز أحدها أو أكثر من خلال السياق الذي تستخدم فيه. | Latent meaning | |
81- | المعنى المُبرز: وهو المعنى للوحدة الترجمية المتعـددة المعاني الكامنة، الذي يتم إبرازه في السياق، وهو الذي تتم ترجمته، ويتم اختيار لفظ مقابل يدل على المعنى المقصود في السياق من عدد من المترادفات في اللغة المستقبلة، ولكن الأمر يزداد تعقيدا عندما يبرز في الأصل معنى معينا مع قصد منشئ الأصل اختيار هذا اللفظ بالذات لاحتمال أصله المعجمي أكثر من لفظ، ويكثر مثل هذا الاستخدام في النكات، وفي النصوص الإعلانية. | Reflected meaning | |
82- | المعنى الصِّيغي: تستفيد اللغات مع عدد من الصيغ، والتراكيب، والأساليب، التي تُصبّ فيها الوحدات اللغوية، وتؤدي بذلك معاني مضافة إلى معانيها المعجمية، إذ إن لهذه الصيغ، والتراكيب، والأساليب، معانٍ خاصة بما تنفرد عن معنى الوحدة اللغوية التي صّبت فيها. ومثال ذلك صيغ المبالغة العربية: فَعُول (أكول)، فعّال (قَتّال)، مفعال (مِهذار)، فُعّول (سُبّوح)، فِعّيل (سِكّير)، وما إلى ذلك. فهي قوالب جاهزة متاحة لأصحاب اللغة أن يصبوّا في فيها ما شاؤوا من الكلام ليضفوا عليه معنى المبالغة، فتكون الوحدة اللغوية حاملة لمعناها زائدا المبالغة فيه. وهكذا الحال بالنسبة للأساليب اللغوية: كأسلوب الحصر، وأسلوب الاستغراق، وأسلوب الاستعلاء، وأسلوب الالتفات. يصب فيها الكلام ليكتسب معنى مضاف. وليست جميع النصوص توظف هذه الصيغ بالطريقة المثلي، وبعضها توردها من باب ما تواطأ عليه الناس وما جرى على الألسن، ولكن تبقى هناك نصوص إبداعية، تعي القيمة المعنوية لهذه الصيغ، وتوظفها في جمل المعنى. وهذا مبحث لطيف، يجب التنبه له عند الترجمة وبخاصة عند ترجمة النصوص الحساسة، وفي حال عدم وجود صيغة في اللغة المقابلة يُفرد المعنيين: اللغوي والصيغي، ويعبر عنها بالأسلوب المناسب، إن احتمل المقام ذلك. | Formal meaning | |
83- | التلازم اللفظي (المصاحبة اللفظية): وهو أن يكون اللفظ ملازما للفظ آخر ومصاحبا له، كأن يقال: "تعاون وثيق" ، فصفه " وثيق" عادة ما تصاحب كلمة "تعاون" أكثر من غيرها من الصفات الأخرى المحتملة، وهذا التصاحب يزداد وثوقا كلما درج المجتمع اللغوي على استخدام الكلمتين متلازمتين، حتى يكون ذكر إحداهما يستحضر الأخرى في ذهن المتلقي تلقائيا، وفي الترجمة تكون مراعاة المتلازمات ضرورية لأداء رسالة الأصل، ولقبوله على نحو أكبر من مجتمع المتلقين فيقال في ترجمة "تعاون وثيق" . ,close cooperationولا يقال: ,firm cooperationأن كلمة (firm) أقرب معجميا لكلمة "وثيق" من كلمة (close) أي: قريب. وتـلازم الألفاظ في الغالب يكون اعتباطيا، أي إنه لا يخضع لقواعد العقل والمنطق، وهناك لغات تلتزم بالتلازم اللفظي أكثر من غيرها، فالإنكليزية تعتمد كثيراً عليها وتعد الاخلال بها عيبا من العيوب التي لا تصدر إلا عن غير المتمكنين من اللغة، أو مظهر من مظاهر الترجمة الرديئة، بينما هناك حرية أكبر في العربية، ولا يتوقع اطرادا أن الإخلال بها عيب مشين، إلا في مواضع، ولكن هذا لا ينفي وجود التلازم اللفظي في اللغة العربية، مع وجود عدد غير قليل من المتلازمات اللفظية التي ظهرت في اللغة العربية المعيارية الحديثة، وليس في الفصحى، وهناك عدد من المعاجم التي تنبه على هذه الأخطاء اللغوية الشائعة كأن يقال: «ثمن عاليا»، وهي ترجمة حرفية ل highly appreciate ، وهذا التلازم غير وارد في العربية الفصحى وبه عجمة. والترجمة من أوسع الأبواب للإتيان بمتلازمات لفظية جديدة، فمجال الحاسوب مثلاً عندما ترجم جاء بلغته الخاصة، ومنها متلازمات لفظية غير معهودة في اللغة العربية، فالبيانات: تسترجع، وتستخلص، ويتُعامل معها، وتُحفظ، ويتُحكم فيها، ويكون لها قاعدة، وغير ذلك. | Collocation | |
84- | المجال التلازمي: وهو عدد المفردات اللغوية التي تكوّن مجالا تتوافق معه المفردة ويحدث التلازم ضمن نطاقه، وهذا المجال يتكون من المفردات اللغوية التي عادة ما تتلازم معها مفردة ما، وبعض الألفاظ يكون مجالها التلازمي أوسع بكثير من غيرها، وهناك عاملان يؤثران في مدى اتساع المجال التلازمي للألفاظ، أولها: النطاق المعنوي للكلمة، فكلما اتسع نطاق الكلمة المعنوي اتسع مجالها التلازمي، والعكس صحيح، والعامل الثاني هو: مدى تعدد معاني اللفظ، أي تشارك المعاني في اللفظ الواحد، والعلاقة هنا تكون اطّرادية أيضاً، فكلب زاد عدد الاشتراك اللفظي للمفردة اللغوية كلما زاد عدد متلازماتها اللفظية. بحسب تعدد هذه المشتركات. والمجال مفتوح أمام توسع المجال التلازمي للمفردات اللغوية بحسب اجتهاد أهلها، شريطة اتباع القواعد المرعّية وعدم الإتيان بمتلازمات فيها شذوذ غير مستساغ، وشريطة القياس على ما هو متاح ومستعمل أيضاً. | Collocational range | |
85- | البروز التلازمي: وهو يحدث عند كسر التلازم اللفظي المعهود، والإتيان بتلازم لفظي غريب وغير متوقع، ومن هنا يكون بارزا، لأن المتلقي يفاجأ به ويقف عنده يُعمل الفكر فيه، وأكثر ما يكون هذا في اللغة الإبداعية: الأنواع الأدبية، والنكات، واللغة الإعلانية التجارية، كأن يقال مثلاً: "أندلع السلام"، بدلا من "اندلعت الحرب"، فـ"اندلع السلام" تلازم لفظي بارز لا نتوقع وجوده في اللغة المعتادة، وإلا لعُدّ خطأً لغوياً بيناً، ولكن في حدود اللغة الإبداعية هو مقبول جداً بل قد يعد أبداعاً يوظفه منشئ الأصل في خدمة غرضه الاتصالي. | Collocational markedness | |
86- | الفشل التلازمي: وهو يحدث عندما يفشل المترجم في أداء متلازمة لفظية، بمتلازمة لفظية مُقرّة في اللغة المستقبلة. | Collocational failure | |
87- | الكسر التلازمي: وهو يحدث عندما يتعمد مُنشئ النص الأصل كسر التلازم اللفظي بين المتلازمات، رغم قوة هذا الـتلازم أحيانا، وقد يكون ذلك لضرورة معنوية أو لغرض بلاغي. | Collocational break up | |
88- | المعنى التلازمي: وهو المعنى الذي يكتسبه اللفظ من خلال ترابطه التلازمي مع لفظ آخر، ككلمة «اللدود» التي عادة ما تستخدم مع كلمة «عدوّ» كأن يقال: «عدوّ لدود»، ولو قيل: «أخي اللدود» لم تسلم هذه من التأويل والبحث عن المعاني الخفية، لأن كلمة «لدود» محمّلة بمعناها التلازمي مع «عدو»، وقد يُقصد كسر التلازم اللفظي لغرض بلاغي، ولإحداث معنى جديد. | Collocative meaning | |
89- | الترجمة السيميائية: وهي التي تتم بين الأنظمة السيميائية، كأن تُترجم اللغة المحكية إلى لغة الإشارة، وأن تترجم لغة الإشارة المرورية إلى أفعال، فالأخضر يعني «سِر»، والأحمر «قِف»، وبهذا المفهوم فإن معنى الترجمة يصبح واسعا جداً بحيث يكون كل مخلوق مترجما، فحتى النحلة تترجم الحركات التي تؤديها النحلة الأخرى لتدلها بها على مكان الزهر. | Inter-semiotic translation | |
90- | الترجمة بين اللغات: وهي الترجمة بمعناها المعهود، والتي تؤدي إلى أن يُفهم قوم ما كان بلغة قوم آخرين. | Interlingual translation | |
91- | الترجمة في اللغة نفسها: وهذا نوع من التجاوز عندما نُطلق عليه مصطلح "ترجمة"، كأن تُشرح معلقة من المعلقات بلغة عصرية مفهومة، أو حتـى بإحدى اللهجات الدارجة، أو أن يتم تلخيص كتاب ما في تقرير مقتضب، أو إعادة صياغته لتوافق مع طبقة قراء محددة. | Intralingual translation | |
92- | الترجمة بين السطور: وهي أشد أنواع الترجمة التصاقا بالأصل، وعادة ما يكون مقرونة بالأصل وتكون ترجمة كل لفظ أسفل منه دون مراعاة للمعنى الأصل في سياقه، أو لتركيب الجملة في اللغة المستقبلة، وفي الغالب يكون هذا النوع من الترجمة عسير على الفهم، وقد يلجأ إليه لأغراض، كأن يكون في البحوث اللغوية الوصفية التي تريد دراسة جانب لغوي محدد في الأصل لا يتوافر في اللغة المستقبلة، أو في تعليم اللغة. وقد يسود أيضاً في بعض الأوساط الدينية عند ترجمة كتابها المقدس، فكثير من الشعوب الإسلامية، تعتمد هذه الطريقة حتى اليوم في ترجمة القرآن الكريم، وقد يكون هذا بغرض الرجوع السريع للمعنى عند التلاوة، وقد يكون لما يرونه من استحالة ترجمة القرآن الكريم (أو حرمته عند بعضهم). ولكن هذا لا يعني أن من يعتمدون هذا النوع من الترجمة لا تتوافر لديهم ترجمات تعتمد أنواعا أخرى منها. | Interlinear translation | |
93- | الترجمة الحرفية: وهي الترجمة القائمة على تقطيع النص الأصل إلى مفردات ومن ثم نقلها إلى اللغة الهدف واحدة بواحدة وهي على هذا النحو شبه مستحيلة، لأن تفاوت اللغات يظهر بحدة على هذا المستوى، ويجد المترجم نفسه مضطرا مثلاً إلى ترجمة مفردة واحدة بمفردتين في اللغة المستقبلة، وحتى إن كان هذا ممكنا فإن النتيجة تكون غير مقروءة، ولذا يطلق لفظ «حرفية» تجوّزا على الترجمة التـي تَتّبع بدقة كلمات الأصل منفردة، كلما سمح الأمر بذلك، وتفضّل بناء الجملة في اللغة الأصل على بنائها في اللغة المستقبلة. والترجمات الحرفية عادة ما تظهر بشكل غير سلس وغير طبيعي، وعليه يجدر الابتعاد عنها ما لم يكن هناك غرض محدد للترجمة الحرفية. | Literal translation; ▪ Word-for-word | |
94- | الترجمة المعنوية: وتقوم على تقطيع النص الأصل حسب وحداته المعنوية، لا بحسب كلماته، ثم نقلها إلى اللغة المستقبلة، وهي وسط بين الترجمة الحرفية والترجمة الحرة. | Sense-for-sense translation | |
95- | الترجمة الحرة: وهي الترجمة التي يبتعد فيها المترجم عن النص الأصل خطوة أبعد من الترجمة المعنوية، ولا تستتبع الترجمة الحرة تحرر المترجم من الأصل تماماً، وعدم وجود المشابهة بين النصين. بحيث يكون التوافق بين الأصل والترجمة من حيث العمومات، وقد يُلجأ إليها في ترجمة اللغة المجازية (الصور البلاغية)، والحكم والأمثال، والتعبيرات الاصطلاحية. | Free translation | |
96- | المحاكاة: وهي الترجمة التي يبتعد فيه المترجم عن الأصل (حرفا ومعنى) وتظهر الترجمة على أن لا علاقة لها مباشرة بأصلها، وهي ضرب من الانعتاق من الأصل. | Imitation | |
97- | الترجمة التواصلية: وهي خيار ترجمي يُلجأ إليه عندما يكون أداء رسالة الأصل، وردة فعل المتلقي هي المطلوبة، دون مراعاة للعبارات التي صيغ بها الأصل، فالتركيز فيها يكون على أثر الكلام لا على صياغته، ويكون البحث فيها عن الموقف المُقرّ في الثقافة المستقبلة ، ولعدم وجود تطابق بين الموقفين فإن الترجمة المقاربة لا تكون مفهومة، كأن تترجم عبارة: «ممنوع التدخين»، إلي (No smoking) أو: «لا شكر على واجب»، إلى: (Don’t mention it))، أو: «مع السلامة»، إلى (Goodbye). | Communicative translation | |
98- | الترجمة المُتطِّبعة: وهي التي تتوافق مع طبيعة اللغة المستقبلة، وتبدو كأنها كتبت بها ابتداء، وليست ترجمة لنص من لغة أخرى، وهي ترجمة سلسة ولا يجد المتلقي صعوبة في قراءتها، ولا يكون ذلك على حساب رسالة الأصل، بل هي موافقة لها، ولكن تعبر عنها باللغة المستقبلة مستفيدة من جميع إمكاناتها، وهي يلجأ إليها عندما يراد للترجمة أن تكون مقروءة، ومقبولة. | Idiomatic translation; | |
99- | الخسارة: الخسارة في الترجمة أمر لا مناص منه، فـإذا ما أخذنا في الاعتبار المستويات المختلفة للغة، فإنه لا يوجد لغتين متطابقتين في المستويات جميعها، وأول ما تختلف فيه اللغات هو المستوى الصوتي، فلكل لغة نظامها الصوتي الذي يميزها عن غيرها من اللغات. وفي أدبيات الترجمة تشبه هذه الخسارة بخسارة الطاقة الهندسة، إذ هي أمر لا بد منه عند انتقال الطاقة في كل آلة، والمهندسون لا يعدون هذا عيبا نظريا، بل يرون أنها مشكلة عملية يجب التعامل معها، وهكذا يجب أن يفكر المترجم: الخسارة مشكلة عملية لا مناص منها ويجب التعامل معها، ويجب التقليص منها. وعلى المترجم أيضاً أن يقدر مدى تأثير الخسارة في رسالة النص ومقدار التعويض الذي يجب أن يؤديه. | Loss (in translation) | |
100- | التعويض: هو مجمل التدخلات التي يقوم بها المترجم ليعوض عن خسارة محتملة في النص. | Compensation | |
101- | الترجمة بالحذف: وهو حذف بعض ما يرد في النص الأصل في الترجمة. وقد يحدث الحذف لأسباب عدة، ومنها: حذف أدوات بنائية تختص ببنية الجملة الأصل ولا تحتملها بنية اللغة المستقبلة، وحذف تعبيرات لغوية لا تتوافر في اللغة المستقبلة، بل قد تؤدي إلى سوء فهم المعنى، وعندما تحتوي الوحدة الترجمية على كلمات زائدة لا تزيد في المعنى شيئا وقد تعقد بناء الترجمة إذا ما تم نقلها كما هي، وقد يحدث الحذف عند الاختلافات الثقافية بين اللغات. وقد يحدث الحذف لأسباب أخرى يصعب حصرها، بحسب المقام الاتصالي، وقد تكون مشروعة وقد تكون غير مشروعة. | Translation by omission | |
102- | الترجمة بالإضافة: تحدث عندما يضيف المترجم في النص المترجم ما لم يرد في الأصل، كأن يضاف في اللغة المستقبلة توضيحا لما أُجمل في الأصل اعتمادا على فهم القراء لما يدور الحديث حوله، ولا يلزم أن تكون الإضافة طويلة بل كلمة واحدة قد تكفي. | Translation by addition | |
103- | الترادف: وهو توافق الكلمات المختلفة الصوت في المعنى، ولكي تكون الكلمتان مترادفتين يجب التطابق التام في المعنى بينهما بحيث يمكن إبدال إحداها بالأخرى في جميع السياقات، وبحيث تتوافقان تماماً في المعاني الإيحائية، ويمكن القول بأن الكلمتين مترادفتان إذا ما أمكن الاختيار بينهما في بعض السياقات، دون أن يختل المعنى العام للجملة، والدراسات اللغوية تؤكد أهمية السياق في تقرير الترادف، فهو الذي يحدد إن كانت الكلمتان «مترادفتين» أم لا. والكثير من علماء اللغة يرون أن الترادف التام (total synonymy) بين الكلمات غير وارد، بل هو في أفضل الحالات شبه ترادف (near -synonymy ). وعلى المترجم أن يحكّم السياق في تحديد الكلمة الأكثر مناسبة من جملة المترادفات المحتملة. | Synonymy; | |
104- | اسم جنس: وهو الاسم الجامع الذي يجمع تحته عدد من المسميات مشتركة التصنيف، و «حيوان» هو اسم جنس لـ: القط، والكلب، والأسد، وغيرها من الحيوانات. وهو عادة ما يستخدم لتعريف ما يدخل تحته من مسميات، كأن يقال: «الأريكة نوع من الأثاث»، وفي الترجمة عادة ما يلجأ إلى اسم الجنس عند انعدام التطابق على مستوى الكلمة. | Hyponym(y); | |
105- | اسم النوع: وهو مفرد اسم الجنس، فالـ: «قط» نوع، لام الجنس «حيوان»، وقد يلجأ في الترجمة إلى الاستعاضة باسم النوع عن اسم الجنس. وتوافر مفردات متعددة تنضوي حت اسم النوع مرتبط بالثقافة، فكلما عُنيت الثقافة بالشيء فـصلت في أسمائه، كالعدد غير المحدود لأسماء الإبل بالعربية الذي لا تجد له مقابلا بالإنكليزية، لاهتمام الثقافة العربية بالإبل لكونها ثقافة بدوية في أصلها. | Subordinate | |
106- | الترجمة التخصيصية: وهي التي يستخدم فيها اسم النوع عوضا عن اسم جنس استخدم في الأصل، وقد يلجأ إليها عند انعدام التطابق، وعند احتواء اللغة المستقبلة على اسم نوع أو أكثر للفظ الأصل، فكلمة: (uncle)، تعني: عمٌّ، وخال، وكذا كلمة: (aunt) تعني: عمة، وخالة. وقد يلجأ المترجم إلى اسم النوع أي التخصيص، بحسب المقصود في النص. | Particularizing translation | |
107- | الترجمة التعميمية: وهي عكس الترجمة التخصيصية، وهي التي يتم فيها استخدام اسم الجنس عوضا عن اسم النوع الذي هو مستخدم في الأصل: فكلمة: (curtains)، الإنكليزية تعني: «ستائر»، ولكنها تضم عددا من أسماء النوع، مثل: Awning ,canopy ,hangings ,swags ,blinds ,drapes، وهى في الغالب غير متوافرة في اللغة العربية الفصحى، وقد تكون متوافرة في بعض اللهجات العامية، وقد يضطر المترجم إلى ترجمتها ترجمة تعميمية، ولكن هذا كله متوقف على السياق، وعلى أهمية اللفظ في النص، فلو كان النص كتاباً أو دليلاً يتحدث عن أنواع الستائر، لوجب على المترجم التعامل مع أسماء النوع ولا يكفي أن يلجأ إلى اسم الجنس، بينما لو كان النص رواية جاء فيها اسم النوع عرضا، دون أن يكون له دور في بناء القصة، لأمكن ترجمته باسم جنس في اللغة المستقبلة. | Generalizing translation | |
108- | التوازي: وهو مصطلح من مصطلحات علم اللغة المقارن، ويستخدم كثيراً عند الترجمة بين اللغات وبخاصة العربية والإنكليزية، ويرى أن العربية تعتمد هذا الأسلوب في بناء النص، وهو أن تحقيق الغرض الاتصالي من النص يسير عبر خطوط متوازية، وهي عبارات متكررة، تنتقل الأفكار فيما بينها رويدا رويدا، حتى يصل منشئ الأصل إلى نهاية النص محققا بذلك الغرض الاتصالي الذي يرومه. ويرى بعض المنظرين أن اللغة العربية تعتمد هذا الأسلوب ويعممون في ذلك، بينما يرون أن الإنكليزية تعتمد الأسلوب المباشر في الانتقال بين أجزاء النص دون تكرار في العبارات من أوله إلى آخره. وهذا تعميم غير مقبول إذ إن هذا الأسلوب متاح أمام منشئي النصوص العرب، لهم أن يأخذوا به ولهم أن يأخذوا بالأسلوب المباشر، كما أن الصيغة الإنشائية والعادات اللغوية المرتبطة بها تهدي منشئ النص إلى الأسلوب الأنسب، وقد لا تحتمل هذه الصيغ إلا النص المباشر، ولا تحتمل أسلوب التوازي، كالتقارير الطبية مثلاً التي تستوجب المباشرة. ولا يعني هذا أن أسلوب التوازي غير موجود في العربية، بل هو بارز في بعض الصيغ الإنشائية كالخطب المنبرية، والمواقف الاتصالية التي يرى منشىء النص أنها تحتاج إلى لغة مزهرة، والنصوص الإقناعية (persuasive texts)؛ لما للغة من وقع في نفس العربي. وقد يحتاج المترجم إلى التخفيف من حدة التوازي عند نقل بعض النصوص. | Parallelism | |
109- | التكرار المعنوي: وهو إيراد وحدتين لغويتين مترادفتين إحداهما إزاء الأخرى وتلوها مباشرة، وقد يكون التكرار لوحدات لغوية متطابقة المعنى، كقولهم: «يدهشه ويذهله»، و«أمن وأمان»، أو لوحدات لغوية غير متطابقة المعنى ولكنها متقاربة فيه، كقونهم: «الاستقصاء والتحليل»، ويأتي التكرار على أشكال مختلفة، وهو في الغالب يورد لغرض بلاغي أكثر ما يكون التوكيد، وقد يأتي عفو الخاطر ما باب ما درج عليه منشى النصوص في اللغة، وتكرر استعماله. بحيث يسقط الغرض البلاغي، مثل: «لذّ وطاب»، و«صال وجال»، و«عجائب وغرائب» و هناك لغات يكثر فيها التكرار، ولغات أخرى لا يدخل ضمن ذخيرتها الإنشائية، وعند الترجمة بين لغتين كهاتين يصار إلى النظر إلى الغرض البلاغي فإن كان واردا فينقل إلى اللغة الأخرى، بالطرق التي تعبر بها عنه، ويمكن أن ينقل التكرار كما هو إذا احتملته اللغة المستقبلة، أو لحساسية ما للنص الأصل. | Semantic repetition | |
110- | التكرار اللفظي: وهو أن يكرر اللفظ نفسه، أو بما له من مشتقات عبر النص، مما يُمَكِّن منشئ النص من الحديث عن أفكار مترابطة، وإبراز الترابط بين أطراف النص. وقد تميل بعض اللغات إلى التكرار اللفظي بينما تميل أخرى التنويع بين المترادفات، طالما أن هذا لا يضر بالمعنى، فاللغة الإنكليزية تميل عموما إلى التنويع اللفظي. | Lexical repetition | |
111- | التنويع اللفظي: وهو أن يستخدم أكثر من مرادف للدلالة على المعاني المتقاربة عبر النص، وبعض اللغات لا تميل إلى التكرار بل تنوع الألفاظ، وفي هذا فسحة للمترجم طالما أن هذا التنوع غير مضر بمعنى النص وبغرضه. | Lexical variation | |
112- | الثقافة الصُّوَرية: تختلف الثقافة الصورية بين الشعوب، فشعوب تفضل ألواناً كالأخضر بدراجاته، وبينما تفضل شعوب أخرى ألواناً أخرى كالأزرق أو الأحمر، وقد يكون للون بُعدٌ رمزيٌ تتقبله ثقافة بينما لا تتقبله ثقافة أخرى، وكذا هو الحال بالنسبة لأحجام المواد المطبوعة وطريقة تصميمها وإخراجها، وحجم الخط ومقدار الحواشي، والمسافات بين الأسطر، وأنواع الخطوط التي قد يكون لبعضها معانٍ وارتباطات بمواقف اتصالية محددة. وهذا كله وإن كان بعيدا عن دور المترجم التقليدي، إلا أنه له دور مهم في أداء رسالة الأصل، وحتى لا تُحمل على غير محملها، أو تفشل في ذلك، ويكون دور المترجم هنا من باب كفاءته الثقافية والاشارة الثقافية على طالب الترجمة، خاصة إذا علم أن الترجمة لن تخرج من قبل محترفين، على كفاية مناسبة من فهم الثقافة الصورية المستقبلة. فاللون الأحمر في روسيا يعد رمزا من رموز الثورة البلشفية والشيوعية، وإصدار كتاب يكتسي هذا اللون سيحمله رسائل قد لا تكون مقصودة، والزخرفة المكثرة في الثقافة الأنجلوأمريكية تشي بأن هناك محاولة لشد الانتباه بعيدا عن المحتوى، وذلك لعد أهميته كأن يكون ذلك العناية بالمظهر لا الجوهر، وهكذا. | Visual culture | |
113- | الشفرة الصورية: أتاحت تقنية الحاسوب طرقا جديدة للتعبير عن المعاني المضافة، يزداد الكلام بها لا من علاقاته المعنوية المعهودة بل من خلال الطرق التي كتب بها، كأن: يُكتب بالأحرف المائلة، أو المسودة، أو أن يوضع تحته خط، أو أن يكتب أوله بحرف كبير (كما في اللغات التي تكتب بالحرف اللاتيني)، بل حتى أنواع الخطوط لها معانٍ تؤديها في بعض الثقافات. وبعض اللغات تستفيد من هذه الشفرة الصورية أكثر من غيرها، وبعضها قعّدت لهذه الشفرة وبعضها تركت معناها للفهم العام دون تقعيد يذكر. خذ مثلاً كلمة «الإسلام»، التي عادة ما تُترجم إلى اللغة الإنكليزية هكذا: (lslam)، فتكبير الحرف الاستهلالي يدّل على العلمية في اللغة الإنكليزية، أي إن الإسلام هو الدين المعروف، وهكذا هو مثبت في معاجم اللغة الإنكليزية. ولكن إن جاء مترجم وترجمها هكذا: (islam)فنعلم من خلال الشفرة الصورية (لا من خلال التعامل التقليدي مع تحليل النصوص) أن المترجم أزال عن اللفظ علميته، وكأنه بذلك أعطاه المعنى اللغوي: الخضوع التام، وإمالته تفيد أن هذا يقصد إخراج اللفظ من المعجم الإنكليزي بمعناه المثبت هناك، وجعله كأنه لفظ غريب حادث على هذا اللغة، إذ من المعلوم في الشفرة الصورية الإنكليزية أن الألفاظ الأجنبية عندما تكتب بها تكتب بحرف مائل تنبيها على أنها غريبة. وعمل المترجم هذا أضفى على اللفظ معنى جديدا، لا يمكن أن يغفـل عنه القارئ. | Graphic code | |
114- | المظاهر الصوتية: كالجناس، والسجع، والقافية، والنبر، والوقوف، تقع في النصوص وتكون مقصودة وغير مقصودة، فعل سبيل المثال: «شذر مذر»، عبارة دارجة، وفيها من المظاهر الصوتية: التواطؤ الصوتي، والسجع، ولأنها دارجة قد ترد في نص عفوا بغير قصد، وقد ترد في نص آخر مقصودة لاحتوائها على هذه المظاهر الصوتية. إلا أن المظاهر الصوتية في الغالب تكون مقصودة، ووظيفتها مهمة في النص، وقد تخرج بالنص من نطاق النصوص المعلوماتية (texts informative) العامة، إلى نطاق النصوص الأدبية والإبداعية، وقد لا يفرق بين هذه النصوص وبين غيرها من النصوص غير الإبداعية سوى هذه المظاهر الصوتية، وهنا ينظر المترجم إلى وظيفتها في النص وهل يمكن إعادة بناء البنية الصوتية، وهل يمكن محاكاتها في نطاق البنية الصوتية للغة المستقبلة لتحدث أثراً موازن. وفي نص كالقرآن الكريم فإن للمظاهر الصوتية أثر كبير في المعنى المقصود: الوقوف، والفواصل القرآنية، والنغمة، وينعكس هذا بالضرورة على الترجمة بحسب المعنى الذي يرجح لدى المترجم. وفي الكتاب المقدس عادة ما تحتاج ترجمة المزامير إلى عناية خاصة، لتكون مجملة بالمظاهر الصوتية المؤثرة التي تناسب كون النص مكتوبا ليُـتلي (written to be recited) بصوت عال. وربما صدر عن المترجم نصا محملاً بالمظاهر الصوتية، وليس الأصل كذلك، ويكون هذا عن اختيار لأثر يروم المترجم إحداثه، أو لخسارة يرى في هذا الفعل تعويضا عنها. | Prosodic features; | |
115- | اسم صوت: وضع أسماء للأشياء موافقة لصوتها، كـ: خرير الماء، وحفيف أوراق الشجر، وصرصرة الباب، وفحيح الأفعى، وكـ: غرغر، وتمتم، ودندن. وأسماء الأصوات تصاغ متوافقة مع النظام الصوتي للغة، فكلمة: «غرغر»، تقابلها في الانكليزية: ( to gurgle)، و «صرّ» تقابلها: (to creak)، و «دندن»، تقابلها:to hum))، أسماء الأصوات كثيراً ما تقابلها أسماء أصوات في اللغات الأخرى. ولكن لوجود اختلافات بين اللغات في التعبير عن أسماء الأصوات، يجب الحذر عند الترجمة، ولا سيما إذا ما وُظّف في الأصل بحيث يخدم المعنى المراد ولا يُعبر عنه إلا بصوت يشابهه. | Onomatopoeia | |
116- | توافق الصوت والمعنى: يحدث أن يكون التركيب الصوتي للكلمة مؤديا لمعناها، وهو ما أسماه اللغويون العرب القدماء بـ«إمساس اللفظ أشباه المعاني»، وما أسماء الأصوات إلا ضرب من هذا، ولكن هناك مفردات لغوية أخرى ليست بالضرورة أسماء أصوات ولكن تركيبها الصوتي يحمل شيئا من معناها، فعل سبيل المثال: كلمة «زحزح» العربية، تتكون مقطع صوتي متكرر (مُضغّف)، للدلالة على تكرار الحركة المؤدّاة بالفعل، الصوتين المكررين في كل مقطع هما احتكاكيين، وهي صفة النطق المناسبة للدفع، لأن الأصوات الاحتكاكية تستمر وقتاً أطول في الإخراج، وبذلك تخفف من ضغط النـاتج عن بذل المجهود، وبهذا هناك تناسب تام بين الصوت والمعنى، وكذا في كلمة: (heave) الإنكليزية، فأصواتها ذات الصفة الاحتكاكية تتناسب وبذل المجهود الذي تعبر عنه في الدفع و غيره. ومن أعجب الألفاظ في هذا الباب لفظ: (إِدِّا) القرآني، في قوله تعالى:« وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا * لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا» (مريم: ٨٨-٩١)، إذ إن التركيب الصوتي للكلمة مناسب جداً لمعناها وتوظيفها في هذا السياق، فهناك حبس تم للصوت بتوظيف الصوت الانفجاري /د/ مشددا، ثم فتح مجرى الهواء على مصراعيه تماماً، بتوظيف الصوت /آ/ ، وإذا ما اختار القارئ عدم الوقوف على هذا الآية القرآنية أدى التنوين /اً/، ليكون صوت الكلمة أشبه ما يكون باسم صوت للانفجار، مناسبة بذلك الأثر الناجم عن هذا القول: تفطّر السماء، وانشقاق الأرض، انخرار الجبال. بل إن البنية التركيبية للكلمة تأتي حاملة للمعنى، ففي العربية تأتي المصادر الرباعية المضعفة للتكرير، نحو: زعزعة، قلقلة، قلقلة ، جرجرة. والمصادر التي على وزن "فعلان" تأتي للحركة والاضطراب، نحو: غليان، غثيان، نقزان. وفي اللغة العربية المعاصرة، تضاف واو قبل ياء النسب للدلالة على البعد وعدم الموافقة، فيقولون: ثورجي، إسلاموي، شعوي، ماضوي. | Sound-meaning | |
117- | الخبر الحديث والخبر الحادث: في تحليل تركيب المعلومات للتعرف على وظيفتها الرسالة، يتم التفريق بين الخبر الحديث والخبر الحادث، والمبدأ هو أن الجملة يمكن تقسيمها من حيث المحتوى المعنوي ودورها في أداء رسالة النص إلى قسمين: الخبر الحديث (الوزن «فعيل» يدل على الثبات)، وهو المعلومات المتوقعة، ودورها قليل في تقدم الرسالة وتحمل قدرا ضئيلا من التفاعل الاتـصالي. والخبر الحادث (الوزن "فاعل" يدل على التجـدد والحدوث) هو المعلومات الجديدة غير المتوقعة في الجملة وهي التي تسهم على نحو أوسع في تقدّم رسالة النص. إلا أن الأخبار الحادثة تُبنـى على الأخبار الحديثة. ومثال ذلك: * (1)" ولد محمد في مدينة نابلس،(2) وجاءت ولادته "في ظروف عسيرة "، مات والده واحتل الجيش الإسرائيل المدينة..... ففي الجملة الأولى كان الحديث عن محمد ومكان ولادته، وهي كلها خبر حادث، جاءت الجملة التي بعدها لتبني عليها وتصبح المعلومات التي في الجملة الأولى خبرا حديثا، والمعلومات الجديدة خبرا حادثا، وهكذا تتطور رسالة النص ليحقق منشئه غرضه الاتصالي في نهايته. والمصطلحان مرتبطات بالبناء الموضوعي (thematic structure) للنص، وتحليله، وقدتم توظيفها في الترجمة، كأن يظهر الفاعل إن كان حادثا ويضمر إن كان حديثا، ومدى ترابط النص وقبوله، وتم ربطها بالتقديم والتأخير. | Theme-Rheme | |
118- | التقديم والتأخير: وهما باب واسع في النحو والبلاغة، وهما خياران واعيان، يقصد بهما تحقيق أغراض بلاغية، ومن أبرز هذه الأغراض: التأكيد، وتعظيم الشأن، والحصر. وقد يتم التقديم والتأخير في اللغة المصدر ولا يكون مقبولا نحويا في اللغة المستقبلة، وهنا على المترجم أن يقدّر مقدار الخسارة الحاصلة، من جراء المحافظة على ترتيب الأصل، أو الترتيب المقبول في اللغة المستقبلة، وأن يدرس أهمية هذا الفعل البلاغي في سياقيه: الأصل والمستقبل. | Foregrounding/ Backgrounding | |
119- | الإشارات والاقتباسات: قد يكون النص الأصل مليئا بالإشارات الخفية التي لا يصرح بها الأصل ولكنه يعتمد على إلمام القارئ بها، ومخزونه المعرفي حول موضوع النص، أو أن يحتوي على نصوص مقتبسة من نصوص أخرى يعرفها قارئ الأصل، كأن يشير كاتب ما إلى القرآن الكريم باقتباس بعض تعبيراته. وكثيراً ما يفقد المترجم هذه الإشارات في الترجمة، وقد يلجأ إلى الترجمة الحرفية، لعدم وجود المشترك المشار إليه في اللغة المستقبلة، ولعدم وجود النصوص المقتبس منها، ولا يلزم التعويض، إلا في حال كون هذه الإشارة مهمة لغرض النص الأصل والهدف معا، إذ قد لا تكون هذه الاقتباسات والإشارات مقصودة أصلا، وجرت مجرى العادة، وكثير من هذه قد يخفى على المترجم ويضيع حتى في مرحلة تحليل النص الأصل. | Quotations and Allusions | |
120- | التلاحم: وهو أن يكون النص مترابط الأوصال من حيث رصف مبانيه، أي وجود تلك الـشبكة من أدوات الربط والإشارات الظاهرة التي تفيد علاقة أوصال النص بعضها ببعض: كوجود أدوات الربط، والضمائر، وأدوات التعريف، وأيضاً علامات الترقيم. وبعض اللغات تبرز أدوات تلاحم النص أكثر من غيرها، ففي العربية مثلاً جد أن «واو الإضافة»، توظف بكثرة لإبراز التلاحم بين الأطراف المختلفة للنص، بينما لا توظفها الإنكليزية بالقدر نفسه بل وتكاد تخلو من أداة الربط هذه في مقدمة الجمل، والفقرات، ومن المهم عند الترجمة أن يعي المترجم الطريقة التي تستخدم بها كل لغة هذه الأدوات، وطريقة تعبيرها عن ترابط النص، فمن الممكن إبراز أداة ربط غير مصرح بها، أو ترجمة أداة ربط إلى علامة ترقيم، وهكذا. | Cohesion | |
121- | الترابط: وهو أن يكون النص مترابطا ومتسلسلا ولكن يبرز هذا الترابط لا بوجود شبكة أدوات الربط والإشارات الظاهرة، بل بالترابط المنطقي للجمل وتسلسل الأفكار فيها، كأن يكون بينها: علاقة: سبب، أو تعليل، أو شرط، وما إلى ذلك من العلائق التي تربط الأفكار . وقد تبرز هذه العلائق من خلال استخدام أدوات الربط وما إلى ذلك من الإشارات البارزة، إلا أن هذا ليس بواجب، ووجدها لا يعني بالضرورة، أن النص مترابط بل قد يكون أبعد شيء عنه. وقد يحتاج المترجم إلى إبراز علاقة الجمل ببعضها من خلال إيراد أدوات ربط في الترجمة ليست في الأصل وقد يحتاج إلى الاستغناء عنها بحسب حال اللغة. وفي بعض النصوص الحساسة كالنصوص القانونية (العقود، والمواثيق الدولية، قرارات الأمم المتحدة مثلاً) تكتسب هذه الروابط أهمية خاصة تحتم على المترجم التعامل معها بحذر، لأنها توظف في هذه النصوص بدقة. | Coherence | |
122- | الروابط الخفية: وهي الأدوات الخفية التي تجعل النص مترابطا ومتسلسلا تسلسلا منطقيا، والسبب في إخفائها هو أنها ليست جزءا من البناء الموضوعي للنص، ويمكن الاستغناء عنها، دون أن يتضرر المعنى، كأن يُقال: * I killed the fly. It irritated me. هناك علاقة سببية بين الجملتين، فالثانية توضح سبب الحدث في الأولى، وكان من الممكن وضع أداة ربط بارزة بين الجملتين لإبراز هذه العلاقة، ولكن لكونها ليست جزءا من البناء الموضوعي أمكن الاستغناء عنها دون حدوث ضرر بالمعنى. إلا أن هذا قد لا ينطبق بالضرورة على العربية، فترجمة مباشرة للجملتين أعلاه تظهر هكذا: " قتلت الذبابة، كانت تؤرقني. صحيح إن المعنى مفهوم والعلاقة موجودة إلا أن السليقة العربية ترى في هذا شيئا من العجمة، وتميل إلى التنصيص على أدوات الربط، وقد يُربط بينهما بــ: لأنها، أو فقد، وما إلى ذلك. وقد يميل المترجم إلى التنصيص على أدوات الربط ليسهل فهم النص، ويزيد من وضوحه، خشية أن يشكل المعنى على القارئ بدونها. | Invisible connectives | |
123- | السباق: وهو ما يحيط بالكلمة في النص، أي ما يأتي قبلها وبعدها، ويؤثر في معناها، وحدود السباق عادة ما يكون الجملة وهي الوحدة التي تحمل فكرة معبرة مفيدة. والسباق هو أول ما يُنظر إليه في تحديد المعنى، فإذا كفى كان كذلك، وإلا يُنظر في النص عامة، وقد يحتاج الأمر إلى الخروج خارج الـنص لإيجاد المعنى، أو لفهم أبعاده. | Co-text | |
124- | تقطيع الجملة: وهو أن يقوم المترجم بتقطيع جملة طويلة في النص الأصل إلى جمل أصغر في الترجمة، موافقا بذلك طريقة بناء الجمل اللغة المستقبلة، فقد تعتمد لغة ما جملاً طويلة بينما نرى فيها لغة أخرى خللا. | Sentence-splitting | |
125- | إعادة ترتيب النص: وهو أن يقوم المترجم بإعادة ترتيب الحديث بحيث يتوافق مع منطق اللغة المستقبلة، أو أن يكون أكثر سلاسة، بأن يقدم ما تأخر، وقد تسمح به لغات، بينما يسبب إشكالا في الفهم في اللغة الأخرى، أو يكون غير متوافق مع الاستخدام الأسلم قواعديا. | Textual restructuring | |
126- | التفقير: قد يحتاج المترجم إلى إعادة توزيع النص المترجم في فقرات لم تكن في الأصل، تظهر ترابط النص وتوزع الأفكار في هذه الفقرات، وهذه ممارسة جيدة تسهل من قراءة النص، وبخاصة عند ترجمة نص إلى ثقافة تركز على التفقير وتراه من مكملات بناء النص الجيد. وقد تكون هناك أصول تراعى في التفقير في بعض اللغات، وبخاصة في بعض الصيغ الإنشائية.
| Paragraphing | |
127- | إضافة العناوين الفرعية: وتكون بخاصة في النصوص الطويلة، وتلك التي يفيد فيها إضافة العناوين الفرعية، وذلك بحسب العرف الشائع في اللغة المستقبلة وتوقعات القراء. | Sub-heading | |
128- | الاستعارة: وهي صنف من الأصناف البلاغية، تعرف عند البلاغيين العرب بــ: تشبيه حُذف منه المُشبَّه به أو المشبه، وأداة التشبيه، والغرض منها إيضاح الفكرة وإبراز الصورة البلاغية بمظهر جميل يؤثر في العاطفة ويلهب الخيال. وتُعرف في البلاغة الإنكليزية بــ: مجاز بلاغي فيه انتقال من معنى مجرد إلى تعبير مجسد عن طريق أن يُستبدل بالمجرد التعبير المجسد من غير التجاء إلى أدوات التشبيه أو المقارنة. ولخلوها من أدوات التشبيه فإن في استخلاصها والإتيان بها قفزة ذهنية ( imaginative leap )، وهناك في البلاغتين العربية والإنكليزية أنواع وتفريعات كثيرة للاستعارة، نأتي على ذكر الأنواع الواردة في هذا المعجم منها لعلاقتها بالترجمة. ويمكن تعريف الاستعارة بأنها: صنف من صنوف الصور المجازية، تستخدم فيها وحدة لغوية، لـيس على أصلها المعنوي، بل بمعنى جديد شيء بشيء، من المشابهة والمشاكلة للمعنى الأصلي للوحدة اللغوية المعنية. والاستعارة ضرب من التشبيه حذف فيه أداته، كأن يطلق لفظ «فأر»، ويراد به شخص ما ليُقصد بذلك أن هذا الشخص جبان، وذلك لوجود مشاكلة بين الفأر والجبن لأن الفأر حيوان صغير ويهرب عند المواجهة، ولكن لا يتوقع أن يطلق لفظ «أسد»، أو «ضرغام» على إنسان ويقصد به الجبن، لعدم وجود مشاكلة بين الأسد والجبن. ومن أمثلة الاستعارة: قولك لشخص: «أنت ترقم على الماء»، وتعنى أن فعله الذي يفعل لا فائدة منه تُرجى، لأن الرقم يعني الكتابة وهي لا تكون إلا على شيء يمسك الكتابة والماء لا يمسكها. تختلف الثقافات في فهم الاستعارات، فالمتلقي الإنكليزي لو أطلق لفظ «حمار» على شخص، لا يُفهم أنها يقصد بها الغباء، والمتلقي العربي عندما لفظ (rat) (أي: جرذ) يطلق على شخص قد يفهم منها أن هذا الشخص جبان، ولكن أهل الإنكليزية عند إطلاقهم هذا اللفظ بمعناه المجازي يقصدون به: الشخص الذي يتخلى عن أصدقائه وخلطائه، أي الشخص غير الوفي وغير المؤتمن. وفهم الاستعارة تعتمد على الوعي بالثقافة، والنصوص الدارجة حول المشبه به: الحمار، والجرذ في هذين المثالين. وللاستعارة ثلاثة أركان هي: المشبه، والمشبه به، ووجه الشبه. فإن قيل: «جرت الكهرباء في الأسلاك»، فإن المشبه هو الكهرباء، المشبه به هو الماء (وهو غائب في هذه الاستعارة) ووجه الـشبه هو الانسياب والجريان، فالكهرباء تتصور على أنها تجري كما يجري الماء في مجراه. وعن طريق ترجمة الاستعارة تستحدث في اللغات المستقبلة كثيراً من الأساليب التعبيرية المميزة، لتدخل بعد ذلك ضمن المخزون اللغوي لأهل اللغة، على أن تكون مفهومة وليست لها ارتباطات باللغة المصدر وثقافتها بحيث لا تُدرك إلا بالمعرفة التامة بهذه اللغة. | Metaphor | |
129- | الاستعارات المُدرجة (معجميا): وهي الواردة والمعهودة في المعجم الاستعمالي لأصحاب اللغة، وهي استعارات درج استعمالها بحيث إن أصلها البلاغي ظاهر، ولكن استعماها المتكرر ثبّت دلالتها، مما ينتج عن إدماجها في المعاجم اللغوية. | Lexicalized metaphor | |
130- | الاستعارات غير المدرجة (معجميا): وهي الاستعارات التي لم يثبت معناها الاستعاري عما يجعل تفسيرها يختلف من سياق إلى آخر، ويحتاج الشخص إلى إعمال فكره فيها لفهمهما. | Non-lexicalized metaphor | |
131- | الاستعارة الميتة: وهي استعارة مدرجة فقدت معناها الاستعاري مع كثرة الاستعمال، كـ: «رجل الكرسي»، وهي أصبحت تطلق دون تفكير على إحدى قوائمه، بل قد يُرى أنها هي التسمية الصحيحة لها، وكذا: «عقرب الساعة». وبما أن العنصر الاستعاري يكاد يكون معدوم في هذه فيصار إلى إغفال الاستعارة عند الترجمة. | Dead metaphor | |
132- | الاستعارة المخزونة: وهي استعارة مدرجة جرت مجرى العبارة الاصطلاحية، كأن يقال عن أمر أنه: «يلقي الضوء على » أمر ما و «يقشع سحب» الجهل به، و«استبد به» الألم، و«بلغوا ذروة المجد»، و «سوا به الأرض». وقد يجد المترجم استعارة مخزونة مقابلة في اللغة المستقبلة ويستخدمها. | Stock metaphor | |
133- | الاستعارة المسبوكة: وهي ضرب من الاستعارة غير المدرجة، وتسبك مستفيدة من المقررات اللغوية والثقافية. ففي الإنكليزية مثلاً، تم استعارة الحرب للتعبير عن الحوار، فيقولون: (battle of wits) أي «حرب الدهاء»، و(attack) أي «هاجم» خصمه بالحديث، (lash out) «صب حمم غضبه» عليه، و(bombard) أي «يمطره بقنابل» من الأسئلة، و(defend a position :) أي «يدافع عن موقفه». ويلاحظ هنا أن استعارة الحرب للتعبير عن الحوار والنقاش في اللغة الإنكليزية واضحة وجلية، بينما هي ليست كذلك بالنسبة للغة العربية، وفي الاستعارة المسبوكة، يستفاد من هذه الاستعارة المقررة في الإتيان باستعارات جديدة مبنية عليها ولكنها غير معروفة من قبل، كأن يقال: ( he redeployed his troops)، أي «أعاد نشر جنوده»، وقارئ الإنكليزية لن يجد إشكالا كبيرا في فهم المقصود، وهو إعادة تركيز النقاش، أو التركيز على جانب جديد في النقاش، لأن منشئ النص يعتمد على الاستعارة المقررة: «الجدال حرب» التي هي مفهومة عند أهل اللغة، ومن هذا قد يؤتى بعدد كبير من الاستعارات المسبوكة. ولكن قد لا يكون هذا متأتيا في اللغة العربية لعدم إقرار هذه الاستعارة بين أهل اللغة، وعليه فقد يجد المترجم مضطرا لعدم الحفاظ على الاستعارة المسبوكة. | Conventionalized metaphor | |
134- | الاستعارة الأصلية: وهي ضرب من الاستعارة غير المدرجة، وتكون مستحدثة تماماً، ولا تبني على أي من الاستعارات المقرّة. وهي مفتوحة للتفسير، وسياقها المحلي هو الذي يحدد معناها. | Original metaphor | |
135- | تلطيف الاستعارة: قد تكون الاستعارة قوية في النص الأصل، ولا تقبلها ذائقة اللغة المستقبلة، ففي هذه الحال يقوم المترجم بتلطيفها، وبخاصة إذا لم يعزز السياق وجودها في الترجمة. | Metaphor downtoning | |
136- | الاستعارة الإدراكية: في كتابها: Metaphors We Live By (الاستعارات التي نحيا بها)، جاء اللغويان لاكوف وجنسون بمصطلح «الاستعارة الإداركية»، وأكدا أهمية الاستعارة ومدى تغلغلها في حياتنا وفي الطرق التي نرى بها الأشياء وتفكر بها. وهما يريان أن الاستعارة ليست باللغوية بل هي إدراكية، أي إنهما أخذا الاستعارة من مجال اللغة المحض وطبّقاها على الحياة، كأداة مهمة في التعامل مع الواقع، ففـي الحياة أمور كثيرة مجردّة غير ملموسة، يقوم الناس بتطبيق (mapping) أمور ملموسة عليها ليستطيعوا فهمها والإلمام بها. وتكتسب المجردات بهذا بعض صفات المحسوسات. وتكون هناك استعارة أولية تتفرع عنها كثير من الاستعارات وتبنى عليها، كأن يقال: (argument is war)، أي: الجدال حرب. وتتفرع منها كثير من الاستعارات التي ذكرناها في الاستعارات المسبوكة، وكأن ينظر إلى «الشك» بأنه «مرض»، وهكذا فالمرض هو المجال الأصل (domain source)، والشك هو المجال الهدف (target domain)، ولتطبيق مجال أصل على مجال فرع استتباعات (entailments) وهو أن يُفهم هذا المجال الهدف ضمن معطيات المجال الأصل، ويكتسب من صفاته. ولما كان هذا الأمر شديد الحساسية يرى لاكوف وجونسون أن بعض الاستعارات الإدراكية لا غنى عنه، وبعضها مفيد، والبعض الأخر مضلل، ويعطي أفكارا مغلوطة عن المجال الهدف. وفي مجال الترجمة هناك مطالبات بالاستفادة من الاستعارات الإدراكية كأداة تحليلية نقدية، وأداة يمكن الاستفادة منها في استحداث مصطلحات جديدة وتطوير اللغة الخاصة ببعض الحقول المعرفية. | Conceptual metaphor | |
137- | استعارة النقل: عُرف المترجمون في العربية منذ القدم بأنهم «نَقَلة» والمترجم «ناقل»، والاستعارة الإدراكية الأساسية: «الترجمة نقل» وما لها من استتباعات، أثرت في تطور فكر الترجمة في العالم العربي، ومنظَّرو الترجمة الغربيون ليسوا من هذا ببعيد فقد استخدموا استعارة النقل وطبقوها على الترجمة في كتاباتهم، وهي استعارة واسعة الانتشار -بل إنها هي المستخدمة في المعاجم- لوجود مشاكلة بين الترجمة والنقل وهي لا تخلو من فائـدة في تقريب عملية الترجمة المعقدة إلى الذهن، بل إنها فقدت تأثيرها الاستعاري، ولا تُرى على أنها استعارة في المقام الأول. إلا أن لها محاذيرها، واستتباعاتها لا تنطبق بالكلية على الترجمة، إذ الترجمة ذات أبعاد أكبر من مجرد النقل، أو النقل المجرد. فالنقل يستتبع، أن الكيان المنقول هو هو دون زيادة أو نقص، في مكانيه المنقول منه والمنقول إليه، كما يستتبع أن الناقل لا يبذل إلا جهدا محددا في النقل، ولا يتدخل فيه، ويستتبع التقليص من مقدار التدخل في النقل. ومن المعلوم أن هذه الاستتباعات لا تنطبق على الترجمة التي تتطلب تدخل المترجم لعدم وجود التطابق بين الوعائين اللغويين المصدر والهدف. ولذا هناك من يرى أن هذه الاستعارة هي تبسيطية، ومضللة. | Transfer metaphor | |
138- | استعارة القناة: وهي استعارة إداركية شائعة في الكتابات حول نظرية الترجمة، وتُفهم الترجمة من خلالها وكأن الترجمة قناة تنتقل النصوص والأفكار عبرها. هناك استعارات إدراكية أخرى ترى في الترجمة: جسرا، وعينا، ونافذة، وأداة اتصال. وهي استعارات تؤكد في أصلها على خيرية الترجمة، وهي السائدة في مرويات الترجمة العربية، ولكنها تغفل الوجه الآخر في الترجمة وهو إمكان استخدام الترجمة في تشويه صورة الأخر وفرض السيطرة عليه، أو في الكذب عليه أو لصالحه. | Conduit metaphor | |
139- | الكناية: وهي إطلاق لفظ مع إرادة لازم معناه، مع جواز إرادة المعنى الأصل، كأن يُقال: «فـلان كثير الرماد»، ويقصد به الكرم وهو لازم معنى كثرة الرماد لأن الكريم يكثر من المآدب للضيفان، وقد يقصد به المعنى الأصل وهو كثرة الرماد. وقد تسبب الكناية من حيث العلاقة بين المعنى الحرفي والمعنى المجازي في إشكالات في الفهم، فهناك من يحمل النص على المعنى الحرفي وهناك من بحمله على المعنى المجازي، والمشاكلة بين المعنيين وإمكان حمل المجازي على الحرفي دون وجود منبه لهذا هو مثار الإشكال لغياب ما ينبه إلى أرادة منشئ الأصل حمل المجازي على الحرفي. وعادة ما تكون الكناية مرتبطة بالثقافة، ككثرة الرماد، التي ترتبط بالثقافة العربية المرتبطة بإنضاج الطعام على الحطب. |
| |
140- | إطلاق أحد لوازم الشيء للدلالة عليه: وهو ضرب من الكناية وكأن يُقال بالإنكليزية:( The Grown) ويقصد به الملك أو الملكة، أو أن تطلق كلمة «الكأس» للدلالة على الخمر، ويترجم مباشرة إذا ما وُجد مقابل له. | Metonymy | |
141- | إطلاق الجزء لإرادة الكل: وهو ضرب من المجاز المرسل، كتسمية الحرفيين بــ: «الأيدي العاملة»، ويُترجم مباشرة إذا ما وُجِد مقابل له. | Synecdoche | |
142- | التلطيف (التهوين): وهو استعمال لفظ أو عبارة ملطفة مكان لفظ أو عبارة تؤثر في المشاعر، أو تخدش الحياء، كأن يُعبر عن الموت بــ: «لفظ أنفاسه الأخيرة»، و «التحق بالرفيق الأعلى»، وهذا الضرب البلاغي شائع لأن المباشرة في القول خاصة في الأمور المبغضة والتي يُستحيا منها تكون عليها محاذير اجتماعية. | Euphemism | |
143- | التهويل: عكس التلطيف، وهو إبراز الجوانب السلبية في أمر ما بالتعبير عنه بألفاظ وعبارات قاسية ثقيلة على السمع، وهذا الضرب البلاغي يكون الغرض منه عادة التنفير من الأمر بجعل وقعه ثقيلا على السمع. كأن يقال: «زهقت روحه» و"أَفَلَ». | Dysphemism | |
144- | اللُّغية: بحسب تعريف ماك هاليداي (Halliday.M.A.K)، هي صنف من اللغة يعرف بحسب استخدامه في الموقف الاجتماعي، كاللغة الدينية (الخطب والمواعظ)، واللغة العلمية (التقارير العلمية)، واللغة الرسمية (البيانات). ولكونه من الأدوات المهمة في فهم النص الأصل تم استيعاب هذا المصطلح في دراسات الترجمة، ولكن بشيء من الاضطراب، ومما لا شك فيه فإن من الأهمية بمكان أن يعرف المترجم مميزات اللغيّات في كل من اللغة التي يترجم منها واللغة التي يترجم إليها: مدى التوافق بينها ومدى الاختلاف، ومدى وعي المجتمع اللغوي الخاص بوجود بعض الممارسات المستخدمة في المجتمع اللغوي الخاص المقابل. | Register | |
145- | حقل اللغيّة: وهو المجال التي تستخدم فيه اللغيّة، فالحديث عن بيان رسمي في نشرة إخبارية، يختلف عن البيان الرسمي نفسه، وعرض تقرير علمي في صحيفة متنوعة الاهتمامات يختلف عن التقرير العلمي . | Field | |
146- | رابطة اللغيّة: وهي العلاقة التي تربط بين طرفي الحديث، وما يستتبع هذا من مستوى الرسمية في الخطاب (level of formality)، فرابطة اللغيّة الأم وطفلها الصغير تجعلها تحدثه بطريقة تختلف عن تلك التي حدث فيها الموظف الصغير رئيسه الأعلى. وكذا في تعاملات الناس في المجالات المجتمعية المختلفة: شراء فاكهة، وموظف خدمة العملاء، وعامل البناء. | Tenor | |
147- | وسيطة اللغيّة: وهي الوسيلة التي تنقل بها اللغيّة، وفي الغالب يكون التفريق هنا بين الطريقة الشفوية والطريقة المكتوبة، ويتم التفريق هنا بين كون اللغيّة تنقل في: محاضرة، أم مقالة في مجلة ثقافية، أم بحث علمي، أم في كتيب إرشادات. | Mode | |
148- | الصوت: وهو الهيئة التي يكتسيها الحديث، كأن يكون: مألوفا، أو بذيثا، أو رسميا، أو مؤدبا. فطلب الصمت مثلاً قد يعبّر عنه بعدد من الأصوات: «لعلنا نستمع للمتحدث»، و«هدوء لو سمحت»، و«أسكت»، و«أخرس»، واختيار الصوت يعتمد على الموقف الاجتماعي ومالهم من متغيرات، فالمكان، والمناسبة، وطرفي الحديث يحددان نوع الصوت. وكذا يحدد الصوت تصنيف المتحدث الاجتماعي: درجة تعليمه (أستاذ جامعي)، دوره الاجتماعـي (واعظ ومصلح اجتماعي)، ومنصبه (مسؤول). والصوت أمر لطيف قد لا يفطن إليه المترجم غير المتمرس، مع أهميته في رسالة الأصل، ولذا قد يكون عرضة للإضاعة. وهذه أمثلة من إعلان عن سيارة رياضية شبابية وترجمته العربية:
| Voice; | |
لما تتمتع به من قوة هائلة أطلق العنان لرغباتك محركها الجبار أليس هذا ما تصبو إليه وانطلق إلى عالم المرح الصاخب | With loads of get up and go Show what you’re made of With a real sting in its tail Right up your street And paint the town red | ||
والملاحظ هنا أن الصوت اختلف تماماً في الترجمة العربية، فبعد أن كان يحاكي لغة الشباب المحكية، أصبح أكثر رسميّة. وعند أداء الترجمة إلى العربية الفصحى فإننا عرضة لأن نفقد صوت الأصل، لعدم حساسيتنا للفصحى في هذا المستوى بسبب عدم ممارستنا اليومية لها وبسبب أننا نتوقع الرسمية في الكلمة المطبوعة، وللمحافظة على الصوت في النصوص الإعلانية مثلاً يمكن الاستفادة من اللهجات في الترجمة إذا سمح المقام. | |||
149- | اللهجة الاجتماعية: وهي لهجة تظهر انتماء المتحدث الاجتماعي، وتظهر في اللغة المحكية، أو المكتوبة التي تحاكي المحكية. وعادة ما تحيط باللهجة الاجتماعية الصور النمطية عن طبائع من يتحدثون بها، وقد يوظفها منشئ النص لخدمة غرضه الاتصالي، كاستخدام لغة تحاكي عُجمَة غير العرب للتعبير عن كون المتحدث: خبيرا في أمر ما، أو غير مأمون الجانب، وما إلى ذلك من الإسقاطات الاجتماعية على اللهجة الاجتماعية. | Sociolect | |
150- | اللهجة: وهي تختلف عن اللغيّة في أنها لا تركز على خصائص اللغة نفسها، بل على خصائص مستخدميها، كالدولة التي ينتمون إليها، والألفاظ التي يستخدمونها، وطرقهم في التعبير عن أمور معينة، وفي الوطن العربي الكبير يمكن التفريق على نحو ملحوظ بين المشرق العربي والمغرب العربي. | Dialect | |
151- | التمازج اللغوي: وهو تعايش صيغتين من اللغة الواحدة لكل واحدة منهما مجال توظيف اجتماعي يختلف عن الآخر، ويرى أهل اللغة أن هاتين الصيغتين يمكن إبدال إحداهما بالأخرى، ولكل واحدة منهما اسم خاص بها، وعادة ما تكون هناك صيغة عليا (high variety) وصيغة دنيا(low variety) تختلفان في أن الصيغة العليا أكثر رسمية من الدنيا، وتستخدم العليا في التعليم والمواقف الرسمية، بينما تستخدم الدنيا في الخطاب اليومي غير الرسمي، وعادة ما يكون للصيغة العليا رونقها الذي تفتقر إليه الصيغة الدنيا، ونمثل هنا على الصيغة العليا باللغة العربية الفصحى، والصيغة الدنيا باللهجات العامية. | Diaglossia | |
152- | تحويل الشفرة: وهي الانتقال بين الشفرات اللغوية من خلال سياق الحديث الواحد، كالانتقال من العامية إلى الفصحى، أو من العربية إلى الإنكليزية، وهو خيار واع يكون عادة لتحقيق غرض اتصالي يرى منشئ النص أن الشفرة الأولى لا تؤديه. | Code-switching | |
153- | السياق: وهو أوسع من السباق، وقد يكون في النص عامة وقد يكون خارج النص. وهو مهم جداً في تحديد المعنى. وعلى المترجم أن يراعي السياقين: الذي ورد فيه الأصل، والذي يروم الترجمة إليه إذ يكون له إملاءاته. | Context; (الخلفية السياقية) | |
154- | الإملاء السياقي: وهو أن يملي السياق على المترجم ويحدد له الطريقة التي يتعامل بها مع الوحدات الترجمية، وقد لا تكون هذه محددة من قبل طالب الترجمة بل قد يجد المترجم بحكم خبرته السياقية أنه مضطر إلى الترجمة بهذه الطريقة أو تلك، وقد تكون ضربا من الرقابة الذاتية يمارسها المترجم على نفسه. | Contextual imposition | |
155- | التّطلب السياقي: وهو المعرفة السياقية المتطلبة لفهم النص فهما تاما، وعدم توافر هذه المعرفة، يؤدي إلى خلل في فهم النص، وبالتالي خلل في أدائه. وقد يكون هناك تطلب سياقي يخص الترجمة، والسياقات التي تؤدى فيها، وهذا عادة ما يزود به المترجمَ طالبُ الترجمة، أو أن يعيه المترجم من خلال بنائه للسياق بحكم معرفته السياقية. | Contextual demand | |
156- | الحس الترجمي: وهو الحس الذي ينميه المترجم عبر الممارسة الطويلة، وعندها يعرف متى حذف ومتى يضيف وكيف يزن مقدار الخسارة، وطريقة تعويضها ومقدارها، وهي أمور يكتسبها المترجم كلما زادت خبرته، وهو حس حقيقي يجده المترجم في نفسه مع الوقت. | Translator’s feel | |
157- | ألفاظ فارغة: وهي الألفاظ التي يكون مستوى محتواها المعنوي منخفضا جدا، وهي ضرب من العادة اللغوية التي تستخدم في تسيير الكلام، ولا تُقصد بذاتها، بل هي مما درج عليه المجتمع اللغوي، وفي الغالب لا تكون هناك حاجة لترجمتها. | Empty words; | |
158- | كونيات الترجمة: وهي الملامح والقوانين العامة التي تظهر في الأعمال المترجمة، بغض النظر عن الزوج اللغوي، وهي قواعد تتحكم في السلوك الترجمي عند المترجمين، ويتحقق فيها شرط الترجمة الأساس القائم على الإفهام، فالترجمة غير المفهومة تصل إلى حد الممارسة العبثية، ولذا نجد أن المترجمين بحكم هذه الرغبة الطبعيّة يظهرون أنماطا في التعامل مع العمل الترجمي تتكرر في كثير من النصوص، لتصبح بذلك ظاهرة وأنساقا يمكن أن يطلق عليه مسمى «كونيات»، وقد أثبتت البحوث التطبيقية الجادة المبنية على المكانز الترجمية أن هناك ملامح عامة تغلب على الترجمات، وعلى أي فإن هذا الملامح لكي تثبت على نحو علمي دقيق ويستفاد منها في تدريب المترجمين، يجب أن يكون هناك قَدرٌ كبير من الدراسات في اللغات المختلفة مطبقة على فترات زمنية متفاوتة، وعلى نصوص طبيعتها مختلفة. | Translation universals | |
159- | التبسيط: وهو من كونيات الترجمة، وتم التعرف على ثلاثة أنواع من التبسيط في الترجمات: تبسيط لفظي، وتبسيط نحوي، وتبسيط أسلوبي. والتبسيط يظهر في حال عدم وجود تطابق في الزوج اللغوي على هذه المستويات ومحاولة المترجم التعامل معه والالتفاف حوله. | Simplification | |
160- | الإيضاح: وهو من كونيات الترجمة، ويقوم على زيادة ألفاظ ليست من الأصل من أجل تقريب الترجمة من المتلقي، وتسهيل فهمها عليه، كأن تُظهر الأدوات التي تربط بين الجمل وتعزز تسلسل الأفكار في النص، وإضافة التعليقات والشروح، وتكرار بعض المعلومات الواردة سابقا لتأكيد فهمها، والتدخل لتوضيح المبهم في النص الأصل. وقد ينشأ الإيضاح من عملية الترجمة نفسها التـي تقوم على فهم الأصل وأدائه في الترجمة، وهي عملية تفسيرية، يظهر أثرها في المنتج النهائي. | Explicitation | |
161- | التطبيع: وهو من كونيات الترجمة، وقائم على جعل الترجمة تتوافق مع المعمول به في اللغة الهدف، مثلاً من حيث: علامات الترقيم، وطول الجمل وتركيبها، والتلازم اللفظي، وذلك لكي يتقبل المتلقي الترجمة. | Normalization | |
162- | النصوص الدائمة: وهي النصوص غير محدودة الزمن والفائدة وغير مقيدة الغرض، التي تستمر لفترة طويلة من الزمن قد تستمر قرونا وألفيات، وهي عادة ما تكون نصوصا ذات ثقل وأهمية، لا تقيدها علائق وقتيّة، ومثل هذه النصوص تستلزم من المترجم استفراغ الجهد، بل إنها قد يكتب لها حياة ثانية عن طريق الترجمة، وقد يحوز المترجم شهرة واسعة بسببها. ومن أمثلة هذه: النصوص الدينية، والعلمية، وعيون الأدب. | Durable texts | |
163- | النصوص الوقتية: وهي النصوص الآنيّة، المحددة الغرض، والتي لا يُستفاد منها بعد حين، بل تخدم غرضا محددا ثم تكون عديمة الفائدة أو قليلتها، ومن أمثلتها النشرات الخاصة بالمناسبات، والكتيبات الإرشادية. وهذه تحتاج إلى دقة في الترجمة، ولكن الجهد المبذول فيها من حيث البحث عن المعلومة واستقصائها، أقل من ذلك المبذول في النصوص الدائمة. | Temporary texts | |
164- | لغة الترجمة: وهي لغة غريبة لا تنتج إلا من خلال الترجمة، وهي نوع غير معياري من اللغة الهدف تظهر عليها آثار النص الأصل، والبعض يقول إنها لهجة خاصة أو شفرة الثالثة (third code)، ليست بلغة الأصل ولا بلغة الهدف. وتكون نتيجة للاستراتيجية الحرفية في الترجمة غير المتجردة من مبنى الأصل، وتكون على مستوى الألفاظ والعبارات والتراكيب، وكلما ازداد المترجم تمرسا وجرأة على اتخاذ القرار ابتعد عن هذه الشفرة. | Translationese | |
165- | الضوضاء: وهي أن يكون نص الترجمة محملا بإشارات إلى الأصل، وهي ليست بالضرورة كلغة الترجمة، التي تأتي من قلة الخبرة، بل ربما من اتخاذ القرار الخاطئ في التعامل مثلاً مع الإشارات الثقافية في الأصل، مما يجعل الترجمة محملة بها، ويؤدي ذلك إلى عدم سلاسة الترجمة، وصعوبة فهم بعض مقاطعها. | Noise | |
166- | وحدة الترجمة: وهي الجزء من النص الذي يصب المترجم عليه تركيزه لينقله إلى اللغة المستقبلة كله، وكلما ازداد المترجم تمرسا كبرت وحدة الترجمة عنده، فمن الملاحظ أن متعلمي اللغة الأجنبية والمترجمين المبتدئين يميلون إلى عدّ الكلمة وحدة الترجمة التي يصبون اهتمامهم عليها وينقلونها كوحدة في بناء نص الترجمة معتمدين في فهم معناها على المعجم، بينما يوسع المترجمون المتمرسون من وحدة الترجمة فيشملون بها أشباه الجمل أو حتى الجمل، ويعتمدون في فهم المعنى على السياق (بمفهومه الشامل). وتشير الدراسات أن النص الهدف الذي تكون فيه وحدات الترجمة أكبر (أي على مستوى الجملة) يكون أكثر قبولا، لأن الاختلافات بين اللغات تكون أكبر على المستويات الصغيرة، ولأن المعنى عادة ما يحتوي ويتم في الوحدات الكبيرة، ولهذا تتحقق ترجمة المعنى مقابل المعنى وتبعد الترجمة عن الحرفية، أي ترجمة كلمة بكلمة. ويمكن عّد النص كُلاً داخلا ضمن وحدة الترجمة، إذ لمعنى وحداته تعلق كبير به وله تأثير مهم فيها، قد لا يظهر من الجملة، وقد تتأثر الترجمة بالنص: نوعه، ووظيفته، ومقامه الاتصالي، وصيغته الإنشائية، ولكن تبقى الجملة هي الأساس الذي يقوم عليه بناء النص الهدف. | Unit of translation | |
ثبت المصادر
أفاد هذا المرشد من المصادر الآتية:
- Austermühl, F. (2001) Electronic Tools for Translators. St. Jerome: Manchester.
- Baker, M. (1992) In Other Words: A coursebook on translation. Routledge: London.
- Baker, M. (ed.) (2001) Routledge Encyclopedia of Translation Studies. Routledge: London.
- Chan Sin-Wai & Pollard, D. (eds.) (2001) An Encyclopedia of Translation: Chinese-English, English-Chinese. The Chinese University Press: Hong Kong.
- Dickins, J., Hervey, S. & Higgins, I. (2002) Thinking Arabic Translation: A Course in Translation Method—Arabic to English. Routledge: London.
- Hatim, B. & Munday J. (2004) Translation: An advanced resource book. Routledge: London.
- Hatim, B. (1997) English-Arabic/Arabic-English Translation: A Practical Guide. Saqi Books: London.
- Larson, M. (1984) Meaning-Based Translation: A Guide to Cross-Language Equivalence. University Press of America: Maryland.
- Mossop, B. (2001) Editing and Revising for Translators. St. Jerome: Manchester.
- Newmark, P. (1988) Approaches to Translation. Prentice Hall: New York.
- Zanettin, F., Bernardini, S. & Stewart, D. (2003) Corpora in Translator Education. St. Jerome: Manchester.
مَرَاِجع مُقْـتَرَحَة
لم يقدم المرشد كل شيء يمكن المشتغل بالترجمة أن يعرفه، ولمن أراد أن يستزيد في هذا المجال، أقترح المراجع التالية، على أن يحكم القارئ عقله، ويعمل فكره في كل ما جاء فيها، ولا يأخذها على عواهنها، وكأنها مسلمات:
أولاً: الأدلة العملية:
- نيومارك، بيتر، اتجاهات في الترجمة: جوانب من نظرية الترجمة، ترجمة: محمود إسماعيل الصيني، الرياض دار المريخ، ١٩٨٦.
ثانيا: في نظريات الترجمة:
- عجينة، محمود، نظريات الترجمة الحديثة: في الترجمة ونظرياتها، مجموعة من الأساتذة الجامعيين، قرطاج، بيت الحكمة، ١٩٨٩.
- عناني، محمد، نظرية الترجمة الحديثة: مدخل إلى مبحث في دراسات الترجمة، القاهرة، الشركة المصرية العالمية للنشر لونجمان، ٢٠٠٣.
- مونان، جورج، المسائل النظرية فى الترجمة، ترجمة: لطيف زيتونة، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، ١٩٩٢.
- نايدا، يوجين، نحو علم الترجمة، ترجمة: ماجد النجار، بغداد، مطبوعات وزارة الإعلام، 1976 .
فهرس بالمحتويات
المقدمة...................................................................................................................... |
هدف المرشد وطريقته..................................................................................................... |
ما الهدف من المرشد؟...................................................................................................... |
من هم المستهدفون بالمرشد؟.............................................................................................. |
كيف يُدرس هذا المرشد؟................................................................................................... |
كم عدد أيام الدرس وساعاته التدريبية؟.................................................................................... |
حدود المرشد وإطاره....................................................................................................... |
المهام التدريبية............................................................................................................. |
الجلسة التمهيدية: وضع الأمور في نصابها.............................................................................. |
المهمة التدريبية الصفية (١ ) ............................................................................................. |
الجلسة الأول: لماذا نترجم؟................................................................................................ |
المهمة التقويمية (١) ...................................................................................................... |
فائدة! ....................................................................................................................... |
أهمية ترجمة الإسلام....................................................................................................... |
أسباب أهمية ترجمة النصوص الإسلامية................................................................................. |
المهمة التقويمية (٢) ...................................................................................................... |
الجلسة الثانية: الترجمة الجيدة والمترجم الجيد......................................................................... |
المهمة التدريبية الصفية (٢) .............................................................................................. |
شروط الترجمة الجيدة...................................................................................................... |
المتطلبات التي يجب توافرها في المترجم |
الجلسة الثالثة: الترجمة ليست مجرد نقل............................................................................... |
مقتضيات الترجمة.......................................................................................................... |
حدود التطابق بين اللغات. ................................................................................................. |
الجلسة الرابعة: التحليل والبناء في الترجمة............................................................................ |
مبدا الخسارة والتعويض في الترجمة..................................................................................... |
مراحل عملية الترجمة...................................................................................................... |
المهمة التدريبية الصفية (٣) .............................................................................................. |
تنبيه! ....................................................................................................................... |
الجلسة الخامسة: الترجمة والسياق الثقافي.............................................................................. |
علاقة اللغة بالثقافة......................................................................................................... |
أهمية الوعي بثقافة النص المترجم........................................................................................ |
تنبيه! ....................................................................................................................... |
المهمة التدريبية الصفية (٤ ) ............................................................................................. |
العناصر الثقافية............................................................................................................. |
أولاً: العناصر المادية للثقافة. ............................................................................................. |
ثانيا: العناصر اللغوية للثقافة. ............................................................................................. |
المهمة التدريبية الصفية (٥) ............................................................................................... |
الجلسة السادسة: ترجمة ذوات الخصوصية الثقافية.................................................................... |
خيارات ترجمة ذوات الخصوصية الثقافية . .............................................................................. |
أحوال ذوات الخصوصية الثقافية. ......................................................................................... |
تنبيه هام ! .................................................................................................................. |
المهمة التقويمية (٣) ....................................................................................................... |
الجلسة السابعة: طرق التعامل مع حالات عدم التطابق.................................................................. |
أولاً: الفروق البيئية والاجتماعية........................................................................................... |
ثانيا: الفروق اللغوية. ...................................................................................................... |
كونيات الترجمة............................................................................................................ |
الجلسة الثامنة: تصحيح المفاهيم : الترجمة في فراغ.................................................................... |
الملامح العامة للترجمة الإسلامية.......................................................................................... |
الترجمة في فراغ........................................................................................................... |
أولاً: عدم التخطيط الجيد للترجمة.......................................................................................... |
ثانيا: الخلل في إدراك الدور الحقيقي للمترجم............................................................................. |
ثالثا: عدم مراعاة المقام الاتصالي......................................................................................... |
رابعا: إطلاق الأحكام العامة............................................................................................... |
خامسا: عدم مراعاة ما يخرج الألفاظ عن معانيها المعجمية............................................................... |
المهمة التدريبية الصفية (٦) .............................................................................................. |
الجلسة التاسعة: ممارسات جيدة وتنبيهات مهمة........................................................................ |
أولاً: ممارسات جيدة........................................................................................................ |
1. الإفادة من معينات الترجمة............................................................................................ |
2. بناء مكانز الترجمة. .................................................................................................. |
3. إدارة المصطلحات.................................................................................................... |
4. الإفادة من الترجمات السابقة. ........................................................................................ |
5. القراءة في تخصص المادة وموضوعها............................................................................. |
6. مراعاة العرف العلمي السائد.......................................................................................... |
7. إبراز ترابط النص وتسلسل أفكاره.................................................................................... |
8. اتباع نسق واحد في الترجمة.......................................................................................... |
9. تصحيح الأخطاء الواردة في الأصل................................................................................. |
ثانيا: تنبيهات مهمة......................................................................................................... |
1- الإكثار من النقحرة.................................................................................................... |
2- تخصيص العام........................................................................................................ |
3- الأصدقاء غير الأوفياء................................................................................................ |
المهمة التدريبية الصفية (٧) .............................................................................................. |
الجلسة العاشرة: مشروعات الترجمة خطوة خطوة...................................................................... |
خطوات مشروعات الترجمة إجمالا....................................................................................... |
خطوات مشروعات الترجمة تفصيلا...................................................................................... |
فائدة! ....................................................................................................................... |
المهمة التقويمية (٤) ....................................................................................................... |
ملحق رقم (١): نصوص تدريبية مقترحة.............................................................................. |
النص الأول: بيان مكة المكرمة بشأن: التفجيرات والتهديدات الإرهابية................................................ |
النص الثاني: وجوب التوبة إلى الله والضراعة عند نزول المصائب..................................................... |
ملحق رقم (٢): نماذج لمشروعات ترجمة خطط لها..................................................................... |
المشروع الأول: «فتح الرحمن بترجمة القرآن» للشاه ولي الله الدهلوي................................................. |
المشروع الثاني: ترجمة الكتاب المقدس إلى لغة الشيشوا الموسومة «باكو لويرا»..................................... |
المشروع الثالث: ترجمتا صحيح البخاري وصحيح مسلم إلى اللغة الإنكليزية......................................... |
ملحق رقم (٣): نص تم تحليل عناصره الثقافية.......................................................................... |
حديث أم زرع............................................................................................................... |
تحليل الحديث............................................................................................................... |
أولاً: أبعاد ثقافية عامة في النص........................................................................................... |
ثانيا: تنبيهات قبل الشروع في التحليل والاستقراء....................................................................... |
ثالثا: التحليل المفصل للبعد الثقافي في كل من النص وترجماته........................................................... |
رابعا: رأي مجمل في التحليل التفصيل للعناصر الثقافية في حديث أم زرع وترجماته................................. |
مسرد بمصطلحات الترجمة وتعريفاتها.................................................................................. |
ثبت المصادر............................................................................................................... |
مراجع مقترحة............................................................................................................. |
فهرس المحتويات.......................................................................................................... |
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الصادر عن مجمع الفقه الإسلامي، في دورته السابعة عشرة، المتعقدة في الفترة من 19-23/10/1424هـ.
[2] نشرت في مجلة البحوث الإسلامية، العدد ١١، ص ٧ -١٢.
[3] هذه المعلومات مأخوذة من مقدمة المترجم التي عني بنشرها الدكتور أحمد خان بعنوان «مقدمة فـتح الرحمن بترجمة القرآن» (باللغة الفارسية)، ونشرها في مجلة خدا بخش لايبريري جرنل، العدد (١١٥)، بتنه، الهند.
[4] يشير الدهلوي إلى ما هو الرائج في تلك المناطق حتى يومنا هذا، من أن الطفل عندما يكبر قليلا، ويبلغ عمره سبع سنوات تقريبا، يبدأ في مسجد القرية بتعلم الحروف العربية، وكيفية التلفظ بها مفردة ومركبة، ثم يأخذ القرآن درسا درسا إلى أن ينتهي منه، ويرى الدهلوي أن يكون الطفل قد أخذ القرآن وأتقن قراءته والتلفظ به، ثم يقرأ الترجمة.
[5] يقصد أنه تجنب اختيار الكلمات الغريبة وغير المتداولة التي يصعب على العامة فهمها.
[6] يقصد إن كانت الآية تحتمل أكثر من وجه احتمالا متساويا فإنه يذكر أحد الاحتمالين في الترجمة، ويختار الاحتمال الثاني في التعليقات الوجيزة التي يذكرها على حاشية الترجمة، ويكون منهجه في تلك التعليقات كما ذكر.
[7] يقصد أنه يحاول قدر الإمكان بيان الربط بين الآيات المختلفة، ويفعل ذلك في التعليقات الوجيزة التي على بها على بعض المواضع من ترجمته.
[8] كل المزايا المذكورة مأخوذة من «مقدمة فتح الرحمن بترجمة القرآن» : ص ٢١ -٣١.
[9] وهي كتب اليهود والنصارى الدينية المقدسة التي يسميها النصارى العرب «الكتات المقدس»، وتُسمى باللغات الأوربية (Bible)، ولمعرفة المزيد حول مقترحات لتسميتها إسلاميا، انظر: د/ ف عبدالرحيم، دليل الحيارى في تسمية كتب اليهود والنصارى، دار المآثر للنشر والتوزيع، المدينة النبوية، ١٤٢٦ هـ.
[10] لا يقصد من ذكر هذا المثال أن نتخذ هؤلاء قدوة لنا، ولكن القصد في المقام الأول هو التنبيه على أهمية التخطيط للمشاريع من جميع أبعادها، وهذا مثال جيد على هذا. وأقدم هنا ترجمة بتصرف لما أخذته عن هذا المشروع من الكتاب التالية بياناته:
Wilt, T. (2003) Bible Translation Frames of Reference. Manchester: St. Jerome Publishing. Pp. 259-262.
[11] تحرص جمعيات الكتاب المقدس - وهي التي عادة ما تقوم على أمر ترجمته - على التعاون مع الكنائس الموجودة في البلاد المترجم إلى لغة أهلها، وكذا على مشاركة ججيم الكنائس - على اختلاف اتجاهاتها في المشروع - وهناك تعاون متزايد بين الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية في مشروعات الترجمة، للخروج بترجمات مقبولة لدى الجميع، ولذا قامت كل من جمعيات الكتاب المقدس المتحدة وأمانة ترويج الوحدة النصرانية في الفاتيكان لإخراج وثيقة بعنوان «مبادئ إرشادية في التعاون بين الكنائس في ترجمة الكتاب المقدس» (Guiding Principles for Interconfessional Cooperation in Translating the Bible)، وتوضح هذه الوثيقة بالتفصيل الطريقة التي يمكن بها إنجاح هذا التعاون.
[12] ولد محمد أسد في بولندا عام ١٩٠٠ م باسم ليوبولد فايس قاليسيا، في عائلة يهودية متدينة، ودرس الصحافة وتاريخ الفن والفلسفة بجامعة فينّا ثم عمل صحافيا. ولكنه نفر من الأطماع الصهيونية منذ البداية، وقضى أغلب عمره مراسلا صحافيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، واستهوته بساطة عيش هذه الشعوب في تلك الفترة، وأعجب كثيرا بالإسلام، وبعد زيارة الأزهر اعتنق الإسلام عام ١٩٢٦ م، وكرس جهده بعد ذلك لخدمة الإسلام، وبعد بقائه في المملكة العربية السعودية انتقل إلى شبه القارة الهندية التي كانت تحت الاستعمار البريطاني، وعمل في وزارة الخارجية الاكستانية بعد عام ١٩٤٧م، وأنجز ترجمته لمعاني القرآن الكريم الموسومة بـ«رسالة القرآن» خلال فترة بقائه في المغرب، وخرج الجزء الأول منها عام ١٩٦٤ م، وكانت له نزعة عقلانية، ظهرت في ترجماته، بسبب نشأته الغربية. والمعلومات التوثيقية لترجمته لكتب من صحيح البخاري هي:
Asad, M. (trans.) (1981 [1938]) Sahąh al-Bukharą: The Early Years of Islam. Gibraltar: Dar Al-Andalus.
[13] لم يكمل هذا المشروع لضياع أصوله المخطوطة، وعدل عنه إلى ترجمة معان القرآن الكريم وخرجت ترجمته بعنوان: «رسالة القرآن» - The Message of the Qur’an.
[14] لاحظ الفترة الزمنية التي خرجت فيها الترجمة وما كانت تعج به من أفكار وأحداث، وتأثير هذا في أطروحات المترجم.
[15] انتهى هذا المترجم الباكستاني من العمل على الترجمة عام ١٩٧١ م، وقد كتب مقدمة مطولة اقتبست منها المعلومات عن ترجمته، التي تعبر عن منهجه فيها. والمعلومات التوثيقية للترجمة هي:
Siddiqi, Abdul Hamid. (trans.) Sahąh Muslim. Dar Al-Manar.
[16] للتعرف عن كثب على ما جاء من صنوف البلاغة في كلام هؤلاء النسوة انظر: القافي عياض، بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد، ص ١٨٦ - ٢١٥.
[17] ومنهج عائشة بيولي هذا هو نفسه الذي اتبعته في ترجمتها المشتركة مع زوجها عبدالحق، لمعاني القرآن الكريم، إذ أكثرا فيها من الترجمة الصوتية للمفاهيم والمصطلحات الإسلامية، أو ما يعرف بالنقحرة، دون أي إيضاحات لمعانيها، وخلت ترجمتها تماماً من الحواشي.
[18] للتعرف أكثر على مصطلحي التوطين والتغريب، انظر على سبيل المثال: أحمد البنيان، وإبراهيم البلوي، ترجمة الألفاظ القرآنية بين التوطين والتغريب، مجلة أفشوت، مجلد ٧، عددا، ٢٠٠٣ م.
[19] اعتمد في هذا التحليل في المقام الأول على شرح الحافظ ابن حجر، واستأنس بشرح كل من الإمام النووي، والقاضي عياض، والحافظ السيوطي.