السياق الثقافي وضرورة مراعاته في ترجمة النصوص الإسلامية
(السنة المطهرة أنموذجاً)
الكاتب / الدكتور وليد بن بليهش العمري
توطئة بين يدي البحث
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ليكون للعالمين نذيراً، والصلاة والسلام على خير المرسلين، المبلِّغ عن رب العالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، أما بعد
فترجمة السنة النبوية المطهرة، موضوع ذو أهمية كبيرة، خاصة إذا ما علمنا أن الترجمة هي الوسيلة الأولى - وتكاد تكون الوحيدة - للتواصل بين البشر، وهي الأداة الأولى في تبليغ الدعوة المحمدية إلى كل من لزم تبليغه ممن يجهلون اللغة العربية، هذا من جانب، ومن جانب آخر تبرز أهمية ترجمة السنة والعناية بها إذا ما أخذنا في الاعتبار السياق الحالي وما يشهده عالم اليوم من تأجيج للصراعات وهجمة شرسة على دين السماحة، للنيل من صورته، وتشويه صفحته البيضاء المشرقة.
إذن فترجمة السنة المطهرة تكتسب أهميتها من بابين: باب لزوم تبليغ الدعوة ودعوة غير المسلمين، ويدخل في هذا تبصرة المسلمين من غير أهل العربية بأمور دينهم، والباب الآخر هو باب المنافحة عن هذا الدين الحنيف بتوعية غير المسلمين بسماحته، وقشع سحب الجهل به، وإتاحة مصادره الأصلية لهم ليتعرفوا عليه دون وسائط. كما تكتسب ترجمة السنة النبوية المطهرة أهمية مضافة من أهمية السنة المطهرة ذاتها وهي ثاني مصادر التشريع الإسلامي.
من هذا كله تأتي أهمية الترجمة ودراستها، والوعي بمقتضياتها، وفهم ما تنطوي عليه، وحاولت في هذا البحث أن أجلّي هذه الجوانب في بداية البحث، ونظراً لاتساع نطاق ترجمة نصوص السنة المطهرة وتعدد جوانبها، فقد عمدت في هذا البحث إلى جانب واحد –وهو جانب على قدر كبير من السعة- وهو البعد الثقافي في نصوص السنة المطهرة، وركّزت على أهمية محو الأمية الثقافية لقراء ترجمة هذه النصوص، فوضّحت بداية مفهوم الأمية الثقافية، ودللت عليه، ثم أبرزت الجوانب الثقافية في نص من نصوص السنة النبوية المطهرة، وهو حديث أم زرع، وحللت ثلاثاً من ترجماته إلى اللغة الإنكليزية، وكيفية تعامل المترجمين مع هذه الجوانب، ورغبة في إفادة المترجمين وحتى لا يكون البحث نظرياً لا يفيد واقعاً أوردت في نهاية البحث عدداً من الخيارات المتاحة للتعامل مع الجوانب الثقافية في الترجمة، وقد اجتهدت في جمع هذه الخيارات من كتب المشتغلين بهذا الفن.
والله تعالى أسأل أن أكون قد وفقت لإبراز أهمية العناية بترجمة النصوص الإسلامية عامة والسنة النبوية بخاصة، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجعل في هذا ما يفيد.
المبحث الأول: مقدمات لا بد منها
أولاً: في أهمية التبليغ، وضرورة الإحاطة بمقتضياته علماً في العصر الحاضر:
وجوب التبليغ: لا يختلف عاقلان منصفان على عالمية رسالة نبينا محمد، نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، قال الحق تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}(الأنبياء: 107)، وقال تعالى: )تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً((الفرقان: 1)، فرسالة محمد صلى الله عليه وسلم تشمل الثقلين إنسهم وجنهم، ويبعد النجعة من قال إن رسالته صلى الله عليه وسلم خص الله بها أمة العرب دون غيرها من الأمم، فقد قال تعالى: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ((سبأ: 28)، وقال تعالى: )قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ((الأعراف: 158)، ورسالته هي الخاتمة لجميع الرسالات، والناسخة لها جميعاً، قال تعالى: )وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ((آل عمران: 85)، وقال تعالى: )وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ` قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ ` يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ((الأحقاف: 29-31)، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار»، ولا يعذر إنسان على وجه البسيطة بجهله بلغة العرب، ما بلغه أمر هذا الدين بأي لغة كانت، ذلك أن فهم الإسلام لا يتوقف على المعرفة باللغة العربية، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: «وأمّا جُمَلُ ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، والزكاة، والصوم، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وما حرّمه من الشرك، والفواحش، والظلم، وغير ذلك، فهذا مما يمكن أن يعرفه كل أحد بتعريف من يعرفه، إمّا باللسان العربي، وإمّا بلسان آخر لا يتوقف تعريف ذلك على لسان العرب»، وقال: «إن الله تعالى إذا أوجب على العباد شيئاً واحتاج أداء الواجب إلى تعلم شيء من العلم كان تعلمه واجباً، فإذا كان معرفة العبد لما أمره الله به تتوقف على أن يعرف معنى كلام تكلم به بغير لغته وهو قادر على تعلم معنى تلك الألفاظ التي ليست بلغته أو على معرفة ترجمتها بلغته وجب عليه تعلم ذلك».
وقد خاطب المولى عزّ وجل نبيهصلى الله عليه وسلممبيناً له طبيعة رسالته بقوله: )يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ` وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً((الأحزاب: 45-46)، وقد نهض رسول اللهصلى الله عليه وسلمبهذا الواجب حق النهوض، وقد أشهد على تبليغه للدعوة صحابته الأخيار في خطبة الوداع، وشهدوا له بذلك، ثم نهض بهذا الواجب الكبير من بعده أصحابه، ومن تبعهم، ولا تزال الأمة تقوم بهذا الواجب حتى وقتنا الحاضر.
التبليغ عن طريق الترجمة: من مقتضيات عالمية الدعوة الإسلامية، وجوب تبليغها للناس كافة، وإذا ما وزنّا الأمور بميزان الواقع فإن هذا لا يكون عملياً ولا يحقق واقعاً إلا عن طريق الترجمة، وأول من قام بهذا العمل هو أسوتنا الحسنة محمدصلى الله عليه وسلمالذي بعث إلى الأمصار رسله، بكتابه إلى أمرائهم، وهذا إقرار منه صلى الله عليه وسلم على أن إرسال الكتب يقتضي تبليغ محتواها عن طريق المترجمين، بل إن في كتابه إلى هرقل بعض آيات من القرآن الكريم متعلقة بأهل الكتاب خاصة، وهو قوله تعالى: )قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ((آل عمران: 64)، وقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس –رضي الله عنهما-: «أخبرني أبو سفيان بن حرب أن هرقل دعا ترجمانه، ثم دعا بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبدالله ورسوله إلى هرقل: )قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ( الآية، وقال ابن حجر –رحمه الله- معلقاً: «ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل باللسان العربي، ولسان هرقل رومي، ففيه إشعار بأنه اعتمد في إبلاغه ما في الكتاب على من يترجم عنه بلسان المبعوث إليه ليفهمه».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: «فالحجة تقوم على الخلق، ويحصل لهم الهدى بمن ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم تارة المعنى وتارة اللفظ، ولهذا يجوز نقل حديثه بالمعنى؛ والقرآن تجوز ترجمة معانيه لمن لا يعرف العربية باتفاق العلماء»، وقال القرطبي –رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: )وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ((إبراهيم: 4): «ولا حجة للعجم وغيرهم في هذه الآية، لأن كل من تُرجم له ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ترجمة يفهمها لزمته الحجة».
ولذا وقع واجب التبليغ على المسلمين، وحض النبي صلى الله عليه وسلم صحابته والمسلمين عامة على الدعوة إلى الله، وتبليغ الرسالة، فعن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بلغوا عني ولو آية»، ونقل ابن حجر –رحمه الله- عن المعافى النهرواني قوله في «كتاب الجليس»: «وقال في الحديث «ولو آية»، أي واحدة ليسارع كلّ سامع إلى تبليغ ما وقع له من الآي ولو قل ليتصل بذلك نقل جميع ما جاء به صلى الله عليه وسلم»، ومن أعظم ما جاء في فضل التبليغ والحضّ عليه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة أئمة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن الدعوة تحيط من ورائهم»، فهذا دعاء بالنضرة والحسن والرونق من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لأصحاب الدعوة.
الحاجة إلى الترجمة في العصر الحالي: لا يخفى على كل ذي لب ما يتعرض له دين الرحمة –الإسلام- من هجمة شرسة، تقصد تشويه صورته، وصد الناس عنه، فلم يشهد التاريخ منذ أن أعلى الله تعالى كلمة هذا الدين الحنيف، أن تكالب عليه الأعداء وسددوا سهامهم له من كل جانب ما هو الحال عليه اليوم، ولذا فواجب التبليغ يصبح ذا أهمية محورية في هذه الآونة ذلك أنه لا يرتبط بدعوة غير المسلمين وحسب، بل ويتعلق أيضاً بالذب عن حياض الدين، ويسعى إلى تصحيح صورته، ويجلو الغشاوة عن أعين الناس ويبصرهم بحقيقة الدعوة المحمدية، وبما أن هذا الأمر يقوم في غالبه على الترجمة، فإن الترجمة من ألزم ما يتعين على المسلمين الالتزام به، والمبادرة إليه، والاهتمام به، وطلب علمه.
الحاجة إلى الوعي بمقتضيات الترجمة: من المتعين أن نعي طبيعة الترجمة وحقيقتها، وأن يكون التركيز لا على عدد الكتب والرسائل المترجمة، بل على طبيعة هذه الترجمات، والرسالة التي نود إيصالها من خلالها للمتلقي، أي ألا يكون التركيز على منتج الترجمة (الشيء المطبوع والمتداول)، ولكن على عملية الترجمة (طبيعتها، ومراحلها، وأغراضها)، والخطر في هذا يأتي من باب: أننا قد نسيء من حيث نريد الإحسان، فلا نزيد الصورة إلا تشويهاً، ولا نقوم إلا بترسيخ ما استقر في أذهان القوم عنّا وعن ديننا، ففي الغالب أن كثيراً مما ينتج من ترجمات إسلامية لا يرقى للمستوى المطلوب ولا تقتضي المصلحة المرجوة، ولا يؤدي الواجب المناط بنا، والسبب هو - في زعمي - النظر إلى الترجمة على أنها مجرد نقل لنص من لغة إلى لغة أخرى، دون الوعي بطبيعة هذا العمل والوعي بمقتضياته، وأيضاً النظرة إلى المترجم على أنه عنصر ثانوي في عملية التبادل الثقافي هذه، يقتصر دوره على مجرد نقل رسالة النص.
ثانياً: الترجمة ليست مجرد نقل:
ليست الترجمة عملاً آلياً ينطوي على نقل مجرد بين لغة مصدر ولغة هدف، فهذه نظرة قاصرة للترجمة، ذات معيار واحد تؤكد براءة الترجمة في سياق التبادل الثقافي، وتغفل دورها في صياغة العلاقة بين الفرقاء، وعلى أنها عمل ثانوي في مقام التعبير عن الثقافة يأتي بعد الكتابة وتابعاً لها، ولطالما كانت الترجمة نشاطاً متعدد الأوجه، ذا أغراض متباينة عادة ما تكون متعارضة، ولكن في كل مظاهرها فإن الترجمة أبعد ما تكون عن البراءة الكامنة في النقل المجرد، فهي متشابكة مع التوجه الفكري لمن يقف وراء الترجمة، ورغبة البعض في السيطرة على الآخر، فعادة ما تترجِم الثقافات والاتجاهات الفكرية المختلفة بعضها في سياقات من السيطرة والصراع، فالمهم ليس هو ما يُترجم بقدر ما هو متى وكيف يُترجم؟ أي في أي سياق تتم الترجمة؟ والترجمة هي أصفى مظاهر التواصل بين الحضارات، فالاعتراف بقدرة الترجمة على تشكيل الهوية الثقافية، وتشويهها جاء متأخر جداً في دراسات الترجمة، وأُعير الانتباه الذي يستحق.
إلا أن أسوتنا الحسنة –محمداً صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى، أدرك الدور الذي يمكن أن تؤديه الترجمة في السيطرة على النصوص، ذلك منذ بواكير اتصاله بمن يختلفون عنه لغة وثقافة، ويحرصون على تكذيبه بما جاء به، وهم اليهود، وعلم أهمية أن لا يترك لهم أمر ترجمة رسائله إليهم، ولا أن يقوموا بتولي أمر ترجمة ما يصله منهم، فقد روى الترمذي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كلمات من كتاب يهود، قال: «إني والله ما آمن يهود على كتابي»، قال: «فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له، فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم»، وجاء عند الترمذي أيضاً عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم السريانية»، وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزيد رضي الله عنه: «إني أكتب إلى قوم فأخاف أن يزيدوا عليّ وينقصوا، فتعلّم السريانية»، وفي دراسة تتبع الدكتور صلاح محجوب إدريس الترجمات السريانية لمعاني القرآن الكريم، وأبان ما فيها من الخلل، وظهر من دراسته أن من قاموا بهذه الترجمات – وجميعهم من الرهبان النصارى السريان- كان غرضهم الأول تفنيد الإسلام وما جاء به عن عقائدهم، ليصدوا قومهم عن اعتناقه.
وترجمة معاني القرآن الكريم كانت وما تزال مجالاً رحباً لفرض رؤى معينة من خلال الترجمة، إذ تتعدد الترجمات الصادرة في لغة ما وفقاً للأهداف المراد الوصول إليها من خلال هذه الترجمة، بالإضافة إلى عوامل أخرى. ولأدلل على هذا بترجمة روبرت الكيتوني (وهي أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى لغة أوربية) فقد وصفها أحد الباحثين بأنها: «معلم من معالم الدراسات الإسلامية، فبهذه الترجمة تمكن الغرب للمرة الأولى من امتلاك أداة تؤهله لدراسة الإسلام دراسة جادة»، ووصفها آخر بأنها: «حدث ضخم في التاريخ الثقافي الأوربي»، على الرغم من هذا المديح الظاهر لهذه الترجمة فهي ترجمة مغرضة، ويظهر هذا من عنوانها وهو:Lex Mahumetpseudoprophete، أي «قانون محمد النبي الكاذب»، ومن مقدمات المترجم الموغلة في نقد الإسلام، ولا غرو في أن يكيلوا لهذه الترجمة المديح فقد أتاحت لهم لأول مرة أن يتعرفوا على كتاب المسلمين عن قرب بلغتهم.
ولعلي هنا أسوق مثالاً آخر على عدم براءة الترجمة، وخروجها عن نطاق النقل المجرد، ما جاء في ترجمة محمد أسد (صاحب النـزعة العقلانية) لبعض كتب من صحيح البخاري، من أمثلة النـزعة العقلانية في ترجمته ما جاء في الحاشية ذات الرقم (2) تعليقاً على حديث جابر رضي الله عنه عن منقبة من مناقب الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اهتز العرش لموت سعد بن معاذ» »، إذ جاء في الحاشية قول محمد أسد: «يصف الرسول بأسلوب مجازي حب الله لعبده المخلص سعد بن معاذ. ففي العربية تستخدم عبارة «اهتز له» للتعبير عن الفرح بوصول حبيب أو صديق»، وهذا ضرب من التأويل، وقد ذكر الحافظ بن حجر مقالة طويلة فيما جاء في تفسير هذا الحديث وختمها بقوله: «وقد جاء حديث اهتزاز العرش لسعد بن معاذ عن عشرة من الصحابة أو أكثر وثبت في الصحيحين فلا معنى لإنكاره»، وفي هذا المثال إطلالة بسيطة على طبيعة الترجمة وقدرتها على التدخل في نقل المعنى.
هذه الأمثلة تأتي من باب القدرة على السيطرة على النصوص من خلال الترجمة، من قبيل أن الترجمة هي السبيل الوحيد لفهم هذه النصوص ممن استغلقت عليهم لغة الأصل، ومن هذا يمكن استخدام الترجمة أداةً في سبيل تحقيق المآرب، ولكن –في المقابل- هناك من مقتضيات الترجمة، التي هي من طبيعتها، ولا تدخل ضمن صراع المصالح، ما يخرج بها عن نطاق النقل المجرّد، وكل هذا نحتاج إلى فهمه ومعرفته لنقوم بواجب التبليغ على أكمل وجه.
الحاجة إلى التوسيع في دراسة علم الترجمة الحديث: الترجمة في الوقت الراهن علم قائم بذاته، يعرف في أغلب الدوائر العلمية بـ «دراسات الترجمة» (Translation Studies)، وتتولى تدريسها عدد كبير من المدارس العليا، والمعاهد، والكليات، المنتشرة حول العالم، وصدر في هذا التخصص عدد يكاد لا يحصى من الكتب، والدراسات، والأبحاث، والدوريات العلمية، وعقدت المؤتمرات، وأسست الاتحادات والنقابات، فمجال البحث في دراسات الترجمة واسع جداً، لا يكاد يزعم أحد أنه أحاط به علماً، وتعدد في هذه الدراسات الأطروحات، والنظريات، والرؤى، يصب جلها في المساعي الرامية إلى الوصول إلى فهم أفضل لهذه الممارسة القديمة التي اعتمد عليها البشر منذ أن ظهرت لغات البشر المختلفة وظهرت الحاجة معها إلى التواصل فيما بينهم.
وفي مقابل كل هذا تجد أن نظرية الترجمة، والخطاب السائد عنها في العالم العربي، لم يتغير على نحو ملحوظ وإيجابي، ولم يتم تحديثه كثيراً، وأخص من هذا ما يتعلق بترجمة النصوص الإسلامية، التي هي من أهم النصوص التي يجب الانصراف للعناية بها وبترجمتها، للأسباب التي ذكرنا آنفاً.
أهم النصوص الإسلامية، هو القرآن الكريم، الذي هو دستور هذه الأمة، ومصدر تشريعها الأول، نجد أن هناك عناية خاصة بما يتعلق به من ترجمات أي الكتب المطبوعة التي تسمى عادة «ترجمات معاني القرآن الكريم»، وعددها، وكيفية الوصول إليها، أو بعبارة أخرى يكون التركيز فيها على الجانب المادي المحسوس، أو ما يعرف بمنتج الترجمة (translation product)، حتى إن الدراسات الصادرة في مجال ترجمة معاني القرآن الكريم تهتم في الغالب بهذا الجانب، وهذا الاهتمام لم ينعكس كما يجب على الاهتمام بـ ترجمة معاني القرآن الكريم، وما تنطوي عليه من مراحل، وقرارات، وما لها من متطلبات، وأهداف، أو بعبارة أخرى لم يظهر اهتمام بعملية الترجمة (translation process).
وجوانب التقصير من قبل المسلمين في هذا الجانب تظهر عند مقارنة ما تم إنجازه فيما يخص ترجمة معاني القرآن الكريم، وترجمة ما يسمى بـ «الكتاب المقدس» عند النصارى، وفي دراسة سابقة أبنت الفرق الكبير بينهما من خلال المحاور التالية: تاريخ ترجمة كلا الكتابين، وعدد اللغات المترجم إليها كلا الكتابين، والجهات المهتمة بكلا الكتابين وطرق تنظيم المشاريع فيها، والأعمال البحثية المهتمة بترجمة كلا الكتابين، ومدى توافر معينات مترجم كلا الكتابين.
في الواقع هناك أسئلة كثيرة لم تطرح، وقضايا أكثر لم تثر فيما يتعلق بترجمة النصوص الإسلامية، ولا يأتي كلامي هذا من باب الإيغال في نقد الذات، ولكن قناعتي الشخصية، وهي قناعة مترسخة عند الكثيرين، هي أن أول خطوة في سبيل العلاج هي التعرف على المشكلة والاعتراف بها وعدم إنكارها. والمشكلة كما ذكرنا هي عدم الإحاطة بطبيعة الترجمة ومتطلبتاها، والإصرار على النظر إليها على أنها لا تعدو كونها نقلاً عن الأصل، وأنها عمل ثانوي في مجال التبادل الثقافي.
وفي الوقت نفسه لا أزعم أنني سآتي في هذا البحث بجميع الحلول لهذه المشكلة، ولكني أقصر هذا البحث على جانب من جوانب مقتضيات الترجمة وطبيعتها، وهو جانب الثقافة في الترجمة أو السياق الثقافي فيها، وحتى في هذا الجانب - وهو واسع جداً - أركز على بعضه وليس كله، وذلك بغية أن يؤدي هذا البحث الغرض المرجو بعون الله.
المبحث الثاني: العلاقة بين الترجمة والثقافة
أولاً: محورية «الثقافة» في دراسات الترجمة:
بدأ الاهتمام في العصر الحديث بدراسة الترجمة في رحم كل من حقلي اللغويات، والأدب المقارن، وعُدّت الترجمة فرعاً من فروع اللغويات، وبخاصة جزءاً من اللغويات التطبيقية، انطلاقاً من أن الترجمة هي نتيجة تفاعل بين أكثر من لغة، وكان آخر الكتب المؤثرة في هذا السياق كتاب ج. ك. كاتفورد (J. C. Catford) الموسوم بـ «نظرية لغوية للترجمة: مقال في اللغويات التطبيقية» (A Linguistic Theory of Translation: An Essay in Applied Linguistics) الذي نشر عام 1965م، وكغيره من الدراسات التي رأت أن الترجمة فرع من اللغويات، فقد جاءت أطروحات كاتفورد في كتابه ضيقة الأفق ترى أن الترجمة عملاً آلياً لا يعدو كونه إبدالاً لمعاني اللغة الأصل بمعاني اللغة الهدف.
ولكن بعد ذلك بقليل - بسبب التطور في الدرس اللغوي - تم إدراك أن النصوص المترجمة لا تتكون من اللغة وحسب بل ومن الثقافة أيضاً، إذ إن اللغة في أصلها أداة لنقل الثقافة، وأدى هذا الوعي إلى تطور النقاش حول علاقة اللغة بالثقافة من جهة، وعلاقة الترجمة بالثقافة من جهة أخرى، ونتج عن هذا اعتبار الترجمة ليست مجرد تفاعل بين أكثر من لغة، أو أنها لا تعدو كونها عملاً آلياً يبدل فيها عناصر النص الأصل بعناصر النص الهدف، بل كونها نقاشاً أكثر تطوراً – وتعقيداً أيضاً- بين الثقافات. وأصبح الحديث عن وحدة الترجمة –وهي الجزء من النص الأصل الذي يركز عليه المترجم لينقل معناه ويبني بذلك النص الهدف كاملاً- لا ينصب على الكلمة، أو الجملة، أو النص، بل تطور ليأخذ بعين الاعتبار اللغة ككل، والثقافة التي تم بناء النص فيها.
واصطُلِح على تسمية هذا الوعي الجديد في دراسات الترجمة بـ «الدور الثقافي» (cultural turn) انطلاقاً من كتاب سوزان باسنت (Susan Bassnett) وأندريه لوفيفر (André Lefevre) الموسوم بـ «الترجمة، والتاريخ، والثقافة» (Translation, History and Culture)الذي نشر عام 1990م. وتحديداً فإن التعرف على الدور الثقافي والاعتراف به في دراسات الترجمة هو الذي أدى إلى اتساع نطاق هذا الحقل المعرفي وتحريره من الأدوات ذات الطابع الآلي المعمول بها في حقل اللغويات.
والتركيز في مرحلة الدور الثقافي من دراسات الترجمة ينصب على المستويات الكبرى (macro level) في النص – الجوانب التاريخية، والأيديولوجية، والثقافية - أكثر من التركيز على المستويات الدنيا (micro levels) وهي المستويات اللغوية المحضة. ويعدّ هذا تطوراً إذ ينأى بدراسات الترجمة عن الاتجاه الشكلي (formalist approach) في الترجمة، فالترجمة يجب الاعتراف بها على أنها ممارسة ثقافية (تتخذ من اللغة أداة في الغالب)، وأن نرى فيها بعداً أكبر من النقل المجرد كما ذكرنا آنفاً، وهناك سبب عملي في تعزيز هذا الاتجاه وهو أن أفضل طريقة لدراسة المعنى تكون من خلال تتبع علاقة المعنى بالثقافة.
ثانياً: علاقة اللغة بالثقافة:
إذا ما تجاوزنا الحديث عن أصل اللغة، ونشأتها والنقاش المحتدم بين فقهاء اللغة حول هذا الموضوع، فإن العلاقة بين اللغة وبيئة أهلها أمر لا يكاد يختلف عليه اثنان، والمراحل التي مر بها تاريخ اللغة العربية خير شاهد على هذا بَدْأً من العصر الجاهلي، ومروراً بظهور الإسلام تأثيره الكبير في لغة العرب، وعصر الانفتاح على العلم والثقافات الأخرى من خلال الفتوحات الإسلامية وحركة الترجمة الأولى، وصولاً إلى العصر الحديث عصر العولمة الثقافية والاقتصادية والانفجار المعرفي، وما تسبب فيه هذان الأخيران من دخول عناصر لغوية جديدة لا تكاد تحصى في العربية.
وما أجمل كلام ابن فارس في هذا الباب، الذي يمكن أن يستدل به على تأثر اللغة ببيئتها وثقافتها، إذ قال: «كانت العربية في جاهليتها على إرث من إرث آبائهم في لغاتهم، وآدابهم، ونسائكهم، وقرابينهم. فلما جاء الله –جل ثناؤه- بالإسلام حالت أحوال، ونسخت ديانات، وأبطلت أمور، ونقلت من اللغة ألفاظ من مواضع إلى مواضع أُخر بزيادات زيدت، وشرائع شرعت، وشرائط شرطت. فعفّى الآخرُ الأولَ»، ومن ذلك نسخه لشرائع سنها العرب متأثرين بذلك بثقافتهم الجاهلية، ومستحدثين ألفاظاً لها في لغتهم، قال تعالى: )مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ((المائدة: 103)، وغير هذا كثير في ثقافة العرب الجاهلية ولغتهم، كالنسيء، والظهار، وغيرها.
ومن يتعامل مع اللغات المختلفة، يعي تماماً تأثر اللغة بالثقافة، وارتباطها اللصيق بها. فلو أردنا أن نترجم حديث أنس رضي الله عنه إذ قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يَتَزَعْفَر الرجل»، إلى لغة ما لاحتجنا إلى شرح للمفهوم الثقافي الوارد فيه والمعبّر عنه بلفظ التَّزعفُر، ذلك أن هذا الحدث الثقافي - التطيب بالزعفران - الذي عُبِّر عنه بهذا اللفظ – التزعفر- متغلغل في الثقافة العربية الجاهلية، ومن أراد أن يترجم هذا الحديث فعليه أولاً أن يفهم هو هذا الواقع الثقافي - متى يتطيب العرب بالزعفران؟ وما وجه النهي عنه؟ - وأن يشرحه لقرّائه ليصبح النص مفهوماً.
وكذا بالنسبة إلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا شِغَارَ في الإسلام»، وهذا النوع من الزواج جزء من ثقافة العرب عبِّر عنه بهذا اللفظ، ويمكن الاستدلال به على عمق العلاقة بين اللغة والثقافة من جهة، وعلى أهمية وَعْي المترجِم وقرائه بثقافة النص التي تنطوي عليها لغته، من جهة أخرى، ويمكن من خلال هذه الأمثلة الدخول إلى المبحث التالي.
المبحث الثالث: أهمية الوعي بثقافة النص المترجم
تخدم اللغة في أغلب أحوال اللجوء إليها أغراضاً اتصاليةًً، أي أن صاحب الحديث يهدف من وراء ذلك إلى التواصل مع المتلقي ليحدث لديه ردة فعل يصبو إليها، ولذا نجد أن صاحب الحديث يحاول أن يجعله مفهوماً قدر المستطاع لدى المتلقين، وأن يكون حديثه مناسباً لهم، من عدة جوانب: اللغة واللهجة التي يتحدثون، مستواهم التعليمي، فئتهم العمرية، جنسهم، خلفيتهم الثقافية، وما أنسب ما جاء عن علي رضي الله عنه: «حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذّب الله ورسوله».
وللسياق أثر بالغ في عملية الترجمة، إذ إن النصوص - وهي تفاعل بين المتحدث والمتلقي - تتأثر بسياقها وتأثر فيه كثيراً، وتنشأ في البيئة الثقافية لمن هم أطراف في الحديث، ولعلنا نستشهد بنصوص السنة المطهّرة، إذ خرجت منذ 1441 عام في بيئة عربية ذات إرث ثقافي ومجتمعي متأصِّل، وتختلف عن الواقع الثقافي المعاصر، وعلينا أن نعي هذا، خاصة إذا ما أردنا أن نترجم السنة المطهرة لقرّاء اليوم الذين يتحدثون اللغة الإنكليزية، وهي لغة تختلف من حيث البيئة والمنشأ عن عربية ذاك الزمان والمكان، لذا يتعين على المترجم أن يعي التباين في الخلفيات الثقافية المتمثلة في النص لمستقبليه في تلك الحقبة الزمنية وفي تلك البيئة ومستقبلي نصه المنشود في هذه البيئة وهذه الحقبة الزمنية، وأن يسعى إلى ردم هذه الهوة الثقافية، أي أن دوره في سياق كهذا يكون دور وسيط أو مستشار ثقافي يهدف إلى محو الأمية الثقافية (cultural literacy) لقرّائه في النصوص التي يتولى ترجمتها.
والذي جاء بمفهوم «محو الأمية الثقافية» هو التربوي الأمريكي إ. د. هرش (E. D. Hirsch) عام 1987م عندما نشر كتابه «محو الأمية الثقافية: ما يجب أن يعلمه كل أمريكي» (Cultural Literacy: What every American should know)، الذي دعا فيه إلى إحداث تغييرات جوهرية في نظام التعليم الأمريكي في سبيل التثقيف العام، وكان لهذا الكتاب أثراً بالغاً.
وبنى هرش كتابه على نتائج الأبحاث النفسية وعلى عقدين من التجربة البحثية التي أكدت أن امتلاك الخلفية المعرفية (background knowledge) اللازمة شرط على قدر كبير من الأهمية ليصبح الاتصال بين صاحب الرسالة ومتلقيها ناجحاً، وشدد هرش على أنه إذا لم تتوافر للقراء الخلفية المعرفية اللازمة لفهم نص ما، فإنه يمكن عدّهم أميّين بالنسبة إلى هذا النص، وأن المعلومات التي يصرّح بها النص، لا تعدو كونها طرف الجبل الجليدي الظاهر للعيان، وما يخفيه النص أكثر بكثير.
ويسوق هرش (ص 13) على الأمية الثقافية المثال التالي من خبر صحفي يشكل جزءاً من القراءات اليومية من جريدة الـ (واشنطن بوست) (Washington Post):
أنفذت هيئة استئناف فدرالية اليوم قراراً يمنع حبس الرهن (foreclosure) عن مزرعة في ميسوري (Missouri)، وقالوا إن وزير الزراعة جون ر. بلوك (John R. Block) تخلى عن مسؤوليته عن بعض المزارعين المثقلين بالديون. ووجهت هيئة الاستئناف وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) إلى سن نظام لدراسة تأجيل [سداد] الديون والإعلان عنها، وهذه - في رأي الهيئة - هي رغبة الكونجرس (Congress). وقالت الهيئة إن من مهام وزير الزراعة أن يعمل بهذه الرغبة ليس على أنه مصرفيّ خاص (private banker)، ولكن كونه سمساراً حكومياً (public broker). | A federal appeals panel today upheld an order barring foreclosure on a Missouri farm, saying that US Agriculture Secretary John R. Block has reneged on his responsibilities to some debt-ridden farmers. The appeals panel directed the USDA to create a system of processing loan deferments and of publicising them as it said Congress had intended. The panel said that it is the responsibility of the agriculture secretary to carry out this intent “not as a private banker, but as a public broker.” |
ويعلِّق هرش بقوله: «إن القراء المدربين في فك شفرة النصوص [أي في مهارات القراءة]، ولكن أميين من الناحية الثقافية، قد يعرفون معنى "حبس الرهن" (foreclosure)، ولكنهم لن يفهموا المعنى العام للنص، وهو كامن في معرفة الإجابة عن الأسئلة التالية: من اتخذ القرار الذي أنفذته هيئة الاستئناف الفدرالية؟ ما هي هيئة الاستئناف الفدرالية؟ أين تقع ميسوري؟ ما هو وجه مناسبة ميسوري لقضية كهذه؟ لماذا يوجد عدد كبير من المزارعين المثقلين بالديون في ميسوري؟ ما هي USDA (وزارة الزراعة الأمريكية)؟ ما هو السمسار الحكومي؟».
وتساؤلات هيرش هذه هي لمن يقرؤون النص بالإنكليزية وهي لغتهم الأم، وربما هي للأمريكان تحديداً الذين لا يملكون المعلومات الخلفية عن هذه القضية خاصة، أما فيما يتعلق بالقارئ العربي لهذا النص فإن فهم النص يأخذ بعداً آخر – علاوة على فهم هذه القضية التي يتحدث عنها النص الذي بين أيدينا- وهو معرفة الأنظمة الأمريكية: نظام الرهن الزراعي، والنظام الحكومي، من وجود حكومات محلية وحكومة فدرالية (اتحادية)، وهل للحكومة الفدرالية حق التدخل في شؤون الحكومة المحلية؟ وما هو دور الكونجرس في أمريكا؟ وأنَّى لهيئة الاستئناف الفدرالية أن تقرِّع وزير الزراعة وتملي عليه ما يجب فعله؟ وهل هي أعلى سلطة منه؟ وما هو نظام المصرفية الخاصة والسمسرة الحكومية؟ وما وجه الاختلاف والمفاضلة بينهما في حالة كهذه؟
وهذه الأنظمة جزء من ثقافة البلاد الذي تَشَكّل فيها هذا النص، وعدم الوعي بهذه الثقافة يجعل من القارئ أمياً ثقافياً، ولذا نجد هرش يختم بقوله: «حتى إن تجشم القرَّاء الأميون ثقافياً العناء وبحثوا عن معاني الكلمات في المعاجم، فإن معرفتهم بالواقع الذي يتحدث عنه النص ستكون محدودة جداً، فالكلمات المسطورة على الصفحة لا تعدو كونها مؤشرات سطحية للمعنى في كل من الكتابة والقراءة، وعلى القارئ الواعي أن يأتي إلى النص بالخلفية المعلوماتية المناسبة».
وفيما يخص قدر المعلومات التي يتعين على القارئ المجيء به إلى النص فإن هرش-اً يرى أنه غالباً ما يكون أكثر من قدر المعلومات التي يعبَّر عنها صراحة فيه، ويقول: «لكي نعي معنى الكلمات المسطورة فإن علينا أن نعرف كثيراً من المعلومات لا يأتي على ذكرها النص عنها صراحة» (ص. 3)، ولتوضيح الأمر أكثر علينا أن نتوقف عند قدر المعلومات الذي يتطلب معرفته هذا المقال القصير مقارنه بقدر المصرّح بها فيه، ولذا يستعير هرش صورة بلاغية مشبّهاً هذه المقارنة بجبل الجليد، بقوله: «المعاني الظاهرة لقطعة كتابية لا تعدو كونها طرف جبل المعنى الجليدي، والجزء الأكبر من المعنى مختبئ تحت سطح النص، ويتكون من معلومات القارئ نفسه المناسبة للنص» (ص. 33-34).
ومن المعلوم أن سُبْع الجبل الجليدي أو أقل هو طرفه الظاهر فوق سطح الماء، وجرمه الكبير الباقي يكمن تحت الماء، وعلى أيّ بغض النظر عن هذه النسبة وتأكيد قيمتها الرقمية، فإن الصورة كما يقول إرنست-أوقست قُت (Ernst-August Gutt): «تختلف تماماً عن الصورة التي دائماً ما تُنقل في الكتابات حول الترجمة، التي يشعر فيها المرء أن المعلومات التي لا يصرِّح بها النص لا تعدو كونها معلومات صغيرة متفرقة استغنى عنها الكاتب ليجعل النص أكثر ترابطاً وأسهل فهماً».
وليدلل على مناسبة هذه الصورة البلاغية يقوم قُت بتطبيقها على قطعة مما يسمى بـ «الكتاب المقدّس»؛ بغية دراسة هذه الفكرة بتعمق أكثر ومن ثم الوصول إلى فائدة مرجوة من تطبيقها في ترجمته إلى اللغات المختلفة، وهو يؤكد بهذا أهميةَ إجراء دراسات في مقارنة الثقافات في مجال ترجمة الكتاب المقدس، واقتراح الحلول المناسبة لردم الهوة الثقافية بين النص الأصل وقراء النص المترجم، وليس قُت منفرداً في اهتمامه بالسياق الثقافي بين منظِّري ترجمة الكتاب المقدس.
السياق الثقافي وترجمة الكتاب المقدس: يكثر تداول مصطلحات مثل (contextualization) و (inculturation) - وكلاهما له علاقة بالسياق الثقافي - فيما يعرف بدوائر الاتصال النصرانية، وهي الدوائر المعنية بنشر المعتقد النصراني بشتى الطرق، وتم تبني إدخال السياق الثقافي رسمياً في ترجمة الكتاب المقدس من قبل هيئة تعرف بصندوق التعليم اللاهوتي (Theological Educational Fund)، وذلك فيما تتولاه من مشاريع ترجمة الكتاب المقدس إلى الثقافات التي ليس لها سابق عهد به، بل إن أحدى أكبر الجهات التي تتولى أمر ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغات المختلفة، وهي معروفة بمعهد اللغويين الصيفي (Summer Institute of Linguists) تعتمد إدخال السياق الثقافي كمبدأ أساس في مشاريع الترجمة التي تتولاها من خلال إدراجه في سلسلة أدلة المترجمين التي تعتمدها، ولإدراكها أهمية السياق الثقافي في الترجمة فقد قامت المنصِّرة هارييت هِل (Harriet Hill) بقضاء نحو من خمسة وعشرين عاماً في قُرى ساحل العاج النائية تدرس إحدى الثقافات المحليّة لأنها كلفت بمهمة مستشارة في فريق العمل الذي تولى ترجمة الكتاب المقدس للغة أصحاب هذه الثقافة، وقد انكبت على دراسة هذه الثقافة، وكيفية نظرتها للواقع وإدراكها لبعض المفاهيم بغية الخروج بترجمة تعي هذه الثقافة وتأخذها في الحسبان، وأجرت هذه المنصرة عدداً من التجارب المقننة علمياً، وخرجت بتوصيات مفيدة فيما يتعلق بإدخال البعد الثقافي في الترجمة، ونشرتها في كتاب بعنوان «ترجمة الكتاب المقدس في مفترق الطرق الثقافية: من الترجمة إلى الاتصال»، في إحدى أهم دور النشر العالمية المهتمة بنشر كل ما يتعلق بدراسات الترجمة وهي دار نشر St. Jeromeالبريطانية.
ويرى هارلي تالمان (Harley Talman) وهو عضو فيما يعرف بحركة زرع الكنائس بين المسلمين (Church Planting Movement among Muslims) أهمية أخذ السياق الثقافي في الحسبان عند ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة العربية، ويعبر عن رأيه بقوة في قوله: «في كل موضع نفشل فيه في إضافة السياق إلى ترجمة الكتاب المقدس، فإننا نضخ فيه شيئاً من السُّم ونضعف من قدرته على اختراق المجتمع المسلم، فترجمات الكتاب المقدس المقبولة لدى الكنائس العربية الموجودة تميل إلى استخدام المصطلحات والمسميات الدينية المبنية على اللغة السريانية، أكثر من ميلها إلى مقابلتها العربية والقرآنية، ونتيجة لهذا نجد أنه في الغالب لا يفهم المسلمون اللغة العربية النصرانية أو قد يفهمون منها شيئاً آخر خلاف ما عُني، وهذا بالإضافة إلى عدد من العوامل الأخرى، يضع حواجزَ إضافية في سبيل أن يُقبل المسلم على المسيح. وعلاوة على هذا فإن زرع الكنائس لا يمكن أن يوضع في سياقه دون وجود ترجمة موجّهة للمسلمين. فالعبادة، والصلاة، والترانيم، والتبشير، والتعليم، وحفظ الأسفار، وتطوير العقائد والعبادات العامة، جميعها ينتظر ترجمة للكتاب المقدس تأخذ السياق في الحسبان».
وفي المقابل نجد أننا، نحن أصحاب الرسالة الحقيقية، لم نطور نظرية الترجمة لدينا لتتناسب مع الواجب المناط بنا حيال تبليغ الدعوة، وظللنا حبيسي الجدال حول «الحرفية» و«المعنوية»، وأن تكون الترجمة «أمينة»، دون إدراك لمعنى هذه المفاهيم مبني على أساس علمي متين يستفيد من أطروحات دراسات الترجمة الحديثة. ولم ندرك أننا حينما نقدم على الترجمة دون فهم واعٍ بطبيعة الترجمة ومتطلباتها وما تنطوي عليه من عمليات اتخاذ قرارات قد نُسيء من حيث أردنا أن ننفع.
المبحث الرابع: عينة البحث وتطبيقاته
مظاهر الثقافة وعناصرها: في البداية، وقبل أن أشرع في ذكر عينة البحث ومقتضياتها، لعلي أذكر مظاهر الثقافة وعناصرها المكونة لها، أي ما يمكن من خلاله التعرف على ثقافات المجتمعات البشرية، وهذا من الضرورة بمكان في هذا البحث؛ لأن عينة البحث التي أختارها ستكون مبنية على معرفة مظاهر الثقافة وعناصرها، وتصنيفها تصنيفاً واضحاً.
ولعل القارئ المدقق لاحظ منذ بداية البحث أنني تحاشيت أن آتي بتعريف للثقافة على ما لهذا المفهوم من أهمية محورية في البحث، وذلك أن للثقافة تعريفات كثيرة جداً تعددت بتعدد الدراسات حولها، ولاختلاف زاوية الطرح في هذه الدراسات، ورأيت أن تبنّي أيٌ من هذه التعريفات وقصر المفهوم على أي منها لا يخدم غرض البحث - وهو الوعي التام بمظاهر الثقافة في النصوص المترجمة، بغية التعامل معها في الترجمة تعاملاً موفقاً بعون الله- بقدر ما يخدمه المفهوم العام للثقافة وهو كل ما تشترك فيه جماعة بشرية ما، وبخاصة المشترك الذي يميز هذه الجماعة عن الجماعات البشرية الأخرى.
وفيما يلي أُفرد العناصر المادية المحسوسة للثقافة في جدول، والمظاهر اللغوية للثقافة في جدول آخر، ذلك أن اللغة تعدّ مظهراً من مظاهر الثقافة وعنصراً من عناصرها، علاقتها بالثقافة علاقة جزء من كل، تتأثر بها وتعكس ثقافة أهلها، ولذا أفردها في جدول خاص بها يفصّل تجليات الثقافة من خلال اللغة، ولأن اللغة تعكس الثقافة فهي ذات أهمية خاصة في الترجمة التي تتخذ من اللغة – في الغالب- مادتها، ولما لإدراك مظاهر الثقافية اللغوية والتعرف عليها من ضرورة في أن يؤدي المترجم عمله بنجاح.
العناصر المادية للثقافة | |
العنصر | أمثلته |
العادات، والممارسات، والشعائر | النّسيء، الشِّغار، الرِفادة، السّمَر، التّزعفر، الإيلاء، وأد البنات، الاكتحال، الكهانة والعرافة، زجر الطير، والتساهم، اتخاذ الأخدان، بيع العريَّة، الأزلام، بيع الحصاة، الفيء، حبل الحبلة، الفضول (المرباع، الثنايا)، اللزام، المنيحة، المنابذة، النهد، النُصُب، القسامة. |
مؤسسات المجتمع | النوادي (دار الندوة)، الأسواق (عكاظـ، الندوة، ذو لمجاز). |
الخيال الاجتماعي | الهامة، الغول، وادي عبقر، العوامر. |
المحسوسات المادية | السكن: بيوت المدر، وبيوت الحجر، المشربة، الرُّقبى، العُمرى، الشفعة. اللباس: البرنس، المعافري، الإنبجانية، البردة، الديباج، الاستبرق، الفرّوج، الخمار، الخف، القسّي، السّحوليّة، السّبتية. الأكل: الخزير، الوطبة، الحيس، العجوة، الجنيب، السويق، التلبينة، الثريد. الشرب: الباذق، النبيذ، التِّلع، النّقيع. الأدوات، والآنية، وما ينتفع به: العنـزة (نوع من الرماح)، الحصير، الحميان، الخلوق، الخُمرة، المِحجن، المربد، المقير، المزفّت، القصب. الأوزان، والمقاييس، والمعايير: المد، الصاع، الذراع، الباع، القامة، الوسق، الأوقية، النش، القنطار. العملات: الدرهم، الدينار. الدواب (البيئة الحيوانية): البكرة، الناضح. البيئة النباتية: الأراك، الحناء، الإذخر، الكتم، السعدان، السمر، السدر، العُرفط، الورس، الزرنب، الزعفران. العوامل الطبيعية: الصبا (الريح). |
جدول رقم (1) العناصر المادية للثقافة، ممثل عليها من البيئة العربية المباشرة للرسالة المحمدية
العناصر اللغوية للثقافة | |
العنصر | أمثلته |
التعبيرات الاصطلاحية (idioms) والأمثال (proverbs) | التعبيرات الاصطلاحية (وهي الألفاظ مجتمعة يُشكِّل معنى مجموعها أكثر من معني أفرادها متفرقة): رغم أنفه، تربت يداه، ثكلته أمه، لله درّه، ويل أمه. الأمثال (وهي ترتبط بالثقافة ارتباطاً وثيقاً، رغم عموم المفاهيم): فمثلاً يقولون في الإنكليزية (A cat has nine lives) أي: للقطة تسع أرواح، بينما تعبِّر العرب عن هذه الفكرة من خلال ثقافتها بقولهم: أعمر من حيَّة، وأعمر من نسر، لزعمهم أن الحية لا تموت حتى تُقتل، وأن النسر يعمَّرُ خمسمئة سنة. ومن هذا قولهم (Fine words butter no parsnips) أي: الكلام المنمّق لا يطهو الجزر الأبيض، بينما تقول العرب: كلام كالعسل، وفعل كالأَسَل. |
الكنايات والاستعارات والصور البلاغية | تمتدح العرب الكريم بقولها: رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد. ولهذه الكنايات علاقة مباشرة بالبيئة العربية. |
المعنى الإيحائي (connotative meaning) (وهو المعنى الذي تكتسبه الأشياء والألفاظ، من خلال دخولها معترك المجتمع، وهو معنى مضاف إلى المعنى المعجمي المجرد) | الحياء: لفظ محبب في الثقافة العربية، وصفة مندوب إليها، ولكن في بعض الثقافات الأخرى – الغربية خاصة- يُفهم من الكلمات التي يعبّر بها عن الحياء شيء من تزعزع الثقة في النفس. وكذا الغيرة، والنهي عن الدياثة. الكنية: في مناداة الشخص بكنيته تكريم عند العرب، وهذا بعد غير متوافر في ثقافات أخرى. ومن هذا أيضاً إضافة الأسماء الخمسة (على الإجمال)، وبخاصة «ذو»، للمسميات: ذات النطاقين، ذو الفقار، ذو النورين. الهَرْج (القتل): في هذه التسمية إنكار شديد لهذا الفعل. صبأ (ارتدَّ): فيها إنكار شديد وتقال لمن يرتدّ عن دين آبائه. |
المعنى المقامي (الوظيفي) (pragmatic meaning) (وهو نطاق يدخل فيه البعد الوظيفي للغة، ويركز على فعل القول لا على مفرداته) | ما بال أقوام: أسلوب نبوي رفيع في التنبيه على الأخطاء، ليس فيه تخصيص ولا إفحاش. ورد في «تحفة الأحوذي»: «قَوْله: (إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِدَ اللَّه تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا بَال أَقْوَام قَالُوا كَذَا وَكَذَا) هُوَ مُوَافِق لِلْمَعْرُوفِ مِنْ خُطَبه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِثْل هَذَا أَنَّهُ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا فَخَطَبَ لَهُ ذَكَرَ كَرَاهِيَته, وَلا يُعَيِّن فَاعِله, وَهَذَا مِنْ عِظَم خُلُقه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَإِنَّ الْمَقْصُود مِنْ ذَلِكَ الشَّخْص وَجَمِيع الْحَاضِرِينَ وَغَيْرهمْ مِمَّنْ يَبْلُغهُ ذَلِكَ, وَلا يَحْصُل تَوْبِيخ صَاحِبه فِي الْمَلأ». عقرى حلقى: قالها النبي لحبِّه عائشة – رضي الله عنها- وجاء في شرح الترمذي: «وَقَالَ صَاحِب الْمُحْكَم: يُقَال لِلْمَرْأَةِ عَقْرَى حَلْقَى مَعْنَاهُ عَقَرَهَا اللَّه وَحَلَقَهَا أَيْ حَلَقَ شَعْرهَا أَوْ أَصَابَهَا بِوَجَعٍ فِي حَلْقهَا قَالَ: فَعَقْرَى هَاهُنَا مَصْدَر كَدَعْوَى. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَعْقِر قَوْمهَا وَتَحْلُقهُمْ بِشُؤْمِهَا. وَقِيلَ: الْعَقْرَى الْحَائِض. وَقِيلَ: عَقْرَى حَلْقَى أَيْ عَقَرَهَا اللَّه وَحَلَقَهَا. هَذَا آخِر كَلام صَاحِب الْمُحْكَم. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ جَعَلَهَا اللَّه عَاقِرًا لا تَلِد, وَحَلْقَى مَشْئُومَة عَلَى أَهْلهَا. وَعَلَى كُلّ قَوْل فَهِيَ كَلِمَة كَانَ أَصْلهَا مَا ذَكَرْنَاهُ, ثُمَّ اِتَّسَعَتْ الْعَرَب فِيهَا فَصَارَتْ تُطْلِقهَا وَلا تُرِيد حَقِيقَة مَا وُضِعَتْ لَهُ أَوَّلا , وَنَظِيره تَرِبَتْ يَدَاهُ , وَقَاتَلَهُ اللَّه مَا أَشْجَعه وَمَا أَشْعَره». بخ بخ: تطلق ويراد بها تفخيم الأمر وتعظيمه في الخير. يا هنتاه: تستعملها العرب في نداء المرأة لا يريدون بذلك التصريح باسمها، ربما تحرجاً من ذلك. لبيك وسعديك: إجابة للنداء تدل على تكريم المنادي والسرعة في الاستجابة له والرغبة في تلبية طلبه. ما شاء الله: تدل على الإعجاب بالشيء. مَتَرّس: كلمة فارسية تستخدم لتأمين الرجل على حياته. مَهْ: كلمة فيها زجر. يا صاحباه: صرخة لطلب النجدة والنصرة. ومن قبيلها ويحك للزجر، وويلك للإنكار. فلان وما فلان؟ سؤال لا يراد به الاستفهام بل يراد به تعظيم أمر المتحدث عنه. |
الصيغ الإنشائية (genres) (صيغ وقوالب محددة للنصوص توظف في مناسبات معينة: كالخطبة، والقصيدة، والحداء) | خطبة الحاجة: ولها صيغة محددة تقال في مناسبات معينة. أما بعد: تأتي في الرسائل والخطابات لتفصل بين التقديم ولب الغرض من الرسالة. آمين: تأتي بعد الدعاء (طلباً للاستجابة). الرَّجز: وهو نوع من الشعر لا يتقيّد بقافية واحدة، وهو خلاف النثر. |
التسمية (للأسماء والألفاظ التي تطلقها اللغة على الأشياء صلة وثيقة بتعامل أهل اللغة مع الواقع وصياغتهم للمفاهيم) | البركة، التوفيق، التقوى. |
ويُلحق بها: الأحكام الجماعية | أي الأحكام يجمع عليها المجتمع: مدح الكرم وذم البخل، مدح الشجاعة وذم الجبن. هذه الأحكام لا تنطبق على الصفات والخلال وحسب بل حتى على المحسوسات: البُرْدَة، حُمُر النَّعم: إضافة إلى معانيها المعجمية تكتسب هذه الألفاظ معانٍ إيحائية مضافة من دخولها في معترك الحياة الاجتماعية، فالبردة تدل على المكانة الاجتماعية، وخلعها على الأشخاص تدل على تكريمهم، وحمر النعم نوع من الإبل ولكنها ليست كأي إبل. |
جدول رقم (2) العناصر اللغوية للثقافة، ممثل عليها من البيئة العربية المباشرة للرسالة المحمدية
ولعلي قبل الشروع في الحديث عن عينة البحث، أنبه على الآتي:
أولاً: أن هذه العناصر قد تتداخل فيما بينها، أي أن تصنيفها في تفريعات بعينها لا يعني بالضرورة اقتصارها على هذه التفريعات، وأغلب هذا يكون من حيث اكتساب الأشياء معانيَ إيحائية مضافة على معانيها الأصلية، بدخول هذه الألفاظ في معترك التعامل الحياتي للمجتمع، فمثلاً «البردة» كما ذكرنا يدل معناها المعجمي على نوع من اللباس، ولكن بدخولها معترك الحياة المجتمعية للعرب اكتسبت معانيَ إضافية وأصبحت تدل على التميّز والمكانة، وإذا ما أخذنا هذا الشيء –البردة- ووضعناه في ثقافة أخرى لا تعي أبعاده فإنها تنظر إليه بأبعاده المعجمية المجرّدة ، وتترك معانية المضافة مما يؤدي إلى فقدانه كثيراً من معانية.
ثانياً: أهمية أن يفطن المترجم للعناصر اللغوية للثقافة (الجدول ذو الرقم 2) ويأخذها في الحسبان، ذلك أنها ليست كالعناصر المادية للثقافة (الجدول ذو الرقم 1) ظاهرة جليّة، بل هي بحاجة إلى تنقيب، ولا تُعرف إلا بشيء من الدُّربة، وأرجو أن يفيد الجدول أعلاه والتحليل التي سيأتي في التنبيه على هذه الجوانب.
عيّنة البحث: لإيضاح ما جاء في الجانب النظري في هذه الدراسة حتى الآن أركز في عينة البحث على تحليل الحديث المشهور بـ «حديث أم زرع»، للأسباب التالية:
- اتفق الشيخان على هذا الحديث، وقد شرحه كل من الحافظ ابن حجر والإمام النووي، وأفرده بالشرح غيرهم من أهل العلم أخص بالذكر منهم القاضي عياض، والحافظ السيوطي، وتعدُّد الشروحات من شأنه أن يساعد على فهم نص الحديث، واستيعاب أبعاده المختلفة استيعاباً جيداً، مما ينعكس إيجاباً على تحليل النص ومن ثمَّ المساهمة في توجيه الوقوف الواعي على ما نريده في ترجماته.
- توافُر عدد لا بأس به من صنوف العناصر الثقافية التي ذكرناها سابقاً في هذا الحديث، فهو يتحدث عن جلسة اجتمع فيها إحدى عشرة امرأة، أدلت كل واحدة منهن بدلوها، واستعارت من مخزونها الثقافي ما استعارت، ولذا كثرت الإشارات الثقافية، وتزاحمت بل وتنوعت أيضاً في هذا الحديث، كما سيأتي.
- وجود الحديث في هذين المصدرين العظيمين يعني أن كل ترجمة لهذين الكتابين تحتوي على هذا الحديث، وتعدد الترجمات، واختلاف مناهج المترجمين، وتباين ترجماتهم، من شأنه أن يثري التحليل، بتجليته على نحو أفضل، وبخاصة المواضع التي نريد تتبعها والوقوف عليها في الحديث. وفي اللغة الإنكليزية –التي أدرس ترجمة هذا الحديث فيها- تتوافر ترجمتان لصحيح البخاري (وهما ترجمتا محمد محسن خان، وعائشة بيولي)، وترجمة واحدة لصحيح مسلم (وهي ترجمة عبد الحميد صدّيقي).
نص الحديث: برواية البخاري:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَا أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا،
قَالَتْ الأولَى: «زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ، لا سَهْلٍ فَيُرْتَقَى، وَلا سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ»
قَالَتْ الثَّانِيَةُ: «زَوْجِي لا أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لا أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ»
قَالَتْ الثَّالِثَةُ: «زَوْجِي الْعَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ»
قَالَتْ الرَّابِعَةُ: «زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لا حَرٌّ وَلا قُرّ،ٌ وَلا مَخَافَةَ وَلا سَآمَةَ»
قَالَتْ الْخَامِسَةُ: «زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ»
قَالَتْ السَّادِسَةُ: «زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنْ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ»
قَالَتْ السَّابِعَةُ: «زَوْجِي غَيَايَاءُ (أَوْ عَيَايَاءُ) طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلاَّ لَكِ»
قَالَتْ الثَّامِنَةُ: «زَوْجِي الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ»
قَالَتْ التَّاسِعَةُ: «زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنْ النَّادِ»
قَالَتْ الْعَاشِرَةُ: «زَوْجِي مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ مَالِكٌ، خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلاتُ الْمَسَارِحِ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ»
قَالَتْ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: «زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ وَمَا أَبُو زَرْعٍ، أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، وَمَلأ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلا أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ، أُمُّ أَبِي زَرْعٍ فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، لا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلا تَمْلأ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا،
قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلاً سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًّا، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا، وَقَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ،
قَالَتْ: فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ»
قَالَتْ عَائِشَةُ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ» »
التحليل:
أولاً: أبعاد ثقافية عامة في النص:
- الصيغة الإنشائية (genre): يمكن تصنيف حديث النسوة هنا تحت نوع الأحجيات والألغاز، فكل امرأة من هؤلاء النسوة ترى غضاضة في خرق العرف الاجتماعي الذي يقتضي تحمّل المرأة ما تقاسيه في بيت زوجها وكتمان سرّه وعدم إفشائه، وعدُّ نقد الزوج وتعديد مثالبه مما تُعاب به المرأة الحرّة، ولذا جاء التأكيد على إفشاء هذه الأسرار بالتعاهد والتعاقد بينهن على أن لا يكتمن شيئاً، ولجأن إلى هذه الصيغة وهي صيغة الألغاز والأحجيات، التي هي منطوقها قليل مقتضب، ولا يفهمها إلا من يشترك مع المتحدث في ثقافته وله من الذكاء ما يؤهله لفك محتوى قوله المركّز وإدراك أبعاده، ومن هنا كانت الشروحات المتعددة لهذا الحديث استجلاءً لأبعاد ما قيل فيه. ومن مميزات هذه الصيغة في العربية قصر العبارة وتركيزها، واعتمادها الإلماحات إلى ما يعرفه المتلقي (أي إلى المشترك الثقافي)، وتوظيف السّجْع، وكثير من الصيغ البلاغية. وعند النظر إلى خصائص هذه الصيغة الإنشائية وانعكاساتها على الترجمة نجد أن أياً من الترجمات لم تفلح في نقل هذا البعد الثقافي في النص الأصل، بل ولم تحاول تعويض هذه الخسارة بأي شكل من الأشكال، ولا حتى بحاشية أو ملاحظة تقديمية للترجمة، تضع القارئ في سياق الحديث، وتبيّن له ما فقدته الترجمة من الأصل.
- صفات الزوج (والرجل عموماً) الحميدة والسيئة في الثقافة العربية: قد لا تكون هذه الصفات معتبرة في ثقافات أخرى، وجاء منها الكثير في النص، ولها أثر في فهمه، ولذا وجب التنبّه لها عند التحليل والترجمة، كما سيظهر في بعض مفردات الجدول أدناه.
ثانياً: تنبيهات قبل الشروع في التحليل والاستقراء:
- قد يلحظ القارئ وجود ملاحظاتٍ في هذه الترجمات خارج نطاق البعد الثقافي الذي يختصُّ به هذا البحث، وهذه لا آتي على ذكرها لعدم اختصاص البحث بها من جانب، وبهدف أن يبقى البحث في حدود المساحة المسموح بها.
- لمنهج كل مترجم انعكاسات على ترجمته وبالتالي على فهمها واستقرائها، فالأستاذة عائشة بيولي من أصحاب اللغة الإنكليزية الأصليين، إلا أن منهجها في الترجمة هو الحرفية، والتشبث اللصيق بالنص الأصل ونقل القارئ له، وهو ما يعرف في دراسات الترجمة بالتغريب (foreignizing) وبذلك تحد شريحة قرائها في عدد محدود ممن لهم معرفة إسلامية كافية تؤهلهم للفهم، بينما نجد على طرف النقيض عبد الحميد صديقي، وهو من أصل هندي، يعتمد ما يُعرف بالتوطين (domestication) في ترجمته، فنراه يقرب النص من القارئ، فمثلاً يبدل كلمة "نادي" المعروف في الثقافة العربية بكلمة (inn)، أي: نُزُل، وترجم "المُزهر" إلى (music)، أي: موسيقى، وهي القريبة من فهم القارئ الغربي. أما خان فهو يميل إلى الطريقة الأولى، إلا أنه راعى قراءه وحاول تقريبهم من النص بالشروحات والتعليقات.
ثانياً: التحليل المفصّل للبعد الثقافي في كل من النص وترجماته:
الرقم | العنصر | بيان البعد الثقافي فيه | بيولي | خان | صديقي | تحليل واستقراء |
لَحْمُ جَمَلٍ | البيئة الحيوانية: لحم الجمل ليس كلحم الضأن. وفي هذا إيغال في تعديد مثالب الزوج. | the meat of an emaciated camel | the meat of a lean weak camel | the meat of a lean camel | لم يشر أي من المترجمين إلى هذا البعد في كلام المتحدثة، ربما لأنه وصف بالـ «غَثّ» فرأى المترجمون أن هذا يغني في هذا السياق. | |
عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ | بعد مقامي: أصل معناها، عُقدٌ تكون ظاهرة في الجسم، وتعيبه، ثم انتقل معناهما للدلالة على عموم المعايب الظاهر منها والباطن. | his faults, outward and hidden | his defects and bad traits | faults-both visible and invisible completely | نرى أن المترجمين حملوا هذا العنصر على معناه المقامي، ولم يحملوه على معناه الحرفي، هذا أداء جيد للمعنى. | |
الْعَشَنَّقُ | معنى إيحائي: الطويل، ويضاف على هذا المعنى معنى آخر وهو ذم هذا الطول. | tall | a tall man | long-statured fellow (i. e. he lacks intelligence) | ترجم كل من بيولي وخان هذا العنصر إلى مقابله المعجمي في الإنكليزية، وصفة الطول صفة محمودة في اللغة الإنكليزية، وهذا أرى أنه إخفاق من المترجمين خاصة وأنهما حملا كلام المتحدثة على الذم لزوجها. أما صدّيق فقد تنبه لهذا الإشكال، فتحاشى المقابل المعجمي الواضح واستعاض عنه بما يؤدي المعنى، وأكدّ المعنى الإيحائي للفظ بشرحه بين قوسين بقوله: «أي أنه يفتقد الذكاء». | |
تِهَامَةَ | البعد البيئي: تهامة بلاد حارة في غالب الزمان، وليس فيها ريح باردة، فإذا كان الليل كان وهج الحر ساكناً فيطيب الليل لأهلها بالنسبة إلى ما كانوا فيه من أذى حر النهار. | Tihama | Tihama | Tihama (the night of Hijaz and Mecca) | لم يلتفت أيّ من المترجمين إلى هذا البعد الجغرافي وما هو معروف عن هذه المنطقة، ربما لأن المقصود منها مشروح فيما بعدها. إلا أن صدّيقي أضاف بين قوسين أن تهامة هي: «الحجاز ومكة»، وبغض النظر عن دقة هذا التعريف فإن من شأنه أن يفيد القارئ يوجه ذهنه ويقربه أكثر من المقصود. | |
إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ | البيئة الحيوانية: الفهد وماله من صفات كثرة النوم والتراخي، والأسد وماله من الشجاعة. تقويم جماعي: دعة الرجل في بيته، واستئساده بين الناس. | like a leopard when he comes in and a lion when he goes out | when entering (the house) is a leopard, and when going out, is a lion *She compares her husband with a leopard which is well-known for being shy, harmless and fond of much sleep. She compares him with a lion when he is out for fighting. Besides, he does not interfere in the home affairs, e.g. he does not ask her how much she has spent, nor does he criticize any fault he may notice. | (like) a leopard as he enters the house, and behaves like a lion when he gets out * He enjoys sound sleep like a leopard and remains indifferent to the affairs of his wife and family. | تفاوت مترجمونا في تعاملهم مع هذه العاصر الثقافية: فنجد أن بيولي قدمت ترجمة حرفية ولم تخدم القارئ ليفهم المعنى بأي شكل من الأشكال. بينما قام خان بإضافة حاشية مطولة يوضح فيها المعنى المراد وجَلّى أباعده. أما صدّيقي فقد وضح المراد في حاشية، إلا أنه حمل كلام المرأة على الذم، ولا أعلم من أين أتي بهذه القراءة إلا أن الذهن ينصرف إلى شراح الحديث الذين اعتمد المترجم عليهم، وهو كثيراً ما يحيل إلى كتاب «فتح الملهم» لشبير أحمد عثماني وهو شرح لصحيح مسلم بالأردية. | |
وَلا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ | تقويم جماعي: أكثرت العرب من وصف الكرماء والسادة بالتغافل والحياء في بيوتها وأنديتها. | He does not ask about the state of things | He does not ask about whatever is in the house | he does not ask about that which he leaves in the house | هذه تلحق ما جاء في (5) إذ إن الحاشية مشتركة. | |
إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ | تقويم جماعي: العرب تذم بالإكثار من الطعام والشراب والتخليط فيه. | If my husband eats, he eats too much and leaves nothing. If he drinks, he leaves nothing | If my husband eats. he eats too much (leaving the dishes empty), and if he drinks he leaves nothing | he eats so much that nothing is left back and when he drinks he drinks that no drop is left behind | وفّق مترجمونا جميعهم في نقل المعنى المراد وتوضيح ذم الإكثار من الأكل والشرب، وربما هذه من المذمومات في جميع الثقافات. | |
الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ | أدوات: الزرنب نبت طيّب الرائحة تتخذه العرب طِيْباً. تقويم جماعي: عبّر بهذا اللفظ عن حسن عشرة الرجل. ولم يقصد بهذا المعنى الحرفي أي أنه ناعم الملمس طيب الرائحة، فبيئتهم لا تعزز لا هذا ولا ذاك، وثقافتهم تنبذ الرجل الناعم. | غفلت عن ترجمتها | soft to touch like a rabbit and smells like a Zarnab (a kind of good smelling grass) | as sweet as the sweet-smelling plant, and as soft as the softness of the hare *He possesses fine qualities of both body and mind. | فيما يخص الزرنب، فبينما وضح كل من خان وصدّيقي معنى زرنب، إلا أنهما أغفلا ذكر أن العرب كانت تتخذه طيباً. وقد قام خان بذكر اسم هذه النبتة بالحروف اللاتينية، وهذا أوفق من اختيار صدّيقي الذي اكتفى بتعريفها بالمعنى. وفيما يخص البعد الاجتماعي في تحبيذ العرب للخشونة وذمهم، لم يفطن إليه أي من المترجميْن بل أكدا على أن "مسّ الأرنب" هنا يعني نعومة الجسد، أي حملاه على المعنى الحرفي لا على كنايته عن حسن المعشر. | |
زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنْ النَّادِ | المسكن: بيوت الوبر، وأعمدتها. الأدوات: نجاد السيف (حمّالته). الأدوات: إنضاج الطعام على الحطب. مؤسسة اجتماعية: النادي. تقويم جماعي: الكرم وهو خُلّة محمودة عند العرب، ويكنى عنه بطول أعمدة البيت ليكون بارزاً يراه الزائر ويعرف كرم أهله بهذه العلامة، وبعظم الرماد والنار التي لا تنطفئ ليلاً ولا نهاراً ليراها الضيوف ويتجهوا صوبها، وقرب البيت من النادي تدل على موضع الرجل وكرمه، إذ الضيوف يتجهون عادة إلى النادي قبل غيره من البيوت، وكلما قرب البيت منه كان مظنة أن يقصدوه. الطول: العرب تمتدح بالطول وتذم القصر | has a high position, with a long sword strap (because of his height). He leaves abundant ashes and his house is close to the central gathering | a tall generous man wearing a long strap for carrying his sword. His ashes are abundant and his house is near to the people who would easily consult him. * He is noble and brave. **He is so generous that he always makes fires for his guests to entertain them, and hence, the abundant ashes he has at home. ***He lives near the people so that he is always at hand to solve their problems and help them in hardships and give them good advice. | the master of a lofty building, long-statured, having heaps of ashes (at his door) and his house is near the meeting place and the inn *He is very warm and hospitable and the fire always burns in his kitchen. **He is also the chief and is always busy in entertaining guest. | تفاوت المترجمون في نقل هذه العناصر، إلا أنهم اتفقوا في حمل الكلام على المعنى، وبذلك طوّعوا العناصر الثقافية المكنيّ عنها في قول هذه المرأة. وقد تفاوتوا في نقل المعنى المراد. ألا أن إحدى هذه الكنايات كانت أكثر إشكالاً من غيرها النقل بالمعنى العام وهي: "عظيم الرماد"، لذا تعاملوا معها حرفياً وعلّق عليها كل من خان وصديقي وبينا وجهة نظرهما من معناها. بينما أغفلت ذكر ذلك بيولي كلّية. | |
وَمَا مَالِكٌ مَالِكٌ | بعد مقامي: استفهام يقصد به، التعظيم من قدر المتحدَّث عنه. | What can be said [about] Malik? | and what is Malik? | and how fine Malik is | عمد كل من بيولي وخان إلى ترجمة هذه السؤال إلى صيغة سؤال إلى الإنكليزية، وقد يُدرك القارئ المعنى المقامي، بحكم السياق، إلا أنه كان الأولى بهما أن يفعلا كما فعل صدّيقي بتأكيده على المعنى المقامي وإغفال صيغة السؤال كلّية. | |
إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلاتُ الْمَسَارِحِ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ | بيئة حيوانية: الإبل، ومباركها ومسارحها. أدوات: المزهر، آلة عزف وبضرب عليها احتفاءً بالضيف. تقويم جماعي: الكرم يكنى عنه بكثرة مبارك الإبل وقلة مسارحها أي حضورها الدائم واستعداد الرجل الدائم لإكرام الضيف. | camels, most of which are kept in pens while only a few are sent to graze. When they hear the sound of the lute | camels are kept at home (ready to be slaughtered for the guests) and only a few are taken to the pastures. When the camels hear the sound of the lute (or the tambourine) they realize that they are going to be slaughtered for the guests. | He has many folds of his camel, more in number than the pastures for them. When they (the camels) hear the sound of music *Camels are always slaughtered in his guest house, and, therefore, he does not require as many pastures to graze his camels as the folds to keep them. **In old Arab society there could have been no idea of feast without dance and music, so when the camels heard the music they came to know of the feast being held and were thus sure that they would be slaughtered and their meat would be served to the guests. | تفاوت المترجمون في هذه: فكانت عائشة بيولي حرفية، ولم تشر إلى أي من العناصر الثقافية في حديث هذه المرأة. بينما أدخل خان شيئاً من الإيضاح في متن النص، بالإشارة إلى أن الإبل سيذبحن للضيف. إلا أنه لم يفعل كما فعل صدّيقي في إدراج حاشية ذكر فيها عادة العرب في إكرام الضيف بالمعازف، ومن هذا جاءت معرفة الإبل بأنهن هوالك إذا سمعن العزف. | |
أَهْلِ غُنَيْمَةٍ | بيئة حيوانية: الغنم. تقويم جماعي: العرب لا تعتدّ بأصحاب الغنم، وإنما يعتدون بأهل الخيل والإبل. ولذا نرى القائلة تُصغّر لفظ غنيمة تقليلاً من قدرها. | a people of a few sheep | my family who were mere owners of sheep | among the shepherds living in the side of the mountain * "I was an insignificant woman, without any means". | تنبه المترجمون إلى المعنى المضاف والذي رمت إليه القائلة بتصغير الغنم لتحقير أمرها وظهر هذا في ترجماتهم. إلا أن المثير للاهتمام من الناحية الثقافية أنهم لجؤا إلى كلمة sheep وهي تعني ضأناً، وهذا في زعمي يأتي من باب التطويع الثقافي لأن في الثقافة الإنكليزية الرعي مرتبط بالضأن على نحو ألصق، وتقرب الصورة بذلك في أذهانهم على نحو أقرب. | |
مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ | مضجعة كمسل شطبة: كناية عن قلة اللحم، وخفة الجسم. بيئة حيوانية: الجفرة: الأنثى من أولاد المعز. تقويم جماعي: العرب تمدح الرجل بأنه مُهفف خفيف اللحم، قليل الأكل. | His bed is like a narrow unsheathed sword and the shoulder of a lamb satisfies him | His bed is as narrow as an unsheathed sword and an arm of a kid (of four months) satisfies his hunger *He was a slender man who ate little. | his bed is as soft as a green palm-stick drawn forth from its bark, or like a sword drawn forth from its scabbard, and whom just an arm of a lamb is enough to satiate | اتفق كل من بيولي وخان في ترجمتهما، وأضاف خان حاشية يوضح فيها المراد ولكن حاشيته لا تُجلي للقارئ وجه المدح في هذا الوصف بل على العكس قد يفهم منها أنه رجل مريض مصاب بالهزال ولا يشتهي الطعام. وأبعد صديقي النجعة في أن في تشبيه مضجع ابن أبي زرع بمسل الشطبة، دلالة على نعومة مضجعه، بل نجده أورد في متن الترجمة معنيا "المسل" وهما جريد النخل المستل منها، والسيف المسلول من غمده، ويضطرب معنى الترجمة إذ لا يمكن التوفيق بين وجه تشبيه المضجع بهما. وهذا ينبئ عن خلل في مرحلة تحليل النص قبل الشروع في ترجمته. | |
وَمِلْءُ كِسَائِهَا | حكم جماعي: ترى العرب أن امتلاء الجسم من صفات المرأة الجميلة | She fills out her garment | She has a fat well-built body | wearing sufficient flesh | وفق المترجمون جميعاً في التنبه للمعنى المضاف وهو أن صفة الامتلاء صفة محببة ولذا نقل كل منهم هذا المعنى بطريقته. | |
َالأوْطَابُ | أدوات: وعاء يمخض اللبن لاستخراج الزبد. ومخض اللبن يكون في الصباح الباكر. | when the butter was being churned | when the milk was being milked from the animals | when the milk was churned in the vessels | تحاشت بولي ذكر الأوعية التي يمخض فيها اللبن لاستخراج الزبد منه، واكتفت بذكر فعل مخض اللبن، بينما لم يفعل خان لا هذا ولا ذاك وفسر هذا القول بفعل الحلب. أما صديقي فقد اهتدى لذكرهما جميعاً. وعلى أي فإن أياً من المترجمين لم يذكر فائدة ذكر أم زرع لهذا التفصيل في روايتها، وهي للتنبيه على أن الوقت كان باكراً. | |
مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ | حكم جماعي: وصف الغلامين بأنها فهدان يدل على اعتدال خلقهما واشتداد جسميهما، وفي هذا تنبيه على سبب تزوج أبي زرع إياها لأن العرب كانت ترغب في المرأة التي تنجب، ولا يحبون العقيم. | two sons like leopards | two sons like two leopards | two children like leopards | تشابهت الترجمات جميعها كثيراً، وهي حرفية لا تعطي القارئ صورة واضحة عن أبعاد الحديث الثقافية. | |
رَكِبَ شَرِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًّا | بيئة حيوانية: الشرّي: هو الفرس الفائق الخيار. أدوات: الخطّي: الرمح منسوب إلى الخطّ، وهي قرية على ساحل البحر عند عمان والبحرين، وهو من جيّد الرماح. حكم جماعي: صفة فرس الرجل ونوع سيفه تدلان على مكانته العالية. | a fast, tireless horse and a spear of al-Khatt | ride a fast tireless horse and keep a spear in his hand | expert rider, and a fine archer | فيما يخص لفظ "شرّي" فقد تمكن كل من الهلالي وخان من نقل معناه بطريقة تؤدي الحكم الاجتماعي عليه. وأما "خطياً" فقد ترجمتها بيولي صوتياً ورسمتها بالحرف اللاتيني ولكنها لم تعطِ أي معلومة خلفية توضح المعنى المراد وقيمة هذا الرمح عند العرب، وترجمه خان بالمعنى وأخفق أيضاً في إعطاء قرائه القيمة الاجتماعية للرمح الخطي. وفي المقابل قام صدّيقي بجعل هذه العناصر صفات للزوج المتحدث عنه، فهو عنده فارس خبير، ورامي سهام مسدّد. |
جدول رقم (3) تحليل تفصيلي للعناصر الثقافية في حديث أم زرع، وترجماته
ثالثاً: رأي مجمل في التحليل التفصيلي للعناصر الثقافية في حديث أم زرع وترجماته:
ليست الإشارات والعناصر الثقافية في حديث أم زرع على حد سواء من حيث الأهمية في فهم النص، ومن هذا أيضاً أن بعض هذه الإشارات كانت أظهر من البعض الآخر وأجلى، ولعل كثرة الإشارات الثقافية وتغلغلها في النص تجعل من مهمة المترجم صعبة وتربكه خاصة إذا لم يطوّر منهجية محددة في التعامل معها، ولم يشبع النص تحليلاً، ولطبيعة هذا النص وكثرة الإشارات الثقافية فيه نجد أن مقدار الخسارة فيما يتعلق بموضوع البحث – أي العناصر الثقافية في النص- كبير إلى حد ما، وبخاصة أن المترجمين لم تظهر لهم منهجية محددة واضحة المعالم في التعامل معها، وقد تفاوتوا في ذلك بين ترجمة بالمعنى لا اللفظ، واللجوء إلى الحواشي والأقواس الاعتراضية في متن النص، أو بدمج العنصر الثقافي كلية في النص، أو حمله على سياقه (وسباقه).
ولعل إغفال العناصر الثقافية والاستخفاف في التعامل معها لا يخدم غرض الترجمة من وجهين: فمن وجه يخاطر المترجمون بهذا في ألا تصل رسالة النص واضحة ودقيقة للقراء، وفي هذا إخلال بواجب تبليغ الدعوة، ومن وجه آخر فإن هذا يعطي انطباعاً عاماً لدى القارئ عن النص مغايراً لانطباع قارئ النص الأصل بلغته العربية، والخطر يكمن في أن يخرج قارئ الترجمة بقراءة سلبية عن النص، وهذا ما لا نريده لترجمة لنصوص ثاني مصدر من مصادر التشريع.
وأرجو أن أكون قد وفِّقت فيما سبق إلى إظهار أهمية محو الأمية الثقافية في الترجمة، وبيّنت الأمر ودللت عليه، بما من شأنه أن يثير لدى القارئ تساؤلاً عن طرق التعامل مع العناصر الثقافية في النص، وفي رأيي كما هو رأي الكثير، فإن إدراك المشكلة ومعرفة تبعاتها، هي أولى الخطوات نحو إيجاد الحل المناسب، وهذا الذي آمل أنني بيّنته، ثم تأتي بعد ذلك طريقة معالجة هذه المشكلة، وهذا هو ما أخصص له المبحث التالي.
المبحث الخامس: في كيفية التعامل مع العناصر الثقافية وطرق ترجمتها
بداية أنبه هنا على أمور لا يسع من يتصدى للترجمة الجهل بها، وهي:
أولاً: الطبيعة الحساسة لنصوص السنة النبوية المطهرة: فهي ثاني مصادر التشريع في الإسلام بعد كتاب الله العزيز، وهي وحي من عند الله تعالى، ومنها تستمد الأحكام والتشريعات. والنصوص المقدسة - على اختلاف الديانات- من أكثر النصوص حساسية، ولذا لا نبالغ إذا قلنا أن انتقالها بين الثقافات كان من المصادر الرئيسة لتطور نظرية الترجمة، فقد تحتّم على أصحاب الأديان أن يتعاملوا مع أسئلة تتعلق بالاختلافات اللغوية والثقافية بين الشعوب في سبيل نقل سليم للنص المقدس بين الحواجز اللغوية والثقافية، وهذه الاستراتيجيات تشكل جزءاً من تاريخ نظرية الترجمة، ولا تزال تثريها، إذ إن هذه النصوص ليست كغيرها من النصوص التي يتصدى لها المترجمون، فالمترجم يتعامل هنا مع وحدات معنوية أكبر وأبعد أثراً من المحتوى المعنوي للنص (propositional content) ففي هذه النصوص أكثر من مجرد الاتصال مع القارئ، ودوره يكون أكثر من مجرد ناقل للمعنى، وما يضع ضغوطاً كثيرة على المترجم تصديه للترجمة النصوص ذات الحساسية هو تعلّق النص بسياقه (text-in-context) علاقة لا يسع المترجم إغفالها، ولذا لزمه اتباع مبدأ توخي الدقة والحذر (greatest accuracy with least liability).
ثانياً: التواطؤ الثقافي (cultural overlap)، وفهم الثقافات لبعضها البعض: لعل من يتعامل مع اللغات يعي تماماً وجود مشكلات في توافر كلمات مناسبة في لغة ما تبدل بها كلمات من لغة أخرى، أي عدم وجود مقابلات مناسبة بين اللغات (non-equivalence among languages)، ومن هنا قد يظن البعض أن الترجمة أمر مستحيل (the dogma of untranslatability)، ومع هذا فإن الترجمة أمر واقع ويحدث كل يوم ولا غنى للناس عنها في تواصل بعضهم مع بعض. فكل ما يُعبّر عنه بلغة ما يمكن التعبير عنه بلغة أخرى، هذا مع الاعتراف بأن هناك معانيَ مضافة في الخطاب، تصعب ترجمته، وقد نخسرها في بعض الأحيان، ولكن يمكن التعويض عنها في أغلب الأوقات، وأكبر دليل على هذا هو عالمية الرسالة المحمدية، فقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أن قال: «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة»، ووجوب التبليغ وإلزاميته: )يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ((المائدة: 67(، فمهمة المترجم تكمن في معرفة أفضل الطرق وأنجعها في تبليغ الرسالة وتخطي الحاجزين اللغوي والثقافي في سبيل ذلك.
ثالثاً: مراحل عملية الترجمة: على المترجم أن يعي أن عملية الترجمة تتكون من مرحلتين وهما: مرحلة التحليل (analysis)، ومرحلة البناء (synthesis)، ويمكن تمثل عملية الترجمة بيانياً كما يلي:
ففي المرحلة الأولى (وهي مرحلة التحليل): تتم دراسة النص الأصل للوصول إلى فهمه فهماً جيداً والتعرف على جميع أبعاده، وذلك بالاستعانة بمعينات المترجم وهي: الكتب الشارحة، والمعاجم والموسوعات، وذوو الاختصاص. وفي هذه المرحلة على المترجم أن يحدد معالم منهجه في الترجمة، وأن يقرر كيفية التعامل مع المشكلات التي قد تواجهه في الترجمة. وهذه المرحلة مهمة جداً في الترجمة ويجب عدم تخطيها من قبل المترجم وإلا فالترجمة الناتجة تكون قاصرة، بل قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة. أما المرحلة الثانية (وهي مرحلة البناء): فتتم فيها ترجمة المعنى باستخدام كلمات اللغة المستقبلة وتراكيبها، في سياقها اللغوي والثقافي، وذلك أيضاً بالاستعانة بمعينات المترجم.
ويتعين على المترجم أن يكون واعياً بما ينصرف إليه المعنى في نقل كل كلمة من الحديث النبوي الشريف عند ترجمته، ومدركاً لكلا السياقين الثقافيين (cultural awareness) في النص الأصل وفي نص الترجمة، وأن يتعرف على مواطن الخسارة في عمله هذا وكيفية تعويضها (translation loss and compensation)، وعلى المترجم أن يكون متحلياً بالجلد وطول النفس في البحث والتقصي بغية الخروج بترجمة تفي بالغرض وتؤدي الأمانة، ومن هذا يتضح أن من يرى في المترجم مجرد ناقل مجانب للصواب، أي في تركيز هذا القول على نقل الأفكار من لغة لأخرى مع إغفال كثير من متطلبات الترجمة والحلول العديدة التي يوجدها المترجم ليؤدي عمله على أكمل وجه، والقرارات الكثيرة التي يتخذها في هذا الصدد.
خيارات التعامل مع ثقافة النص في الترجمة: بعون الله قمت بتقصي حلول التعامل مع ذوات الخصوصية الثقافية من عدد من المصادر، وها هي مجملة، وملخّصة، إلا أنه وجب التنبيه على أن تؤخذ هذه الحلول على أنها مقترحات تأتي من باب الإرشاد والاستئناس لا الإلزام، لأن كل مهمة توكل إلى المترجم أو يتولاها هو بنفسه تختلف من حيث طبيعتها ومتطلباتها عن غيرها من المهام، وهذه الحلول أيضاً وطريقة طرحها هنا تخص العناصر الثقافية في المقام الأول، لا العناصر الدينية (كالمصطلحات الإسلامية فلهذه وضعها الخاص).
- إضافة السياق (contextualization): ويكون هذا داخل النص، أي في المتن (within-the texts)، وخارجه أي في الحواشي (marginal notes)، ويضاف إلى هذا المقدمات، والمسارد (indexes). ففي النصوص التي تتطلب التركيز في الترجمة على أن فهم القارئ (accessibility and intelligibility)، فإن الخيار الأول للمترجم كونه مسهّلاً لعملية الاتصال (facilitator of communication) هو إضافة السياق ليعوِّض الفراغ في المحتوى المعنوي (semantic voids)، وبخاصة أن كان القراء المستهدفون (putative readership) لا تتوافر لديهم المصادر المعينة على الفهم والكتب الشارحة، فمن شأن الحواشي أن تجلّي اللبس وتقشع غشاوة الجهل، وقد ذكر كثير من منظّري دراسات الترجمة فوائد الحواشي وفصّلوا أوجه الترغيب في الاستعانة بها، ولكن يجب التنبيه هنا على عدة أمور تراعى في الحواشي، وهي: أن تكون ضرورية لا غنى عنها في فهم النص؛ وأن تكون الحاشية مناسبة لما جاء في المتن دون إطالة وتشعّب لا يخدم فهم النص، إذ هذا من شأنه أن يكثر على القراء ويشتت أفكارهم؛ وأن يكون كل ما يُؤتي به في الحواشي صحيح وسليم علمياً. وقد يستغني المترجم بمسردٍ أو مساردٍ يضعها في آخر الكتاب، يوضح فيها معاني المفاهيم والعناصر الثقافية الواردة في الترجمة، وحتى في هذه فعلى المترجم أن يُعرّف قرائه بمقصود ما يضعه فيها على نحو يخدم الغرض الذي وُظِّفت في متن النص من أجله، وأن يقصرها على ما يكثر تكراره. وأما الإيضاحات داخل النص أي بين أقواس اعتراضية فيجب قصرها على ما لا يُفهم النص من دونه نزولاً عند متطلبات اللغة المستقبلة، وبخاصة فيما يتعلق بالجانب المعنوي منها لا الجانب البنيوي الصرف.
- استعارة اللفظ (cultural borrowing)كما هو، ونقحرته (transliteration) بحرف اللغة المستقبلة: وهذا الحل كثيراً ما يلجأ إليه المترجمون، ويفيد هذا الحل في تأكيد المحتوى الثقافي ونقله كما هو، وبخاصة إذا ما قرنت نقحرة اللفظ بتعريف له، وعلى أي فلهذا الحل محاذيره وتنبيهاته، وهي: عدم الإكثار من هذا الحل واللجوء إليه عند عدم وجود مطابق في اللغة المستقبلة؛ وأن يُقرن بتعريف يحدد معناه بدقة؛ وأن يُتنَّبه لجميع أبعاد هذا اللفظ والمعاني الإيحائية التي قد يكون اكتسبها أو سيكتسبها في اللغة المستقبلة؛ ويفضّل أن يُقصر هذا الخيار على العناصر المحورية ذات الأهمية في فهم النص، وعلى المترجم أن يعي أن اللجوء إلى هذا الحل يكون في المواضع التي تتطلب فهم المصطلح نفسه وتركز عليه.
- إبدال اللفظ بلفظ مقارب في اللغة المستقبلة (substitution): وأغلب ما يكون هذا في حالات التواطؤ الثقافي، إذ قد يكون العنصر المراد ترجمته غير معروف تماماً لدى أهل اللغة المستقبلة، ولكن قد يكون لديهم مسمى مشابه له، لا يتطابق معه في المعنى تماماً، ولكن يقابله في أمور. ومن فوائد هذا الحل أنه يضمن الشفافية اللغوية والثقافية، مما يسهّل على القارئ. وعلى المترجم أن يبني قراره على تحليل مستفيض للغرض الاتصالي (communicative function) من العنصر المراد ترجمته، ويكون الإبدال ممكناً عندما يكون العنصر الثقافي ثانوياً، وليس محورياً للرسالة، وعلى التنبه إلى أي شذوذ في المعنى ومحاولة تلافيه.
- الوصف والإيضاح (and explanation description): ونخص به هنا ما يكون في المتن، وعادة ما يقرن هذا الحل بالحل رقم (2) أعلاه، وهو استعارة اللفظ، إلا أن هذا لا يلزم، وكما في (3) أعلاه فإن على المترجم أن يراعي مقدار أهمية العنصر الثقافي في مقامه، ومن المهم أن يتنبه المترجم على أن قصر الوصف في المتن على ما يعطي المعنى المباشر دون إسهاب، وأما المعلومات في الحاشية فتكون مناسبة للمقام دون إطالة، تخرج المعنى عن نطاقه، فمن المساوئ التي عادة ما تلصق بهذا الحل هو الإطالة والتأثير على سلاسة الترجمة، فعلى المترجم أن يضع الوصف في سياقه بحيث لا يؤثر كثيراً في انسياب الحديث، ويشتت ذهن القارئ عن المعنى العام.
هذه هي أبرز الطرق للتعامل مع ذوات الخصوصية الثقافية في الترجمة، ويمكن الجمع بينها وبخاصة الحلول من 2-4، إلا أن هذا فيه تأكيد على العنصر، ولا يستخدم إلا في الحالات التي يكون فيها العنصر الثقافي ذا أهمية محورية في النص المترجم، وأي إهمال في التعامل معه قد يتسبب في إخلال بالمعنى العام للنص. وهناك طريقتان أخريان من المفيد التعرف عليهما:
- إضافة ما من شأنه أن يعزز المعنى: فكان من الممكن إبراز المعنى الإيحائي السلبي للفظ «عشنّق» الذي أرادته المتحدثة في حديث أم زرع، بما يعزز هذه القراءة عند متلقي الترجمة، إذ لا يوجد لفظ واحد في الإنكليزية الفصحى يعبّر عن الطول المذموم، فكان من الممكن ذكر المقابل المعجمي للطول بالإنكليزية، وإضافة صفة تفيد الإيحاء الذي أرادته المتحدثة.
- التمثيل بما له معنى أكثر تحديداً: إذا لم يكن في اللغة المستقبلة ما تعبّر به عن شيء ما تحديداً، فيمكن ترجمة هذا الشيء وإعطاء أمثلة خاصة تدل عليه، ويقرن هذا الحل مع الحلول المذكورة.
واستيعاباً للموضوع من جميع أبعاده، لا يفوتني هنا أن أنبه على أن حالات ذوات الخصوصية الثقافية، مع بعض التوجيهات حول التعامل معها، مما له علاقة وثيقة بالحلول المقترحة:
- ألفاظ غير معروفة في اللغة المستقبلة، كلفظ «عقيقة»: وهي واضحة يسهل على المترجم التنبه لها، وتطبق عليها الحلول المقترحة.
- ألفاظ متطابقة من حيث الدلالة، مثل «بخور» (incense) في الإنكليزية: ويمكن ترجمتها مباشرة، بعد التأكد من مناسبة الترجمة المباشرة دون التنبيه.
- ألفاظ مشتركة بين اللغتين، ولكن تختلفان من حيث نظرة أصحاب كل لغة لها، نحو لفظ «محرَم» (chaperon) في الإنكليزية، و «الرُّقى والتمائم» (amulets) في الإنكليزية: ففي هذه الحالة على المترجم أن يسأل: ما هو التصور الذهني المتصل باللفظ عند أهل الثقافتين كل على حدة؟ وما هي المعاني التي تطبّق على هذا اللفظ؟ بحيث تنظر كل منهما بنظرة مختلفة إلى العنصر نفسه رغم تطابقه المعنوي الظاهر، وهذا ما يعرف بالأصدقاء غير الأوفياء (false friends, false cognates)، وهي أحدى الحلول الجاهزة التي يلجأ لها كثير من المترجمين، إلا أن عليهم توخي الحذر، ويمكن توضيح المعنى المراد تماماً وجلو اللبس بالاستعانة بالحلول المقترحة.
- ألفاظ تحمل معنيين لغوي واصطلاحي مثل «المِرْباع»، وهو ما يفرض لسيد القوم من الفيء، ونسبته الربع منه، فعزز اللفظُ المستخدم المفهومَ الذي اصطلح العرب بتسميته به، ويمكن في هذه الحالة أن يترجم اللفظ بلفظ يقابله في اللغة المستقبلة، مع إضافة تعريف يجلّي معناه الاصطلاحي.
- ألفاظ تم استيعابها في اللغة المستقبلة بإزاحة القاعدة المعنوية (semantic base) لألفاظ في اللغة المستقبلة أو توسيعها لتشمل المعاني المرادة من اللفظ الأصل، وهذا يكون عادة بكثرة استخدام هذا اللفظ في اللغة المستقبلة وتطبيقه على المراد منه في لغته الأصل، ففي الفارسية ألفاظ مثل «نماز» (صلاة)، و «دَرود» (الصلاة على النبي r)، و «دوْزخ» (جهنّم)، و «فَرِشته» (مَلَك)، وهي في أصلها مأخوذة من مفاهيم تختص بها الديانة الزردشتية (المجوسية)، ولكن عند دخول الفرس في الإسلام فُرّغت هذه الألفاظ من معانيها وإيحاءاتها وطبّقت تماماً على المعاني الإسلامية للألفاظ المقابلة لها، وهذا يحصل في حال أن اللفظ تم استيعابه وتوطينه تماماً في للغة المستقبلة، وتتطابق الألفاظ من حيث المعاني المعجمية والإيحائية، فهذه تترجم مباشرة في الغالب.
- ومن هذا ألفاظ تم توطينها ولكن دون تطابق تام من حيث المعنى المعجمي من جهة والمعنى الإيحائي من جهة أخرى، فكلمة «جهاد» وطِّنت في الإنكليزية (jihad) وأخذ منها المعني الخاصة بقتال غير المسلمين دون غيرها من المعاني الخاصة بهذا المصطلح الواسع، وحُمِّلت بكثير من المعاني الإيحائية السلبية. و «الحور» (huris) في اللغة الإسبانية – وهي كلمة موطنة تماماً في هذه اللغة- تعني أولئك النسوة مناط الشهوة في الجنة التي يقتل المسلمون أنفسهم من أجلهن, وهذا النوع من الألفاظ هو من أكثرها إشكالاً على المترجم، وعليه دراستها ودراسة أبعادها بدقة قبل أن يطبّق عليها أياً من الحلول المقترحة.
ومما سبق يظهر أنه لا توجد طريقة واحدة للتعامل مع ذوات الخصوصية الثقافية، يمكن تعميمها في جميع المواقف الاتصالية (communicative situations)، ولا قرار عام واحد يتخذ في جميع الحالات، ولا يوجد لحل واحد لنوع معين من العناصر الثقافية يلجأ إليه المترجم في جميع الحالات التي يواجه فيها هذا العنصر أو ذاك، وعلى المترجم أن ينظر إلى كل حالة على حدة فترجمة سنن ابن ماجة – مثلاً - مشروع ضخم، يرجع الناس إليه على مدى أعوام عديدة، وتتوافر للمترجم المساحة الكافية ليستفيد من الحلول المتاحة التي من شأنها أن تردم الهوة الثقافية وتساعد على محو الأمية الثقافية، يختلف تماماً عن مهمة ترجمة مطوية صغيرة في أربعة أوجه يُكلّف المترجم بإتمامها في وقت محدد، ويستفاد منها في مناسبة معينة ثم يُستغنى عنها، ويرد فيها ذكر بعض العناصر الثقافية، ولذا على المترجم أن يكون واعياً بقراراته التي يتخذها وأن تكون مناسبة للعمل الذي بين يديه. وعلى المترجم أن يعي في المقام الأول مناسبة قراره للمقام، وأن تكون رسالة الترجمة مفهومة.
B
++++
ملحق رقم (1)
مسرد ببعض المصطلحات المتعلقة بالثقافة في الترجمة المستخدمة في دراسات الترجمة، فمن المهم أن يستوعب المترجم هذه المصطلحات وتبنيها لتكون هي العدة التي نستخدمها في تحليل النصوص تفهم العلاقة بين الترجمة والثقافة على نحو أدق:
المصطلح وتعريفه | المصطلح باللغة الإنكليزية |
الإرث الثقافي: مجموع الثقافة التي يرثها المجتمع الثقافي، بما فيها من مفردات وعناصر ثقافية. | Cultural heritage |
المفردة الثقافية، أو العنصر الثقافي: وهي العناصر أو الوحدات ألتي يتكون منها مجموع الثقافة. | Cultural entity (item) |
عدم التوافق الثقافي: يحدث هذا أكثر بين الثقافات ذوات الموروث الثقافي المتباين، وغير مشترك، مثل العربية والإنكليزية، بينما هناك توافق ثقافي أكبر بين اللغتين العربية والأردية أو العربية والفارسية مثلاً. | Cultural incompatibility |
الفجوة الثقافية (أو الفراغ الثقافي): وهي أن لا توجد في إرث ثقافي ما مقابل مطابق لمفردة ثقافية في ثقافة أخرى. | Cultural gap (void) |
التواطؤ الثقافي: وهو عكس الفجوة الثقافية حيث توجد مفردة واحدة في ثقافتين متباينتين. | Cultural overlap |
المرشِّح الثقافي: وهي جميع العوامل التي تؤثر في الفرد، ورؤيته للأشياء، وطريقة تعامله معها، وهذه عادة ما تأتي من موروث الفرد الثقافي. | Cultural filter |
السياق الثقافي: في الترجمة، هو الإطار العام الذي تكون فيه النصوص، وتكون علاقة النصوص به وثيقة جداً، وتأثيره فيها لا يمكن إغفاله. | Context of culture |
الإشارات الثقافية: هي كل ما يرد في النص ويشي بالثقافة، ويجليها. | Cultural references |
التسييق (من إضافة السياق): وهي إستراتيجية تعتمد على أخذ السياق الثقافي في الاعتبار عند الترجمة. | Contextualization (translation strategy: taking context on board). |
المعنى الإيحائي: وهو المعنى أو المعاني الإيحائية التي تلصق بالوحدة الثقافية وتضاف إليها من خلال تعامل المجتمع الثقافي معها. | Connotative meaning |
الإقحام الثقافي: وهي استعارة مفردة ثقافية من ثقافة أخرى من خلال الترجمة، وعادة ما يكون قرار استعارتها خاطئ. | Calque |
الأصدقاء غير الأوفياء: وهي الوحدات الثقافية (الألفاظ) التي تبدو متطابقة، وهي في حقيقة الأمر غير ذلك. | False friends (cognates) |
الاستعارة الثقافية: وهي استعارة مفردة ثقافية، وبعكس الإقحام الثقافي فإن القرار قد لا يكون خاطئ بالضرورة. | Cultural borrowing |
التناقل الثقافي: وهي حالة عامة يحدث فيها اتصال بين ثقافتين، وتنقل إحداهما عناصر الثقافة الأخرى. | Cultural interference |
الفرض الثقافي: وهو مسمى عام لكيفية التعامل مع العناصر الثقافية في الترجمة من طرق تنطوي على نقل العناصر بين الثقافات وعدم إغفالها. | Cultural transposition |
ما بين الثقافات: وهو يختص بما يحدث من اتصال ونقل بين الثقافات. | Intercultural; transcultural, cross-cultural (communication) |
التثقيف (أو التثقُّف): أي التدرب في معرفة الثقافة، وهي تتطلب الكثير من الدربة والتعايش مع أهل الثقافة المراد دراستها | Enculturation |
المقام الاتصالي: الموقف الاتصالي وأطرافه، والعوامل التي تدخل فيه، وما يحيط به من مؤثرات. | Communication situation |
الغرض (أو الهدف) الاتصالي: وهو الغرض الذي من أجله شرع المرسل في الاتصال. | Communication purpose |
ملحق رقم (2)
الترجمات الإنكليزية لحديث أم زرع المدروسة في هذا البحث:
1- ترجمة عائشة بيولي:
It is related that 'A'isha said, "Eleven women sat and promised and agreed that they would not conceal anything about their husbands. The first said, 'My husband resembles the meat of an emaciated camel which is on the top of a mountain, where the way up is neither easy so that it can be climbed nor is the meat fat so that people would bother to transport it.' The second said, 'I do not have enough time to recount everything about my husband. I fear that I would not leave anything out if I mention him, but will mention all his faults, outward and hidden.' The third said, 'My husband is tall and of bad character. If I speak, he will divorce me. If I am silent, am left hanging.' The fourth said, 'My husband is like the night of Tihama, neither hot nor cold. I do not fear him nor am I annoyed with him." The fifth said, 'My husband is like a leopard when he comes in and a lion when he goes out. He does not ask about the state of things.' The sixth said, 'If my husband eats, he eats too much and leaves nothing. If he drinks, he leaves nothing. If he goes to sleep, he wraps himself in his garment apart from me and does not stretch his hands out to see how I am.' The seventh said, 'My husband is heavy in spirit or impotent and utterly stupid. He has every possible fault. He may injure you head or your body or both.' The eighth said, 'My husband has a high position, with a long sword strap (because of his height). He leaves abundant ashes and his house is close to the central gathering.' The tenth said, 'My husband is Malik. What can be said Malik? Malik is better than that. He has camels, most of which are kept in pens while only a few are sent to graze. When they hear the sound of the lute, they are certain that they will be slaughtered.'
"The eleventh said, 'My husband is Abu Zar'. What can be said about Abu Zar'? He has made my ears dangle with jewellery and filled out the flesh of my arms. He has delighted me and made me feel superior. He found me with a people of a few sheep in hardship and placed me in a family of horses and camels, oxen for ploughing and crops. When I speak, he does rebuke me. When I sleep, I sleep until morning. When I drink, I drink my fill.
"'The mother of Abu Zar'. What can be said about Abu Zar'? Her containers are huge and her house is spacious. The son of Abu Zar' What can be said about the son of Abu Zar'? His bed is like a narrow unsheathed sword and the shoulder of a lamb satisfies him. The daughter of Abu Zar'. What can be said about the daughter of Abu Zar'? She obeys her daughter and obeys her mother. She fills out her garment and infuriates her co-wife. The slavegirl of Abu Zar'. She does not gossip about what we say and does not waste our provisions. She does not fill our house with dishonesty."
"She said, 'Abu Zar' went out when butter was being churned and he came across a woman who had two sons like leopards who were below her waist, playing with her breasts. He divorced me and married her. After him I married a noble man who rode a fast, tireless horse and a spear of al-Khatt. He gave me a lot of livestock and gave me a pair of every kind. He said, 'Eat, Umm Zar', and feed your family.' She said, 'If all that he gave were collected, it would not reach the smallest vessel of Abu Zar'.'"
'A'isha said, "The Messenger of Allah, may Allah bless him and grant him peace, said, 'I am to you as Abu Zar' was to Umm Zar'."
2- محمد محسن خان:
Eleven women sat (at a place) and promised and contracted that they would not conceal anything of the news of their husbands. The first one said, "My husband is like the meat of a lean weak camel which is kept on the top of a mountain which is neither easy to climb, nor is the meat fat, so that one might put up with the trouble of fetching it." The second one said, "I shall not relate my husband's news, for I fear that I may not be able to finish his story, for if I describe him, I will mention all his defects and bad traits." The third one said, "My husband is a tall man; if I describe him (and he hears of that) he will divorce me, and if I keep quiet, he will neither divorce me nor treat me as a wife." The fourth one said, "My husband is a moderate person like the night of Tihama which is neither hot nor cold. I am neither afraid of him, nor am I discontented with him." The fifth one said, "My husband, when entering (the house) is a leopard, and when going out, is a lion. He does not ask about whatever is in the house." The sixth one said, "If my husband eats. he eats too much (leaving the dishes empty), and if he drinks he leaves nothing, and if he sleeps he sleeps alone (away from me) covered in garments and does not stretch his hands here and there so as to know how I fare (get along)." The seventh one said, "My husband is a wrong-doer or weak and foolish. All the defects are present in him. He may injure your head or your body or may do both." The eighth one said, "My husband is soft to touch like a rabbit and smells like a Zarnab (a kind of good smelling grass)." The ninth one said, "My husband is a tall generous man wearing a long strap for carrying his sword. His ashes are abundant and his house is near to the people who would easily consult him." The tenth one said, "My husband is Malik, and what is Malik? Malik is greater than whatever I say about him. (He is beyond and above all praises which can come to my mind). Most of his camels are kept at home (ready to be slaughtered for the guests) and only a few are taken to the pastures. When the camels hear the sound of the lute (or the tambourine) they realize that they are going to be slaughtered for the guests." The eleventh one said, "My husband is Abu Zar and what is Abu Zar (i.e., what should I say about him)? He has given me many ornaments and my ears are heavily loaded with them and my arms have become fat (i.e., I have become fat). And he has pleased me, and I have become so happy that I feel proud of myself. He found me with my family who were mere owners of sheep and living in poverty, and brought me to a respected family having horses and camels and threshing and purifying grain . Whatever I say, he does not rebuke or insult me. When I sleep, I sleep till late in the morning, and when I drink water (or milk), I drink my fill. The mother of Abu Zar and what may one say in praise of the mother of Abu Zar? Her saddle bags were always full of provision and her house was spacious. As for the son of Abu Zar, what may one say of the son of Abu Zar? His bed is as narrow as an unsheathed sword and an arm of a kid (of four months) satisfies his hunger. As for the daughter of Abu Zar, she is obedient to her father and to her mother. She has a fat well-built body and that arouses the jealousy of her husband's other wife. As for the (maid) slave girl of Abu Zar, what may one say of the (maid) slavegirl of Abu Zar? She does not uncover our secrets but keeps them, and does not waste our provisions and does not leave the rubbish scattered everywhere in our house." The eleventh lady added, "One day it so happened that Abu Zar went out at the time when the milk was being milked from the animals, and he saw a woman who had two sons like two leopards playing with her two breasts. (On seeing her) he divorced me and married her. Thereafter I married a noble man who used to ride a fast tireless horse and keep a spear in his hand. He gave me many things, and also a pair of every kind of livestock and said, 'Eat (of this), O Um Zar, and give provision to your relatives." She added, "Yet, all those things which my second husband gave me could not fill the smallest utensil of Abu Zar's." 'Aisha then said: Allah's Apostle said to me, "I am to you as Abu Zar was to his wife Um Zar."
3- عبد الحميد صدّيقي:
'A'isha reported that (one day) there sat together eleven women making an explicit promise amongst themselves that they would conceal nothing about their spouses. The first one said: My husband is a sort of the meat of a lean camel placed at the top of a hill, which it is difficult to climb up, nor (the meat) is good enough that one finds in oneself the urge to take it away (from the top of that mountain).
The second one said: My husband (is so bad) that I am afraid I would not be able to describe his faults-both visible and invisible completely.
The third one said: My husband is a long-statured fellow (i. e. he lacks intelligence). If I give vent to my feelings about him, he would divorce me, and if I keep quiet I would be made to live in a state of suspense (neither completely abandoned by him nor entertained as wife).
The fourth one said: My husband is like the night of Tihama (the night of Hijaz and Mecca), neither too cold nor hot, neither there is any fear of him nor grief.
The fifth one said: My husband is (like) a leopard as he enters the house, and behaves like a lion when he gets out, and he does not ask about that which he leaves in the house.
The sixth one said: So far as my husband is concerned, he eats so much that nothing is left back and when he drinks he drinks that no drop is left behind. And when he lies down he wraps his body and does not touch me so that he may know my grief.
The seventh one said: My husband is heavy in spirit, having no brightness in him, impotent, suffering from all kinds of conceivable diseases, heaving such rough manners that he may break my head or wound my body, or may do both.
The eighth one said: My husband is as sweet as the sweet-smelling plant, and as soft as the softness of the hare.
The ninth one said: My husband is the master of a lofty building, long-statured, having heaps of ashes (at his door) and his house is near the meeting place and the inn.
The tenth one said: My husband is Malik, and how fine Malik is, much above appreciation and praise (of mine). He has many folds of his camel, more in number than the pastures for them. When they (the camels) hear the sound of music they become sure that they are going to be slaughtered.
The eleventh one said: My husband is Abu Zara'. How fine Abu Zara' is! He has suspended in my ears heavy ornaments and (fed me liberally) that my sinews and bones are covered with fat. So he made me happy. He found me among the shepherds living in the side of the mountain, and he made me the owner of the horses, camels and lands and heaps of grain and he finds no fault with me. I sleep and get up in the morning (at my own sweet will) and drink to my heart's content. The mother of Abu Zara', how fine is the mother of Abu Zara'! Her bundles are heavily packed (or receptacles in her house are filled to the brim) and the house quite spacious. So far as the son of Abu Zara' is concerned, his bed is as soft as a green palm-stick drawn forth from its bark, or like a sword drawn forth from its scabbard, and whom just an arm of a lamb is enough to satiate. So far as the daughter of Abu Zara' is concerned, how fine is the daughter of Abu Zara', obedient to her father, obedient to her mother, wearing sufficient flesh and a source of jealousy for her co-wife. As for the slave-girl of Abu Zara', how fine is she; she does not disclose our affairs to others (outside the four walls of the house). She does not remove our wheat, or provision, or take it forth, or squander it, but she preserves it faithfully (as a sacred trust). And she does not let the house fill with rubbish. One day Abu Zara' went out (of his house) when the milk was churned in the vessels, that he met a woman, having two children like leopards playing with her pomegranates (chest) under her vest. He divorced me (Umm Zara') and married that woman (whom Abu Zara') met on the way. I (Umm Zara') later on married another person, a chief, who was an expert rider, and a fine archer: he bestowed upon me many gifts and gave me one pair of every kind of animal and said: Umm Zara', make use of everything (you need) and send forth to your parents (but the fact) is that even if I combine all the gifts that he bestowed upon me, they stand no comparison to the least gift of Abu Zara'.
'A'isha reported that Allah's Messenger (may peace be upon him) said to me: I am for you as Abu Zara' was for Umm Zara'.
ثبت المصادر
أولاً: المصادر العربية:
- ابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة، تحقيق: السيد أحمد صقر، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة.
- أحمد البنيان، وإبراهيم البلوي، ترجمة الألفاظ القرآنية بين التوطين والتغريب، مجلة أفشوت، مجلد 7، عدد1، 2003م.
- أحمد بن تيمية، الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح، تحقيق علي بن حسن الألمعي، دار الفضيلة، الرياض، 1424هـ.
- بول فندلي، لا سكوت بعد اليوم: مواجهة الصور المزيفة عن الإسلام في أميركا، شركة المطبوعات للنشر والتوزيع، بيروت، 2001م.
- صلاح عبدالعزيز محجوب إدريس: ترجمة معاني القرآن الكريم في الأدب السرياني المسيحي: تاريخها، ونماذج منها، وتقويمها،مجلة البحوث والدراسات القرآنية، العدد الثالث، السنة الثانية، المحرم 1428هـ، ص 231-269.
- عبد الرحيم القدوائي (ترجمة د. وليد بن بليهش العمري): مقدمة في الاتجاهات المعاصرة في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنكليزية،مجلة البحوث والدراسات القرآنية، العدد الأول، السنة الأولى، المحرم 1427هـ، ص 217-229.
- علي بن إبراهيم النملة، الاستشراق والقرآن الكريم: مقدمة لرصد ورّاقي «ببليوجرافي»، مجلة البحوث والدراسات القرآنية، العدد الثالث، السنة الثانية، المحرم 1428هـ، ص 195-229.
- علي عبدالواحد وافي، اللغة والمجتمع، دار النهضة، القاهرة.
- عبد الغفار حامد هلال، علم اللغة بين القديم والحديث، 1406هـ.
- القاضي عياض، بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، 1395هـ.
- محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري، تحقيق: مصطفى ديب البُغا، دار ابن كثير للطباعة، دمشق، 1414هـ.
- محمد بن عبدالله آل عبد اللطيف، الترجمة بين الشكل والتفسير، مجلة جامعة الملك سعود للغات والترجمة، المجلد 16، 1424هـ، ص 55-100.
- مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
- وليد بن بليهش العمري، ترجمة معاني القرآن الكريم بين الواقع والمأمول: مقارنة كمية ونوعية بين ترجمات معاني القرآن الكريم وترجمات الإنجيل، صدر ضمن «الأبحاث المستكتبة والمحكمة لندوة اللغات والترجمة: الواقع والمأمول»، التي نظمتها كلية اللغات والترجمة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الفترة 1-2 ربيع الأول 1426هـ، ص334-391.
ثانياً: المصادر الأجنبية:
- Abdul-Raof, H. (2001) Qur'an Translation: Discourse, Texture and Exegesis. Curzon: Surrey.
- Ali Shehata (2007), Demystifying Islam: Your Guide to the Most Misunderstood Religion of the 21st Century. Elysium River Press.
- Baker, M. (1992) In Other Words. Routledge: London.
- Baker, M. (1998) “Translation studies”. In M. Baker (ed.) Routledge Encyclopedia of Translation Studies. London: Routledge. Pp. 277-280.
- Barnwell, K. (1975 [2002]) Bible Translation: An Introductory Course in Translation Principles. SIL International: Dallas.
- Bassnett, Susan & André Lefevere (eds.) (1991) Translation, History and Culture. Pinter Publishers Limited: London.
- Bell, R. (1995) Translation and Translating. Longman: Essex.
- Catford, J. C. (1965) A Linguistic Theory of Translation: An Essay in Applied Linguistics. Oxford University Press: Oxford.
- Dickins, J. et al (2002) Thinking Arabic Translation: A Course in Translation: Arabic to English. Routledge: London.
- Gutt, Ernst-August (1991) Translation and Relevance: Cognition and Context. Basil Blackwell: Oxford.
- Gutt, Ernst-August, "Aspects of "Cultural Literacy" Relevant to Bible Translation", in Journal of Translation, 2, no. 1, 2006, p. 4. (online translation journal: http://www.sil.org/siljot)
- Halliday M.AK. and Hassan, R. (1985) Language, context and text: aspects of language in a social-semiotic perspective. Oxford University Press: Oxford.
- Hill, H. (2006) The Bible at Cultural Crossroads: From Translation to Communication. St. Jerome Publishing: Manchester.
- Hirsch, E. D. (1987) Cultural Literacy: What every American should know. Boston.
- Holmes, J. (1998), “The name and nature of translation studies”. In G. Toury (ed.) Translation Across Cultures. New Delhi: Bahri Publications.
- Hudson, R. A. (1980 [1996]) Sociolinguistics. Cambridge University Press: Cambridge.
- Ivir, V. (1998) "Procedures and strategies for the translation of culture". In G. Toury, Translation Across cultures. Bahri Publications: New Delhi.
- Kenny, D. (2001)"Equivalence". In Baker, M. Routledge Encyclopedia of Translation Studies. Routledge: London. Pp. 77-80.
- Kritzeck, J. (1964) Peter the Venerable and Islam. Princeton University Press: Princeton.
- Long L. (2005) Translation and Religion: Holy Untranslatable. Multilingual Matters: Clevedon.
- Martha P. Y. Cheung (2006) An Anthology of Chinese Discourse on Translation. Volume 1: From Earliest Times to the Buddhist Project. St Jerome: Manchester.
- MortezaKarimi-Nia (2006) “Studies on Quran Translation in European Languages: A Bibliography”, Tarjuman-e Wahy, vol. 9, no. 2, Autumn-Winter 2006, issue 18.
- Nida, E (1997) “Translating a Text with a Long and Sensitive Tradition,” Translating Sensitive Texts: Linguistic Aspects. In K. Simms (ed.) Rodopi: Amsterdam.
- Faiq (ed.) (2000), Cultural Encounters in Translating from Arabic. Multilingual Matters: Clevedon.
- Simms, K. (ed.) (1997) Translating Sensitive Texts: Linguistic Aspects. Rodopi: Amsterdam.
- Southern, R. W. (1962) Western Views of Islam in the Middle Ages. Harvard University Press: Harvard.
- Talman, H. "Islam, Once a Hopeless Frontier, Now? Comprehensive Contextualization". In International Journal of frontier Missions, 21:1, Spring 2004.
- Tymoczko, M &Gentzler, E (2002) Translation and Power. University of Massachusetts Press: Massachusetts.