(القرآن الكريم وترجمته في الغرب - 2)

ترجمة البحث
ربما يصاب من يتتبع تاريخ الكتب بشيء من فرط الحساسية نحو الجوانب المادية في هذا التاريخ، وقد يكون هذا ما حصل لي فعلاً عندما طُلب إلىَّ التحدث عن ترجمات القرآن فتبادرت إلى ذهني أسئلة مثل: ما هي الطريقة التي عمل وفقها المترجمون الأوائل؟ وما هي المخطوطات التي كانت متوافرة لديهم؟ وهذه هي الأسئلة التي أتعامل معها في ثنايا هذا البحث عوضاً عن تقويم هذه الترجمة أو تلك. وأما تاريخ ترجمة النص القرآني فهو معروف فقد مرت عدة أعوام منذ أن بدأ مركز دراسات التاريخ والفن والثقافة الإسلامية بإسطنبول (IRCICA، اختصاراً) برنامجه البحثي الطموح الذي نتج عن نشر ببليوجرافيات لترجمات القرآن، صدر منها أول ما صدر عام 1986م ببليوجرافيا الترجمات المطبوعة (6)، تبعتها عام 2000م ببليوجرافيا ترصد الترجمات المخطوطة في خمس وثمانين لغة (7)، ولكنها لم توثِّق الترجمات المخطوطة في اللغات التركية، والفارسية، والأردية، ومن المقرر أن يصدر كتاب مخصص لكل واحدة منها على حدة (8).
وهذا يدلل على مدى سعة الموضوع، حتى عندما نغفل ما أُنتج بعد القرن السابع عشر، ولكن علينا أن نفرِّق بوضوح بين الترجمات المخطوطة التي أصدرت ليقرأها المسلمون غير العرب، وتلك التي أصدرها غير المسلمين، فحتى عصر قريب نسبياً لم تبتعد الفئة الأولى عن النص العربي، وكانت الترجمة مرافقة له بشكل ثانوي، إذ لم تكتب بخط أصغر من النص العربي وحسب، بل واتبعت ترتيب الكلمات نفسه تماماً، فجاءت ترجمة كل كلمة عربية أسفل منها، دون اعتبار لترتيب الجملة في اللغة المترجم إليها (9)، وتُرك الأمر للقارئ ليضع هذه الكلمات في ترتيبها الصحيح. وما يهمنا هنا هو الفئة الثانية وهي محدودة، فأنا أتعامل هنا مع الفترة من العصور الوسطى وحتى بدايات العصر الحديث، كما أحد نطاق بحثي في المخطوطات ولكن لتوضيح التداخل الذي حصل في نهاية هذه الفترة أتحدث عن الترجمات المطبوعة الأولى، كما إنني لا أتطرق لا من قريب ولا من بعيد للترجمات الجزئية التي خرجت في الفترة المبحوثة هنا.

العراقيل أمام انتقال النص القرآني:
لكي تتم الترجمة يجب أن يكون هناك نصاً أصلاً ينقل منه، ولكن فيما يخص القرآن كان من الصعب على غير المسلمين الوصول إلى نسخ منه، وجاءت الموانع من أكثر من جانب. وكما توضح ماري تريرز دا ألفرني (Marie-Thérèse d'Alverny) في دراستها الرائدة لترجمتين لاتينيتين خرجتا في العصور الوسطى فإن: «أعجب الأقاصيص كانت سائدة في العالم المسيحي حول ما يسمى بالسراكيين (10) البرابرة وبخاصة حول نبيهم، وعمل على نشر هذه الأقاصيص أناس غفلوا عن الحقائق التاريخية» (11). فالتوسع السريع للمسلمين في القرن السابع، والصعوبات التي ووجهت في سبيل استعادة الأندلس، شجعت الغربيين على الاعتقاد أن النص الذي ألهم أعداءهم واستمدوا قوتهم منه اشتمل على طلاسم سحرية قوية، وساد هذا الاعتقاد لفترة غير قصيرة، ففي وقت مبكر من القرن العشرين عثر عالم دراسات عربية إسباني على الملاحظة التالية على مخطوط عربي محفوظ في مكتبة جامعة بلنسية: «عثرت أنا، جامي فيراندو على هذا الكتاب في قرية لاقوار (Laguar)، بعد أن خرج الموريسكيون (12) إلى سلسلة الجبال في البيت الذي عاش فيه ميليني الغواداليستي (Millenni of Gaudalest) الملك الذي اختاروا، وبما أنه كُتب بالحرف العربي لم أستطع أن أجد أحداً يقرأه، وأخشى أن يكون قرآن محمد» (13)، ولكنه في حقيقة الأمر كان كتاباً في قواعد اللغة العربية، وللحد من هذا التخوّف أمر الكاردينال سيسنيروس (Cisneros) بحرق المخطوطات العربية بعد أن استولى الأسبان على غرناطة لتسقط بذلك آخر الإمارات الإسلامية في الأندلس (14)، وعدم الثقة هذه لم تكن بأي حال مقصورة على المناطق التي حفلت بمواجهات بين الإسلام والنصرانية، ففي عام 1542م عندما أراد تيودور بوخمان (Theodor Buchmann) الشهير بتيودور ببلياندر (Bibliander) (15) طباعة ترجمة لاتينية للقرآن (16) في مدينة بازل السويسرية أكد المعارضون على المخاطر التي ينطوي عليها القرآن، فقد ساقوا حججهم أمام مجلس المدينة الذي كان موكل إليه أمر تصريح الطباعة، وأكدوا على التطاول على شخص المسيح والإنجيل في القرآن، وقالوا: «إن هناك ترجمات مخطوطة عدة، وما الحاجة في نشرها على نطاق أوسع بطباعة نص قد يتسبب في فضيحة؟» (17) وحتى في أواخر القرن السابع عشر اضطر لودوفيكو مراتشي (Ludovico Marrachi) في تقديمه لترجمته لمناقشة المنع الذي فرضه البابا ألكسندر السابع على نشر النص القرآني (18).
ويظهر من هذا أن النصارى هابوا من أن يمسكوا بأيديهم هذا الكتاب الذي رأوه مزعجاً وحافلاً بالأعاجيب والغرائب، ومن جانبهم وجد المسلمون حرجاً في أن يسمحوا بوقوع نسخ من القرآن في أيدي غير المسلمين. فعادة ما نجد على أغلفة نسخ القرآن أو في الصفحات الأولى الآية (لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (19)، ولكن بما أن هذا النهي لم يكن كافياً في أن لا تقع نسخة من القرآن في أيدٍ معادية، اتخذت السلطات تدابير أخرى لمنع هذا الانتقال، وكانت بعض هذه التدابير ذات طبيعة عامة، فقد كُتبت وثيقة لتنظيم المعاملات التجارية في إسبانيا المسلمة في القرن الثاني عشر تمنع بيع مخطوطات الأعمال العلمية العربية لليهود والنصارى، خشية أن يدَّعوا أنهم هم من قام بتأليفها (20)، وفي النصف الثاني من القرن الثالث عشر، عام 1285م، عقد الحاكم الماريني أبو يوسف يعقوب اتفاقية سلم مع ملك قشطالة (Castile) سانشو السادس (Sancho VI) ونَصَّت مادة في المعاهدة على أن يصادر الملك النصراني أي كتاب عربي يجده في حوزة أتباعه من اليهود والنصارى (21)، وكان القرآن على رأس القائمة، ثم التفاسير القرآنية، وكتب الفقه، وشملت القائمة حتى كتب قواعد اللغة العربية، والأدب، ووفقاً لما ذكره مؤرخ عربي تم تسليم ثلاث عشرة عربة محمَّلة بالمخطوطات عملاً بهذه المعاهدة، مشتملة على نسخ من القرآن.
وبحلول منتصف القرن الخامس عشر، حاول أحد المترجمين - الذين سآتي على ذكر عملهم فيما بعد – الحصول على ترجمة إسبانية للقرآن وأخبره وفده أن هذا الطلب ووجه بشيء من العداء من المسلمين (22)، وفي وقت لاحق، أي في القرن السادس عشر علم الرحالة نيكولاس كلينارد (Nicolas Clénard) في فاس صعوبة حصول نصراني على الأعمال العربية (23).
إذن الحصول على النص الأصل كان صعباً، فالممانعة من كلا الطرفين كانت ظاهرة، فطرف يرفض ولوج المعرفة إليه، وطرف يرفض ولوج الآخر إليها، وفيما يخص العصور الوسطى لا نملك إلا أدلة من تاريخ متأخر عن جهود أولئك الذين حاولوا الحصول على نسخ من النص الأصل، وفي المكتبات الغربية توجد نسخ من القرآن تحمل قرائن حسية على أنها مرت بين أيدٍ غربيَّة في تاريخ مبكر، ولكن خط سيرها التاريخي لا يمكن تتبعه بتفاصيله وإلا أن القرائن الحسية في هذه النسخ تمكننا من تتبع المسالك الرئيسة التي تم تداول هذه النسخ من خلالها رغم العراقيل التي وضعت في طريقها هنا وهناك، فالحرب وما يحيط بها من ممارسات شكَّلت مصدراً لا بأس به لجمَّاعة الأشياء المثيرة للاهتمام، وهم رجال الكنيسة والعلماء، فحملة تشارلز الخامس (Charles V) على تونس عام 1535م كانت فرصة للحصول على عدد من المخطوطات (ويمكننا هنا أن نشير إلى ثلاث منها وهي المخطوطات العربية ذوات الأرقام: 438، و439، و440، في المكتبة الوطنية الفرنسية (Bibliothèque Nationale de France) )، ووقعت هذه المخطوطات بين يدي الكاردينال دي قرانفيل (de Granvelle) قبل أن يستقر بها المقام في باريس (24)، والقتال مع العثمانيين حول فيينا وفي المجر مكَّن كثيراً من الجنود الذي شاركوا في هذه الحملات من الحصول على نسخ من القرآن، ومنها المخطوطة (Laud Or. 246) في المكتبة البوديليَّة (Bodleian Library) بأكسفورد التي حصل عليها عام 1593م مَجَريّ أعطاها لعالم العربية الألماني يعقوب كريستمان (Jacob Cristmann) من مدينة هيدلبرك (25)، وفي هذه المجموعة يمكننا أن نُدخل نسخة مجزَّأة بقيت حتى بداية القرن الماضي بالجامع الأموي في دمشق، تحمل في صفحة من صفحاتها، كلمة لاتينية وحيدة كتبت بخط يعود للعصور الوسطى، وهذا يحدونا للاستنتاج بأن هذه النسخة استرجعها المسلمون بعد أن استولى عليها الصليبيون (26).
والوقوف على النسخ المبيعة أكثرُ صعوبة، وفيما يخص الفترة التي نبحثها هنا لم أعثر على أي مخطوطة يمكن الجزم بأنها مبيعة، لا في إسبانيا ولا في الشرق.
وأخيراً، هناك النَّسْخ، وهي وسيلة شائعة للحصول على المصاحف، ونُسَّاخ أوروبا كُثُر، وأحيانا يتم تكليف المسلمين الآبقين بالنسخ، كما يظهر في المخطوطة العربية ذات الرقم 560، وهي مجموعة من المقتبسات من القرآن، متضمنة ملاحظة تخبرنا أن من قام بالنسخ هو فرانسيس البولوني (Francçis de Boulogne)، وهو: «تركي تسبب في جلْبه إتيين هربرت (Etienne Hurbert) المتوفى عام 1614م أستاذ اللغة العربية في الكلية الملكية (Royal College)، من صفوف حرس الملك، عام 1612م» (27)، ولكن أكثر النسخ كتبت بأيدٍ أوربية، فمن مجموعة المكتبة الوطنية الفرنسية وحدها نجد المخطوطات العربية ذوات الأرقام: 468، و493، و507، وجميعها كتب في القرن السابع عشر، فأولى هذه المخطوطات تحتوي على ترجمة موازية (interlinear) إلى اللغة الفرنسية إضافة إلى النص القرآني (28)، وقام يوحنى الشقوبي (Juan de Segovia) -الذي سنتحدث عنه فيما بعد- بنسخ مصحف وجده عام 1437م في مكتبة ألمانية (29). وأما نشر النص العربي من قبل دار الطباعة باكانينو وباكانينو (Paganino dei Paganino) في البندقية في بداية القرن، كان فاشلاً بكل المقاييس (30) إلى درجة أن هذه الطبعة ظُن أنها خرافية (أي أنها لم توجد أصلاً) لوقت طويل، ولم يكن لها إسهام يذكر في نشر النص القرآني.
وعليه نستنتج أنه رغم العراقيل الموضوعة عمداً في سبيل تداول المخطوطات القرآنية، توافرت نسخ منه قبل القرن السادس عشر، ويدلل على هذا مخطوطتان في المكتبة الوطنية الفرنسية: أولاهما، تحمل الرقم 5935، وتحتوي على جزء من النص القرآني، كتبت في القرن الخامس عشر، وقام صاحبها بتجليدها عن طريق مجلِّد فرنسي كما يبدو من طريقة التجليد (31)؛ والثانية، ذات الرقم 384 (32)، أكثر إثارة للاهتمام، وهي نسخة يبدو أنها نسخت في مصر في القرن الثاني عشر، وعليها تَحْشِيَات كثيرة باللغة اللاتينية التي كانت سائدة في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، وهذا دليل مباشر على الدراسة المُحقِّقة للنص من قبل رجال الدين. وفي عام 1454م، في رسالة موجهة إلى يوحنى الشقوبي، كان نيقولا الأكيس (Nicholas of Cusa) في موضع يؤهله لأن يَدُلّ الأول على ثلاث مكتبات بها نسخ من القرآن، من غير مكتبة بازل التي كانت متاحة ليوحنى الشقوبي في أيتون بسافوي (33).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) I. Binark, H. Eren and E. Ihsanoğlu (eds.), World Bibliography of Translations of the Meaning of the Holy Qur’an, Printed Translations, 1515-1980, Istanbul, IRCICA, 1986.

(7) M. N. Sefercioğlu and E. Ihsanoğlu, World Bibliography of Translations of the Holy Qur’an in Manuscript Form, I, Istanbul, IRCICA, 2000.

(8) هذه لغات إسلامية وتكثر فيها مخطوطات الترجمات (راجع مقدمة الببليوجرافيا لمزيد من المعلومات).

(9) انظر على سبيل المثال العيّنات التي قام بجمعها م. أ. فكرت في فهرس مقتنيات آستانة قدس رضوي بمشهد، وعنوان الفهرس هو:
A Catalogue of the Manuscripts of the Holy Quran in Translation Preserved in the Library of Âstan-i Quds-i Razavi, Mashhad, 1363/1985. Âstân-i Quds Library publications, No. 10.

(10) بينما يُطلق الغربيون اليوم على الفاتحين المسلمين القدامى مسمى Arabs)) أو ”العرب“ إلا أن الأمر لم يكن هكذا في العصور الوسطى المبكّرة (من القرن السادس الميلادي وحتى القرن الثاني عشر الميلادي) إذ كان المسلمون يُعرفون بـ(Saracens)، ويتم الربط بينهم وبين الإسماعيليين – الخالين من سارة، أي الذين ليسوا من نسلها - المذكورين في العهد القديم، والذين كان يُطلق عليهم اسم (Saracens) في أوروبا الغربية منذ القرن الرابع الميلادي، أي قبل فترة طويلة من بعثة محمد ، وهذا التصور الذي يعود إلى عصر ما قبل الإسلام للمسلمين في الفكر الأوروبي الغربي له تأثيرات مهمّة على فهْمنا للعلاقات المسيحية الإسلامية المبكّرة.
لقد قدّم الأدب اللاتيني هذا المفهوم إلى التفكير الغربي المثقف مما أدى إلى تطوّر تشكيلة من الأفكار الغريبة والعدائية عن المسلمين على أنها جديدة، وتم استيعابها ضمن التراث الغربي القديم، حتى أن بعض الأفكار المبكّرة حول المسلمين انتقلت، بشكل غير اعتيادي، من الكتابات اللاتينية المثقفة إلى اللغات الأوربية العامية قبل سَنَوات عديدة من قيام الحملات الصليبية مما أدى إلى تغذية التصور الأوربي العام حول المسلمين الـ (Saracens).
وفي هذا السياق وجدت فكرتان مبكّرتان بشكل خاص تأييداً كبيراً استمر إلى القرن الخامس عشر الميلادي، بل حتى القرن السابع عشر الميلادي، وهما أن المسلمين الـ (Saracens)يعبدون الآلهة فينوس وأنهم يتعمدون إخفاء هويتهم الحقيقية. وكلمة (Saracens) مأخوذة من الكلمة اليونانية ( (sarakenoiالمأخوذة بدورها من كلمة ”الشرقيين“ العربية. (المترجم)

(11) M. Th. d’Alverny, ‘Deux traductions latines du Coran au Moyen-Age’ [ترجمتان لا تينيتان للقرآن في العصور الوسطى], in Archives d’histoire doctrinale et littéraire du Moyen Age (1947–1948), p. 74.

(12) الموريسكيون ((Moors هو الاسم الذي مكان يطلق استهزاءاً على المسلمين في إسبانيا، وهو مأخوذ من الكلمة اللاتينية Mauri التي أطلقها الرومان على ولاية موريتانيا الرومانية، وتلقي هذه المسميات الضوء على خلفية الصراع بين المسلمين والنصارى في تلك العصور. (المترجم).

(13) J. Ribera y Tarrago, ‘Bibliofilos y bibliotecas en la España musulmana’ [جمّاعوا الكتب والمكتبات في إسبانيا المسلمة], in Disertaciones y opusculos, I, p. 228, Madrid, 1928.

(14) Ribera y Tarrago, op. cit., pp. 181–2.

(15) بوخمان بالألمانية وببلياندر باليونانية، ومعناهما الورَّاق، أي المشتغل بصناعة الكتب.

(16) وهي ترجمة روبرت الكيتوني.

(17) H. Bobzin, Der Koran im Zeitalter der Reformation, Studien zur Frühgeschichte der Arabistik und Islamkunde in Europa [القرآن في عصر الإصلاح: دراسة في التاريخ المبكر للدراسات العربية والإسلامية في أوربا], pp. 189–90, Beirut, in Komm. bei F. Steiner Verlag, Stuttgart, 1995. (Beiruter Texte und Studien, 42.).

(18) L. Marracci, Refutatio Alcorani [دحض القرآن], p. 3, Padua, Tip. Seminarii, 1698.

(19) الواقعة: 79 . (المترجم).

(20) E. Lévi-Provençal, Séville musulmane au début du XIIe siècle. Le traité d’Ibn ‘Abdûn sur la vie urbaine et les corps de métier [إشبيلية المسلمة في بداية القرن الثاني عشر: رسالة ابن عبدون في الحياة المدنية والمهن], p. 128, § 206, Paris, G. P. Maisonneuve, 1947.

(21) جاء في كتاب ابن أبي زرع: «روض القرطاس»، وهو مترجم إلى الإسبانية:
Ibn Abî Zar‘, Rawd al-Qirtas, trad. et ann. par A. Huici Miranda, II, p. 681, Valence, J. Nacher, 1964. [Textos medievales, 13.]

(22) D. Cabanelas, ‘Juan de Segovia y el primer Alcoran trilingüe’ [يوحنى الشقوبي ومصحف مبكِّر ثلاثي اللغة], in Al-Andalus, 14, 1949, p. 162.

(23) R. Le Tourneau, ‘Notes sur les lettres latines de Nicolas Clénard relatant son séjour dans le royaume de Fès (1540-1541)’ [تعليقات على الرسائل اللاتينية لنيكولاس كلينارد المتعلقة ببقائه في مملكة فاس (1540-1541م)], Hespéris, 19, 1934, pp. 45–63.

(24) F. Déroche, Catalogue des manuscrits arabes, 2e partie: Manuscrits musulmans I, 2, Les manuscrits du Coran, Du Maghreb à l’Insulinde [فهرس المخطوطات العربية، الجزء الثاني، المخطوطات الإسلامية 1-2، المخطوطات القرآنية، من المغرب وإندونيسيا], pp. 37–8, pl. IX B and XV B, Paris, Bibliothèque Nationale, 1985.

(25) R. Jones, ‘Piracy, war, and the acquisition of Arabic manuscripts in Renaissance Europe’[القرصنة، والحرب، والحصول على المخطوطات العربية إبان النهضة الأوربية], in Manuscripts of the Middle East 2, p. 100 and n. 45, pl. 3, 1987.

(26) لم تنشر.

(27) Déroche, op. cit., p. 102.

(28) Ibid., pp. 149–50.

(29) Cabanelas, op. cit., p. 161.

(30) A. Nuovo, ‘Il Coran arabo ritrovato (Venezia, P. e A. Paganini, tra l’agosto 1537 e l’agosto 1538)’ [إعادة اكتشاف القرآن (البندقية، ب و أ. باكانيني بين شهري أغسطس عام 1537م، وأغسطس 1538م) ], in La Bibliofilia, 89/3, 1987, pp. 237–70; M. Borrmans, ‘Observations à propos de la première édition imprimée du Coran à Venise’ [ملاحظات على طبعة القرآن الأولى في البندقية ], in Quaderni di Studi Arabi, 8, 1990, pp. 3–12.

(31) Déroche, op. cit., pp. 34–5 and pl. XIV A.

(32) Ibid., p. 53 and pl. XVII.

(33) Cabanelas, op. cit., pp. 161–2 and n. 1.
ويذكر هارتموت بوبزن (Bobzin, op. cit., p. 30): ويبدو أنه كان لنيقولا الأكيس اهتمام كبير بالقرآن وبترجمة يوحنى الشقوبي، وعندما سافر إلى القسطنطينية طلب نسخة من ترجمة روبرت الكيتوني وأعطاها يوحنى، وطلب إلى الرهبان الفرنسيسكان الموجودين في البتراء أن يروه المصحف، وترجمت له بعض آيات منه.
وللمزيد عن نيقولا الأكيس انظر:
H. Boockmann, in Deutsche biographische Enzyklopädie, 7, pp. 419–20, 1998.


* مرفق:
سورة الفاتحة من المصحف المطبوع بالبندقية عامي 1537-1538م، وتظهر عليها كتاباتٌ بالحرف اللاتيني (المترجم)
(القرآن الكريم وترجمته في الغرب - 2) ترجمة البحث ربما يصاب من يتتبع تاريخ الكتب بشيء من فرط الحساسية نحو الجوانب المادية في هذا التاريخ، وقد يكون هذا ما حصل لي فعلاً عندما طُلب إلىَّ التحدث عن ترجمات القرآن فتبادرت إلى ذهني أسئلة مثل: ما هي الطريقة التي عمل وفقها المترجمون الأوائل؟ وما هي المخطوطات التي كانت متوافرة لديهم؟ وهذه هي الأسئلة التي أتعامل معها في ثنايا هذا البحث عوضاً عن تقويم هذه الترجمة أو تلك. وأما تاريخ ترجمة النص القرآني فهو معروف فقد مرت عدة أعوام منذ أن بدأ مركز دراسات التاريخ والفن والثقافة الإسلامية بإسطنبول (IRCICA، اختصاراً) برنامجه البحثي الطموح الذي نتج عن نشر ببليوجرافيات لترجمات القرآن، صدر منها أول ما صدر عام 1986م ببليوجرافيا الترجمات المطبوعة (6)، تبعتها عام 2000م ببليوجرافيا ترصد الترجمات المخطوطة في خمس وثمانين لغة (7)، ولكنها لم توثِّق الترجمات المخطوطة في اللغات التركية، والفارسية، والأردية، ومن المقرر أن يصدر كتاب مخصص لكل واحدة منها على حدة (8). وهذا يدلل على مدى سعة الموضوع، حتى عندما نغفل ما أُنتج بعد القرن السابع عشر، ولكن علينا أن نفرِّق بوضوح بين الترجمات المخطوطة التي أصدرت ليقرأها المسلمون غير العرب، وتلك التي أصدرها غير المسلمين، فحتى عصر قريب نسبياً لم تبتعد الفئة الأولى عن النص العربي، وكانت الترجمة مرافقة له بشكل ثانوي، إذ لم تكتب بخط أصغر من النص العربي وحسب، بل واتبعت ترتيب الكلمات نفسه تماماً، فجاءت ترجمة كل كلمة عربية أسفل منها، دون اعتبار لترتيب الجملة في اللغة المترجم إليها (9)، وتُرك الأمر للقارئ ليضع هذه الكلمات في ترتيبها الصحيح. وما يهمنا هنا هو الفئة الثانية وهي محدودة، فأنا أتعامل هنا مع الفترة من العصور الوسطى وحتى بدايات العصر الحديث، كما أحد نطاق بحثي في المخطوطات ولكن لتوضيح التداخل الذي حصل في نهاية هذه الفترة أتحدث عن الترجمات المطبوعة الأولى، كما إنني لا أتطرق لا من قريب ولا من بعيد للترجمات الجزئية التي خرجت في الفترة المبحوثة هنا. العراقيل أمام انتقال النص القرآني: لكي تتم الترجمة يجب أن يكون هناك نصاً أصلاً ينقل منه، ولكن فيما يخص القرآن كان من الصعب على غير المسلمين الوصول إلى نسخ منه، وجاءت الموانع من أكثر من جانب. وكما توضح ماري تريرز دا ألفرني (Marie-Thérèse d'Alverny) في دراستها الرائدة لترجمتين لاتينيتين خرجتا في العصور الوسطى فإن: «أعجب الأقاصيص كانت سائدة في العالم المسيحي حول ما يسمى بالسراكيين (10) البرابرة وبخاصة حول نبيهم، وعمل على نشر هذه الأقاصيص أناس غفلوا عن الحقائق التاريخية» (11). فالتوسع السريع للمسلمين في القرن السابع، والصعوبات التي ووجهت في سبيل استعادة الأندلس، شجعت الغربيين على الاعتقاد أن النص الذي ألهم أعداءهم واستمدوا قوتهم منه اشتمل على طلاسم سحرية قوية، وساد هذا الاعتقاد لفترة غير قصيرة، ففي وقت مبكر من القرن العشرين عثر عالم دراسات عربية إسباني على الملاحظة التالية على مخطوط عربي محفوظ في مكتبة جامعة بلنسية: «عثرت أنا، جامي فيراندو على هذا الكتاب في قرية لاقوار (Laguar)، بعد أن خرج الموريسكيون (12) إلى سلسلة الجبال في البيت الذي عاش فيه ميليني الغواداليستي (Millenni of Gaudalest) الملك الذي اختاروا، وبما أنه كُتب بالحرف العربي لم أستطع أن أجد أحداً يقرأه، وأخشى أن يكون قرآن محمد» (13)، ولكنه في حقيقة الأمر كان كتاباً في قواعد اللغة العربية، وللحد من هذا التخوّف أمر الكاردينال سيسنيروس (Cisneros) بحرق المخطوطات العربية بعد أن استولى الأسبان على غرناطة لتسقط بذلك آخر الإمارات الإسلامية في الأندلس (14)، وعدم الثقة هذه لم تكن بأي حال مقصورة على المناطق التي حفلت بمواجهات بين الإسلام والنصرانية، ففي عام 1542م عندما أراد تيودور بوخمان (Theodor Buchmann) الشهير بتيودور ببلياندر (Bibliander) (15) طباعة ترجمة لاتينية للقرآن (16) في مدينة بازل السويسرية أكد المعارضون على المخاطر التي ينطوي عليها القرآن، فقد ساقوا حججهم أمام مجلس المدينة الذي كان موكل إليه أمر تصريح الطباعة، وأكدوا على التطاول على شخص المسيح والإنجيل في القرآن، وقالوا: «إن هناك ترجمات مخطوطة عدة، وما الحاجة في نشرها على نطاق أوسع بطباعة نص قد يتسبب في فضيحة؟» (17) وحتى في أواخر القرن السابع عشر اضطر لودوفيكو مراتشي (Ludovico Marrachi) في تقديمه لترجمته لمناقشة المنع الذي فرضه البابا ألكسندر السابع على نشر النص القرآني (18). ويظهر من هذا أن النصارى هابوا من أن يمسكوا بأيديهم هذا الكتاب الذي رأوه مزعجاً وحافلاً بالأعاجيب والغرائب، ومن جانبهم وجد المسلمون حرجاً في أن يسمحوا بوقوع نسخ من القرآن في أيدي غير المسلمين. فعادة ما نجد على أغلفة نسخ القرآن أو في الصفحات الأولى الآية (لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (19)، ولكن بما أن هذا النهي لم يكن كافياً في أن لا تقع نسخة من القرآن في أيدٍ معادية، اتخذت السلطات تدابير أخرى لمنع هذا الانتقال، وكانت بعض هذه التدابير ذات طبيعة عامة، فقد كُتبت وثيقة لتنظيم المعاملات التجارية في إسبانيا المسلمة في القرن الثاني عشر تمنع بيع مخطوطات الأعمال العلمية العربية لليهود والنصارى، خشية أن يدَّعوا أنهم هم من قام بتأليفها (20)، وفي النصف الثاني من القرن الثالث عشر، عام 1285م، عقد الحاكم الماريني أبو يوسف يعقوب اتفاقية سلم مع ملك قشطالة (Castile) سانشو السادس (Sancho VI) ونَصَّت مادة في المعاهدة على أن يصادر الملك النصراني أي كتاب عربي يجده في حوزة أتباعه من اليهود والنصارى (21)، وكان القرآن على رأس القائمة، ثم التفاسير القرآنية، وكتب الفقه، وشملت القائمة حتى كتب قواعد اللغة العربية، والأدب، ووفقاً لما ذكره مؤرخ عربي تم تسليم ثلاث عشرة عربة محمَّلة بالمخطوطات عملاً بهذه المعاهدة، مشتملة على نسخ من القرآن. وبحلول منتصف القرن الخامس عشر، حاول أحد المترجمين - الذين سآتي على ذكر عملهم فيما بعد – الحصول على ترجمة إسبانية للقرآن وأخبره وفده أن هذا الطلب ووجه بشيء من العداء من المسلمين (22)، وفي وقت لاحق، أي في القرن السادس عشر علم الرحالة نيكولاس كلينارد (Nicolas Clénard) في فاس صعوبة حصول نصراني على الأعمال العربية (23). إذن الحصول على النص الأصل كان صعباً، فالممانعة من كلا الطرفين كانت ظاهرة، فطرف يرفض ولوج المعرفة إليه، وطرف يرفض ولوج الآخر إليها، وفيما يخص العصور الوسطى لا نملك إلا أدلة من تاريخ متأخر عن جهود أولئك الذين حاولوا الحصول على نسخ من النص الأصل، وفي المكتبات الغربية توجد نسخ من القرآن تحمل قرائن حسية على أنها مرت بين أيدٍ غربيَّة في تاريخ مبكر، ولكن خط سيرها التاريخي لا يمكن تتبعه بتفاصيله وإلا أن القرائن الحسية في هذه النسخ تمكننا من تتبع المسالك الرئيسة التي تم تداول هذه النسخ من خلالها رغم العراقيل التي وضعت في طريقها هنا وهناك، فالحرب وما يحيط بها من ممارسات شكَّلت مصدراً لا بأس به لجمَّاعة الأشياء المثيرة للاهتمام، وهم رجال الكنيسة والعلماء، فحملة تشارلز الخامس (Charles V) على تونس عام 1535م كانت فرصة للحصول على عدد من المخطوطات (ويمكننا هنا أن نشير إلى ثلاث منها وهي المخطوطات العربية ذوات الأرقام: 438، و439، و440، في المكتبة الوطنية الفرنسية (Bibliothèque Nationale de France) )، ووقعت هذه المخطوطات بين يدي الكاردينال دي قرانفيل (de Granvelle) قبل أن يستقر بها المقام في باريس (24)، والقتال مع العثمانيين حول فيينا وفي المجر مكَّن كثيراً من الجنود الذي شاركوا في هذه الحملات من الحصول على نسخ من القرآن، ومنها المخطوطة (Laud Or. 246) في المكتبة البوديليَّة (Bodleian Library) بأكسفورد التي حصل عليها عام 1593م مَجَريّ أعطاها لعالم العربية الألماني يعقوب كريستمان (Jacob Cristmann) من مدينة هيدلبرك (25)، وفي هذه المجموعة يمكننا أن نُدخل نسخة مجزَّأة بقيت حتى بداية القرن الماضي بالجامع الأموي في دمشق، تحمل في صفحة من صفحاتها، كلمة لاتينية وحيدة كتبت بخط يعود للعصور الوسطى، وهذا يحدونا للاستنتاج بأن هذه النسخة استرجعها المسلمون بعد أن استولى عليها الصليبيون (26). والوقوف على النسخ المبيعة أكثرُ صعوبة، وفيما يخص الفترة التي نبحثها هنا لم أعثر على أي مخطوطة يمكن الجزم بأنها مبيعة، لا في إسبانيا ولا في الشرق. وأخيراً، هناك النَّسْخ، وهي وسيلة شائعة للحصول على المصاحف، ونُسَّاخ أوروبا كُثُر، وأحيانا يتم تكليف المسلمين الآبقين بالنسخ، كما يظهر في المخطوطة العربية ذات الرقم 560، وهي مجموعة من المقتبسات من القرآن، متضمنة ملاحظة تخبرنا أن من قام بالنسخ هو فرانسيس البولوني (Francçis de Boulogne)، وهو: «تركي تسبب في جلْبه إتيين هربرت (Etienne Hurbert) المتوفى عام 1614م أستاذ اللغة العربية في الكلية الملكية (Royal College)، من صفوف حرس الملك، عام 1612م» (27)، ولكن أكثر النسخ كتبت بأيدٍ أوربية، فمن مجموعة المكتبة الوطنية الفرنسية وحدها نجد المخطوطات العربية ذوات الأرقام: 468، و493، و507، وجميعها كتب في القرن السابع عشر، فأولى هذه المخطوطات تحتوي على ترجمة موازية (interlinear) إلى اللغة الفرنسية إضافة إلى النص القرآني (28)، وقام يوحنى الشقوبي (Juan de Segovia) -الذي سنتحدث عنه فيما بعد- بنسخ مصحف وجده عام 1437م في مكتبة ألمانية (29). وأما نشر النص العربي من قبل دار الطباعة باكانينو وباكانينو (Paganino dei Paganino) في البندقية في بداية القرن، كان فاشلاً بكل المقاييس (30) إلى درجة أن هذه الطبعة ظُن أنها خرافية (أي أنها لم توجد أصلاً) لوقت طويل، ولم يكن لها إسهام يذكر في نشر النص القرآني. وعليه نستنتج أنه رغم العراقيل الموضوعة عمداً في سبيل تداول المخطوطات القرآنية، توافرت نسخ منه قبل القرن السادس عشر، ويدلل على هذا مخطوطتان في المكتبة الوطنية الفرنسية: أولاهما، تحمل الرقم 5935، وتحتوي على جزء من النص القرآني، كتبت في القرن الخامس عشر، وقام صاحبها بتجليدها عن طريق مجلِّد فرنسي كما يبدو من طريقة التجليد (31)؛ والثانية، ذات الرقم 384 (32)، أكثر إثارة للاهتمام، وهي نسخة يبدو أنها نسخت في مصر في القرن الثاني عشر، وعليها تَحْشِيَات كثيرة باللغة اللاتينية التي كانت سائدة في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، وهذا دليل مباشر على الدراسة المُحقِّقة للنص من قبل رجال الدين. وفي عام 1454م، في رسالة موجهة إلى يوحنى الشقوبي، كان نيقولا الأكيس (Nicholas of Cusa) في موضع يؤهله لأن يَدُلّ الأول على ثلاث مكتبات بها نسخ من القرآن، من غير مكتبة بازل التي كانت متاحة ليوحنى الشقوبي في أيتون بسافوي (33). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (6) I. Binark, H. Eren and E. Ihsanoğlu (eds.), World Bibliography of Translations of the Meaning of the Holy Qur’an, Printed Translations, 1515-1980, Istanbul, IRCICA, 1986. (7) M. N. Sefercioğlu and E. Ihsanoğlu, World Bibliography of Translations of the Holy Qur’an in Manuscript Form, I, Istanbul, IRCICA, 2000. (8) هذه لغات إسلامية وتكثر فيها مخطوطات الترجمات (راجع مقدمة الببليوجرافيا لمزيد من المعلومات). (9) انظر على سبيل المثال العيّنات التي قام بجمعها م. أ. فكرت في فهرس مقتنيات آستانة قدس رضوي بمشهد، وعنوان الفهرس هو: A Catalogue of the Manuscripts of the Holy Quran in Translation Preserved in the Library of Âstan-i Quds-i Razavi, Mashhad, 1363/1985. Âstân-i Quds Library publications, No. 10. (10) بينما يُطلق الغربيون اليوم على الفاتحين المسلمين القدامى مسمى Arabs)) أو ”العرب“ إلا أن الأمر لم يكن هكذا في العصور الوسطى المبكّرة (من القرن السادس الميلادي وحتى القرن الثاني عشر الميلادي) إذ كان المسلمون يُعرفون بـ(Saracens)، ويتم الربط بينهم وبين الإسماعيليين – الخالين من سارة، أي الذين ليسوا من نسلها - المذكورين في العهد القديم، والذين كان يُطلق عليهم اسم (Saracens) في أوروبا الغربية منذ القرن الرابع الميلادي، أي قبل فترة طويلة من بعثة محمد ، وهذا التصور الذي يعود إلى عصر ما قبل الإسلام للمسلمين في الفكر الأوروبي الغربي له تأثيرات مهمّة على فهْمنا للعلاقات المسيحية الإسلامية المبكّرة. لقد قدّم الأدب اللاتيني هذا المفهوم إلى التفكير الغربي المثقف مما أدى إلى تطوّر تشكيلة من الأفكار الغريبة والعدائية عن المسلمين على أنها جديدة، وتم استيعابها ضمن التراث الغربي القديم، حتى أن بعض الأفكار المبكّرة حول المسلمين انتقلت، بشكل غير اعتيادي، من الكتابات اللاتينية المثقفة إلى اللغات الأوربية العامية قبل سَنَوات عديدة من قيام الحملات الصليبية مما أدى إلى تغذية التصور الأوربي العام حول المسلمين الـ (Saracens). وفي هذا السياق وجدت فكرتان مبكّرتان بشكل خاص تأييداً كبيراً استمر إلى القرن الخامس عشر الميلادي، بل حتى القرن السابع عشر الميلادي، وهما أن المسلمين الـ (Saracens)يعبدون الآلهة فينوس وأنهم يتعمدون إخفاء هويتهم الحقيقية. وكلمة (Saracens) مأخوذة من الكلمة اليونانية ( (sarakenoiالمأخوذة بدورها من كلمة ”الشرقيين“ العربية. (المترجم) (11) M. Th. d’Alverny, ‘Deux traductions latines du Coran au Moyen-Age’ [ترجمتان لا تينيتان للقرآن في العصور الوسطى], in Archives d’histoire doctrinale et littéraire du Moyen Age (1947–1948), p. 74. (12) الموريسكيون ((Moors هو الاسم الذي مكان يطلق استهزاءاً على المسلمين في إسبانيا، وهو مأخوذ من الكلمة اللاتينية Mauri التي أطلقها الرومان على ولاية موريتانيا الرومانية، وتلقي هذه المسميات الضوء على خلفية الصراع بين المسلمين والنصارى في تلك العصور. (المترجم). (13) J. Ribera y Tarrago, ‘Bibliofilos y bibliotecas en la España musulmana’ [جمّاعوا الكتب والمكتبات في إسبانيا المسلمة], in Disertaciones y opusculos, I, p. 228, Madrid, 1928. (14) Ribera y Tarrago, op. cit., pp. 181–2. (15) بوخمان بالألمانية وببلياندر باليونانية، ومعناهما الورَّاق، أي المشتغل بصناعة الكتب. (16) وهي ترجمة روبرت الكيتوني. (17) H. Bobzin, Der Koran im Zeitalter der Reformation, Studien zur Frühgeschichte der Arabistik und Islamkunde in Europa [القرآن في عصر الإصلاح: دراسة في التاريخ المبكر للدراسات العربية والإسلامية في أوربا], pp. 189–90, Beirut, in Komm. bei F. Steiner Verlag, Stuttgart, 1995. (Beiruter Texte und Studien, 42.). (18) L. Marracci, Refutatio Alcorani [دحض القرآن], p. 3, Padua, Tip. Seminarii, 1698. (19) الواقعة: 79 . (المترجم). (20) E. Lévi-Provençal, Séville musulmane au début du XIIe siècle. Le traité d’Ibn ‘Abdûn sur la vie urbaine et les corps de métier [إشبيلية المسلمة في بداية القرن الثاني عشر: رسالة ابن عبدون في الحياة المدنية والمهن], p. 128, § 206, Paris, G. P. Maisonneuve, 1947. (21) جاء في كتاب ابن أبي زرع: «روض القرطاس»، وهو مترجم إلى الإسبانية: Ibn Abî Zar‘, Rawd al-Qirtas, trad. et ann. par A. Huici Miranda, II, p. 681, Valence, J. Nacher, 1964. [Textos medievales, 13.] (22) D. Cabanelas, ‘Juan de Segovia y el primer Alcoran trilingüe’ [يوحنى الشقوبي ومصحف مبكِّر ثلاثي اللغة], in Al-Andalus, 14, 1949, p. 162. (23) R. Le Tourneau, ‘Notes sur les lettres latines de Nicolas Clénard relatant son séjour dans le royaume de Fès (1540-1541)’ [تعليقات على الرسائل اللاتينية لنيكولاس كلينارد المتعلقة ببقائه في مملكة فاس (1540-1541م)], Hespéris, 19, 1934, pp. 45–63. (24) F. Déroche, Catalogue des manuscrits arabes, 2e partie: Manuscrits musulmans I, 2, Les manuscrits du Coran, Du Maghreb à l’Insulinde [فهرس المخطوطات العربية، الجزء الثاني، المخطوطات الإسلامية 1-2، المخطوطات القرآنية، من المغرب وإندونيسيا], pp. 37–8, pl. IX B and XV B, Paris, Bibliothèque Nationale, 1985. (25) R. Jones, ‘Piracy, war, and the acquisition of Arabic manuscripts in Renaissance Europe’[القرصنة، والحرب، والحصول على المخطوطات العربية إبان النهضة الأوربية], in Manuscripts of the Middle East 2, p. 100 and n. 45, pl. 3, 1987. (26) لم تنشر. (27) Déroche, op. cit., p. 102. (28) Ibid., pp. 149–50. (29) Cabanelas, op. cit., p. 161. (30) A. Nuovo, ‘Il Coran arabo ritrovato (Venezia, P. e A. Paganini, tra l’agosto 1537 e l’agosto 1538)’ [إعادة اكتشاف القرآن (البندقية، ب و أ. باكانيني بين شهري أغسطس عام 1537م، وأغسطس 1538م) ], in La Bibliofilia, 89/3, 1987, pp. 237–70; M. Borrmans, ‘Observations à propos de la première édition imprimée du Coran à Venise’ [ملاحظات على طبعة القرآن الأولى في البندقية ], in Quaderni di Studi Arabi, 8, 1990, pp. 3–12. (31) Déroche, op. cit., pp. 34–5 and pl. XIV A. (32) Ibid., p. 53 and pl. XVII. (33) Cabanelas, op. cit., pp. 161–2 and n. 1. ويذكر هارتموت بوبزن (Bobzin, op. cit., p. 30): ويبدو أنه كان لنيقولا الأكيس اهتمام كبير بالقرآن وبترجمة يوحنى الشقوبي، وعندما سافر إلى القسطنطينية طلب نسخة من ترجمة روبرت الكيتوني وأعطاها يوحنى، وطلب إلى الرهبان الفرنسيسكان الموجودين في البتراء أن يروه المصحف، وترجمت له بعض آيات منه. وللمزيد عن نيقولا الأكيس انظر: H. Boockmann, in Deutsche biographische Enzyklopädie, 7, pp. 419–20, 1998. * مرفق: سورة الفاتحة من المصحف المطبوع بالبندقية عامي 1537-1538م، وتظهر عليها كتاباتٌ بالحرف اللاتيني (المترجم)
2
0