إرسال نسخ مصحف الإمام مع صحابي يقرئ كل قٌطر *
قال الزّركشي رحمه الله: "قال أبو عمرو الداني في المقنع: أكثر العلماء على أن عثمان لما كتب المصاحف جعله على أربع نسخ، وبعث إلى كلّ ناحية واحداً، الكوفة، والبصرة، والشام، وترك واحداً عنده، وقد قيل: أنه جعله سبع نسخ وزاد إلى مكة وإلى اليمن وإلى البحرين، قال: والأول أصح وعليه الأئمة)[1].
ويقول الإمام السيوطي رحمه الله اُختُلف في عدة المصاحف التي أَرسلَ بها عثمان إلى الآفاق، المشهور أنها خمسة وأخرج ابن أبي داود من طريق حمزة الزيات قال: أرسلَ عثمان أربعة مصاحف، قال أبو داود: وسمعت أبا حاتم السّجستاني يقول: كتب سبعة مصاحف فأرسل إلى مكّة، والشّام، وإلى اليمن، وإلى البحرين، وإلى البصرة، وإلى الكوفة، وحبس بالمدنية واحداً[2].
وكانت كلّها مكتوبة على الورق (الكاغد) إلاّ المصحف الذي خصّ به نفسه فقد قيل: إنه على رق الغزال[3].
والمصاحف المدنية والمكية تسمي بالمصاحف الحجازية عند أهل الرسم، والكوفي والبصري هما المرادان بالمصاحف العراقية عند أهل الرسم أيضاً، والخامس هو المصحف الشامي[4]، وإذا كان هو أصلََُ لكل هذه المصاحف - أي الإمام - فيجب القول بأنه لا اختلاف بينها لأنه الحكم وأنها صورة لنسخة واحدة، ويكون "الإمام" هو المرجع الأول في الدولة، ترجع إليه كل المصاحف وهو الحاكم عليها[5].
ولم يكتف سيدنا عثمان رضي الله عنه بإرسال المصاحف إلى الأمصار، وإنما بعث مع كل مصحف واحداً من الصحابة يقرئ من أرسل إليهم المصحف، وغالباً ما كانت قراءة هذا الصحابي توافق ما كتب به المصحف، فأمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمدني، وبعث عبد الله بن السائب مع المكي، والمغيرة بن شهاب مع الشامي، وأبا عبد الرحمن السلمي مع الكوفي، وعامر بن عبد القيس مع البصري، وهذا يرجح الرواية التي تنص على أن النسخ كانت خمسة لا سبعة[6].
وبهذا يُعرف كيفية انتشار هذه المصاحف لأن الاعتماد في نقل القرآن على التلقي من صدور الرجال ثقةً عن ثقةٍ وإماماً عن إمام إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك اختار عثمان حفاظاً يثق بهم وانفذهم إلى الأقطار الإسلامية واعتبر هذه المصاحف أصولاً ثواني - ثانوي- مبالغة في الأمر، وتوثيقاً للقرآن ولجمع كلمة المسلمين فكان يرسل إلى كل إقليم مصحفه مع من يوافق قراءته في أكثر الأغلب [7].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* بتصرف يسير من "فضل القرآن الكريم ومراحل تدوينه" لأبي سليمان المختار بن العربي مؤمن (https://www.alukah.net/sharia/0/57264/#ixzz6amMa32tR).
[1] البرهان في علوم القرآن بدرالدين محمد بن عبد الله الزركشي ت 794هـ، 1/334(دار المعرفة، بيروت، ط3-1415هـ).
[2] الإتقان جلال الدين السيوطي ت 911ه (1/132) (الكتب العلمية - بيروت ط 1415.3هـ).
[3] سمير الطالبين على محمد الضباع ص 16.
[4] جامع البيان في معرفة رسم القرآن على إسماعيل السيد هنداوي ص21 (دار الفرقان -الرياض، 1410هـ).
[5] المعجزة الكبرى محمد أبوزهرة ص30.
[6] رسم المصحف وضبطه الدكتور شعبان محمد إسماعيل ص19 (دار الثقافة - قطر، ط 1412.1هـ).
[7] مناهل العرفان للزرقاني (1/ 330).
قال الزّركشي رحمه الله: "قال أبو عمرو الداني في المقنع: أكثر العلماء على أن عثمان لما كتب المصاحف جعله على أربع نسخ، وبعث إلى كلّ ناحية واحداً، الكوفة، والبصرة، والشام، وترك واحداً عنده، وقد قيل: أنه جعله سبع نسخ وزاد إلى مكة وإلى اليمن وإلى البحرين، قال: والأول أصح وعليه الأئمة)[1].
ويقول الإمام السيوطي رحمه الله اُختُلف في عدة المصاحف التي أَرسلَ بها عثمان إلى الآفاق، المشهور أنها خمسة وأخرج ابن أبي داود من طريق حمزة الزيات قال: أرسلَ عثمان أربعة مصاحف، قال أبو داود: وسمعت أبا حاتم السّجستاني يقول: كتب سبعة مصاحف فأرسل إلى مكّة، والشّام، وإلى اليمن، وإلى البحرين، وإلى البصرة، وإلى الكوفة، وحبس بالمدنية واحداً[2].
وكانت كلّها مكتوبة على الورق (الكاغد) إلاّ المصحف الذي خصّ به نفسه فقد قيل: إنه على رق الغزال[3].
والمصاحف المدنية والمكية تسمي بالمصاحف الحجازية عند أهل الرسم، والكوفي والبصري هما المرادان بالمصاحف العراقية عند أهل الرسم أيضاً، والخامس هو المصحف الشامي[4]، وإذا كان هو أصلََُ لكل هذه المصاحف - أي الإمام - فيجب القول بأنه لا اختلاف بينها لأنه الحكم وأنها صورة لنسخة واحدة، ويكون "الإمام" هو المرجع الأول في الدولة، ترجع إليه كل المصاحف وهو الحاكم عليها[5].
ولم يكتف سيدنا عثمان رضي الله عنه بإرسال المصاحف إلى الأمصار، وإنما بعث مع كل مصحف واحداً من الصحابة يقرئ من أرسل إليهم المصحف، وغالباً ما كانت قراءة هذا الصحابي توافق ما كتب به المصحف، فأمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمدني، وبعث عبد الله بن السائب مع المكي، والمغيرة بن شهاب مع الشامي، وأبا عبد الرحمن السلمي مع الكوفي، وعامر بن عبد القيس مع البصري، وهذا يرجح الرواية التي تنص على أن النسخ كانت خمسة لا سبعة[6].
وبهذا يُعرف كيفية انتشار هذه المصاحف لأن الاعتماد في نقل القرآن على التلقي من صدور الرجال ثقةً عن ثقةٍ وإماماً عن إمام إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك اختار عثمان حفاظاً يثق بهم وانفذهم إلى الأقطار الإسلامية واعتبر هذه المصاحف أصولاً ثواني - ثانوي- مبالغة في الأمر، وتوثيقاً للقرآن ولجمع كلمة المسلمين فكان يرسل إلى كل إقليم مصحفه مع من يوافق قراءته في أكثر الأغلب [7].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* بتصرف يسير من "فضل القرآن الكريم ومراحل تدوينه" لأبي سليمان المختار بن العربي مؤمن (https://www.alukah.net/sharia/0/57264/#ixzz6amMa32tR).
[1] البرهان في علوم القرآن بدرالدين محمد بن عبد الله الزركشي ت 794هـ، 1/334(دار المعرفة، بيروت، ط3-1415هـ).
[2] الإتقان جلال الدين السيوطي ت 911ه (1/132) (الكتب العلمية - بيروت ط 1415.3هـ).
[3] سمير الطالبين على محمد الضباع ص 16.
[4] جامع البيان في معرفة رسم القرآن على إسماعيل السيد هنداوي ص21 (دار الفرقان -الرياض، 1410هـ).
[5] المعجزة الكبرى محمد أبوزهرة ص30.
[6] رسم المصحف وضبطه الدكتور شعبان محمد إسماعيل ص19 (دار الثقافة - قطر، ط 1412.1هـ).
[7] مناهل العرفان للزرقاني (1/ 330).
إرسال نسخ مصحف الإمام مع صحابي يقرئ كل قٌطر *
قال الزّركشي رحمه الله: "قال أبو عمرو الداني في المقنع: أكثر العلماء على أن عثمان لما كتب المصاحف جعله على أربع نسخ، وبعث إلى كلّ ناحية واحداً، الكوفة، والبصرة، والشام، وترك واحداً عنده، وقد قيل: أنه جعله سبع نسخ وزاد إلى مكة وإلى اليمن وإلى البحرين، قال: والأول أصح وعليه الأئمة)[1].
ويقول الإمام السيوطي رحمه الله اُختُلف في عدة المصاحف التي أَرسلَ بها عثمان إلى الآفاق، المشهور أنها خمسة وأخرج ابن أبي داود من طريق حمزة الزيات قال: أرسلَ عثمان أربعة مصاحف، قال أبو داود: وسمعت أبا حاتم السّجستاني يقول: كتب سبعة مصاحف فأرسل إلى مكّة، والشّام، وإلى اليمن، وإلى البحرين، وإلى البصرة، وإلى الكوفة، وحبس بالمدنية واحداً[2].
وكانت كلّها مكتوبة على الورق (الكاغد) إلاّ المصحف الذي خصّ به نفسه فقد قيل: إنه على رق الغزال[3].
والمصاحف المدنية والمكية تسمي بالمصاحف الحجازية عند أهل الرسم، والكوفي والبصري هما المرادان بالمصاحف العراقية عند أهل الرسم أيضاً، والخامس هو المصحف الشامي[4]، وإذا كان هو أصلََُ لكل هذه المصاحف - أي الإمام - فيجب القول بأنه لا اختلاف بينها لأنه الحكم وأنها صورة لنسخة واحدة، ويكون "الإمام" هو المرجع الأول في الدولة، ترجع إليه كل المصاحف وهو الحاكم عليها[5].
ولم يكتف سيدنا عثمان رضي الله عنه بإرسال المصاحف إلى الأمصار، وإنما بعث مع كل مصحف واحداً من الصحابة يقرئ من أرسل إليهم المصحف، وغالباً ما كانت قراءة هذا الصحابي توافق ما كتب به المصحف، فأمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمدني، وبعث عبد الله بن السائب مع المكي، والمغيرة بن شهاب مع الشامي، وأبا عبد الرحمن السلمي مع الكوفي، وعامر بن عبد القيس مع البصري، وهذا يرجح الرواية التي تنص على أن النسخ كانت خمسة لا سبعة[6].
وبهذا يُعرف كيفية انتشار هذه المصاحف لأن الاعتماد في نقل القرآن على التلقي من صدور الرجال ثقةً عن ثقةٍ وإماماً عن إمام إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك اختار عثمان حفاظاً يثق بهم وانفذهم إلى الأقطار الإسلامية واعتبر هذه المصاحف أصولاً ثواني - ثانوي- مبالغة في الأمر، وتوثيقاً للقرآن ولجمع كلمة المسلمين فكان يرسل إلى كل إقليم مصحفه مع من يوافق قراءته في أكثر الأغلب [7].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* بتصرف يسير من "فضل القرآن الكريم ومراحل تدوينه" لأبي سليمان المختار بن العربي مؤمن (https://www.alukah.net/sharia/0/57264/#ixzz6amMa32tR).
[1] البرهان في علوم القرآن بدرالدين محمد بن عبد الله الزركشي ت 794هـ، 1/334(دار المعرفة، بيروت، ط3-1415هـ).
[2] الإتقان جلال الدين السيوطي ت 911ه (1/132) (الكتب العلمية - بيروت ط 1415.3هـ).
[3] سمير الطالبين على محمد الضباع ص 16.
[4] جامع البيان في معرفة رسم القرآن على إسماعيل السيد هنداوي ص21 (دار الفرقان -الرياض، 1410هـ).
[5] المعجزة الكبرى محمد أبوزهرة ص30.
[6] رسم المصحف وضبطه الدكتور شعبان محمد إسماعيل ص19 (دار الثقافة - قطر، ط 1412.1هـ).
[7] مناهل العرفان للزرقاني (1/ 330).