بسم الله الرحمن الرحيم

قائم وحصيد

تتفاوت القرى التي قص الله خبرها على نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، بين قرى ما زالت قائمة في عهده، وبين أخرى درس أثرها، وتهاوى بنيانها.
قال تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ۝ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ۝ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ۝ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ۝ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ﴾ [هود: 100- 104].

"قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: هذا القصص الذي ذكرناه لكَ في هذه السورة، والنبأ الذي أنبأناكه فيها، من أخبار القرى التي أهلكنا أهلها بكفرهم بالله، وتكذيبهم رسله (نقصه عليك) فنخبرك به.
(منها قائم)، يقول: منها قائم بنيانه، بائدٌ أهله هالك، ومنها قائم بنيانه عامر، ومنها حصيدٌ بنيانه، خرابٌ متداعٍ، قد تعفى أثرُه دارسٌ.
من قولهم: (زرع حصيد)، إذا كان قد استؤصل قطعه، وإنما هو محصود؛ ولكنه صرف إلى فعيل، كما قد بينا في نظائره. (1) "

وفي كل من القرى القائمة، والدارسة حكمة، وعبرة.
فالقائمة منها: تخبرهم: أين ساكنوها؟ وماذا حل بهم؟
والدارسة: تحذرهم: هل هم في مأمن من أيكون مصيرهم كمصيرهم؟
لعل ذلك يؤتي أكله في اعتبار القوم الكافرين، واتعاظ المكذبين بالأنبياء والمرسلين.

_____________________

(1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 15/ 470، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م
بسم الله الرحمن الرحيم قائم وحصيد تتفاوت القرى التي قص الله خبرها على نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، بين قرى ما زالت قائمة في عهده، وبين أخرى درس أثرها، وتهاوى بنيانها. قال تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ۝ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ۝ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ۝ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ۝ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ﴾ [هود: 100- 104]. "قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: هذا القصص الذي ذكرناه لكَ في هذه السورة، والنبأ الذي أنبأناكه فيها، من أخبار القرى التي أهلكنا أهلها بكفرهم بالله، وتكذيبهم رسله (نقصه عليك) فنخبرك به. (منها قائم)، يقول: منها قائم بنيانه، بائدٌ أهله هالك، ومنها قائم بنيانه عامر، ومنها حصيدٌ بنيانه، خرابٌ متداعٍ، قد تعفى أثرُه دارسٌ. من قولهم: (زرع حصيد)، إذا كان قد استؤصل قطعه، وإنما هو محصود؛ ولكنه صرف إلى فعيل، كما قد بينا في نظائره. (1) " وفي كل من القرى القائمة، والدارسة حكمة، وعبرة. فالقائمة منها: تخبرهم: أين ساكنوها؟ وماذا حل بهم؟ والدارسة: تحذرهم: هل هم في مأمن من أيكون مصيرهم كمصيرهم؟ لعل ذلك يؤتي أكله في اعتبار القوم الكافرين، واتعاظ المكذبين بالأنبياء والمرسلين. _____________________ (1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 15/ 470، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م
0