كتاب الأسبوع

المحتوى القرآني
وسيط
مهتم: 2019-10-22 16:25:15
2021-01-31 21:02:38

 

كتاب "مباحث في علوم القرآن"

 

https://drive.google.com/file/d/1jr8-jNWYX7M-q2SwP5YUp48gGLMNhX5T/view

 

تلخيص مباحث في علوم القرآن

لمناع القطّان

التعريف بالعلم (علوم القرآن):

العلوم: جمع عِلم، والعلم: الفهم والإدراك. ثم نُقِلَ بمعنى المسائل المختلفة المضبوطة ضبطًا علميًّا.

والمراد بعلوم القرآن: العلم الذي يتناول الأبحاث المتعلقة بالقرآن من حيث معرفة أسباب النزول، وجمع القرآن وترتيبه، ومعرفة المكي والمدني، والناسخ والمنسوخ، والمُحْكَمِ والمتشابه، إلى غير ذلك مما له صلة بالقرآن.

 نشأته وتطوره:

أولا:في عهد النّبوّة

القرآن الكريم هو معجزة الإسلام الخالدة، أنزله الله على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى الصراط المستقيم، فكان صلوات الله وسلامه عليه يبلغه لصحابته -وهم عرب خُلَّصٌ- فيفهمونه بسليقتهم، وإذا التبس عليهم فهم آية من الآيات سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها.

وحرصوا كذلك على العمل به والوقوف عند أحكامه،فقد روِيَ عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: "حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن، كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلَّموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا".

ولم يأذن لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كتابة شيء عنه سوى القرآن خشية أن يلتبس القرآن بغيره.

رَوَى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تكتبوا عني, ومَن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدِّثوا عني ولا حَرَج، ومَن كَذَبَ عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار".

 

ثانيا : في عهد الصحابة والتابعين:

ولئن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أذن لبعض صحابته بعد ذلك في كتابة الحديث فإن ما يتصل بالقرآن ظل يعتمد على الرواية بالتلقين في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

جاءت خلافة عثمان رضي الله عنه، واقتضت الدواعي إلى جمع المسلمين على مصحف واحد، فتم ذلك وسُمِّيَ بالمصحف الإمام، وأُرْسلت نسخ منه إلى الأمصار، وسُمِّيَتْ كتابته بالرسم العثماني نسبة إليه، ويُعتبر هذا بداية "لعلم رسم القرآن".

ثم كانت خلافة عليٍّ -رضي الله عنه- فوضع أبو الأسود الدؤلي بأمر منه قواعد النحو، صيانة لسلامة النطق، وضبطًا للقرآن الكريم، ويُعتبر هذا كذلك بداية لـ"علم إعراب القرآن".

استمر الصحابة يتناقلون معاني القرآن وتفسير بعض آياته على تفاوت فيما بينهم، لتفاوت قدرتهم على الفهم، وتفاوت ملازمتهم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتناقل عنهم ذلك تلاميذهم من التابعين.

والذي رُوِيَ عن هؤلاء جميعًا يتناول: علم التفسير، وعلم غريب القرآن، وعلم أسباب النزول، وعلم المكي والمدني، وعلم الناسخ والمنسوخ، ولكن هذا كله ظل معتمدًا على الرواية بالتلقين.

ثالثا : في عصر التدوين

جاء عصر التدوين في القرن الثاني، وبدأ تدوين الحديث بأبوابه المتنوعة، وشمل ذلك ما يتعلق بالتفسير، وجمع بعض العلماء ما رُوِيَ من تفسير للقرآن الكريم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو عن الصحابة، أو عن التابعين.

وهؤلاء العلماء كانوا من أئمة الحديث، فكان جمعهم للتفسير جمعًا لباب من أبوابه، ولم يصلنا من تفاسيرهم شيء مكتوب سوى مخطوطة تفسير عبد الرزاق بن همام([1]).

ثم نهج نهجهم بعد ذلك جماعة من العلماء وضعوا تفسيرًا متكاملًا للقرآن وفق ترتيب آياته، واشتهر منهم ابن جرير الطبري المتوفى سنة 310 هجرية.

وهكذا بدأ التفسير أولًا بالنقل عن طريق التلقي والرواية، ثم كان تدوينه على أنه باب من أبواب الحديث، ثم دُوِّنَ على استقلال وانفراد، وتتابع التفسير بالمأثور، ثم التفسير بالرأي.

وبإزاء علم التفسير كان التأليف الموضوعي في موضوعات تتصل بالقرآن ولا يستغني المفسر عنها،كالتّأليف في أسباب النزول أو النّاسخ والمنسوخ أو القراءات ...إلخ ، وهذه المباحث جميعها هي التي تُعرف بعلوم القرآن.

ثمّ تتابع التّأليف فيها عبر العصور حتى صارت عَلَمًا على العلم المعروف بهذا الاسم.

 

القرآن:

القرآن رسالة الله إلى الإنسانية كافة وقد تواترت النصوص الدالة على ذلك في الكتاب والسٌّنَّة: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾[الأعراف:158]، ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾[ الفرقان:1]، وقال صلى الله عليه وسلم: "وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة"، ولن يأتي بعده رسالة أخرى، ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب:40].

فجاء وافيًا بجميع مطالب الحياة الإنسانية على الأسس الأولى للأديان السماوية، وتحدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العرب بالقرآن، وقد نزل بلسانهم، وهم أرباب الفصاحة والبيان، فعجزوا عن أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور مثله، أو بسورة من مثله، فثبت له الإعجاز، وبإعجازه ثبتت الرسالة.

وكتب الله له الحفظ والنقل المتواتر دون تحريف أو تبديل،ولم تكن هذه الميزة لكتاب آخر من الكتب السابقة لأنها جاءت موقوتة بزمن خاص، وصدق الله إذ يقول: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر:9]، وتجاوزت رسالة القرآن الإنس إلى الجن: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ, قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ, يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ﴾ [الأحقاف:29].

تعريف القرآن:

"قرأ": تأتي بمعنى الجمع والضم، والقراءة: ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل، والقرآن في الأصل كالقراءة: مصدر قرأ قراءة وقرآنًا. قال تعالى: ﴿إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وقَرُآنَهُ, فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة:  17]، أي قراءته، فهو مصدر على وزن "فُعلان" بالضم: كالغفران والشكران، تقول: قرأته قرءًا وقراءة وقرآنًا، بمعنى واحد. سمي به المقروء تسمية للمفعول بالمصدر.

وقد خص القرآن بالكتاب المنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- فصار له كالعلم الشخصي.

وذكر بعض العلماء أن تسمية هذا الكتاب قرآنًا من بين كتب الله لكونه جامعًا لثمرة كتبه، بل لجمعه ثمرة جميع العلوم. كما أشار تعالى إلى ذلك بقوله: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾[النحل:89]، وقوله: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِنْ شَيءٍ﴾[الأنعام:38].

وذهب بعض العلماء إلى أن لفظ القرآن غير مهموز الأصل في الاشتقاق، إما لأنه وضع علمًا مرتجلًا على الكلام المنزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس مشتقًا من "قرأ"، وإما لأنه من قرن الشيء بالشيء إذا ضمه إليه، أو من القرائن لأن آياته يشبه بعضها بعضًا فالنون أصلية، وهذا رأي مرجوح، والصواب الأول.

ويذكر العلماء تعريفًا له يُقَرِّبُ معناه ويميزه عن غيره، فيُعَرِّفُونَهُ بأنه: "كلام الله، المنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- المتعبد بتلاوته"([2]).

 

الفرق بين القرآن و الحديث القدسي و الحديث النبوي:

الحديث لغة ضد القديم.

الحديث النّبوي: ما أُضِيفَ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير [التّقرير هو ما فُعل بحضرة النّبي صلى الله عليه وسلم ولم يُنكر عليه].

الحديث القدسي: نسبة إلى القدس، وهي نسبة تدل على التعظيم، لأن مادة الكلمة دالة على التنزيه والتطهير في اللغة، وهو ما يضيفه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الله تعالى، فالرسول راوٍ لكلام الله بلفظ من عنده، وإذا رواه أحد رواه عن رسول الله مُسْنَدًا إلى الله عز وجل، فيقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه عز وجل....".

أو يقول: "قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى - أو يقول الله تعالى ... ".

الفرق بين القرآن والحديث القدسي:

هناك عدة فروق بين القرآن الكريم والحديث القدسي أهمها:

- أن القرآن الكريم كلام الله وقع به التّحدي والحديث القدسي لم يقع به التحدي والإعجاز.

- القرآن الكريم لا يُنْسَب إلا إلى الله تعالى، فيقال: قال الله تعالى،والحديث القدسي -كما سبق- قد يُرْوَى مضافًا إلى الله وقد يُرْوَى مضافًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه عز وجل.

- والقرآن الكريم جميعه منقول بالتواتر، فهو قطعي الثبوت، والأحاديث القدسية أكثرها أخبار آحاد، فهي ظنية الثبوت، وقد يكون الحديث القدسي صحيحًا، وقد يكون حسنًا، وقد يكون ضعيفًا.

-القرآن الكريم من عند الله لفظًا ومعنًى، فهو وحي باللفظ والمعنى، والحديث القدسي معناه من عند الله، ولفظه من عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الصحيح ولذا تجوز روايته بالمعنى عند جمهور المحدِّثين.

- والقرآن الكريم مُتَعَبَّدٌ بتلاوته، فهو الذي تتعين القراءة به في الصلاة، والحديث القدسي لا يجزئ في الصلاة، ويثيب الله على قراءته ثوابًا عامًّا، فلا يصدق فيه الثواب الذي ورد ذكره في الحديث على قراءة القرآن، بكل حرف عشر حسنات.

الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي:

الحديث النبوي قسمان:

1-قسم توقيفي: وهو الذي تلقى الرسول -صلى الله عليه وسلم- مضمونه من الوحي فبيَّنه للناس بكلامه.

2-قسم توفيقي: وهو الذي استنبطه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من فهمه للقرآن، لأنه مبيِّن له، أو استنبطه بالتأمل والاجتهاد، وهذا القسم الاستنباطي الاجتهادي يقره الوحي إذا كان صوابًا، وإذا وقع فيه خطأ جزئي نزل الوحي بما فيه الصواب وليس هذا القسم كلام الله قطعًا.

ويتبين من ذلك: أن الأحاديث النبوية بقسميها: التوقيفي، والتوفيقي الاجتهادي الذي أقره الوحي، مردها جميعًا بجملتها إلى الوحي، ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى, إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾[النّجم:3].

والحديث القدسي معناه من عند الله عز وجل، يُلْقَى إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكيفية من كيفيات الوحي -لا على التعيين- أما ألفاظه فمن عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الراجح ونسبته إلى الله تعالى نسبة لمضمونه لا نسبة لألفاظه.

 

الوحي:

معنى الوحي:

يقال: وحيت إليه وأوحيت: إذا كلَّمته بما تخفيه عن غيره.

والوحي: الإشارة السريعة، وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز والتعريض، وقد يكون بصوت مجرد، وبإشارة ببعض الجوارح.

والوحي مصدر، ومادة الكلمة تدل على معنيين أصليين، هما: الخفاء والسرعة، ولذا قيل في معناه: "الإعلام الخفي السريع الخاص بمن يوجَّه إليه بحيث يخفى على غيره".

 والوحي بمعناه اللغوي يتناول:

1- الإلهام الفطري للإنسان، كالوحي إلى أُم موسى ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾[القصص:7].

2- والإلهام الغريزي للحيوان، كالوحي إلى النحل ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾[ النحل:68].

%0
غازي العمري
مسؤول النظام
مهتم: 2019-10-26 11:20:28
2021-01-31 21:08:30

من أشهر الكتب المعاصرة المختصرة في علوم القرآن.

المحتوى القرآني
وسيط
مهتم: 2019-10-22 16:25:15
2021-02-11 19:12:26

 

كتاب "تعلم تدبر القرآن الكريم

 

تلخيص كتاب "تعليم تدبر القرآن الكريم"

أمير بن محمد المدري
إمام وخطيب مسجد الإيمان – اليمن

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الرحيم الرحمن , علم القرآن؛ خلق الإنسان علمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل الْقُرْآن هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله سيد ولد عدنان، صلى عليه الله وملائكته والمؤمنون وعلى آله وأزواجه وخلفائه وجميع أصحابه ومن تبعهم بإحسان.
وبعد..

فقد أطلعت على كتاب: "تعليم تدبر القرآن الكريم أساليب عملية ومراحل منهجية " للدكتور /هاشم علي الأهدل -حفظه الله ورعاه-الناشر له مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي التابع للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة، الطبعة الأولى لعام 1429هـ،  فألفيته كتاباً منهجيا متميزاً، يستحق أن يُقرأ قراءة متأنية، ويحوّل إلى دورات تدريبية لمعلمي القرآن، بل ويكون كتاباً مقرراً على أقسام كليات القرآن الكريم وعلومه . 

واعتقد أن الكتاب قد حاز قصب السبق في إماطة اللثام عن تدبر القرآن من حيث تعليمه، وتحويل ذلك إلى أساليب عملية ومراحل منهجية، وقد بيّن المؤلف في المقدمة سبب تأليف الكتاب ؛ نظراً لإغفال موضوع تدبر القرآن الكريم في المؤسسات التعليمية أو في حلقات المساجد سواءً من قبل المعلم أو المتعلم فجاء هذا الكتاب لينيط اللثام عن الخطوات والمراحل المنهجية في تعلم وتعليم التدبر من الناحية النظرية والتطبيقية.

وقد قسّم الكتاب إلى خمسة فصول رئيسة تتفرع منها مباحث تفصيلية كما يلي:

الفصل الأول : مفهوم تدبر القرآن

عرّف المؤلف مفهوم التدبر بأنه : معرفة معاني الألفاظ، وما يُراد بها، وتأمل ما تدل عليه الآيات، مما يُفهم من السياق أو تركيب الجمل، واعتبار العقل بحجج القرآن، وتحرك القلب ببشائره وزواجره، واليقين بأخباره، والخضوع لتعاليمه، وأن مصطلح التدبر ليس المراد منه مجرد قراءة آيات القرآن وتلاوة حروفه، بل يجب أن تظهر أثر هذه القراءة في العبادة والأخلاق والمعاملات والتصرفات المختلفة .

وَمِمَّا لفت الكاتب الانتباه إليه :أن التدبر والتأمل بالعقل يكون في حدود إمكانات العقل البشري، وأما ما وراء ذلك من الغيبيات فالواجب الإيمان بها دون الدخول في اجتهادات لبيانها، وأن الهدف الأسمى من التدبر العمل بالقرآن والتزام توجيهاته وإرشاداته ومن أحسن العمل نال أعلى منازل الدنيا والآخرة.

وتبيّن من خلال الكتاب :ضرورة تعليم التدبر للأجيال كي يظهر في سلوكهم وأخلاقهم ، ويكونوا حقاً من أهل القرآن، وعلى جميع المربين إن يبذلوا له الجهد والأوقات، وأن تُستخدم الأساليب التربوية لغرسه في نفوس المتربين.

ونوه المؤلف على أهمية وفوائد تدبر القرآن، وذكر منها: التفاعل الوجداني والاستجابة لأمر الله تعالى، وزيادة الإيمان، واكتساب الخشوع، والهداية الشاملة، والنصيحة لكتاب الله، والتلذذ بالقرآن، ومعرفة الحلال والحرام، والشفاء الحسي والمعنوي .

ونبّه المؤلف إلى أن التدبر يستحق أن يكون علماً منفصلا من علوم القرآن، بل من العلوم المعاصرة التي تُفرد لها المؤلفات والكتابات الخاصة، ويستحق أن تُنشأ له المؤسسات التربوية، وتكون مستقلة عن غيرها من الجهات التعليمية، وهو أيضاً علم يستحق أن يُطبق عليه منهج المواد الدراسية المنفصلة .

الفصل الثاني : قواعد أساسية في تعليم التدبر:

 أما الفصل الثاني فاحتوى على قواعد أساسية في تعليم التدبر، وكان هذا الفصل مبحثين :

المبحث الأول: قواعد أساسية تتعلق بطرق التدريس وأبرزها :

- العناية بالتمهيد التربوي، لأنه يساعد على فهم الآيات قبل أو أثناء قراءتها، له أثر على فهم التلاميذ وانتباههم فهو من شروط التعلم الجيد، ومن وسائله ذكر سبب نزول أو ربط الآيات بالسور السابقة أو قصة تناسب الموضوع. وللتنويع في صور التمهيد آثاره التربوية التي تدعم علمية التدبر في دروس القرآن المختلفة .

- مراعاة التدرج التربوي في تعليم التدبر، بإعطاء المعلومات والمفاهيم شيئاً فشيئا وتوزيعها على الساعات والأيام مع مراعاة التقدم العمري للمتربين، ومدى استيعابهم لها، فالبدء بالسور القصيرة، ثم الانتقال إلى سور المفصل وهكذا .

- التحضير الجيد للدرس القرآني، ولكي تؤتي العملية التعليمية ثمارها ينبغي أن يكون المعلم متدبراً قبل أن يُعلّم التدبر، إذ فاقد الشيء لا يُعطيه، وعلى المربي أن يستعد لدرسه القرآني بتصحيح النية، ومراجعة تفسير الآيات، والتفكر في الآيات، واستشعار عظمة كتاب الله في قلبه، واللجوء لله تعالى بالدعاء بالزيادة في فهم كتابه.

- استخدام أسلوب التعلم التعاوني، لأنه يؤدي لإعمال الذهن وترسيخ المعلومات والتفكير الذاتي في القضايا المطروحة، وهناك الكثير من الفعاليات والأنشطة التي يُكلّف بها الطلاب، ويتربون من خلالها على التدبر، ومنها تكليف مجموعة بتحضير سورة من سور القرآن، وتوزيع كتب التفسير على المجموعات الطلابية، وغيرها من الأنشطة الجماعية .

- استخدام الوسائل التعليمية المناسبة، فيمكن الاستفادة من الوسائل السمعية والبصرية والأجهزة المعاصرة، ومواقع الشبكة العنكبوتية لربط المتعلمين بكتاب الله وزيادة تدبرهم وتفهمهم له .


المبحث الثاني :قواعد أساسية تتعلق بالمحتوى الدراسي ومنها :

- الاهتمام بالاستعادة، فلا بد أن يتعرف الطلاب على أحكام البسملة والاستعادة قبل البدء بقراءة القرآن، وعلى المربي أن يبين فائدة الاستعادة لقارئ القرآن، وعظيم الأجر المترتب على قراءتها .

- شرح الكلمات والجمل والآيات، فلا بد من زيادة الرصيد اللغوي للمتعلمين، وتعريفهم بألفاظ ومفردات القرآن وشرحها، ومن الكتب المعنية بذلك المفردات للراغب الأصفهاني وجامع البيان في مفردات القرآن للدكتور عبدالحميد هنداوي، ويمكن للمربين أن يستخدموا التفاسير المختلفة حسب المستوى الفكري للمتعلمين.

- ربط أحكام التجويد بالمعاني ، والتجويد من وسائل التدبر وإتقان تعلم القرآن، لذا لا بد من العناية به منذ المراحل الأولى للناشئة، ليسلم من الخطأ الجلي الذي يغير المعنى، ومن ثم لا تُفهم الكلمة أو الآية القرآنية على غير وجهها، وهذا الأمر منافٍ للتدبر، كما أن القارئ بالتجويد يتفاعل مع الآيات حسب خروج الحروف من مخارجها .  

- الموعظة والتحذير من الذنوب الصارفة عن التدبر، فمما يصرف المتربي المكلف عن تدبر القرآن هو انهماكه في الذنوب والمعاصي، وانشغاله بالدنيا وملذاتها المحرمة، ومن الأمور المانعة للتدبر والصادة عن الفهم أمراض القلوب كالحسد والغل والحقد والكبر وغيرها .

- إدراج حصة التدبر في الدرس القرآني ، فإن من القواعد الأساسية لتعليم التدبر أن تُضمّن الدروس الخاصة بالتدبر في الجدول الدراسي، ويقترح المؤلف أن يتضمن مقرر التدبر جانبين : نظري وعملي.

- التربية على شكر نعمة التدبر، ويكون ذلك في ختام اللقاء القرآني الحافل بمواقف التدبر،  وعلى المربي أن ينبه طلابه على أن من تحصّل على شيء من فهم كتاب الله وتدبره عليه أن يشكر المنعم سبحانه على هذه النعمة، و يسأله الإعانة على العمل بما فهمه وتكون حجة له لا عليه، وزاداً لهم يوم القيامة وسُلّماً لبلوغ الفردوس الأعلى من الجنة .

الفصل الثالث : التدبر وتعليم الاستماع التربوي:

     فيما تطرق الفصل الثالث إلى التدبر وتعليم الاستماع التربوي،  وفيه أربعة مباحث:

المبحث الأول : أهمية الاستماع للتدبر ، فقد أُمر النبي صلى الله عليه وسلم  بالاستماع للقران حين نزول الوحي، وعدم الانشغال بالتردد خلف جبريل عليه السلام ، وأمر الله به في كتابه فقال:  ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾  [الأعراف:204]، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم  يستمع لقراءة أصحابه، بل ورد أن الملائكة كانت تنزل لسماع القرآن، فاستماع القرآن من فضائل الأعمال، واستماع القرآن الكريم كان عبادة شائعة في حياة السلف ولكي يحصل الأثر التربوي المطلوب منه يستلزم الجمع بينه وبين الإنصات والفرق بينهما، ولأجل ذلك ينبغي على المربي أن يطلب صراحة ً من الطلاب الاستماع للآيات التي ستقرأ عليهم وينصتوا لها  .

المبحث الثاني : أُسس الاستماع التربوي، ومنها

- التهيؤ الذهني والنفسي قبل الاستماع، فلا يشغل قلبه عما يسمع من آيات، وينوي بقلبه بذل جهده لفهم ما يستمع إليه والمبادرة مباشرة للعمل .   
- عدم الانشغال عن الاستماع أثناء القراءة، بما حوله سواء مباحات أو محرمات.
- التفكر أثناء الاستماع في الآيات المتلوة، ليتدبرها ويستعرض أحوال النفس معها.
- الخشوع والبكاء أثناء الاستماع ، وبهذا التفاعل يكون للاستماع أثره التربوي، وفعله التدبري.
- التفاعل الحسي والمادي، أي الاستجابة المطلقة بعمل الجوارح، وبذل غاية الجد لتنفيذ ما تدعو إليه الآيات أو تحذر منه .

المبحث الثالث: آثار الاستماع التربوي، وأبرزها الفهم الصحيح، الثواب الجزيل، الهدى والبركة والرحمة، ولن يعدم من اختار السماع لكلام الله وتدبره إرشاداً لحجة، وتبصرةً لعبره، وتذكرةً لمعرفة، وحياة لقلب، وغذاء ًودواءً وشفاءً، وعصمةً ونجاة .

المبحث الرابع : وسائل تربية وتنمية ملكة الاستماع ، وأبرزها  :

- مراعاة المعلم لأسس تعليم الاستماع، في أن يكون المعلم قدوة للطلاب في حُسن الاستماع، وتوضيح الهدف من الاستماع، والاستماع إلى الطلاب وتشجيعهم.

- حُسن تقديم المادة المسموعة، بإعطاء الاهتمام الأكبر للألفاظ الجديدة، مع وضوع النطق وصفاء الصوت للآيات، ومع زيادة تكرار الاستماع ليتثبت الطلاب من الألفاظ والمعاني .

- تعويد الطلاب على جلسات الاستماع من الآخرين، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم  مع بعض أصحابه، فغذا تفرغ المتربي ساعة أو بضع ساعة يستمع فيها لقارئ يخشع في قراءته، فإن أذناه تتعود على جرس الكلمات والآيات، ويتفاعل قلبه مع المعاني .

- استثمار بعض أوقات الفراغ، ومن ذلك الاستماع للقران أثناء مرافقة المتربين في السيارة، أو مرافقة الوالد لأولاده والتنبيه إلى التركيز .

- المناقشة والمحاورة بعد الاستماع، فلكي تتقوى ملكة الاستماع لدى المتربين يحسن بالمربي أن يدعم توجيهاته للاستماع ببعض الأسئلة والمحاورات العلمية والإرشادية، كأن يطلب منهم ذكر أكبر قدر من المعاني والمفاهيم بالترتيب أو يناقشهم في بعض العبارات والجمل التي استمعوها أو يطلب منهم وضع عنوان لما استمعوا إليه.

- إعطاء تدريبات عملية، ومن ذلك أن يقرأ عليهم آيات من كتاب الله أو سورة من  السور التي تحمل في مضامينها قصة من القصص القرآنية، ثم يطلب منهم كتابة ملخص عنها، ثم يأمرهم بسردها بصياغتهم الخاصة، ثم سؤالهم أسئلة تفصيلية عنها وسماع إجابتهم واستعراض أهم الفوائد المستخرجة من القصة.

- التنويع في مواد الاستماع القرآنية، ويكون بتعدد مواضع القرآن التي يُستمع إليها، وقد يكون التنويع بين مراتب ترتيل القرآن الثلاثة:  التحقيق والتدوير والحدر، وقد يكون التنويع في مقاطع السور.

    الفصل الرابع  : مراحل التدبر :
    أما الفصل الرابع فقد جعله المؤلف لمراحل تعليم التدبر، وتنقسم إلى  ثلاثة مراحل :

المرحلة الأولى :وتسمى مرحلة التهيئة القلبية، وهي المرحلة التي يبدا فيها المتربي التعامل مع مفهوم تدبر القرآن ،والترغيب في التدبر بتكليفهم بجمع آيات التدبر، وبيان آثارها في صلاح القلب وزيادة الإيمان، ودفهم لكتابة البحوث المختصرة حول آيات أو قصص القرآن، وتخصيص الجوائز المادية المناسبة لرغباتهم، وربط التدبر بالواقع الترويحي للمتدربين، والترهيب من ترك التدبر،  والتدبر بعرض القصص القرآني بأسلوب ميّسر ولغة سهل مبسطة، وإلزام الطلاب بمصحف معين على التدبر سماه المؤلف (مصحف المتدبرين)، وفي هذا المرحلة يقوم المربي بالرحلات والبرامج الترويحية الهادفة المعينة على التدبر.

المرحلة الوسطى وهي مرحلة الممارسة العملية، ومن أهداف هذه المرحلة :ربط السيرة النبوية بالتدبر، والممارسة العملية للتدبر القرآن أثناء القراءة، واستظهار ما في السيرة من تطبيقات نبوية للقران الكريم ، ومن وسائل هذه المرحلة :

- استخدام أسلوب التكرار، من حيث ترديد الآيات وقراءتها المرة بعد الأخرى في المجلس الواحد.
- استخدام أسلوب ضرب الأمثال لتبيين أهمية الترتيل والتغني بالقرآن، ولزيادة تدبر المتعلمين للقران .
- التعريف بالأسماء الحسنى الواردة في الكتاب والسنة، والوقوف معها، والـتأمل في معناها ومدى التزام المتربي بمدلولاتها .
- ربط الآيات بالسيرة النبوية، وأسباب النزول.
- الترغيب في قيام الليل، فلا بد أن يستثمر المتربون أهمية المحافظة على تلاوة القرآن وقيام الليل وعدم التهاون في ذلك قدر الإمكان، فيكونوا بذلك من أهل الاستقامة والثبات على الحق.
- إبراز القدوات والنماذج (للمتدربين)،ومن النماذج العملية من حياة سلف الأمة  حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحياة الصحابة رضوان الله عليهم، والتابعون وسلف الأمة.
- استثمار الأحداث والمناسبات في تدبر الآيات، فلا بد من أن ترُبط الآية بالواقع الدراسي أو الاجتماعي أو السلوكي للمتعلمين .
- تعريف المتعلمين بكيفية التدبر وأحواله، ومن أحواله حال النبي صلى الله عليه وسلم في تدبر القرآن، والتدبر بالتسبيح والذكر والدعاء، والتجاوب مع الآيات أثناء القراءة، واستحضار الحزن والبكاء عند القراءة، والإجابة عن استفهامات القرآن.

المرحلة المتقدمة وهي مرحلة التدبر المتقَن، وفي هذه المرحلة يكون المتعلمون قد قطعوا شوطاً كبيرا في موضوع التدبر ، فمن المهم أن يختم المتربي كتاباً واحدا في التفسير، ومن أهداف هذه المرحلة التمكن من تفسير القرآن والتعريف بعلم الوقف والابتداء، والقدرة على استخراج الحِكم واستنباط الأحكام.

 أما الوسائل فهي:

- تعليم قواعد التفسير من خلال الاطلاع المتكرر في كتب التفسير، أو الكتب المتخصصة في هذا الموضوع، أو حضور دورات في علوم القرآن وأصول التفسير .
- تعليم أحكام الوقف والابتداء، فالالتزام بهذه الأحكام يساعد في حُسن ترتيل وتجويد القرآن الكريم، وفي حُسن الفهم والتدبر.
- التوجيه للتعمق في علوم اللغة العربية لزيادة فهم معاني كلمات القرآن وأساليبه وتراكيبه، ومن ثم زيادة التدبر.
- التدريب على استخراج الحكم واستنباط الأحكام، وذلك بالتأمل في دلالات الألفاظ والمعاني ، واشاراتها وتنبيهاتها .
- التربية على نشر مفهوم التدبر والعلوم المستنبطة منه في المجالس كلما سنحت الفرصة لذلك.
- تعليم مهارات التفكير في الآيات ، والتأمل في ألفاظها واستخراج معانيها .

الفصل الخامس  : طرق تربية الذات على التدبر:
والفصل الخامس كان عن  طُرق تربية الذات على التدبر ، وأورد المؤلف عدة طرق لتربية الذات على التدبر منها:
-  الإخلاص سر النجاح في التدبر والفهم.
- الاستعداد النفسي للتدبر ، فلا بد من دافعية قوية لتعلم التدبر وتطبيقه في الواقع .
- الدعاء بأن يرزقه الله التدبر، فمهما بذل الأنسان من وسائل ، مهما اتخذ من طرق ، ومهما اجتهد المربون ، فلن يظفر المتربي بمراده اذا لم يعنه مولاه ´، ولذلك وجب على العاقل أن يقرع أبواب السماء.
- مراقبة الإنسان لنفسه ومحاسبتها أثناء القراءة ، فكل إنسان أدرى بحاله من غيره، ويعرف من نفسه ما عي الحالات والظروف التي تعينه على التدبر .
- تعويد النفس على التأني وعدم العجلة، لأن من يقرأ بسرعة، فان هذا مظنة عدم الفهم .
- اعتبار الفرد أنه المقصود -وليس غيره - بكل خطاب في القرآن.
- ملازمة الورد القرآني، ويقترح المؤلف أن يكون للمتربي عدة أوراد ومنها ورد للتلاوة، وورد للحفظ والمراجعة، وورد للاستماع، وورد للمدارسة، وورد للتدبر.

ثم ختم الكتاب بأهم النتائج والتوصيات.   
أسأل الله أن يجزي المؤلف خير الجزاء، وأن يكتب الأجر للجميع، وأن ينفع بهذا التلخيص، ويجعل ذلك في ميزان الحسنات برحمته وعفوه، كما أسأله جل وعلا أن يُعيد الأمة إلى كتابه عودةً صادقة، تدبراً، وتحكيماً، وسلوكاً  .آمين .

8/7/1439هـ

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* موقع صيد الفوائد: (https://2u.pw/P3SAE).

المحتوى القرآني
وسيط
مهتم: 2019-10-22 16:25:15
2021-02-17 18:35:39

كتاب "علم إعراب القرآن تأصيل وبيان"

للدكتور يوسف بن خلف العيساوي

اختصره: أحمد بن سعيد عفا الله عنه

 

علم إعراب القرآن:

الحمد لله الذي شرَّفنا بحفظ كتابه، ووفَّقنا لفهم منطوقه ومفهوم خطابه، ووعدنا على تبيين معانيه وإعرابه بجزيل مواهبه وعظيم ثوابه، وهدانا بنبيِّه المصطفى ورسوله المُجتبى خير مبعوث بآياته، وبالقرآن وهو أعظم معجزاته، كتاب مجيد ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42]، أذلَّت بلاغته أعناق أرباب الكلام، وأعجزت فصاحته ألسنة فصحاء الأنام.

فلمَّا كان اللسان العربي هو الطريقَ السَّنِيَّ إلى فهم مفردات القرآن العزيز وتركيباته، وعليه المعوَّل في معرفة معانيه وتدبُّر آياته، وبحسب قوَّة الناظر فيه تُلتقط درر المعاني من فيه - وجب صرف العناية إلى ما يتعلَّق به من علم اللسان من جهة مفرداته وتركيباته تصريفًا وإعرابًا؛ لكثرتهما تشعُّبًا واضطرابًا، جارين على قواعدهما مرتَّبين على أصولهما؛ ليعرف الخطأ من الصواب، وينكشف القشر عن اللباب؛ فيصير كالفقه إذا استخرج من قواعده، واستُنبط من أصوله وموارده[1].

وبعد: فهذا بحث مختصر نتعرف من خلاله إلى علم إعراب القرآن، وآداب المُعرِبين ومناهج إعراب القرآن، والأدوات التي يجب أن تتوفر في المُعرِب وضوابط إعراب القرآن الكريم، تم اختصاره - بتصرف - من كتاب (علم إعراب القرآن تأصيل وبيان)؛ للدكتور يوسف بن خلف العيساوي، فالله نسأل التوفيق والسداد، وهذا البحث بعد هذه المقدمة يشتمل على تمهيد وخمسة فصول:

أما التمهيد: فسيكون الكلام فيه عن مفهوم إعراب القرآن وحدِّه، وذكر بعض الآثار الواردة في إعراب القرآن، وفيه مبحثان:

المبحث الأول: مفهوم إعراب القرآن وحدُّه.

المبحث الثاني: ذكر بعض الآثار الواردة في إعراب القرآن.

 

الفصل الأول: (إعراب القرآن نشأته وتطوُّره وأهميُّته) وفيه مبحثان:

المبحث الأول: نشأة إعراب القرآن وتطوُّره.

المبحث الثاني: أهميَّة إعراب القرآن.

 

الفصل الثاني: إعراب القرآن أصالته وتكامل فَنِّه، وفيه:

المبحث الأول: علم إعراب القرآن فنٌّ مستقلٌّ.

المبحث الثاني: حكم تعلُّم هذا الفن.

المبحث الثالث: حقله المعرفي، ونسبته.

 

الفصل الثالث: وفيه مبحثان:

المبحث الأول: مصادر إعراب القرآن.

المبحث الثاني: مناهج إعراب القرآن.

 

الفصل الرابع: آداب المُعرِب، وفيه:

المبحث الأول: آداب علميَّة وفكريَّة.

المبحث الثاني: آداب التلقِّي وتقرير الأحكام.

المبحث الثالث: آداب أسلوبيَّة ومصطلحية.

 

الفصل الخامس: ضوابط إعراب القرآن الكريم، وفيه:

المبحث الأول: ضوابط المعنى.

المبحث الثاني: ضوابط الرسم والقراءات.

المبحث الثالث: ضوابط الصناعة الإعرابية.

 

التمهيد: مفهوم إعراب القرآن وحدُّه، وذكر بعض الآثار الواردة في إعراب القرآن،

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: مفهوم إعراب القرآن وحدِّه.

المبحث الثاني: ذكر بعض الآثار الواردة في إعراب القرآن.

 

المبحث الأول: مفهوم إعراب القرآن وحدُّه:

(إعراب القرآن) مركب إضافي، يتكون من جزأين؛ (إعراب) و(القرآن)، فسوف نعرِّفه باعتبار أفراده، ثم نعرفه باعتباره أصبح علَمًا ولقبًا على فنٍّ مخصوص.

الإعراب في اللُّغة والاصطلاح: الإعراب لغة: الإبانة، تقول أعرب الرجل عما في نفسه؛ أي: أبان، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا، وَالْبِكْرُ رِضَاهَا صَمْتُهَا))[2].

فإعراب الكلام: بيانه وإيضاح فصاحته.

 

الإعراب اصطلاحًا: له عدة تعريفات:

الأول: تغيير أواخر الكلم؛ لاختلاف العوامل الداخلة عليه، لفظًا أو تقديرًا[3].

الثاني: أثر ظاهر أو مقدَّر يَجلِبُه العامل في آخر الكلمة[4].

الثالث: التطبيق العام على القواعد النَّحْويَّة المختلفة[5].

 

القرآن لغة واصطلاحًا:

القرآن لغة: الجمع، قرأتُ الشيءَ قرآنًا؛ جمعتُه، وضَمَمْتُ بعضَه إلى بعضٍ.

وسُمِّي القرآن قرآنًا؛ لأنه جمع القَصص، والأمر والنهي، والوعد والوعيد، والتشريعات، وجمَعَ الآيات والسور بعضها إلى بعض.

القرآن اصطلاحًا: كلام الله المُنزَّل على نبيِّه محمدٍ صلى الله عليه وسلم، المُعجِز بلفظِه، المُتعبَّد بتلاوته، المنقولُ بالتواتر، المكتوبُ في المصاحف، من أول سورة "الفاتحة" إلى آخر سورة "الناس"[6].

 

فالقرآن: اسم لكتاب الله خاصة، ولا يُسمَّى به شيءٌ غيره من سائر الكتب، وإضافة الكلام إلى الله تعالى إضافة حقيقيَّة من باب إضافة الكلام إلى قائله.

تعريف إعراب القرآن باعتباره علَمًا ولقبًا على هذا العلم:

إعراب القرآن اصطلاحًا: علم يبحث في تخريج تراكيبه على القواعد النَّحويَّة المُحرَّرة.

 

المبحث الثاني: ذكر بعض الآثار الواردة في إعراب القرآن:

1- عن أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه قال: (لأن أُعرِبَ آية من القرآن أحبُّ إليَّ من أن أحفظ آية)[7].

2- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أَعرِبوا القرآنَ؛ فإن مَن قرَأَ القرآن فأَعْرَبَه فله بكل حرف عشرُ حسناتٍ، وكفَّارةُ عشر سيئات، ورَفْعُ عشر درجات))[8].

3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أَعرِبوا القرآنَ، والتمسوا غرائبه))[9].

4- وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (أَعرِبوا القرآن؛ فإنه عربي، وإنه سيجيء أقوام يَثقُفونه، وليسوا بخياركم)[10].

 

الفصل الأول: (إعراب القرآن نشأته وتطوُّره وأهميُّته) وفيه مبحثان:

المبحث الأول: نشأة إعراب القرآن وتطوُّره.

المبحث الثاني: أهميَّة إعراب القرآن.

 

المبحث الأول: نشأة إعراب القرآن وتطوُّره وأطواره:

فــ(إعراب القرآن) ظهر مبكرًا؛ لأن اللحن في القرآن أو الإخلال في أدائه تحريف لكلام الله عن مواضعه، وإخلال بكثير من أحكامه التشريعيَّة، فضبط القرآن أدَّى إلى وضع علم العربية وضبطه، وسنتَتَبَّعُ فنَّ (إعراب القرآن) من خلال أطواره الآتية:

الطَّوْرُ الأولُ: اللحن وإعراب القرآن:

اللَّحْن – بسكون الحاء – إمالةُ الكلام عن جهته الصحيحة في العربية، يقال: لَحَن لحنًا، واللَّحَّان واللَّحَّانة: الرجل الكثير اللَّحْن.

قال الرَّاغب: "اللَّحْن: صرف الكلام عن سَنَنِه الجاري عليه: إما بإزالةِ الإعراب، أو التصحيف – وهو المذموم – وذلك أكثر استعمالًا.

وإما بإزالته عن التصريح، وصرفه بمعناه إلى تعريض وفحوًى"[11].

وقد مضى الصَّدْر الأول من الصحابة رضي الله عنهم واللَّحْن لا يلامسُ عربيَّتَهم، ولا يُقارب ساحة القرآن الكريم على ألسنتهم، وبدأ اللَّحْن يظهر عندما اختلطت الألسنة؛ لخروج العربية من مَهْدِها الأصيل مع كتائب الفاتحين، وظهور جيل المولَّدين العرب.

فأخذ الصحابة رضي الله عنهم يَحثُّون الناس على تعلُّم لسان العرب، وباتَتْ مقولة: (إن القرآن عربيٌّ؛ فاستقرِئوه رجلًا عربيًّا) تقرَعُ أسماع طلاب القرآن.

 

الطَّوْرُ الثاني: نَقْطُ الإعرابِ والقرآن الكريم:

النقط في اللُّغة: نقول: نَقَطَ الحرفَ يَنقُطُه نقطًا: أعجَمَه، والاسم النُّقْطة، ونَقَطَ المصاحف تنقيطًا؛ فهو نقَّاط.

 

والنَّقْطُ عند العلماء نوعان:

الأول: نَقْطُ الإعراب: هو نَقْطُ الحركات؛ أي: ما يدلُّ على ما يَعرِضُ للحرف من حركة أو سكون.

الثاني: نَقْطُ الإعجام: هو ما يدلُّ على ذواتِ الحرف، ويُميِّزُ بين المهمل والمعجم.

 

الطَّوْرُ الثالثُ: النَّحْو وإعراب القرآن الكريم:

مثَّلَ (نقط الإعراب) استشعارًا حقيقيًّا للقواعد النَّحْوية التي لَحِظها العربيُّ الفصيح في سَليقتها، فالاهتمام بأواخر الكَلِم: رفعًا ونصبًا وجرًّا وجزمًا؛ لأهميتها في تبيان المعاني والمقاصد، وأن هذه الحركات لها أسباب تُوجِبُ تغيُّرها؛ فكشف تلك الأسباب عرف فيما بعد بـ(العلَّة النَّحْوية).

وإذا أخذنا بـ(إعراب القرآن) على أنه تطبيق للقواعد النَّحْوية، فبدايتُه مع بدايته مع بداية نشأة النحو وتأسيس قواعده؛ إذ كان القرآنُ هو الدليلَ الأول من أدلَّته.

قال البجاويُّ: "وهذا الفنُّ الإعرابي ينمو شيئًا فشيئًا، حتى صار غرضًا قائمًا بذاته".

وخلاصةُ القول: كما نشأ علم متميِّز عن النَّحْو هو علم الصرف، كذلك نشأ (علم إعراب القرآن)، وفي الجملة أخَذَ علم النحو يستقلُّ، وكان استقلالُه في ظل القرآن؛ لأن أوَّل ما تناوله النحويون في هذا المضمار أنهم بنوا استشهادَهم في أكثره على القرآن، ثم أخَذ (إعراب القرآن الكريم) يخلُص وحده، ويكون علمًا مستقلًّا قائمًا بنفسه.

الطَّوْرُ الرابعُ: معاني القرآن وإعرابه:

كتُبُ معاني القرآن هي التي وضعت في البيان اللُّغوي لألفاظ وأساليب العربية الواردة في القرآن.

وقيل في: ((معاني القرآن: كان هذا التركيب يُعنَى به ما يُشكِل في القرآن، ويحتاج إلى بعض العناء في فهمه)).

وباستعراض بعض الكتب المصنفة في (معاني القرآن)؛ وهي:

1- معاني القرآن؛ للفرَّاء (ت 207ه).

2- معاني القرآن؛ للأخفش (215ه).

3- معاني القرآن وإعرابه؛ للزَّجَّاج (ت 311ه).

أو تخريج مشكل الخطاب القرآني على الأسلوب العربي، أو تحليل تركيب جملة لبيان المعنى.

يتبين من هذه الكتب أن المعاني عندهم: المُنحى اللُّغوي والتفسير، وذلك ببيان غريب الألفاظ، أو تخريج مشكل الخطاب القرآني على الأسلوب العربي.

 

المبحث الثاني: أهميَّة إعراب القرآن:

من القواعد الأساسية التي ارتكزت عليها العلوم اللُّغوية في نشأتها "دَرْءُ اللَّحْن؛ قَصْدَ الحفاظ على لغة القرآن"[12] ثم صارت تلك العلوم مطلبًا عظيمًا لطالب العلم.

فأهمية (إعراب القرآن) فرع مما تقدم، ولبيان هذا الأمر وبَسْطِه نتكلم عن أمرين متلازمين؛ هما:

الأمر الأول: فضل إعراب القرآن.

الأمر الثاني: فوائد إعراب القرآن.

 

الأمر الأول: فضل إعراب القرآن: مما هو مشهور من الأقوال (شرف العلم بشرف المعلوم)؛ فكان لهذا العلم فضل كبير؛ لتعلقه بأشرف الأشياء هو القرآن الكريم.

وهذه بعض الآثار التي تبيِّن فضل تعلُّم إعراب القرآن:

فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اقرؤوا، ولا تَلْحَنوا".

وعن أبي ذرٍّ يقول: "تعلَّموا العربية في القرآن كما تَعلَّمون حفظَه".

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: "أَعْرِبوا القرآنَ".

 

وقال أبو بكر الأنباريُّ: "وجاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه وتابعيهم رضي الله عنهم من تفضيل إعرابِ القرآن، والحضِّ على تعليمه، وذمِّ اللحن وكراهيته - ما وجب على قُرَّاء القرآن أن يأخذوا أنفسهم بالاجتهاد في تعلُّمه"[13].

وعن المُزنيِّ قال: "سمعت الشافعيَّ يقول: إعرابُ القرآن أحبُّ إليَّ من حفظ بعض حروفه"[14].

 

الأمر الثاني: فوائد فنِّ إعراب القرآن:

لهذا العلم ثمراتُ كثيرة، فهو متصل بفنون كثيرة من علوم القرآن، وينتشر في مصنفاتها، ونُجمِلُ أهمَّ الفوائد التي يعود بها علم إعراب القرآن:

الأولى: يُقرَأُ به كتاب الله كما أُنزل، ويُدفَعُ اللَّحْنُ عن ألفاظه.

الثانية: علم إعراب القرآن من مُستمدَّات (علم الوقف والابتداء).

 

قال أبو بكر بن الأنباريُّ: "لا يتمُّ الوقف على المضافِ دونَ ما أُضيف إليه، ولا على المنعوت دون النعت، ولا على الرافع دون المرفوع، ولا على المرفوع دون الرافع، ولا على الناصب دون المنصوب، ولا على المنصوب دون الناصب، ولا على المُؤكَّد دون التوكيد، ولا على المنسوق دون ما نسقه عليه، ولا على "إن وأخواتها" دون اسمها، ولا على اسمها دون خبرها، ولا على "كان وليس وأصبح ولم يزل " وأَخواتهن دون اسمها، ولا على اسمها دون خبرها، ولا على "ظننت وأخواتها" دون الاسم، ولا على الاسم دون الخبر"[15].

 

الفصل الثاني: إعراب القرآن أصالتُه وتكاملُ فنِّه، وفيه:

المبحث الأول: علمُ إعرابِ القرآنِ فنٌّ مستقلٌّ.

المبحث الثاني: حكم تعلُّم هذا الفن.

المبحث الثالث: حقله المعرفي ونسبته.

 

المبحث الأول: علم إعراب القرآن فنٌّ مستقلٌّ:

يعدُّ علم إعراب القرآن – على الصحيح – علمًا مستقلًّا، فقد أصَّل ابن هشام الأنصاري في كتابه مغني اللبيب لكثير من ضوابط الإعراب وما ينبغي على المُعرِب مراعاته، وجاء مَن بعده فاستفاد مما ذكره ابن هشام، فلا مانع من جعل هذا العلم علمًا مستقلًّا، وقد قال المعتنون بتصنيف العلوم: "لا مانع عقلًا من أن تُعد كل مسألة علما برأسه، ويُفرَدُ بالتعليم، ولا من أن تُعدَّ مسائل كثيرة غير متشاركة في موضوع واحد علمًا واحدًا، ويُفرَد بالتدوين"[16].

 

فكيف ومسائلنا مُتَّفقة من وجوه متعددة؛ فهي أصول وضوابط لإعراب القرآن لكريم؛ فهي بالنسبة لإعراب القرآن كـأصول التفسير وقواعدِه لعلم التفسير؟

 

المبحث الثاني: حكم تعلُّم هذا الفنِّ:

حكمه: ينبغي أن يُعلَم أن بيان حكمه سيكون في صورتين؛ فالحكم على الشيء فرعُ عن تصوُّره:

الأولى: إعرابُ القرآنِ العمليُّ: هو النطقُ الصحيحُ للقرآن الكريم، من غير لحنٍ، وهذا واجب على كل مَن قرأ شيئًا من القرآن؛ "فإتقان كتاب الله وقراءته كما أُنزل من عظيم الطاعات وأعلاها، وأجلِّ القربات وأسناها"[17]، قال الله تعالى: ﴿ قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الزمر: 28].

 

إعرابُ القرآن العلميُّ: فرضُ كفايةٍ، ويختص أكثر بمن يتعاطى العلوم المُستنبَطَةَ من القرآن الكريم؛ كالتفسير، وتوجيه القراءات، واستخراج الأحكام الشرعية.

 

المبحث الثالث: حقلُه المعرفيُّ ونسبتُه:

عدَّ بعضُ العلماءِ هذا العلمَ من (علم التفسير)؛ أَيْ: من فروعِه.

وعارَضَ هذا الرأي آخرون، وقالوا: هو في الحقيقةِ من فروع (علم النحو).

والخلاصةُ: أن (علم التفسير) و(علم إعراب القرآن) يُصنَّفانِ في ضمنِ علوم القرآن؛ فالإعرابُ وسيلةٌ من وسائل فَهْم القرآن، وطريقٌ إلى تحليلِ تراكيبه؛ لإصابةِ المعنى الصحيح، وعدم الزيغ في تفسيره؛ ولهذا وغيرِه استعان به المفسرون لتوضيح مقاصدِ الكتاب العزيز.

فعلمُ التفسير موضوعُه القرآنُ الكريم من ناحية تفسيره، وعلمُ إعرابِ القرآنِ موضوعه القرآن من جهة إعرابه؛ فهما يرتبطان بالقرآن الكريم من حيث الموضوع.

وإذا نظرنا إلى (علم إعراب القرآن) باعتبار وضعِه وقواعدِه، فهو من (علم النحو).

 

الفصل الثالث: وفيه مبحثان:

المبحث الأول: مصادر إعراب القرآن.

المبحث الثاني: مناهج إعراب القرآن.

 

المبحث الأول: مصادر إعراب القرآن:

وفي هذا المبحث سنذكر بعضَ الكتب والمصادر الخاصَّة بإعراب القرآن:

1- معاني القرآن وإعرابه؛ لأبي إسحاقَ الزَّجَّاج.

2- إعراب القرآن؛ لأبي جعفر النَّحَّاس.

3- إعراب القرآن؛ لأبي القاسم الأَصْبهانيِّ.

4- المجيد في إعراب القرآن المجيد؛ لأبي إسحاق برهان الدين السَّفَاقِسِيِّ.

5- التبيان في إعراب القرآن؛ لأبي البقاء العُكْبَرِي.

6- مُشْكِلُ إعراب القرآن؛ لأبي محمد مَكيِّ بن أبي طالب القَيْسيِّ.

7- إعراب القرآن؛ لابن خَالَوَيْهِ.

8- الفريد في إعراب القرآن المجيد؛ للأخفش الصغير.

9- غريب إعراب القرآن؛ لابن فارس.

10- المُلخَّص في إعراب القرآن؛ للخطيب التِّبْرِيزي.

11- الجدول في إعراب القرآن الكريم؛ محمود بن عبد الرحيم صافي.

12- إعراب القرآن الكريم وبيانه؛ أ.د محمد حسن عثمان.

13- تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه؛ الشيخ محمد علي طه درة.

 

المبحث الثاني: مناهج إعراب القرآن الكريم:

والكلام عن مناهج إعراب القرآن على أساسين؛ هما:

الأول: باعتبار الأسلوب المُتَّبَع في الإعراب، ويَضمُّ:

1- المنهج الإجمالي.

2- المنهج التفصيلي.

3- المنهج التحليلي.

4- المنهج الموضوعي.

 

الثاني: باعتبار القَصْد و(التخصص)، ويضمُّ:

1- منهج المُعرِبين.

2- منهج أهل المعاني.

3- منهج أهل الاحتجاج.

4- منهج المفسرين.

 

الفصل الرابع: آداب المُعرِب، وفيه:

المبحث الأول: آداب علمية وفكرية.

المبحث الثاني: آداب التلقي وتقرير الأحكام.

المبحث الثالث: آداب أسلوبية ومصطلحية.

 

المبحث الأول: آداب علميَّة وفكريَّة:

الأدب الأول: التبحُّرُ في علوم العربية.

الأدب الثاني: التثقُّف بعلوم القرآن.

الأدب الثالث: الثقافة الشرعية.

الأدب الرابع: التَّفقُّه في أسباب اختلاف المُعرِبين.

 

المبحث الثاني: آداب التلقِّي وتقرير الأحكام:

الأدب الأول: الأمانة العلميَّة والتواضع.

الأدب الثاني: أَخْذُ كلِّ فنٍّ عن أهله.

الأدب الثالث: الإحصاء الدقيق.

الأدب الرابع: التأنِّي في تقرير الأحكام الظاهرة.

الأدب الخامس: قوة النظر بما تقتضيه الصناعة الإعرابية.

الأدب السادس: التدرُّج في بيان الأحكام الإعرابية.

 

المبحث الثالث: آداب أسلوبيَّة ومصطلحيَّة:

الأدب الأول: توخِّي العبارات المَرضيَّة.

الأدب الثاني: الأسلوب الواضح والابتعاد عن التكلُّف.

الأدب الثالث: الأَخْذُ بالمصطلح اللائق بكتاب الله تعالى.

الأدب الرابع: الأُنسُ بمصطلحات المُعرِبين ورموزهم.

 

الفصل الخامس: ضوابط إعراب القرآن الكريم، وفيه:

المبحث الأول: ضوابط المعنى.

المبحث الثاني: ضوابط الرسم والقراءات.

المبحث الثالث: ضوابط الصناعة الإعرابية.

 

المبحث الأول: ضوابط المعنى:

الضابط الأول: أولُ واجب على المُعرِب أن يَفهم ما يُعرِبه: مفردًا ومركبًا.

الضابط الثاني: قد يتجاذَبُ المعنى والإعراب الشيءَ الواحد، والمُتمسَّكُ به هو المعنى.

الضابط الثالث: توافقُ الإعراب مع معهودِ العرب في الخطاب.

الضابط الرابع: يُستفادُ من السياق في المواطن الاحتماليَّة.

 

المبحث الثاني: ضوابط الرَّسْم والقراءات:

الضابط الأول: الوجه الإعرابيُّ الموافق لرسم المصحف يُصار إليه.

الضابط الثاني: القول الخارج عن رسم المصحف مردودٌ.

الضابط الثالث: إذا ثبَتت القراءة فلا يجوز ردُّها.

الضابط الرابع: لا تُفضَّل قراءة متواترةٌ على مثلِها في الإعراب.

الضابط الخامس: ما تَواترَ قراءةً يُخرَّجُ على وجه إعرابيٍّ قويٍّ.

الضابط السادس: الإفصاح عما جاز لغةً أو جاء شاذًّا ولم يُنقَلْ تواترًا.

 

المبحث الثالث: ضوابط الصناعة الإعرابيَّة:

الضابط الأول: يجب مراعاة صحَّة المعنى في الصناعة النَّحْويَّة، وجَرْيِه على القواعد المعروفة.

الضابط الثاني: أن يتجنَّب المُعرِب التخريج على ما لم يَثبُتْ في العربية.

الضابط الثالث: أن يُخرِّج المُعرِب على الوجه القوي الغالب لا الضعيفِ الشاذِّ.

الضابط الرابع: أن يستوفِيَ المُعرِب الأوجه الظاهرة التي يحتملها اللفظ.

الضابط الخامس: أن يُراعي الشروط بحسب الأبواب.

الضابط السادس: أن يتأمَّل عند ورود المشتبهات.

الضابط السابع: ما لا يحتاجُ إلى تأويل أولى مما يحتاج إلى تأويل.

الضابط الثامن: أن يراعي في كل تركيب ما يُشاكِلُه.

الضابط التاسع: إذا دار الكلام بين التأسيس والتأكيد فحَمْلُه على التَّأسيسِ أولى.

الضابط العاشر: التخريجُ الإعرابيُّ الموافق لأدلة الشرع مُقدَّم على غيره.

والحمد لله رب العالمين



* موقع الألوكة: (https://2u.pw/KdI37).

[1] هذه المقدمة مأخوذة بتصرف يسير من كتاب المجيد في إعراب القرآن المجيد؛ لأبي إسحاق برهان الدين السَّفَاقسِي.

[2] أخرجه أحمد في مسنده: (29/ 260)، رقم: 17722.

[3] الحدود في علم النحو: (ص: 450).

[4] أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك: (1/ 64).

[5] النحو الوافي: (1/ 74).

[6] المدخل لدراسة القرآن الكريم: (ص: 21).

[7] فضائل القرآن؛ لأبي عبيد: (348).

[8] قال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (7/ 163): رواه الطبراني في الأوسط، وفيه نَهْشَلٌ وهو متروك.

[9] قال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (7/ 163): رواه أبو يعلى، وفيه عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو متروك.

[10] قال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (7/ 163): رواه الطبراني من طرق، وفيها ليث بن أبي سليم وفيه ضعف، وبقية رجال أحد الطرق رجال الصحيح.

[11] مفردات ألفاظ القرآن: (738) (لحن).

[12] شواهد القرآن في كتاب سيبويه: (1/ 72).

[13] إيضاح الوقف والابتداء: (1/ 14).

[14] الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل: (76) برقم (18).

[15] فنون الأفنان في عيون علوم القرآن: (ص: 355)

[16] أبجد العلوم: (ص: 53).

[17] تنبيه الغافلين: (30).