الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
من أهم علوم القرآن معرفة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم وقد عده ابن عباس رضي الله عنه من الحكمة التي يمتن الله بها على من يشاء فقد قال عند قول الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}، "يعني: المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله" [تفسير الطبري (5/ 576)].
ومن أهميته وعلو شأنه عناية المتقدمين والمتأخرين من العلماء به والتأليف فيه وتحرير مساءله وما يتعلق به، يقول الزركشي رحمه الله عن علم الناسخ والمنسوخ: "والعلم به عظيم الشأن، وقد صنف فيه جماعة كثيرون منهم: قتادة بن دعامة السدوسي، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو داود السجستاني، وأبو جعفر النحاس، وهبة الله بن سلام الضرير، وابن العربي، وابن الجوزي، وابن الأنباري، ومكي وغيرهم" [البرهان في علوم القرآن (2/ 28)].
ويبين الزرقاني رحمه الله أهمية هذا العلم وما يحققه الإلمام به فيقول: "الإلمام بالناسخ والمنسوخ بكشف النقاب عن سير التشريع الإسلامي، ويطلع الإنسان على حكمة الله في تربيته للخلق وسياسته للبشر وابتلائه للناس مما يدل دلالة واضحة على أن نفس محمد النبي الأمي لا يمكن أن تكون المصدر لمثل هذا القرآن، ولا المنبع لمثل هذا التشريع إنما هو تنزيل من حكيم حميد...، معرفة الناسخ والمنسوخ ركن عظيم في فهم الإسلام وفي الاهتداء إلى صحيح الأحكام خصوصا إذا ما وجدت أدلة متعارضة لا يندفع التناقض بينها إلا بمعرفة سابقها من لاحقها وناسخها من منسوخها؛ ولهذا كان سلفنا الصالح يعنون بهذه الناحية يحذقونها ويلفتون أنظار الناس إليها، ويحملونهم عليها" [مناهل العرفان في علوم القرآن (2/ 174)]